إسلام ويب

شرح العقيدة الطحاوية [7]للشيخ : عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لقد ضل كثير من الناس في التوحيد، فمن ذلك ضلال الصوفية في الفناء والاتحاد، ومن ذلك ضلال المشبهة بغلوهم في إثبات الصفات، والمعطلة الغالين في نفي الصفات، وأهل السنة وسط بين الغلاة والجفاة.

    1.   

    الأنبياء أكمل الناس توحيداً والصوفية مخالفون لهم

    توضيح معنى توحيد الخاصة وخاصة الخاصة عند الصوفية

    مر بنا بيان شيء مما أوضحه الله تعالى من العلم الذي هو أهم العلوم، وأن الله بينه عن طريق السمع، وعن طريق البصر، وعن طريق العقل، فبينه بالآيات السمعية، وذلك بالقرآن والسنة التي تسمع وتتلى، وكذلك بالآيات النظرية وهي المخلوقات التي جعلها الله علامات ودلالات يعتبر بها أولو الألباب.

    وهكذا بينه عن طريق العقل، حيث أعطى الإنسان فكراً وعقلاً وذكاء يعقل به ما أمامه وما بين يديه، وبكل ذلك ينتج نتيجة وهي معرفة المرء نفسه ومعرفة ربه، ومعرفة ما خلق له وما أمر به، جملة وتفصيلاً.

    ونتيجة هذه المعرفة وثمرتها هي العبادة الخالصة لله وحده، وترك عبادة ما سواه، فهذه هي نتيجة هذه المعرفة ومدار كلمة الإخلاص التي هي كلمة: (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، فإن أول ما دعت إليه الرسل كلمة التوحيد، وهو ما جاءت به وما بلغته، وهو ما عليه جماهير الأمة، وهو ما تعلمه المسلمون قديماً وحديثاً، ولا عبرة بمن خالف في ذلك من الصوفية الذين جعلوا هذه الكلمة توحيد العامة.

    وذلك أنهم قسموا الناس إلى: عامة، وخاصة، وخاصة خاصة. وقالوا: إن كلمة (لا إله إلا الله) توحيد العامة، وكلمة (الله الله) توحيد الخاصة، وكلمة (هو هو) توحيد خاصة الخاصة، يعني خلاصة الخلاصة.

    فعند هؤلاء -قبحهم الله- أن الأنبياء والرسل والصحابة وعلماء الأمة كلهم من العامة الذين لا يعرفون ولا يفقهون، وعندهم أن الصوفية هم الخاصة، يدخل في ذلك أفرادهم وعلماؤهم، والواصلون منهم إلى الذروة هم خاصة الخاصة، فلأجل ذلك تجدهم في ذكرهم لا يزيدون على كلمة (هو هو)، مع أنها لا تدل على معنى، وأما كلمة الإخلاص فإنها دالة على معنى فهمه المدعوون، فدلت على إخلاص العبادة لله والتبرؤ مما سواه، ولهذا تشتمل على ولاء وبراء، فإن قوله: (لا إله) براء، (إلا الله) ولاء، فتشتمل على اتصال وانفصال، فـ(لا إله) انفصال عن المألوهات، (إلا الله) اتصال بالإله وحده.

    فيقال: فيها نفي وإثبات، وفيها اتصال وانفصال، وفيها: ولاء وبراء، فلما كانت كذلك كانت جامعة لمعنى التوحيد الذي هو توحيد الرسل، ولكن كما هو معروف أنه لا بد من معرفة معناها، وذلك لأنه وجد من المتأخرين من يتكلم بها وهو لا يفهم مدلولها؛ فيجب على المسلم أن يفهم ما دلت عليه حتى يعبد الله تعالى بمقتضاها.

    كمال توحيد الرسل وبيان أكملهم في ذلك

    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فإن أكمل الناس توحيداً الأنبياء صلوات الله عليهم، والمرسلون منهم أكمل في ذلك، وأولو العزم من الرسل أكملهم توحيدا، وهم: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله وسلم عليهم أجمعين.

    وأكملهم توحيدا الخليلان: محمد وإبراهيم صلوات الله عليهما وسلامه، فإنهما قاما من التوحيد بما لم يقم به غيرهما علما ومعرفة وحالا ودعوة للخلق وجهادا، فلا توحيد أكمل من الذي قامت به الرسل، ودعوا إليه، وجاهدوا الأمم عليه.

