إسلام ويب

شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة - خلافة أبي بكر الصديقللشيخ : محمد حسن عبد الغفار

  •  التفريغ النصي الكامل
  • هناك كثير من الرجال الأبطال الذين ضربوا لنا أروع الأمثلة في الصدق والإخلاص والثقة بالله، والثبات على دينه، والجود بما رزقهم الله من فضله، وقول الحق والعمل به، ومن هؤلاء أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه، فهو أفضل هذه الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفضائله ومناقبه كثيرة.

    1.   

    خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه

    مبايعة الصحابة لأبي بكر

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

    يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1].

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

    ما زلنا مع خير البرية على الإطلاق -سوى الأنبياء والمرسلين-، مع أرحم هذه الأمة بهذه الأمة، مع ألين الناس قلباً وأفقههم في دين الله جل وعلا، وأبرهم قلبا رضي الله عنه وأرضاه، مع صديق هذه الأمة، وقد تكلمنا عن فضائله رضي الله عنه وأرضاه، ووصلنا إلى وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم فقد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم -كما سنبين- وكانت المصيبة به جلل، فذهب أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه إلى سقيفة بني ساعدة، حيث اجتمع الأنصار فيها ليختاروا لهم خليفة يبايعونه؛ من مات وليس له بيعة مات ميتة جاهلية، خاصة وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات، فلا بد من أمير يخلفه صلى الله عليه وسلم في هذه الأمة الغراء، فاجتمعوا في سقيفة بني ساعدة؛ واجتمعت كلمة الأنصار على سعد بن عبادة رضي الله عنه وأرضاه، فلما علم أبو بكر بذلك ذهب إليهم هو وعمر وأبو عبيدة بن الجراح ، قال عمر : فزورت كلاماً، يعني: جملت الكلام بفصاحة وبلاغة حتى تكون الحجة قوية معنا، قال: فزورت كلاماً فذهبت، فلما دخلت هممت أن أتكلم، فقال أبو بكر : اسكت، فسكت عمر ، فقام أبو بكر خطيباً في الناس يتكلم بعدما قال الحباب بن المنذر رضي الله عنه وأرضاه: منا أمير ومنكم أمير، أي: من الأنصار أمير ومن المهاجرين أمير، قال عمر : ما أردت كلمة قد زورتها أن أتكلم بها إلا وقد تكلم بها أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه وأبلغ في المقالة، وكانت له الحجة القوية على الأنصار، قال لهم: أيها الناس! لكم فضلكم، ثم بين لهم فضائلهم، ومدحهم وبين لهم مكانتهم عند رسول الله، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لو سلك الأنصار فجاً لسلكت فج الأنصار)، ثم قال رضي الله عنه: إن الله جل وعلا قد سمانا في كتابه الصادقين، وسماكم المفلحين، وأمركم أن تتبعوا الصادقين حيث قال جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة:119]، ثم قال لـسعد بن عبادة بعدما اجتمعوا عليه أن يؤمروه عليهم: أما تذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الناس تبع لقريش في هذا الأمر) أي: في الولاية والإمارة، قال: سعد: صدقت، فقام الناس يبايعون فقال أبو بكر : إني أرجح لكم أحد الرجلين: عمر وأبا عبيدة ولكن كل واحد منكم يعلم منزلة الآخر، ورحم الله امرأً عرف قدر نفسه، وأنزل الناس منازلهم.

    وقال عمر: لأن أقدم فتضرب عنقي خير لي من أقدم على أمة فيها أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه، ثم قام عمر فقال: ابسط يدك يا أبا بكر ، فبايعه، فبايعه أبو عبيدة، ثم تتابع الأنصار يبايعونه.

    قال بعض العلماء: كان فيهم علي، وبعضهم قال: لم يكن معهم، والاختلاف يدور حول بيعة علي لـأبي بكر، وهل تخلف عن البيعة أم لا؟

    فإنه لما بلغ فاطمة نعي رسول الله صلى الله عليه وسلم جلست في بيتها حزينة، فقال بعضهم: جلس علي معها واستخفى عن الناس -لم يظهر- وقيل: بايع في سقيفة بني ساعدة، وقيل: بل بايع في اليوم الثاني عندما قام أبو بكر خطيباً في الناس، وألقى كلمة يجب أن تكون نبراساً لكل حياة، ويجب أن تكون في كل بلدة من البلاد، قال أبو بكر : أطيعوني ما أطعت الله ورسوله فيكم، فإن عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم، ثم قال رضي الله عنه وأرضاه: الضعيف منكم قوي عندي حتى آتي بحقه، والقوي ضعيف عندي حتى آخذ منه الحق، ثم قال : إني لست بخيركم فأقيموني أيها الناس! فقام علي رضي الله عنه إلى منبر أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه، وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رضيك لديننا فكيف لا نرضاك لدنيانا.

    واستتب الأمر بذلك، واتفق الناس بالإجماع على أن أفضل الصحابة على الإطلاق هو الخليفة -خليفة رسول الله، أبو بكر- وظهرت حكمة الله جل وعلا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يأبى الله ويأبى المؤمنون إلا أبا بكر) يعني: يأبى الله أن يضع في هذا المكان إلا الأفضل، وهو أبو بكر ، ويأبى المؤمنون ذلك، وقد رضي المؤمنون واتفقوا على أن أبا بكر هو خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    نماذج من رحمته ورقة قلبه رضي الله عنه

    بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتجفت المدينة وزلزل المسلمون زلزالاً شديداً بهذه المصيبة العظيمة، وتكالبت أمم النفاق مع الكفر، وظهر النفاق أمام الصحابة رضوان الله عليهم، وارتد من العرب من ارتد، كما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ما ثبت على الإيمان إلا طوائف من أهل المدينة والطائف ومكة، وارتد كثير من العرب على عهد أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه.

    وفي هذه الأوقات كان لا بد من شخصية ثابتة راسخة كالجبال الشم الشوامخ، تظهر معالمها في هذه الأوقات الحالكة، تجمع بين القوة والصلابة وبين الشفقة والرحمة، وقد ظهرت هذه الأخلاق في أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه.

    فقد طبق واقعاً قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (أرحم أمتي بأمتي أبو بكر)، رضي الله عنه وأرضاه.

    فظهرت رحمته جلية في عتق العبيد، فقد كان يطوف في مكة فيرى بلالاً في حر الرمضاء، وأمية بن خلف يسوءه سوء العذاب، فذهب إليه واشتراه بمال كثير وأعتقه، وأنفق كل ماله رضي الله عنه وأرضاه رحمة وشفقة على أهل التوحيد، ولذلك كان عمر رضي الله عنه يقول: أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا، رضي الله عنهم أجمعين، ومر ذات مرة بـزنيرة أمة من الإماء كانت عند عمر بن الخطاب ، فكان يسومها سوء العذاب قبل أن يسلم رضي الله عنه وأرضاه، حتى إنها من شدة العذاب عمي بصرها، وقالوا: قد خطف بصرها اللات والعزى، فقالت: لا والله! رب العباد قادر على أن يعيد علي بصري، هو الذي أخذه وهو القادر على أن يعيده، فأعاد الله عليها بصرها في تلك الليلة فاشتراها أبو بكر وأعتقها لوجه الله رحمة وشفقة ورأفة منه رضي الله عنه وأرضاه.

    بل ظهرت رقة قلبه في صلاته، وهذه النعمة منة من الله تعالى يتذوق بها المؤمن حلاوة الإيمان، ولا يتذوقها إلا من رحمه الله ولطف به وأنعم عليه، كما قال شيخ الإسلام : في الدنيا جنة من دخلها دخل جنة الآخرة، هذه الجنة هي حلاوة الإيمان، وقد كان أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه بمكة يتخذ داره مسجداً فيصلي بالليل خاشعاً راكعاً متدبراً آيات الله جل وعلا، فكان يقرأ فيبكي بكاء شديداً فتأتي النساء والصبيان إليه، فخاف أهل مكة على نسائهم وصبيانهم من الفتنة -حسب زعمهم- من هذا الدين.

    وظهر ذلك جلياً من قول عائشة رضي الله عنها حين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين: (مروا أبا بكر فليصل بالناس، فقالت: يا رسول الله! إن أبا بكر رجل إذا صلى بالناس بكى فلم يفقه الناس عنه شيئاً، فقال: مروا أبا بكر فليصل بالناس) .

    نماذج من جوده وإنفاقه رضي الله عنه

    ومع هذا اللين والرأفة والرحمة كان هو المثل الأعلى في الجود والإنفاق، فقد كان ينفق ما معه ولا يخشى شيئاً، وضرب أروع الأمثلة في هذا الجانب، عاملاً بقول الله: وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ [المطففين:26].

    فقد استنفر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس لتجهيز الجيوش، فجاء عمر فقال: اليوم أسبق أبا بكر ، فذهب وأتى بشطر ماله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: خذ يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما تركت لأهلك يا عمر ؟ قال: تركت لهم شطر مالي)، فأثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بما فعل، ثم جاء أبو بكر بماله فوضعه أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ماذا تركت لأهلك يا أبا بكر قال: تركت لهم الله ورسوله)، انظروا إلى الجود والكرم، انظروا إلى التوكل واليقين التام بالله، فقال عمر : والله لا أسبقك بعد اليوم.

    جوانب من قوته وثباته على الحق

    إنفاق وجود ورحمة ولين، ثم في الجانب الآخر من شخصيته كان فيه القوة وفيه الثبات والعزيمة حتى عند الأحزان، فعندما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي ارتجت المدينة وزلزل المؤمنون زلزالاً عظيماً، فمنهم من قال: رسول الله لم يمت، ومنهم من سكت ولم يتكلم، ومنهم من خر مغشياً عليه، حتى إن عمر أخذ سيفه وقال: من قال: إن رسول الله قد مات لأعلونه بسيفي، فإن رسول الله ذهب إلى ربه أربعين ليلة كما ذهب موسى، وسيرجع وليقطعن أيدي وأرجل المنافقين، ثم جاء أبو بكر وكان في العوالي، جاء يعلمهم ويعلمنا القوة والعزم الثبات عند الحيرة والاضطراب، جاء أبو بكر ودخل فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم -بأبي هو وأمي- فكشف عن وجهه الغطاء وقبل بين عينيه وقال: فداك أبي وأمي يا رسول الله، عشت حياً وميتاً، لا يجمع الله لك الموتتين، وهذا معناه أن الموتة الأولى هي موتة الدنيا، والموتة الثانية هي الموتة التي في القبر، وقد سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم نوم العروس، فالرسول صلى الله عليه وسلم لا تأتيه في البرزخ هذه الموتة؛ لأن الأنبياء أحياء، ثم خرج رضي الله عنه فقال لـعمر: اسكت، فذهبت الحيرة والاضطراب، ثم قام على المنبر وقال: أيها الناس! إن محمداً قد مات فمن كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، ثم تلا عليهم قول الله تعالى: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِينْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا [آل عمران:144] .

    قال عمر : فلما سمعت هذا أغشي علي، وكأني لم أسمع هذه الآية إلا حين تلاها أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه، فانفض الناس، ومشوا في سكك المدينة يتلون: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِينْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ [آل عمران:144]، وثبت الله جل وعلا المدينة بأسرها بسبب هذا الرجل الجبل الشم الشامخ رضي الله عنه وأرضاه.

    موقف آخر من ثباته رضي الله عنه، هذا الموقف في صلح الحديبية، عندما قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الصلح؛ لأنه يريد من الناس أن يدخلوا في دين الله أفواجاً، فليسمع المتنطعون الذين يقولون: انتشر هذا الدين بالسيف، والله لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع سيفه إلا في وجه العدو العاتي الذي يريد محق بركة هذا الدين الإسلامي، ومحق هذه الدعوة، فقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الصلح وشروطه، فقال عمر بن الخطاب حين رأى هذه الشروط، ومنها قول كفار قريش: من جاءكم منا مسلماً لا بد أن تردوه علينا، ومن جاءنا منكم لا نرده عليكم، فقال عمر: يا رسول الله! ألسنا على الحق؟ قال: (بلى، قال: أليسوا على الباطل؟ قال: بلى، قال: فلم نعطي الدنية في ديننا، فقال: أنا رسول الله، ولن يخزيني الله، فقال له: يا رسول الله! أما قلت لنا: إننا نأتي البيت ونطوف به؟ قال: بلى، ولكن أقلت لك: هذا العام؟ قال: لا، قال: فإنك تأتي البيت وتطوف به)، فـعمر لم يستطع أن يحتمل هذه الشروط، فذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له هذا الكلام، ثم إنه ذهب إلى أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه فقال: يا أبا بكر ألسنا على الحق؟ قال: بلى، قال: أليسوا على الباطل؟ قال: بلى، قال: فلم نعط الدنية في ديننا؟ قال: هو رسول الله، ولن يخزيه الله، ثم قال عمر : ألم يقل لنا أننا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال: أقال لك تأتي هذا العام؟ قال: لا، قال: فإنك ستأتي البيت وستطوف به.

    فـأبو بكر لم يسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نزل عليه وحي ولكنه توافق القلوب، فبهذا ثبت عمر وثبت الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، وصدق القائل: إن لله عباداً يجعلهم لتثبيت العباد، الله جل وعلا ينصب عباداً للأوقات الشديدة الحالكة حتى يثبت بهم عباده الذين يمكن أن يرتجفوا عندما تتوالى الأمور والأحداث، وكان سيدهم أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه.

    وعندما كفر من كفر من العرب، وارتد من ارتد منهم، ومنع الناس الزكاة، واشتد الأمر على المسلمين، ورمت العرب الإسلام بقوس واحدة، واشرأبت أعناق اليهود والنصارى، فكان لا بد من استئصال هؤلاء الذين يريدون القضاء على الدولة الإسلامية، ولا بد من قتلهم أجمعين، فقام أبو بكر بقتال هؤلاء، حتى إن عمر القوي في دين الله، الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: (وأقوى هذه الأمة في أمر الله عمر)، قال له: ارفق بالناس يا أبا بكر! فقال له أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فقال له عمر : كيف تقاتل قوماً قالوا: لا إله إلا الله محمد رسول الله؟ فإن منعوك الزكاة فلا تقاتلهم، بل ارفق بهم حتى يرجعوا إلى حظيرة الإسلام، فقال أبو بكر رضي الله عنه: والله لو منعوني عناقاً أو عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه، قال عمر : والله لقد وجدت أن الحق مع أبي بكر ؛ لأن أبا بكر شد عليه وقال: أردت نصرتك فتأتيني بخذلانك! أجبار في الجاهلية خوار في الإسلام! والله لأقاتلنهم والله لأقاتلنهم، ثم نزل على رأيه وقاتل مانعي الزكاة، وكان هذا القتال أول تثبيت لعروش أهل الإسلام في هذه الآونة الصعبة.

