إسلام ويب

المجاهرونللشيخ : محمد المنجد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • ما أعظم لباس الستر حين يستتر به المؤمن إذا وقع في ذنب! فهو لباس أسبغه الله على عباده المؤمنين؛ لكن بعض الناس يهتكون هذا اللباس ويمزقونه بعد أن سترهم الله عز وجل فحرموا العافية التي حلَّت بأهل الستر. وتتعدد أنواع المجاهرة بالمعاصي في عصرنا الحاضر حيث وسائل الاتصال بكل أنواعها، مع اتساع دائرة المعاصي والذنوب، ألا فليحذر العاقل من نقض عرى الستر، فإن أبى إلا نقضها فلا يستغرب إن وجد ردة فعل إزاء ما يجاهر به من كثير من الخلق، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه.

    1.   

    كل أمتي معافى إلا المجاهرين

    الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

    أما بعــد:

    فإن من سنة النبي صلى الله عليه وسلم ومن حديثه ننطلق ونأخذ النور، ومما وجهنا به عليه الصلاة والسلام في هذه المسألة العظيمة، التي هي من الأمور المهمة في حفظ مجتمع المسلمين، وصيانة دينهم وعفافهم، روى الإمام البخاري رحمه الله تعالى عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله فيقول: يا فلان! عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عليه).

    (كل أمتي معافى) من العافية، وأن الله سبحانه وتعالى يغفر الذنب ويقبل التوبة منه.

    (كل أمتي معافى إلا المجاهرين) فالمجاهرون بالمعاصي لا يعافون، الأمة يُعفى عن ذنوبها، لكن الفاسق المعلن لا يعافيه الله عز وجل، وقال بعض العلماء: إن المقصود بالحديث كل أمتي يُترَكون في الغيبة إلا المجاهرون، والعفو بمعنى الترك، والمجاهر: هو الذي أظهر معصيته وكشف ما ستر الله عليه فيحدث به.

    قال الإمام النووي رحمه الله: من جاهر بفسقه، أو بدعته، جاز ذكره بما جاهر به.

    هذه المجاهرة التي هي التحدث بالمعاصي، يجلس الرجل في مجلس كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ويقول: عملت البارحة -أقرب ليلة مضت- كذا وكذا، يتحدث بما فعل، ويكشف ما ستر، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها، فمن ألمَّ بشيء منها فليستتر بستر الله) رواه الحاكم ، وهو حديث صحيح.

    لماذا -أيها الإخوة- كل الأمة معافى إلا أهل المجاهرة؟!

    أولاً: لأن في الجهر بالمعصية استخفاف بمن عُصِي وهو الله عز وجل، واستخفاف بحق رسوله صلى الله عليه وسلم، واستخفاف بصالحي المؤمنين، وإظهار العناد لأهل الطاعة ولمبدأ الطاعة، والمعاصي تذل أهلها، وهذا يذل نفسه ويفضحها في الدنيا قبل الآخرة.

    المجاهرة لمصلحة راجحة

    عباد الله: إن المجاهرة بالمعصية والتبجح بها، بل والمفاخرة، قد صارت سمة من سمات بعض الناس في هذا الزمن، يفاخرون بالمعاصي، ويتباهون بها، وينبغي على الإنسان أن يتوب ويستتر، ولكن هؤلاء يجاهرون، قال النووي رحمه الله: يكره لمن ابتلي بمعصية أن يخبر غيره بها -يعني: ولو شخصاً واحداً- بل يقلع عنها ويندم، ويعزم ألا يعود، فإن أخبر بها شيخه الذي يعلمه، أو الذي يفتيه، أو نحوه من صديق عاقل صاحب دين مثلاً، يرجو بإخباره أن يعلمه مخرجاً منها، لقد أصيب الرجل بذنب أو وقع في ذنب، ويريد أن يسأل شخصاً ليعلمه كيف يتوب، وما هو المخرج من المعصية، ما هو الطريق لتركها، وكيفية التوبة، وما يجب عليه من جهة الأطراف الأخرى إن كان هناك أطراف أخرى في المعصية، ففي مثل هذه الحالة ما حكم الإخبار بالمعصية؟

    فإذا أخبر بها شيخة أو نحوه ممن يرجو بإخباره أن يعلمه مخرجاً منها، أو ما يسلم به من الوقوع في مثلها، أو يعرفه السبب الذي أوقعه فيها فهو حسن، وإنما يحرم الجهر حيث لا مصلحة؛ لأن المفسدة حينئذٍ ستكون واقعة، فالكشف المذموم هو الذي يقع على وجه المجاهرة والاستهزاء لا على وجه السؤال والاستفتاء، بدليل خبر الذي واقع امرأته في رمضان، فجاء فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم لكي يعلمه المخرج، ولم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم في إخباره.

