أما بعد:
فيا عباد الله! اتقوا الله تعالى حق التقوى، يقول الله جل وعلا: وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [فصلت:37].
معاشر المسلمين! أجرى الله آياته الكونية، كالنجوم والشمس والقمر وسائر الكواكب وغيرها، وسائر مخلوقاته جل وعلا أجراها على نظام معينٍ تسير عليه: وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ * لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ [يس:38-40].
فإذا أخلف الله هذا النظام، وغير تلك القوانين، أو قلب تلك السنن التي تسير عليها مجموع الكائنات والآيات الكونية وغيرها، فإن ذلك تنبيه للعباد على أمور عديدة.
إن العباد يوم أن يصبحوا ويرون الشمس مشرقةً من المشرق، ويوم أن يمسوا ويرون الشمس تغرب من المغرب، فإذا جاء الليل رأوا القمر في كبد السماء أو في أحد أطرافها، إذا استمروا على ذلك ولم يروا تغيراً أو تنوعاً أو تقلباً، فإن الكثير من الغافلين يظنون أن هذا أمرٌ لا بد ولا محالة كائن، سواء بتدبيرٍ أو بغير تدبير، وهنا يُظهر الله جل وعلا آياته فيخلف آيةً من هذه الآيات، فقد تحتجب الشمس وقد ينخسف القمر وبعد ذلك يقف العباد وقفة دهشة!! كيف تغير هذا النظام؟ وما الذي غير مسار هذا الكوكب؟ إن الذي خلق ذلك وأبدعه وأوجده من العدم، قادرٌ على تغييره، وقادرٌ على قلب مساره، وقادرٌ على إفنائه كما أوجده، إنها لآية عظيمة من آيات الله جل وعلا، ولكن أكثر الناس عن آيات الله معرضون، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
عباد الله! خسف القمر على وقت النبي صلى الله عليه وسلم، فكانت الناس تقول: إنما تنكسف الشمس أو ينخسف القمر لموت عظيم أو حياة عظيم، فقال صلى الله عليه وسلم: (إن الشمس لا تنكسف، وإن القمر لا ينخسف لموت عظيمٍ أو حياته، وإنما هما آيتان من آيات الله، يخوف بهما عباده، فإذا رأيتم ذلك فادعوا وصلوا حتى ينجلي أو ينكشف ما بكم) .
إذاً فهي آية من آيات الله التي خلقها وهي آية من الآيات التي كونها ودبرها وقرر مسارها ونظامها، ويوم أن يعلم البشر بحدوث خسوف أو كسوف، فإن ذلك لا يضر أو ينقص من قدر آيات الله شيئاً؛ لأن البشر مخبرون عما سيقع، وليسوا قادرين على أن يُوقعوا شيئاً لم يقدره الله؛ لأن البشر يخبرون عما سيقع بما آتاهم الله جل وعلا من وسائل الأسماع والأبصار والأفئدة والعقول والقلوب، لأن البشر يخبرون بما سيقع بما سخر الله لهم من علوم الفلك وعلوم الطبيعة والحسابات وغير ذلك.
أما ولو كانوا صماً، وعمياً، وبلهاً؛ فلن يقدروا أن يخبروا عن إمكان حدوث خسوف أو كسوف قد يقع أو لا يقع.
إذاً فإن علم البشر بحدوث آية من آيات الله لا ينقص من قدرها، ولا يهوّن من شأنها، ولا يقلل من أمرها، فالتفتوا إلى آيات الله جل وعلا ولا تكونوا عن آيات الله غافلين.
فالذي أمر الشمس بالكسوف والقمر بالخسوف فهو قادرٌ أن يأمر غيرها من الآيات والكائنات المسخرة بأمره؛ بتغيير ما تكون عليه من حالٍ إلى حال، ولذلك يقول الله جل وعلا: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ [القصص:71-72].