    ولهذا أمر سبحانه نبيه أن يقتدي بهم فيه، كما قال تعالى بعد ذكر مناظرة إبراهيم قومه في بطلان الشرك وصحة التوحيد، وذكر الأنبياء من ذريته: أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ [الأنعام:90].

    فلا أكمل من توحيد من أُمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتدي بهم.

    وكان صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه إذا أصبحوا أن يقولوا: (أصبحنا على فطرة الإسلام، وكلمة الإخلاص، ودين نبينا محمد، وملة أبينا إبراهيم حنيفا مسلما وما كان من المشركين)، فملة إبراهيم التوحيد، ودين محمد صلى الله عليه وسلم ما جاء به من عند الله قولاً وعملاً واعتقاداً، وكلمة الإخلاص هي شهادة أن لا إله إلا الله، وفطرة الإسلام هي ما فطر عليه عباده من محبته وعبادته وحده لا شريك له، والاستسلام له عبودية وذلاً وانقياداً وإنابة].

    إن أكمل التوحيد هو توحيد الأنبياء، وأكملهم الرسل، فإن الرسل هم الذين قاموا بالدعوة والجهاد، وكلفوا بالدعوة، وأكمل الرسل هم أولو العزم، وهم خمسة ذكرهم الله تعالى في قوله: وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ [الأحزاب:7]، وقوله: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ [الشورى:13]، هؤلاء هم أولو العزم الذين عناهم الله تعالى بقوله: فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ [الأحقاف:35]؛ وذلك لأنهم هم الذين صبروا وصابروا ولهم مكانة ومقام، فهم أفضل الرسل.

    وأفضل الخمسة الخليلان: إبراهيم ومحمد صلى الله عليهما وسلم، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الله اتخذه خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً، فالخليلان لهما مقام سام رفيع، وهما اللذان جاهدا في الله، ودعوا إلى التوحيد أتم دعوة، ولقيا في سبيل ذلك ما لقيا.

    ومعلوم أن الرسل كلهم دعوا إلى التوحيد، وقد أمر الله نبيه بأن يقتدي بهم كلهم، كما في قوله تعالى: أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمْ اقْتَدِهِ [الأنعام:90]، أي: فاقتدِ بهديهم وبما جاءك عنهم وبما بلغك.

    ولا شك أن من هداهم التوحيد، قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ [الأنبياء:25]، كل رسول يوحى إليه بهذا، فهذا من جملة هداهم الذي أُمِر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يهتدي به، وأمته تبع له، وكذلك هذا الدعاء الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمه أصحابه يقول: (قولوا: أصبحنا على فطرة الإسلام وكلمة الإخلاص..) إلى آخره، وذلك لأنه قول جامع؛ وذلك لأن فيه ذكر ملة إبراهيم، يعني: أن من جملة ما تمسكنا به ملة أبينا إبراهيم الذي أمرنا الله تعالى بأن نقتدي به، وملة الأنبياء الذين أُمِر نبينا بأن يقتدي بهم، فإذا تمسك المسلمون بذلك فإنهم إن شاء الله على طريق النجاة.

    توحيد الصوفية يفضي إلى الفناء والاتحاد

    قال المؤلف رحمه الله: [فهذا توحيد خاصة الخاصة الذي من رغب عنه فهو من أسفه السفهاء، قال تعالى : وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ * إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ [البقرة:130-131].

    وكل من له حس سليم وعقل يميز به، لا يحتاج في الاستدلال إلى أوضاع أهل الكلام والجدل واصطلاحهم وطرقهم البتة، بل ربما يقع بسببها في شكوك وشبه يحصل له بها الحيرة والضلال والريبة، فإن التوحيد إنما ينفع إذا سلم قلب صاحبه من ذلك، وهذا هو القلب السليم الذي لا يفلح إلا من أتى الله به.