    إنفاذه لجيش أسامة

    الأمر الثاني: وهو أشد من الأول، حيث كان المسلمون في قلة، والردة كثيرت قام أبو بكر فأمر أسامة على جيش حتى يؤدب القبائل العربية التي تخضع لحكم الروم، وحتى يثأر أسامة رضي الله عنه وأرضاه لأبيه زيد ولـجعفر ولـعبد الله بن رواحة - الذين استشهدوا في غزوة مؤتة - فأمره على جيش عرمرم، وأراد أن ينفذ هذا الجيش، فجاء الأنصار والمهاجرون يقولون: يا عمر ! اذهب إلى خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن العرب قد رمتنا عن قوس واحدة، والكل ينظر إلينا، وإن المدينة ستخرب إذا ذهب هذا الجيش، أي: لا بد أن يبقى هذا الجيش مرابطاً لحماية المدينة، فقال عمر لـأبي بكر : كيف ينفذ جيش أسامة والمدينة فيها ما فيها وأنت ترى ما ترى من ردة العرب! فقال: والله لينفذن هذا الجيش؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بذلك قبل وفاته، والله لا أغيرن أمراً أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهنا يتجلى بوضوح أن المتمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم هو الفائز، ودائماً هو على الصواب، ولو خالفه أهل الأرض كلهم فإن الله سيظهر أن الحق معه، فلما علم الأنصار أنه لن يتراجع عن هذا الأمر طلبوا من عمر أن يطلب منه أن ينحي أسامة عن إمارة الجيش؛ لأنه شاب صغير فكيف يكون أميراً على هذا الجيش العرمرم، الذي سوف يذهب إلى الروم؟ فكلمه عمر ، فقال: ثكلتك أمك يا عمر ، قد رفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذه المنزلة، أأضعه أنا! لا والله، إمارة الجيش لـأسامة بن زيد رضي الله عنه وأرضاه، ثم كلمه الناس أن يجعل عمر رضي الله عنه وأرضاه معه مشيراً ومعيناً، فنزل أبو بكر لهذا الرأي، ثم ذهب مع أسامة يودعه، فغبر قدمه في سبيل الله، فقد كان يمشي على الأرض، وأسامة -أمير الجيش- يقول: يا خليفة رسول الله! إما أن تركب وإما أن أنزل، قال: لا، والله لأغبرن قدمي في سبيل الله سبحانه وتعالى، ثم أوصاه بوصايا، يا ليت أهل الكفر يسمعون هذه الوصايا، وكانت عشر وصايا أجلى ما فيها قال له: اغزوا باسم الله، كما وصى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قاتلوا من كفر بالله جل وعلا، ثم قال: لا تقتلوا شيخاً كبيراً، ولا طفلاً وليداً، ولا راهباً في صومعته، ولا تقلعوا شجرة، ولا تحرقوا زرعاً.

    هذه الوصايا لو سمعها أهل الكفر لسكتوا عما يقولون عن الإسلام والمسلمين، ولرأوا الفارق الكبير بين تعاليم الإسلام وبين ما يفعلون في حروبهم، فنحن اليوم نرى وأد البنات، قتل الأطفال، هدم البيوت، في فلسطين وفي غيرها، عجب تسمع! لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة.

    فبعد هذه التعاليم التي جاء بها ديننا الحنيف ما بال هؤلاء القوم الأوباش أحفاد القردة والخنازير يتهموننا بالإرهاب، وهم الذين قتلوا أنبياء الله جل وعلا، وارتقوا بعد ذلك فسبوا الله جل وعلا، ثم يتنطعون ويرموننا نحن بالإرهاب؟! أما سمعوا وصية أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه: لا تقتلوا وليداً، لا تقتلوا امرأة، لا تقتلوا شيخاً كبيراً، لا تقلعوا شجرة، لا تهدموا بيتاً، لا تحرقوا زرعاً؟! هذه هي الوصايا التي على كل إنسان أن يعلو صوته بها ليبين سماحة هذا الدين، وأن هذا الدين هو أعظم الأديان، وأنه الحق المبين، ومن خالف هذا الحق فله الخلود في نار جهنم، والعياذ بالله.

    قوته في الحق

    كان أبي بكر الصديق رضي الله عنه أقوى ما يكون في الحق، كما كان خلق النبي صلى الله عليه وسلم، كان لا يغضب إلا إذا انتهكت محارم الله كما قال له أسامة عندما جاء يشفع في المرأة المخزومية التي جحدت عارية أو سرقت، فقال صلى الله عليه وسلم: (أتشفع في حد من حدود الله؟! والذي نفسي بيده لو أن فاطمة بنت محمد -رضي الله عنها وأرضاها- سرقت لقطعت يدها).

    فبعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءت فاطمة والعباس إلى أبي بكر، وطلبا إرث النبي صلى الله عليه وسلم من أرض فدك وخيبر وبعض الأموال التي كان يأكل منها أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر الشفيق الرحيم، ذو الرقة واللين: والله إن أصل قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي من أن أصل قرابتي، ولكني لا أخالف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نحن معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة)، وأبى أن يعطي فاطمة رضي الله عنها وأرضاها من إرث النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن النبوة لا تورث إلا العلم والوحي، لا تورث الدنيا، ورحلت فاطمة غاضبة على أبي بكر ، فوجدت في نفسها عليه، قال بعض العلماء: وجدت في نفسها؛ لأنها ما أرادت الإرث، وإنما أرادت الثمرة فقط، ولكن أبا بكر فهم قول النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لا أخالف قول رسول الله صلى الله عليه وسلم بل إن عائشة كذلك، وهي بنت أبي بكر وزوج النبي صلى الله عليه وسلم، ما أعطاها من إرث النبي صلى الله عليه وسلم شيئا،ً فلهذا -كما سبق-غضبت فاطمة ، ولكن روى البيهقي بسند مرسل لكنه يحتج به بإذن الله، أنه لما مرضت ذهب أبو بكر إليها فترضاها فرضيت، ولما ماتت قال بعض الرواة: لم يؤذن علي أبا بكر لموتها، فصلى عليها ودفنها ليلاً، فلم يعرف أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه، ويقال: إن علياً رضي الله عنه وأرضاه لم يخرج لمبايعةأبي بكر محاباة لـفاطمة حتى ماتت، وكان الناس وجوههم سمحة مع علي بن أبي طالب حتى ماتت فاطمة ، فتغيرت وجوه الناس عليه، فعلم أن ذلك كان بسبب مسألة أبي بكر ، فذهب إليه وبايعه، وكان سيفاً من سيوف أبي بكر يضعه حيثما شاء رضي الله عنهم أجمعين.

    فهذا ما حدث بين أبي بكر وفاطمة ، وكان الحق كل الحق مع أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه، ولم يتكلم فيه أو ينتقده أحد من الصحابة الكرام، حتى علي حين خطب بالناس فقام رجل وقال: من أفضل هذه الأمة؟ فقال: من فضلني على أبي بكر وعمر جلدته ثمانين جلدة حد المفتري أي: الكذاب، أفضل هذه الأمة على الإطلاق أبو بكر ثم عمر بن الخطاب ، وسكت ثم قال: والله أعلم بعد ذلك من أفضل، فلم يكن يخير عثمان على نفسه، لكن ورد عن ابن عمر بسند صحيح أنه قال: كنا نقول في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفضل هذه الأمة بعد رسول الله أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ، فيقرنا رسول الله، وبينت سابقاً الخلاف بين أهل السنة والجماعة في مسألة: من أفضل عثمان أم علي؟ وذكرنا أن كلمة أهل السنة والجماعة اتفقت بعد ذلك على أن أفضل هذه الأمة: أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم أجمعين.

    بداية الفتوحات في عهده

    ثم حانت الفرصة لنشر الإسلام بعدما استتب الأمر وانتهت فتنة الردة، فبدأت الفتوحات قرب موت أبي بكر ، فمنّ الله على أبي بكر بفتح أبواب الفتوحات الإسلامية، فقد بعث خالد بن الوليد رضي الله عنه وأرضاه والمثنى بن حارثة إلى أهل فارس لفتح العراق، وبعث خالد بن الوليد إليهم بثلاث: الإسلام أو الجزية أو القتال، فبعثوا إليه وقالوا: إن أردت في كل عام أن تأتينا ثم نعطيك الدراهم والملابس لهؤلاء الرعاع فخذ منا، فبعث خالد إليهم بالكلمة المشهورة التي أرعبتهم وأخمدت عروشهم، قال خالد بن الوليد : جئتكم بأناس بحبون الموت كما تحبون الحياة، وفي رواية أخرى أنه قال: جئتكم بأناس يحبون الموت كما تحبون أنتم الخمر، ثم وقعت المعركة، وأصبح القتل يميناً ويساراً بأهل الفرس، وفتح الله على يديه العراق.

    ثم بعث إليه أبو بكر بأن يذهب لتأديب الروم، فكانت المعركة الكبرى التي تقابل فيها أربعون ألفاً أمام مائة وأربعين ألفاً، وهي معركة اليرموك، التي مات أبو بكر قبل أن ينتصر المسلمون فيها، فهو الذي أصر على تأمير خالد رضي الله عنه وأرضاه؛ لأن عمر جاء أكثر من مرة إلى أبي بكر يقول له: اعزله، فيقول: لا والله، لا أغمدن سيفاً قد سله الله وسله رسوله صلى الله عليه وسلم، وقال: والله لأقطعن عنهم وساوس الشيطان بـخالد بن الوليد ، وهذا الذي جعل ملك الروم يقول لـخالد: من أنت؟ أأنزل الله لك سيفاً من السماء تقاتل به فلا تهزم أبداً؟

    ذهب خالد عبر الصحراء حتى وصل الشام، ثم بعث أبو بكر إليهم بالكتاب وقال فيه: إذا جاءكم خالد فأمروه عليكم، ونزل أبو عبيدة وجميع المسلمين تحت إمرة خالد وهم أربعون ألفاً وجيش الروم مائة وأربعون ألفاً، لكن خالد كان بطل الحروب، فهو الذي لم يهزم في معركة بإذن الله، حتى في قتال المسلمين حين كان كافراً، ففي أحد كان هو سبب هزيمة المسلمين، فقد قام بخبرته العسكرية بعد اليقين بالله جل وعلا، والإيمان الراسخ، فعمل ميمنة وميسرة ومقدمة ومؤخرة، فجعل أبا عبيدة -أمين هذه الأمة- في الخلف، وجعل نفسه في المقدمة، وأحد الصحابة في الميمنة والآخر في الميسرة، ثم دخل إلى قلب الروم إلى خيمة رئيسهم، وقتل منهم ثم رجع، وهكذا أخذ بالكر والفر حتى هزم الروم، وكتب الله للمسلمين النصر، ثم جاءت البشارة إلى عمر بعدما مات أبو بكر، الذي كان سبباً في هذه المعركة الخالدة التي تبين أن النصر حليف المسلمين لا محالة، وإن كانوا أقل عدة وعتاداً، وذلك إذا تمسكوا بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وإذا صدقوا في نصرة الله وفي نصرة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإذا رفعوا راية التوحيد، فلو تكالب الجن والإنس على أهل الإسلام الذين رفعوا راية لا إله إلا الله فإن النصر سيكون لأهل الإسلام، كما قال شيخ الإسلام مقعداً قاعدة عظيمة قال: إذا التقى الجيشان: فإن كانا كافرين جعل الله الغلبة للأقوى، وإن كان الجيش الأول مسلماً والآخر كافراً جعل الله النصرة لأهل الإسلام.

    فجعل الله النصرة في معركة اليرموك لـخالد ولأصحابه رضوان الله عليهم؛ لأنهم صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وصدقوا في نصرة الله جل وعلا.

