أيها الإخوة الكرام! نحييكم في لقاء جديد مع أسئلتكم واستفساراتكم الدينية، التي يسرنا أن نعرضها على فضيلة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
====
السؤال: وأول سؤال نطرحه على فضيلته ورد إلينا من المستمع (ن. س. ش) من مكة المكرمة يقول فيه: عندما كنت في السادسة عشر من عمري -أي: قبل سبع سنوات تقريباً- حصل لي حادث بالسيارة التي كنت أقودها أنا ومعي والدي رحمه الله وأخواتي وبعض من أقاربي، وكنت أقود السيارة التي هي للوالد بسرعة متوسطة وفجأة ضرب إطار السيارة الأمامي ولم أدر ما الذي حصل لي فقد أغمي علي ولم أدر بشيء ولم أفق إلا ونحن في الهاوية، وقد أصيب والدي بنزيف داخلي وانتقل إلى رحمة الله، سؤالي هو: هل أعتبر في هذه الحالة قاتلاً عمداً بمعنى هل يلزمني صيام شهرين متتابعين، وماذا أفعل كي يغفر الله لي هذا الذنب العظيم علماً بأنني عاهدت نفسي بأن أكون ملازماً لإخوتي أرعاهم حتى أصغر واحد فيهم، وأستغفر الله العظيم الذي وضعني القدر في هذا الموقف الصعب؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فالجواب أيها السائل! ينبغي أن تعلم أن الشيء في ذمة أمثالك وأنت أعلم بالواقع، فإن كنت تعلم أن الحادث بأسباب سرعتك أو لأن الإطار رديء وأنت تساهلت في عدم إبداله، أو بأسباب أخرى فعليك الكفارة وعليك الدية أيضاً.
أما إن كنت لا تعلم شيئاً من ذلك وأنك تمشي بسرعة متوسطة كالناس ليس هناك زائد على الناس، بل كان المشي المعتاد، والإطار لا تعلم فيه خللاً وليس فيه بأس فإنه ليس عليك شيء، لأنك لم تتسبب في الحادث وأمر الله غالب على الجميع، قدر الله وما شاء فعل، مثلما لو كان الإنسان على مطية مع أخيه أو أبيه فعثرت أو جفلت ثم سقط أحدهما أو كلاهما فمات أحدهما لا يكون على قائدها شيء في هذا لعدم التسبب، فالسيارة إذا حصل منها انقلاب بسبب لا تعلق له بالسائق، فإنه لا يكون على السائق شيء؛ لأنه لم يفرط ولم يتعد، فأما إن كنت أسرعت سرعة زائدة خطيرة فعليك الكفارة وعليك الدية إلا أن يسمح ورثة أبيك عن الدية، وعليك كفارة وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم تستطع فعليك صيام شهرين متتابعين كما هو نص كتاب الله عز وجل، ونسأل الله لك العون والتوفيق وما فيه براءة الذمة .
وأنت -يا أخي- عليك أن تحاسب نفسك وتتأمل الواقع، فإن غلب على ظنك أنك مقصر ومفرط في هذا السير أو في الكفر الذي ضرب لأنك تساهلت في عدم إبداله وهو رديء فكفر صم شهرين متتابعين وأد الدية إلا أن يسمح عنك ورثة الوالد، وإن كنت تعلم أنك لم تقصر وأن السير معتدل وأن الكفرات سليمة فليس عليك شيء والحمد لله على قضاء الله.
الجواب: إذا كانت الأرض المذكورة لم يقبر فيها حتى الآن و تيسر ما هو أحسن منها فإنك تبدلها، إذا تيسر أن تبدلها بخير منها أو بمثلها في مكان أسلم من هذا المكان لا يضر جارها ولا يسبب امتهان المواشي لها فإنك تجعلها في مكان آخر، تعين أرضاً أخرى مناسبة خيراً منها وتستعيد هذه الأرض، أو تبيعها وتشتري بها أرضاً مناسبة تجعلها مقبرة للبلد في محل مناسب، أما إن كانت قد تم القبر فيها والدفن فيها فإنها تسور ويمنع نزول سيلها ومطر مائها على جارها يجعل سور بينه و بينها حتى لا ينضر بها وتسور على الأموات الذين بها والحمد لله.
الجواب: نعم، من رضع من امرأة لها ضرائر فإن أولاد الضرائر إخوة له من أبيه، وأما أولادها فإخوة له من أمه وأبيه أشقاء بالرضاع، إذا كان الرضاع خمس مرات أو أكثر يمسك الثدي ويمتص اللبن خمس مرات كل مرة منفصلة عن الأخرى ولو في مجلس واحد يمتص اللبن ويطلق الثدي ثم يعود ثم يمتص اللبن ثم يعود خمس مرات في المجلس أو في مجالس أو في أيام مادام في سن الرضاع في الحولين، فإن هذا الرضاع يجعله ولداً للزوج -زوج المرأة المرضعة- ويجعل أولاد الزوج من الضرائر إخوة له من أبيه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) ولقول الله سبحانه : وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ [النساء:23]، فيعم الأخوات من الأب ومن الأم و منهما جميعاً.
المقدم: وبنات الضرائر كذلك؟
الشيخ: بنات الضرائر أخواته وأولاد الضرائر إخوة له كلهم من أبيه إخوة من أب كالنسب، وأولاد المرأة من غير هذا الزوج كذلك لوكان لها أولاد من غير هذا الزوج من زوج قبله أو بعده إخوة له من أمه.
الملاحظ في هذا مثلما تقدم لابد خمس رضعات فأكثر.
الجواب: أهل الكتاب هم اليهود والنصارى، والذي أباح طعامهم هو الذي قال فيهم ما ذكرته من الآيات في تكفيرهم تكفير اليهود قولهم: يد الله مغلولة قولههم: إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ [آل عمران:181]، كذلك هو الذي كفر النصارى في قوله سبحانه: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ [المائدة:17] وكفرهم بقولهم: إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ [المائدة:73] فهو سبحانه كفرهم وأبان ضلالهم، ومع ذلك أباح لنا طعامهم، فهم كفار ومشركون وظلمة ومفسدون، ولكن الله سبحانه لطف بنا وأباح لنا طعامهم فضلاً منه وإحساناً، وطعامهم ذبائحهم كما قاله ابن عباس وغيره، فإذا علمنا أن هذه الذبائح من ذبائح أهل الكتاب فهي حل لنا سواء كانت من أوروبا أو من أمريكا أو من غير ذلك.
فالحاصل أن طعام أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى سواءً كانوا ذميين أو حربيين حل لنا بنص القرآن، إلا إذا علمنا أن هذه الذبيحة أهلت لغير الله ذبحوها لآلهتهم، إذا علمنا ذلك حرم علينا وهكذا إذا علمنا أنهم ذبحوها بالخنق أو بالصعق الكهربائي يقيناً أن هذه الذبيحة المعينة التي جاءت في هذه العلبة أو في هذا الإناء، إذا علمنا هذا حرمت علينا و إلا فالأصل حل ذلك وعلينا أن نقبل رخصة الله سبحانه.
أما ما يتعلق ببعض الشركات فليس علينا أن نتتبع ذلك، إذا علمنا أن هذه الذبيحة أهلت لغير الله أو ذبحت على غير شرع الله تركناها، و إلا فالأصل أن ذبائحهم حل لنا بنص القرآن الكريم وهم مع هذا كفار، لكن الله استثنى ذبائحهم دون غيرهم.
أما الوثنيون من المجوس وهكذا الشيوعيون كلهم ذبائحهم محرمة، كالمجوس والبوذيون وسائر الكفرة من الشيوعيين وغيرهم، ذبائحهم كلها محرمة، فما يذبح في بلغاريا أوالصين الشعبية أو أشباه ذلك من الدول الشيوعية هذا لا يحل لنا، إلا إذا علمنا أنه تولاه مسلم أو تولاه كتابي، وإن كان في بلاد الشيوعيين إذا تولاه كتابي أو تولاه مسلم حلت تلك الذبيحة، وإلا فالأصل أن ما يرد من البلدان الشيوعية من بلغاريا أو رومانيا أو الصين الشعبية أو غير ذلك هذا نتركه لا يحل لنا ولا نستعمله.
الجواب: كونه يلتفت للمصلين ويقول: يغفر الله لنا ولكم. هذا ليس له أصل ولم يبلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل هذا فيعتبر بدعة لا وجه لها، السنة إذا سلم يقول: (أستغفر الله ثلاثاً، اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام). ثم ينصرف إلى الناس في جميع الأوقات الخمسة ينصرف بعد هذا، وإذا انصرف يقول: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير)، مرة أو ثلاثاً ويقول: (لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد).
والمأموم مثله يقول مثل ذلك، إذا سلم مثل الإمام سواء ويزيد في الفجر والمغرب: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير) عشر مرات يزيدها في المغرب والفجر كما جاءت به السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يستحب أن يقول بعد هذا: (سبحان الله والحمد لله والله أكبر) ثلاثة وثلاثين مرة.. (سبحان الله والحمد لله والله أكبر) ثلاثة وثلاثين مرة، ويقول تمام المائة: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير). ثم يقرأ آية الكرسي ثم يقرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] والمعوذتين، هذا هو الأفضل بعد كل صلاة، وفي المغرب والفجر يزيد فيقرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] والمعوذتين ثلاث مرات في الفجر والمغرب في أول الليل وأول النهار كما جاءت به السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، هذا هو المشروع بعد كل صلاة، أما أنه يقول للجماعة: يغفر الله لنا ولكم بصوت مرتفع، أو هداكم الله أو تقبل الله منا ومنكم هذا لا أصل له، لكن لو دعا لهم بينه وبين نفسه فيما بينه وبين نفسه دعا لإخوانه المسلمين لا بأس، لكن بصوت مرتفع يتخذه عادة هذا لا أصل له.
الجواب : إذا دخل المسلم المسجد العصر ليجلس حتى ينتظر المغرب فالسنة له أن يصلي ركعتين هذا هو الأفضل وهذا هو الصحيح من أقوال العلماء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين) بين الأذان والإقامة وهكذا في كل صلاة يسن أن يصلي ركعتين بين الأذان والإقامة.
إلا الظهر فالأفضل أن يصلى أربعاً، إلا الظهر الأفضل أن يصلي قبلها أربعاً راتبة، ودخوله إذا كان بعد الغروب سنة أن يصلي ركعتين ما فيه خلاف، إن كان بعد الغروب يصلي ركعتين تحية المسجد وبين الأذان والإقامة، لكن الخلاف إذا كان قبل الغروب.
المقدم: ما مدى صحة هذا القول: أن الشمس تكون غاربة بين قرني شيطان؟
الشيخ: هذا جاء في الحديث أنها تطلع بين قرني شيطان وتغيب بين قرني شيطان وحينئذ يسجد لها الكفار ويعبدونها ويعظمونها عباد الشمس نسأل الله العافية.
الجواب: السنة رفع السبابة اليمنى فقط، في التشهد الأول والأخير يشير بالسبابة اليمنى ويقبض أصابعه كلها ويشير بالسبابة عند الدعاء، أو يقبض الخنصر والبنصر ويحلق الإبهام مع الوسطى ويشير بالسبابة سنتان، إن شاء قبض أصابعه كلها وأشار بالسبابة وإن شاء قبض الخنصر مع البنصر وحلق الإبهام والوسطى وأشار بالسبابة، كل هذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما اليسرى فلا يشير بشيء بل يبسطها على فخذه وأطرافها على ركبته ولا يشير بشيء، لا بالسبابة ولا بغيرها هذه السنة، يده اليمنى يقبض أصابعها ويشير بالسبابة وإن شاء قبض الخنصر والبنصر وحلق الإبهام والوسطى وأشار بالسبابة سنتان، يفعل هذه تارة وهذه تارة.
أما اليسرى فإنه يبسطها بسطا على فخذه أو على ركبته أو على فخذه وأطرافها على ركبته، جاءت السنة بهذا كله عن النبي عليه الصلاة والسلام.
المقدم: أحسن الله إليكم.
الشيخ: ولا يشير بالسبابة اليسرى لا يشير بها الإشارة باليمنى فقط.
المقدم : جزاكم الله خيراً.
أيها الإخوة الكرام! كان ضيف حلقتنا هذا اليوم فضيلة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، وقد تولى الإجابة مشكوراً على أسئلة الإخوة المستمعين (ن. س. ش) من مكة المكرمة، والمستمع محمد أحمد على زعبان من تهامة عسير بلاد رجال ألمع، والأخت السائلة من العراق والأخ المستمع محمد عبد الله من العراق أيضا،ًوالأخ المستمع عبد الرحمن صالح الزهراني من المندق من بلاد زهران.
أيها الإخوة الأعزاء! إلى لقاء قادم إن شاء الله تعالى مع أسئلتكم واستفساراتكم الدينية نستودعكم الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر