إسلام ويب

شرح عمدة الأحكام [62]للشيخ : عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • أبغض الحلال إلى الله الطلاق، وقد أباحته الشريعة إذا احتاج الرجل إليه لئلا يبقي امرأة في عصمته وهو لا يحبها فتكثر المشاكل والمفاسد بينهما، وللطلاق أحكام وآداب وسنن ينبغي معرفتها.

    1.   

    حديث النهي عن طلاق الحائض

    قال المؤلف رحمنا الله تعالى وإياه:

    [كتاب الطلاق:

    عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (أنه طلق امرأته وهي حائض، فذكر ذلك عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتغيظ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: ليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض فتطهر، فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها قبل أن يمسها، فتلك العدة كما أمر الله عز وجل) ، وفي لفظ: (ثم تحيض حيضة مستقبلة سوى حيضتها التي طلقها فيها) ، وفي لفظ: (فحسبت من طلاقها وراجعها عبد الله كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم).

    وعن فاطمة بنت قيس : (أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة وهو غائب -وفي رواية: طلقها ثلاثاً- فأرسل إليها وكيله بشعير فسخطته فقال: والله مالكِ علينا من شيء. فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال: ليس لك عليه نفقة -وفي لفظ: ولا سكنى- فأمرها أن تعتد في بيت أم شريك ثم قال: تلك امرأة يغشاها أصحابي، اعتدي عند ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك، فإذا حللت فآذنيني. قالت: فلما حللت ذكرت له أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم خطباني. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له، انكحي أسامة بن زيد ، فكرهته ثم قال: انكحي أسامة ، قالت: فنكحته فجعل الله فيه خيراً كثيراً واغتبطت)].

    الطلاق: هو تخلية عصمة المرأة بعد أن ربط بينهما وثاق النكاح، فالنكاح هو: رباط بين الزوجين، والطلاق حل لذلك الرباط.

    علم الله تعالى أن الزوجين قد تسوء العشرة بينهما، فلا يتلاءم الزوج مع الزوجة، وتسوء صحبتها له أو صحبته لها، ويمل كل منهما من صاحبه، فحينئذٍ جعل لهما مخرجاً بهذا الطلاق، فأباح له أن يطلقها وجعل لذلك شروطاً وجعل له صفات وأسباباً.

    ومع كونه مباحاً فإنه مكروه، ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أبغض الحلال إلى الله الطلاق)، فجعله حلالاً ومع ذلك ذكر أنه مكروه عند الله؛ وما ذاك إلا أنه يسبب الفرقة بين الزوجين، وقد يكون بينهما أولاد، وقد يكون بينهما صحبة طويلة، وقد يندم بعدما يطلق ولكن بعدما يفوت الأوان، فهذا ونحوه من أسباب كراهة الطلاق.

    وذكر العلماء: أنه يكون مباحاً، إذا احتاج إليه بأن ملّ صحبة المرأة ولم تناسبه ففي هذه الحال هو مباح، ومع ذلك فالصبر أفضل، فينبغي له أن يصبر ويتحمل المشقة، ويعاشر زوجته بما أمر الله بقوله: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19] فهذا أولى، ولكن إذا حصلت الأسباب التي تسيء الصحبة فإنه يكون حلالاً ومباحاً.

    وأما إذا ضجرت منه الزوجة واشتد ضررها، واحتاجت إلى أن تفتدي نفسها وتبذل شيئاً من مالها حتى تفارقه وتتخلص من شره وغضبه، ففي هذه الحال يكون مستحباً؛ لما فيه من إزالة الضرر وتفريج الكربة.

    مر بنا هذا الحديث عن ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (مره فليراجعها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك وإن شاء طلق قبل أن يمس، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء) يعني: قول الله تعالى: يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ [الطلاق:1]، وفسرها بعضهم بقوله: في قُبُلِ عدتهن، أي: في أول العدة، بأن تطلق في مستقبل العدة؛ وذلك لأنه إذا طلقها وهي حائض فإن تلك الحيضة لا تحسب من العدة، فيكون سبباً في تطويل العدة بخلاف ما إذا طلقها وهي طاهر قبل أن يمس فإن ذلك الطهر يكون أول عدتها، أو تكون الحيضة التي بعده هي أول عدتها.

