إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب [212]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    سبب تسمية سورة الإخلاص بهذا الاسم

    السؤال: لماذا سميت سورة قل هو الله أحد بسورة الإخلاص؟ وما وجه دلالتها واشتمالها على أنواع التوحيد الثلاثة؟

    الجواب: سورة الإخلاص هي قوله تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:1-4]، وسميت سورة الإخلاص لأمرين؛ الأمر الأول: أن الله أخلصها لنفسه، فليس فيها إلا الكلام عن الله سبحانه وتعالى وصفاته، والثاني: أنها تخلص قائلها من الشرك إذا قرأها معتقداً ما دلت عليه.

    ووجه كونها مشتملة على أنواع التوحيد الثلاثة؛ وهي: توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات، أما توحيد الألوهية ففي قوله: (قل هو الله). فهو الله، يعني: هو الإله المعبود حقاً الذي لا يستحق أن يعبد أحد سواه، فهذا هو توحيد الألوهية، وأما توحيد الربوبية والأسماء والصفات ففي قوله: اللَّهُ الصَّمَدُ [الإخلاص:2]، فإن قوله: اللَّهُ الصَّمَدُ [الإخلاص:2]، معناه الكامل في صفاته الذي تصمد إليه جميع مخلوقاته، فكماله في الصفات هو ما يتعلق بتوحيد الأسماء والصفات، وافتقار مخلوقاته كلها إليه وصمودها إليه يدل على أنه هو الرب الذي يقصد لدفع الشدائد والمكروهات، وحصول المطالب والحاجات.

    وفي قوله: (أحد). توحيد في الأمور الثلاثة، لأنه وحده سبحانه وتعالى هو المتصف بذلك، بالألوهية وبالصمدية سبحانه وتعالى، وفي قوله: لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ [الإخلاص:3]، رد على النصارى الذين قالوا: إن المسيح ابن الله، وعلى اليهود الذين قالوا: إن عزيراً ابن الله، وعلى المشركين الذين قالوا: إن الملائكة بنات الله، فهو سبحانه وتعالى لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد، وإنما قال: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:4] لكمال صفاته، لا أحد يكافؤه أو يماثله أو يساويه.

    1.   

    حكم ترك الأخذ بالأسباب

    السؤال: إذا كان قضاء الله وقدره سابقاً على إنسان بالسعادة أو الشقاوة، فما حكم تركه الأخذ بالأسباب والعمل؟

    الجواب: حكم ترك الأسباب والعمل سفه، لأن الله سبحانه وتعالى يقدر الأشياء بأسبابها، فلحكمته جل وعلا صار لكل شيء سبب، كل شيء يكون فإنه لابد له من سبب، إما معلوم لنا وإما مجهول لنا، وقد بين الله لنا أسباب السعادة وأسباب الشقاوة، وأمرنا بأن نعمل في أسباب السعادة، فقال جل وعلا: فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى [الليل:5-10] ولما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أصحابه أنه ما من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار، قالوا: أفلا ندع العمل ونتكل على الكتاب؟ فقال: ( اعملوا فكل ميسر لما خلق له)، ثم قرأ هذه الآية: فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى [الليل:5-10] ، فهذا ما دل عليه الشرع أنه لابد من الأخذ بالأسباب.

    وكذلك دل عليه العقل، فإن الإنسان لو قال: أنا لا أتزوج، ولكن إن كان الله قد كتب لي أولاداً فسيأتون، لعده الناس من أسفه السفهاء، وكذلك لو قال: أنا لن أسعى لطلب الرزق، وإذا قدر الله سبحانه وتعالى لي أن أشبع وأن أروى فيكون، لعد ذلك من أسف السفه، فلابد من فعل الأسباب، ولا يتم التوكل ولا الاعتماد إلا بامتثال أمر الله عز وجل، بفعل الأسباب النافعة التي تؤدي إلى المقصود.

    1.   