    ولا شك أن النوع الثاني والثالث من التوحيد الذي ادعوا أنه توحيد الخاصة وخاصة الخاصة، ينتهي إلى الفناء الذي يشمّر إليه غالب الصوفية، وهو درب خطر يفضي إلى الاتحاد، انظر إلى ما أنشد شيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاري رحمه الله تعالى حيث يقول شعراً:

    ما وحد الواحد من واحد إذ كل من وحده جاحد

    توحيد من ينطق عن نعته عارية أبطلها الواحد

    توحيده إياه توحيده ونعت من ينعته لاحد

    وإن كان قائله رحمه الله لم يرد به الاتحاد، لكن ذكر لفظاً مجملاً محتملاً جذبه به الاتحادي إليه، وأقسم بالله جهد أيمانه أنه معه، ولو سلك الألفاظ الشرعية التي لا إجمال فيها كان أحق، مع أن المعنى الذي حام حوله لو كان مطلوباً منا لنبه الشارع عليه، ودعا الناس إليه وبينه، فإن على الرسول البلاغ المبين، فأين قال الرسول: هذا توحيد العامة، وهذا توحيد الخاصة، وهذا توحيد خاصة الخاصة؟! أو ما يقرب من هذا المعنى، أو أشار إليه؟].

    توحيد الصوفية ليس هو التوحيد الذي دعت إليه الرسل

    نعرف أن التوحيد الذي دعت إليه الرسل -حقاً- توحيد واحد ليس فيه فروع، وليس هناك توحيد خاصة وخاصة خاصة وعامة، بل الرسول دعا الناس كلهم إلى شيء واحد، وأمرهم بأن يتمسكوا به، وهو الإخلاص لله تعالى، بحيث يعبدونه ويتركون عبادة ما سواه بعد المعرفة، فأما هذا التقسيم الذي تدّعيه هذه الطوائف فإنه مبتدع، فالطائفة التي ادعت ذلك -وهم الصوفية- قسموا التوحيد إلى ثلاثة أقسام:

    فجعلوا كلمة لا إله إلا الله، توحيد العامة.

    والخاصة كلمة: الله.

    وخاصة الخاصة كلمة: هو.

    من الذي سبقهم من الرسل إلى هذا التقسيم؟! لو كان حقاً لبينته الرسل لأممهم، فهذا يدل على أنهم لم يسبقوا إليه ولا دليل عليه.

    ومع كونه لا دليل عليه فإنه يئول بسالكيه إلى الهلاك المعنوي، بحيث يضل صاحبه ويتيه، ويؤدي به إلى الحيرة والريب.

    كثير من الذين خاضوا في هذا العلم أدى بهم ذلك إلى الشك وإلى الحيرة، ويأتينا إن شاء الله لذلك أمثلة في هذا الكتاب.

    كذلك يؤدي بهم إلى طريقة أخطر من ذلك وهي طريقة الاتحاد، وهو مذهب باطل، وقد أشار إليه الشارح فيما سبق وهو مذهب الذين يجعلون الخالق متحداً بالمخلوق! يقال لهم: ما الدليل على ذلك؟ ومن الذي سبقكم إلى ذلك؟ فلا يجدون دليلاً ولا سابقاً من أهل العلم.

    ويؤدي بهم أيضاً إلى طريق يسمونها الفناء، والفناء عندهم هو غاية المنازل، وأعلى المراتب، متى وصل إليها العارف -عندهم- وصل إلى حضيرة القدس! وهو الذي -في نظرهم- يهنأ بعبادته عن معبوده.. يهنأ بوجوده عن موجوده، بحيث يتلاشى عن نفسه ويفنى لخالقه كما يقولون، ولهم عبارات بشعة لا حاجة بنا إلى أن نعرفها، والجهل بها أولى؛ وذلك لأن تلك المعارف وتلك الشطحات التي وقعوا فيها سببها هذا الخوض، وهو الحصول على رتبة خاصة الخاصة.

    فذكر المؤلف أن هذا طريق خطر، وأنه لا يجوز سلوكه.

    أبيات الهروي موهمة وإن كان معتقده سليماً

    ذكر المؤلف تلك الأبيات التي أنشدها أبو إسماعيل الهروي في آخر كتابه الذي سماه منازل السائلين، والذي شرحه ابن القيم في كتابه الذي سماه: مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين، وذكر هذه الأبيات في أول مدارج السالكين، وحرص على أن يحملها محملاً حسنا، ولكن فيها شيء من الإجمال، وفيها شيء من الإيهام؛ لأن ظاهرها أن الناس كلهم لم يوحدوا الله، ولا يقدر على توحيد الله إلا الله، فقوله:

    ما وحد الواحد من واحد إذ كل من وحده جاحد

    ظاهره أن كل الناس حتى الأنبياء لم يكونوا موحدين وإنما الله الذي وحد نفسه، ولكن حملوه على أن الإنسان لا يستطيع أن يعرف ذلك إلا بمعرفة من الله وتعريف منه، وحمله الاتحاديون على مذهبهم، واجتذبوا أبا إسماعيل رحمه الله إليهم، وأقسموا بالله جهد أيمانهم إنه لمنهم، وكلامه في الحقيقة موهم ولكن عقيدته سليمة وله مؤلفات تدل على أنه من أهل السنة، بينها العلماء في ترجمته.

    وعلى كل حال فطريقة الرسل وأتباعهم والأئمة والعلماء هي معرفة الله تعالى بأسمائه وصفاته، وذكره بما ورد وبما أمر به وبما بلغته رسله، وبذلك يكون الإنسان من العارفين ومن الموحدين، دون أن يحتاج إلى معرفة الاصطلاحات الصوفية والشطحات، وتلك الكلمات التي ما أنزل الله بها من سلطان.

    بيان أن مصطلح الفناء ونحوه غلو في الدين

    قال المؤلف رحمه الله: [هذه النقول والعقول حاضرة، فهذا كلام الله المنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذه سنة الرسول، وهذا كلام خير القرون بعد الرسول، وسادات العارفين من الأئمة، هل جاء ذكر الفناء فيها، وهذا التقسيم عن أحد منهم؟

    وإنما حصل هذا من زيادة الغلو في الدين المشبه لغلو الخوارج، بل لغلو النصارى في دينهم، وقد ذم الله تعالى الغلو في الدين ونهى عنه فقال : يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ [النساء:171] ، قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ [المائدة:77] وقال صلى الله عليه وسلم : (لا تشددوا فيشدد الله عليكم، فإن من كان قبلكم شددوا فشدد الله عليهم، فتلك بقاياهم في الصوامع والديارات، رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم) رواه أبو داود] .

    أولاً: ذكر أن هذه الاصطلاحات لم يأت بها كتاب ولا سنة، يعني كلماتهم الاصطلاحية التي يتغالون فيها، كتقسيم التوحيد إلى ثلاثة، وتقسيم الفناء أيضاً إلى ثلاثة، وما أشبه ذلك، فكلها ليس عليها دليل، وإنما هي اصطلاحات من عندهم.

    ثانياً: ذكر أن هذا بسبب الغلو والغلو هو الزيادة عن المطلوب أو على الوارد، والتشدد فيه، وقد حكى الله أن النصارى غلوا في عيسى حيث قالوا: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ [المائدة:17] أو ثالث ثلاثة: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ [المائدة:73] أو ابن الله: وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ [التوبة:30] هذا من الغلو الذي ذمهم الله به، وقد وقع الغلو في هذه الأمة في العبادات وفي غيرها، كما فعلت الخوارج، فإنهم غلوا حتى كفروا بالذنوب.

    ووقع الغلو في بعض الأشخاص كالرافضة حيث غلوا في أهل البيت، حتى اعتقدوا فيهم العصمة، وفضلوهم على كثير من الرسل، وأعطوهم شيئاً من حق الله.

    وقد ذم الله تعالى الغلو ونهى عنه كما في سورة النساء: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ [النساء:171] وفي سورة المائدة: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ... [المائدة:77] الآية.

    وكذلك في الأحاديث؛ ففي هذا الحديث الذي ذكره النهي عن التشدد، وذم المتشددين فإن من المتشددين النصارى (فإن قوماً شددوا فشدد الله عليهم، فتلك بقاياهم في الصوامع والديارات رهبانية ابتدعوها)، وكذلك جاء الذم بلفظ الغلو في قوله صلى الله عليه وسلم: (إياكم والغلو، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين)، ذكر أنه أهلك من كان قبلنا، ودين الله تعالى وسط بين الغالي والجافي، والغالي هو الزائد، والجافي هو المقصر، ولعله يأتينا في الغلو ما هو أوسع من هذا البحث إن شاء الله.

    1.   

    الرد على المشبهة والمعطلة بقوله تعالى: (ليس كمثله شيء..)

