إسلام ويب

طبيعة المرأة بين السلب والإيجابللشيخ : سلمان العودة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الطباع البشرية التي جبلت وفطرت عليها النساء كثيرة جداً منها: الجمال وحب الاستطلاع والكلام وحب التميز، وغيرها. ولكن هذه الطباع تدور بين المحمود والمذموم ( السلب والإيجاب ).

    1.   

    أهمية معرفة الإنسان بطبعه

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

    أما بعــد:

    هذه الجلسة أيتها الأخوات هي للإجابة على بعض الأسئلة والاستفسارات الواردة من الطالبات في هذه الدار، ولكنني أقدم بين يدي الإجابة على تلك الأسئلة بحديثٍ عابر، أحببت أن يتناول قضية مهمة، ألا وهي (طبيعة المرأة بين السلب والإيجاب).

    ومن المهم جداً للإنسان أن يعرف طبيعته ما هي، سواء قصدنا بطبيعة المرأة ما فطرت وخلقت وجبلت عليه كل النساء من الطبائع الفطرية التي لا مخلص لها منها، فإن الإنسان مجبول على طبائع وخصائص، لا سبيل له إلى التخلص منها.

    فمثلاً: غريزة حب الاطلاع أو حب المعرفة أو حب الاستطلاع.. هذه طبيعة موجودة في كل إنسان، ذكراً أو أنثى، كبيراً أو صغيراً، فهو يحب أن يستطلع ويعرف حقائق الأمور، ولكن هناك أيضاً طبائع خاصة ببعض الناس دون بعض، فتجدين بعض النساء -مثلاً- شديدة الغضب سريعة الانفعال، ما إن يحصل لها موقف، حتى تفور أعصابها وتنفعل، وتحطم ما أمامها، فإن من المهم أن تعرف المرأة طبيعتها تلك.

    وتجدين امرأة أخرى حساسة، سريعة التأثر بكل شيء، حتى نسمة الهواء تجرحها، حتى الكلمة الهادئة قد تؤثر فيها، فتكون دائماً وأبداً تعيش في قلق وهم وتفكير، فلانة قالت، وفلانة قالت، ماذا أرادت هذه؟

    وماذا أرادت هذه؟

    فتظل تعاني الآلام الشديدة، وقد تشرك غيرها معها في هذه الآلام بسبب الحساسية الموجودة عندها والتي تجعلها تفسر أفعال الآخرين وأقولهم بخلاف الواقع، فعلى أي حال لابد أن تعرف المرأة طبيعتها، سواء أردنا الطبيعة العامة التي عند كل امرأة، أو الطبيعة الخاصة التي تميز بعض النساء عن بعض.

    1.   

    الجمال بين السلب والإيجاب

    وأضرب بعض الأمثلة لهذه الطبيعة:

    فمثلاً: من الأشياء التي جبلت عليها المرأة: قضية الجمال، بل هذه القضية موجودة عند الإنسان، فإن الإنسان بطبيعته يحب الجمال، فإذا رأى المشاهد الجميلة، مشاهد الطبيعة، الأشجار الخضراء، والأزهار، والبحار، والأنهار، وخرير المياه، ورأى هذه المظاهر والأشكال والطيور المغردة، فإنه يفرح ويسر بذلك، ولهذا جرت عادة الناس أن يذهبوا إلى الأماكن التي توجد فيها هذه المظاهر للاصطياف والتفرج والنظر إليها، فهذه طبيعة لا يلام عليها أحد فلا يلام الإنسان على حبه للجمال، بل إن الله سبحانه وتعالى وعد المؤمنين في الدار الآخرة بألوان من الملذات في الجنة، منها: التلذذ بالنظر إلى الجمال، سواء جمال الجنة وما جعل الله تعالى فيها من الأنهار والأشجار وغيرها، أو التلذذ بالنظر إلى وجه الله الكريم سبحانه وتعالى في جنة عدن قال تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [القيامة:22-23].

    فيتلذذ المؤمنون في الجنة بالنظر إلى وجه الله تعالى الكريم ذكورهم وإناثهم، فينظرون إلى وجه الله تعالى، فلا يجدون شيئاً من النعيم أحسن ولا ألذ من النظر إلى وجه الله الكريم، لأنه فيه الكمال والجمال والجلال، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم في صحيحه: {إن الله تعالى جميل يحب الجمال}.

    فالشرع ما جاء يعارض الجمال، ويقول: لماذا يحب الإنسان الجمال؟

    لا، الشرع لا يلوم الإنسان، لأن الذي خلق الإنسان هو الذي أنـزله، ومن الطبيعي أن الله يعلم من خلق: أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ الملك:14] فكون الإنسان رجلاً أو امرأة يحب الأشياء الجميلة، هذا أمر فطري لا يلام عليه الإنسان، لكن هذه الطبيعة يمكن أن تتحول إلى طبيعة إيجابية، ويمكن أن تتحول إلى طبيعة سلبية.

    الاهتمام السلبي بالجمال

    نأخذ مثالاً في كون الجمال يمكن أن يتحول إلى شيء سلبي: تجدين أن بعض الفتيات يصبح هم الجمال عندها هو كل شيء، حتى لو حسبت الوقت التي تقضيه الفتاة في التجمل وصبغ وجهها بالأصباغ، وتسريح الشعر، وتغيير الثياب وتبديلها وتزيينها، لربما وجدت أنها تصرف نصف الوقت أو أكثر على العناية بالجمال، في مظهرها، في شكلها، في وجهها، في شعرها، في ثيابها، في كل شيء، وربما بسبب انشغالها بالجمال الشكلي هذا، أغفلت الجمال الحقيقي، جمال الروح، جمال الخلق، جمال العقل، جمال العلم، فإذا فتشت هذه الفتاة هل عندها علم وثقافة؟

    ما وجدت شيئاً، وهل عندها معرفة بشئون النساء؟

    ما وجدت شيئاً وهل عندها أخلاق فاضلة؟

    لا، وهل عندها فصاحة وبلاغة وبيان؟

    لا، إنما كل همها تركز على العناية بالجمال الظاهر، فأجحفت بسبب الانشغال به في الجمال الحقيقي المهم، فهي تكون مثلما لو جاءت امرأة أو جاء رجل بكوب مصنوع من ذهب، أو من برونـز، أو من كريستال، أو أي معدن من المعادن، ثم وضع في هذا الكوب شيئاً من الخمر أو من الماء الكدر، يكون المضمون سيئاً، والصورة جيدة في الظاهر.

    ماذا يفيدنا -إذا كان مضمون الكوب الذي بداخله ماء كدر أو خمر أو ما أشبه ذلك- أن يكون هذا الكوب جميلاً، وما في داخله خبيثاً؟

    لا ينفع شيئاً، فكذلك المرأة إذا كان همها العناية بالجمال الظاهر مع إهمال الجمال الباطن صارت هكذا، أي كما يقال: ديكور في الظاهر، لكن في الحقيقة خواء لا شيء فيه، وهذه مشكلة.

    فالإفراط في العناية بالجمال هو صورة سلبية بهذا الشكل.

    من الإفراط في العناية بالجمال بصورة سلبية أيضاً: أنكِ قد تجدين بعض النساء تهتم بالعناية بجمالها لغير ما خلقه الله تعالى له، لأن الله تعالى خلق الجمال في المرأة حتى يتمتع به من أحلها الله له، ولذلك سميت حليلة زوجها، لكن قد تجدين كثيراً من النساء تهتم بالجمال والمظهر والشكل، ثم تخرج بعد ذلك إلى السوق حتى تلفت إليها نظر الرجال والغادين والرائحين والباعة والمشترين وغيرها، أو حتى تخرج إلى حفل زواج، فتلفت أنظار النساء الأخريات حتى يتحدثن ويتهامسن ويشرن إلى فلانة، فهذه مشكلة؛ لأن الجمال حينئذٍ في غير ما خلقه الله له، وربما تكون هذه المرأة نفسها حين تكون متزوجة إذا كانت في بيتها وعند زوجها لا تهتم بجمالها مثلما تهتم به إذا كانت خارجة للسوق أو إلبى حفل زواج أو إلى مناسبة، فهذا جانب سلبي في العناية بالجمال.

