إسلام ويب

رسالة العبودية [5]للشيخ : عبد الرحيم السلمي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • يتفاضل العباد بإيمانهم بالله عز وجل وتقواهم، وكلما عمل الإنسان صالحاً وصبر، ورضي بقضاء الله وقدره، وتوجه بعبوديته كاملة إلى الله ولم يسأل أحداً من الخلق، ولم يحتج إليهم، زاد إيمانه وعلا قدره عند ربه سبحانه، فالتعلق بمحبة الله عز وجل والتوكل عليه يورث العبد الطمأنينة والاستقرار النفسي في حياته.

    1.   

    قوادح في العبودية

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    في الدرس الماضي انتهينا من الكلام حول الطوائف التي اشتغلت بشهود الحقيقة الكونية عن الحقيقة الشرعية، وما ترتب على هذا الشهود عندهم من عقائد تتفاوت ما بين الغلو المطلق، وما بين الاشتغال بما لا يعني ولا يفيد وبينهما درجات متفاوتة، ثم أكملنا الحديث حول الحقيقة الشرعية للعبودية، وأنها مبنية على أصلين: على ألا يعبد إلا الله، وعلى ألا يعبده إلا بما شرع الله سبحانه وتعالى.

    فيتحقق بهذا الإخلاص والتوحيد، ويتحقق به أيضاً متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم، والأول: هو تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله، والثاني: هو تحقيق شهادة أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهناك قوادح تلحق بالعبودية، وهذه القوادح وهذا الخلل الذي يحصل في العبودية ليس على درجة واحدة، وإنما هو بشكل متنوع ومتفاوت، فمن القدح في العبودية ما يكون بعبادة غير الله عز وجل، ويكون شركاً أكبر مخرجاً عن الملة، مثل: الذبح لغير الله، والاستغاثة بغير الله، ومثل: التوكل على غير الله، فيما لا يقدر عليه إلا الله.

    وهذه الأنواع من الشرك الأكبر يجمعها عبادة غير الله سبحانه وتعالى، وفي كل نوع من هذه الأنواع ضوابط دقيقة ينبغي على طالب العلم أن يتعلمها، وربما تذكر عادة في شرح كتاب التوحيد؛ لأنه اعتنى بها تفصيلاً، واعتنى بما يلحقها من الشرك الأكبر والأصغر تفصيلاً، فمثلاً: دعاء غير الله سبحانه وتعالى إذا كان فيما لا يقدر عليه إلا الله سبحانه وتعالى، فإنه يكون شركاً أكبر.

    أما إذا كان فيما يقدر عليه المخلوق، فهذا يأتي في السؤال الذي تحدث عنه ابن تيمية في هذا الكتاب بالذات العبودية، وأن الأصل في سؤال الناس هو: التحريم، إلا أنه أبيح للحاجة، ولهذا يستحب أهل العلم أن لا يسأل الإنسان إلا لحاجة، وأنه ينبغي له أن يؤدي العمل بنفسه، وهكذا كان الصحابة، كان إذا سقط سوط أحدهم فإنه ينزل ويأخذه ولا يقول لأحد: ناولنيه، وهذا لا يعني أن سؤال الخلق فيما يقدرون عليه محرم، بل إذا كان فيما يقدر عليه الإنسان فهو ليس بمحرم، لكن من دقائق العبودية أن الإنسان لا يسأل في ما يقدر عليه الخلق، وإنما يعتمد فيه على الله عز وجل، ويبذل السبب الذي يكون أداؤه بنفسه.

    فالضابط في دعاء غير الله، وفي الاستغاثة بغير الله هو: أن يكون فيما لا يقدر عليه إلا الله، مثل: مغفرة الذنب، والرزق، ودخول الجنة، والعتق من النار، ونحو ذلك من أنواع الأعمال التي لا يقدر عليها إلا الله سبحانه وتعالى، فمن سألها غير الله عز وجل، فقد وقع في الشرك الأكبر.

    وكذلك الحال في الذبح له ضابط، فليس كل أنواع الذبح يكون شركاً أكبر، فالذبح إذا كان للضيف، أو زاره زائر وذبح له من أجل أن يأكل فهذا ليس فيه شيء، إذا كان الإنسان يذكر اسم الله عز وجل على الذبيحة، لكن الذبح الذي يكون شركاً أكبر هو: الذبح الذي يفعله العبد للتعبد والتقرب لغير الله تعالى، فمثلاً لو أنه جاء إلى قبر ولي أو نبي، فذبح عنده بقصد التقرب لهذا النبي وهذا الولي، فقد وقع في الشرك الأكبر.

    وهكذا الحال في سائر أنواع العبادات، لها ضوابط دقيقة تحدد النوع الذي يكون عبادة من هذا العمل، والنوع الذي لا يكون عبادة، فالذي يكون عبادة يجب أن يصرف لله عز وجل، والذي لا يكون من العبادات فإنه يجوز للإنسان أن يتعاون مع الخلق في ذلك، والأصل في ذلك قول الله عز وجل: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2].

    قوادح في العبودية لا تصل إلى الشرك الأكبر

    وهناك قوادح في العبودية لكنها دقيقة لا تصل إلى الشرك الأكبر، فهي تنقص قدر العابد، لكنها لا تخرجه عن دائرة الإسلام، ويكون هذا غالباً في تعلق القلب بغير الله عز وجل تعلقاً لا يوصله إلى الشرك الأكبر، فإذا صار وسيلة إلى الشرك الأكبر، صار من الشرك الأصغر، كما هو ضابط الشرك الأصغر عند العلماء، أو إذا كان العمل يوصل إلى الشرك الأكبر ووصف في الشرع بأنه شرك، ولم يصل إلى درجة الخروج من دائرة الإسلام، فإنه يعتبر شركاً أصغر.

    أما ما كان دون ذلك من تعلقات القلب، كالتعلق بالطبيب أو بالوظيفة أو بالزوجة، أو بأي عرض من أعراض الدنيا، هذا التعلق لا يخلو من حالات، فإن رده عن طاعة الله عز وجل، أو دفعه إلى معصية الله عز وجل، فإن هذا من الشرك والعياذ بالله.

    وإن لم يصل إلى ذلك وإنما هو تعلق قلبي وافتقار قلبي فهو بحسبه وبقدره، لكنه ينقص قدر صاحبه ولا يكون عنده تمام التوحيد، ولهذا في قصة السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، منهم الذين لا يسترقون، ومعنى يسترقون يعني: يطلبون الرقية، فإن الألف والسين والتاء إذا جاءت تدل على الطلب، فمعنى استغفار: طلب المغفرة، واستغفر أي:طلب المغفرة، واستعان أي: طلب العون، واستغاث أي: طلب الغوث.

    فالاسترقاء معناها: طلب الرقية، وإنما نقص قدر المسترقي عن درجة السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب؛ بسبب الحاجة التي تحصل عندما يطلب من غيره الرقية، خصوصاً في حالة المرض، فالإنسان في حالة المرض يكون تعلقه بالدواء، وتعلقه بمن يعتقد عنده دواء، بالذات إذا كان فيه أمر غيبي مثل: حالة القارئ فإنه ليس مثل العقاقير، أو العمليات التي تجرى، بل لها أسباب مادية ملاحظة.

    أما بالنسبة للقراءة والرقية فإنها في الغالب تعتمد على أمر غيبي وهو: توفيق الله عز وجل واستجابته للدعاء، وكذلك الأمور الطبيعية والأسباب كما سبق أن ذكرنا فيها قاعدة، وهي أن الأسباب لا تؤثر في المسببات إلا بشروط، منها: أن يكون هذا السبب سبباً حقيقياً سواءً كان طبيعياً أو شرعياً، ومنها أيضاً: أن يشاء الله عز وجل أن يؤثر هذا السبب، فإن لم يشأ الله عز وجل أن يؤثر هذا السبب، فإنه لا يكون له تأثير في هذه الحالة.

    1.   

    تفاضل الناس في باب العبودية لله تعالى

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [فصل: إذا تبين ذلك فمعلوم أن الناس يتفاضلون في هذا الباب تفاضلاً عظيماً وهو تفاضلهم في حقيقة الإيمان].

    يعني: العبادة، والتوحيد يزيد وينقص، والناس يتفاضلون فيه وليسوا على نوع واحد، وهذا أمر مشاهد، فإن أهل العبادة ليسوا على نوع واحد، فمنهم من جاء بأصل التوحيد لكنه مفرط في الواجبات ويمارس المحرمات، فهذا يقال له: عبد الله بوجود أصل التوحيد عنده لكنه مفرط، وبعضهم قد يكون مقبلاً على الله عز وجل، مجتهداً في الذكر، مجتهداً في الصلاة، مجتهداً في الصدقة فيكون قد وصل إلى درجات عالية في العبادة وهذا أيضاً عابد لله.

    وهكذا التوحيد، وهكذا الإيمان، فالتوحيد، والإيمان، والعبادة تزيد وتنقص وهذا أمر مقربه عند أهل السنة.

    قال: [وهم ينقسمون فيه إلى عام وخاص، ولهذا كانت ربوبية الرب لهم فيها عموم وخصوص، ولهذا كان الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل].

    وبالنسبة للعموم والخصوص الذي أشار إليه شيخنا يعني: يوجد من أهل العبادة من يكون لهم خصوصية في العبادة، كأن يكون إنساناً عامياً بعيداً عن العلم الشرعي، بعيداً عن التعبد والصدقة، يكتفي بالإتيان بالصلاة، وبعض الأركان، وقد يكون عنده ممارسة لبعض المعاصي، فهذا ليس مثل الشخص المجتهد في العبادة، الذي لا يفارق الصف الأول، والذي يكثر من دعاء الله، ويبكي من خشية الله، فالنوع الثاني خاص، والأول عام.

    عبد الدينار والدرهم والدنيا ليس عبداً لله

    قال: [وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (تعس عبد الدرهم، تعس عبد الدينار، تعس عبد القطيفة، تعس عبد الخميصة، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش، إن أعطي رضي وإن منع سخط)، فسماه النبي صلى الله عليه وسلم: عبد الدرهم، وعبد الدينار، وعبد القطيفة، وعبد الخميصة، وذكر ما فيه دعاءً وخبراً، وهو قوله: (تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش)].

    قوله: (تعس)، هذا دعاء، (وانتكس)، هذا خبر.

    قال: [والنقش: إخراج الشوكة من الرجل، والمنقاش ما يخرج به الشوكة، وهذه حال من إذا أصابه شر لم يخرج منه، ولم يفلح لكونه تعس وانتكس، فلا نال المطلوب ولا خلص من المكروه، وهذه حال من عبد المال، وقد وصف ذلك بأنه إذا أعطي رضي وإذا منع سخط، كما قال تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ [التوبة:58].

    فرضاهم لغير الله، وسخطهم لغيرهم، وهكذا حال من كان متعلقاً برئاسة أو بصورة، ونحو ذلك من أهواء نفسه، إن حصل له رضي، وإن لم يحصل له سخط].

    وهكذا تعلق الناس اليوم بالدنيا فتجد كثيراً من الناس، إن أعطي مالاً رضي ومدح وأثنى، وإن منع من هذا المال سخط، وغضب.

    وأصبح المحرك لكثير من الأشخاص هو المال، ولهذا في كثير من بلاد المسلمين مع الأسف انتشر ما يسمى: بمظاهرات الخبز، وهم قوم يتظاهرون في بلدان للمسلمين؛ بسبب ارتفاع وغلاء الخبز، ولهم حق في أنهم يعترضون على غلاء الخبز؛ لأن هذا من الظلم، لكن أحياناً قد يكون البلد فيه عصيان كبير، وقد يصل إلى درجة الشرك، والحكم بغير ما أنزل الله، لكنهم لا يعترضون؛ لأن هذا ليس متعلقاً ببطونهم، وليس متعلقاً بالخبز الذي يأكلونه.

    وهذا يدل على أن كثيراً من الناس مع الأسف أصبح تعلقهم بالدنيا، إذا أعطي من هذه الدنيا رضي وفرح ومدح وأثنى، وإن لم يعط منها سخط وغضب، بينما الصحيح أن يكون المحرك الأساسي للإنسان هو: إرضاء الله عز وجل، والذي يسخطه هو: معصية الله عز وجل، حتى ولو كان يعطى من الدنيا الشيء الكثير.

    يذكر الذهبي في سير أعلام النبلاء في قصة أحد ملوك الأندلس الجبابرة، وكان ملكاً عظيماً وهو الحكم بن هشام بن عبد الرحمن الداخل ، ذكر الذهبي في ترجمته: أنه كان رجلاً ظلوماً غشوماً جباراً كان يخصي العبيد، ويتركهم عنده في بيته، وكان يأخذ من الأموال الشيء الكثير، وفي نفس الوقت كان قوياً على أهل الكفر، فعندما منعوا الجزية خرج لهم في معركة مشهورة سميت: سمورة، وجعلهم يدفعون الجزية وهم صاغرون أذلاء، والرجل كان قوياً، لكنه في الباطل وفي الحق، واتفق مجموعة من العلماء على عزله، وتولية ابن عمه.

    وهذا فيه درس في خطورة الفتن، وأن الفتن تجر مصائب على الأمة، فقد اجتمع أكثر من مائة من العلماء، منهم: يحيى بن يحيى الليثي راوية الموطأ المشهور، ومنهم طالوت وهو عالم من أقران الشافعي ، والأندلسي ، ومنهم علماء مشهورون، اجتمعوا مع ابن عمه وقالوا له: إنك ترى ما في هذا الرجل من الظلم والعدوان، ونحن نريد عزله ومبايعتك، فخانهم هذا الرجل، وذهب إلى الحكم بن هشام وأخبره بذلك، فقال له: قبحك الله! إنك جئت من أجل سفك دمي أو سفك دمائهم، فقال: أرسل معي من تثق به، فأرسل معه رجلاً واجتمعوا في مكان واحد، فكتب في الكتاب الذي معه حتى انتهى الرق من كثرة الأسماء التي يكتبها من الأعيان والعلماء والفضلاء.

    وقد كان في قرطبة في تلك الفترة أكثر من أربعة آلاف عالم كلهم يفتي، تخيلوا منطقة مثل قرطبة مدينة واحدة فيها أربعة آلاف عالم، وكل واحد منهم مفت يفتي الناس، وهذا دلالة على ازدهار العلم عندهم، فكيف بطلاب العلم وكيف بالصالحين وبالمحتسبين والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر؟ أعداد كبيرة جداً.

    الشاهد: يقول الذهبي : لما أراد الله عز وجل فناءهم، حصلت هذه الفتنة، فأرسل أكثر من مائة ألف وقتلوا أعداداً كبيرة جداً من هؤلاء العلماء، وفر من فر، وكرهه العامة، وهاجوا عليه وقتل منهم قتلاً ذريعاً بالآلاف وشرد الآلاف، وأخرجوا من ديارهم، هذا مختصر القصة، يمكن أن تراجعوها في سير أعلام النبلاء، الشاهد في هذا الموضوع: هو أن طالوت أحد هؤلاء العلماء اختفى عند رجل يهودي من يهود الأندلس سنة كاملة، وبعد سنة جاء إلى أحد وزراء الحاكم يقال له: أبو بسام ، فطلب منه أن يؤمنه عند هذا الحاكم، فذهب هذا الوزير إلى الحاكم وأخبره، وقال: عندي لك صيد سمين، قال: ما الأمر؟ قال: عندي طالوت ، قال: ائتني به، فجاء به وهو مكبل، ووقف بين يدي الحاكم، وبدأ الحاكم يعد المنن وقال: ألم أعطك؟ ألم تتوف أمك وخرجت معك إلى القبر وعزيتك؟ ألم يحصل مني كذا؟

    فلما أدرك الفقيه أنه لابد أن يكون صادقاً مع الله عز وجل قال له: لم يكن إحسانك لي في الدنيا أن يمنع بغضي لك؛ بسبب المعصية، فأطرق الحاكم فترة، ثم قال له: إن الذي كرهتني من أجله قد عفا عنك اليوم.

    فالشاهد أن هذا العالم مع إحسان هذا الحاكم له ومع عطائه الكثير إلا أن هذا العطاء لم يكن ليدفع هذا العالم أن يبعد هذه الكراهة لمعصيته لله سبحانه وتعالى، وهذا الحاكم حاكم عجيب يجمع أوصافاً متناقضة، قال لـطالوت : أين كنت؟ قال: كنت عند رجل يهودي سنة كاملة، قال: ثم اتصلت بـأبي بسام من أجل أن يشفع لي عندك، فنظر إلى الوزير وقال: يهودي يؤمنه سنة كاملة وتخونه، لا أستوزرك أبداً وطرده من الوزارة، وسمع اليهودي بهذا فأسلم.

    والشاهد من القصة في حديثنا الآن هو: أن هذا الرجل مع العطاء الكثير إلا أن هذا لم يمنعه من بغضه بسبب عصيانه لله سبحانه وتعالى، فالمفترض أن يكون محرك الإنسان دائماً هو: الله عز وجل، وطاعة الله عز وجل، وأن يكون محرك البغضاء بالنسبة لديه معصية الله سبحانه وتعالى.

    [فهذا عبد ما يهواه من ذلك وهو رقيق له، إذ الرق والعبودية في الحقيقة هو: رق القلب وعبوديته فما استرق القلب واستعبده فهو عبده، ولهذا يقال: العبد حر ما قنع، والحر عبد ما طمع، وقال القائل:

    أطعت مطامعي فاستعبدتني ولو أني قنعت لكنت حراً

    ويقال: الطمع غل في العنق، وقيد في الرجل، فإذا زال الغل من العنق زال القيد من الرجل، ويروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: الطمع فقر، واليأس غنى، وإن أحدكم إذا يأس من شيء استغنى عنه.

    وهذا أمر يجده الإنسان من نفسه، فإن الأمر الذي ييأس منه لا يطلبه، ولا يطمع به، ولا يبقى قلبه فقيراً إليه، ولا إلى من يفعله.

    وأما إذا طمع في أمر من الأمور ورجاه، فإن قلبه يتعلق به، فيصير فقيراً إلى حصوله، وإلى من يظن أنه سبب في حصوله، وهذا في المال والجاه والصور وغير ذلك، قال الخليل صلى الله عليه وسلم: فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [العنكبوت:17] ].

    يعني: هذا الكلام الذي مضى لـابن تيمية فيما يتعلق بالطمع من أعظم العلاجات النفسية التي تحصل لمرضى الحاجة لغير الله عز وجل، عندما يكون الإنسان متعلقاً بصورة مثلاً، فإذا أراد أن يعالج نفسه عليه أن يقنع وأن يبتعد عن هذه الصورة، فإذا كان متعلقاً بالرئاسة، ويريد أن يصل إليها بأي أسلوب من الأساليب حتى ولو كان بمعصية الله عز وجل فعليه أن يقنع وأن يبتعد.

    فإن الإنسان إذا يئس من شيء أو ربى نفسه على أن ييأس مما في أيدي الناس، وعلى ألا يفكر فيما عند الناس، فإنه بإذن الله عز وجل يحصل له التعلق بالله سبحانه وتعالى، ويبتعد غاية البعد عن التعلق بما في أيدي الناس.

    الفرق بين من طلب رزقه من الله وبين من طلبه من مخلوق في باب العبودية

    قال: [فالعبد لا بد له من رزق وهو محتاج إلى ذلك، فإذا طلب رزقه من الله، صار عبداً لله فقيراً إليه، وإذا طلبه من مخلوق، صار عبداً لذلك المخلوق فقيراً إليه.

    ولهذا كانت مسألة المخلوق محرمة في الأصل، وإنما أبيحت للضرورة، وفي النهي عنها أحاديث كثيرة في الصحاح، وفي السنن، والمسانيد كقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تزال المسألة بأحدكم حتى يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة من لحم)].

    قال: [وقوله: (من سأل الناس وله ما يغنيه، جاءت مسألته يوم القيامة خدوشاً -أو خموشاً أو كدوشاً- في وجهه)، وقوله: (لا تحل المسألة إلا لذي غرم مفظع أو دم موجع، أو فقر مدقع)، وهذا المعنى في الصحيح].

    هذا الحديث ورد في قصة الأنصاري الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله قال: (ما عندك في بيتك؟ قال: حلس)، وذكر شيئاً آخر، قال: (ائت به)، فجاء به فباعه النبي صلى الله عليه وسلم بدرهمين ثم أخذ الدرهمين وقال: (اشتر بواحد طعاماً، واشتر بالثاني فأساً، وائتني به فجاءه، فقال: اذهب واحتطب وبع، فإن هذا خير لك)، ثم قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تحل المسألة إلا لذي غرم مفظع، أو دم موجع، أو فقر مدقع).

    وجاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا صدقة لغني ولا لذي مرة سوي)، وذي المرة يعني: القوة، فإذا كان الإنسان قوياً، فعليه أن يشتغل وأن يبذل وأن يعمل، والفقر في حد ذاته ليس عيباً، كما أن الغنى في حد ذاته ليس مدحاً، المدح والذم إنما يكون على الصفات الاختيارية التي يفعلها الإنسان باختياره، لكن الفقر والغنى هذه بأقدار الله عز وجل.

    فينبغي على الإنسان أن يبذل، وأن يسعى؛ لكي يرفع عن نفسه الحاجة إلى الخلق، لكن إذا صار مفتقراً فعليه بالعفة، فإن العفة نوعان: عفة الفرج عن ما حرم الله، وعفة النفس عن سؤال الخلق.

    وعليه أن يجتهد في هذا الأمر فإن هذا من أعظم مقامات العبودية.

    الترفع عن سؤال الناس من كمال العبودية لله

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وهذا المعنى في الصحيح.

    وفيه أيضاً: (لئن يأخذ أحدكم حبله فيذهب فيحتطب، خير له من أن يسأل الناس، أعطوه أو منعوه)، وقال: (ما أتاك من هذا المال وأنت غير سائل ولا مشرف فخذه، وما لا فلا تتبعه نفسك).

    فكره أخذه مع سؤال اللسان، واستشراف القلب، وقال في الحديث الصحيح: (من يستغن يغنه الله، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء خيراً وأوسع من الصبر)].

    يعني: الحقيقة أن التعلق بالدنيا يجعل الإنسان أسيراً لها، ويجعل الإنسان محتجاً إليها ويجعله يبخل، لكن عندما يكون الإنسان في نفسه قناعة تامة، أن هذه الأموال أو الرئاسات أو أياً من أعراض الدنيا إنما هي عبارة عن وسائل وليست غايات، فإنه سيبذل حينئذ ولن يندم على شيء يبذله، وسيعز نفسه ويبعد نفسه عن السؤال والحاجة، وسيكون هذا الشخص عزيزاً بالله سبحانه وتعالى، ومتعلق القلب بالله سبحانه وتعالى.

    لكن عندما يتعلق قلبه بالمال تجد أنه ذليل لهذا المال، أحياناً قد يمتنع الإنسان عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ بسبب أنه يخاف على وظيفته من الفصل مثلاً، أو بسبب أنه يخاف على نفسه السجن، فهو يعظم ذاته إلى درجة كبيرة جداً.

    والواجب أن يكون الإنسان متعلق القلب بالله سبحانه وتعالى، وأن يعلم أن هذه أرزاق تحصل للإنسان وقد تمتنع عنه، وكم من التجار الذين بلغوا الغاية في الغنى، وفي لحظة خسر كل ما يملك، وأصبح مديناً، ويطالبه الناس بحقوقهم.

    فمثل هذا الإنسان إذا كان متعلق القلب بالمال سينهار تماماً، وسيكون في غاية الافتقار إلى الناس، بل سيتحطم غاية التحطم، لكن عندما يكون قلبه متعلقاً بالله سبحانه وتعالى، فإنه لن يحصل له مثل ذلك، وكم من الملوك الذين حكموا كان أمرهم مسموعاً، ونهيهم موطن التنفيذ؟ ومع ذلك تأتي دولة ظالمة أخرى، فتسقط حكومته ويصبح أسيراً في أيديهم، أو يصبح شريداً طريداً، مع أنه كان في يوم من الأيام كل الناس تطيعه، فإذا كان الإنسان معلق القلب بهذه الدنيا سيحصل له من الأثر الكبير ما يجعله في غاية الضعف وفي غاية الذلة.

    وانظروا مثلاً: إلى الأحداث التي حصلت قبل سنتين، عندما أغارت دولة ظالمة كافرة متجبرة وهي: أمريكا على دولة مسلمة وهي دولة: طالبان، فهذا الحدث فيه كثير من الدروس والعبر، فقد كانت هذه الحكومة الإسلامية الناشئة الصغيرة تعلم أن الحكم وكرسي الحكم ليس مقصوداً لذاته، وإنما هو مقصود لتحقيق العبودية لله عز وجل في حياة الناس.

    ولهذا عندما طالبوهم بغطرسة وعنجهية بعيدة عن العقل والعدل، وبعيدة عن الفكر السوي، وعندما طالبوهم بأمور لا يرضاها المسلم أبداً رفضوها، فعندما هددوهم كان حاكمهم يستدل بقول الله عز وجل: الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ [آل عمران:173].

    وما زالت نظرتهم مستمرة بهذه الطريقة القوية، لم يترددوا حتى مع تفكك دولتهم ومع سقوطها؛ لأنها دولة ضعيفة مع دولة متكبرة قوية، لكن القوة ما زالت مستمرة؛ لأن هذا أمر قدره الله علينا من هذه الدولة الظالمة، ونحن نجاهدها في سبيل الله، حتى نخرجها بإذن الله سبحانه وتعالى، ومن يمت منا فهو شهيد عند الله عز وجل، ومن يبق حياً، فإنه يستمر في مجاهدة هذه الأمة الظالمة المتجبرة، فإما أن يتحقق النصر أو الشهادة.

    إن هذا المستوى من العبودية لله عز وجل، مستوى عال ومرتفع جداً، وينبغي على الإنسان أن يربي نفسه على مثل هذه المستويات، فافترض يا أخي! أنك في يوم من الأيام خسرت كل ما تملك دفعة واحدة، خسرت وظيفتك، وخسرت أهلك إذ ماتوا جميعاً، فإذا كان واحد من الإخوة الأفغان خسر أكثر من ثمانية عشر من أهله حين سقطت قنبلة على بيته!!

    فمثل هذه الأحداث ينبغي للإنسان أن يكون عنده من الصبر ومن اليقين بالله، والتعلق بالآخرة، وبالله عز وجل ما يكون وقعها على نفسه بسيطاً، تخيل أنك خسرت كل شيء، فإن أصحاب النفوس الضعيفة، والذين لا إيمان لديهم قد يلجئون إلى الانتحار، أو يصابون بشيء من الجنون، لكن أهل الإيمان يعلمون أن هذا الأمر بقضاء الله وقدره، وأن هذا أمر مكتوب عليه قبل أن يخلقه الله عز وجل، وأن عليه أن يصبر ويحتسب، وأن هذه الدنيا ليست هي كل شيء، وأن عليه أن يتعلق بالله سبحانه وتعالى، وحينئذ ستقع هذه المشكلة على نفسه وقعاً خفيفاً، ولن يكون لها الموقع الكبير في نفسه.

    الشكوى إلى الله لا تنافي الصبر الذي هو من تمام العبودية لله

    قال المؤلف رحمه الله: [وأوصى خواص أصحابه ألا يسألوا الناس شيئاً، وفي المسند أن أبا بكر كان يسقط السوط من يده فلا يقول لأحد: ناولني إياه، ويقول: إن خليلي أمرني ألا أسأل الناس شيئاً.

    وفي صحيح مسلم وغيره عن عوف بن مالك : (أن النبي صلى الله عليه وسلم بايعه في طائفة، وأسر إليهم كلمة خفية ألا يسألوا الناس شيئاً)، فكان بعض أولئك النفر يسقط السوط من يد أحدهم ولا يقول لأحد: ناولني إياه.

    وقد دلت النصوص على الأمر بمسألة الخالق، والنهي عن مسألة المخلوق في غير موضع، كقوله تعالى: فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ [الشرح:7-8]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم لـابن عباس : (إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله)، ومنه قول الخليل: فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ [العنكبوت:17]، ولم يقل: فابتغوا الرزق عند الله؛ لأن تقديم الظرف يشعر بالاختصاص والحصر، كأنه قال: لا تبتغوا الرزق إلا عند الله، وقد قال تعالى: وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ [النساء:32].

    والإنسان لا بد له من حصول ما يحتاج إليه من الرزق ونحوه، ودفع ما يضره، وكلا الأمرين شرع له أن يكون دعاؤه لله، فلا يسأل رزقه إلا من الله، ولا يشتكي إلا إليه، كما قال يعقوب عليه السلام: قَالَ إِنَّمَا أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ [يوسف:86].

    والله تعالى ذكر في القرآن: الهجر الجميل، والصفح الجميل، والصبر الجميل، وقد قيل: إن الهجر الجميل هو: هجر بلا أذى، والصفح الجميل: صفح بلا معاتبة، والصبر الجميل: صبر بغير شكوى إلى المخلوق، ولهذا قرئ على أحمد بن حنبل في مرضه: إن طاوساً كان يكره أنين المريض ويقول: إنه شكوى، فما أن أحمد حتى مات.

    وأما الشكوى إلى الخالق فلا تنافي الصبر الجميل، فإن يعقوب قال: فَصَبْرٌ جَمِيلٌ [يوسف:18]، وقال: إِنَّمَا أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ [يوسف:86]، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقرأ في الفجر بسورة يونس، ويوسف، والنحل، فمر بهذه الآية في قراءته، فبكى حتى سمع نشيجه من آخر الصفوف].

    الحقيقة أن هذه الأمور كما أنها متعلقة بالعبادة والتعلق بالله، والتوكل عليه والرضا بقضائه، إلا أن لها آثاراً نفسية كبيرة جداً على الإنسان، فقد واجهنا أشخاصاً كثيرين في الحياة منهم من ربما تتغير أمزجته، وتتغير نفسيته بسبب حدث من الأحداث، وهناك أمور طبيعية قد تحصل للإنسان كالمرض النفسي، ولا تعني دائماً أن هذا الإنسان سيئ، لكنها تعني: أن عبادته لله ناقصة.

    والأمراض النفسية أحياناً تكون مثل الأمراض الجسدية، فقد يبتلى الصالحون بالأمراض النفسية، كما يبتلون بالأمراض الطبيعية، مع أنه من الصالحين.

    لكن يكون المرض النفسي فيه ملاحظة على الشخص عندما يكون الذي تسبب فيه، بأن يكون متعلقاً بالدنيا تعلقاً شديد جداً، وحريصاً عليها حرصاً غير طبيعي، ومحباً لها محبة شديدة للغاية، هذا مع نقصه في عبوديته لله عز وجل، فهو أيضاً يتعرض لمخاطر نفسية كبيرة، عندما يفقد شيئاً منها، فقد يصاب بهوس، وقد يصاب بأمراض تشغله، وقد يصاب بأمور كبيرة.

    الأمور التي تخفف وقع المصائب على أصحابها

    ولهذا من أبلغ الأمور التي تجعل وقع المصائب على الإنسان خفيفة عدم التعلق بالدنيا تعلقاً كبيراً، وأن يكون تعلقه الأساسي بالآخرة، ويكون استحضاره للآخرة دائماً، وأنت تعلم أن هذه الدنيا محدودة الأجل، وأنه مهما طال بقاؤك فيها، فمصيرك إلى الموت.

    الأمر الثاني: أن يكون الإنسان في محبته مقتصداً فلا يبالغ فيها، حتى في المحبة الطبيعية كمحبة الأولاد، أحياناً الإنسان يحب أولاده محبة غير طبيعية، ويزيد في المحبة بشكل عجيب جداً، وبمجرد حصول أي مصيبة لولده لا يستطيع أن يتحمل لكن لما تكون محبته متزنة وهادئة يستطيع أن يمتص مثل هذه المشكلات.

    أيضاً محبة الإنسان لزوجته ولأهله وعشيرته، ومحبة الإنسان لأهل وطنه ولوظيفته.

    ولهذا قابلت شخصاً صار بينه وبين زوجته -مع محبته الشديدة لها- خلاف وطلقها، فلما أفتاهم الشيخ بأنها فارقته، وأنها لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، أخذ يبكي بكاءً عجيباً جداً كالطفل، ولم يستطع أن يتحمل مثل هذه المشكلة؛ لأن كثيراً من الناس في مسيرتهم في الحياة متخبطون لا يسيرون باتزان.

    ولهذا جاء في الأثر:

    أحبب حبيبك هوناً ما، عسى أن يكون بغيضك يوماً ما، وأبغض بغيضك هوناً ما، عسى أن يكون حبيبك يوماً ما، فالاتزان في المحبة، وفي الكره، والاتزان في العواطف عموماً يجعل الإنسان مستقراً نفسياً، وأقرب إلى الهدوء النفسي، وأقرب إلى الوضع الطبيعي في النفس، لكن المبالغات هي التي تحدث عند الإنسان كثيراً من الأمراض، أذكر أن مرة من المرات -بعد أن انتهيت من أحد الدروس- جاءني طبيب نفسي، فذكر لي أشياء عجيبة جداً من حالات الشباب الذين يأتونه، يقول: أكثرها تدور حول المحبة والعشق، يحب فتاة ويحصل بينهم خلاف فيهجرها أو تهجره، فيعيش في حياة ضنك تستمر سنوات، وقد يفقد بسبب هذه المشكلة دراسته، وقد يفقد بسبب هذه المشكلة أهله، وقد يفقد بسبب هذه المشكلة وظيفته، وقد يحصل مصائب كثيرة بسبب مثل هذه المشكلات.

    فالمجتمع مليء بالغرائب، وبالنسبة للناس الطبيعيين يرون أن هذا أمر غريب، لكن الواقع شيء مهول لا يتخيله الإنسان، ومن أسباب هذا المستوى الهزيل والضعيف في نفوس الشباب والفتيات والناس عموماً، أننا أصبحنا مع الأسف أمة متلقية لما عند الآخرين، ولسنا أمة منتجة نتأمل في كتاب الله عز وجل، وفي سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ونربي أنفسنا عليها، وكثير -مع الأسف- من العقليات والنفسيات اليوم صبغت بالطابع الغربي من خلال الإعلام، ومن خلال أجهزة الإفساد كالقنوات الفضائية.

    وأثرها في الشعور الظاهري كالصور المثيرة للشهوات قد تثيره، لكن من الأشياء الباطنية التي تبقى مع تعدد هذه الأفلام أن تكون روح الحياة الغربية موجودة في قلبه، وروح الأفكار الغربية موجودة في عقله، فيعيش في مجتمعه على هذا الأساس.

    وهنا تكون الخطورة، وهنا يكون الضياع، إذ يكون الإنسان جامعاً بين منهجين وطريقتين وحضارتين وثقافتين مختلفتين تماماً، يعيش في بلد إسلامي فيه أهله يعلمونه القرآن والسنة، ولكنه في نفس الوقت قد حشا ضميره، وحشا نفسه، وحشا عقله بمثل هذه الأمور الخطيرة، فتحصل له تخبطات هائلة جداً، لا يعلم مداها إلا الله سبحانه وتعالى.

    من دعاء موسى عليه السلام الذي يشتكي فيه إلى الله

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ومن دعاء موسى: اللهم لك الحمد، وإليك المشتكى، وأنت المستعان، وبك المستغاث، وعليك التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بك].

    تأملوا في هذا الدعاء العجيب: اللهم لك الحمد، هذا يتضمن الرضا، لما تقول: اللهم لك الحمد يعني: لك الثناء المطلق فإن ما أعطيتنا أكثر مما أخذت منا، وإليك المشتكى يعني: إذا اشتكيت من شيء أو احتجت إلى شيء لا أشتكي للمخلوق، بل أشتكي لله عز وجل، وأنت المستعان يعني: إذا أردت أن أبذل عملاً من الأعمال، فأنا بجهدي وحدي ليس عندي قدرة، لكن استعين بالله سبحانه وتعالى، وبك المستغاث وعليك التكلان ولا حول ولا قوة إلا بك، فهذا دعاء عظيم ومليء بالفوائد.

    مدار هذه الفوائد جميعاً هو أن الإنسان في هذه الدنيا ليس له إلا الله سبحانه وتعالى، اللهم لا منجى منك إلا إليك، وليس لنا إلا الله سبحانه وتعالى في الاستعانة وفي الشكوى وفي الحاجة وفي كل شيء.

    دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بعد رجوعه من الطائف وإظهاره الشكوى والافتقار إلى الله

    عندما ذهب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف والتقى بثقيف، ودعاهم إلى الله عز وجل وكفروا به، وأغروا به سفهاءهم وصبيانهم، ورموه بالحجارة حتى أدموا قدميه عليه الصلاة والسلام، رجع من الطائف وهو مليء قلبه بالأشجان والأحزان؛ لأن قومه رفضوا هذه الدعوة وهو يعلم أنها خير لهم.

    فتأملوا النبي صلى الله عليه وسلم، إذ لم يتحطم نفسياً، ولم يحتج إلى أحد في الدنيا وإنما التجأ إلى الله في أن يوظفه في الحلال فإذا أعطي نعمة يرفع يديه إلى الله: اللهم لا تجعلها فتنة لي، واجعلها باباً من أبواب الخير، ولا تجعلها فتنة، وإذا أصيب بالضراء يرفع يديه إلى الله، وتكون الصلة مع الله مستمرة، فأنت ترى كثيراً من الناس صلتهم بالله عز وجل شبه مقطوعة، حتى في عبادته وفي الصلاة وفي غيرها يؤديها بشكل روتيني، وقد يفكر في أعماله الخارجية أكثر من تفكيره في صلاته.

    يأتي يقف في الصف ويكبر، وينتهي ويسلم ويخرج، وهو لم يفكر أنه يدعو الله عز وجل من قلب صادق، بحاجة في نفسه يحتاجها، وبعض الناس يظن أنه جزء أساسي من العمرة أن يكون معه كتاب يقرأ منه، وهذا ليس صحيحاً أبداً.

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وفي الدعاء الذي دعا به النبي صلى الله عليه وسلم لما فعل به أهل الطائف ما فعلوا: (اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، اللهم إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني، أم إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي، غير أن عافيتك أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت به الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن ينزل بي سخطك، أو يحل علي غضبك، لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بالله)، وفي بعض الروايات: (ولا حول ولا قوة إلا بك).

    طمع العبد في فضل الله ورحمته ورجاؤه له من كمال عبوديته له

    قال: [وكلما قوي طمع العبد في فضل الله ورحمته، ورجائه لقضاء حاجته، ودفع ضرورته، قويت عبوديته، وحريته مما سواه، فكما أن طمعه في المخلوق يوجب عبوديته له، فيأسه منه يوجب غنى قلبه عنه، كما قيل:

    استغن عمن شئت تكن نظيره، وأفضل على من شئت تكن أميره].

    يعني: إذا استغنيت عن شخص حتى لو كان يملك نصف الكرة الأرضية تكن نظيره، أي: مثله؛ لأنك لا تحتاجه في شيء أبداً، يعني: تخيل أن شخصاً يملك نصف الكرة الأرضية، وأنت ليس عندك شيء، لكنك مستغن عنه لا تريده، فإنك تكون مثله؛ لأنك لا تحتاج منه شيئاً، ولا تريد من دنياه شيئاً، ولا تريد مما عنده شيئاً، ولا تريد من مناصبه شيئاً، ولا تريد منه أي شيء.

    قال: [وأفضل على من شئت تكن أميره].

    يعني: إذا أفضلت على شخص تكون أنت أميراً له، حتى لو كان هو أميراً، يعني: على عدد كبير من الناس، ما دام أنت تفضي عليه وتعطيه فأنت أميره.

    ولهذا تلاحظ أن العطاء أفضل من الأخذ بالنسبة للخلق، فينبغي للإنسان أن يكون عطاؤه أكثر من أخذه، أو أن يعطي ولا يأخذ، ويتعلق بالله عز وجل في أخذه، فإذا وصلت إلى ذلك بلغت درجة عالية جداً في العبودية، وإذا أردت شيئاً التجأت إلى الله، وتأخذه من الله حتى ولو كان فيما في أيدي الناس، فإن المعطي هو الله إذا التجأت إليه.

    قال: [واحتج إلى من شئت تكن أسيره].

    أي: إذا احتجت إلى أحد تكون أسيراً في يده.

    قال: [فكذلك طمع العبد في ربه، ورجاؤه له يوجب عبوديته له، وإعراض قلبه عن الطلب من الله، والرجاء له، يوجب انصراف قلبه عن العبودية لله، لاسيما من كان يرجو المخلوق ولا يرجو الخالق، بحيث يكون قلبه معتمداً، إما على رئاسته وجنوده وأتباعه ومماليكه، وإما على أهله وأصدقائه، وإما على أمواله وذخائره، وإما على ساداته وكبرائه كمالكه، وملكه، وشيخه، ومخدومه وغيرهم ممن هو قد مات أو يموت].

    مالكه المقصود به: الحاكم، وشيخه المقصود به: العالم، ومخدومه المقصود به: الخادم الذي ينتفع به في أغراضه.

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [قال تعالى: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا [الفرقان:58]، وكل من علق قلبه بالمخلوقين أن ينصروه أو يرزقوه أو أن يهدوه، خضع قلبه لهم، وصار فيه من العبودية لهم بقدر ذلك.

    وإن كان في الظاهر أميراً لهم، مدبراً لأمورهم، متصرفاً بهم].

    يخبر ابن تيمية رحمه الله أن الحاكم أحياناً يكون عبداً لمن يحكمه، وذلك لو أن خادمه غضب عليه وتركه، لبقي في حيرة لا يدري ماذا يعمل، وكالحاكم الذي يحتاج إلى جنوده الذين يقيمون له دولته.

    فلو انصرفوا عنه أو صار عليه انقلاب فقد كل شيء بالنسبة لديه.

    العبودية الحقة هي عبودية القلب لا البدن

    قال: [فالعاقل ينظر إلى الحقائق لا إلى الظواهر، فالرجل إذا تعلق قلبه بامرأة ولو كانت مباحة له].

    مباحة له يعني: زوجته، أو أمته، وقد اختفت من قاموسنا الإماء الآن؛ بسبب ترك الجهاد، وسيطرة الكفار على بلاد المسلمين.

    قال: [فالرجل إذا تعلق قلبه بامرأته -ولو كانت مباحة له- يبقى قلبه أسيراً لها، تتحكم فيه وتتصرف بما تريد، وهو في الظاهر سيدها؛ لأنه زوجها أو مالكها، ولكنه في الحقيقة هو أسيرها ومملوكها، ولاسيما إذا علمت بفقره إليها وعشقه لها، وأنه لا يعتاض عنها بغيرها، فإنها حينئذ تتحكم فيه تحكم السيد القاهر الظالم في عبده المقهور، الذي لا يستطيع الخلاص منه، بل أعظم، فإن أسر القلب أعظم من أسر البدن، واستعباد القلب أعظم من استعباد البدن، فإن من استعبد بدنه واسترق وأسر، لا يبالي ما دام قلبه مستريحاً من ذلك مطمئناً، بل يمكنه الاحتيال في الخلاص.

    وأما إذا كان القلب -الذي هو ملك الجسم- رقيقاً، مستعبداً، متيماً لغير الله فهذا هو الذل والأسر المحض، والعبودية الذليلة لما استعبد القلب].

    إذاً: الحرية الحقيقية هي حرية القلب، والعبودية الحقيقية هي عبودية القلب، والعالم الغربي الآن جاءنا بموضوع الحريات العامة.

    والحقيقة أنهم يستعبدون الناس استعباداً عجيباً، جاء بفكرة الحريات العامة ويقول: الإنسان له حق في التعبير، وله حق في التعليم، وله حق في كذا له، وحق في كذا، له حق في الانتخاب واختيار الرئيس، مع أنه في الحقيقة كما يقول بعض المفكرين الغربيين أن الذي يتحكم الآن في مصير أمريكا -مع أن عددهم يصل إلى ثلاثمائة مليون تقريباً أو أقل من هذا بقليل- هو واحد في المائة من الشعب الأمريكي فقط.

    وأما البقية وهم أصحاب الشركات الكبرى فهم عبيد يستعبدونهم، يعني: الآن الرأس مالية الغربية هي عبودية بكل ما لكلمة عبودية من معنى، فهم يستعبدون العمال، ويمكن لشركة ضخمة كبيرة بحريتها أن تنقص مقدار الأجور حتى يصبح مقدار الأجر قليلاً جداً، أو أن تمنعه من التأمينات أو تجعله على راتب مؤقت، وإذا لم يقبل العامل يمضي إلى سبيله، لكنه محتاج، فيستعبدون الناس استعباداً عجيباً جداً، ولهذا انتشر في الغرب الذين يدعون إلى حقوق المرأة استعباد النساء، إلى درجة أنه تكونت عصابات في أوروبا الشرقية من أجل عملية بيع وشراء النساء للدعارة، يعني: شركات تمسك امرأة وتبيعها رقيقاً لشركة أخرى بمقدار كذا من أجل الدعارة، وتكون موظفة لفعل الفاحشة، ويتقاضى عليها أصحاب الشركة مبلغاً ويعطونها جزءاً بسيطاً منه.

    والنظام العام الاسمي في البلد نفسه أنه يحق لها أن ترفض أن يبيعها أحد أو يشتريها، لكن لو رفضت تموت من الجوع.

    ولهذا عشرات الذين ماتوا في العالم الغربي من الجوع لا دولة تعتني بهم في مجتمعهم، وفي قضاياهم، وفي الرعاية الاجتماعية بالنسبة لهم، ولهذا سميت: الرأس مالية المتوحشة، أو اللبرالية المتوحشة، فترضى الفتاة أنها تباع وتشترى، وتجد لقمة العيش، وتأتي بمبلغ بسيط لأمها وأبيها مضطرة؛ لأن الشركات الضخمة تهمها الأنانية، بل إن أحد الغربيين المفكرين الأمريكان ألف كتاباً سماه: (فضائل الأنانية)، يعني: ترجمته فضيلة الأنانية، يعني: كيف يمكن أن تكون الأنانية فضيلة من الفضائل؟ وكأن المقياس الأخلاقي انقلب.

    ولهذا يستعبدون البشر باسم الحرية، مع أن الحرية الحقيقية هي: حرية القلب، وتعلقه بالله سبحانه وتعالى، وما هذه الدنيا إلا أداة بسيطة.

    قال المؤلف رحمه الله: [وعبودية القلب وأسره هي التي يترتب عليها الثواب والعقاب، فإن المسلم لو أسره كافر، أو استرقه فاجر بغير حق، لم يضره ذلك إذا كان قائماً بما يقدر عليه من الواجبات، ومن استعبد بحق إذا أدى حق الله، وحق مواليه فله أجران، ولو أكره على التكلم بالكفر، فتكلم به وقلبه مطمئن بالإيمان، لم يضره ذلك.

    وأما من استعبد قلبه فصار عبداً لغير الله، فهذا يضره ذلك، ولو كان في الظاهر ملك الناس].

    1.   

    الأسئلة

    كلمة حول استقبال شهر رمضان

    السؤال: هل من كلمة توجيهية لطلبة العلم حول استقبال شهر رمضان؟

    الجواب: لا شك يا إخواني! أن شهر رمضان من أفضل الأوقات التي ينبغي أن يستغلها الإنسان، ومن فاته شهر رمضان، ولم يستفد من هذا الشهر ويطبق هذا الكلام الذي نحن تحدثنا عنه، وقرأناه من كلام ابن تيمية في العبودية فهو محروم والعياذ بالله.

    فينبغي أن نحرص في هذا الشهر على قراءة القرآن، وحفظه، ومراجعة الحفظ، بل إن بعض السلف كما ينقل عن مالك كان يترك قراءة الحديث، ويشتغل بقراءة القرآن، لكن نحن في زمن الناس فيه بحاجة إلى التعليم، وبحاجة إلى الدعوة والإصلاح، فلابد من مشاركة الناس، فهي فرصة عظيمة لهداية أعداد كبيرة جداً من الناس إلى دين الله عز وجل، وفرصة للتعبد، والتعلق بالله سبحانه وتعالى.

    لا أحد معصوم من الخطأ حتى الذين يدخلون الجنة بغير حساب

    السؤال: هل مطلوب من السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بدون عذاب ولا حساب أن يكونوا معصومين لا يعصون الله أبداً؟ أم يكفي الأربعة الأمور المذكورة؟

    الجواب: لا، ليس هناك معصوم، وإنما المطلوب أنهم يجتهدون في ضبط أنفسهم بالإتيان بالواجبات، وترك المحرمات، وترك المكروهات، والتعلق بالله عز وجل.

    وهذا لا يعني: أنه لا يقع أحد منهم في خطأ، لكن إذا وقع خطأ يباشر بالتوبة مباشرة، يعني: قد يقع الإنسان في خطأ، فإذا وقع في خطأ تاب، وكانت توبته توبة نصوحاً.

    موقع (طريق التوبة) على الإنترنت وبيان أهمية التوبة ووجوبها

    السؤال: سمعنا عن موقع في شبكة الانترنت يسمى: طريق التوبة فما رأيكم في هذا الموقع؟

    الجواب: هذا الموقع أنا اطلعت عليه، وهو موقع مفيد وممتاز، وأنا أنصح الإخوة بالمشاركة فيه، وفكرة الموقع الذي اسمه: طريق التوبة، فكرته: هو هداية الشباب والفتيات في العالم جميعاً إلى التوبة، والعودة إلى الله عز وجل.

    ونحن الحقيقة نعايش في الأمة رجعة صادقة وعودة صادقة إلى الله عز وجل، وكثير والله من الشباب! هم بحاجة فقط إلى أن تدله على الطريق، إلى أن تبين له كيف يمكن أن يكون إنساناً صالحاً، وبعضهم تكون عندهم مشكلات بحاجة إلى أن تحل له هذه المشكلات، وأبلغني الإخوة القائمين على هذا الموقع أنه أسلم على أيديهم رجل يهودي من اليمن، وأنه أسلم أيضاً على الموقع رجل نصراني من مصر.

    وأنا أنصح الإخوة بالمشاركة في هذا الموقع بالكتابة، ومساعدة الإخوان، وتعريف الشباب بالذات بمواقع الانترنت المفيدة، فهناك مواقع للانترنت بإمكاننا أن نزورها، ونتفق معهم على أن يكون هذا الموقع الصفحة الرئيسة عندهم، أو على الأقل يوضع عنوان كبير بحيث أي شاب يأتي يجد عنوان هذا الموقع بين يديه؛ لأنه مع الأسف صارت الآن مقاهي الانترنت تستخدم للرذيلة، وصار بعض العمال يأتي ببكسيات مثلاً، ويفك للشباب المواقع الإباحية السيئة للنظر فيها والعياذ بالله.

    وهذه أمور تذيب أخلاق الشباب، وتجعلهم مدنسين بالتعلق بالشهوات وغيرها، فضلاً عن كونها تغير كثيراً من مواصفات المجتمع الإسلامي، فقبل سنوات لم يكن أحد يسأل -أكرمكم الله- عن إتيان المرأة في دبرها، والآن أعداد كبيرة من النساء والرجال يتصلون بنا يستفتون في هذا الموضوع، والسبب هو النظر في مثل هذه الأفلام، حتى تصبح أمراً طبيعياً عند هذا الشخص، أو عند هذه المرأة والعياذ بالله، مع أن فيها من الأمراض، وفيها من الأمور السيئة، وفيها من معصية الله عز وجل، وفيها من الروائح الكريهة، وفيها من الأمور القبيحة ما تدفع الإنسان صاحب الفطرة السلمية إلى أن يبتعد عنها، والسبب: هو مثل هذه الأفلام التي تغير طبائع الناس، وتغير عقلياتهم وفطرهم والعياذ بالله.

    ولهذا أنصح الإخوة بزيارة هذا الموقع وعنوانه: www.tawbah.com .

    قبول توبة العبد ما لم يغرغر أو تطلع الشمس من مغربها

    السؤال: إذا حاول العبد أن يكون عبداً لله خالصاً، وتاب من بعض التعلق بغير الله في السابق، فهل يقبله الله؟ وأن يكون من السبعين ألفاً؟

    الجواب: نعم. من الذي يرد الإنسان عن التوبة؟ والله عز وجل يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات، وتقبل التوبة ما لم يغرغر الإنسان أو تطلع الشمس من مغربها، (والتائب من الذنب كمن لا ذنب له).

    ولهذا ينبغي على الإنسان أن يتوب من كل ذنوبه.

    خروج الريح من نواقض الوضوء

    السؤال: إذا خرج من المرء ريح وهو على وضوء هل يعيد؟

    الجواب: إذا خرج ريح من الإنسان وهو متوضئ فإنه ينتقض وضوءه، وعليه أن يتوضأ مرة أخرى.

    سبب تخصيص ابن تيمية للصوفية بالذكر في رسالة العبودية دون سائر الفرق الضالة

    السؤال: لماذا ذكر الشيخ ابن تيمية الصوفية من الطوائف الضالة، ولم يذكر بعض الطوائف الأخرى، وهل كانت الصوفية منتشرة في عهد ابن تيمية ؟

    الجواب: كانت الصوفية منتشرة انتشاراً كبيراً في زمن شيخ الإسلام ابن تيمية ، وأيضاً غيرها من الفرق الضالة، وله كتب أخرى بالنسبة لطوائف المتكلمين، رد عليهم في كتاب (الإيمان)، و(درء التعارض)، وغيرها من الكتب.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767424739