    إمامة المجاهر بالذنب وعيادته

    عباد الله: إن المجاهرة بالمعاصي وإشاعتها والتباهي بها يحمل الناس الآخرين على التقليد والوقوع فيها، إن الشريعة لما شددت على المجاهرة بالمعصية كان ذلك لحكمة، والشارع يعلم أن المجاهر يدعو غيره، ويجذبه، ويزين له ويغريه، ولذلك كانت المجاهرة بالمعصية أمر خطير جداً، وقد ذكر العلماء إجراءات متعددة في الفتاوى والأحكام بشأن المجاهر، فنصوا على كراهية الصلاة خلف الفاسق عموماً ما دام فسقه لا يكفر، فالصلاة صحيحة لكنه لا ينال ثواب من صلى خلف الإمام التقي، وقال بعضهم: بإعادة الصلاة خلف من جاهر بالمعصية.

    وسُئل ابن أبي زيد رحمه الله: عمن يعمل المعاصي هل يكون إماماً؟

    فأجاب: أما المصر المجاهر فلا يمكن أن يكون إماماً، ولا يجعل إماماً، ولا يُمَكّن من ذلك، ويطالب بتغييره، ويُرفع أمره؛ لأنه منصبٌ قيادي يؤم فيه المسلمين، فكيف يؤمهم ويتقدمهم ثم يكون مجاهراً بمعصية؟!

    وسئل عمن يعرف منه الكذب العظيم، أو القتَّات النمام الذي ينقل الأخبار للإفساد بين الناس، هل تجوز إمامته؟ فأجاب: لا يصلى خلف المشهور بالكذب، والقتات، والمعلن بالكبائر، مع صحة الصلاة أي: أنها لا تعاد، ولكن يكره الصلاة وراء هذا الرجل، أما من تكون منه الهفوة والزلة فلا تُتبع عورات المسلمين. وقال مالك رحمه الله: من هذا الذي ليس فيه شيء، كل إنسان يعصي، وقال مالك مردفاً: وليس المصر والمجاهر كغيره، المصيبة في المصر والمجاهر، هذا في مسألة إمامته.

    وماذا عن عيادته إذا مرض؟

    وعيادة المريض المسلم أجرها عظيم، ومن حق المسلم على المسلم، لكن العلماء قالوا: لا يعاد المجاهر بالمعصية إذا مرض؛ لأجل أن يرتدع ويتوب ويرتدع غيره ممن يمكن أن يقع في المعصية، وإذا عاده من يدعوه إلى الله وينصحه فهو حسن لأجل دعوته، أما إذا لم تكن هناك مصلحة شرعية فلا يعاد زجراً له ولأمثاله.

    الصلاة على المجاهر وحكم إجابة دعوة الوليمة

    وماذا عن الصلاة عليه؟

    لقد ذكر أهل العلم رحمهم الله في هذه المسألة المجاهر بالمعصية إذا مات، فإنه لا يصلي عليه الإمام ولا أهل الفضل؛ زجراً له ولأمثاله، وردعاً لمن يقع في هذا، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ينبغي لأهل الخير أن يهجروا المظهر للمنكر ميتاً إذا كان فيه كف لأمثاله، فيتركون تشييع جنازته.

    فمن جاهر بشيء فمات مصراً مجاهراً، يترك أهل الفضل والخير الصلاة عليه، ويصلي عليه عامة الناس ما دام مسلماً لم يخرج من الإسلام.

    وماذا بالنسبة للستر عليه؟ وما حكم غيبته؟

    يندب الستر على المسلم عموماً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة) فإذا علمت عن مسلم ذنباً فاستره، وخصوصاً إذا كان ممن ينسب لأهل الدين، والطعن فيه طعن في الإسلام، والعيب عليه عيب في أهل الإسلام، لكن المجاهر بالمعصية له شأن آخر، قال العلماء: وأما المجاهر والمتهتك فيستحب أن لا يستر عليه، بل يظهر حاله إلى الناس حتى يجتنبوه، وينبغي رفع أمره للقاضي حتى يقيم عليه ما يستحقه؛ لأن ستر مثل هذا الرجل أو المرأة يطمعه في مزيد من الأذى والمعصية، وإذا كانت غيبة المسلمين حراماً فإن هذا الرجل قد أباح للناس أن يتكلموا في شأنه بمجاهرته، فأجاز العلماء غيبة المجاهر بفسقه أو بدعته؛ كالمجاهر بشرب الخمر وغيره، كما قال الإمام أحمد رحمه الله: إذا كان الرجل معلناً بفسقه فليس له غيبة، لكنَّ النووي رحمه الله أشار إلى أن غيبته فيما جاهر فيه فقط، ويهتك فيما جاهر فيه، ويحذر الناس من شأنه.

    وأما هجره فإذا كان يرتدع به فيجب الهجر، وذلك بالمقاطعة وعدم الكلام، وعدم الزيارة، وعدم السلام عليه، قال الإمام أحمد رحمه الله: ليس لمن يسكر ويقارف شيئاً من الفواحش حرمة ولا صلة إذا كان معلناً مكاشفاً.

    إن قضية المجاهرة حساسة جداً في الشريعة أيها الإخوة!

    وماذا عن وليمته؟ ودعوته للعرس والنكاح؟

    إن إجابة الوليمة واجبة بنص حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله) هذا في العموم، أما المجاهر فلا تجاب دعوته للعرس والنكاح، ولا تؤتى وليمته ما دام مجاهراً.

    من ابتلي بمعصية فليستتر

    أيها المسلمون: (إن الله حيي ستير يحب الحياء والستر) إنه سبحانه وتعالى يحب الستر، فيجب على من ابتلي بمعصية أن يستتر، ويجب عدم فضحه، فإذا جاهر فقد هتك الستر الذي ستره به الستير وهو الله عز وجل، وأحل للناس عرضه، وقد أجمع العلماء على أن من اطلع على عيب أو ذنب لمؤمن ممن لم يعرف بالشر والأذى، ولم يشتهر بالفساد، ولم يكن داعياً إليه، وإنما يعمله متخوفاً متخفياً؛ أنه لا يجوز فضحه، ولا كشفه للعامة ولا للخاصة، ولا يرفع أمره إلى القاضي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حثَّ على ستر عورة المسلم وحذَّر من تتبع زلاته : (من ستر عورة أخيه المسلم ستر الله عورته يوم القيامة، ومن كشف عورة أخيه المسلم كشف الله عورته، حتى يفضحه الله بها في بيته) رواه ابن ماجة وصححه في صحيح الجامع.

    ولأن كشف هذه العورات والعيوب، والتحدث بما وقع من هذا المؤمن أو المسلم قد يؤدي إلى غيبة محرمة، وإشاعةٍ للفاحشة وترويج لها، المؤمن يُستر ويُنصح، والفاجر يُهتك ويُعيرَّ، كما قال الفضيل رحمه الله.

    أما من عُرِف بالأذى والفساد، والمجاهرة بالفسق، وعدم المبالاة بما يرتكب، ولا يكترث بما يقال عنه، فيندب كشف حاله للناس، وإشاعة أمره بينهم؛ ليحذروا منه، ويرفع أمره إلى القاضي ما لم يخش مفسدة أكبر؛ لأن الستر على هذا يطمعه في الإيذاء، ومزيدٍ من الفساد، وانتهاك الحرمات، والتجاسر على المعصية، هذا في المعاصي التي وقعت في الماضي، أما من رأى إنساناً يرتكب معصية فيجب عليه أن يُنكِر عليه ولا يقول: أستره؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) واستثنى العلماء مسألة جرح الرواة؛ لأجل سنة النبي عليه الصلاة والسلام، ويجرح الشهود عند القاضي إذا كانوا من المجروحين لحفظ الحقوق، وكذلك من أراد أن يتولى صدقات أو أوقافاً، أو أموال أيتام، أو نحو ذلك، لا يحل الستر عليهم عندئذٍ، وإنما يخبر بأمرهم القاضي؛ لأن المسألة تتعلق بها حقوق لمسلمين، أو لعامة المسلمين.

    وينبغي على الإنسان المسلم إذا وقعت منه هفوة أو زلة أن يستر على نفسه، ويتوب بينه وبين الله عز وجل، ولا يستحب له رفع أمره إلى القاضي، ولا يكشف شأنه لأحد كائناً من كان إلا في مثل الأمثلة التي تقدمت في الاستفتاء والاستنصاح.

    الستر لأجل ألا تشيع الفاحشة، ولأجل ألا يعم ذكرها في المجتمع، ولأجل أن تكبت أخبارها؛ لأن نشر أخبارها يجذب إليها، ولذلك فإن من الآثمين إثماً عظيماً الذين ينشرون أخبار الخنا، والفجور، والخلاعة، والمجون، والحفلات المختلطة، والغناء ونحو ذلك على الملأ؛ لأنهم يريدون إشاعة الفاحشة في المجتمع المسلم: (اجتنبوا هذه القاذورات، فمن ألمَّ فليستتر بستر الله، وليتب إلى الله، فإن من يبدي لنا صفحته نقم عليه كتاب الله) حديث صحيح رواه الحاكم وصححه، ووافقه الذهبي وغيره.

    أيها المسلمون: إن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاءه رجلٌ يقول: أصبتُ حداً فأقمه عليَّ -والمعصية حصلت خفيةً- أعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإن فيه إرشاداً إلى عدم استحباب طلب إقامة الحد، وأن من وقع في شيءٍ تكفيه التوبة فيما بينه وبين الله عز وجل. اللهم إنا نسألك أن تتوب علينا، وأن ترحمنا، وأن تغفر لنا، وأن تسترنا بسترك الجميل في الدنيا والآخرة، وأن تصفح عنا الصفح الجزيل.

    أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.

    1.   

    الأصل الستر وإنما الجهر لمصلحة

    الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، أشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين، وأشهد أن محمداً رسول الله البشير النذير والسراج المنير، والنبي الأمين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى أزواجه وذريته الطيبين الطاهرين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    عباد الله: إن مما ينبغي حفظه ما يحصل بين الزوجين، وتفاصيل ما يقع حال الجماع وقبله من مقدماته، إلى غير ذلك من الأسرار البيتية، قال صلى الله عليه وسلم: (إن من شر الناس عند الله منزلةً يوم القيامة: الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها) أخرجه مسلم ، وقال صلى الله عليه وسلم وقد أقبل على صف الرجال بعد الصلاة: (هل منكم إذا أتى على أهله أغلق بابه وأرخى ستره، ثم يخرج فيحدث فيقول: فعلت بأهلي كذا وكذا، فسكتوا، فأقبل على النساء فقال: هل فيكن من تحدث؟ فقالت فتاة منهنَّ: والله إنهم ليحدثون وإنهنَّ ليحدثن، فقال: هل تدرون ما مثل من فعل ذلك؟ إنَّ مثل من فعل ذلك مثل شيطان وشيطانة لقي أحدهما صاحبه بالسكة -أي في وسط الطريق- فقضى حاجته منها والناس ينظرون) أخرجه أحمد ، وهو حديث حسن.

    عباد الله: إن الله يحب الستر ويكره التحدث بالكلام الفاحش، وإن مما يقع بين الرجل وامرأته مع أنه بالحلال لكن لأنه خنا فإنه لا يتحدث به، لا يتحدث بأي شيءٍ يثير الشهوات، حتى مجرد ذكر الوقاع أنه قد حصل دون تفصيلٍ، إذا لم يكن له حاجة كرهه العلماء وعدوه من خوارم المروءة، حتى مجرد أن يخبر أنه قد حصل بينه وبين أهله شيء لغير مصلحة شرعية فهو مكروهٍ؛ لأنه من خوارم المروءة.

    عباد الله: إنَّ الطبيب وغيره ممن يطلعون على بعض أسرار الناس لا يحل له أن يفشي ذلك، إلا إذا كانت هناك مَضرَّةٌ على المسلمين، فإنه يُبلَّغ بها حتى لا تقع المضرَّةُ على المسلمين، وقال العلماء: إن الإنسان إذا اطلع على شيءٍ فيه ضررٌ على أحد بلَّغه بالتحذير العام، ولا يتكلم عن الشخص إذا كان ذلك كافياً، فيقول له: انتبه واحذر! وهناك من يريد إيقاع الشر بك، ونحو ذلك، فإذا لم يكن كفُّ الشر ممكناً إلا بالإبلاغ عن هذا الشخص وجب الإبلاغ عنه، ويجب الإبلاغ عن كل من يحدث شيئاً فيه ضررٌ على المسلمين، كالذين يعملون أوكار الفجور والدعارة، وتوزيع المخدرات ونحو ذلك، يجب الإبلاغ عن هؤلاء وعدم الستر عليهم؛ لأن في ذلك مصلحة المجتمع المسلم.

    صور من المجاهرة

    عباد الله: انظروا إلى من حولكم من الناس كيف صارت المجاهرة بالمعاصي عندهم شيئاً عادياً، كل من يعلق صورةً محرمةً تعليقاً يظهر للناس، أو يلصق على سيارته عبارةً بذيئة وهو يعلم معناها، أو يشرب شيئاً من المحرمات شفطاً، وأخذاً لدخانه وسحباً، أو من السوائل التي يدخلها إلى جوفه أمام الناس فهو مجاهر بالمعصية، فلا تستغرب إذا رأيت من أهل الخير من مر بمدخنٍ فلم يسلم عليه، ثم مر به وهو لا يدخن فسلم عليه؛ لأن ذلك من فقه معاملة من يجاهر.

    كيف جاهر الناس برفع أطباق استقبال موجات الشر وبثها في بيوت المسلمين، حتى صارت كالأعلام ترفرف فوق البيوت؟!

    كيف يجاهر بعض الناس برفع أصوات الغناء عند الإشارات وزجاج باب السيارة منخفض فينشر الفسق؟!

    كيف بمن يجلس على الشاطئ، أو الرصيف، أو غيره فيعزف، وبعضهم يرقصون أمام الغادي والآتي؟!

    وهذه المرأة المتهتكة التي تنزل إلى السوق والشارع متبرجةً متعطرةً كاشفةً عن الأقدام والسيقان، وعن الشعر وغيره؛ تمشي أمام الناس مجاهرةً بالفسق والمعصية.

    كيف صار حال بعض الناس في المجاهرة بالفسق والمعاصي في الدعايات التي ينشرونها على الملأ وفيها فجورٌ، أو دعوةٌ لفجورٍ، أو دعوة لحفلة غناء، أو اختلاط، أو قمار، أو ميسر في معاملات تجارية يُجهر بها على الملأ؟!

    لقد صارت مسألة المجاهرة من المسائل العظيمة أيها الإخوة، ولذلك تجب النصيحة، ويجب القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لماذا النهي عن المنكر واجب؟ ومحاربة المنكر لمكافحة المجاهرة، وبالدرجة الأولى الذي يجهر بالمعصية أمام الناس.كم وكم من الناس قد وقعوا في المجاهرة، وحديث النبي صلى الله عليه وسلم خطير: ( كل أمتي معافى إلا المجاهرين ) أي: فلا معافاة لهم، نفى المعافاة عنهم، ومن نفيت عنه المعافاة فكيف سيكون حاله؟! نسأل الله السلامة والعافية.

    اللهم إنا نسألك أن تطهر مجتمعاتنا من المنكرات، وأن تطهر بيوتنا من المعاصي والآثام.

    اللهم إنا نسألك أن تجعلنا من عبادك الأتقياء الأخفياء، الذين يخشون في السر والعلن، ويخافون أن تطلع على حال هم فيه على معصية.

    اللهم طهر قلوبنا من الشرك، والرياء ؛ والكبر، والغرور.

    اللهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.

    وقوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    الأكثر استماعا لهذا الشهر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756382390