    وفاته رضي الله عنه وأرضاه

    حانت ساعة وفاة أبي بكر بعدما ثبت بإذن الله هذه العروش، ولذلك قال قائلهم: لولا خلافة أبي بكر لما توسعت رقعة الإسلام، ولما ثبتت عروش خلافة عمر رضي الله عنه وأرضاه، فبعد أن بلغ أبو بكر من العمر ثلاثاً وستين عاماً -كما كان عمر النبي صلى الله عليه وسلم حين مات- جاءه الأجل رضي الله عنه الله عنه وأرضاه، وقبل أن يموت ضرب أروع الأمثلة في الزهد والصلاح والعدالة في الحكم، فقد كان يجلس على قطيفة من حق بيت مال المسلمين، فبعث بها إلى بيت مال المسلمين، ثم قال: إن بستاني وحائطي الذي ألزمني عمر به أتقوت منه يرد إلى بيت مال المسلمين، ثم قال: انظروا إلى ثوب تكفنوني فيه، ثم قال: كيف كفن رسول الله؟ قالوا: في ثلاثة أثواب، فقال: انظروا، قالوا: نحن جهزنا لك ثلاثة أثواب جديدة، قال: لا، انظروا إلى ملآتي هذه الخلقة القديمة، أما الجديد فالحي أحوج إليه.

    ثم أمر أن يكفن بهذه الأثواب القديمة، ثم بعد ذلك بعث بكل ما عنده يملك، ومن ناقة كان يشرب منها، وهو خليفة رسول الله، ومع ذلك كان له ناقة فقط، هي التي يشرب منها، ثم أمر برد الناقة الحلوب إلى بيت المال، وأمر بغلام كان يخدمه، فقال: والغلام إلى بيت مال المسلمين، فلما رأى عمر ذلك بكى بكاءً شديداً، وقال كلمته المشهورة: لقد أتعبت من بعدك يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    ثم دخل عليه عثمان وهو في مرضه الشديد فقال له: اكتب، ثم أغشي على أبي بكر، فلما أفاق قال له: ما كتبت؟

    قال: كتبت عمر، قال: لو كتبت عثمان لكنت لها أهلاً ولكنه عمر، ثم جاءه الناس، فقالوا: كيف تستخلف علينا هذا الشديد - عمر رضي الله عنه وأرضاه- وتعلم حدته وشدته، قال: لو سألني ربي لقلت له: استخلفت عليهم أتقاهم وأقواهم في دين الله، بشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم مات رضي الله عنه وأرضاه، وصلى عليه عمر والمسلمون، ثم دفن بجانب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    أختم سيرة أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه بكلمة لـعلي بن أبي طالب، وأرد بها على المتنطعين الهالكين، الذين يقعون في عرض أبي بكر، ويزعمون الحب لآل البيت، فقد قال علي بن أبي طالب في وفاة أبي بكر بعد أن وقف على الباب: رحمك الله يا أبا بكر ، كنت والله أول القوم إسلاماً، وأخلصهم إيماناً، وأشدهم يقيناً، وأعظمهم غناءً، وأحفظهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحزنهم على الإسلام، وأحنهم على أهله، وأشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم خَلقاً وخُلقاً، وهدياً وسمتاً، فجزاك الله عن الإسلام وعن المسلمين خيراً، صدقت رسول الله حين كذبه الناس، وواسيته حين بخل الناس، وقمت معه حين قعدوا، وأسماك الله في كتابه صديقاً، فقال جل وعلا: وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ [الزمر:33] -فالذي جاء بالحق هو رسول الله، والذي صدق به حين كذبه الناس هو أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه- يريد محمداً ويريدك، وكنت والله للإسلام حصناً وعلى الكافرين عذاباً، لم تفلل حجتك، ولم تضعف بصيرتك، ولم تجبن نفسك، كنت كالجبل الذي لا تحركه العواصف، ولا تزيله القواصف، كنت كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ضعيفاً في بدنك، قوياً في أمر الله، متواضعاً في نفسك، عظيماً عند الله، جليلاً في الأرض، كبيراً عند المؤمنين، ولم يكن لأحد عندك مطمع، ولا لأحد عندك هوادة، فالقوي عندك ضعيف حتى تأخذ الحق منه، والضعيف عندك قوي حتى تأخذ الحق له، فلا حرمنا الله أجرك، ولا أضلنا بعدك.

    هذا ما قاله علي بن أبي طالب رضي الله عن الصحابة أجمعين.

    أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، وأسأل ربي جل وعلا أن تكون هذه النماذج حسنة لنا، حتى نتأسى بهم ونسير على نهجهم النقي، وجزاكم الله خيراً.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755978316