    الاهتمام الإيجابي بالجمال

    الجانب الآخر: هو الجانب الإيجابي.

    فأن الله عز وجل فطر المرأة على قدر من الاهتمام بالجمال لا تلام عليه، وكون الإنسان يهتم بمظهره، بشكله، بثيابه، بنظافته، في بدنه، في حذائه، في بيته، في دروسه، في أي شيء، يهتم بالنظافة.. فهذا مطلب شرعي، ولا يلام عليه العبد، وليس صحيحاً. ما يقع في أذهان كثير من الفتيات أن الفتاة الملتزمة المتدينة يجب أن تكون بعيدة عن العناية بشكلها، وهذا خطأ، بالعكس كون الفتاة المتدينة تهتم بمظهرها بقدر معقول هذا هو الحل الشرعي، لأننا نريد أن نقول لكل البنات: إن الدين لا يمنع من العناية بالمظهر، ولا يمنع من الاهتمام بالجمال بالقدر المعقول، ولا يمنع من النظافة، بل هو يحث على ذلك.

    فمن المهم أن تكون الفتاة الطيبة الداعية إلى الله أو المنتسبة إلى دار من ديار القرآن الكريم أو المنتسبة إلى جمعية من جمعيات التوعية الإسلامية في المدرسة، أو ما أشبه ذلك، أن تكون في مظهرها نموذجاً طيباً يدعو إلى الاعتدال، وليست العناية تلك التي جعلت وجهها كأنه لوحة زيتية، ملون بالأصباغ من هنا ومن هناك، حتى اختفت بشرتها الحقيقية، واختفى الجمال الحقيقي وراء هذه الأصباغ الوهمية المصنوعة المتكلفة، لا، ولكن فيها مع الجمال الفطري قدر من العناية بالجمال، وقدر من العناية بالنظافة، وقدر من العناية بالمظهر.. في الثياب، في الحذاء، في الكتب، في البدن، في كل شيء، يجعلها قدوة ونموذجاً للآخرين، بحيث إذا رآها الناس غير المستقيمين قالوا: إن الدين لا يمنع من الاهتمام بالجمال، وفي نفس الوقت الدين لا يأمر بالإفراط والمبالغة في هذا؛ بل الدين يدعو إلى التوسط والاعتدال؛ ومن الخطأ أن تجدي فتاة متدينة صالحة ترى أن من كمال تدينها والتزامها ألَّا تهتم بشعرها، وألَّا تهتم بثوبها، وألَّا تهتم بحذائها، وألَّا تهتم ببدنها، وألَّا تهتم بشيء من هذا الأمر، ترى أن الاهتمام بهذا الأمر كله من القشور، والواقع أن فيه قدراً لا يلام عليه.

    الإنسان بفطرته يحب الجمال، والتي تتنكر لهذا الأمر في الواقع تتنكر للفطرة، لكن التي تبالغ فيه أيضاً تظلم نفسها وتصبح مثل الذي يهتم بالقشر وينسى اللباب.

    فحب الجمال فطرة عند كل إنسان رجلاً أو امرأة، هذا الحب للجمال يمكن أن يتحول إلى صورة سلبية كما أسلفت، فتاة كل همها العناية بمظهرها، لا تهتم بثقافة، ولا بعلم، ولا بدعوة، ولا بخلق، ولا بشيء، فهذا خطأ، وبالمقابل تجدين فتاةً أخرى قد تهمل هذا الأمر، وتتنكر للفطرة بأية حجة من الحجج، فهذا أيضاً خطأ، والدين يدعو إلى التوسط والاعتدال: أن تهتم الفتاة بمظهرها بقدر معقول، وأن يكون اهتمامها ثانياً بهذا المظهر لزوجها وفي مجالاتها الخاصة، فأما إذا خرجت لمجالات الرجال، كما إذا اضطرت للخروج إلى السوق مثلاً أو غير ذلك مع العناية بالضوابط والقيود الشرعية إلا أنها لا تهتم بمظهرها الاهتمام الذي يلفت إليها أنظار الآخرين، لأنه لا يهمها أن تلفت أنظارهم، بل يهمها ألا تفتن الناس؛ لأنها إن فتنتهم سببت الإثم لهم ولها.

    1.   

    حب الاستطلاع بين السلب والإيجاب

    خذي مثالاً آخر على قضية الفطرة والطبيعة الموجودة: قضية حب الاستطلاع: كل إنسان يحب أن يطلع ما هو كذا وما هو كذا؟

    وماذا فعلت فلانة؟

    وماذا قالت علانة؟

    وما هو الشيء الذي يحصل في المكان الفلاني؟

    كل إنسان يحب هذا.

    وحب الاستطلاع موجود عند المرأة بشكل أكبر، فمن الممكن أن يكون سلبياً وذلك أنك تجدين بعض النساء تدس أنفها فيما لا يعنيها، فتحاول أن تتدخل في أمور الناس وشئونهم وفي قضايا الأسر والعوائل، فلانة فعلت وفلانة لم تفعل، وفلانة فيها كذا، والبيت الفلاني حصل فيه كذا، والمناسبة الفلانية، والمدرسة الفلانية، وتظل تهتم بتتبع أخبار الناس وأحوال الناس وقصصهم وتذكرها في المجالس، حتى إنك تجدها كأنها وكالة أنباء داخل هذا المجتمع، تجمع الأخبار والمعلومات والإشاعات والصدق والكذب والحق والباطل، فإذا حضرت في مجلس أفاضت كل ما عندها وتكلمت به عند الناس، ولكن حب الاستطلاع هذا وُظِّفَ ووضع في غير موضعه.

    حب الاستطلاع المحمود

    ويمكن أن يصرف حب الاستطلاع الموجود عند المرأة بطريقة صحيحة، يصرف عن طريق أن الفتاة تحب أن تعرف دينها، تحب أن تتطلع على العلوم النافعة، تحب أن تقرأ في كتاب الله، وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، تقرأ الكتب المفيدة، تتعلم عقيدتها، تعرف كيف تعبد ربها، بل تعرف حتى أمور دنياها، تعرف ما يتعلق بأمور الطبخ وبأمور المعيشة وبأمور الجمال الذي يخصها، بأمور البيت وتنظيمه، وبأمور الصحة، وبأمور تربية الأطفال، وبأمور العلاقات.. إلى غير ذلك من القضايا الضرورية التي تحتاج إليها المرأة في حياتها العملية، فتكون المرأة صرفت حب الاستطلاع الفطري الغريزي -الذي يجعلها دائماً تحب أن تطلع- وصرفته فيما ينفعها، فصار كل ما تقرأ أو تسمع أو تسأل إنما هو عن أشياء تستفيد منها.

    حب الاستطلاع المذموم

    أما الأشياء التي لا تنفعها مثل أخبار الناس والغادين والرائحين، وفلانة تزوجت، وفلانة أنجبت، وفلانة توظفت، وفلانة فيها، وفلانة ما فيها، فهي لا تهتم بهذا، وإن كان هناك قدر معقول من الأخبار لا يلام أحد عليه، مثل: كون واحدة تقول: زميلتي تخرجت، وزميلتي أنجبت، هذا أمر عادي، لا أحد يقول: لماذا هذا؟

    لكن أحياناً يزيد عند بعض النساء حتى يصبح كل همها هو متابعة أخبار النساء، وكأنها موكلة بما فعلت النساء وما فعل الناس رجالاً ونساء، ولذلك تجدين -مثلاً- قضية الإشاعات في المجتمع، عندما تقع أية قضية ولو كانت تافهة في المجتمع أو قضية شخصية أو بيتية يدور حولها مئات بل ألوف من الإشاعات، كلها باطلة وكاذبة؛ لأن بعض هؤلاء النساء عندهن حب الاستطلاع فتسأل وتسأل، وعندما لا تحصل على معلومات تختلق أشياء من عندها، وتقول: يمكن كذا، ويمكن كذا.

    مثلاً: لو فرضنا أن مدرسة في إحدى المدارس استقالت من هذا التدريس في المدرسة، وهناك امرأة عندها حب استطلاع في غير محله فإنها سوف تسأل: لماذا استقالت فلانة من التدريس؟

    لماذا؟

    ولماذا؟

    عندما تجلس مع أناس تسأل: لماذا استقالت وهي مدرّسة جيدة ومحبوبة عند الطالبات؟

    ولماذا تستقيل؟

    فما وجدت أحد يجيبها إلا بجواب عادي وهو أنها تعبت، وعندها أطفال، وربما زوجها ألح عليها، والمهم أنها استقالت، لكن ما أقنعها هذا الجواب؛ فبدأت تخلق إشاعات، وقالت: والله ما ارتاحت لمديرة المدرسة، يمكن الموجهة، يمكن عليها ملاحظات، يمكن يمكن، ثم تنشر هذه الإشاعات الباطلة بين الناس، فتتحول عند الناس إلى حقائق بعدما كانت ظنوناً وأوهاماً و(يمكن) صارت (أكيد) عند ناس آخرين، فهذا جانب من قضية حب الاستطلاع، إذا وظفتها المرأة في غير مصلحة.

    لكن إذا كانت المرأة تعرف مصلحتها جعلت حب الاستطلاع اهتماماً بدينها وخلقها، بل وبأمورها الدنيوية من أمورها الشخصية أو البيتية أو العائلية أو ما أشبه ذلك.

    1.   

    العاطفة بين السلب و الإيحاب

    المرأة عاطفية، وإذا كان الرجل يتميز بأنه أثقل عقلاً وأبطأ في اتخاذ القرار، وإذا أراد شيئاً فإن يفكر فيه ألف مرة قبل أن يفعله، فالمرأة عاطفية؛ من الممكن أن الإنسان يحرك عاطفتها فتتخذ قراراً بأسرع وقت بمجرد أن تسمع كلاماً طيباً حلواً معسولاً، تجدين أنها تستجيب لذلك، وتغير قناعتها بسرعة، وتوافق على هذا الأمر بكل سهولة، فالمرأة عاطفية.

    العاطفة الإيحابية

    هذه العاطفة عند المرأة.. ممكن أن تكون إيجابية، وذلك لأن المرأة -مثلاً- سترتبط في البيت مع والديها ومع إخوانها وأخواتها وهؤلاء يحتاجون إلى عاطفة، يحتاجون إلى امرأة سمحة متسامحة متعاونة لينة لطيفة سهلة معهم، بعد ذلك سوف تنتقل إلى بيت الزوجية وعش الزوجية، فالزوج ماذا ينتظر من المرأة؟

    ينتظر عواطف، فهو عنده عقل، لكن يريد عاطفة تكمله، كذلك المرأة تكمل الرجل، والله عز وجل يقول: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ [النساء:1] الرجل أصلاً خلقت منه المرأة، خلقت من ضلعه، كما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم كما قال في الصحيحين: {إن المرأة خلقت من ضلع} أي: من ضلع آدم، فالمرأة مخلوقة من الرجل.

    ولذلك فالرجل يحن إلى المرأة، والمرأة تحن إلى الرجل، فهي جزء منه تكمله وهو يكملها أيضاً، فلذلك الرجل عنده عقل يحن إلى عواطف، يريد عاطفة، يريد مثلاً من يملأ عليه حياته، وإذا أوى إلى البيت يخفف عنه الأعباء والمشاكل والهموم التي نـزلت به، ووجد الراحة في المنـزل مثلاً، فهذه المرأة إذا انتقلت إلى بيت زوجها، أمطرت هذه العواطف في بيتها، وأسعدت زوجها وآنسته، وجعلته ينسى كل همومه، وتجعل عواطفها لأولادها، فصارت تهتم بأولادها، وتعتني بهم وتضمهم وتقبلهم وتحرص عليهم وتضاحكهم وتدللهم، ولا أعني بالدلال الدلال غير المناسب تربوياً، المهم أن تعطيهم عواطف، بحيث ينشأ الطفل نشأة سليمة؛ لأنه وجد الجو والمحضن المناسب، فتكون مناسبة له حينئذٍ، وهكذا يظل المجتمع سليماً.

    العاطفة السلبية

    لكن لو تصورنا أن هذه العاطفة الموجودة عند المرأة صرفت في غير مصرفها الصحيح، فصارت مثلاً هذه الفتاة تشغل عواطفها مع زميلتها، فتجدين أنها تعيش ما يسمى بالتعلق أو الإعجاب الموجود مع الأسف في كثير من المدارس، وربما انتقل إلى بعض الدور والمؤسسات الخيرية بصورة آلية، فتجدين مثلاً فتاة تتعلق بأخرى، تمشي معها، وتجلس معها، وتقوم حيث قامت، وتقعد حيث قعدت، وتقلدها في حركاتها وسكناتها وطريقة الكلام، بل وفي ثيابها، بل وفي كل شيء، تمشي معها حذو القدة بالقدة، حتى تعتبر أنها مثلها الأعلى، وربما إذا ذهبت كل واحدة منهن إلى البيت شعرت بالوله عليها، فصارت تتصل بالهاتف، وربما تجلس معها في الهاتف ساعات تتحدث معها أحاديث عاطفية كثيرة، وربما تصل الأمور إلى نتائج سلبية وعواقب غير حميدة، ومن الممكن أن بعض النساء أو بعض الفتيات تستر هذا بشيء اسمه الحب في الله، وهذا فرق بينه وبين الحب في الله، هذه عواطف بشرية لكنها زادت، ما وجدت المصرف الصحيح، ولا وجدت التوجيه المناسب، ووجدت فتاة استجابت لهواها وأتبعت نفسها هواها، فلما شعرت بميلٍ إلى فتاة أخرى؛ لأنها ظريفة أو خفيفة أو حسنة الشكل، أصبحت تكثر من الجلوس معها وتمازحها، وتتحدث معها وتقترب منها وتقلدها، فزادت الطين بلة، وظلمت نفسها بهذه الطريقة، وربما ضرت نفسها، وضرت غيرها، يقول لها الشيطان: إن هذه المرأة الأخرى تبادلك نفس الشعور، انظري إلى نظرات عينيها، تدل على أنها تشعر نحوك بشعور مماثل، ولكنها قد لا تبوح به ولا تتكلم به، فتظل الفتاة مشدودة إلى فتاة أخرى بما يسمينه بالإعجاب أو التعلق، الذي يجعلها أحياناً تصلي وتسجد وتقول: ربي اغفر لي وتقول: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، وليس في قلبها إلا صورة الفتاة التي أعجبت بها. هنا الخطورة في قضية تحويل العاطفة إلى طريق غير شرعي، فما بالكِ إذا كان هذا التعلق ليس بفتاة مثلها؟!

    قد يكون التعلق بشاب مثلاً، كم يكون له من الأضرار؟

    وكم وقفت وعرفت كثيراً من الشباب يخادعون الفتيات مباشرة أو عن طريق الهاتف، يتصل بها بالهاتف فيخدعها، ويزين لها أنه سوف يتزوجها وأنه قد رآها وأعجب بها، ويظل يضحك بها، وهي في البداية تعتبر أنه مجرد عبث وتسلية وقضاء وقت فراغ وإن جرت معه، وهو يجرها شيئاً فشيئاً، ويسجل عليها هذه المكالمات حتى يوقعها، فإذا وجد يوماً من الأيام أنها تحاول أن تنفلت منه أو ترفض، هددها بأنها إذا لم تستجب ولم ترض بالمقابلة فإنه سوف يفضحها عند أهلها، فيظل يجرها من ورطة إلى ورطة أخرى، حتى يوقعها في الحرام والعياذ بالله، وكل ذلك حرام بحد ذاته، وكل ذلك قد تم بهذه الأساليب والوسائل والطرق التدريجية الخطيرة التي رسمها له الشيطان.

    وكم من فتاة تكون قضية الاتصال بالهاتف عندها قضية عادية، كل من اتصل أجابت عليه، واسترسلت معه وتكلمت معه، قد يتصل فلان يسأل عن أخيها فتقول: غير موجود، من الذي يريده؟

    فيبدأ يسألها متى يأتي فلان؟

    ومتى يذهب؟

    هكذا تكون فرصة للكلام والاسترسال والأمور التي لا حاجة إليها ولا فائدة منها، وبالتالي تظل الفتاة قلبها مشتت معلق، كل من اتصل همت أن تحدثه، وتمنت أن تسترسل معه في الحديث، فصار من جراء ذلك أضرار كبيرة، تمزق قلب هذه الفتاة، ما عادت تصلح لشيء، لأن عاطفتها توزعت هنا وهناك بدون ضابط، ومع الأسف الشديد أن كثيراً من الفتيات بسبب أنهن عاطفيات، من السهل أن يستدرجهن بعض الذئاب، وأنا أعرف قصصاً عديدة وقفت عليها، وربما تشتكي لي بعض النساء أن هناك نساء يستدرجهن بعض الشباب، ويضحكون عليهن حتى إنهم قد يأخذون منهن أموالهن ورواتبهن إن كان لهن رواتب، ويضحكون بعقولهن، ويمنونهن بالأماني الباطلة، وفي النهاية يذهب ويضحك، وربما صار يتكلم في المجالس، ويفتخر بأنه ضحك على فلانة وعلانة ويفضحهن.

    بل إنني أعرف بعض الفتيات إذا مناها الرجل بالزواج، وأنه سوف يخطبها، أصبحت حريصة على ألاَّ تسخطه بأي حال من الأحوال، لأنه لو سخط عليها ما تقبل منها شيئاً، وربما رفض الخطبة التي وعدها بها، فإذا طلب منها شيئاً وافقت من أجل ألا يسخط، ولو غضب عليها فربما لا يتقدم.

    فليرض حتى لو تطلب رضاه أن تتكلم معه بكلام بذيء مثلاً، أو تسترسل معه، أو تمازحه، أو تضاحكه، أو ربما تقابله، أو تكتب له رسائل، أو ما أشبه ذلك.

    والواقع أن أي شاب خاصة بمجتمعاتنا يجد أن الفتاة تتصل به، ولا يقبل أن يتزوج بها؛ لأنه واضع في اعتباره أنه لو تزوج بها فسوف تتصل بغيره، وأن التي قبلت أن تحدثه -وهي لا تعرفه إلا من خلال أسلاك الهاتف- قد تقبل أن تتحدث مع غيره، وأن التي استطاع هو أن يخدعها قد يوجد من هو أذكى منه، فيخدعها بعد زواجه منها، ولذلك لن يقبل بها، ولو فرض جدلاً وأنه تزوج بها، فهذا الزواج سوف يكون تعيساً، وميصره إلى الفشل.. لماذا؟

    لأنه سوف يظل يشك فيها وكلما رآها تكلم ولو كانت تكلم أمها، قال: يمكن أنها تكلم واحداً، ولما حضرت قلبت المكالمة أو ما أشبه ذلك، وإذا خرج ظن بها، حتى لو كانت تائبة نقية تقية صائمة فإنه يظل يعيرها ليل نهار: تذكرين يوم كذا، وتذكرين كذا وكذا، فتكون هذه مسماراً في نعش الحياة الزوجية، كل ذلك بسبب عواطف عند هذه الفتاة، ما عرفت كيف تصرفها.

    اصرفي عاطفتك في محبة الله، ومحبة الرسول صلى الله عليه وسلم، ومحبة الخير وأهله، ومحبة الأعمال الصالحة، ومحبة الإحسان للناس، ولهذا انظري إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الشيخان عن أنس رضي الله عنه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: {ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان؛ أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار} فكل هذه الأشياء الثلاثة مربوطة بقضية العاطفة، محبة الله والرسول، محبة الإسلام، محبة الناس من أجل الدين، محبةً أخويةً دينيةً شرعيةً أخويةً، تحبين فلانة لأنها دينة صينة قائمة عابدة داعية، وليس محبتك لها لأنها امرأة جميلة الشكل أو خفيفة الدم أو ظريفة أو ما أشبه ذلك.

    لا! إنما هي محبة دينية شرعية لله تعالى وفي الله، ومحبة بحدودة بحدود الشرع، فمحبة الناس لها خانة في القلب، يجب ألا تزيد عنها ولا تتعداها، فالمقصود أن هذه الأشياء الثلاثة التي ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم كلها تتعلق بالعواطف وبمحبة القلوب.

    1.   

    حب الكلام بين السلب والإيجاب

    خذي مثالاً آخر: على قضية الطبيعة، وكيف تعرف المرأة طبيعتها، وكيف تتعامل معها: قضية حب الكلام طبيعة ليس عند المرأة فقط، بل عند الإنسان، والإنسان يتميز عن الحيوان بأنه متكلم، ولذلك أهل المنطق يقولون: الإنسان حيوان ناطق، ويسمون الحيوان بالأعجم، لأنه لا يتكلم، فمن ميزة الإنسان أنه متكلم متحدث، له لسان، وامتن الله تعالىعليه بقوله: الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْأِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ [الرحمن:1-4] والآية الأخرى يقول الله سبحانه وتعالى: أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ [البلد:8-9].

    إذاً: الكلام ميزة امتن الله بها على الإنسان، والمرأة يمكن أن تكون أكثر من الرجل محبةً للكلام، ربما يسميها البعض أحياناً: الثرثرة، لكن لا نوافق على كلمة الثرثرة؛ لأن مجرد حب الكلام ليس بعيب في الواقع، لأن الكلام بعضه حسن وجيد، وبعضه قبيح.

    الكلام المحمود الممدوح

    فمثلاً من الكلام المحمود: لا إله إلا الله التي هي مفتاح الجنة، ولا يدخل العبد الجنة إلا إذا كان معه بطاقة مكتوب عليها لا إله إلا الله محمد رسول الله، هذا من الكلام، ومن الكلام بل أفضل الكلام: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.

    يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: {أفضل الكلام أربع، لا يضرك بأيهن بدأت: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، والجنة قيعان غراسها: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر} {سبحان الله وبحمده من قالها حين يصبح مائة مرة لم ياتي أحد يوم القيامة بما جاء به}.

    هذا كله كلام، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كلام، الدعوة إلى الله كلام، الإحسان إلى الناس كلام، كيف أصبحت يا فلانة؟

    وكيف أمسيت وكيف الأحوال؟

    وعساك مرتاحة؟

    هذا كلام، ولكنه محمود يحبه الله ويرضاه، ولذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: {الكلمة الطيبة صدقة} كونكِ تتكلمين بكلمة طيبة: إما أمر بمعروف، أو نهي عن منكر، أو دعوة، أو إصلاح، أو تطييب خاطر مسلمة، أو سؤال عن حالها، أو أي أمر من الأمور التي فيها خير، أو حتى تعليم المرأة بشيء تحتاجه في دنياها، مثل كونك علمت امرأة كيف تقوم بأمور بيتها، وكيف تربي أولادها، وكيف تخدم زوجها، وكيف تستقبل زوجها، وكيف تعيش حياتها، وكيف تحل مشكلاتها، كيف تعلم، كيف تخيط، كيف تطبخ، كيف كيف، علمتها حتى الأمور الدنيوية، هذا كله صدقات، فإذا لم يكن عندك مال تتصدقين به فتصدقي بهذا الكلام تؤجرين عليه.

    إذاً: الكلام في حد ذاته ليس مذموماً، وكوننا نقول: إن المرأة تحب الكلام وأنها كثيرة الكلام هو ليس عيباً، لأن الكلام محمود بعضه، فإذا كان كلامها في هذا المحمود فهذا شيء تشكر عليه، وتمدح عليه، وتثاب عليه في الآخرة.

    الكلام المذموم

    لكن إن كان حب الحديث وحب الكلام مصروفاً في أمور أخرى؛ في القيل والقال والنيل من أعراض الناس به في المجالس والتحدث والاسترسال والغيبة والنميمة وما أشبه ذلك، فلا شك أن هذا من الكلام المذموم الذي يكرهه الله تعالى ويبغضه، وبما لا تجد المرأة ما تشتغل به من الخير، لأن الإنسان كما يقال: لا يترك شيئاً إلا بشيء، فطبيعة الإنسان إذا لم تشغل نفسك بالخير شغلتك النفس بالشر، فاللسان مخلوق كي يتحرك، ما خلق للسكوت، مخلوق للكلام، والإنسان قد يسكت بذكر الله والتفكر فيؤجر، وقد يتكلم بذكر الله فيؤجر أيضاً، فاللسان يتحرك، فإذا لم يتحرك في الخير تحرك في الشر، وما أسهل أن تتكلم الفتاة بالخير حتى وهي ذاهبة أو آيبة أو تشتغل بعمل منـزلها أو تركب أو تأتي أو تذهب، تقول: سبحان الله، ولا إله إلا الله، والحمد لله، والله أكبر، أستغفر الله وأتوب إليه، رب اغفر لي، وما أشبه ذلك.

    فتؤجر أو تقرأ شيئاً من القرآن فتؤجر، مع أنه ما عاقها عن عمل، وربما إذا لم تشتغل بهذا شغلتها نفسها بالكلام فيما لا يفيد، لا أقول: بالكلام فيما لا يفيد فقط، بل ربما شغلتها نفسها بالكلام فيما يضر، وفيما يكون عليها، لأن الكلام ثلاثة أنواع هناك كلام يكتبه ملك الحسنات لكِ تؤجرين عليه، وهناك كلام يكتبه عليكِ مثل الغيبة والنميمة والسب والشتم ورفع الصوت والإيذاء والسخرية والكلام الذي يضر الإنسان، فهذا على الإنسان ويحاسب عليه، والنوع الثالث من الكلام: كلام ليس للإنسان وليس عليه، مثل قوله للإنسان: فعلت وأكلت وشربت وما أشبه ذلك من الكلام المباح الذي يكتبه الملك، ثم بعد ذلك يمسح وليس هناك شيء لا يكتب، قال تعالى: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق:18].

    إذاً: من طبيعة المرأة حب الكلام، لكن حب الكلام ليس عيباً، لأنه قد يكون كلاماً مفيداً، فتؤجر عليه المرأة، وقد يكون كلاماً ضاراً، فتأثم عليه.

    1.   

    حب التميز بين السلب والإيجاب

    أخيراً: من طبيعة المرأة حب التميز عن الأخريات تحب أن تتميز بشيء، وتنفرد عن النساء بشيء، فهذا هو حب التميز ويتبعه حب المدح وحب الثناء، وليس بعيب، حتى الرجل وكل إنسان يحب أن يمدح بالخير، لكن هناك فرق بين إنسان قد يعمل الخير، وقد يشتغل بالأعمال الصالحة من أجل أن يمدح، فهذا - والعياذ بالله - ليس له في الآخرة إلا المدح، يقال له في الآخرة: قد جاءك الجزاء في الدنيا، مدحك الناس، فهذا جزاؤك، وليس له في الآخرة من خلاق قال تعالى: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [هود:15-16] وبين إنسان آخر قصده الخير، ويعمل لوجه الله وابتغاء مرضاته، ويريد الجنة، ويريد الهرب من الناس، لكن مع ذلك يأتيه المدح من الناس على أعماله الصالحة، فيفرح ويسر بذلك، وقد سأل أبو ذر النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل يعمل العمل فيمدح به فيفرح بذلك فقال له النبي صلى الله عليه وسلم {يا أبا ذر تلك عاجل بشرى المؤمن} أي: أن هذه بشارة عاجلة، هذا خير مقدم، ولك عند الله خير وأعظم وأوفر.

    إن الناس مدحوك في الدنيا على عمل ما عملته من أجلهم، إنما عملته لله، ولكن الناس عرفوه.

    ومهما تكن عند امرئ من خليقة      وإن خالها تخفى على الناس تعلم

    عرفك الناس فمدحوك به، فهذا خير، ومن طبيعة الإنسان أن يفرح بذلك ويسر به، فالفتاة تحب التميز، وهذا التميز والتفرد منه ما يمكن أن يكون طيباً، ومنه يكون غير طيب، ومنه حسن، ومنه ما هو غير حسن.

    حب التميز الإيجابي

    فإذا كان تميزها في الحرص على أن تكون متقدمة في دراستها، ومتقدمة في برها لوالديها، ومتقدمة في دعوتها إلى الله، ومتقدمة في حفظ القرآن، فتاة إذا تكلمت مع الناس تكلمت بعقل ووعي وثقافة ومعرفة، وعندها خبرة بأمورها، وعندها خبرة بأحوال المسلمين، وعندها خير، تحفظ القرآن، وتحفظ الحديث، وتحفظ الأشعار، وتحفظ القصص، وتحفظ أشياء مفيدة حتى تتميز.. هذا شيء جيد دل على أنها امرأة فيها عقل، وفيها خلق، وفيها معرفة، تميزت عن الناس بهذا، هذا محمود.

    أو تميزت عنهم -أيضاً- مثلاً باهتمامها بأمورها التي تحتاج إليها في دنياها.

    حب التميز السلبي

    لكن كون الفتاة تحب أن تلفت النظر إليها بأي شكل، مثلاً بثيابها، تلفت النظر إليها بزينتها، تلفت النظر إليها بتسريحتها، بأي شئ ربما تقصد أنها تلبس ثوباً مثيراً للسخرية أو تعمل تسريحة للشعر أو قصة للشعر مثيرة للاشمئزاز أو تفعل ألواناً من المكياج والأصباغ مثيرة للضحك، وهي تعرف هذا، ولكن تقول: ما همي هذا، المهم أن ينظر الناس إليها ويذكرها الناس، فتكون والعياذ بالله مثل الشيطان يحب أن يذكر، ويهمه ذلك ولو باللعنة، فهذا نوع من التميز الذي تذم به المرأة كما يذم به الفتى، كما أن بعض الشباب -مثلاً- يحب أن يلفت أنظار الناس إليه بأن يقلد المرأة في ثيابه وفي وجهه وفي الأصباغ التي يعملها، حتى قد يعمل المكياج، ويعمل تسريحة للشعر، وقد يهتم بمشيته، وكأنه فتاة، ويعمل بما يسمى بالتفحيط بالسيارة مثلاً أو أي حركات يقصد من ورائها أن يلفت النظر ولو بسوء.

    كذلك قد تجدين فتاة أحياناً تحب أن تلفت النظر إليها من خلال التشبه بالرجل، حتى قد تغير اسمها وتحرف اسمها، إذا كان قريباً من اسم رجل، حتى يكون كأنه اسم رجل، وحتى في كلامها تحاول أن تخشنه أحياناً، وتلك كلها ألوان من لعب الشيطان ببني آدم من الرجال والنساء لا تنتهي، نسأل الله لنا ولكن الوقاية من كيد الشيطان.