    عدم جواز الطلاق في طهر مس امرأته فيه

    قوله: (فليطلقها قبل أن يمسها) أفاد أنه إذا جامعها في ذلك الطهر لا يجوز له أن يطلقها، وإذا حاضت لا يجوز أن يطلقها في ذلك الحيض، فعرف بذلك: أن الطلاق في الحيض بدعة، وأن الطلاق في طهر قد وطئها فيه بدعة، وأن من أراد أن يطلق فليطلق وهي طاهر، يعني: ليس عليها حيض ولم يمسها في ذلك الطهر، هكذا ذكروا.

    ولعل ذلك لتقليل الطلاق، فإنه إذا عزم على الطلاق وملّ من صحبة زوجته قيل له: لا تطلقها وهي حائض، فإن نفسك تكون كارهة لها في تلك الحال وهي حالة الحيض، فانتظر حتى تطهر، فإذا صبر وانتظر إلى أن تطهر، فيمكن أن نفسه تندفع إليها فيطؤها؛ لأنه قد صبر وهي حائض ستة أو سبعة أيام وهو ينظر إليها، فيقول: سوف أجامعها في هذا الطهر، فإذا جامعها قيل له: لا تطلق ما دمت قد وطئتها في هذا الطهر، لا تطلق في طهر قد وطئتها فيه، فإذا انتظر إلى أن يأتي الحيض الثاني قيل له: لا تطلقها وهي حائض، فإذا طهرت من الحيضة الثانية وعزم على الطلاق فقد لا يصبر ويندفع إليها ويطؤها، فإذا وطئها عرف أنه لا يحلّ له أن يطلقها في ذلك الطهر الذي قد وطئها فيه فيمسكها، وهكذا، وبعد ذلك إما أن تتحسن الحال والعلاقة بينهما، وإما أن يخف الذي وجد في نفسه، فيعزم على إمساكها ويترك طلاقها، فهذا هو السبب في منعه من طلاقها في حيض أو في طهر قد وطئها فيه.

    إذاً: متى يطلق؟ لا يطلق إلا وهي في طهر لم يمسها فيه، أو بعدما يتبين حملها، فإذا حملت وتبين حملها جاز له أن يطلق، أو إذا بلغت سن الإياس وانقطع عنها الحيض جاز له والحال هذه أن يطلقها في أية حال، فأما طلاقها في طهر وطئها فيه وهي غير آيسة أو في حيض فإنه طلاق بدعة.

    هل يقع طلاق البدعة؟

    هل يقع طلاق البدعة أو لا يقع؟

    ابن عمر طلقها وهي حائض، وذلك الطلاق بدعة، وأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يردها وقال: (مره فليراجعها)، كلمة ( يراجع ) دليل على أنها طلقة؛ لأن الرجعة لا تكون إلا لمطلقة، فأفاد بأن تلك الطلقة حسبت، وسمعنا قوله في هذا الحديث: (وحسبت عليه تطليقة)، أي: حسبت تلك الطلقة التي في الحيض، وعدت عليه من طلقاتها؛ وذلك لأن الزوج يملك ثلاث طلقات، فإذا طلق المرة الأولى ملك الرجعة ما دامت في العدة، وإذا انتهت العدة قدر على نكاحها بعقد جديد إذا تراضوا بينهم.

    وإذا طلقها المرة الثانية سميت أيضاً رجعية، يقدر على أن يستردها في العدة ولو بدون رضاها وبدون عقد، فإذا انتهت العدة من الطلقة الثانية فهي بائن بينونة صغرى، له أن يخطبها، وإذا تراضوا بينهم جدد العقد ورجعت إليه.

    فإذا طلقها الطلقة الثالثة بانت منه بينونة كبرى، بحيث لا يستطيع أن يردها، ولا يقدر على ردها، ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره نكاح رغبة لا نكاح تحليل.

    فهذا هو الطلاق الشرعي: أولاً: إذا أراد الرجل أن يطلق امرأته فلا يستعجل مخافة أن يندم، كما حكي عن الفرزدق أنه لما طلق امرأته ندم ندامة شديدة وقال في شعره:

    ندمت ندامة الكسعي لما غدت مني مطلقة نوار

    كانت له زوجة اسمها نوار ، طلقها وندم عليها ندامة شديدة كندامة الكسعي ، فمن تسرع في الطلاق قد يندم، فعليه أن يتريث وأن يصبر.

    ثانياً: إذا عزم على الطلاق فإن عليه أن يطلقها وهي طاهر في طهر لم يطأها فيه، لا يطلق في حيض ولا يطلق في طهر قد جامعها فيه إلا أن تكون حاملاً.

    ثالثاً: عليه أن يطلق واحدة ولا يزيد، فالزيادة على الواحدة طلقتين أو ثلاث طلقات بدعة، وإن كان يقع عند بعضهم، بل يقتصر على طلقة واحدة.

    رابعاً: إذا طلقها فليتركها تبقى في بيتها؛ لأنها في حكم الزوجة ما دامت في عدته ومحبوسة عليه، فهي كزوجة له، يجوز لها أن تتكشف أمامه، ويجوز لها أن تتجمل وأن تتطيب وأن تتعرض له، فإذا غلبته نفسه واندفع إليها ووطئها فلا تمتنع منه، ويكون وطؤه لها كرجعة، يعني: يعتبر أنه راجعها؛ فلأجل ذلك قال الله تعالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ [الطلاق:1] يعني: المطلقات وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [الطلاق:1]، لا تخرج المطلقة إلا إذا كانت بذيئة اللسان، إذا كانت مثلاً شريرة فيها شيء من العتو ومن النفرة ومن الشر والقساوة الشديدة فهذا هو الفاحشة، فالفحش هو الفحش في القول، فإذا أتت بفاحشة مبينة فيجوز له والحال هذه أن يخرجها، فإذا لم تكن كذلك فإنه يتركها في بيتها، ويجوز أن يدخل ذلك البيت، وما دامت في العدة فلها حق أن ينفق عليها، ولها حق أن يبيت عندها، وإن بات عندها وحفظ نفسه ولم يطأها حتى انتهت عدتها فإنها تحل بعد ذلك لغيره، أي: إذا انتهت عدتها وهو لم يراجع ولم يجامع، فتحل لغيره وتحل له أيضاً إن أراد زواجها إذا كان الطلاق رجعياً كما قلنا.

    فالنبي صلى الله عليه وسلم أنكر على ابن عمر أنه طلقها وهي حائض، وجعل ذلك الطلاق بدعة وقال: (مره فليراجعها)، فأفاد أن من طلق حائضاً يقال له: راجع. ما معنى راجع؟ يشهد لقول الله: وَأَشْهِدُوا ذَوَي عَدْلٍ مِنْكُمْ [الطلاق:2] فيقول: اشهدا يا فلان وفلان أني قد راجعت امرأتي.

    إلى متى هذه الرجعة؟ إذا راجعها أمسكها، فإذا طهرت من تلك الحيضة التي طلقت فيها فالرجعة لها آثار، فلابد من أن يجامعها في ذلك الطهر الذي يلي تلك الحيضة حتى يصدق عليه أنه راجعها؛ لأنه قال: (مره فليراجعها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر)، فطلاقها في الطهر الذي راجعها في الحيض قبله يعتبر أيضاً بدعة، فيقال له: إذا راجعتها وهي حائض فلا تطلقها في الطهر الذي بعده، ولو لم تمسها، بل لا تتم الرجعة إلا بأن يمسها -أي: يجامعها في ذلك الطهر- ثم يتركها، فإن تبين حملها طلقها بعد الحمل، وإن لم يتبين حملها بل حاضت الحيضة الثانية فإذا طهرت من الحيضة الثانية طلقها وهي طاهر.

    فعرفنا بذلك أنه لا يجوز الطلاق في الحيض، ولكن إذا طلق فإنها تحسب عليه طلقة من الثلاث الطلقات التي يملكها، وإذا طلقها وهي حائض فإنه يؤمر أن يستردها، وإذا استردها يؤمر أن يجامعها في الطهر الذي يلي تلك الحيضة، وإذا جامعها وحاضت حيضة بعدها فيؤمر إذا كان راغباً في طلاقها أن يطلقها في الطهر الذي يلي الحيضة الثانية قبل أن يجامعها، فحينئذٍ يكون قد طلقها لعدتها.

    والعدة للحائل التي تحيض ثلاثة قروء قال تعالى: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ [البقرة:228] أي: ثلاث حيض، فإذا طهرت من الحيضة الثالثة فإنها تحتجب عنه، وتحل لغيره إذا خطبت، وإن خطبها بعد ذلك وتراضيا حلت له، ونكحها على ما بقي له من الطلقات، فهذا هو طلاق السنة.

    حكم طلاق الثلاث

    الطلاق أكثر من مرة يعتبر طلاق بدعة، والسنة أن يطلق واحدة، فإن طلق اثنتين قيل: هذا طلاق بدعة، وإن طلق ثلاثاً قيل: هذا طلاق بدعة، والطلاق في الحيض بدعة، والطلاق في طهر وطئ فيه بدعة، والجمهور على أنه يقع الطلاق البدعي ويحسب عليه عقوبة له، وقد ثبت أن رجلاً جاء إلى ابن عباس رضي الله عنه فقال: إني طلقت امرأتي مائة طلقة فقال: بانت منك بثلاث طلقات، وسبع وتسعون وبال عليك، اتخذت بها آيات الله هزواً. فأبانها بينونة كبرى بثلاث، وجعل البقية وبالاً عليه، فهذا دليل على أنها تعد عليه ولو جمعها.

    وبكل حال فالطلاق كما عرفنا تخلية نكاح المرأة وفراقها، وقد ذكرنا أنها تتعلق به الأحكام الخمسة، فيكون مباحاً إذا احتاج إلى الطلاق وضجر من الحياة معها، ويكون مندوباً إذا كانت المرأة متضررة من سوء الصحبة وبحاجة إلى أن تفتدي، فيستحب أن يطلقها ولا يحوجها إلى فدية، ويكون حراماً إذا كان الطلاق في حيض أو في طهر وطئ فيه ونحو ذلك، فيعتبر حراماً؛ لأنه طلاق بدعة، ويكون واجباً إذا آلى من زوجته ألا يطأها أكثر من أربعة أشهر، فإنه بعد الأربعة الأشهر يجب عليه أن يرجع عن يمينه أو يطلق.

    إذاً: يكون واجباً للإيلاء، وحراماً للبدعة، ومكروهاً لغير الحاجة، فإذا حسنت الصحبة بين الزوجين واستقامت الحال فإنه يكره أن يطلقها؛ لأن أبغض الحلال إلى الله الطلاق، ولأنه قد يندم بعدما يقع الطلاق وقد يصعب بعد ذلك تلافيه.

    وقد وردت الأدلة على الأمر بالتغاضي من الزوج عما يرى من زوجته، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج، وكسرها طلاقها)، فأمره أن يصبر على ما يرى فيها من عوج ومن نقص، ومن عيب، ويتحمل ذلك، ويصبر على ما يسمع أو على ما يرى؛ وذلك لما يتسبب عن الطلاق من الفرقة وشتات الأولاد وندم الزوج أو الزوجة على ما وقع منهما أو من أحدهما.

    وكذلك أيضاً المرأة مأمورة أن تتحمل، وذلك فيما إذا كان الزوج سيئ العشرة، سيء الصحبة، شرساً حقوداً غضوباً شديداً شرس الأخلاق، ضيق العطن، بذيء الكلام، سباباً شتاماً ضراباً، شديد الأذى على زوجته، فإنها تتحمل وتصبر وتصابر إلى أن تستقيم حاله، وأما إذا كانت حالته مستقيمة ليس عليها ضرر، فليس لها حق أن تطلب الطلاق؛ وذلك لقول صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة سألت الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة)، والبأس هو: الضرر.

    فإذا كان الزوج قد أوفى لها متطلباتها، وأرغد عليها نفقتها وكسوتها، وقام بحقها ولم تجد منه ضرراً، ولم تجد منه نقصاً ولا قصوراً في شيء من أمور الحياة؛ فلا يجوز لها أن تطلب الفراق حتى ولو تزوج غيرها اثنتين أو ثلاثاً، فليس لها أن تطلب الطلاق ما دام أنه لا ضرر عليها ولا مشقة، فمتى تحمل كل من الزوجين ما يجده من الآخر، وصبر على ذلك؛ استقامت الحال وحسنت الصحبة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756529101