    أحكام سجدة التلاوة آخر السورة في الصلاة الجهرية وفي الصلاة السرية

    السؤال: إذا كان الإمام في الصلاة الجهرية وقرأ بعد سورة الفاتحة سورة يوجد في آخر آياتها سجدة للتلاوة، كسورة النجم أو العلق مثلاً، فهل يسجد للتلاوة ثم ينهض ويأتي بالركوع مباشرة، وباقي أركان الصلاة، أم لا يسجد للتلاوة في هذه الحالة؟ وكذلك ما الحكم في حالة قراءة الإمام بآية السجدة في الصلاة السرية، هل يسجد للتلاوة أم لا؟

    الجواب: أما السؤال الأول: وهو إذا كانت السجدة آخر قراءة الإمام، سواء كانت في آخر السورة أو في أثناء السورة، فإن الإمام إذا أتى على السجدة يسجد، يكبر فيسجد ويقول: سبحان ربي الأعلى، ويقول ما ورد، ثم يقوم بالتكبير، يكبر للنهوض من السجود، ثم يركع إذا شاء أن يركع، ويكبر للركوع.

    وقوله: إذا شاء أن يركع لأنه ربما إذا رفع من السجدة ربما يقرأ شيئاً من القرآن، ولا حرج عليه في ذلك، إنما إذا شاء ألا يقرأ وكبر للركوع وركع فلا حرج عليه في هذا.

    وأما قراءة الإمام سجدة في صلاة السر، فإن هذه المسألة ذهب بعض أهل العلم إلى أنه يكره له أن يقرأ سجدة في صلاة السر، وقال: لأنه إما أن يدع السجود، فيكون تاركاً لسنة، وإما أن يسجد والمأموم يلتبس عليه الأمر، حيث أنه لم يسمع قراءته، فيقع المأموم في حيرة، فلهذا قالوا: إنه يكره أن يقرأ سجدة في صلاة سر، ويكره أن يسجد فيها، وذهب بعض أهل العلم إلى أن ذلك ليس بمكروه، وأنه لا حرج أن يقرأ في صلاة السر بآية سجدة، وأن التشويش على المأموم يمكن أن يزول بجهره بقراءة السجدة عند الوصول إليها، وعلى هذا فلا حرج أن يقرأ آية سجدة في صلاة السر، وقد روي في ذلك حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قرأ في صلاة الظهر سورة (الم تنزيل) السجدة، ولا يحضرني الآن الحكم عليه بصحة أو ضعف.

    1.   

    صفة صلاة الخوف وبيان استمرار مشروعيتها

    السؤال: هناك رأي عن صلاة الخوف يقول: إنها كانت مشروعة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم خاصة؛ لقوله تعالى: وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ [النساء:102] الآية، وحكمة مشروعيتها في حياته صلى الله عليه وسلم أن ينال كل فريق فضيلة الصلاة خلفه صلى الله عليه وسلم، وهم كانوا حريصين على إدراك هذه الفضيلة، وقد ارتفع هذا الأمر بعده عليه الصلاة والسلام، لأن كل طائفة تتمكن من أداء الصلاة بإمام خاص، فلا يجوز أداؤها بصفة فيها ذهاب ومجيء ونحوهما مما يخالف صفة الصلاة في حال الأمن، فما هو القول الصحيح في هذا؟ وهل حضور العدو شرط في أداء صلاة الخوف، كما أرجو من فضيلتكم شرحاً موجزاً لصفة صلاتها؟

    الجواب: القول الصحيح في هذا أن صلاة الخوف لا زالت باقية إلى يوم القيامة، وذلك أن ما شرعه النبي صلى الله عليه وسلم فإنه باق ما بقيت أمته صلوات الله وسلامه عليه، ولو أردنا أن نخصص الأحكام في حياته بمثل هذه التعليلات لفتحنا باباً كبيراً ينسد به كثير من الأمور المشروعة، فالصواب أن صلاة الخوف باقية، ولهذا ما زال الخلفاء الراشدون ومن بعدهم من أئمة المسلمين يعملون بها من غير نكير.

    أما صفة صلاة الخوف؛ فإنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها ستة أوجه أو سبعة، وكلها جائزة حسب الحال التي تكون مناسبة في الحذر من العدو وتوقي شره، فمنها: أن يقسم الإمام الجيش قسمين، فيصلي بطائفة منهم ركعة، فإذا قام إلى الثانية أتموا لأنفسهم، ثم انصرفوا إلى تجاه العدو.

    مداخلة: هذان القسمان قسم يصلي وقسم يحرس؟

    الشيخ: إي نعم، ثم تأتي الطائفة الثانية التي كانت في نحر العدو فيصلون مع الإمام الركعة الثانية، لأن الإمام لم يزل باقياً واقفاً، فإذا صلوا معه الركعة الثانية وجلس للتشهد، قاموا هم قبل أن يسلم الإمام فأتوا بالركعة التي بقيت، ثم سلم الإمام بهم، فيكون الإمام في هذه الحال قد عدل بين الطائفتين؛ فالطائفة الأولى أدركت معه تكبيرة الإحرام، والطائفة الثانية أدركت معه التسليم، هذه صفة.

    والصفة الثانية: إذا كان العدو تجاه القبلة، أمامهم، فإنه يصف الجيش صفين في الصلاة، فيبدأ بهم الصلاة ويكبروا ويركع فيركعون جميعاً، فإذا سجد سجد معه الصف الأول، وبقي الصف الثاني قائمين في الحراسة، فإذا قام إلى الركعة الثانية سجد الصف المؤخر، ثم إذا قاموا تأخر الصف المقدم وتقدم الصف المؤخر، ثم فعل الصف المقدم كما فعل الصف المؤخر في الركعة الأولى، بمعنى أنهم يركعون جميعاً، فإذا سجدوا سجد الصف المقدم مع الإمام، وبقي الصف المؤخر قائماً، فإذا جلس الإمام للتشهد سجد الصف المؤخر، ثم جلس للتشهد وسلموا جميعاً، لكن هذه إنما تكون فيما إذا كان العدو أمامهم ولم يخشوا كميناً يأتي من ورائهم، فإن خشوا ذلك صلوا كالصفة الأولى. وهناك صفات أخرى مذكورة في كتب الفقه.

    مداخلة: لو صلت كل طائفة بإمام مستقل، هل في هذا شيء؟

    الشيخ: هذا خلاف المشروع، لأن الذي ينبغي أن يكون الناس على إمام واحد، كلما كانوا على إمام واحد فهو أجمع للكلمة، وأبقى للائتلاف.

    1.   

    حكم صلاة التسابيح

    السؤال: لقد ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم حديث لا أعلم مدى صحته في صلاة التسابيح، ووردت صفتها في عدة كتب موثوقة، في كتاب الأذكار للنووي وكتاب تاج الأصول وكتاب فقه السنة، فما مدى صحة هذه الأحاديث؟ وما مدى صحة هذه الصلاة؟ وما هي صفتها إن كانت مشروعة؟

    الجواب: هذه الصلاة ليست مشروعة، لأن الحديث الوارد فيها ضعيف كما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية ، وقال: إنه لم يستحبها أحد من الأئمة، وهو كما قال رحمه الله؛ لأن هذه الصلاة شاذة في طلبها وفي صفتها وهيئتها، أما في طلبها فإن الحديث المروي فيها أن الإنسان يصليها كل يوم، فإن لم يفعل ففي كل أسبوع، فإن لم يفعل ففي كل شهر، فإن لم يفعل ففي كل سنة، فإن لم يفعل ففي العمر مرة، ومثل هذه العبادة لو كانت من العبادات التي فيها مصلحة للقلب، ومرضاة للرب، لكانت مشروعة على وجه واحد لا على هذا التخيير المتباعد، فالذي نرى في هذه المسألة أن صلاة التسبيح ليست مشروعة، ولو ثبت الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام لكنا أول الناس يستجيبون له ويقولون به، وعلى كل حال من ثبت عنده هذا الحديث، فإنه لابد أن يقول: إنها مشروعة، ومن لم يثبت عنده فإنه يقول: إنها ليست مشروعة، والأصل عدم المشروعية حتى يتبين، لأن الأصل في العبادات الحظر إلا ما ثبت الدليل به.

    1.   

    العمل بالحديث الضعيف

    السؤال: إذا كان هناك حديث ضعيف عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فهل يجوز الأخذ به إذا لم يكن مخالفاً للقرآن؟

    الجواب: لا يجوز الأخذ بالحديث الضعيف، لأنه إذا أخذ الإنسان بحديث ضعيف فمعنى ذلك أنه نسب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ما لم يثبت عنه، وهذا على خطر عظيم، لكن رخص بعض أهل العلم في رواية الحديث الضعيف إذا كان في فضائل الأعمال، إلا أنهم اشترطوا لذلك ثلاثة شروط؛ الشرط الأول: ألا يكون الضعف شديداً، والشرط الثاني: أن يكون لهذا الحديث أصل، والشرط الثالث: ألا يعتقد أن الرسول صلى الله عليه وسلم قاله، ومعنى أن يكون له أصل، أن يكون هذا الحديث ورد في فضل صلاة الجماعة مثلاً، فهذا له أصل، مشروعية صلاة الجماعة ثابتة، فإذا جاء حديث ضعيف في فضلها والثناء على من فعلها، فبعض العلماء يرخص في روايته ونقله، ولكن بشرط ألا يعتقد أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله، أما لو كان دليلاً على إثبات حكم شرعي مستقل، فإنه لا يجوز روايته ولا نشره.

    1.   

    تشريح جثث الموتى من أجل دراسة الطب

    السؤال: ما حكم الإسلام في تشريح جثث الموتى من أجل الدراسة عليها، كما هو معمول به في كليات الطب الموجودة؟

    الجواب: لا شك أن الميت المسلم لا يجوز تشريحه، لأن حرمته ميتاً كحرمته حياً، كما ورد في حديث رواه أبو داود بإسناد صحيح، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( كسر عظم الميت ككسره حياً)، وهذا يدل على تحريم التعرض له بتشريح أو تكسير أو نحوه، أما من لا حرمة له، فهذا محل نظر، قد نقول: إنه محرم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التمثيل، قال: ( لا تمثلوا)، وقد نقول: إنه جائز، لأنه لا يقصد به التمثيل، وإنما يقصد به المصلحة، وفرق بين من يقصد التمثيل والتشفي، وبين من يقصد مصلحة بدون قصد التشفي، والله أعلم.

    1.   

    حكم الماء الذي خالطته قطرات غسل الجنابة

    السؤال: يقول: إذا كان إنسان يغتسل من الجنابة من إناء بقربه، وقد تسقط من جسمه قطرات من الماء في ذلك الإناء الذي يغترف منه، فهل تفسد طهارته أم لا؟

    الجواب: لا تفسد طهارته، إذا كان الإنسان يتوضأ أو يغتسل من إناء، وينزل من الماء إلى الإناء الذي يغترف منه، فإن هذا لا بأس به ولا حرج، لأن هذه القطرات ليست بنجسة حتى تنجس الماء، وإذا لم تكن نجسة فإن الماء يبقى على طهارته، والماء لا ينجس إلا إذا تغير بنجاسة، فأما إذا تغير بغير نجاسة كما لو تغير بشيء طاهر، وبقي على اسم الماء، فإنه يكون طهورا مطهراً.

    1.   

    الإفطار في أيام رمضان للمشقة المترتبة على الذهاب للمدرسة من أجل الامتحانات

    السؤال: في هذا العام تصادف أيام الامتحانات شهر رمضان المبارك والمدرسة تبعد عنا بمسافة مما يجعل الصيام يشق علينا أيام الامتحان، فهل يحل لنا الإفطار والقضاء بعد نهاية أيامه أم لا؟

    الجواب: نرى أنه لا يحل لك الإفطار، وأنه يجب أن تصوم، ولكن أحسن من هذا أن تعالج المشكلة بأن يكون الاختبار بالليل، فإذا كان الاختبار بالليل زال الإشكال وانتهت المشقة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756003652