إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. عبد الرحيم السلمي
  5. الفرق والمذاهب المعاصرة ( شرح جديد )
  6. المذاهب والفرق المعاصرة - نشأة المذاهب في الغرب وتأثر المسلمين بها

المذاهب والفرق المعاصرة - نشأة المذاهب في الغرب وتأثر المسلمين بهاللشيخ : عبد الرحيم السلمي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • كان لبولس اليهودي أعظم تأثير في تحريف العقيدة النصرانية, حيث أدخل فيها عقيدة التثليث وغيرها من العقائد المنحرفة, ثم اعتنقت أوروبا النصرانية المحرفة تبعًا للإمبراطور الروماني قسطنطين, وكان من جملة ما اعتنقته التثليث, وتحريف الإنجيل, وعصمة رجال الدين, وعبادة الصور والتماثيل, وامتلاك الكنيسة حق الغفران وحق الحرمان وحق التحلة, ولذا نشأ الطغيان الكنسي في أوروبا وسيم الناس الخسف والهوان, ثم كانت الثورات الأوروبية على الكنيسة, وكان لليهود دور بارز في تغذيتها والانطلاق بها إلى فضاء الحرية المتفلتة عن الدين الراتعة في الشهوات والمحرمات.

    1.   

    أهمية الحديث عن أوروبا والنصرانية

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، اللهم صل وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

    أما بعد:

    فحديثنا هذا سيكون عن المذاهب المعاصرة، وعن المذاهب المعاصرة التي نشأت في المجتمع الأوروبي بسبب ظروف سأتحدث عنها بإذن الله تعالى، وترعرعت هناك، ثم انتقلت إلى العالم الإسلامي وتأثر بها بعض المسلمين سواءً كانوا كتاباً أو غير ذلك من التخصصات.

    والحديث عن الغرب وعن أوروبا وعن النصرانية حديث مهم جداً بالنسبة لنا، وذلك أن الله سبحانه وتعالى ابتلى هذه الأمة بهؤلاء البشر الذين هم النصارى واليهود وسيستمر هذا الابتلاء، وقد بين الله سبحانه وتعالى ذلك في كتابه في آيات كثيرة، وشرح أحوال اليهود وأحوال النصارى وصفاتهم لحكمة يعلمها سبحانه وتعالى.

    فمن هذه الحكم:

    أن اليهود والنصارى هم أعداء مستمرون إلى قيام الساعة، حيث ينزل عيسى بن مريم في آخر الزمان فيقتل الخنزير ويكسر الصليب ويحكم بحكم الإسلام، فالصراع مع الغرب ومع الكفار من اليهود والنصارى مستمر إلى أن ينزل المسيح عيسى بن مريم، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم تأثر هذه الأمة بالمشركين من اليهود والنصارى، فقال صلى الله عليه وسلم: (لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه)، فتقليد بعض المسلمين لليهود أو النصارى تقليد أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم، وهو واقع مشهود، وله مجالات متعددة، منها العقائد والمذاهب، ومنها الأخلاق، ومنها الافتراق الذي تحدثنا عنه فيما سبق، فإن النبي صلى الله عليه وسلم عندما ذكر افتراق هذه الأمة قال: (افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة)، فتأثر المسلمين بالغرب هو قضية مشاهدة، وقد نبه عليه الشرع، وهو واقع يراه أكثرنا اليوم، وهو مشاهد لا ينكره أحد.

    ومن مجالات التأثر بهم: التأثر بمذاهبهم وأفكارهم ومقالاتهم وعقائدهم، ومن هنا كانت الإشارة إلى تاريخ أوروبا وإلى تاريخ الدين الذي تدينوا به، والتعرف على نشأة المذاهب في أوروبا له أهمية في معرفة هذه العقائد وهذه المذاهب التي سنتحدث عنها إن شاء الله في لقاءاتنا هذه.

    ومن أراد أن يراجع مسألة تأثر المسلمين باليهود والنصارى فيمكن أن يراجع كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه (اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم) فقد ذكر نماذج كثيرة جداً من الآيات والأحاديث الدالة على وجوب مخالفة المشركين، وذكر تأثر بعض المسلمين بعقائد وأفكار وآداب وأخلاق الكفار من اليهود والنصارى.

    1.   

    إفساد بولس دين النصارى

    أنتم تعلمون أيها الإخوة! أن الله سبحانه وتعالى أرسل عيسى بن مريم عليه السلام إلى اليهود من أتباع موسى الذين انحرفوا عن التوراة، وعندما جاء عيسى بن مريم عليه السلام إلى اليهود الذين انحرفوا عن التوراة دعاهم إلى الله عز وجل فآمنت به طائفة وكفرت به طائفة أخرى، وسمي المؤمنون به النصارى، وبقي اسم اليهود على الذين لم يؤمنوا به، وقد روي عن عيسى عليه السلام أنه قال: (إنما بعثت إلى خراف بني إسرائيل الضالة) يعني: التي انحرفت عن هدي الله سبحانه وتعالى وعن طريقة موسى عليه السلام وعن التوراة، فدعاهم إلى الله سبحانه وتعالى، وقد أرسله الله عز وجل في بلاد الشام كما تعلمون، ثم اضطهد اليهود عيسى عليه السلام ومن آمن به من النصارى، وكان اليهود والنصارى في تلك الفترة تحت حكم الدولة الرومانية التي كانت تدين بالوثنيات في العقائد والأخلاق والشرائع والآداب، وهي في الحقيقة ليس لها دين محدد، وإنما كانت الشهوات هي التي تحرك أفكارهم وحياتهم، وبالذات أنهم نشئوا على فلسفة أحد الفلاسفة المشهورين الذي يسمى أبيقور، وهذه الفلسفة كانت تنحو منحى الحسيات ونشر الشهوات والملذات، وما يلحق ذلك من متع الدنيا ومتع الجسد، فكان اليهود يتعاونون مع الدولة الرومانية ضد النصارى.

    وفي هذه الأثناء تآمر اليهود على عيسى عليه السلام، فرفعه الله سبحانه وتعالى إليه ولم يقتلوه، وظن اليهود أنهم قتلوا عيسى عليه السلام بتعاونهم مع الدولة الرومانية، وكذلك أتباعه من النصارى ظنوا أن اليهود قتلوه أيضاً، فبدأت حياة الاضطهاد بالنسبة للنصارى، وكان من أشهر الذين يضطهدونهم رجل يقال له: شاول اليهودي .

    وشاول اليهودي هذا رجل كان مثقفاً بالأديان التي كانت منتشرة في تلك الفترة في حوض البحر الأبيض المتوسط، وكان يهودي العقيدة والتعصب، وكان شاول هذا له جهد كبير في إيذاء النصارى.

    وفي هذه الأثناء، وفي هذه الفترة العصيبة بالنسبة للنصارى عندما قتل نبيهم فيما يتصورون ويحسبون وعندما كانوا يؤذون من اليهود ويؤذون من الدولة الرومانية، في هذه الأثناء أعلن شاول الذي سمى نفسه فيما بعد بـبولس أنه تنصر وأنه دخل في النصرانية، ولما سئل بعد ذلك من أتباع المسيح عن كيفية اعتناقه للنصرانية قال: إنه كان متجهاً إلى مجموعة من النصارى لتعذيبهم، وهو في الفلاة رأى نوراً نزل عليه من السماء فرأى شيئاً عظيماً، فلما سأله قال له: من أنت؟ قال: أنا يسوع المسيح، كيف تعذب أصحابي؟ ثم قال له: كرس بالإنجيل أو كرز بالإنجيل، ومعنى التكريس عندهم: الوعظ والإرشاد، فمن تلك اللحظة أعلن أنه من النصارى، فلما دخل بولس شاول في النصرانية كانت له آراء وله أفكار بدأ ينشرها عند النصارى، وقد أشار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إلى بولس هذا في كتابه: (منهاج السنة النبوية) فإنه عندما ذكر عبد الله بن سبأ اليهودي الذي ظهر في زمن الصحابة أدخل العقائد التي تبناها فيما بعد السبئيون، وحرقهم علي بن أبي طالب بالنار، ثم صارت الشيعة فيما بعد على عقيدة عبد الله بن سبأ قال شيخ الإسلام : وقد أراد عبد الله بن سبأ أن يعمل في الإسلام كما عمل شاول في النصرانية؛ لأن شاول يهودي أراد أن يفسد النصرانية فأعلن أنه تنصر من أجل أن يكون أمامه فسحة لإفساد عقائد النصارى، فلما دخل فرح به النصارى فرحاً كبيراً، خصوصاً في تلك الفترة التي كانوا يجدون اضطهاداً كبيراً، فلما فرحوا به بدأ يذكر بعض الآراء وبعض الأفكار التي أنكرها عدد كبير من أتباع المسيح الذين عرفوا عقيدة عيسى عليه السلام، فقد أدخل عندهم التثليث وقال: إن الإله مكون من ثلاثة أشياء: وهو الأب وهو الله الأزلي القديم، والابن وهو عيسى عليه السلام، وروح القدس وهو الملك الذي يرسل من الأب للابن، وقال: إن هؤلاء الثلاثة جميعاً إله واحد، فتأثر به الجهال ممن كان في تلك الفترة من النصارى واعتنقوا كثيراً من مبادئه، فأصبح في الديانة المسيحية اتجاهان:

    الاتجاه الأول يمثله بولس شاول : وهو عقيدة التثليث التي جاء بها.

    الاتجاه الثاني: هو الذي يمثله الموحدون من أتباع عيسى عليه السلام.

    وعندما توفي عيسى عليه السلام لم يكتب الإنجيل الذي نزل عليه من عند الله سبحانه وتعالى، وإنما قام مجموعة بكتابة بعض سير وأقوال عيسى عليه السلام، وفي القرن الأول من الديانة المسيحية كتب أكثر من سبعين رجل إنجيلاً، يعني: صارت عندهم سبعون إنجيلاً! ولا يمكن أن تكون هذه السبعون المختلفة المتفرقة هي نفسها كلام الله عز وجل الذي أنزله على عيسى عليه السلام.

    واستمر الصراع بين المسيحية التي كانت على طريقة عيسى عليه السلام، وبين العقيدة الجديدة التي أدخلها شاول هذا الذي سمى نفسه بولس ، واستمرت تقريباً ثلاثة قرون إلى عام (325)، هذه السنة كانت نقطة تحول كبيرة بالنسبة للقارة الأوروبية وبالنسبة أيضاً للعقيدة المسيحية.

    1.   

    اعتناق الامبراطور قسطنطين للنصرانية وتأييده لعقيدة التثليث المحرفة

    أما بالنسبة للقارة الأوروبية فقد أعلن في هذه السنة قسطنطين الإمبراطور الأوروبي اعتناقه للعقيدة النصرانية، أعلنها في عام (325)، وجمع النصارى في مكان واحد يسمى نيقية، ثم طلب منهم أن يرشحوا مجموعة من الأناجيل تكون هي المعتمدة ويحرق ما عداها، وطلب منهم أن يرشحوا عقيدة معينة، يعني: اتجاهاً معيناً من هذين الاتجاهين، ليكون هو المذهب الرسمي للدولة، وكان في هذا المجمع الأكثرية من الموحدين، وكان يمثلهم رجل يقال له: أريوس ، وكان يصل عددهم تقريباً إلى سبعمائة من علماء الموحدين الذين كانوا فيما يدعون ويقولون: إنهم على ما كان عليه عيسى عليه السلام.

    والمجموعة الثانية كان عددهم أقل، كان عددهم تقريباً ثلاثمائة وبضعة عشر، لكن لأن هذه العقائد التي عند هؤلاء أعجبت قسطنطين ؛ لأنها قريبة من العقيدة التي كان يدين بها، فقد رجح كفة هؤلاء على أولئك، ولم يعتمد من الأناجيل إلا أربعة وهي: إنجيل متى ولوقا ويوحنا ومرقس ، وما عداها أحرق، وهذه الأربعة ليست هي الأناجيل التي جاء بها عيسى عليه السلام، وإنما هي عبارة عن سير وأخبار، كما سيأتي ذكره إن شاء الله.

    إذاً: أيها الإخوة! إذا سألنا سؤالاً وهو: هل اعتنقت الدولة الرومانية التي كانت في أوروبا في تلك الفترة النصرانية التي جاء بها عيسى عليه السلام أو لم تعتنقها؟

    الجواب واضح وهو: أنه لم تعتنق العقيدة الصحيحة التي جاء بها عيسى عليه السلام من عند الله سبحانه وتعالى، وإنما اعتنقت التحريفات التي جاء بها بولس شاول، ومنها عقيدة التثليث ومنها عقائد أخرى سيأتي الإشارة إليها بإذن الله تعالى.

    إذاً: لم تعتنق أوروبا العقيدة الصحيحة، ولم تعرف العقيدة الصحيحة بالمرة، فصبغ قسطنطين الدولة الرومانية بهذه العقيدة الجديدة، وتتابع الناس على اعتناق هذه العقيدة الجديدة، وأصبح الناس يصنفون أوروبا على أنها دولة نصرانية وأنها تركت الوثنية، والحقيقة أنها تركت نوعاً من الوثنية لتأخذ نوعاً آخر من الوثنية.

    1.   

    عقائد باطلة اعتنقتها أوربا ونسبتها إلى النصرانية

    من هذه العقائد التي اعتنقتها أوروبا في تلك الفترة عن طريق هذا المجمع:

    التثليث

    أولاً: عقيدة التثليث؛ فإنهم يقولون: إن الله عز وجل هو الأب والابن وروح القدس، وهذه العقائد هي التي أدخلها بولس ، وبولس هذا كان متأثراً بالعقائد والأفكار والمناهج والفلسفات التي كانت موجودة في بلاد الشام وشمال أفريقيا في تلك الفترة، ومنها عقيدة الأفلاطونية الحديثة، وعقيدة المثرائية وعقائد متعددة كانت مبنية على أن الإله حل في جسد بشري، وأن هذا الإله الذي حل في جسد بشري لا بد أن يذبح من أجل خلاص النوع الإنساني، وهي العقيدة المثرائية التي كانت موجودة في تلك الفترة، وهذا هو معنى قول الله عز وجل: يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ [التوبة:30]، والمضاهئة هي: المشابهة، فشابهوهم في العقائد، وكانت من العقائد الموجودة في تلك الفترة الفلسفة الرواقية، وهي تعتمد التصوف وتعتمد تعذيب الجسد لتصفوا النفس وترتاح؛ ولهذا كانوا يعذبون أنفسهم لصفاء أنفسهم، وكانوا ردة فعل للفلسفة الأبيقورية التي سبق أن أشرنا إليها، وهي التي تعتمد على الجسد كثيراً، فظهر اتجاه آخر معاكس وهو الفلسفة الرواقية التي كانت بخلاف ذلك تريد سمو الروح بتعذيب الجسد وحرمانه من الشهوات.

    تحريف الأناجيل

    ثانياً: من الأمور الباطلة في العقيدة الجديدة التي تبنتها الدولة الرومانية: تحريف الأناجيل، فإن الله سبحانه وتعالى عندما أنزل الكتب السابقة جعل حفظها موكولاً بأيدي أهلها، كما قال الله عز وجل: إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ [المائدة:44]، أما هذا الكتاب الذي هو القرآن فإن الله عز وجل تكفل بحفظه، كما قال الله سبحانه وتعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:9]، ولم يكتب الإنجيل في زمن عيسى عليه السلام، وأقره عيسى ومنع غيره، وإنما لم يكتب؛ لأن الظروف التي كانت سائدة في تلك الفترة لم تسمح بكتابة الإنجيل، ولما أراده الله عز وجل من الفتنة التي وقعت فيما بعد لهؤلاء، والتي ما زال هؤلاء يعيشون عليها إلى اليوم، فكتب بعد عيسى أناجيل كثيرة وصلت إلى سبعين، وكتب بعدهم آخرون أناجيل وأصبحت متعددة متفرقة، ونحن نجزم أنها ليست جميعاً من كلام الله عز وجل، وإن كان قد يوجد بعض ما فيها من كلام عيسى عليه السلام، وهو الذي يكون فيه موافقة لما في القرآن الكريم ولما في كلام الرسول صلى الله عليه وسلم؛ ولهذا نصت دائرة المعارف البريطانية، والتي كتبها أشخاص متخصصون وذوو كفاءات عالية، خصوصاً فيما يتعلق بالأديان على أنه لم يبق من أعمال السيد المسيح شيء ولا كلمة واحدة مكتوبة، وهذا أمر ثابت تاريخياً؛ ولهذا يمكن أن أقرأ لكم -مثلاً- مقدمة أحد الأناجيل المعتبرة في مجمع نيقية الذي سبق أن أشرنا إليه، وهو إنجيل لوقا .

    يقول في مقدمة إنجيله: (إذا كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا كلما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداماً للكلمة- ويقصد بالكلمة: عيسى عليه السلام- رأيت أنا أيضاً إذ قد تتبعت كل شيء من الأول بتدقيق أن أكتب إليك على التوالي أيها العزيز تاوفلس ، لتعرف صحة الكلام الذي علمت به).

    وهذا ظاهر في أن هذا الرجل كتب هذا الإنجيل بعد جيل عيسى عليه السلام، وهذا الرجل ليس من تلاميذ عيسى، بل جاء بعده، فكتب ما سماه قصة، وسمي بعد ذلك إنجيلاً؛ ولهذا لو رجعنا مثلاً إلى كتاب (إظهار الحق) لـرحمة الله الهندي ، لوجدنا ما يدل على ذلك وهو عالم هندي مشهور، صنف كتابه هذا في أربعة مجلدات، بين فيها تناقض هذه الكتب، وبين أن الكتاب الواحد يبطل نفسه بنفسه، يقول قولاً في البداية ثم يبطله في النهاية، وأنها تحمل مضامين بطلانها في نفسها، وذكر شواهد كثيرة جداً، يمكن مراجعة هذا الكتاب للاطلاع.

    عصمة رجال الدين

    ثالثاً: من العقائد الباطلة التي اعتنقتها الدولة الرومانية: عصمة رجال الدين، واتخاذهم وسائط من دون الله عز وجل، وقد أخبر الله سبحانه وتعالى عن ذلك في كتابه عندما قال: اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ [التوبة:31]، والأحبار: جمع حبر وهو العالم من أهل الكتاب، وسمي حبراً لأن تأثيره في الناس كتأثير الحبر في الورق، ورهبانهم جمع راهب، والراهب هو العابد، فهؤلاء اتخذوهم أرباباً.

    جاء عن عدي بن حاتم رضي الله عنه - وكان نصرانياً- أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: (نحن لا نعبدهم فقال: ألم يكونوا يحلون لكم الحرام فتتبعونهم؟ قال: بلى، قال: أفلم يكونوا يحرمون عليكم الحلال فتتبعونهم؟ قال: بلى، قال: فتلك عبادتكم إياهم).

    إذاًً: اتخذوهم وسائط من دون الله، فإذا أراد النصراني أن يتوب لا يستطيع أن يتوب مباشرة، بل لا بد أن يأتي إلى كرسي الاعتراف ويجلس عند الراهب ويذكر له كل عيوبه وفضائحه، وحينئذ الراهب - كما يزعم- يرفع أمره إلى الله عز وجل فيغفر له ذنوبه!

    وهكذا الحال في كثير من التعبدات، بل أصبح كثير من هؤلاء يباركون الأشياء للناس، ووصل بهم الحال إلى أنهم يعطون صكوكاً للجنة أو النار، فلا يمكن أن يدخل أحد الجنة إلا من خلالهم، هكذا صوروا للناس، ولا يمكن أن يدخل أحد النار إلا من خلالهم، وأن ملك النار والجنة في أيديهم، وبالغوا عندما طلبوا من الناس ألا يقرءوا الإنجيل أبداً، وإنما عليهم أن يتلقوا التعليمات مباشرة منهم، وأن لهم الحق في تغيير ما يشتهون ويحرفون ما يريدون من الأناجيل.

    وهذه أمور ثابتة تاريخياً، وهي موجودة في كتب التاريخ الأوروبي، مثل كتاب: (معالم تاريخ الإنسانية) لـولز ، أو كتاب: (قصة الحضارة) لـول ديورانت ، فهذه الكتب الكبيرة تحدثت عن تاريخ تلك الحقبة، وبينت ما هي الطريقة التي كان يتعامل بها رجال الدين والعقائد التي كانوا يتبنونها، وهذا أمر ذكره الله عز وجل في القرآن عندما قال: يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ [المائدة:41].

    وأيضاً من الأمور والأسباب التي ظهرت وعظموا بها رجال الدين أنهم قالوا: إن المسيح عليه السلام قال لـبطرس الناسك -وهو كبير الحواريين-: أنت بطرس وعلى هذه الصخرة ابن كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها، وأعطيك مفاتيح ملكوت السماوات!

    انظرا كيف قال: وأعطيك مفاتيح ملكوت السماوات!

    إذاً: كل شيء معلق بيد رجال الدين هؤلاء، قال: وأعطيك مفاتيح ملكوت السماوات، وكل ما تربطه على الأرض يكون مربوطاً في السماء، وكل ما تحله في الأرض يكون محلولاً في السماء!

    ومن هنا بدأ رجال الدين هؤلاء يمارسون أعمال الألوهية والربوبية، ويرون أن هذا من حقهم وليس من حق أحد أن يعترض عليهم.

    الرهبانية

    ومن العقائد أيضاً: الرهبانية، كما أخبر الله عز وجل أن هذه الرهبانية من البدع التي ابتدعوها، وأن الله ما كتبها عليهم.

    ومن أسباب الرهبانية التي أثرت في هؤلاء: رد الفعل من المادية التي كانت عند اليهود وأيضاً من الشهوات التي كانت تنشرها الفلسفة الأبيقورية التي سبق أن أشرنا إليها والتي كانت الدولة الرومانية تمثلها واقعاً عملياً.

    ومن مظاهر هذه الرهبانية عندهم: العزوبة، فلا يمكن للإنسان أن يكون راهباً إلا إذا كان عزباً غير متزوج، خصوصاً أنهم يعتبرون المرأة شيطاناً، وأن صوتها هو عبارة عن فحيح الأفاعي، وليست هي من الإنسان، وهذه المشكلة التي جعلتهم يتصورون المرأة بهذه الصورة هو أنهم يعتقدون أن المرأة هي مصدر الشر، فإن خطيئة آدم يعزونها إلى المرأة، فيقولون: هي التي أغوت آدم حتى أكل من الشجرة، فصارت خطيئة، فنزل آدم إلى الأرض، فأراد الله عز وجل أن يطهر النوع الإنساني بإنزال ابنه الوحيد وهو يسوع إلى الأرض وفيها ذبح، وحينئذٍ جعلوا المرأة هي مصدر الشر وهي أساس الشرور كلها، ويصرحون بأنها شيطان رجيم.

    الأسرار المقدسة

    ومن العقائد الباطلة أيضاً الموجودة عندهم: الأسرار المقدسة، فإن العقيدة المسيحية المبدلة المحرفة هذه فيها أمور لا تدخل عقول الناس، فعندما يناقشون ويقطعون في المناقشة يقولون: هذه أسرار ربانية، ما يجوز لك أن تسأل عنها بكيف!

    والحقيقة أن هناك فرقاً بين ما يحيله العقل وما يتحير فيه العقل؛ ولهذا يقول ابن تيمية رحمه الله: إن الدين والرسل جاءوا بما يتحير فيه العقل، لا بما يحيله العقل، فلا يمكن أن تكون هناك عقيدة ربانية جاءت من عند الله عز وجل يحيلها العقل وتكون مستحيلة، وإنما كونه يتحير فيها ويعجب فيها قد يوجد هذا، كحال الغيب مثلاً، لكن هؤلاء يقولون: إن الله الإله عندهم الإله مكون من ثلاثة أشياء: الأب والابن وروح القدس؛ ولهذا لم يقتنع بها أكثر الناس.

    ويروي الشيخ رحمة الله الهندي في كتابه: (إظهار الحق) قصة لأحد القسيسين الذين ربوا ثلاثة أشخاص على أيديهم، وبعد أن ربوهم على أيديهم جاءه أحد القساوسة فاختبر هؤلاء الأشخاص، وقبل أن يختبرهم قال لصاحبه: هل علمتهم العقائد الضرورية؟ قال: نعم، فجاء بالأول وقال له: من إلهك؟ قال: أنت يا معلمي! أخبرتني أن الإله ثلاثة، نزل واحد منهم على الأرض وذبح ثم صعد إلى السماء مرة أخرى! فعنفه وأنبه وطرده!

    وجاء بالثاني وقال له: من إلهك؟ قال: إلهي عددهم ثلاثة نزل واحد منهم إلى الأرض وذبح فصاروا اثنان! فأنبه وطرده أيضاً!

    وجاء الثالث -وكان الثالث ذكياً- فقال له: إن إلهي ثلاثة، والثلاثة هؤلاء واحد، ففرح، ثم قال: نزل إلى الأرض وذبح، فليس لي إله، أي: لأنه ذبح هذا الإله في الأرض.

    وهكذا لم تكن هذه العقائد مقبولة عند أكثر الناس، فأضفوا عليها عباءة الأسرار، وأنها خاصة لا ينبغي للإنسان أن يفكر فيها أصلاً.

    العشاء الرباني

    ومن ذلك: العشاء الرباني، والعشاء الرباني هو: عبارة عن خبز يقطع ثم يوضع في ماء أو يوضع في خمر أو يوضع في أي شيء من المشروبات ثم يؤكل ويشرب فإذا أكل وشرب يقولون: كأنك أكلت لحم المسيح وكأنك شربت دمه! فإذا قيل لهم: وما هي الفائدة من أكل دم المسيح وشرب دمه؟ قالوا: هذه أسرار لا تسأل عنها!

    عبادة الصور والتماثيل

    وأيضاً من البدع والشركيات التي ظهرت عند النصارى: عبادة الصور والتماثيل، حتى أصبحت الكنيسة مليئة بالصور ومليئة بالتماثيل التي ينحتونها على شكل رهبانهم وينحتونها-فيما يتصورون- على شكل عيسى عليه السلام أو مريم العذراء.

    امتلاك الكنيسة حق الغفران وحق الحرمان وحق التحلة

    ومن ذلك أيضاً -كما قلت-: امتلاك الكنيسة للمغفرة وللجنة وتوزيع الصكوك على الناس وامتلاك حق الغفران وحق الحرمان وحق التحلة.

    فأما حق الغفران فهو: أنهم يغفرون الذنوب.

    وأما حق الحرمان فمعناه التكفير والحرمان من دخول الجنة.

    وأما حق التحلة فهو أنه يحل لهم أن يغيروا ما يريدون من العقائد حسب المصالح التي يقتضيها الدين.

    وهذا الدين بهذه الصورة وبهذه الطريقة لا شك أنكم ستجدونه ديناً خرافياً وديناً غير مقبول، فإنه يعظم فيه أشخاص، وتصبح أهواء هؤلاء الأشخاص أدياناً يدينون لله بها، فمن الطبيعي جداً أن يكون هناك طغيان، وأن يكون هناك اضطهاد، وأن يكون هناك إيذاء.

    1.   

    الطغيان الكنسي.. النشأة والأسباب

    ومن هنا نشأ الطغيان الكنسي بشكل واضح في الحياة الأوروبية، فمنعوا الناس من التفكير، ومنعوا الناس من الاختراع والتجديد، ومنعوا الناس من محاولة التحرك بأي حركة من الحركات، بل إنهم تسلطوا على الملوك ومنعوهم من كل أعمالهم إلا بإذنهم، فهم وإن كانوا يزعمون أنهم رهبان وأنهم منقطعون عن الدنيا إلا أنهم صاروا في الحقيقة الدنيا كلها لهم، فنشأ عندهم الطغيان الكنسي.

    الطغيان الكنسي نشأ من قوتين:

    القوة الأولى: القوة الدينية؛ لأنهم جعلوا كل من يخالفهم في أي رأي من الآراء كافراً، ويعطونه حق الحرمان، فإذا أحرموه فإن الدنيا لا تستطيع أن تحمله أبداً.

    والأمر الثاني الذي قوى الكنيسة على المجتمع الغربي هو: القوة التنظيمية التي نظموا بها أنفسهم، ونحن قرأنا الكلام الباطل الذي قالوه عن عيسى عليه السلام عندما قال لـبطرس كبير الحواريين: أنت بطرس وعلى هذه الصخرة ابن كنيستي.

    يقولون: إن بطرس بناها في روما، فأصبحت روما هي مركز الدين المسيحي في العالم كله، وعندما بناها أصبحت الكنائس المتفرقة مرتبطة بهذه الكنيسة، وأصبح البابا الذي هو رئيس الكنيسة الأم في روما ينطبق عليه ما ينطبق على بطرس عندما قال له المسيح في زعمهم: أعطيك مفاتيح ملكوت السماوات، وكل ما تربطه على الأرض يكون مربوطاً في السماء، وكل ما تحله في الأرض يكون محلولاً في السماء، فأعطوا البابا هذا الحق، وأصبح البابا له قوة كبيرة وتأثير في النفوس وفي الواقع أيضاً.

    ولهذا حاول بعض حكام الدولة الرومانية أن يعترضوا على الباباوات أو القساوسة، فكانت العقوبة شديدة جداً، وكانت مؤذية إلى شكل لا يتخيله أحد.

    ومن هؤلاء -مثلاً- فريدريك الثاني ، هذا الرجل كان يحكم فرنسا، وكانت فرنسا قريبة من الأندلس، وكان لهذا الرجل تأثر بالثقافة الإسلامية التي كانت تسمى في ذلك الزمان بالغزو الفكري الإسلامي، وكان هذا الرجل يجيد اللغة العربية، وله أيضاً إعجاب بأحوال المسلمين، وله دراسات في هذا الشأن، فاعترض يوماً من الأيام على أحد القساوسة الذين كانوا رؤساء للكنيسة التي كانت في فرنسا، فغضب عليه غضباً شديداً، وحرمه وتأثر تأثراً كبيراً بهذا الأمر، لكن المؤرخين الغربيين يعتبرون هذا الرجل من أقوى من صمد في وجه هؤلاء.

    ومن هؤلاء أيضاً هنري الثاني الذي كان حاكم إنجلترا، فإنه أيضاً اختلف مع أحد الباباوات، فكانت النتيجة أنه حرمه، وأمره بتعطيل الصلاة في الكنائس، وأمر ألا يعمد أحد، وأمر ألا يصلى على أحد إذا مات، وأن تذهب بالجنائز إلى القبور، وتعطل الدين النصراني المسيحي لغضب هذا البابا الذي كان في إنجلترا في تلك الفترة، وعندما رأى هذا هاج عليه الناس، فذهب هنري الثاني هذا إلى البابا، ومشى إليه حافي القدمين، وتصببت الدماء منهما، وجاء إليه، ويقولون: إن السبب في ذلك: أنه اعترض عليه أحد القساوسة قبله في دستور من دساتير الدولة أراد أن ينفذه، ثم قتل هذا القسيس، فعاقبوا هذا الحاكم، فجاء يمشي على قدميه حافي القدمين في وقت غير مناسب، وجاء وقبل تربة قبر هذا القسيس المقتول، وتاب توبة نصوح ألا يعود إلى المخالفة فيما بعد، وألغى الدستور الذي كان قد أراده.

    وهكذا يجعلون ذواتهم هي الدين، فإذا اعترض أحد على رأيهم ولو كان بالدين نفسه لا يرضى به، ثاروا عليه وهذا الطغيان الذي وجد عند هؤلاء ظاهر.

    ومن الطغيان أيضاً: الطغيان العلمي، وسيأتي تفصيله بإذن الله تعالى.

    1.   

    الثورة على الكنيسة والخروج عليها

    هذه الأجواء، وهذا الظلم الكبير أثر تأثيراً كبيراً في نفسيات الغربيين، وكانت الطريقة التي يعيش بها الغربيون في أوروبا عبارة عن إقطاعيات، يعني: دائرة من الدوائر يكون عليها سيد أو نبيل، ودائرة أخرى يكون عليها سيد أو نبيل، ويكون رئيس الإقطاعية واحد، ويكون البابا الذي في الإقطاعية أيضاً موجوداً معهم، وكانت هذه الإقطاعيات تتعامل مع الناس الموجودين كأنهم عبيد، ولا يستطيع الإنسان أن ينتقل من دائرة إلى دائرة أخرى إلا بإذن.

    وأيضاً كانت هذه الإقطاعية لا تعطي الناس حقوقهم، وإنما هم عمال تعطيهم الأكل والشرب فقط، ولا تعطيهم من الأموال إلا بقدر ما يحتاجون، ولا يمكن للإنسان من هؤلاء أن يكوّن ثروة أو أن يعمل مشروعاً تجارياً.

    هذه الضغوط التي تكونت على الناس في فترات متعددة هيأت الناس للغضب على هؤلاء، خصوصاً مع الاحتكاك مع العالم الإسلامي من خلال الأندلس، ومن خلال أيضاً الجيوش التي كانت تنقل إلى الحروب الصليبية في بلاد الشام، فأصبحت هناك عدة ثورات على الديانة المسيحية وعلى الحكومات الغربية، فثار مارتن لوثر على الكنيسة وقال: إنكم أنتم تجعلون رجال الدين لهم حق التفسير فقط، وليس كذلك، بل حق التفسير لكل نصراني، وبهذا استطاع أن يشق الكنيسة الغربية إلى قسمين.

    الكنيسة الشرقية، وهي التي تمثلها مذهب مارتن لوثر هذا.

    والكنيسة الغربية، وهي التي ما زالت على العقائد السابقة.

    وظهرت أيضاً ثورة في فرنسا، هذه الثورة التي ظهرت في فرنسا كانت ثورة قوية جداً، ونظم لها اليهود، واستطاعوا أن يحمسوا الناس ويشجعوهم على الخروج على الأباطرة وعلى الكنيسة، فخرج الناس، وكان شعارهم في هذه الثورة قولهم: دعه يعمل، دعه يمر، يعني: دعه يتحرك وينتقل بشكل حر، وأيضاً من شعاراتهم أنهم كانوا يقولون: اشنقوا آخر نبيل بأمعاء آخر قسيس، يعني: اقضوا على هذين النوعين اللذين جاءا بالبلاء وبالنكبات بالنسبة لهم.

    1.   

    أثر اليهود في الحياة الأوربية

    وفي هذه الفترة استطاع اليهود أن يؤثروا تأثيراً كبيراً في الحياة الأوروبية، فكيف تم ذلك؟

    اليهود كانوا عند الغربيين مذمومين، فالغربيون كانوا يذمونهم وكانوا يسبونهم، وكانوا يعتبرونهم شريرين، وكانوا يذلونهم إذلالاً كبيراً، فلما بدأت الثورة في فرنسا -وهي التي يسميها كثير من الكتاب اليوم: ثورة النور- كانوا ممن ناصرها، وسنلاحظ ما هي النتائج التي حصلت لهذه الثورة الفرنسية.

    وممن رتب لها الجمعيات الماسونية التي كانت منتشرة في تلك الفترة في فرنسا، وكانت الجمعيات الماسونية تأخذ تعليماتها من اليهود، وأنتم تعلمون أن النفسية اليهودية مبنية على أنهم شعب الله المختار، وعلى أن الأممين جميعاً بما فيهم المسلمين والنصارى وأيضاً الأديان الأخرى جميعاً كلهم يعتبرونهم حميراً يركبهم شعب الله المختار، وهذا ما ينص عليه التلمود عندهم.

    والتلمود هذا هو: عبارة عن خطط وأفكار كتبها زعماء اليهود، وهي ليست من التوراة ولا علاقة لها بالتوراة.

    فاستغل اليهود رغبة الجماهير في الخروج على رجال الدين وعلى الحكام أو الإقطاعيين الذين كانوا يحكمون الإقطاعيات، وكان بالإمكان لو لم يستغل اليهود هذه الفرصة أن يثور النصارى هؤلاء على رجال الدين، فيمنعون هؤلاء الرجال المفسدين للدين، ويبقى فيهم احترام للدين واحترام للأخلاق واحترام للآداب؛ لأن المرأة -مثلاً- في تلك الفترة -يعني: في زمن الإقطاع- لم تكن متبرجة، بل كانت تضع على رأسها منديلاً، وتلبس الأكمام الطويلة والملابس الضافية، ولا تكشف إلا وجهها، لكن لما دخل اليهود في هذه الثورة وجهوها وجهة سيئة كان لها آثار كبيرة جداً في المجتمع الغربي نشاهدها الآن، فكيف وجهوها؟

    وجهوا غضبة الجماهير لقدح الدين نفسه، فإنهم أوحوا لهم من خلال الخطب التي كانوا يلقونها ومن خلال تحريم الناس، ومن خلال النظريات العلمية التي أحدثوها فيما بعد، أوحوا إليهم أن سبب التخلف الواقع في أوروبا هو بسبب الدين، أياً كان هذا الدين، سواء كان ديناً صحيحاً أو ديناً باطلاً، فلما اقتنع الجماهير بأن الدين هو السبب ظهر الإلحاد، وظهر في المجتمع الغربي من ينكر وجود الإله، ومن يضحك على الرسل ويستهزئ بهم، وظهر في المجتمع الغربي نظريات مبنية على الإلحاد، وسيأتي معنا شيء منها عند التفصيل بإذن الله تعالى.

    إذاً: وجه اليهود الثورة الفرنسية لضرب الدين نفسه، فكانت الثمرة ظهور الإلحاد، هذا من جهة الدين، فإنهم غضبوا على رجال الدين.

    وأما من جهة السياسة فاليهود كما تعلمون محتقرون، واليهود يعتبرون شريرين خبثاء، فوجهوا الجماهير أيضاً إلى الديمقراطية، وقالوا: إن الحكومات لا يجوز أبداً أن تبقى بيد رجل واحد، بل لا بد أن تكون مشتركة من الجماهير جميعاً، الشعب كله يشارك فيها، يشارك في سن القوانين، ويشارك في سن الأنظمة، بغض النظر عن الدين أو الأخلاق أو الجنس أو اللون، فما دام أن الإنسان في بلد واحد، وأنه يحمل جنسية هذا البلد فله حق التصويت حتى ولو كان على أي دين، وحينئذٍ ألغيت الاعتبارات القومية في الديمقراطية، وألغيت الاعتبارات العرقية، وألغيت الاعتبارات الدينية، فكانت هذه فرصة مناسبة لمشاركة اليهود في العمل السياسي مع الغربيين.

    أما من جهة الأموال فإن الفترة التي ظهرت فيها الثورة الفرنسية كانت فترة نشوء الصناعة في أوروبا، ولما نشأت الصناعة كان في ذلك تحول ونقلة جذرية في المجتمع، فانتقلوا من مجتمع يعتمد على الزراعة -والزراعة قديمة، والربح فيها مضمون- إلى المجتمع الصناعي الجديد الذي لا يعرفون طبيعته وقد يفشلون، فكثير من أصحاب الأموال خصوصاً أصحاب الكنيسة ورجال الإقطاعيين السادة أو النبلاء ما كانوا يريدون أن يضعوا أموالهم في أيدي هؤلاء أصحاب الصناعة؛ لأنهم لا يعلمون هل تنجح أو لا تنجح، فجاء اليهود واتفقوا مع أصحاب الصناعة الذين يريدون إنشاء مصانع وتحريك العمل الصناعي على أن يقرضوهم بالربا، وأنتم تعلمون أن اليهود هم أهل الربا وسادته، فيعطونهم أموالاً ويقولون: تردون هذه الأموال وعليكم زيادة نسبة بقدر كذا، فهم استطاعوا أن يحفظوا أموالهم من جهة فلم تتعرض للخطر والمغامرة، فهم لم يدخلوا معهم شركاء وإنما دخلوا مقرضين، واستطاعوا أن يكسبوا بالربا، فكونوا أول فكرة للإقراض بالربا، وهي التي يعيش عليها أكثر العالم اليوم مع الأسف، فمثلاً: شخص عنده صناعة، وعنده عمل يريد أن يقوم به، يقترض من صاحب مال ويأخذ المال هذا ويعطيه ربحاً أو فائدة -كما يسمونها- بقدر كذا، فهو يعمل فيه، فإذا جاءته نتائج العمل أعطاه نسبة وأخذ الباقي، فكون اليهود بهذه الطريقة رأس مال ضخم جداً، واستطاعوا أن يؤثروا في الحياة الاجتماعية من خلال الإعلام فيما بعد، فإن الذي يشكل عقليات الناس هو الإعلام كما هو معلوم، وحينئذٍ استطاع اليهود أن يوجهوا العقلية الأوروبية بهذه الطريقة، فأصبح اليهود هو الراكب على ظهر الحمار الأوروبي الذي وجه كما أرادوا؛ ولهذا تلاحظون اليوم أن اليهود يؤثرون تأثيراً كبيراً جداً في مجريات الحياة الغربية، وتلاحظون أن الغرب اليوم متحمس لليهود تحمساً كبيراً، فما هو سر هذا التحمس؟

    هذه قضية واضحة، نشأتها التاريخية من الثورة الفرنسية تقريباً.

    1.   

    نتائج الثورة الفرنسية

    الثورة الفرنسية من نتائجها الإلحاد من خلال النظريات التي نشأت في علم النفس وفي علم الاجتماع، وفي علم الاقتصاد وفي السياسة، وفي شئون المرأة، وفي شئون التعليم، وفي أمور كثيرة متعددة، نشأ الإلحاد، وكان أئمة هذه النظريات هم من اليهود هذا أمر.

    الأمر الثاني: تكونت الديمقراطية التي اختفى فيها العنصر الديني في المشاركة السياسية، فاستطاع اليهود أن يصلوا إلى أعلى المناصب في الحكومات الغربية.

    الأمر الثالث: استطاع اليهود أن يكونوا أموالاً ضخمة من خلال الربا الذي أعطوه لأصحاب الصناعات، فكونوا أموالاً ضخمة جداً، واستغلوا وسائل الإعلام للتأثير في العقلية الأوربية.

    الأمر الرابع من نتائج الثورة الفرنسية: تحرر المرأة، فإنه عندما ظهرت الثورة الفرنسية ظهرت بمجتمع جديد، هذا المجتمع الجديد الذي ظهرت به الثورة الفرنسية احتاج إلى عمال، واحتاج لمشاركة، وأصبح الناس ليس عندهم ما يقتاتون به، فاضطرت النساء للعمل، وفي البداية حين بدأ عمل المرأة الذي ظهر في الثورة الفرنسية كان ما زال محتشماً بالطريقة التي عندهم؛ حيث كانت تظهر المرأة مغطية رأسها ويديها، لكنها مع احتكاكها بالرجال، وقد يضطرها العمل للانتقال إلى مكان آخر، وتجلس مع الرجال، وحينئذٍ كثرت الفواحش وكثر الفسوق.

    1.   

    ظهور نظرية دارون وأثرها في الحياة الغربية

    ظهرت نظرية خطيرة في المجتمع الغربي وهي (نظرية دارون )، ردت الإنسان إلى حيوان، وقالت: إن الإنسان أصلاً هو عبارة عن نتيجة لتطور سابق، هذا التطور السابق هو أنه قبل أن يكون إنساناً كان قرداً، وقبل أن يكون قرداً كان يرقة مثلاً، وقبل أن يكون يرقة.. وهكذا!

    وهذه النظرية هي لعالم من علماء الأحياء اسمه دارون ، هذه النظرية كان لها تأثير كبير في المجتمع الغربي، ومن تأثيراتها في المجتمع الغربي أولاً تحطيم العقيدة الدينية؛ وذلك أنه عندما يعتقد الإنسان أن أصله حيوان فإذاً الرسل لا داعي لهم، والأديان لا داعي لها.

    الأمر الثاني: نشر الحيوانية والشهوانية في المجتمع، فإنه عندما يكون جد الإنسان حيواناً يكون هو مثله، والحيوان لا يتورع من الزنا، ولا يتورع من التكشف، ولا يستحي من إظهار عوراته.

    وكان من آثارها أيضاً تحطيم ما يسمى بالعيب، فلم يصبح عند الغربيين شيء يسمى عيباً، بل الإنسان يعمل ما يريد، وما يشتهي.

    وكان شعار الثورة الفرنسية كما سبق أن أشرنا هو الحرية والمساواة.

    والحرية والمساواة أيضاً شجعت المرأة على أن تنظر إلى الرجل على أنه مثلها، وشجعت الرجل على أن المرأة مثله، وحينئذ حصل التفسخ قليلاً قليلاً في المجتمع الغربي.

    1.   

    تدرج الغربيين في التفسخ والانحلال

    هذه الفترة التي أرخنا لها هي فترة طويلة جداً، وربما تكون أكثر من أربعة أو خمسة قرون، ونحن اختزلناها في لقاء واحد، لكن التأثير كان تدريجياً، ولم يكن دفعة واحدة، فأصبحت المرأة كما تلاحظون الآن في الغرب تأتي ويمكن أن تكشف عورتها، ويمكن أن يضاجعها الرجل فينظر إليها الملايين من البشر عن طريق القنوات الفضائية أو عن طريق الأفلام أو ربما في مسرح وليس في هذا أي عيب عندهم! وليس في هذا أي غضاضة وأي مشكلة! ويمكن للمرأة أن تمارس هذا بشكل طبيعي! بل إنهم تجرءوا حتى على الشخصيات المقدسة، فقامت شركة سويدية في عام 1397هـ بعمل فيلم سينمائي عن حياة المسيح الجنسية كما يقولون!!

    ولم ينكر عليهم أحد، وانتشر الفيلم بشكل عادي؛ لأن هذا من حقهم وهو أمر طبيعي جداً! فاستحال الغرب إلى مجتمع هذه صورته، وهذه حالته الموجودة فهو من الناحية الأخلاقية صفر، بل تحت الصفر؛ لأنه ليس عنده شيء من العيب، وليس عنده شيء خطأ، فالمرأة تعمل ما تشاء، والرجل يعمل ما يشاء، وكلٌ يعمل ما يريد.

    ومن الجهة الدينية من جهة المذاهب ظهرت مذاهب غذاها اليهود، هذه المذاهب اجتمع عليها طوائف، وصار لها مفكرون وكتاب، وفي هذه الفترة التي كانت فترة ضياع فكري وضياع نفسي وضياع خلقي، هذه الفترة كونت شذوذاً غريباً في المجتمع الغربي، كونت شذوذاً في الأخلاق، وكونت شذوذاً في الأفكار، وكونت أفكاراً غريبة وآراء ومناهج غريبة ليست طبيعية.

    ولو أردنا أن نتحدث عن الإحصائيات الموجودة عند الغربيين في الشذوذ الجنسي أو في الأخلاق والآداب، أو في أمر من الأمور، فإن الإحصائيات كثيرة ومنتشرة وما زال الناس يتحدثون عنها، وما زال الإعلام يظهر هذه الأشياء بالتفصيل.

    إذاً: أيها الإخوة! استطاع اليهود من خلال الثورة الفرنسية أن يغير المجتمع الغربي تغييراً جذرياً، وأن يركب عليه، وأن يوجهه حيث أراد.

    وأيضاً تبع هذه المسألة أن العالم الإسلامي في تلك الفترة كان ضعيفاً كما هو معلوم، فسقطت الخلافة في تلك الفترة وتفكك العالم الإسلامي، وصارت أحداث وأمور كثيرة هيأت لوجود هذه الأفكار وهذه المذاهب، وسيأتي الحديث عن بداية التغريب، وبداية نشوء المذاهب في العالم الإسلامي والتأثر بأفكار الغربيين، واعتناق أفكار الغربيين، والدعوة إليها كما قال بها أصحابها بالتفصيل إن شاء الله في لقاءات قادمة.

    أسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح.

    وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

    1.   

    الأسئلة

    حكم تسمية الدين النصراني بالدين المسيحي

    السؤال: هل تقول: الدين المسيحي أم الدين النصراني؟

    الجواب: الدين الصحيح الذي جاء من عند الله عز وجل هو الدين النصراني، والمهم أنه عندما يقول الإنسان: الدين النصراني أو الدين المسيحي وهو يقصد معنىً صحيحاً فلا شيء فيه إن شاء الله، والله عز وجل سماهم في القرآن النصارى.

    أهمية نقد المذاهب العصرية المنحرفة وبيان خطرها

    السؤال: ألا ترى التعرض لبعض المذاهب المعاصرة مثل العلمانية والحداثة والقومية وغيرها؟

    الجواب: نحن سنتحدث عن هذه المذاهب بالتفصيل، لكن هذه مقدمة عن نشأة المذاهب في الغرب: كيف نشأت؟ وما هي ظروف النشأة؟ ثم بعد ذلك سنتحدث عن كل مذهب بالتفصيل على قدر الطاقة إن شاء الله.

    بيان خطأ مقولة: (إن اليهود وراء كل شيء)

    السؤال: أليس هناك مبالغة في أن اليهود وراء كل شيء؟

    الجواب: لا شك أن اليهود ليسوا وراء كل شيء، وليست عندهم قدرات خارقة عن البشر، لكن اليهود جاءتهم فرص تاريخية فاستغلوها، واستفادوا منها ووجهوها، هذا من جهة.

    ومن جهة أخرى: كان المجتمع الغربي فيه عوامل نفسية وعوامل عقدية وتاريخية ساعدت على استفادة اليهود منها؛ لأنه لو كان دينهم صحيحاً، وكان الخطأ في رجل أو رجلين، وكان الدين الصحيح هذا مغروساً في نفوس الناس لما استجابوا لتوجيهات اليهود بالإلحاد أو بالفساد.

    إذاً: ليس اليهود وراء كل شيء، والذين يدعون أن اليهود وراء كل شيء لا شك أن هذا خطأ، لكن أيضاً من جهة أخرى لا شك أن لهم أثراً وأن لهم تأثيراً، لكن لا يعني هذا أن تأثيرهم تأثير غير بشري وغير طبيعي، بل هو تأثير طبيعي وعادي، ويمكن التغلب عليه بالنسبة للمسلمين أو غيرهم.

    حقيقة مذهب اليهود

    السؤال: لقد سمعت أن هناك مدرسة لليهود قديمة هي السبب في نشوء الكثير من الأفكار فما صحة ذلك؟

    الجواب: اليهود يا إخوان عبارة عن مجتمع مغلق، اليهود لا يدعون إلى عقائدهم، فالنصارى الآن يدعون إلى التنصير، ويحاولون أن يدخلوا من استطاعوا في عقيدتهم، أما اليهود فلا يمكن، اليهودية دين قومي لأشخاص ينتسبون إلى أسباط إسرائيل عليه السلام، ينتسبون إلى هؤلاء، فالدين القومي هذا جعلهم يتكاتفون ويتعاونون، ويشعرون أن الناس جميعاً ضدهم، ولأجل هذا وضعوا خططاً، هذه الخطط هي عبارة عن كتب مشروحة سميت التلمود، وهي خطط لإنجاح هذه الديانة وإنجاح هذا المجتمع القومي وإظهاره، فكيف يتم لهم ذلك؟ يتم لهم ذلك بإفساد عقائد الآخرين؛ ولهذا اليهود يعتقدون أن إفساد عقائد الآخرين وإفساد أخلاق الآخرين من العمل الجاد لنصرة اليهود، يعني: اليهود لا يشكون في أن عقائد الإلحاد باطلة، بل يعرفون أنها باطلة، لكن يروجون لها، وينشرونها، ويخترعون عقائد باطلة حتى يضل بها الناس؛ لأنهم يعتقدون أن ضلال الناس وفساد الناس أخلاقياً فرصة سانحة لظهورهم وبروزهم وتمكنهم في المجتمع، هكذا يعتقدون، وهذه فكرتهم؛ ولهذا يمكن أن تظهركثير من النساء اليهوديات في أفلام جنسية مثلاً، أو تعرض نفسها للفواحش لإفساد الآخرين، ويعتبرون هذه المرأة مؤثرة، ولهم قصة في هذا:

    عندما حاربهم بختنصر وقتلهم قتلة شنيعة جداً، وسجن منهم عدداً كبيراً، دخلت امرأة من اليهود على أحد ملوك هؤلاء الذين سجنوا اليهوديين فمكنته من نفسها وطلبت منه أن يطلق قومها، فأطلقهم، فأصبحت هذه المرأة مشعلاً، وأصبحت هذه المرأة مناراً، وأصبحت هذه المرأة جزءاً من تاريخ اليهود، يمجدون فيها ويمدحون فيها ويعظمونها؛ لأنها أطلقت قومها حتى ولو قدمت نفسها للفاحشة وقدمت نفسها لأي أمر من الأمور!

    حكم قراءة الإنجيل وغيره من الكتب السماوية

    السؤال: ما حكم قراءة الإنجيل وغيره من الكتب السماوية للتعرف عليهم وعلى عقائدهم؟

    الجواب: الأصل أن قراءة كتب أهل الكتاب لا تجوز للتلقي والتفهم واستمداد العقائد؛ لأنها كتب محرفة باطلة، فلا يجوز النظر فيها بهذا الاعتبار؛ ولهذا لما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في يد عمر بن الخطاب رضي الله عنه نسخة من التوراة غضب، وقال: (أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب ؟! والذي نفسي بيده! لو كان موسى حياً ما وسعه إلا اتباعي)، لكن الاطلاع عليها للرد وبيان الخطأ والزلل هذا أمر لا شيء فيه، ولا إشكال فيه بإذن الله.

    بيان أن عيسى عليه السلام حي لم يمت

    السؤال: هل عيسى توفي أم أنه حي إلى هذا الوقت؟

    الجواب: عيسى عليه السلام لم يمت، بل رفعه الله سبحانه وتعالى إليه، كما قال الله عز وجل، وسينزل في آخر الزمان ويحكم بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم، ويقتل الخنزير، ويكسر الصليب، ويضع الجزية، وليس معنى وضع الجزية أنه يبدل ما وضعه الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما معنى وضع الجزية: أنه لا يكون هناك أحد يدفع الجزية، وحينئذٍ تكون في صورة الموضوعة.

    سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767079887