هناك أهمية للدعوة إلى الله، وواجب الدعاة نشرها بالحكمة والموعظة الحسنة وعدم الإثارة، وهناك وسائل للدعوة، ومن بشائر الدعوة الصحوة القائمة اليوم وعلى العلماء توجيهها وإرشادها، ولا ينبغي أن تتعلق الدعوة بالأشخاص هذا هو حديث الشيخ في هذا اللقاء.
قال الشيخ الدكتور:
عبد العزيز حفظه الله:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن والاه.
أيها الأحبة في الله: نرحب بكم جميعاً في هذا المكان الطيب الذي اجتمعتم فيه، في الله ومن أجل الله، ويسرنا أن نرحب بعلامة القصيم الشيخ الهمام، صاحب القلم السيال، والسحر الحلال، إنه سلمان بن فهد العودة صاحب البيان والجودة، وهو غني عن التعريف، ولولا أنني أخشى أن يغضب؛ لزدتكم شيئاً من صفاته، ولكني أعلم أنه لا يرغب، فأنـزل عند رغبته، وأدعو له بالثبات والتوفيق، وأن يحفظه في حلِّه وترحاله، وأن يصلح نيته، وأن ينفع به الإسلام والمسلمين، وأن يشملنا جميعاً برحمته التي وسعت كل شيء، ونحن شيء.
يا أحبتنا في الله! لا شك أن الدعوة مطلب عظيم، ووظيفة مهمة جداً، تبنتها الأنبياء منذ خلق هذا الإنسان إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
قامت الأنبياء بالدعوة إلى الله، وبلغت الرسالة، وأدَّت الأمانة، حتى ختموا عليهم الصلاة والسلام بسيد المرسلين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وقد رزقه الله بأصحاب هم أفضل الأمم بعد الأنبياء، قاموا بالدعوة خير قيام حتى صارت راية الإسلام خفَّاقة في الآفاق -رضي الله تعالى عنهم أجمعين- ولقد تبنوا الدعوة وضحوا تضحيات منقطعة النظير؛ فتركوا ديارهم، وأموالهم من أجل الدعوة إلى الله، وانتقلوا إلى الديار، ووصلوا إلى أكثر الأمصار؛ من أجل تبليغ دعوة الله؛ لعلمهم التام أن هذه الدعوة تجارة رابحة مع الله، وأن من اهتدى بسبب دعوتهم؛ فإنهم سينالون مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيئاً، وقال تعالى: ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [الحديد:21].
شروط الدعوة إلى الله
الذي أوصي إخواني به -ولست بأعرف منهم- أن يقوموا بالدعوة على هدي من كتاب الله عز وجل ومن هدي رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، وأن يقصدوا بذلك وجه الله عز وجل؛ حتى تكون هذه الدعوة صواباً، وسائر الأعمال أيضاً تحتاج إلى هذا؛ فلا بد أن يرتكز العمل على أساسين:
الأول: أن يكون مستنداً إلى شيء من كتاب الله، أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
الثاني: أن يقصد به وجه الله، فقد يقصد بالعمل وجه الله (100%)؛ لكنه مخالف للكتاب والسنة، فيصير هذا العمل بدعياً وإن كان خالصاً، وبالتالي يكون مردوداً؛ لأنه ليس على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: {من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد} وقد يأتي العمل مطابقاً للوحيين (100%)، ولكن لا يقصد به وجه الله؛ فيصير شركاً، أو رياءً، فيكون عملاً غير مقبول.
واجب الدعاة
والمطلوب من الدعاة: أن يتحسسوا أمراض الأمة، ويعالجوها بتأني وحكمة؛ ولكن البعض من الدعاة، أو من بعض أصحاب المناهج المختلفة قد يُشِّمر عن ساعد الجد والاجتهاد، فيتتبع أخطاء وتقصير إخوانه، ثم ينتقدهم علانية، ويقصد أن يتنقص من شأنهم، ويصرف الأنظار عنهم، وهذا العمل لو تعلم عنه الدول الكافرة؛ لشجعت من يقوم به خير تشجيع؛ ولأعطتهم الهدايا السخية، مكافأة لهم على ما يفعلون؛ لأنهم اشتغلوا ببعضهم البعض دون المعادين، والمعاندين، والمخالفين.
وليس معنى كلامي هذا أنني أمنع النقد البناء، والنصيحة الطيبة، بأن يسديها هذا الناصح وهذا الداعي إلى أخيه بتفهم وحب للخير، وبأسلوب لطيف، وأن يثني عليه -على صاحب هذا التقصير- بعمله، ويقول: كذا:
ثم يهدي له الأخطاء، فالرجل العاقل سيدعو لمن ينبهه ويقول: رحم الله من أهدى إلينا خطايانا.. أما أن يأخذ الإنسان على رءوس الأشهاد وينتقده؛ فهذا لا ينبغي.
الناس ليسوا معصومين.. العصمة للأنبياء، وحتى أتباع الأنبياء ليسوا بمعصومين، كما قال الإمام مالك رحمة الله عليه: كلٌ يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر، ويقصد به النبي صلى الله عليه وسلم.
فالهدوء في الدعوة أمر طيب، وإن حصل اختلاف؛ لا نأخذ في الصياح والتنابز بالألقاب؛ لأن الشيطان يدخل في هذه الحالة، فإذا اختلفنا في شيء نرده إلى كتاب الله، وإلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإذا لم نستطع أن نستخرج الحكم من الكتاب والسنة، نرجع إلى أهل الذكر وأهل العلم المعتبرين، ونحن -والحمد الله- بلادنا تعج بهم وهم على كثرة ووفرة، ويتمتعون بالصبر، والحلم، والأناة، والأخلاق الكريمة، وعلى رأس هؤلاء: سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله وأمد في عمره، ورزقه الأعوان الناصحين، والمستشارين المخلصين، فنرجع إلى العلماء ونستفتيهم، ثم ننتهي إلى الفتوى.
أما أن يأخذ بعضنا يسب البعض الآخر، والآخر يقول: كذا، والآخر يشنع على أخيه، ويتلمس الأخطاء -والأخطاء كثيرة- والجماعات الإسلامية مقصدها الخير، قد يتبنون أمراً ما، ليس فيه خلاف أو لا دليل عليه إنما اجتهدوا فيه، وقالوا مثلاً: أنه من المصالح المرسلة، أو شيء من هذا؛ فإنهم مجتهدون في هذا، ولكنهم لم يحظوا بالصواب في هذا الاجتهاد.
فتناقش المسألة بالهدوء، ويكون القصد الوصول إلى الحق؛ لا أن يكون القصد أن القضية انتصار، ويهمني أن أنتصر فقط مهما كلف الأمر! لا، أناقش وأنا هدفي الحق، وهدفي الوصول إلى الحق، فمتى ظهر لي الحق ألتزم به، والحق ضالة المؤمن.
وسائل الدعوة كثيرة ووفيرة، فكل واحد يقوم بالدعوة في محيطه؛ فالموظف يقوم بالدعوة أمام زملائه، والرجل يقوم بالدعوة في بيته، وإمام المسجد في حيِّه وهكذا، فلا نحتقر شيئاً من الدعوة؛ كتاب أو كتيب صغير يوزع، شريط يوزع، نصيحة تسدى، زيارة لمقصر في بيته، رسالة توصل إليه، وهكذا.. بالحكمة واللطف، وأن يقصد هذا الإنسان إيصال الخير إلى الغير، ويتتبع الصواب، والذي ليس عنده علم في المسألة يسردها إلى من عنده علم، أو يطلب الفتوى في هذه المسألة، ويقول: فيها كذا، أو فيها كذا، وإن شاء الله أهل العلم -ولله الحمد- متوافرون في كل مكان، وفيهم الخير والبركة.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفق الجميع لما فيه الخير والسداد، اللهم اجعل اجتماعنا هذا اجتماعاً مرحوماً، والتفرق من بعده تفرقاً معصوماً، اللهم لا تجعل فينا شقياً ولا محروماً يا حي يا قيوم.
اللهم اشملنا برحمتك التي وسعت كل شيء، يا أرحم الراحمين ارحمنا، اللهم وفق ولاة أمورنا لما فيه الخير والصلاح والنجاح، اللهم ارزقهم المستشارين المخلصين، الناصحين الذين يذكرونهم إذا نسوا، ويعينونهم إذا ذكروا، اللهم انصر المجاهدين المسلمين في كل مكان، اللهم كن لهم ولا تكن عليهم يا حي يا قيوم.
اللهم من أرادنا بسوء فأشغله في نفسه، واجعل تدبيره عائد إلى تدميره. اللهم رد بيت المقدس إلى المسلمين وما جاوره من الأرض إلى أهلها الشرعيين، وانصر اللهم المجاهدين المسلمين في كل مكان يا حي يا قيوم. اللهم إنا نعوذ بك من شرور الأشرار ونجعلك في نحورهم فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [البقرة:137].
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وعلى أهله وصحبه وسلم، وأشكركم على أن قدمتموني ولست بأحسنكم، ونتمنى للجميع أمسية طيبة مباركة، ولا شك أن نعتبرها فرحة، والإخوة يعتبرون -أيضاً- ذلك فرحة بمقدم الشيخ -جزاه الله خيراً- ونفعه ونفع به، وثبتنا وإياه على الصراط المستقيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال مقدم اللقاء حفظه الله :
جزى الله فضيلة الشيخ الدكتور: عبد العزيز خير الجزاء على هذه الكلمة الضافية الوافية، ونسأل الله سبحانه وتعالى، أن ينفعنا وإياكم بما قال.
قصيدة ترحيبية للأستاذ:
عبد الله العسكر :
لا شك أيها الإخوة: أن مثل هذه التوجيهات هي إحدى ثمرات مثل هذا اللقاء وغيره من اللقاءات.. لا شك وأن الجميع فرحٌ بهذا اللقاء ومسرور به.
ونيابة عن أهالي الخرج، الأستاذ عبد الله العسكر: يقدم قصيدة ترحيبية للحضور فليتفضل.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
أيها الشيخ الفاضل، أيها المشايخ الفضلاء: أرحب بكم أجمل ترحيب وأعطره، وأحييكم في هذه الليلة المباركة؛ التي فرح الجميع -بلا شك- فيها بفضيلة الشيخ سلمان -حفظه الله- وأيده، وكثر من أمثاله.
أيها الشيخ الكريم: إنك لو فتحت ما في قلوبنا جميعاً؛ لرأيت حبا عظيماً ومحبةً وتقديراً، وما ذاك إلا حباً في الله -إن شاء الله-.
وما نحبك أيها الشيخ، إلا لما نعلمه عنك من صدق -نحسبك كذلك والله حسيبك- ونسأل الله عز وجل أن يثبتنا وإياك على طريقه المستقيم.
القصيدة هي بعض ما يدور في الخاطر، وهي ذرة من مجموعة أو من حب عظيم يدور في خلجاتنا جميعاً.
فاسمع منا أيها الشيخ، وتجاوز عما فيها، وما عهدناك إلا كريماً:
سلمان حلَّ فقم يا شعر ملتهباً وانثر حروفكَ في دنيا الهنا شُهبا |
أبا معاذ رعَاكَ الله يا رجلاً بِهِ تألقَ فجرٌ وانتشىَ طَربَا |
هذا هو الخرج قد حيَّاك مبتهجاً فَلا تلُمه إذا ما مَاجَ واضطرَبَا |
غداً بـمدريد نَتْلُوْ آي خَالِقِنا وسوفَ يَا شيخْ نُعْلِيْ الْبِيضَ واليَلَبَاَ |
والسلام وعليكم ورحمة الله وبركاته.
بارك الله فيك، وأكثر الله من أمثالك، ونسأل الله أن ينفعنا وإياكم بما سمعناه.
قصيدة عن
البوسنة والهرسك للأستاذ:
عبد الله العسكر.
هذه القصيدة قلتها عندما سيطرت الدول الغربية بعد حرب الخليج، وعندما تبين ما فعلته في البوسنة والهرسك من تخاذل كشف ما يسمى "بالقانون الدولي، والنظام الدولي الجديد" ومن وجد فيها شيئاً من المبالغة فهي شعر، والشعر إذا لم يكن فيه مبالغة، وشيء من الإثارة فهو نثر.
فلذلك أرجو من المشايخ، والإخوان الذين قد يعتبون عليها، لذلك أن يمروا بها مر الكرام، وأن يستروا عورها:
سراييفو الجريحة سامحينا إذا قلنا لعلك تسلمينا |
أسأل الله سبحانه وتعالى لي ولكم التوفيق والسداد، وأصلي وأسلم على نبينا محمد، صلى الله عليه وسلم تسليما كثيراً.
نعم: مسبحة بكف -جزاك الله خير-، هذا التعديل من أفضل التعديلات؛ لأن كلمة (ذكر) كان فيها نظر جزاكم الله خيراً.
قال مقدم اللقاء حفظه الله:
لا فض الله فاك وجزاك الله خيراً.
وفي الختام كلمة للشيخ عبد الرحمن الصغير مندوب الدعوة والفتاوى في الخرج:
قال الشيخ :
عبد الرحمن الصغير حفظه الله :
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أيها الإخوة: فإننا نرحب باسمكم بأصحاب الفضيلة المشايخ الكرام الذين كان سبب اجتماعنا جميعاً هو الشيخ سلمان بن فهد العودة -جزاه الله خيراً-، ونسأل الله لنا وله العودة إلى هذا المكان، والأماكن المباركة الطيبة دائماً وأبداً.
ثم أيها الإخوة: ملاحظة خفيفة كأن بعض الإخوة الحاضرين انتقد الشيخ عبد العزيز -جزاه الله خير- فقال: إن الشيخ سلمان سيصل، إن شاء الله كل الأمور ستصل، أما مسألة يا إخواني التوجيه، والترشيد؛ فهذا فضل الله علينا، أن منَّ علينا بعلماء يرشدوننا.
فإننا لا بد لنا من الاجتماع، وإن سلف الأمة وخير الأمة، كانوا يجتمعون، فيجب علينا أن نبعد من أفكارنا العصمة لأحد؛ فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه لما مات النبي صلى الله عليه وسلم قال: [[إن رسول الله لم يمت]] فجاء أبو بكر رضي الله عنه وقال: [[من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات]].
فلا بأس -يا إخواني- من أن يوجه بعضنا بعضاً، وأن يأخذ بعضنا من بعض. فباسمكم جميعاً أرحب بالشيخ سلمان، وبالمشايخ جميعاً؛ رئيس محكمة الحوطة الشيخ عبد الله بن الفنتوخ، وبقية المشايخ.
وكذلك لأن الشيخ سلمان -جزاه الله خير- عنده كلمة، وبعده تشرفوننا في العشاء، فليتفضل؛ وجزاكم الله خيراً جميعاً، وصلى الله على محمد وعلى آله.
قال الشيخ :
سلمان بن فهد العودة حفظه الله :
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين،وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
لا أكتمكم أنني فرحت بمثل هذا الجمع، وإنني أعبر فقط عن عظيم سروري بلقياكم ورؤيتكم، وأسأل الله تعالى أن يجمعني وإياكم على طاعته.
أيها الأحبة: أفرح بهذا الجمع، ليس لأنه حضر من أجل شخص معين، لكنني أفرح بهذه الوجوه المتوضئة التي عرفت طريقها إلى الله عز وجل، فقد كان عهدنا -منذ بعيد- بالشباب يتجمعون بأعداد كبيرة على مدرجات الملاعب الرياضية، أو في الساحات العامة، أو ما سوى ذلك.
أما اليوم فالحمد لله لقد أصبحت الصحف تعالج قضية التهرب من الملاعب، واستخدام الأساليب والوسائل لإعادة الشباب إلى الملعب، وفي المقابل أصبحنا نجد مثل هذه الجموع الغفيرة التي فقدها الملعب قد توجهت، وعرفت طريقها إلى المسجد، هذا هو سر فرحي.
أما ما عندي؛ فعندي عقيدة والله تعالى أعلم أنها موجودة، وهي أن ما عندي لا تستحقون أن تأتوا إليه، وإن ما قاله الإخوان المشايخ في حقي -غفر الله لي ولهم- إنما هو تعبير المحب الذي يحسن الظن؛ ولكنه لا يخلو من مبالغة وزيادة، وأسأل الله تعالى أن يعفو عني وعنهم.
ومثل -أيضاً- تلك القصيدة التي هي جميلة في معانيها وعباراتها، إلا ما يتعلق بي، والتي قرأها أخي الكريم.. والشيء الوحيد الذي أريد أن أؤكده وأكرره -وقد ذكرته في المحاضرة، وذكرته في محاضرات كثيرة، وأرى أنه دين يجب إبلاغه إليكم- أن أمر الدين، وأمر الدعوة لا يجوز أبداً أن يربط بأشخاص على الإطلاق، بل يجب أن يكون أمر الدين عبادة بيننا وبين الله عز وجل، فليس في الإسلام، كما في النصرانية؛ كهنوت رجال دين وما أشبه ذلك.
عندنا علماء، لكن -كما قلت- مهمة العالم أن يشرح النص ويوضحه، يخرج العلماء والفقهاء، يكثر المجتهدين؛ لكنه يخطئ ويصيب، ويقبل منه ويترك ويرد -أيضاً-، وينبغي أن نعرف للناس أقدارهم؛ فلا نرفعهم ولا نخفضهم.
لا شك أن ازدراء الناس واحتقارهم، هذا من العيب وخلاف المروءة؛ حتى أخلاق الجاهلية تأبى هذا وترفضه؛ لكن -أيضاً- ينبغي أن يعرف لكل إنسان قدره، ورحم الله تعالى امرءاً عرف قدر نفسه.
استثمار الجهود:
أمر ثان: وهذه المسألة طويلة، ولكن باختصار أشار إليها الشيخ عبد الله بإيجاز، وهي مسألة هذه الجموع الغفيرة التي تقبل على الخير، ينبغي أن تستثمر، ويستفاد منها.
فأين هذه الجموع الطيبة من الدروس العلمية؟
أعرف أن عندكم دروساً في العقيدة، ودروساً في التفسير، وفي الفقه، وفي الحديث، وفي السيرة، وفي ألوان العلوم المختلفة.
أين هؤلاء الشباب من مجالات الخير، وأعمال الخير، والأنشطة الخيرية، والقيام بالدعوة -ولو على سبيل الانفراد- ببذل الوسع، وبذل الجهد، بحيث لا ينبغي أن نرفع شعار: (لا مكان للبطالين بيننا).
حب الرءوس لا يكفي يا إخوان؛ ينبغي أن نُحوِّل عواطفنا نحو الدين إلى الوجهة الصحيحة، فيوجه كل واحد منا ما يستطيع، ولا يحتقر نفسه أبداً.
ثم إنني أكرر مرة أخرى شكري الكبير لأصحاب الفضيلة المشايخ جميعاً، وشكري لأهل البلد، وشكري لكم أنتم على حضوركم ومحبتكم.
وصراحة! ما زال في نفسي أشياء كثيرة، وموضوعات كنت أود أن أطرحها؛ لكن ضيق الوقت، وتأخره يدعو إلى أن أؤجلها؛ على أمل -إن شاء الله- أن يأذن الله تعالى بلقاء آخر يكون أوسع من ذلك.
وأسأل الله تعالى أن يجعل اجتماعنا اجتماعاً مرحوماً، وأن يجعل تفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً، وألا يجعل فينا ولا منا ولا معنا شقياً ولا محروماً، وأن يوفقنا وإياكم لصالح القول والعمل.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله ونبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.