فالله جل وعلا حينما يحدث آية من آياته ينبه العباد على أمرٍ عظيم، والتنبيه بالقليل فيه قدرةٌ على الكثير، وفيه بيانٌ بالكثير، إذ إن الله جل وعلا يوم أن خسف بالقمر، أو كسف بالشمس قادرٌ أن يجعل هذا القمر غائباً، وقادرٌ على أن يجعل هذه الشمس غائبةً آبادً ومدداً طويلة، وبعد ذلك من يأتينا بليلٍ نسكن فيه، أرأيتم لو أن الشهور والأعوام انقلبت علينا نهاراً جهاراً من يأتينا بليلٍ نسكن فيه؟!.
أرأيتم لو أن الله جعل الدهور والأعوام ليالي مظلمة، من يأتينا بضياء نستضيء به، وما الذي يجعل قدرات البشر الضعيفة، وقدراتهم المحدودة من الكهرباء وغيرها تستطيع أن تؤثر أو تغني ولو أدنى غنى في آية من آيات الله جل وعلا، والله سبحانه وتعالى قد نبه على ذلك صراحةً، ونبه على غيره من الآيات في مواقع عدة، يقول جل وعلا: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ [الملك:30] هذا الماء الذي جعل الله كل حيٍ منه: وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ [الأنبياء:30].
هذا الماء الذي منه الحياة بقدرة الله وإرادته لو شاء الله جعله غائراً فلم نستطع له طلباً، والله جل وعلا يوم أن سخر هذا الماء وقربه إلينا لتناله وسائلنا المحدودة، وقدراتنا الضعيفة إنما ذلك آية من آيات الله، ولكن أكثر الناس عن آيات الله معرضون.
إن العباد بأسبابهم الضعيفة لا يملكون إلا أن يشقوا الأرض، لا يملكون إلا أن يحرثوها ويضعوا البذور التي خلقها الله لهم بينها، ثم يفعلون الأسباب التي أمروا بها، وبعد ذلك يتكلون على الله جل وعلا، يتكلون عليه وحده لا شريك له ومن ثم يخرج لهم هذه الثمار اليانعة، تُسقى بماء واحد ويُفضل بعضها على بعضٍ في الأكل، تُسقى بماءٍ واحد وترون ألوانها وأنواعها مختلفةٍ ومتعددة: أَفَرَأَيْتُمْ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنْ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ * لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلا تَشْكُرُونَ * أَفَرَأَيْتُمْ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ * أَأَنْتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِئُونَ * نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعاً لِلْمُقْوِينَ * فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ [الواقعة:68-74] كلها آيات من الله جل وعلا، ولكن أين المتأثر وأين المعتبر؟ أين الذي يتأثر لرؤية الكسوف والخسوف؟
كان صلى الله عليه وسلم إذا رأى آية من آيات الله تغير لونه واصفر وجهه، وكان يقول: (اللهم سلم سلم) فأين العباد الذين يتجهون إلى بيوت ربهم ليصلوا وليدعوا حتى ينجلي ما بهم؟ إن الناس لفي غفلةٍ عظيمة، وأعظم دليلٍ على ذلك أنكم ترون الكسوف والخسوف ومع ذلك تجد أكثرهم أمام الشاشات، والملهيات، والطرب، والأغاني، والموسيقى، واللهو والمزاح، والضحك لا يلتفتون إلى آية من آيات الله جل وعلا فأي غفلةٍ بعد هذه، والله جل وعلا يقول: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا [السجدة:22]. هذه آية من آيات الله لو حدثت فهي تذكير، والآيات غيرها كثيرة: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ [السجدة:22] ويقول جل وعلا: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ [الكهف:57] لم يدر أن هذه الآية جاءت تخويفاً له فيما أحدثه من نظرات وخطراتٍ وربا وخروجٍ وتكشفٍ وسفورٍ وتبرجٍ وسبابٍ وشتيمةٍ وغيبةٍ في المجالس ونميمة، وغير ذلك من الفواحش والمعاصي، وغير ذلك من الآثام والذنوب ومع ذلك هم معرضون: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً [الكهف:57] لن يهتدوا إذاً أبداً، أولئك الغافلون عن آيات الله متى يلتفتون إلى العبادة؟ متى يدعون ويتضرعون؟ إذا حصلت الآية ولم يتضرعوا ولم يخشوا ولم يهابوا، إذا لم يهابوا في أوقات الشدة فمتى يلجئون إلى الله؟! أفي أوقات الغفلة والمرح والسرور، إن الذي غفل في أوقات الشدائد لغافلٌ في غيرها من الأوقات.
أسأل الله جل وعلا أن يمنّ علينا وعليكم بالذكرى والموعظة والعبرة، ألا وإن حدوث الغفلة هذه لآية عظيمة على ضعف الإيمان في القلوب ولكن نسأل الله جل وعلا أن يوقظنا من نومة الغافلين، ونسأله تعالى أن يمنّ علينا بتوبة إنه هو أرحم الراحمين.
ماذا فعل الله به؟ فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ [الذاريات:40] ويقول جل وعلا في شأن عاد: وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ الرِّيحَ الْعَقِيمَ * مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ * وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ * فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمْ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنظُرُونَ * فَمَا اسْتَطَاعُوا مِنْ قِيَامٍ وَمَا كَانُوا مُنتَصِرِينَ [الذاريات:41-45].
لو أراد الله أن يُحدث آية من آياته جل وعلا بنا، وهو أرحم بنا من أن يعذبنا، وهو أرحم بنا من أمهاتنا وآبائنا أيرده من ذلك شيء؟! لأننا مهما عبدناه لا يزيد ذلك في ملكه، وإنما نحن بحاجةٍ إلى عبادته، ولو عصيناه ما ضره ذلك شيء، يقول جل وعلا في الحديث القدسي الذي يرويه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه: (يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم اجتمعوا في صعيدٍ واحد، فسألوني وأعطيت كل سائلٍ مسألته، ما نقص ذلك من ملكي شيئاً، ولو أن أولكم وآخركم وجنكم وإنسكم كانوا على أتقى قلب رجلٍ منكم، ما زادني ذلك شيئاً، ولو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجلٍ واحدٍ منكم، ما نقص ذلك وما ضرني ذلك شيئاً) فالله جل وعلا غني عن العباد والله جل وعلا أيضا رءوف بالعباد.
وينبههم بأيسر الآيات وأهونها حتى إذا اعتبروا بهذه الآيات اليسيرة رفع الله عنهم العذاب، ورأى منهم التضرع والخضوع والانكسار بين يديه، ثم بعد ذلك ينزل عليهم رحمته.
أما إذا رأى منهم غفلةً مع الغافلين، ولهواً مع اللاهين، فإن الله جل وعلا لا يضره أن ينزل بهم بأسه، وجنود الله لا حد لها، يقول جل وعلا: وما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ [المدثر:31] لو شاء الله جل وعلا لسلط على العباد أهون شيءٍ بين أيديهم، إن الذي سلط الجراد والضفادع والطوفان والقمل والدم آيات مفصلاتٍ على أمم من الأمم؛ لقادرٌ أن يُسلطها علينا في هذا الزمان.
من يرد عنا بأس الله إن أراد بنا سواءً؟! فنسأله جل وعلا ألا يعذبنا بذنوبنا، إنه أرحم بنا من آبائنا وأمهاتنا، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين، اللهم إنا عبيدك بنو عبيدك نستغفرك ونتوب إليك، ونبوء بذنوبنا بين يديك، ونبوء بنعمتك علينا، فاغفر لنا، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، ربنا لا تعذبنا بما فعل السفهاء منا، ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، ربنا لا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا، ربنا لا تحملنا ما لا طاقة لنا به، واعف عنا واغفر لنا وارحمنا، نحن الضعفاء وأنت القوي، ونحن الفقراء وأنت الغني، ونحن الأذلاء بين يديك وأنت العزيز.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العلي العظيم الجليل لي ولكم، فاستغفروه من كل ذنبٍ، إنه هو الغفور الرحيم.
عباد الله! اتقوا الله تعالى حق التقوى، وتمسكوا بشريعة الإسلام، وعضوا بالنواجذ على العروة الوثقى، واعلموا أن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ في الدين ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار وعليكم بجماعة المسلمين فإن يد الله مع الجماعة ومن شذ شذ في النار.
عباد الله! كونوا على يقظةٍ في قلوبكم، كونوا على حذرٍ من أموركم، كونوا على بصيرةٍ مما ترون في ليلكم ونهاركم، إن البهائم والسوائم هي التي تأكل وتشرب وتُخرج غير ذلك ولا تلتفت لصباح أو مساء، تعلف وتنتظر جزارها.
أما أنتم معاشر العباد! فلقد خلقتم لحكمةٍ جليلة، ولغايةٍ فضيلة، خلقكم الله جل وعلا لعبادته ومن أجل ذلك سخر لكم ما لم يسخره لغيركم، وكرمكم: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ [الإسراء:70] وفضلكم على كثيرٍ من الأمم تفضيلا، وفضلكم على كثيرٍ من سائر مخلوقاته، وأنتم يا أمة هذه البلاد: قد فضلكم الله جل وعلا على كثيرٍ من الأمم تفضيلاً فوق غيركم.
فاحمدوا الله جل وعلا على نعمه عليكم، واعلموا أن الله جل وعلا لا فضل ولا قيمة لنسب أحدٍ عنده: (لا فضل لعربي على عجمي، ولا عجمي على عربي ولا أسود على أبيض ولا أبيض على أحمر إلا بالتقوى) إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات:13] ليست بمزية لكم من سائر الأمم، ولستم مفضلين على سائر الأمم.
إن المفضل عند الله من كان أتقى له، إنما المفضل عند الله والمقرب إلى جنابه والذي يفوز برحمته وثوابه هو من كان أتقى له وأخشى له، وأعبد وأكثر خضوعاً وانكساراً بين يديه جل وعلا، اعتبروا بالآيات الصغيرة قبل أن تأتي الآيات العظمى، اعتبروا بالآيات اليسيرة، وما هناك شيءٌ من آيات الله صغيرٌ أو يسير، إن جميع آيات الله عظيمة ولكنها تختلف في مراتبها، فاعتبروا بما هو أدنى تنبيهاً على ما هو أعلى، واتعظوا واعتبروا يا أولي الأبصار.
أسأل الله جل وعلا ألا يجعلنا وإياكم من الغافلين، اللهم آمنا في دورنا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفق إمام المسلمين، اللهم اهد إمام المسلمين، اللهم ارزقه البطانة الصالحة، اللهم قرب له من علمت فيه خيراً له ولأمته، وأبعد عنه من علمت فيه شراً له ولأمته.
اللهم احفظ ولاة أمورنا، ولا تُفرح عليهم عدواً، ولا تشمت بهم حاسداً، اللهم أدم عزك ونصرك لهم، اللهم لا تدع لأحدنا ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مبتلى إلا عافيته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا مأسوراً إلا فككت أسره، ولا حيران إلا دللته، ولا أيماً إلا زوجته برحمتك يا أرحم الراحمين: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56].
اللهم صل وسلم وزد وبارك على نبيك محمدٍ صاحب الوجه الأنور، والجبين الأزهر، وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء: أبي بكرٍ ، وعمر ، وعثمان ، وعلي وارض اللهم عن بقية العشرة وأهل الشجرة ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين وعنا معهم بعفوك ومنك وكرمك يا أرحم الراحمين.
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النحل:90] فاذكروا الله العلي العظيم الجليل الكريم يذكركم، واشكروه على آلائه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر