يقول الله سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ [الملك:12] الخشية هي: أشد الخوف، وقوله تعالى: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ [فاطر:28] أي: إن العلماء يخافون ربهم خوفاً شديداً، فالخشية هي: شدة الخوف.
وفي قوله تعالى: ( بِالْغَيْبِ ) قولان للعلماء:
القول الأول: أي: يخشون ربهم وهم لا يرونه، ويشهد لهذا المعنى حديث النبي صلى الله عليه وسلم في القوم الذين يجلسون مجلساً فتحفهم الملائكة حتى يسدوا ما بينهم وبين سماء الدنيا: (فيسأل الله ملائكته: ماذا يقول هؤلاء؟ فيقولون: يعظمونك ويحمدونك ويكبرونك ويهللونك، فيقول: هل رأوني؟ قالوا: لا ما رأوك يا رب! قال: كيف لو رأوني؟) .
فمن العلماء من قال: إن معنى: ( يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ ) أي: يخشون ربهم وهم لا يرونه سبحانه وتعالى.
والقول الثاني: أي: يخشون ربهم وهم غيب عن أعين الناس، وهم في الخلوات والفلوات منفردون بعيدون عن الناس، فيراقبون الله في السر ويراقبون الله في العلن، فلا يراءون الناس ويظهرون أمامهم الأعمال الصالحة، إنما سرهم وعلانيتهم سواء.
وعلى هذا فقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ فيه قولان:
القول الأول: أي: يخشون ربهم وهم لا يرونه.
القول الثاني: أي: في حالة غيابهم وبعدهم عن الناس، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: (ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه).
إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ أفادت هذه الآية أن الإيمان والخشية سبب في مغفرة الذنوب، وسبب أيضاً في إثبات الأجور.
هناك أعمال يكفر الله بها الذنوب؛ فالصلوات الخمس مكفرات، والعمرة مكفرة، والجمع مكفرات، والحج مكفر للذنوب، كذلك حسن الخلق يكفر الذنوب، ومن المكفرات أيضاً الإيمان والخشية، فالإيمان بالله والخوف الشديد من الله سبحانه وتعالى سبب في تكفير الذنب، وسبب في تفريج الكرب، ألا ترى إلى أحد الثلاثة الذين آواهم المطر إلى كهف وسدت عليهم فتحته بصخرة، فتوسل أحدهم إلى الله بخشيته لله لما قعد بين رجلي ابنة عمه، فقالت له: اتق الله! ولا تفض الخاتم إلا بحقه، فقام عنها، وفرج الله عنهم بذلك، فالخشية سبب في مغفرة الذنوب، وسبب في إثبات الأجر الكبير: لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ .
وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ فهذا وذاك يستويان عند الله، إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ [الملك:13] ذات الصدور: هي: الأسرار التي يكنها الشخص في صدره، ولا يحدث بها أحداً أبداً حتى إنه لا يكاد يحدث بها نفسه، مثل ذنب أذنبه الشخص ولا يريد أن يتذكره، ولا يحدث به أحداً على الإطلاق، فهذا الذنب يقال له ولأمثاله: ذوات الصدور، يعني من الأسرار الشديدة التي التصقت بالصدور، فأصبحت كامنة في الصدور لا تفارقها أبداً بحال من الأحوال.
أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ [الملك:14] هو الذي خلقك، فهو يعلم سرك وعلانيتك، فأنت إذا صنعت شيئاً تعرف كيف تم الشيء، أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الملك:14] لطيف: يعلم دقائق الأمور وما لطف منها، وفي الأصل الشيء اللطيف: هو الدقيق الخفيف، فمعنى اللطيف: الذي يعلم الأشياء الدقيقة اللطيفة، ويصلح برفق وبتلطف.
فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا [الملك:15] من العلماء من قال: المناكب: الأرجاء، أي: النواحي، ومنهم من قال: المناكب هي: الجبال، أي: الأماكن المرتفعة، كما أن منكبك هو الكتف، وقد ورد أن بعض السلف الصالح -أظنه بشير بن كعب - قال لجارية له: إن أخبرتِني ما مناكبها؟ فأنت حرة لوجه الله! بمعنى: إن أخبرتني عن تفسير: فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا فأنت حرة لوجه الله! فقالت له: مناكبها: جبالها، فقال: أنتِ حرة لوجه الله، ثم أراد أن يتزوجها، فسأل أبا الدرداء ، فقال له أبو الدرداء رضي الله عنه: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك .
وما معنى هذا القول في هذا الموطن؟ معناه -والعلم عند الله- أنها قد تكون فسرت الآية تفسيراً فيه خطأ، فيكون عتقها لم يقع لأن تفسيرها خطأ، فإذا جئت تتزوجها فالمسألة مشكوك فيها؛ لأن عتقها فيه شك أصلاً، فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك.
فمن أهل العلم من قال: المناكب: الجبال، ومنهم من قال: المناكب: الأرجاء والنواحي.
وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ أي: إليه نشوركم أي: خروجكم من قبوركم يوم القيامة.
في الحقيقة إن الأمر في هذا الموطن يقتضي الإباحة، فلا يجب عليك أن تمشي في المناكب -إن كان عندك سعة- فالأمر أمر إباحة، كما قال تعالى: فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ [الجمعة:10] هل يجب عليك أن تنتشر في الأرض إذا قضيت الصلاة، أو يجوز لك أن تمكث في المسجد لحديث: (الملائكة تصلي على أحدكم مادام في مصلاه الذي صلى فيه تقول: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، ما لم يحدث)؟
فقوله: فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ فيه إباحة الانتشار، وليس وجوب الانتشار، كذلك قوله تعالى: فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ [البقرة:222] هل يجب أن يأتي الرجل امرأته إذا تطهرت أو هو أمر إباحة؟
هو أمر إباحة كما كان الأمر من قبل أن تحيض، والله سبحانه أعلم.
لكن على كلٍ فقوله سبحانه: فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا حث على البحث عن الأرزاق في الأرض، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما أكل أحدٌ طعاماً قط خيراً من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده) أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على نبي الله داود عليه الصلاة والسلام؛ لكونه كان يأكل من عمل يده، والعمل الذي كان يعمله داود عليه الصلاة والسلام هو كما قال تعالى: أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ [سبأ:11] يعني: اعمل الدروع، وهي: صنعة الحدادين، هي تقي من سهام العدو، وتقي من السيوف والضربات، أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ أي: دروعاً سابغات، تسبغ أي: تغطي، ومنه قولهم: هذا الثوب سابغ، يعني: يغطي ما تحته، ومنه قوله تعالى: وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً [لقمان:20] أي: غطاكم بنعمه الظاهرة والباطنة.
فنبي الله داود كان يأكل من عمل يده، وكان يعمل سابغات، وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم (أن زكريا كان نجاراً) ونوح عليه الصلاة والسلام امتهن نفس المهنة فصنع الفلك كما قال الله له: وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا [هود:37] وهذا يقتضي أن يكون ملماً بأعمال النجارة، وأيضاً قال عليه الصلاة والسلام: (ما بعث الله نبياً إلا وقد رعى الغنم، قالوا: وأنت يا رسول الله؟! قال: نعم قد رعيتها على قراريط لأهل مكة) أي: مقابل قراريط -أي: دراهم- آخذها من أهل مكة، ونبي الله موسى صلى الله عليه وسلم جعل من نفسه أجيراً لعفة فرجه ثماني سنوات: قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ [القصص:27] ، وقد أسلفنا القول بأن سليمان كان يقف يراقب الجن وهي تحفر وتصنع التماثيل، والجفان، والقدور الراسيات: فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ [سبأ:14].
فهذا سلوك الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يأكلون من عمل أيديهم، وقد قال الله تعالى: عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ [المزمل:20] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اليد العليا خير من اليد السفلى)، وقال عليه الصلاة والسلام: (أفضل الكسب: عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور) وكان النبي صلى الله عليه وسلم في أول أمره يرعى الغنم، ثم عمل تاجراً، ثم جعل رزقه تحت ظل رمحه، فكل الأنبياء كانوا يعملون ويجتهدون عليهم الصلاة والسلام، وكذلك السلف الصالح، فأمير المؤمنين عمر يقول: (ألهاني الصفق بالأسواق) يعني بالتجارة، والله يقول أيضاً: وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الأَسْوَاقِ [الفرقان:20] فكانوا متعففين لا يمدون أيديهم للناس، بل يذهبون إلى العمل، وهكذا كان الصحابة، فهذا عبد الرحمن بن عوف قدم إلى المدينة، وجاء سعد بن الربيع يعرض عليه أن يتنازل له عن إحدى زوجتيه، وأن يشاطره ماله، قال: مالي أقسمه بيني وبينك نصفين، وانظر أي زوجتي شئت أطلقها فتزوجها!! قال: بارك الله لك في أهلك وفي مالك، ولكن دلوني على السوق؛ وهذا ينبغي أن يكون شعاراً محفوظاً: (دلوني على السوق) فدلوه على السوق، فما هي إلا أيام معدودة حتى أتى إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وعليه أثر صفرة، فقال: (ميهم يا
وهذا أبو مسعود البدري يقول: لما نزلت آية الصدقة كنا نذهب إلى الأسواق فنحامل على ظهورنا، ونأتي بأموال كي نتصدق بها، وفي آخر حياته رضي الله عنه أصبح من كبار الأثرياء، حتى إن عماراً وأبا موسى ذهبا إليه يوماً، ودارت مناقشة بين الجميع فقال أبو موسى لـعمار : يا عمار ! والله ما نقمت عليك شيئاً منذ أسلمت إلا تسرعك في هذا الأمر، أي: في الاشتراك في القتال مع علي ، والاشتراك في القتال بصفة عامة، فقال عمار لهما : والله يا أبا موسى ويا أبا مسعود ! ما أنقم عليكما شيئاً منذ أسلمتما إلا تخلفكما عن قتال الفئة الباغية، ثم إن أبا مسعود أمر لكل منهما بحلة، والحلة كانت باهضة غالية الثمن في ذلك الزمن، وقال: انطلقا بها إلى الجمعة.
وأم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله تعالى عنها لم تكن في حاجة إلى المال، فرسول الله يكفيها بإذن الله، ولكنها كانت تعمل فتأتي بجلد وتدبغه في بيتها، ثم تبيعه وتأخذ ثمن الجلود تتصدق بها، ولذلك قال الرسول في شأنها: (أسرعكن لحاقاً بي أطولكن يداً) أي: بالصدقة.
الشاهد: أن إخواننا الذين يظنون أن ديننا مبني على مد اليد وعلى التكاسل وعلى البلادة ظنهم خاطئ، فاليد العليا خير من اليد السفلى، واليد العليا يد المعطي واليد السفلى يد الآخذ، فالعمل ليس بعيب أبداً، امتهن أي مهنة، حتى لو يأخذ أحدكم أحبله فيحتطب، خير له من أن يأتي هذا فيسأله، ويأتي هذا فيسأله، فكن عفيفاً يا عبد الله! فهذا كلام الله وسنة رسول الله فيهما الحث على طلب الرزق، وقد سمعت بعض سير أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وقد استدل بعض العلماء بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لو أنكم توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصاً وتروح بطاناً) فقال هذا المستدل: إن النبي قال: (لرزقكم كما يرزق الطير) نعم، الطير يرزقها الله، لكن ليس وهي في أوكارها، والله قادر أن يرزقها إذا شاء على أي وضع، لكن الطير لا تجلس بليدة كسولة وتقول: إن رزقي يأتيني في وكري، إنما تغدو أي: تخرج تبحث عن الرزق، وترجع أي: تروح، فاستدل به على أن الأخذ بالأسباب مشروع مع التوكل.
أما الحكايات والقصص والخرافات التي تحكيها بعض الجماعات وتتبناها، فلا أصل لها.
فاعملوا بالأدلة التي سمعتموها من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفعال سلف الأمة رحمهم الله.
قال تعالى: أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (فتمور) أي: تتحرك وتضطرب اضطراباً شديداً.
أَمْ أَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا [الملك:17] أي: حصى وتراباً كثيراً، فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ أي: كيف إنذاري لكم.
وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ [الملك:18] أي: كيف أنكرت عليهم أفعالهم، وأحللت بهم العذاب، وأنزلت بهم البلاء؟!
أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ أي: صافات الأجنحة، وَيَقْبِضْنَ [الملك:19] أي: يقبضن الأجنحة، يعني: الطير تطير في السماء صافة الأجنحة وقابضتها مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ [الملك:19] أي: بكم وبأعمالكم وبالطيور وبأعمالها بكل شيء بصير، وعلى كل شيء مطلع، وراء لكل شيء ومبصر له سبحانه وتعالى، فالله مطلع على أعمالكم وأنتم تسيرون وتعملون الأعمال، فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ والله مطلع عليكم وعلى أعمالكم، فأعمالكم تعرض على الله كما في الآية الأخرى: وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ [التوبة:105] يعني: أعمالك التي تعملها سيراها الله بنص الآية الكريمة: (فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ)، ورسوله أيضاً سيراها صلى الله عليه وسلم، والمؤمنون أيضاً سيرونها، وأيضاً سيراها الملائكة كما قال الله سبحانه وتعالى: وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ * يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ [المطففين:19-21] فالمقربون يشهدون أعمالك، فإذا كان ذلك الأمر كذلك، فأعمالك التي تعمل من سيراها؟
يراها ربك، ثم يراها نبيك صلى الله عليه وسلم، ويراها أهل الإيمان، ويراها الملائكة المقربون، فإذا علمت ذلك واشتد يقينك به أحسنت العمل، وأتقنت العمل؛ لأن الذي سيراه هو الله، والذي سيطلع عليه هو الله، وأيضاً غيره ممن ذكرنا.
إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ [الملك:20]غرهم الشيطان.
أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا [الملك:21] أي: تمادوا واستمروا، فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ [الملك:21] أي: في استكبار وعناد، والنفور: هو الابتعاد عن الحق.
من العلماء من قال: لأن السمع أفضل من البصر، والأفضل يفرد والمفضول يجمع، كما في قوله سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ [الأحزاب:50] فأفرد العم وجمعت العمات: وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ [الأحزاب:50] فأفرد الخال وجمعت الخالات، وكما في قوله تعالى: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ [البقرة:257] فأفرد النور وجمعت الظلمات، وقوله: أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ [النحل:48] أفرد اليمين وجمعت الشمائل، وهذا قول لبعض العلماء، ومن إخواننا الأطباء من يقول: يتصل بالأبصار وتران، بينما يتصل بالسمع وتر واحد، فإذا قطع الذي يصل إلى السمع صمت الأذنان معاً، أما إذا قطع الذي يصل إلى البصر فقد ترى بعين ولا ترى بالأخرى، والله أعلم.
(قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ) أي: شكركم قليل.
قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ [الملك:24].
قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ فيها رد على من يحدد يوم القيامة بيوم محدد: (قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ) وهذا من البدهيات والمسلمات، لم يقل: سنة ألفين، ولا سنة ألفين وأربعة، ولا بعد هرمجدون، ولا هذه التخاريف، كما قال الله سبحانه هنا: (قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ) علمها عند ربي في كتاب لا يجليها لوقتها إلا هو، في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى.
وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ هذه مهمتي، وأنا أعرف قدري فلا أتجاوزه، وهذه الآية أصل في أن الشخص يعرف قدره، ويقف عند العلم الذي علمه الله إياه، ولا يتعالم ولا يدخل برأسه في كل شيء، فالرسول سئل عن مسائل لم يعلمه الله إياها فأمسك، فقد سئل عن الروح فقال الله له: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا [الإسراء:85].
وسئل عن الساعة فقال: (ما المسئول عنها بأعلم من السائل) فكان صلى الله عليه وسلم يقف عند ما لا يعلمه.
أما أن تدعي أنك تعرف في كل شيء، فهذا من الجهل والغباء، ولذلك قال عدد كثير من السلف وليس واحداً أو اثنين: ينبغي للعالم أن يعلم جلساءه شيئاً هاماً ألا وهو: (الله أعلم)، يمسكهم بهذا الشعار، كلما سئلوا عن شيء لا يعرفونه فليصدروا الإجابة به: (الله أعلم).
وقد قيل للقاسم بن محمد أو لابنه: إنه يعد عيباً على من هو في مثلك من الفضل أن تسأل عن شيء ولا نجد عندك فيه علماً! فقال: وأشد منه عاراً أن يقول الشخص عن الله أو عن رسوله بغير علم.
فينبغي أن يرفع الشخص شعار: (الله أعلم)، فالرسول هنا سئل: مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ * قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ فليس هذا من علمه، بل هو أمر خارج عن طاقته، وخارج عن حدود معرفته، قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ أي: عملي الإنذار والتذكير.
فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً [الملك:27] أي: قريباً، فالزلفى: القربة: مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى [الزمر:3]، وقيل لمزدلفة: مزدلفة -كما قال بعض العلماء- لأنه ازدلف فيها آدم من حوى أي: تقاربا، والله أعلم بهذا، والظاهر أنه من الإسرائيليات، لكن الزلفى: القربة، ويتزلف فلان إلى فلان أي: يتقرب فلان إلى فلان.
فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً أي: لما رأوا هذا اليوم والعذاب قريباً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا [الملك:27] أي: جاءها ما يسوءها وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ [الملك:27] بمعنى: تدعون وتسألون، فإنكم كنتم كما تقولون: رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ [ص:16]، وكنتم تقولون: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [الأنفال:32]، فمن العلماء من قال: (تدّعون) بمعنى: تدعون، ومنهم من قال: (تدّعون) هنا بمعنى: تكذبون، وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ أي: تكذبون.
قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ [الملك:29] الشيوعي يفتخر بشيوعيته، النصراني يفتخر بنصرانيته، الفاجر يفتخر بعشيقته وصديقته، فأنت يا مسلم! افتخر بدينك وأعلنها صريحة فأنت أولى بذلك: قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ ، قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ [البقرة:136] ، فعار على المسلم أن ينتكس ويبتعد عن سنة رسول الله، أو يستخفي عند التمسك بالسنة!! وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:10] أي: خاب من أخفى نفسه عن الخير، عار عليك أن تخفي تمسكك بسنة الرسول، والنصراني أمامك يعلق الصليب في رقبته شاهراً نصرانيته وشاهراً باطله على صدره، وأنت -يا مسلم- تتخفى وتدس نفسك وتخفيها عن الخير، ولا تعلن أنك من أتباع محمد صلى الله عليه وسلم!!
قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وإن كذبتم بالرحمن، وإن أشركتم مع الرحمن آلهة أخرى، قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ [الملك:29] أي: بعدٌ بعيد عن سواء الصراط، والضلال: التيه والبعد والضياع.
لو قيل: لماذا كرر اسم الرحمن كثيراً في كتاب الله؟
الظاهر -والله أعلم- لأن أهل الشرك كانوا ينكرون اسم الرحمن، في صلح الحديبية قال صلى الله عليه وسلم لـعلي : (اكتب بسم الله الرحمن الرحيم) فقام سهيل بن عمرو واعترض وقال: لا تكتب الرحمن!! فإنا لا نعرف الرحمن، ولكن اكتب: باسمك اللهم، وقد قال تعالى: قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى [الإسراء:110].
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا [الملك:30] أي: إن أصبح ماء الآبار عندكم غائراً في الأرض فلا تنالونه، ولا تدركه الدلاء، فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ [الملك:30] أي: من يأتيكم بماء عذب؟
الله سبحانه وتعالى رفع عنكم العذاب، ورفع عنكم البلاء وأكرمكم بهذه الكرامات، فجدير بمن صنع بكم هذا أن تشكروه وأن توحدوه وأن تكثروا من حمده وشكره، والله أعلم.
وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب: الأضحية سنة وليست بواجبة لهذا الحديث، ولم يثبت حديث صريح في الأمر بالأضحية أمر إيجاب، فالأضحية مستحبة وليست بواجبة.
الجواب: في الحقيقة أن هذا الباب وردت فيه جملة أدلة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستدل بها بعض العلماء على منع المرأة من التصرف في مالها إلا إذا أذن لها زوجها، كحديث: (لا يحل للمرأة عطية من مالها إلا بإذن زوجها) هذا الدليل المانع، لكن -والله سبحانه أعلم- الجمهور على أن هذا الحديث على الاستحباب وليس على الإيجاب، حتى تدوم العشرة بين الزوجين على ما يرضي، والأصل أن المرأة أحق بالتصرف في مالها، إذ هو مالها، والدليل على هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم (لما انتهى من خطبة العيد ذهب إلى النساء يذكرهن ومعه
بيد أن حديث (نهي المرأة عن التصدق بمالها إلا بإذن زوجها) فيه كلام من الناحية الحديثية ومن الناحية الفقهية أيضاً، فمن العلماء من حمل: (من مالها إلا بإذن زوجها) أي: من مالها الذي أعطاها إياه الزوج، وهذا وجه آخر للتوجيه، أما القطع بأن إنفاق المرأة مالها بغير إذن زوجها حرام فهو قول لا وجه له، إذ الأدلة تدفعه، والله أعلم.
لكن فقط من باب تطييب الخواطر، ودوام المودة والمحبة بين الزوجين يستحب لها ذلك، حتى تدوم معيشتها مع الزوج، وتطيب خاطره ولو بالكلمة الطيبة، أما أنه يتسلط عليها ويفرض عليها أن تفعل أو لا تفعل فليس هذا من حقه إذ قد يطلقها من الغد، فإذا قلنا: له أن يمنعها أو يجب عليها أن تستأذن منه، سيتسلط ويقول لها: أنفقي في موطن كذا، ولي هذا، وكأنه من حقه!!
فالصداق الذي هو لها من الزوج يقول الله فيه: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا [النساء:4] إن طابت نفسها لزوجها بجزء من المال، فليس لأخيها أن يأتي ويقول لها: لا تعطي الزوج، ليس لأخيها ذلك.
ولكن نقول: ينبغي للمرأة أن تكون عاقلة ورشيدة في التصرف، فإذا نظرنا إلى قوله تعالى في شأن المهور: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ [النساء:4] ولم يقل: طبن لكم عن كل الصداق، إنما قال: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا ، فيستحب للمرأة أن تبقي في يديها بعض الأموال لتتصدق بها وتحسن بها إلى الفقراء، وخاصة إذا كان أخوها من الأثرياء، فالصدقة على الذي هو أشد احتياجاً تبلغ مبلغاً أعظم في الأجر، فالمرأة إذا أرادت الثواب العظيم والأجر الجزيل من الله سبحانه عليها أن تعمد إلى أهل الاستحقاق فتنفق عليهم، أما الزوج فما عليه إلا النصح، والله أعلم.
الجواب: الحديث ضعيف، وقد نص على ضعفه عدد من أهل العلم كـابن الصلاح رحمه الله تعالى.
الجواب: هذا القدر صحيح.
الجواب: محل نزاع بين أهل العلم؛ لأن له طرقاً كلها ضعيفة إلا أن بعض العلماء يجبر ضعفها بمجموعها، والبعض يبقي ولا يجبرها ببعض، وقد ألفت فيه رسالتان، رسالة في تصحيحه ورسالة في تضعيفه، وكل طرقه فيها مقال، من العلماء من يقول: تصلح للاستدلال بمجموعها، ومنهم من يقول: لا تصلح والله أعلم، فالأمر قريب وسهل.
الجواب: من العلماء من قال -على فرض صحته-: هو نفي للكمال لا نفي للصحة، أي: لا وضوء كامل (لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه) فيه نفي الكمال لا نفي الصحة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ثبت أنه توضأ وما ورد أنه سمى، فوصف عثمان وضوء الرسول وما ذكر التسمية، ووصف أسامة وعبد الله بن عباس وضوء النبي فما ذكرا التسمية، ووصف عبد الله بن زيد وضوء النبي فلم يذكر التسمية، ومما يعكر على الوجوب ما نقله الشافعي أن الإجماع انعقد على أن من نسي وصلى، وهو لم يسمِّ على الوضوء أن صلاته صحيحة.
الجواب: الأحاديث التي تفيد طهارتها ضعيفة، وهي ما زالت عندي محل بحث فنظرة إلى ميسرة حتى نبحث عن الدليل.
الجواب: أما خطب الجمع فهي مشغلة وفتنة للخطيب وللمستمعين، لا يقال: هو عمل خفيف، لا، جو الخطبة سيخرج عن موضعه الذي وضع له، قال الله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ [الجمعة:9] فجدير بالمساجد أن تنقى من هذه المهرجانات، وعلى الناس أن يفهموا دينهم فهماً جيداً فالمساجد ليست مسارح وليست ملاهٍ إنما قال الله: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ [النور:36-37].
أما الأفراح بعيداً عن المساجد فالمسألة محل اجتهاد بين العلماء، هل تستعمل الفيديوهات في الأفراح؟
إذا كانت ليست وراءها فتنة تتعلق بتصوير نساء، أما إذا كنت تصور العروسة والعريس، ثم يراها الرجال ويراها النساء فهذا فتنة ولا يجوز، فحينئذ هو حرام، فلينظر إلى ما سيصور، ومن ثم يأتي الحكم على فرض التسليم بأن الفيديو لا يدخل في باب التصوير، وهي مسألة نزاع بين العلماء.
الجواب: الجمهور يقولون: إن النوم لا يبطل الوضوء إلا نوم المستغرق على غير هيئة المتمكن، فإذا كنت غير متمكن ونمت واستغرقت في النوم نقض الوضوء، ومن العلماء من يقول: النوم ينقض الوضوء مطلقاً لحديث: (العين وكاء السه، فمن نام فليتوضأ) والحديث مفهوم معناه، لكن استدل على أن النوم على هيئة المتمكن لا ينقض الوضوء بانتظار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لصلاة العشاء وهم جلوس، وكانت رءوسهم تخفق حتى يسمع لبعضهم غطيط، ثم قاموا وصلوا ولم يتوضئوا.
الجواب: على كلٍ: تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ [البقرة:134] لكن الذي يحدث الآن عند قبريهما شرك، دعنا من صلاح السيد البدوي ومن صلاح أحمد الرفاعي أو من فسادهما فهم قد أفضوا إلى ما قدموا، لكن الذي يحدث الآن شرك بالله، وهذا الذي يعنينا، ليس لنا ولا لأي شخص ولا لأي عالم أن يقطع لشخص بجنة أو نار إلا الذي جاء ذكره في كتاب الله وسنة رسول الله، وهذا من أصول اعتقاد أهل السنة، حتى إذا مات كافر أمامك ليس لك أن تقطع بأنه دخل النار، فعلم ذلك عند الله سبحانه وتعالى، سواء دخل الجنة أو دخل النار، وسواء كان يتقلب في النعيم أو يتقلب في الجحيم، أمره بينه وبين الله، لكن الذي يحدث الآن في مولده شرك بالله، والله أعلم.
ولازم أن تعتقد أنه ميت لا ينفع ولا يضر، شأنه شأن أي ميت، سواء أكان من نسل رسول الله أو من غير نسل رسول الله، (من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه)، وإبراهيم عليه الصلاة والسلام لما قال الله له: إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي [البقرة:124] أي: اجعل من ذريتي أئمة يا رب: قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ [البقرة:124] يعني حتى إذا كان من ذريتك وهو ظالم ليس بإمام، وقال تعالى في شأن إبراهيم وإسحاق: وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ [الصافات:113].
الجواب: الذي يحضرني أن هذا الحديث ضعيف لا يثبت عن رسول الله.
الجواب: الكتاب فيه بعض الملاحظات، وهو في أصله ومسماه خرافة، عمر أمة محمد صلى الله عليه وسلم لا يعلمها إلا رب محمد صلى الله عليه وسلم، وقد سمعت الدليل على ذلك، وفي ثناياه بعض الأحاديث الثابتة فهمها أخونا المؤلف على غير وجهها، ووجَّهها على غير توجيهها الصحيح.
وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى، والسلام عليكم ورحمة الله.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر