موعدنا هذه الليلة مع عنوان أو موضوع وهو (مسئوليتنا عن انحراف الشباب)، ولكنني أود قبل الدخول فيه أن أعلق تعليقاً خفيفاً على الأسلوب الذي تمت به معالجة الحدث الذي تكلمت عنه في الحلقتين الماضيتين، وذلك لأن الذي لا يستفيد من أخطاءه فإنه سوف يكرر أخطائه بنفسه، ولا شك أن المسلمين عاشوا مشاعر عصيبة في تلك الأيام الماضية، ومع هذا فإني أود أن ألفت النظر إلى عدد من الأمور وأهمها:
وأضرب لذلك مثلاً: قد يكتب كاتب قصيدة، هذه القصيدة من حيث المعاني رديئة وسيئة، ومعانيها مذمومة، لكن القصيدة من حيث البيان والبلاغة والكلمات جميلة، فإذا قرأها إنسان قال: هذا شعر لفظه حسن، ومعناه قبيح! فإذا أتيت أنت وعلقت على هذا الشعر مثلاً، الذي يستجيد الناس لفظه، ويستقبحون معناه، علقت عليه بألفاظ بذيئة، أو كلمة سيئة، استهجن الناس مثل هذا الأمر وذموه وعابوه، وقالوا: هذا يدل على ضعف المستوى العلمي والثقافي لمن كتب مثل هذه الأشياء.
وهذا المنطق في الواقع سمعته وقرأته من كثيرين، وهو منطق خطير، لأن معنى ذلك أننا لا نميز بين الأمر الذي يرفضه المجتمع لأنه يخالف أصولاً شرعية أو أحكاماً شرعية، وبين الأمر الذي يرفضه المجتمع لأنه يخالف عادات وتقاليد، فنحن حين نتحدث عن القضية السابقة وخطورتها، ننطلق من منطلق الشرع، وننطلق من منطلق المخاطر التي تهدد واقع المرأة، وننطلق من منطلق ما وراء قيادة المرأة للسيارة، كما أسلفت في المحاضرة الأولى (
بلاد أعزتها جيوش محمد فما عذرها ألا تعز محمداً |
فينبغي أن ننطلق من منطلق الثقة، وأن ندرك أن هؤلاء الذين يقولون: إن المسألة مسألة وقت، ونحن نؤيد قيادة المرأة للسيارة، وإن رفضها رجال الدين، أن هؤلاء يعبرون عن فساد في قلوبهم، ومرض في نفوسهم، وتمنيات ورجاء، (وكم دون ما يبغون لله من سر!) فإننا نسأل الله عز وجل -وهو الذي عودنا كل خير وحمى بلاده من شياطين الجن والإنس، حماها من أبرهة الذي غزاها بجيشه: وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ [الفيل:3-5]، وحماها من الاستعمار، الذي غطى على بلاد العالم الإسلامي كله، إلا هذه البلاد فإنها سلمت منه، وحماها من المسيح الدجال الذي لا يدخل المدينة ولا مكة، وحماها من جيوش الغزاة المحتلين، نسأل الله عز وجل أن يحميها من كيد أعدائها الداخليين والخارجيين، نسأل الله أن يحمها من كيدهم، وأن يجعلها قلعة حصينة للإسلام في كل وقت وفي كل حين.. أما بعد:
فموضوع هذا اليوم: هو مسئوليتنا عن انحراف الشباب، وهو موضوع يطول، أتحدث عن هذا الموضوع في عدة نقاط:
1- العوامل الداخلية لانحراف الشباب.
2- أسباب انحراف الشباب.
3- دور الأسرة.
4- دور الدعاة وطلبة العلم.
5- دور الإعلام.
نتحدث عن الصحف الخارجية، وما أكثر هذه الصحف التي تعد بالمئات! وقد دخلت في يوم من الأيام في إحدى المكتبات في الرياض، فوجدت فيها مكاناً ضخماً جداً، وفيه صُفّت ألوان المجلات من أنحاء الدنيا، كل هذه المجلات تدور حول أمر واحد وهو المتاجرة بصورة المرأة، قائمة وقاعدة وعلى جنب! وتحاول أن تغري الشباب بالصورة عن أي أمر آخر، وهذه لا شك لها دور كبير في الإفساد أيضاً، لكنها ليست هي السبب الأكبر أو الأول، قد نتحدث أحياناً عن العناصر المندسة في مجتمعنا من الجنسيات غير المسلمة، التي كثيراً ما يقبض عليها من قبل الهيئات -هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو غيرها- يقبض عليها متورطة في مخدرات وترويجها، أو في تصنيع الخمور وبيعها مثلاً، أو في تنظيم الدعارة، أو في بيع الأفلام الخليعة، إلى غير ذلك، وهذه الأشياء كلها لها دور في انحراف الشباب، لا أعتقد أننا نختلف عليه، لكنني أقول: لم تكن هذه الأشياء لتفعل فعلها، وتؤدي دورها في الشباب، لولا أن الجبهة الداخلية في مجتمعنا نفسه أصبحت مفككة وضعيفة، بمعنى أن الأسباب الداخلية تأثيرها أكبر وأعظم من الأسباب الخارجية، ولذلك لا بد أن نتساءل: ما هي الأسباب الداخلية لانحراف الشباب؟
وقد يكون إهمال الأب أحياناً بسبب ضعف الشخصية، فإن فاقد الشيء لا يعطيه، فإن بعض الآباء أحياناً لا يستطيع أن يأمر أولاده بشيء، أو ينهاهم عن شيء، لأنه أضعف من ذلك، لأنه ليس له شخصية قوية أمام أولاده، وبعضهم يملك شخصية قوية لكن عنده شيء من عدم المبالاة، لا يبالي ولا يهتم، وكم هو مزعج ومحزن ومزرٍ أن نجد في مجتمعنا اليوم آباءً إذا أتيت إلى أحدهم وقلت له: إن ولدك مع شباب مراهقين وفساق، وقد حصل كذا وكذا، قد يصل الأمر أحياناً إلى الفاحشة والعياذ بالله فتظن حين تتحدث مع الأب - وأنت تتحدث معه بالتدريج وبهدوء لئلا ينصدم- تظن أن الأب سوف يغمى عليه إذا سمع مثل هذا الكلام، فإذا انتهيت من ما عندك فإذا بالأب بكل برودة، وبساطة ولا مبالاة، يقول: يكبر ويهتدي! أو هكذا الشباب! أو ما أشبه هذه العبارات التي تدل على عدم المبالاة، فهذا من أهم الأسباب وهو إهمال الآباء.
وفيما يتعلق بقرناء السوء، قضية تلك التجمعات الفاسدة، تجمعات الشوارع، والأحياء، والمطاعم، وغيرها، فإنها تجمع من هب ودب من هؤلاء الشباب، وتربط بينهم، وتكون سبباً في إقامة العلاقات، وتبادل الخبرات في مجال الشر والفساد، ولعل من الطريف أنه وقعت في يدي وريقة صغيرة لأحد المطاعم، مكتوب في الوجه الأول من هذه الورقة "جدول الحصص الدراسية"، وتحته "من طلب العلا سهر الليالي" أما إذا قلبت الورقة فإنك تجد دعاية لهذا المطعم: (وجبات الكناري) (نعمل حتى أذان الفجر) إذاً من طلب العلى سهر الليالي، إذاً سهر الليالي أين يكون؟! يكون في المطاعم حتى أذان الفجر!
أما فيما يتعلق بالصحف والمجلات، وهي لا شك من الإعلام، وقد أشرت إلى جزء من دورها، وحتى الصحف الداخلية، تبث دعايات للعطر، أو دعايات للملابس النسائية أو غيرها، بصور نساء جميلات، وبصور ملونة، ولو قرأت جريدة الرياض مثلاً، أو جريدة عكاظ، أو غيرها من الجرائد، لوجدت أنها أصبحت تتجرأ شيئاً فشيئاً على نشر صور النساء بصور ملونة، دعاية لعطور، أو ملابس، أو حتى دعاية لسيارات، أو أي شيء، المهم أن تحضر صورة المرأة، بمناسبة وبغير مناسبة! وكذلك الحال في المجلات، ولعل من أسوأ المجلات التي ينبغي إعلان الحرب عليها المجلة التي يسمونها سيدتي، وقد عتب عليَّ بعض الإخوة لماذا أنطق اسمها كما هو مكتوب على غلافها، وأنا أقول لكم: العتبى، فإنها b= 4000368مجلة سيدتهم! هذه المجلة بصراحة تتاجر بصورة المرأة الجميلة، وقد دفع إلي اليوم بعد العصر أحد الإخوة الأكارم عددين من هذه المجلة تصفحتها على عجل، فوجدت أن هذه المجلة ليس فيها شيء إلا صور النساء الجميلات، امرأة على اليمين وامرأة على اليسار، هذه قائمة، وهذه مضطجعة، وهذه قد ظهرت ساقها، وهذه قد ظهر شعرها، وهذه فنانه، وهذه مطربة، وهذه ممثلة، وهذه وهذه! وأبشع من ذلك كله أن في أحد العددين صوراً عن اغتصاب النساء من قبل الجنود العراقيين، وقد رسم باليد صورة رجل قد جلس بين شعبها الأربع، إلى هذا الحد، وأعتقد أنه كما يقال: بلغ السيل الزبى، وإذا لم نستطع أن نقاطع هذه المجلة، ونعلن للمسلمين كلهم وجوب الحرب عليها، بل ومقاطعة من يبيعونها، فإننا لا شك ضعفاء.
أما الفيديو فحدث ولا حرج، ولن أتكلم عن الأفلام الممنوعة، فإن هذه الأفلام الممنوعة تعرض كل شيء، تعرض كيفية صناعة المخدرات، تعرض الجنس والرذيلة والشذوذ والفاحشة، ولكن حتى الأفلام غير الممنوعة فيها أشياء كثيرة مما يثير غرائز الشباب، ولا شك أن الشاب يجد فارقاً كبيراً بين المجتمع الذي يعيش فيه، والذي يجد المرأة محجبة من رأسها إلى قدميها، وبين ما يشاهد من صور النساء في هذه الأفلام الهابطة، التي أهم ما تغري به الشباب المرأة الجميلة، فهذه الأجهزة التي يعبر عنها بالإعلام هي من أهم وسائل إفساد الشباب.
يا خادم الجسم كم تشقى بخدمته أتعبت نفسك فيما فيه خسران |
أقبل على الروح واستكمل فضائلها فأنت بالروح لا بالجسم إنسانُ |
لو كان الإنسان كرمه وشرفه بجسمه، لكان الفيل والأسد أشرف وأكرم منه، ولو كان بجماله لكان الطاوس أجمل منه، ولو كان لقوته على الجنس، لكان العصفور -كما يقول بعضهم- أقوى منه، وهكذا.
إذا الإنسان كماله وقوته ورجولته، في خُلُقه ودينه وكرمه، وعقيدته، ليس في جسمه فقط.
نشرت جريدة الجزيرة قبل سنوات مقالاً عنوانه: "ضحايا الكرة"، وتحدثت فيه عن عدد ممن ماتوا في سبيل الكرة! منهم تاجر كبير، كان في نادٍ أو ملعب يقال له ملعب الزمالك في مصر، فلما جاء هدف لصالح الفريق الذي يشجعه قفز من شدة الفرح، وسقط جثة هامدة! وبعد قليل جاء هدف آخر على الفريق وانتهت المباراة بالتعادل، فذهبت حياة هذا الإنسان خسارة، نسأل الله العفو والعافية، وبعضهم من الطيش يسمى هؤلاء شهداء، فيقول: شهداء الكرة، ماتوا في الملاعب في سبيل هذه الكرة!
فالمؤمن يدعو، بأن يجعل الله من ذريته وأولاده قرة عين له، ذلك أن الولد قطعة من أبيه، ولذلك فإن الابن إذا مات، فإن موته يكون في قلب الأب جرحاً نازفاً لا يهدأ أبداً، وكم من الآباء يمضي على وفاة ولده عشرات السنين، كل ما ذكره هلت دموعه! لأنه قطعة منه، ولدك جزء منك، هذا إذا مات، فما بالك إذا كان الولد حياً ومع ذلك الأب يتقطع حسرات في الصباح والمساء على انحراف ولده، وفساده، وضلاله، ومخالفته له!
عن قرة بن إياس رضي الله عنه {أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعه ابن له: فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم مازحاً ومداعباً: أتحب هذا؟ قال: أجل يا رسول الله! أحبك الله كما أحببته -أحبه حباً شديداً لا يوصف- ففقده النبي صلى الله عليه وسلم ثم وجده بعد حين وليس معه ولده، فسأل، فقيل له: مات يا رسول الله! فجاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا الرجل، وقال له: ألا يسرك أن لا تأتي باباً من أبواب الجنة يوم القيامة إلا وجدته سبقك يفتح لك، فسري عن الرجل }والحديث رواه النسائي وسنده صحيح، على شرط الصحيح.
فالولد قطعة من أبيه، جزء من قلبه وروحه وحياته وبدنه، ولذلك الذين يقرؤون الشعر لا يجدون أصدق ولا أبلغ من شعر الآباء الذين يرثون أولادهم، وهو كثير، أذكر منهم قصيدة ابن الرومي لما مات ولده محمد، قال قصيدة طويلة مشهورة يقول:
بكاؤكما يشفي وإن كان لا يجدي فجودا فقد أودى نظيركما عندي |
محمد ما شيء توهم سلوةً لقلبي إلا زاد قلبي من الوجدِ |
أرى أخويك الباقيين كليهما يكونان للأحزان أورى من الزندِ |
وأولادنا مثل الجوارح أيها فقدناه كان الفاجع البين الفقدِ |
لكل مكان لا يسد اختلاله مكان أخيه من صبور ولا جلدِ |
يقول: الأولاد مثل الجوارح، اليد لا تكفي عن الرجل، واليمنى لا تكفي عن اليسرى، والعين لا تكفي عن الأذن، وكذلك الأولاد، لو كان الرجل عنده مائة ولد، وفقد واحداً منهم، لحزن لذلك أشد الحزن! حتى أن من الطرائف: يذكر أن امرأة أتت بسبعة أولاد توائم، فأخبر بذلك السلطان في بلدها، فطلب أن يؤخذ واحد منهم لينظر ما موقفها، فلما جاءت عدت الأولاد فوجدتهم ستة صرخت، وبكت، وصاحت! فضحك وأمر بإعادته إليها:
وأولادنا مثل الجوارح أيها فقدناه كان الفاجع البين الفقد |
لكلٍ مكانٌ لا يسد اختلاله مكان أخيه من صبور ولا جلد |
أي مقارنة أيها الإخوة! وبصفة خاصة -أيها الأب- أي مقارنة بين رجلين، أب يفخر بابنه إذا ذكر في المجلس لأن ابنه خطيب جامع، يأتي إليه الناس ليسمعوا كلامه، ويسمعوا الحكمة من لسانه، أو مدرس في حلقة يتحلق حوله الطلاب، أو داعية إلى الله عز وجل، أو شيخ يتلقى عنه العلم، أو محسن كبير، أو عالم شهير، أي مقارنة بين هذا وبين إنسان آخر، إذا ذكر توارى أبوه خجلاً وحياءً، يتوارى من القوم من سوء صنيع ولده، لأنه إما قعيد السجن، وإما ضمن عصابة مفسدة، وإما صاحب تاريخ أسود، وإما وإما، فإن الفرق بين هؤلاء كالفرق بين الليل والنهار، وكالفرق بين الثرى والثريا، ولذلك فإني أوصيك -أيها الأب الحنون- بوصايا، فاحفظها عني:
وقد نشر في أمريكا كتاب في الأيام الأخيرة وتكلمت عنه الصحف، هذا الكتاب عنوانه "النجدة من أبنائي المراهقين" وقد ألفه أبوان عندهما خمسة أطفال، دللوهم وأعطوهم المال، ووفروا لهم وسائل الترفيه كلها، فكانت النتيجة ضياع هؤلاء الخمسة الأبناء كلهم، وكونهم وبالاً على والديهم، فكتب الوالدان هذا الكتاب عبارة عن نصيحة مجرب للأبوين، ومن أهم ما قال هؤلاء الوالدان: إن التدليل للولد، وتوفير الأشياء المادية له فحسب، هو من أخطر ضياع الأبناء، وإن المال وحده لا يكفي لتنشئة أبناء أصحاء من الناحية النفسية، ومن الناحية البدنية والاجتماعية، بل على العكس من ذلك، بل قد يكون توفير المال سبباً رئيسياً في انحراف الأبناء، ويقول هذان الأبوان: إن أحسن ما تنفقه على ولدك ليس المال، وإنما الوقت، فالأبناء بحاجة إلى الرعاية الشخصية، ومن المؤسف أيها الإخوة أن كثيراً من الآباء لا يلتقون بأولادهم وبأزواجهم، إلا على مائدة الطعام، هذا إن لم يكن أحدهم مدعوّاً على الغداء أو العشاء، فقد يلتقي مع أولاده على مائدة الطعام، لمدة عشر دقائق، أو ربع ساعة، أما بقية الوقت فقد تركهم في لا شيء، ثم بعد ذلك ينـزعج ويغضب ويفاجأ إذا وجد من أبنائه شيئاً من الانحراف!
كذلك عدم إثقال الولد بالأمور الشكلية التي لا لزوم لها، فإذا كنت -مثلاً- في دكان أو مزرعة، فإذا وجدت ولدك منصرفاً إلى أعمال طيبة، مثل حفظ القرآن، وطلب العلم، وصحبة الأخيار، فلا تمنعه -من منطلق أنه متدين يشعر بوجوب السمع والطاعة لوالده- وتقول له: لا أسمح لك بالخروج، لا أسمح لك بالذهاب في الليل، لا أسمح لك بالذهاب في هذه الرحلة، لا أسمح لك بالذهاب للحج أو العمرة، لا أسمح لك بشراء كتاب، وتصبح القضايا كلها عبارة عن لاءات متتالية أمام الولد، كلما قال لك شيئاً تقول: لا. لا. لا! فما هي النتيجة؟! أحدثكم عن تجارب رأيتها بعيني، صحيح أنه من الأولاد من يصبر، ويحتسب، ويرزقه الله عز وجل طمأنينة، ويحاول أن ينجح، لكن هناك كثيراً من الأولاد إذا وصل الأمر إلى هذا الحد، غضبوا وانفعلوا، ولم يطيقوا صبراً على مثل هذا الأمر، فانحرفوا وضلوا، وتركوا زملاءهم الطيبين، فما هي النتيجة؟ النتيجة أن الولد ما عاد يهتم بوالده، رضي أو سخط، فيصبح الود الذي بالأمس مفقوداً.
كان يمنعه أبوه أن يتأخر ساعة بعد العشاء مع زملاء طيبين، فأصبح يجلس أسبوعاً في البر، أوفي سفر، ووالده لا يدري أين هو، كل يوم يخشى أن يفاجأ بخبر مزعج عن ولده، والولد الذي منعه أبوه من السفر إلى حج أو عمرة، أصبح يسافر إلى بانكوك، وتايلاند، ومانلا وباريس وكازبلانكا وغيرها من بؤر الرذيلة والفساد، وكذلك الفتى الذي منعه أبوه من السفر إلى أفغانستان للتدرب أو للجهاد، أو لغير ذلك، أصبح يذهب مع قرناء السوء في مشارق الأرض ومغاربها، وهكذا يساهم الأب من حيث لا يشعر في جر ولده إلى الانحراف.
إذًا يجب عليك أن تشجع أي بادرة صلاح تلحظها في ولدك، ومن تشجيعك له ألا تشغله ببعض الأمور الجزئية أو الشكلية التي يمكن الاستغناء عنها، ويمكن أن تقوم بها أنت أو أحد إخوانه، أو حتى موظف آخر، حتى لا تكون هذا سبباً في انقطاعه عن زملائه الطيبين.
ومن التشجيع أيضاً تحسين صورة الولد عند أصدقائه، مثلاً أن تقول للولد: ادع أصدقاءك الطيبين إلى وليمة، وخذ هذه مائة أو مائتين أو ثلاثمائة ريال اشتر بها ما تحتاجون، وادعهم الليلة أو غداً إلى غداء أو عشاء أو ما أشبه ذلك، وإذا حضر هؤلاء الأصدقاء تأتي أنت وتسلم عليهم، وتدعو لهم وتشجعهم ثم تخرج، لأن الكلام الذي تقوله أنت قد لا يصلح لهم، خاصة إذا كنت كبير السن، والكلام الذي يريدون أن يقولوه هم لا يستطيعون أن يقولوه وأنت حاضر، فأنت من جيل وهم من جيل آخر، فلا مانع أن تدعهم يأخذون راحتهم بكلام طيب، ما داموا طيبين، لكن تأتي وتسلم وتطمئن على الوضع، وأنه وضع جيد، ثم تتركهم بعد ذلك، فهذه ترفع معنوية الولد عند زملائه، المهم أن تبذل كل وسيلة ممكنة لتعميق وتوطيد صلة ولدك بزملائه الطيبين، ولا تعترض على هذه الصلة وإن خسرت منها أشياء، قد لا يذهب معك في بعض الأحيان إلى الدكان، قد لا يشتغل معك في المزرعة، هذا كله صحيح، لكنَّ صلاح الولد أهم من كل هذا.
السبب الثاني في تأثير السيارة: المراهق عادة يحب الظهور، فهو يهتم بمظهر السيارة، وتغسيلها وتلميعها، وتحسينها، وإجراء التعديلات عليها يوماً بعد يوم، هذه بداية، بعد ذلك ينتقل إلى الاهتمام بالمظهر الشخصي، مظهره الشخصي، ويكون هذا مدعاة إلى لفت أنظار الآخرين إليه، ويجره هذا إلى مفاسد كثيرة.
السبب الثالث: أن الولد إذا انحرف بسبب السيارة، قد يصعب سحب السيارة منه، فإذا رأيت أن السيارة بدأت تجني عليه جناية كبيرة، وأردت أخذ السيارة منه، فلن تستطيع؛ فهناك صعوبة، لأنك لو أخذتها فمعنا أنك حطمت آخر جسر من العلاقة بينك وبين ولدك، فأصبحت تداريه، وتخشى أن أخذ السيارة، قد يدعوه إلى مزيد من الانحراف، فتضطر إلى إبقائها معه على كره منك، لكن كما يقولون: الوقاية خير من العلاج.
ادع ربك جل وعلا بعد أن تعفر وجهك وتطيل السجود: (اللهم اصلح لي ذريتي)، رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً [الفرقان:74].
روى ابن أبي حاتم في تفسيره، عن مالك بن مغول: قال شكا أبو معشر ابنه إلى طلحة بن مصرف، أنه لا يستقيم له على الحال الذي يحبها ويرضاها، فقال له طلحة: [[استعن عليه بهذه الآية وهي قوله عز وجل: وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ [النمل:19]. ]]
من لي بتربية النساء فإنها في الشرق علة ذلك الإخفاقِ |
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراقِ |
لماذا التركيز على المرأة؟ لأن المرأة هي معلمة الأجيال، وكان دورها في التاريخ الإسلامي بارزاً، ذلك لأن الرجل جلس للجهاد، وربما كان يذهب للجهاد أشهراً طويلة، وكان يذهب في طلب العلم، وكان يسافر للتجارة كما ذكر الله عز وجل في كتابه، وكانت الأم قعيدة البيت، تربي الشباب وترعاهم وتراقبهم، وتحسن تربيتهم.
ماذا صنع الغرب اليوم؟ لقد أخرج الأم من البيت إلى العمل، بحجة ألا يكون نصف المجتمع معطلاً، فالغرب فعل هذا بالمرأة وأخرجها من البيت من أجل أن تعمل، لذلك بقي البيت فارغاً ليس فيه أحد، فماذا يصنع الغرب إذاً؟ أتى بما يسمى بالأم البديلة! (الحاضنة التي تربي الأطفال)، والذين يريدون من الأمة الإسلامية أن تصنع هذا بالأمهات، يريدون أن يعيدوا لنا قصة أطفال المفاتيح، أتدري ما قصة أطفال المفاتيح؟!
امرأة مدرسة في بلاد الغرب عندها ثمانية وعشرون طفلاً؛ أربعة وعشرون منهم لما سألتهم وجدتهم من أطفال المفاتيح، أعمارهم من ست إلى عشر سنوات، كل واحد في جيبه مفتاح، إذا جاء للبيت ليس في البيت أحد، يفتح ثم يغلق على نفسه، ويجلس أحياناً أربع أو خمس ساعات في البيت وحده خائفاً فزعاً، إذا جاءت الرياح وبدأت تصفر بالنوافذ، أو طرق الباب، أصابه الفزع والرعب! وقد يحصل حريق في المنـزل، وقد يكون ضحية المخدرات.. إلى غير ذلك من الأعمال، فالذين يريدون من المرأة أن تخرج، يريدون كهذا المصير، لأولاد وبنات المسلمين!
كثير من الأمهات قد تجد على الولد، ملاحظة -مثلاً يدخن- فلا تخبر الوالد، تخشى أن يضربه! فينبغي لها أن تخبره وتنصحه بألا يضرب الولد، ولا يستخدم معه الأسلوب القاسي، بل يبدأ معه باللين، عسى أن يكون أجدر وأنجح من القسوة.
ولعلي ذكرت ضربت قضية السيارة مثلاً: أحياناً الأب يشتري السيارة، ويقول: اشتريتها وأنا مكره، لأن أم الولد ضغطت عليّ، وأكثرت من الحديث، حتى وجدت أنني مضطر لشراء السيارة لأسلم من القيل والقال، كثيراً ما يقال لي: اشترِ لابنك سيارة، دعه يفرح مثل أولاد الجيران، لا تكدر خاطر فلان، كل الناس معهم! وتحاول الأم أن تضغط على الأب لشراء السيارة، ولا تدري أن شراء السيارة وبال عليها هي قبل أن تكون وبالاً على الأب، لأن المتضرر من عقوق الولد الأم أكثر من الأب، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم -كما في الحديث الصحيح- أوصى بالأم ثلاثاً، وبالأب واحدة، لأن حاجة الأم إلى الولد أكثر من حاجة الأب إليه.
كذلك ينبغي أن يكون الأخ صديقاً لأخيه الصغير، وليس مجرد شرطي يأمر وينهى.
بعض الإخوة الطيبين يريد من أخيه الصغير أن يكون طيباً، بمجرد أن يقول له: امشِ للصلاة، اترك فلاناً، افعل كذا، فإنه يتعوذ، هذا لا يكفي، المسألة مسألة تربية، ليست أوامر فقط، اذهب به معك، تعطيه أشياء، تهدي له أشياء، تمازحه، تضاحكه، ترفه عنه في أمور مباحة، ثم بعد ذلك تأمر وتنهى، هذا لا مانع منه، لكن ينبغي أن تكون مربياً وليس شرطياً، كذلك يجب مراعاة فارق السن، أضرب مثلاً صغيراً: هناك محاضرات للكبار، بعض الناس قد يأتي بأخيه الأصغر بالقوة، هو لو جاء راضياً مختاراً لا بأس، فحضور المجالس -إن شاء الله- لو لم يكن فيها إلا بركة المجلس، ونـزول الرحمة بإذن الله جل وعلا، لكان هذا كافياً، لكن إذا كان لا يرغب في المجيء فلماذا تكرهه على المجيء؟! فقد يسمع كلاماً لا يفهمه، ولا يدري ما مضمونه، لا داعي لأن تلزمه بذلك.
وأذكر رجلاً كان أبوه يأتي به بالقوة والقسر إلى الدرس، ويجلسه حتى يتعالى النهار ويرتفع، فبعد ذلك استطاع الولد أن يتخلص من أبيه، فانحرف انحرافاً عظيماً، وفسد فساداً لا يوصف، ثم بعد ذلك مَنَّ الله عز وجل عليه وعاد، ولكنه مع عودته أصبح يكره والده، ولا يطيق رؤيته لزمن، حتى جاهد نفسه في ذلك وأصبح مثل غيره من الناس، فيحذر الإنسان ألا يراعي فارق السن للصغار.
فالطلاب الذين يحفظون القرآن من الأسرة يقدمون بعض حفظهم، حتى يكونوا نموذجاً لغيرهم، وتكون هناك مسابقات، وتوزيع بعض الكتب وبعض الأشرطة، وتكون هناك كلمات مفيدة وأشعار وقصائد.. إلى غير ذلك، مثل هذا النمط يربط الأسرة، يمنع الشاب من الشذوذ، يجعله يحس بشيء من الانتماء، ويفيده فائدة عظيمة، ويجعل الروابط بين الأقارب روابط إيجابية وليست روابط سلبية، وبعض الأسر بدأت بطريقة أخرى، وهي أن تجعل الرابطة بين شباب الأسرة، يعني في البلد قد يكون هناك خمسة عشر شاباً من الأسرة الفلانية، تجد واحداً من الشباب الغيورين المتحمسين، يجعل بينهم رابطة لقاء شهري، في رحلة أو في جلسة وما أشبه ذلك، تكون فيها أمور مفيدة، وأمور مسلية ومرفهة عنهم، حتى يمنعهم من مجالس السوء، وهذه أيضاً فكرة جيدة.
يا معشر القراء يا ملح البلد ما يصلح الملح إذا الملح فسد |
هم ملح البلد، هم ملح الطعام، ما قيمة الطعام إذا لم يكن فيه ملح؟! وهم المحاضن التي ينشأ فيها كثير من الشباب، خاصة الذين فقدوا حنان،الأبوين أو فقدوا رعاية الأب، وكم من قتيل لإبليس قد أحيوه! وكم من أسير بإذن الله قد فكوه! فهؤلاء ننتظر منهم ما لا ننتظر من غيرهم، لأن الآمال معقودة بعد الله عز وجل على هؤلاء الشباب المؤمن:
كأني أراهم والدنا ليست الدنا صلاحاً ونور الله ملء المشارقِ |
أقاموا عمود الدين من بعد صدعه وأعلوا لـواء الحق فوق الخلائقِ |
هم الأمل المرجو إن خاب مأمل وأوهن بعد الشوط صبر السوابقِ |
هم الحلم الريان في وقبة الظما وليس عـلى الآفاق طيف لبارقِ< |
فاجعل الابتسامة شعارك، واجعلها ابتسامة صادقة، وليست ابتسامة متصنعة، كذلك رد السلام بحرارة، إذا سلم عليك إنسان وصافحك، فلا تمد طرف الإصبع أو طرف اليد، أو تسلم عليه وأنت معرض عنه، هذا لا يصلح، لأن السلام إنما شرع لتقوية الروابط، وأنت إذا سلمت على إنسان بطرف يدك، أو سلمت عليه وأنت صاد عنه، فإنه يحمل في نفسه عليك الشيء الكثير بل إذا سلم عليك إنسان فاتجه إليه بوجهك، وانظر إليه بعينك وصافحه بحرارة، واضغط على يده بما لا يضره -انتبه لهذه- المهم أنه يشعر أنك تسلم عليه سلام محب، سلام أخ مسلم، ثم تتكلم معه بالكلام الطيب.
كيف أصبحت كيف أمسيت مما يغرس الود في فؤاد الكريمِ |
فلا بد من هذه الأشياء كلها، وبعض الشباب المنحرفين ينتقدون بعض الصالحين بانتقاد يعبرون عنه بالكبر وعدم البشاشة وعدم التواضع، وهذا في الواقع ليس كبراً، ولكنهم يعتبرون عدم إقبالك عليهم نوعاً من الإعراض والكبر عليهم، وبعضهم قد ينتقد: الغلظة والقسوة والأسلوب الجاف في النصيحة من قبل بعض الصالحين، ومنهم من يعبر عنه بالاستخفاف بنا، والازدراء، هكذا يفهمون أو يتصورون، لأن الشاب المنحرف عنده شعور بالنقص أحياناً، فإذا نظرت إليه أنت شزراً، أو أعرضت عنه، أو قمت تجاهه بموقف معين، فَسَّره دائماً على أن هذا نوع من التكبر، وعدم الاهتمام به، أما الذين يحبون الشباب المتدينين من المنحرفين، وهم كثير، فإنهم يحبونهم لحسن خلقهم، كالتواضع والبساطة والكرم. ومن المهم جداً بذل المعروف في أشياء كثيرة، مثل: تصوير الملخصات، فهناك زملاء في مدرسة عندهم ملخصات، مذكرات دراسية، صَوِّر وأهدِ له ملخصاً، فضلاً عن إهداء شيء مفيد كشريط، أو كتاب، أو أمر آخر.
كذلك تلخيص بعض المعاملات له، قد تكون موظفاً وله معاملة عندك، تستطيع أن تخلصها بما لا تضر بها الآخرين، ولا تخالف في أنظمة مطلوب مراعاتها، فهذا أيضاً يعتبر خدمة جليلة له. أيضاً تدعوه إلى بعض المناسبات الخاصة بك، ليأكل عندك، ولهذا يقول بعض الذين كتبوا عن الأخوة: إن مما يقوي الأخوة ثلاثة: دخول المنـزل، والأكل عندك، والنوم، فإذا دخل منـزلك، وأكل ونام في منـزلك، فقد اكتملت بعض خصال الأخوة كما يقول الغزالي وغيره.
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم فطالما استعبد الإنسان إحسان |
ثمامة بن أثال رضي الله عنه كان مشركاً عدواًًً لله ورسوله، أمسك به المسلمون وربطوه كما في الصحيحين في سارية المسجد، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وقال: {ما عندك يا
إذاً: أوسع باب أو مدخل إلى دعوة الناس أن تدخل إلى قلوبهم وتكسب ودهم من خلال الكلمة الطيبة والبسمة والإحسان إليهم وبذل المعروف، ثم بعد ذلك تربطهم بالمجالات الخيرية، وليس من الضروري أن تفاتح هؤلاء الإخوة، لأول وهلة بأنهم منحرفون، أول ما تبدأ معه ضربة في الوجه بأنك فيك، وفيك، وفيك!
فما دامت عندك فرصة، وعندك وقت، ابدأ معه، ثم انتقل خطوة بعد خطوة حتى تأتي البيوت من أبوابها، فإن الإنسان إذا قفز أحياناً فقد يسقط أحياناً وتتكسر أقدامه، كذلك ليس من الضروري أن تبدأ بتحطيم بعض الرموز التي يحبها، قد يكون هذا الشاب مشغوفاً بالرياضة، فلو بدأت أول جلسة معه قلت: اللاعب الفلاني فيه كذا، والنادي الفلاني فيه كذا، والكرة فيها كذا، وأكثرت عليه في هذا الأمر، فمعناه كأنك وضعت حاجزاً من البداية، لكن لا مانع أن تصبر معه، فابدأ معه بكلمة طيبة، وجره إلى المسجد بالكلمة وبالحسنى، وادعه إلى الله عز وجل، ثم بعد ذلك تبدأ معه بمعالجة الانحراف الذي عنده أولاً بأول، كما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم معاذاً -في حديث ابن عباس- حين بعثه إلى اليمن: {فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، فإن هم أطاعوك إلى ذلك فأخبرهم بالصلاة...} ولذلك أوصي بتنظيم زيارات إلى مواقعهم.
أولا:ً بإقناع الطلاب بقدرته العلمية، من المهم أن يدرك الطلاب أنك ذا قدرة علمية، وأنك ناجح في مادتك التي تدرسها لهم.
ثانياً: أن يقتنع الطلاب أنك -فعلاً- تسعى لمصلحتهم، لأن بعض المدرسين قد يكون حقيقة يسعى لمصلحة الطلاب، لكن انطباع الطلاب أن هذا المدرس حقود، أو حسود،...إلخ! لا يدرون أنه يسعى للمصلحة، لماذا؟! لأنه لم يقنعهم بأنه يسعى للمصلحة، كيف تُشْعِرهم؟ الاعتدال مثلاً: الاعتدال في الشرح، الاعتدال في وضع الأسئلة، الاعتدال في التصحيح، الاعتدال في وضع الدرجات، الحرص على مطالب الطلاب، تقديم الخدمات لهم بما لا يضرهم في المادة، بحيث تكسب محبة الطلاب دون أن تخل بواجبك التعليمي، هذا مهم جداً.
الثالثة: التربية على الرجولة، فإن من المظاهر المحزنة جداً أن كثيراً من شبابنا الآن أصبحت تظهر عندهم مظاهر الترف، والميوعة، والتأنث! خاصة في المرحلة المتوسطة، وهذا يلقي على المدرسين مسئولية عظيمة جداً في ضرورة وجود جو رافض لمثل هذا السلوك، وتربية الطلاب على معاني الرجولة، سواء من خلال سرد القصص، أو تحريك المعاني العاطفية، أو ربطهم بمعالي الأمور، أو بيان آثار وسلبيات هذا الشيء، حتى يبتعدوا عنها، ويتدربوا على الرجولة منذ صغرهم، مثل ذلك معالجة الحالات الخاصة، وقد تكون في الفصل وعندك طالب ظهرت عليه مظاهر الانحراف، بدأ يغيب عن المدرسة، بدأ ينام في الفصل، بدأ لا يؤدي الواجبات، معنى ذلك أن عنده مشكلة، فتأتي به عندك في الغرفة، وتسأله: ماهي المشكلة؟ ما هي القضية؟
أذكر في يوم من الأيام طالباً كان هكذا، فلاحظت عليه أمراً فدعوته وسألته، فبعد قليل انفجر باكياً، وقال: إن والدي مبتلى بشرب الخمر، وأمرنا في البيت كذا وكذا وكذا، فأصبح من الممكن علاجه وتدارك الأحوال التي تواجهه.
إذاً إذا لاحظ المدرس مشكلة على الطالب فعليه أن يفاتحه بها، إن حلها فبها، وإلا يبلغ والده وأهله، حتى يكونوا في الصورة، ويستطيعوا أن يقوموا بواجبهم في رعاية الولد.
ومن المهم التجديد في أساليب الجمعيات الإسلامية الموجودة في المدارس، بكافة الوسائل، حتى تستطيع أن تحتوي عدداً كبيراً من الطلاب وبشكل عام، فدور المدرسة كبير، ونحمد الله عز وجل أنه يوجد في مدارسنا عدد غير قليل من المدرسين الصالحين الأخيار والمسئولين، وينبغي أن نحرص دائماً وأبداً على أن تكون المدرسة نظيفة، وأن يكون جوها نظيفاً، مكملاً لدور البيت، ومكملاً لدور المسجد.
خامساً: ينبغي مقاومة المنكر الموجود في الإعلام أو المكتبة أو البقالة أو المستشفى أو النادي أو أي مكان، وأضرب لكم بعض الأمثلة اليسيرة، مثلاً: أحد الشباب دخل البقالة، فوجد فيها مجلات أزياء وصوراً خليعة، فقال لصاحب البقالة: أريد أن أشتري منك هذه الأشياء، شريطة ألا تشتريها مرة أخرى، فقال له صاحب البقالة: تشتريها لماذا؟! قال: لأحرقها، قال: أنا سأعيدها إليهم وأعدك بأنني لا أشتريها مرة ثانية.
كذلك الاتصال بصاحب المكتبة بالهاتب بالكلمة الطيبة، وبالحسنى، نستطيع -بهذه الطريقة، وبالتضافر، وأن يشعر كل واحد منا أنه مسئول عن إنكار المنكر- نستطيع إن شاء الله القضاء على كثير من المنكرات.
الجواب: هذه الورقة ساءتني لأسباب، أولها: أنها غير دقيقة في المعلومات المذكورة فيها، فيها نسبة وإن كانت قليلة من الخطأ.
الأمر الثاني: أننا -فيما يتعلق باتهام هؤلاء الأشخاص بأن هذا شيوعي وهذا علماني- نحن نريد أدلة، لأننا لا ننكر أنه يوجد في مجتمعنا الشيوعيون، ويوجد في مجتمعنا علمانيون، لكن ينبغي أن نتعلم ونعلم الناس على ألا نتكلم إلا من خلال وثائق، وأنا أنصح إخوتي -شباب الدعوة الإسلامية- أن يجعلوا هذا الأمر في غاية الأهمية بالنسبة لهم، لا تتكلم عن شخص أبداً مهما كان معروفاً ومستفيضاً فساده، لا تتكلم عنه إلا من خلال وثائق: كتاب، مقالة في صحيفة، قصيدة أو شريط، أو أي شيء، المهم إن كان أن عندك وثيقة فلا بأس، تكلم وافضح رموز الفساد والزندقة والإلحاد سراً وجهاراً، وبأسمائهم أيضاً، بشرط أن تكون لديك وثيقة، أما أن تقول: شيوعي، علماني، هذا شيوعي، هذا علماني، على هذه الصورة، فلا يصلح هذا، إلا أن تعطينا وثائق على ما ذكرت، ومن الخطأ انتشار مثل هذه الأشياء إلا بعد التوثق منها، وينبغي أن نتفطن لمثل هذه السلبيات التي ذكرتها في مقدمة هذه المحاضرة.
الجواب: الصراحة أنني توقعت مثل هذه الحالة وأنا أتكلم، لكن أقول: إن تحسس أبوك عليك، فاجعل والدك يراجعني وإن شاء الله نقنعه بذلك.
الجواب: أولاً: ينبغي أن نعمل جميعاً على تنظيم المقررات الدراسية، وفي الواقع أن الذي أعلمه أن الجهات المسئولة التي هي إدارات التعليم ووزارة المعارف وتعليم البنات، تتقبل الملاحظات بما يتعلق بالمناهج، ولي تجربة شخصية في هذا المجال، وأتكلم من معرفتي بهذا الأمر، وعدد من الإخوة كذلك، فينبغي أن نتفطن لذلك.
ثانياً: إذا وجد في المقرر شيء غير صحيح، أو مخالف، ينبغي إلغاؤه عن الطلاب، وبيان وجه الخطأ فيه، والأخ زودني هنا بصورة عنوانها: ممارسة الإنجليزية خارج الفصل، وفيها شاب سعودي يلبس الغتره والعقال، ومعه رجل خواجة كما يقول، ومعه زوجته أيضاً، وهي في صدرها صورة عليها قلب، مكتوبة باللغة الإنجليزية، والشاب هذا يضع يده على الرجل، بجوارهم طفل ينام، وهو يستمع إلى الإذاعة باللغة الإنجليزية، هذه الصورة زودنا بها أحد الإخوة ويسأل عنها، والجواب مثل ما ذكرت.
الجواب: ينبغي إقناع الوالد بذلك، ومن الوسائل في إقناع الوالد أن تعرفه على أصدقائك، لأن الأب أحياناً لا يمنع الولد إلا خوفاً عليه، فإذا عرف الأصدقاء الذين تذهب معهم وتجيء معهم، فالغالب أنه يوافق على ذلك، كما أنني أنصح الإخوة أن يحرصوا على أن يقوموا بحقوق أهلهم، لأنه قد يمنعك لأنه محتاج إليك، فقد زارني يوماً من الأيام بعض الشباب في أحد المراكز، وقالوا: إننا لا نستطيع أن نقوم بحقوق البيت بسبب انشغالنا في المركز أو المدرسة أو غير ذلك، فقلت: إذاً أسألكم سؤالاً: إذا كنا نصلي الفجر وكان وقتها الساعة الرابعة، ماذا تصنعون بعد صلاة الفجر؟ قالوا كلهم: ننام. فقلت: إلى متى؟! فقالوا: إلى الساعة الثامنة، أو التاسعة!
إذاً عندك أربع أو خمس ساعات متواصلة، تنام ما يسمى بنوم الصفرة، هذا اليوم الذي يضيع عليك النوم كله، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: {بورك لأمتي في بكورها} وتخسر الجلوس في المسجد حتى تطلع الشمس وترتفع، وتصلي ركعتين كأجر حجة وعمرة، تامة، تامة، تامة، وتخسر بقية اليوم، فلا تنم هذا الوقت، اذهب في قضاء حقوق الوالدين والأهل، واخدمهم، حتى إذا خرجت تخرج بالصورة الطبيعية.
الجواب: الحماس ينبغي أن يكون مرتبطاً بمعانٍ مستقرة لا تزول، لأن بعض الناس حماسه مأخوذ من حادثة، بأنه حصلت مشكلة فتحمس، وانتهت المشكلة ففتر، فمن أهم الوسائل التي تجعل الإنسان يتحمس بصورة مستمرة: أن يعرف ماذا يجري في واقع الأمة الإسلامية، لأن الواقع الذي ابتليت به الأمة الإسلامية اليوم يدعو بعض الناس أن يفجروا قلوبهم، وليس أن يتحمسوا فقط، لكن المؤمن لديه من الثقة بالله عز وجل، والثقة بالنصر، والثقة بمستقبل الإسلام ما يعطيه نوعاً من الطمأنينة، وإلا فوالله الذي لا إله غيره، أن الأوضاع التي يعيشها المسلمون الآن، أوضاع من السوء والتشابك والتعقيد والضعف والتخلف، مما يجعل الحليم حيراناً، ويجعل الكثير من العقلاء كأنهم ينتظرون آية إلهية تنـزل من السماء، ولكننا واثقون بالله عز وجل، وهذه الثقة تجعلنا نتصرف بحكمة، وليس باندفاع، وتجعل الإنسان أيضاً من خلال معرفته بالواقع يتحمس حماساً موزوناً.
الجواب: أما بالنسبة لأشرطة الفيديو فأنا أود أن أنبه الإخوة إلى أمر، نحن محتاجون إلى الدعوة اليوم، اليوم أهم شيء نحتاجه الدعوة في أوساط الرجال والنساء، المنحرفين وغير المنحرفين، ينبغي أن نقوم بحملة لا تهدأ، شعارها الدعوة إلى الله عز وجل، لماذا؟ لأنه حتى إذا فرض أنه قضي على بعض الصور، أو الفيديو أو غيرها، فهناك وسائل غيرها وأشد منها فساداً.
ذكرت لكم في المجلس السابق أن هناك إعلاناً رسمياً في مصر، أنه خلال شهر سوف ينقل البث المصري إلى أنحاء المملكة، ويرى في جميع أنحاء المملكة وتعرفون التلفزيون المصري ماذا يعرض فيه، الرقص الخليع هذا أقل ما يعرض فيه، البرامج التافهة، إلى آخره، الناس هناك ضجوا منه وتذمروا، وسوف يأتي إلى هنا، فضلاً عن البث الأجنبي، فنحن بحاجة إلى أن نبذل الجهد في تحصين قلوب الناس، لأن الإنسان المحصن أينما تلق به فهو محصن، الآن الشباب المبتعثون إلى أوروبا وأمريكا -زرتهم وذكرت هذا في أحد المرات- أكثر من (70%) أفضل من شبابنا في هذه البلاد، دين وحماس، وغيرة، وصبر وورع عجيب! حتى إنهم يتورعون -مع أنهم في بلاد كفر- عن أمور أتعجب منها غاية العجب، واستغرب كيف يتورعون عن أشياء مباحة لا شيء فيها، وهم يسألون عنها، فضلاً عن أمور مكروهة، فضلاً عن الحرام، فالمهم الآن أن نكون قائمين بواجب الدعوة إلى الله عز وجل بقدر ما نستطيع، في كافة المجالات، وعلى كافة المستويات، والاستفادة من كل وسيلة مباحة في الدعوة إلى الله تعالى.
الجواب: في الواقع لن أقدم رأيي في هذه الجريدة، لكني أريد أن أنبه إلى أمر كنت متردداً في التنبيه عليه، لكن لما سألني الأخ وجدتها فرصة سانحة، فقد جاءتني أسئلة من هذه الجريدة قبل ثلاثة أسابيع، وألحوا عليَّ كثيراً حتى زارني مسئول منهم في المنـزل جزاه الله خيراً، وطلب التعاون مع طلبة العلم، والدعاة في هذا المجال، ونتيجة لذلك، كتبت إجابة على هذه الأسئلة وأرسلتها إليهم، وبعد ذلك نشر بعض هذه الأسئلة بصورة محرفة، ونسبوا إليَّ ما لم أقل، واتصلت بهم في الأسبوع قبل الماضي، رجاءَ أن يكتبوا تصحيحاً في العدد قبل الماضي، فلم يفعلوا، ثم اتصلت بهم في الأسبوع الماضي رجاء أن يكتبوا تصحيحاً فلم يفعلوا، وبناءً على ذلك أجد أني مضطر لأن أقول لكل من يستمع إليَّ الآن: إنهم نسبوا إليَّ أنني قلت: إننا يجب أن نربي الشاب تربية عسكرية، حتى يكون قوياً في الدفاع عن وطنه، فإن الدفاع عن الوطن -من معنى الكلام- من أهم الواجبات، وهذا في الواقع كلامٌ لم أقله، ولست ممن يقولون مثل هذه العبارات: الوطن والوطنية! لأننا نتحدث في مثل هذا المجال بالتفصيل، فأقول: إن كان المقصود الدفاع عن الوطن الدفاع عن دولة تحكم شريعة الله عز وجل، وبلاد تحكم بالكتاب والسنة، فهذا الدفاع واجب، لأنه دفاع عن الإسلام، ودفاع عن المسلمين، دفاع عن الركع السجود، ودفاع عن الأعراض، ودفاع عن الحرمات، ودفاع عن كبار السن، والشيوخ، ودفاع عن تراث الإسلام، أما مجرد تراب أو وطن، فهذا ليس هو الشعار الذي يدافع المسلم عنه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: {من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله} ولذلك ألفت الأنظار، ولم يكن بودي أن أتحدث في هذا الموضوع، لكنني وجدت نفسي مضطراً لذلك.
الجواب: لا. أبداً، أنا الحقيقة لم أقرأها ولم أشترها، وأستغفر الله وأتوب إليه، أنَّ مثل هذه المجلة توجد في بيت امرئ مسلم، فتهرب الملائكة وتدخل الشياطين، لأنها مجلة تتاجر بصورة المرأة، وكل من يحترم نفسه، ويحترم دينه، يستحي أن ينظر إليها فضلاً أن يشتريها، وكفى تجريحاً لإنسان أن يقال: فلان يشتري مجلة كذا وكذا، وإنما ذكرت هذا لمناسبته، التي أرى أنه لا بأس بذكرها، لأنه مع الأسف هذا أمر موجود، وليس أمراً غائباً لا يعرفه الناس.
الجواب: سماع الدفوف لا يجوز، كذلك عورة الرجل ما بين السرة والركبة عند كثير من أهل العلم، وقد جاء في هذا أحاديث عند الدارقطنيوغيره، وصححها جماعة من أهل العلم، وإضافة إلى هذا وذاك ففي الملاعب من اختلاط الكبار بالصغار، وغير ذلك ما هو معلوم لا يخفى.
الجواب: ينبغي أن تتحدث مع أختك بصراحة عن الزوج الصالح والزوج المنحرف، وأيهما أجدر وأنسب لها، كم من امرأة تزوجها شاب منحرف، فكان يسافر إلى الخارج في الإجازات، ويدخن، وقد يشرب الخمر، وقد يأتي بزملائه السيئين في البيت، ويتعاطى معهم الخمر، وتكون المرأة في حالة خطر، وأقول لكم: كثيراً ما يتصل بي نساء يشكين أزواجهن: أن الزوج قد يسمح أن ينام زملاؤه في المنـزل، وقد يسمح أن يشربوا الخمر في المنـزل! وقد يسافر ويرجع ومعه صور خليعة، ومعه ذكريات رديئة، بل قد يرجع ومعه جراثيم الأوبئة والأمراض الفتاكة كالهربس والإيدز وغيرها من الأمراض الجنسية! فالآن -الحمد لله- حتى الفتاة غير المتدينة أصبحت تريد متديناً، ولابد أنكم قرأتم مقابلات كثيرة في الصحف مع هؤلاء، تريد شاباً متديناً ملتزماً، لأنه حتى من الناحية الدنيوية البحتة المتدين أحسن وأفضل لها من غيره، فالمتدين إذا أحبها أكرمها، وإن كرهها لم يهنها، ولا شك أنه خير لها على كل حال.
الجواب: مثل هؤلاء ينبغي الجلوس معهم، وتبادل الصلات والود، كما قلت لكم قبل قليل، مهمتنا اليوم مهمة دعوية، بالدرجة الأولى نحن نريد أن نثبت للعالم أن المجتمع كله مجتمع مسلم، لا تريد غير الإسلام في أي شأن من شئون الحياة، وأرجو أن تعوا هذا الأمر جيداً.
الجواب: الطريقة السليمة لعلي ذكرت جوانب منها، يحتاج الأب إلى الحكمة، لأن الشباب يكون في كثير من الحالات في حالة طيش، ويكون له أصدقاء منحرفون، يحرفونه ويسخرون منه، فإذا تأخر يوماً من الأيام تضاحكوا، وقالوا: هاه منعك أبوك! فهذه تثير عند الشاب أن يقول: هل أنا طفل يمنعني أبي؟! بل سأحضر وليس له دخل، ولا علاقة له بي من قريب ولا بعيد؛ فهم يحرضونه على أن يتخذ مواقف شديدة من والده، فعلى الأب أن يكون حكيماً، ويضع الأمر في موضعه، وإذا وجد أنه لم يفلح في المعالجة، فلا مانع أن يجعل غيره يتولى معالجة مثل هذا الموضوع، مثل الأخ الأكبر، أو زميل، أو مدرس، أو ما شابه ذلك.
الجواب: هي كثيرة، منها صحبة الطيبين والإقلاع عن الأشرار، وترك النظر إلى الحرام، وكثرة الاستغفار، وكثرة قراءة القرآن، وكثرة الذكر، والابتعاد عن الأفكار والهواجس، والوساوس السيئة، لا تخلُ بنفسك إلا مع قوم صالحين، ومع ذلك إذا وقعت فأحسن، إذا أسأت فأحسن، وإذا أذنبت فاستغفر، فإن الله تعالى يغفر الذنوب جميعاً، ولو كررت ذنبك مائة مرة، لا تقل: لا يغفر الله لي: إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً [الزمر:53].
الجواب: قابل هذا بلطف، لا ترد عليهم، لا تغضب لنفسك، دعهم هذه المرة، وأعرض عنهم، وكرر هذا الأمر مرة أخرى، نحن بحاجة إلى سعة البال.
الجواب: أنا أقول: هذا نموذج للآباء، انظر كيف الولد إذا هداه الله عز وجل يشعر بالعقوبة تجاه تقصيره أمام والده، فأعظم نفع يقدم للوالد هو هداية ولده، وأقول للأخ السائل ولغيره: دائماً الإنسان قد يستصعب بعض الأمور وهي سهلة هينة، تعودت في البيت مثلاً أن أسلوبك مع الوالد جاف، حتى لو أردت أن تقول له: صبحك الله بالخير، تحس أن الأمر صعب عليك، ولو أردت أن تقبل رأسه، تحس أنك تريد أن تفعل شيئاً ما تعودت عليه، والإنسان الذي لم يتعود على الشيء، يحس أنه يعمل شيئاً خارجاً عن طبيعته، لكن الأمر سهل، جرِّئ نفسك أول مرة، وستجد أن الأمر سهل جداً، إذا أتيت إليه: صبحك الله بالخير، مساك الله بالخير، قبل رأسه، قل له الكلام الطيب.
أعرف أناساً في غاية الشدة والحرارة والعنف في طباعهم، أناساً عصبيين، لكن لما ألجم الإنسان نفسه بلجام الخوف من الله عز وجل، كان مع والده ووالدته كالعسل، قد يقسو عليه والده، وقد يوبخه، وقد يكون هذا بحضرة الناس، فتجد الولد وإن تمعر وجهه، إلا أنه يكتفي بترديد: عفا الله عنك، جزاك الله خيراً، الله يعفو عنك، الله يسامحك، وما أشبه ذلك. إن الإيمان -يا إخواني- يهذب الطبائع، فجرئ نفسك على استقبال الوالد، وقبل رأسه، وابكِ بين يديه، واعتذر منه، وعده بأنك لن تعود إلى مثل هذا الأمر، والوالد قريب الرضا.
الجواب: إذا كان مسلماً فإنك ترد عليه السلام، إلا في حالة واحدة، إذا كان ترك الرد سبباً في هدايته، فبعض الناس إذا عرف أنك لا ترد عليه السلام بدأ يقول: ماذا فعلتُ؟ ثم رجع إلى نفسه وتاب، وهذا قليل جداً اليوم، بل بالعكس كثير منهم إذا فعلت مثل هذا معه فإنه يزيد في عدوانه.
أختاه دونك حاجز وستارُ ولديك من صدق اليقين شعارُ |
عودي إلى الرحمن عوداً صادقاً فبه يزول الشر والأشرارُ |
وبه يعود إلى البلاد أمانها وبه يفك عن الخليج حصارُ |
أختاه دينك منبع يروى به قلب التقي وتشرق الأنوارُ |
ألفت النظر إلى هذه القصيدة والمساهمة في نشرها، وجزى الله الشاعر خيراً.
أسأل الله عز وجل أن يهدينا إلى سواء السبيل، اللهم اهدِ شباب المسلمين وفتياتهم، اللهم اهدِ شباب المسلمين وفتياتهم، الله اجعلهم دعاة إليك، مجاهدين في سبيلك، وأقر بهم عيون آبائهم وأمهاتهم يا أرحم الراحمين، اللهم اجعلنا هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضلين، اللهم صلِ وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وسلم تسليماً كثيراً، والحمد لله رب العالمين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر