إسلام ويب

تفسير سورة ص (3)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • يذكر الله هنا ما كان من قصة الخصمين اللذين دخلا على داود عليه السلام ليحكم بينهما في قضية الغنم، وما كان منه عليه السلام من الحكم لصاحب النعجة الواحدة دون سؤاله بينة على دعواه، وعدم سؤال خصمه أو طلب اليمين منه، فلما تبين لداود عليه السلام ما وقع فيه من الخطأ استغفر ربه وتاب إليه فغفر الله له ووعده بحسن المآب.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب)

    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ،ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ * إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ * قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ * فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ [ص:21-25].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! لولا أن محمداً رسول الله وإلا لما حدث عن داود وبينه وبينه آلاف السنين، وهو أمي لا يقرأ ولا يكتب، ومثل هذه القصص تكفي في شهادة أن محمداً رسول الله.

    ومع هذا فالمكابرون والمعاندون إلى اليوم أبوا أن يؤمنوا بأنه رسول الله، ومن لم يشأ الله هدايته فلن يهتدي، ومن أراد الله ضلاله فسيضل، ولنستمع إلى هذه القصة:

    يقول تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم: وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ [ص:21]؟ أي: هل بلغك وجاءك هذا النبأ؟ ولولا أننا نوحيه إليك وننزله عليك في كتابنا ما عرفته، ومع ذلك يكذب برسالتك المكذبون، ويجحد بها الجاحدون. والخصم هنا المراد به: الخصمان، وهو اسم مفرد كالجمع فيه، فيكون بمعنى الخصوم والخصمان.

    وقوله: إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ [ص:21]، المحراب هو: عبارة عن بناية لداود كان يصلي فيها، ولا يهم كيف كان شكلها، وقد كان عليه السلام يجعل على باب محرابه حرساً؛ حتى يتفرغ للعبادة والذكر والطاعة، وإذا جاء وقت استقبال الناس والخصوم والحكم فتح الباب، ولكن في ساعة دخول الخصمين بالذات كان الباب مغلقاً والحرس من حوله، وإذا بملكين كريمين في صورة إنسانين من بني آدم بين يديه، فتعجب وقد دخلوا عليه من فوق السور.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (إذ دخلوا على داود ففزع منهم...)

    قال تعالى: إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُدَ [ص:22]، وداود عليه السلام هو أحد أنبياء ورسل بني إسرائيل، وهو أبو سليمان عليه السلام، وكلاهما نبي ورسول، وهما من أنبياء ورسل بني إسرائيل؛ وهم من أولاد يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم.

    وقوله: فَفَزِعَ مِنْهُمْ [ص:22]، أي: فخاف منهم حقاً؛ لكونه بشراً، وليس بملك، ولكونهما دخلا عليه ونزلا من السور وجلسا بين يديه، والحرس بالباب لم يشعروا بهما. وقد دخلا عليه قطعاً وهما في صورة رجلين، ولا غرابة؛ إذ جبريل في أكثر من مرة كان يأتي الرسول صلى الله عليه وسلم في صورة دحية بن خليفة الكلبي ، وكان من أجمل الرجال وأحسنهم، فلما شاهدوا فزعه وارتياعه قالوا: لا تخف، وهدءوه وسكّنوه، وأخبروه أنهم لم يأتوا لأذيته أو لإلحاق الضرر به.

    وقوله: لا تَخَفْ خَصْمَانِ [ص:22]، أي: أنا وأخي هذا في دين الله اختصمنا في قضية، فجئنا لتحكم بيننا وتُنهي خصومتنا، وأنت نبي الله ورسوله، والحاكم في هذه الديار.

    وقوله: بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ [ص:22]، أي: أحدنا ظلم الآخر وبغى عليه.

    وقوله: فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ [ص:22]، أي: ولا تمل عن الحق والعدل إلى الباطل والظلم، ولكن احكم بالحق، وهذا مما ابتلاه الله تعالى به؛ ليمتحنه، لأنه كان يقول في نفسه: لقد فاز إبراهيم وإسحاق ويعقوب بمنازل عالية عند الله، ولم نستطع نحن أن نصل إلى ما وصلوا إليه من المنازل، ولم يذكر أن إبراهيم أُمر بذبح ولده فذبحه وصبر، وأن يعقوب عليه السلام أُخذ منه ولده وثمرة كبده يوسف فصبر، فما منهم إلا وابتلي ببلاء عظيم، وأنت ما ابتليت بعد، ومع ذلك تريد أن تكون في مستواهم العالي، فشاء الله أن يمتحنه، فامتحنه بهذه القصة.

    وقوله: وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ [ص:22]، أي: إلى وسط الحق، فلا تأخذ حقي وتعطه له، ولا تأخذ حقه وتعطني إياه.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ...)

    قال تعالى: إِنَّ هَذَا أَخِي [ص:23]، أي: قال أحدهم: هذا أخي في الدين، لا في الأم والأب.

    وقوله: لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً [ص:23]، أي: مائة إلا واحدة، والنعاج معروفة، فهي الغنم، فيقال لإناث الغنم: نعاج.

    وقوله: وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ [ص:23]، أي: ولا أملك إلا نعجة واحدة فقط.

    وقوله: فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا ، أي: فقال: ضمها إلى نعاجي؛ لتصير مائة نعجة، فلا حاجة لك بها، ولن تنتفع منها وألح إليه، وذكر له أن من الخير أن يضم هذه النعجة إلى نعاجه بدل أن يرعاها، فهي شاة واحدة، فلا يتعب عليها.

    وقوله: وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ [ص:23]، أي: وغلبني في الصوت والبلاغة والبيان.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه...)

    قال تعالى عن داود عليه السلام: قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ [ص:24]، أي: لقد ظلمك بطلبه نعجتك إلى نعاجه؛ ليضمها إلى التسع والتسعين التي له، والظاهر هو هذا، ثم علل لذلك فقال: وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ [ص:24]، أي: وكثيراً ما يقع هذا بين الناس. والخلطاء هم: المختلطون في أموالهم وأعمالهم.

    وقوله: إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ [ص:24]، أي: هؤلاء هم المعصومون المحفوظون المنزهون المبرءون، الذين لا يقعون في المهاوي والمتالف والمهالك؛ لأن أنوار قلوبهم المتولدة من إيمانهم وصالح أعمالهم تمنعهم أن يقعوا في الباطل، وتصرفهم عن الوقوع فيما هو غير الحق، وَقَلِيلٌ مَا هُمْ [ص:24].

    وقوله: وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ ، أي: وأيقن، والظن هنا: بمعنى اليقين. فقد امتحنه الله واختبره في هذه الحادثة، فلم يحكم فيها حكماً شرعياً، والأصل كما قال علي بن أبي طالب : بأن البينة على المدعي واليمين على من أنكر. ولم يحكم داود عليه السلام بهذا الحكم، وكان ينبغي أن يقول لمن ادعى الدعوى: هات الدليل والبينة على صحة دعواك، فإن لم تكن له بينة طلب من الآخر اليمين على براءته منها؛ لأن البينة على المدعي واليمين على من أنكر. ففهم أنه امتحن بهذا الأمر كما امتحن إسحاق ويعقوب وإبراهيم.

    وقوله: فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ [ص:24]، أي: فاستغفر الله وخر راكعاً؛ لأن الركوع قبل السجود، فلا يسجد حتى يركع.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب)

    يقول تعالى مخبراً عن استجابته وتوبته على رسوله داود عليه السلام: فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ [ص:25]، أي: غفرنا له الحكم الذي لم يحكم فيه بالشرع.

    وقوله: وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى ، أي: لقربى وَحُسْنَ مَآبٍ [ص:25]، أي: مرجع، وهي الجنة دار السلام.

    وفي كتب التفسير والسنة أقاويل في معنى هذه الآيات، وجلها وأكثرها مروي عن بني إسرائيل، ومما هو شائع بينهم: أن داود عليه السلام كان في محرابه، وإذا بطائر من ذهب يقع في الكوة، فإذا مد يده إليه انتقل إلى كوة ثانية، وظل هكذا حتى رأى امرأة تغتسل وهي من أجمل النساء، وقد سترها شعرها لوفرته وطوله، فمن ثم أراد أن يتزوجها فسأل عنها، فقالوا: هي امرأة فلان، فسأل عن زوجها، فقيل له: هو في الجيش، وذكروا كلاماً طويلاً ينزه عنه الأنبياء والرسل، وأنه كان له تسعة وتسعين امرأة، وأراد أن يزيد المائة. والحكاية ذكرها ابن جرير الطبري في ثلاث أو أربع صفحات، ويجب أن ننزه أنبياء الله ورسله؛ لأنهم معصومون من الوقوع في الفواحش والمنكرات، والباطل والخبث؛ إذ لو كانوا يخبثون لكان الخبث سنة، يتبعهم الناس فيه، ولو كانوا يكذبون لكان الكذب سنة، ولو كانوا يزنون لكان الزنا سنة؛ لأننا مأمورون باتباع الأنبياء، ومن هنا عصمهم الله عصمة كاملة، وحفظهم حفظاً تاماً، فلا يرتكبون كبيرة من كبائر الذنوب أبداً، وما بينته لكم هو القول الصحيح، وهو أنه دخل عليه ملكان في صورة رجلين امتحنه الله بهما، فبدل أن يقول: البينة على المدعي واليمين على من أنكر انهزم، وقال: لقد ظلمك بسؤال نعجتك، كما هو الظاهر، فإن له تسعة وتسعين نعجة ومع ذلك يقول له: أعطني نعجتك.

    قال تعالى: وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ [ص:24]، أي: ولستما أنتما أول من أخطأ. وهنا ذكر ما قاله في قلبه بالأمس من أن فلاناً وفلاناً امتحنوا ونجحوا، وأنا ما امتحنت، فامتحنه الله فنجح.

    وقوله: وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ ، فهو طلب هذا وتمناه، فأيقن أن الله فتنه بهذه الحادثة. فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ ، أي: قال: أستغفر الله. وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ [ص:24]. وتذكر الروايات: أن الأرض أنبتت نباتات بدموعه. وهذه من المبالغات ومن الأشياء الكثيرة التي ذكروها بلا حد. ولكن استغفاره لربه وخوفه منه وبكاءه تضرعاً وتذللاً له حقيقة، فقد قال تعالى: وَخَرَّ رَاكِعًا ، أي: ساجداً لله، وَأَنَابَ [ص:24].

    قال تعالى: فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ [ص:25]، أي: الخطأ، وهو الحكم بغير ما هو حق. وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى [ص:25]، أي: لقربى، وفلان من المزلفين أي: من المقربين عندنا. وحسن المئاب هو: حسن المرجع، وهو الجنة دار النعيم. اللهم اجعلنا من أهلها.

    1.   

    قراءة في كتاب أيسر التفاسير

    هداية الآيات

    قال: [ هداية الآيات ] والآن مع هداية الآيات:

    [ من هداية هذه الآيات:

    أولاً: فائدة عرض مثل هذا القصص تقوية قلب الرسول صلى الله عليه وسلم، وتثبيت فؤاده، وحمله على الصبر ] وقد قال له المشركون: عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ [ص:16]. فبعد تلك المواجهة الصعبة الشديدة قص الله عليه هذه القصص؛ ليخفف من آلامه، ويريح نفسه، ويرفع درجته.

    [ ثانياً: تقرير نبوة النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ مثل هذا القصص لا يتأتى له قصة إلا بوحي إلهي ] وهذه الحقيقة هي التي بدأنا بها الكلام، من كون القصص يدل دلالة قطعية على أن محمداً رسول الله، ولو لم يكن رسول لما أمكنه أن يأتي بهذه القصص. وهو لم يعش مع بني إسرائيل ولا مع داود، وهو أمي لم يقرأ ولم يكتب، فدل هذا دلالة قطعية على أن محمداً رسول الله، ولهذا نشهد أن لا إله إلا الله، ونشهد أن محمداً رسول الله، وأكبر دليل على نبوته هو هذا، فمعجزات البني صلى الله عليه وسلم أكثر من ألف معجزة، ولكن المعجزة التي تنتهي في يوم وقوعها لا تعادل القرآن، فلقد انفلق القمر وانتهى انفلاقه، فقالوا: ما رأينا ذلك، ولكن القرآن معجزة دائمة، فهو كلام الله أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم. إذاً: مستحيل أن يكون غير رسول لله، ووالله إنه لرسول الله.

    [ ثالثاً: تقرير جواز تشكل الملائكة في صورة بني آدم ] وقد ذكرنا بأن جبريل جاء في صورة دحية بن خليفة الكلبي غير ما مرة.

    [ رابعاً: حرمة إصدار القاضي أو الحاكم الحكم قبل أن يسمع الدعوى من الخصمين معاً؛ إذ هذا محل الفتنة التي كانت لداود عليه السلام ] فالواجب على القاضي وعلى الحاكم ألا يصدر حكمه حتى يسمع من الطرفين، فيقول المدعي كذا وكذا، ويقول المدعى عليه كذا وكذا، ثم البينة على المدعي واليمين على من أنكر، ولكن داود سها وغفل؛ لأنه طلب هذه الفتنة، فأصدر حكمه قبل أن يسمع من الطرف الثاني، وقال: لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ [ص:24].

    [ خامساً: وجوب التوبة عند الوقوع في الذنب ] وهذه الحقيقة التي يجب أن نعيشها معشر المؤمنين والمؤمنات! فأينا يذنب ذنباً، أو يقع منه نظرة محرمة، أو تصدر منه كلمة باطلة، أو يأكل لقمة محرمة يجب أن يتوب، ويستغفر الله، وهكذا كلما أذنب ذنباً يستغفر الله ويتوب إليه. هذه هي سنة الأنبياء والمرسلين، ثم يعزم على ألا يعود لذلك الإثم أبداً ولا يقربه.

    [ سادساً: مشروعية السجود عند قراءة هذه الآية: وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ [ص:24] ] هذه السجدة ليست من السجدات المؤكدة، فمن شاء سجدها، ومن شاء لم يسجدها؛ لأن هذا السجود سجود توبة سجده داود عليه السلام، وما منا من أحد يرزق نعمة من النعم إلا ويخر ساجداً، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أخبر بهذا وسجد، فمن سجدها أجر عليها وأثيب، ومن لم يسجدها لا شيء عليه، ويبقى الحكم في السجدات الأخرى. فإذا سجد القارئ الذي كان يقرأ تعين علينا أن نسجد سواء في الإذاعة أو في حلقة علم، وهذا للمستمعين لا للسامعين، والمستمعون هم: الذين أصغوا يستمعون القرآن، فإن لم يسجد القارئ لم يسجدوا، وأما الذي يقرأ بنفسه كتاب الله وهو طاهر فعليه عندما تأتي عليه السجدة أن يخر ساجداً، لكن لو كانت الحلقة كبيرة بحيث لو سجد القارئ وسجد من في الحلقة لتأذى الناس وتضايقوا فلا باس بعدم السجود.

    وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755998076