    قال المؤلف رحمه الله: [قوله : (ولاشيء مثله)

    اتفق أهل السنة على أن الله ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، ولكن لفظ التشبيه قد صار في كلام الناس لفظاً مجملاً يراد به المعنى الصحيح، وهو ما نفاه القرآن ودل عليه العقل، من أن خصائص الرب تعالى لا يوصف بها شيء من المخلوقات، ولا يماثله شيء من المخلوقات في شيء من صفاته : لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى:11]رد على الممثلة المشبهة، وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11] رد على النفاة المعطلة، فمن جعل صفات الخالق مثل صفات المخلوق فهو المشبه المبطل المذموم، ومن جعل صفات المخلوق مثل صفات الخالق فهو نظير النصارى في كفرهم.

    ويُراد به أنه لا يثبت لله شيء من الصفات، فلا يقال: له قدرة، ولا علم، ولا حياة؛ لأن العبد موصوف بهذه الصفات! ولازم هذا القول أنه لا يقال له : حي، عليم، قدير؛ لأن العبد يسمى بهذه الأسماء، وكذا كلامه وسمعه وبصره وإرادته وغير ذلك].

    في هذه العبارة وهذه الجملة رد على المشبهة الذين غلوا في الإثبات حتى شبهوا الخالق بالمخلوق، فهناك مشبهة للخالق بالمخلوق، وهناك مشبهة لأفعال الخالق بأفعال المخلوق، وهناك مشبهة للمخلوق بالخالق، والكل ضالون.

    تشبيه الخالق بالمخلوق كفر

    الذين شبهوا المخلوق بالخالق: كالنصارى الذين شبهوا عيسى بالله فـ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ [المائدة:17] أو قالوا: الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ [التوبة:30] ومثلهم جميع الذين يعظمون المخلوقين ويعطونهم شيئاً من حق الله، فإن هؤلاء شبهوا المخلوق بالرب تعالى حيث رفعوا المخلوق وأعطوه ما لا يستحق، ومن هؤلاء أيضاً القبوريون، فإن القبوريين الذين غلوا في المخلوقين قد وصفوهم بصفات لا يستحقها إلا الخالق، ولا شك أن هؤلاء شبهوا المخلوق ورفعوا قدره حتى أعطوه شيئاً من خصائص الخالق سبحانه.

    تشبيه أفعال الخالق بالمخلوق ضلال

    أما التشبيه في الأفعال: فهو أن تجعل أفعال الله كأفعال المخلوق، أو تجعل أفعال المخلوق كأفعال الخالق، وتفصيل ذلك والأمثلة عليه معروفة وتحتاج إلى توسع ليس هذا محله.

    ولكن يجب أن نعرف أن الله تعالى موصوف ببعض الأفعال وقد يوصف بها العبد، مثل قوله تعالى: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5] فالله تعالى أخبر بأنه استوى على العرش، والإنسان موصوف أيضاً بالاستواء، قال تعالى: لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ [الزخرف:13] وليس الاستواء كالاستواء.

    كذلك وصف الله تعالى نفسه بالمجيء في قوله: وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً [الفجر:22] وليس مجيء الله مثل مجيء الملائكة، بل مجيء الله يليق به، وكذلك وصف نفسه بالإتيان، قال تعالى: هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ [الأنعام:158] وليس إتيان الله كإتيان الملائكة والملائكة مخلوقون، فلهذا نقول إنها من الأفعال، ولا يجوز التشبيه فيها.

    التشبيه في الصفات الذاتية ضلال

    وكذلك لا يجوز أيضاً التشبيه بالصفات الذاتية التي أثبتها الله لنفسه، فإذا أثبت الله لنفسه اليدين في قوله: بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ [المائدة:64]، نقول: لا كيدي المخلوقين، وإذا أثبت لنفسه الوجه في قوله: يُرِيدُونَ وَجْهَهُ [الأنعام:52]، وفي قوله: كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ [القصص:88]، وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم: (حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه) وفي قوله صلى الله عليه وسلم: (وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن) وأشباه ذلك، فنقول: ليس كمثله شيء في ذلك، فأهل السنة يقولون: إنه وصف حقيقي، ولكن ليس مثل صفات المخلوقين وخصائصهم.

    هذا هو معنى التشبيه، ولكن سمعنا أن هناك من استعمل التشبيه وأراد به نفي الصفات، وهذه الطريقة سلكتها المعتزلة أتباع جهم بن صفوان ونحوه، وجعلوا النفي مطلقاً، ونفوا عن الله كل صفة وجدت في المخلوق، وزعموا أن إثباتها تشبيه، فصاروا يتعلقون بهذه الآية: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى:11]ولا يتمونها، أو لا يعملون بآخرها، فإن في آخرها رداً عليهم في نفيهم للصفات، وقد روي أن كبيراً من كبرائهم يقال له: ابن أبي دؤاد قال لأحد الخلفاء: أريد أن تكتب على الكعبة قوله: ( ليس كمثله شيء وهو العزيز الحكيم ) هرباً من إثبات السمع والبصر!

    فلا شك أن هؤلاء غلواً في النفي، ولازم قولهم أن كل صفة موجودة في أي مخلوق لا يجوز إثباتها للخالق، يعني نقول: يلزمكم أن تنفوا صفة الحياة، وأن تنفوا صفة الوجود، وصفة الذات، وما أشبه ذلك، وإذا قلتم: إن لله ذاتاً، قلنا: شبهتم، فالمخلوق له ذات، فإذا قالوا: لا تشبه ذواتنا، قلنا: لماذا لا تقولون: وسمعه لا يشبه سمع المخلوقين، وبصره لا يشبه بصر المخلوقين؟

    وعلى كل حال فالآية دليل لأهل السنة، ولكن اتخذها المعتزلة دليلاً لهم ولم يعملوا بآخرها؛ لأن في آخرها رداً عليهم، يقول العلماء: قوله: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى:11] رد على المشبهة، وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11] رد على المعطلة، فهذا بعض آية فيه رد على طائفتين: طائفة غلت في النفي، وطائفة غلت في الإثبات.

    لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى:11] رد على الغلاة في الإثبات وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11] رد على الغلاة في النفي.

    1.   

    الرد على المعطلة في غلوهم في نفي المشابهة بين الخالق والمخلوق

    ذكر بعض النصوص التي تذكر أسماء وصفات مشتركة بين الخالق والمخلوق

    قال المؤلف رحمه الله: [وهم يوافقون أهل السنة على أنه موجود، عليم، قدير، حي، والمخلوق يقال له: موجود، حي، عليم، قدير، ولا يقال : هذا تشبيه يجب نفيه، وهذا مما دل عليه الكتاب والسنة وصريح العقل، ولا يخالف فيه عاقل؛ فإن الله سمى نفسه بأسماء، وسمى بعض عباده بها، وكذلك سمى صفاته بأسماء، وسمى ببعضها صفات خلقه، وليس المسمى كالمسمي.

    فسمى نفسه: حياً عليماً قديراً رءوفاً رحيماً عزيزاً حكيماً سميعاً بصيراً ملكاً مؤمناً جباراً متكبراً، وقد سمى بعض عباده بهذه الأسماء فقال : يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ [الأنعام:95] وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ [الذاريات:28] فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ [الصافات:101] بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة:128] فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا [الإنسان:2] قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ [يوسف:51] وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ [الكهف:79] أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا [السجدة:18] كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ [غافر:35]

    ومعلوم أنه لا يماثل الحي الحي ولا العليم العليم، ولا العزيز العزيز، وكذلك سائر الأسماء.

    وقال تعالى : وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ [البقرة:255] أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ [النساء:166] (وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ [فاطر:11] إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ [الذاريات:58] أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً [فصلت:15]

    وعن جابر رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول: إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل : اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال : عاجل أمري وآجله - فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال : عاجل أمري وآجله- فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم رضني به، قال: ويسمي حاجته) رواه البخاري.

    وفي حديث عمار بن ياسر الذي رواه النسائي وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو بهذا الدعاء : (اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق، أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي، اللهم إني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وأسألك كلمة الحق في الغضب والرضى، وأسألك القصد في الغنى والفقر، وأسألك نعيماً لا ينفد، وقرة عين لا تنقطع، وأسألك الرضى بعد القضاء، وأسألك برد العيش بعد الموت، وأسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم، والشوق إلى لقائك بغير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين).

    فقد سمى الله ورسوله صفات الله: علماً وقدرة وقوة، وقال تعالى : ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً [الروم:54] وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ [يوسف:68] ومعلوم أنه ليس العلم كالعلم، ولا القوة كالقوة، ونظائر هذا كثيرة، وهذا لازم لجميع العقلاء].

    الرد على المعطلة النفاة

    أراد بهذا الرد على أولئك الذين كلما جاءتهم صفة لله موجودة في المخلوق نفوها عن الله تعالى وجعلوها مجازاً، أو تأولوها بتأويلات بعيدة، وزعموا أن إثباتها فيه شيء من التشبيه، فيقال: يلزمكم على هذا أن تفرقوا بين صفات المخلوقين، وأن تجمعوا بين صفاتهم وصفات الخالق، ويرد عليهم بهذه الآيات.

    وفيما تقدم من كلام المؤلف: أن الله سمى نفسه بعدة أسماء وسمى بها بعض خلقه، فمن أسمائه: العزيز، وسمى بعض خلقه بذلك بقوله: قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ [يوسف:51] ومن أسمائه: الملك، وسمى به أيضاً بعض خلقه في قوله: وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ [يوسف:50] وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ [الكهف:79] ومن أسمائه: المؤمن، كما في سورة الحشر، وقد سمى به أيضاً بعض خلقه، وكثيراً ما يذكر المؤمن والمؤمنين والمؤمنات، ومن أسمائه الجبار المتكبر، وقد سمى به أيضاً بعض خلقه كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ [غافر:35].

    ومعلوم أنه ليس الاسم كالاسم، فليس الملك كالملك، وليس العزيز كالعزيز، وليس الجبار كالجبار، فملك الله ليس كملك المخلوق، وعزة الله ليست كعزة المخلوق، إذ عزة المخلوقين محدودة، وهكذا يقال في بقية الأسماء.

    فكذلك إذا سمى الله نفسه السميع البصير وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا [النساء:134]، وسمى الإنسان بقوله: فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا [الإنسان:2]، عرف أنه ليس السمع كالسمع، وليس البصر كالبصر، وإن كان الاسم متحداً، فإن السمع هو: إدراك الأصوات، والبصر هو: إدراك المبصرات والمرئيات، ولكن بينهما تفاوت.هذا في الأسماء.

    وكذلك يقال في الصفات: إذا وصف الله نفسه بالعلم، ووصف به بعض خلقه، عرف أنه ليس العلم كالعلم، بل بينهما فرق، فعلم الله ليس كعلم المخلوق الذي هو حادث، والذي يعتريه نسيان وتغير، فالله وصف نفسه بالعلم وهو صفة ذاتية، فلا يعتريه جهل ولا تتغير معلوماته وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [البقرة:29] وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ [فاطر:11] ووصف أيضاً بعض خلقه بالعلم: وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ [يوسف:76] وليس العلم كالعلم.

    وكذلك القدرة كما في هذه الأحاديث في قوله: (بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق) وفي قوله: (إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي) وما أشبه ذلك، ولا شك أن هذا إثبات لهذه الصفة.

    فإذا أثبتها المسلم فإن عليه أن يعتقد أنه ليس معناها كالمعنى الذي يثبت للمخلوق، بل صفة المخلوق تليق به، وصفة الخالق تليق به، وبهذا إن شاء الله يصير المؤمن موحدا، فإذا أثبت الصفات ولم يعتقد فيها شيئاً من التشبيه، لامتناع التشابه بين صفات الخالق وصفات المخلوق، ولم ينفها عن الخالق، واعتقد أنها حقيقة لائقة بالخالق سبحانه، وأن صفات المخلوق يعتريها التغير والنقص، وليس كذلك صفات الخالق فلا يكون هذا مشبهاً.

    بل المشبه كما عرفنا هو الذي يبالغ فيقول: يد الله كأيدينا، وسمعه كأسماعنا، وذاته كذوات المخلوق؛ تعالى الله عن ذلك! وهؤلاء هم الذين رد الله عليهم بعدة آيات كما في قوله: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا [مريم:65] وفي قوله: فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ [النحل:74] وفي قوله: فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا [البقرة:22]، وقوله: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:4] وأشباه ذلك، فإن هذا رد على الذين جعلوا المخلوق كالخالق، أو الخالق كالمخلوق، تعالى الله عن قولهم!

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756310874