    إذاً: فالتميز قد يكون طيباً كالتميز بالخير والبر، وبالأعمال الصالحة، وكونها متقدمة في دراستها، في علمها، في عقلها، في دعوتها.

    ومن الممكن أن يكون الأمر بضد ذلك، فتكون متميزة بأنها لبست ثوباً مضحكاً، أو ما أشبه ذلك أو متميزة بتسريحة مثيرة، أو متميزة بأعمال أو بتصرفات تلفت نظر الآخرين إليها، وهذه تدل على عقدة نفسية أو شعور بالنقص عند هذه الفتاة أحبت أن تلفت النظر إليها بأي شكل من الأشكال.

    1.   

    الوسطية عند المرأة

    نصل إلى أن المطلوب في النهاية من الفتاة هو الاعتدال في اهتماماتها بلا إفراط ولا تفريط.

    فمثلاً الجمال: يجب أن يكون معتدلاً فلا تتبذل؛ لأن التبذل مذموم، فكون الثياب قديمة وغير نظيفة، ويمكن أن يمر شهر على الثوب مثلاً أو الشعر مشوش وكأنه شعر شيطان، والرسول صلى الله عليه وسلم {جاءه رجل -وما هو بامرأة كما في سنن أبي داود وغيره- وكان أشعث الرأس، فقال له: من أي المال آتاك الله؟

    قال: من كل المال، من الإبل والبقر والغنم وغير ذلك، قال: إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده، -فإذا آتاك الله مالاً، فلير آثار نعمته عليك- فذهب الرجل ولبس أحسن الثياب وسرح شعره واهتم بمظهره وتطيب، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هذا أحسن من أن يأتي أحدكم أشعث الرأس كأنه شيطان} فالاهتمام مثلاً بالجمال يكون معتدلاً. العاطفة موجودة، لكن تكملها المرأة بالعلم والمعرفة والثقافة، وتصرف العاطفة في مصرفها الطبيعي، حب الاستطلاع كذلك. كثرة الحديث تكون في مرضاة الله تعالى. التميز يكون في الأمور الخيرة المفيدة النافعة.

    1.   

    الأسئلـــة

    .

    قاعدة في الأمر والنهي

    السؤال: تقول السائلة: أنا أحب أن أكون داعية إلى الله، ولكني أحياناً أقصر في ذلك خوفاً أن أكون غير مطبقة لما أدعو إليه مثل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقيام الليل؟

    الجواب: الإنسان إذا أراد أن يدعو يحرص على أن يطبق ما يدعو إليه، لأن هذه طريقة الأنبياء كما قال شعيب عليه السلام وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ [هود:88]؛ لأن الناس إذا رأوا الإنسان يعمل بما يدعو إليه، قالوا: صدق فلان، والدليل على صدقه: أنه هو أول المطبقين لما يدعو إليه، لكن إذا رأوه يدعو إلى شيء ويخالفه، ماذا يقولون؟

    إما أن يقولوا: إنه غير صادق فيما دعا إليه، ولذلك لم يطبق، أو يقولوا: إن ما يدعو إليه ليس حقاً، ولو كان حقاً لكان هو أول الناس امتثالاً له، وبعضهم قد يحسن الظن بهذا الإنسان فيقول: ما دعانا إليه فلان غير واجب، بدليل أنه لو كان واجباً لطبقه على نفسه، فلذلك الإنسان ينبغي أن يدعو ويعمل، ويطبق؛ لكن لو أن هناك إنساناً لم يطبق، هل نقول: لا تدعُ؟

    لا، فليس من شرط الداعي أن يكون مطبقاً لما يدعو إليه؛ بل قد يدعو إلى شيء هو مقصر فيه.

    أرأيتِ لو أن فتاة وقعت في معصية أياً كانت هذه المعصية، فجاءت إلى زميلتها، وقالت: انظري يا فلانة! أنا أحذركِ من هذا الشيء! احذري لا تقتربي، فتقول: أنتِ فعلت ذلك؟

    فتقول: نعم، أنا تورطت في هذا الأمر، وأنا أحاول أن أتخلص منه، وقد عجزت وأحاول وأدعو الله، لكن أنتِ ما دمت لم تقعي في هذا الأمر، فاحذري، فواجب عليها أن تحذرها مثلاً.

    ولو لم يعظ الناس من هو مذنبٌ     فمن يعظ العاصين بعد محمد

    فليس من شروط الداعي أن يكون مطبقاً لما يدعو إليه.

    افرضي أنكِ ألقيت بحثاً عن قيام الليل وكان منك حث للنساء على قيام الليل، فقامت واحدة الليل، وأنتِ نائمة، أتاكِ أجر من قيامها، ولو كنتِ تتقلبين على فراشكِ، وليس شرطاً أن تكوني أنتِ قائمة لليل حتى تحثي النساء على قيام الليل، بل حثيهن واذكري لهن ما ورد في ذلك، وإن استطعت فافعلي، وإن لم تستطيعي فعلى الأقل حثي الناس على ذلك فربما يقوم الليل أحد، فيكتب لكِ مثل أجر فعله.

    كيفية مواجهة المستهزئين بالداعية

    السؤال: عندما آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر أواجه الاستهزاء، فماذا أقول لمن استهزأ بي؟

    الجواب: قال تعالى: وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً [الفرقان:63] وقال تعالى: وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ [القصص:55] هذا هو الذي يجب أن يقال، ولذلك من الخطأ -يا أخوات- أن الواحدة أحياناً تنتصر لنفسها، فإذا أمرت بمعروف أو نهت عن منكر فجاءها رد سيئ، غضبت وزمجرت وانتصرت لنفسها، وهذا خطأ فينبغي إذا جاءها رد سيء أو قاسٍ أن تتعلم الحلم لهؤلاء النسوة، وأن تتدرب على الحلم.. كيف تتعلمين الحلم والصبر؟

    وإن والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: {من يتصبر يصبره الله} والحديث في البخاري، ويقول عليه الصلاة والسلام في حديث آخر وهو صحيح: {إنما الحلم بالتحلم} فقد يكون الإنسان سريع الغضب لكنه تعلم الحلم والصبر حتى زال عنه الغضب، كيف تتعلمين الحلم؟

    مثلاً امرأة تخطئ عليكِ وتتكلم عليكِ فتعودين نفسك أن تمسكي عواطفكِ وألا تردي عليها، بل تتبسمين لها وتقولين: جزاك الله خيراً غفر الله لي ولكِ، وما أشبه ذلك من الكلمات الطيبة، فإذا عودت نفسك على ذلك، كان هذا من المقامات العظيمة التي يحبها الله سبحانه وتعالى ويأجر عليها.

    حقيقة الحب في الله

    السؤال: حقيقة الحب في الله، وهل هو الإعجاب فقط أم لا بد أن يكون معه حب في القلب؟

    الجواب: الحب مكانه في القلب، وليس الحب مجرد الإعجاب، وإن كان الإعجاب من مظاهر الحب؛ لأنه يدل على الارتياح إلى ما عليها هذه المرأة؛ فإذا وجدتِ امرأة دينة وأعجبتِ بها، كان هذا دليلاً على أنكِ تحبين الخير وأهله، ولذلك أعجبتِ بها، لكن لا يكفي هذا، بل لابد أنه يكون في القلب خفقٌ إليها وارتياح ونوع من الحب والود تكون بقدر المعقول كما أسلفت في الكلمة باختصار.

    حضور ولائم العرس

    السؤال: حكم حضور الولائم إذا كان يتوقع حصول منكر؟

    الجواب: إذا كانت الوليمة لناس أقارب، مثل زواج الأخ وزواج الأخت أو زواج أخت الزوج أو ما أشبه ذلك مثلاً، فتحضر المرأة ما لم تعلم أن هناك منكراً، فإذا علمت أن هناك منكراً لا يمكن إزالته لا تحضر، أما إذا لم تعلم فإنها تحضر؛ فإن رأت منكراً، فإنها تعمل على تغييره بقدر المستطاع، فإن لم تستطع فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها.

    الالتزام بالدين والاستمرار عليه

    السؤال: أنا فتاة التزمت -والحمد لله- ولكنني أخشى ألا أستمر على ذلك، فبماذا تنصحونني؟

    الجواب: المهم هو الاستمرار، ولذلك الرسول صلى الله عليه وسلم كان من دعائه: {يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك} والله تعالى يقول: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ [إبراهيم:27].

    فلذلك أنصح الأخت الذي هداها الله تعالى والتزمت بالخير في هذه الدار أن تحرص على أن تربط نفسها بمجموعة من الفتيات الطيبات، إن أمكن في المدرسة التي تدرس فيها فبها، فإن لم يكن في المدرسة نشاط كافٍ فعلى الأقل أن تتصل بصديقاتها في هذه الدار التي تعرفت عليهن من أخواتها في الله، تظل على صلة بهن؛ من خلال اتصالات هاتفية، ومن خلال زيارات، ومن خلال تبادل بعض الكتب وبعض الأشرطة، ومن خلال حضور المحاضرات والدروس التي تقام في هذا البلد، ومنها بعض المحاضرات الخاصة بالنساء، كالمحاضرة التي تقام في معهد الخياطة بشكل دوري؛ ومن خلال حضورها سوف تلتقي بالأخوات الطيبات فيكن قدوة حسنة لهن، كذلك تحرص على سماع الأشرطة وقراءة القرآن والكتب، ودوام الصلة بالله سبحانه وتعالى في الصلاة وقراءة القرآن والذكر والاستغفار.

    كتمان العلم الذي يعلمه الإنسان

    السؤال: هل كل علمٍ يعلمه الإنسان، ولم ينشره بين الناس، يلجم به بلجام من النار يوم القيامة، أم إذا سأله الإنسان عن حكم أو علم؟

    الجواب: أولاً: إذا كان عند الإنسان علم وسئل عنه، وجب عليه أن يبينه، خاصةً إذا لم يكن هناك أحد حوله يستطيع أن يبين هذا العلم، والمقصود بلا شك العلم الذي يحتاج إليه من العلوم الشرعية.

    التدهور الديني لدى الشخص

    السؤال: أنا في هذه السنة تدهور ديني على الرغم مني، وعندما أحاول مكافحة ذلك يمنعني مانع مثل مانع روحاني؟

    الجواب: هذا ليس صحياً: طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ [يس:19] والله سبحانه وتعالى أمر الإنسان ونهاه، فقال سبحانه وتعالى في محكم التنـزيل: وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ [الكهف:29] وقال سبحانه: إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً [الإنسان:3] وقال سبحانه أيضاً: وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:7-10] وقال سبحانه: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى [الأعلى:14-15] فيستطيع الإنسان أن يسلك طريق الخير أو طريق الشر: وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ [البلد:10] وليس هناك قوة تفرض على الإنسان هذا الطريق أو ذاك أبداً.

    لقد جعل الله سبحانه وتعالى الإنسان كائناً قابلاً للخير والشر وللهدى والضلال، فما حصل من تدهور ليس غصباً عنك، وإنما هو باختياركِ؛ وإنما الأمر كما قال سبحانه وتعالى: وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ [الحديد:14] فكري! البداية من عندكِ، يمكن أن تكون بداية بسيطة لم تتوقعي أن تصل إلى هذا الحد، ولكنها تطورت وتطورت حتى صارت القضية تدهوراً مثلما تقولين أنتِ في السؤال.

    فعليك أن تبدئي طريق الخير والصلاح بنفس الطريقة، وتحرصي على إنقاذ نفسكِ سريعاً، لأن الإنسان إذا لم يعجل بإنقاذ نفسه فإنه يمكن أن يصل إلى الحالة التي يسمونها أحياناً الإدمان، فيكون مدمناً على شيء يصعب منه الخلاص؛ مثل المدمن على المخدرات -والعياذ بالله- يعرف أنه خطأ وجريمة وموت وهلاك في الدنيا والآخرة، ومع ذلك لا يستطيع؛ لأن هناك دافعاً قوياً وهو الإدمان، (العادة الآسرة) حتى الجسم اعتاد، حتى الدم تعود على هذه الأشياء، فكذلك المكالمات الهاتفية قد تتحول إلى إدمان، الغيبة والنميمة قد تتحول إلى إدمان، النظر قد يتحول إلى إدمان، مشاهدة التلفاز قد يتحول إلى إدمان. وقد تكون القضية بداية بسيطة.

    مشكلة خيالية عند بعض النساء

    السؤال: كثير من البنات تعتقد أن فيها نفساً (عيناً)، تحول بينها وبين الخير والعمل الصالح، وهي مشكلة كبيرة؟

    الجواب: من خلال أسئلة بعض النساء تبين لي أن أكثر النساء أمراضهن تتراوح بين ثلاثة أمور:

    إما فيها نفس.

    وإما جن.

    وإما سحر.

    وهذا كلام فارغ.. ما الدليل أن عندكِ نفساً أو سحراً أو جناً؟

    نحن نؤمن بأن الجن موجودون، وأن الجن يمكن أن تتدخل في ابن آدم، وأن السحر أيضاً يقع، وأن العين حق.. هذا حق لا شك فيه، لكن الذي لاحظته هو أن أكثر النساء لو صار بينها وبين زوجها مشكلة قالت نفس، أو سحر، أو معقود له شيء، ولو صار عندها أزمة نفسية قالت: نفس، ولو صارت عندها مشكلة في بيتها قالت: نفس، ولو مرض الولد قالت: نفس، ولا تعرف في الدنيا إلا نفس أو سحر أو جن!

    هذا دليل على تأخر مستوى الوعي عندنا، وأن كثيراً من النساء عقلياتهن ضعيفة، وأنا لا ألوم النساء الأميات غير المتعلمات، لأنهن في كثير من الأحيان هذه معلوماتهن، ولا يعرفن أصلاً غير هذا، ولكني ألوم الفتيات المتعلمات، وبعضهن قد تكون معلمة أو جامعية، ومع ذلك فالوحدة منهن تهرب من مواجهة المشكلة وتقول: نفس.

    لابد أن تعرفي مشكلتك الحقيقية، قد يكون عندكِ ضعف إرادة، وهذا ما يمنعكِ من فعل الخير، قد يكون عندكِ معاصٍ وذنوب تثقلكِ، وقد قال بعض السلف عندما سأله سائل وقال له: ما لنا عجزنا عن قيام الليل؟

    قال: قيدتكم خطاياكم!

    ذنب الواحد قد يحول بينه وبين الطاعة، قد يحول بينه وبين التوبة، قرينات السوء أحياناً تحول بين الفتاة وتقوى الله وطاعته، المهم أن تعرف الواحدة حقيقة المشكلة التي تعانيها، وأن حالات النفس وحالات العين وحالات الجن حالات محدودة، ودعوى فلانة أن فيها نفساً أو أن فيها عيناً أو أن فيها جناً أو أن فيها سحراً، وهذا لا يمكن أن يقال إلا من خلال أدلة، وقد تبين لي من خلال تجارب شخصية أن كثيراً من الحالات التي يقولون: إنها حالات جن وحالات سحر وحالات نفس وحالات عين ليست صحيحة، بعضها أوهام، وبعضها أمراض نفسية، وقليلٌ منها ما يكون كذلك، إما أن يكون سحراً، أو جناً، أو نفساً، لكنه قليل بالقياس إلى إدعاء النساء، خاصة مثل هذه.

    وهذا يذكرني بمشكلة أخرى عند النساء أيضاً، أذكرها بالمناسبة، وهي كثرة الاهتمام بالرؤى والأحلام: (90%) من أسئلة النساء رأيت ورأيت، وتأتي بأضغاث أحلام ليس لها قيمة، ومع ذلك تكون منـزعجة منها، لا تنام الليل ولا تأكل ولا تشرب، رأيت البارحة كذا وكذا، وفلان الذي مات جاء عندي، وتذكر رؤى وأحلاماً لا قيمة لها، ولو أن النساء يسألن عن أمور دينهن وعن أحكام الشرع، مثلما يسألن عن الرؤى، لأصبحن فقيهات عالمات، ولكن للأسف كثير منهن تسأل عن الرؤيا، وربما تكون عندها مجموعة من الأحلام تسأل عنها، ولم يحدث قط أنها سألت عن أمر يخصها ويتعلق بدينها، وما كل ما رآه الإنسان صحيحاً، قد يكون أضغاث أحلام، وربما يفكر في شيء فيراه في المنام، وربما يكون حديث النفس، وأمور لا يلتفت إليها، إذا استيقظ من نومه تفل عن يساره ثلاث مرات، وقال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ولا تضره.

    صيام ثلاثة أيام

    السؤال: هل يجوز تفريق ثلاثة أيام في نفس الشهر؟

    الجواب: نعم يجوز تفريق صيام صيام ثلاثة أيام، لأنه ورد صيام ثلاثة أيام من كل شهر، فلو صامت من كل شهر في أوله وأوسطه وآخره ثلاثة أيام أدركت صيام ثلاثة أيام من كل شهر.

    المخالطة من أجل الدعوة

    السؤال: لديّ صديقات غير ملتزمات.. كيف أتعامل معهن، هل أنصرف عنهن، أم أخالطهن وأنا أخشى أن أتأثر بهن؟

    الجواب: إذا كنتِ على مستوى التأثر فيهن، فأنصحكِ بالاستمرار معهن، ودعوتهن إلى الله، زوديهن بالكتب المفيدة، وخاصة الكتيبات الصغيرة المتعلقة بالمرأة، والأشرطة النافعة، وجريهن جراً إلى المجالات الخيرية، والدروس والمحاضرات والمجتمعات الطيبة، وحاولي أن يكون لكِ صديقات طيبات، حتى لا تتأثري بهؤلاء الصديقات غير الملتزمات.

    زكاة الحلي

    السؤال: أنا أرغب أن أزكي على الذهب الخاص بي وزوجي يرفض محتجاً بفتوى بعض العلماء، فماذا يجب عليَّ تجاه هذا الاعتراض من قبله؟

    الجواب: لا بأس أن تزكي ذهبكِ، ولا يشترط إذن زوجك بتزكية الذهب، زكيه بطريقتكِ الخاصة.

    حكم الأناشيدالإسلامية

    السؤال: ما حكم استعمال الأناشيد الإسلامية؟

    الجواب: لا بأس، ولكن بعض الأناشيد الإسلامية صراحةً فيها تغنٍ مفرط وأصوات جميلة جداً، وعلى ما يشبه الأوزان الموسيقية، وقد أسمعني بعض الشباب هذه الأناشيد، فخشيت منها على نفوس النساء، لأنها تكسر قلب المرأة وتؤثر فيها، ولذلك تسمع منها بقدر، وإذا شعرت المرأة أن هناك خطراً على قلبها فلا تستمع إلى هذه الأناشيد، وتكتفي بكلام الله سبحانه وتعالى، وبالأمور المفيدة النافعة.

    قص شعر المرأة من الأمام

    السؤال: ما حكم قص الشعر من الأمام؟

    الجواب: لا بأس، يجوز أن تقص المرأة شعرها، شريطة ألا يكون القص قصاً شديداً، بحيث يشبه شعر الرجل، فتبالغ في قصه وتنهكه، حتى لا يبقى منه إلا شيء يسير جداً، أما إذا قصته بغير هذه الطريقة، وخاصةً إذا كان تجملاً لزوجها، فلا حرج.

    لكني أحذر من شيء بمناسبة قصة الشعر أو ما يسمى بالموضات، فعندنا طرفان ووسط، بعض الفتيات كل همها الموضة والتسريحة، كل يوم وهي في موضة جديدة وتسريحة جديدة، وعندها أكوام من مجلات الأزياء والبودرة والتسريحات، وكلما ظهرت تسريحة جديدة عملت بها، وكل يوم قد تصبغ شعرها اليوم بصفة وغداً ترغب في تغييرها وهكذا، بحيث -كما قلت أثناء الكلام باختصار- كل همها منصب على الموضات والتسريحات والشكل وكل جديد، وهذا لا شك ضياع للعمر في غير طائل واهتمام بالشكل على حساب المضمون وعلى حساب الأخلاق، والدين والوقت، ما أعطانا الله الوقت حتى نستغله بهذه الطريقة وبهذا الشكل، إنما أعطانا الله الوقت حتى نستخدمه فيما ينفع ويفيد ديناً ودنيا، والمطلوب من الجمال قدرٌ معتدل.

    فأنا أحذر الفتيات من المبالغة والإسراف في متابعة الموضة والتسريحات والقصات وغير ذلك، وهذا طرف.

    الطرف الآخر: هناك بعض الفتيات المتدينات صار كل همها محاربة الموضات والتسريحات والقصات، وكلما جاءت تسريحة جديدة أو موضة جديدة ركزن عليها، وقلن بتحريمها، وأن هذا تشبه بالغرب، وأن هذا لا يجوز، وصارت هي الهم الأكبر، وصار هم كل النساء الموضة أهي حلال أم حرام، والتسريحة أهي حلال أم حرام.

    أين تعليم النساء أمور دينهن؟

    وأين تصحيح عقائد النساء؟

    وأين تربية النساء؟

    وأين تثقيف النساء؟

    وأين دعوتهن إلى قراءة الكتب المفيدة وسماع الأشرطة المفيدة، وطلب العلم، والاستفادة، وتربية الأولاد.. إلخ؟!

    صار كل الهم هو الموضة، هذه تفعل التسريحة، وهذه تحارب التسريحة، والمفروض أن ندعو الناس إلى أكبر من هذا، وفي نفس الوقت نحذر النساء من الاستغراق، أما أن نتصدى لكل جديد، ونقول: وهذا حرام، وهذا لا يجوز، ثم إذا انتشر بيننا سكتنا عنه، فهذه مشكلة، إنما نحن نحذر من استغراق النساء -وخاصة الفتيات- في التقليد وفي متابعة الموضات والأزياء والتسريحات والأنماط الجديدة، التي تأتي غالباً من دور الأزياء في الغرب بقصد شغل المسلمات وإغراقهن؛ على أنه ينبغي أن تعرفن أيتها الأخوات أن الأمم الغربية الكافرة لا يرضون لنسائهم بهذا، وإن كان هناك مجموعة كبيرة من نسائهم بهذا كذلك؛ لكن تجدين نساءهم في أرقى المستويات في التعليم، وفي العلم، وفي التقدم، وفي الصناعة، بل وكثير منهن من يكن في الجيش عاملات، وفي الشرطة، وفي غيرها.

    أنا لا أدعو المسلمات إلى هذا.. نحن لا نسمح لفلذات أكبادنا، ولا نسمح لبناتنا، ولا نسمح لأخواتنا، ولا نسمح لقريباتنا، وهن عندنا درر مصونات محفوظات، لا نسمح للأعين النهمة، والذئاب الجائعة أن تنظر إليها، ولذلك لن نسمح لها أن تكون في مصنع تدمر أنوثتها، وتضيع في عمره الدخان مثلاً، ولا أن تكون في وسط جيش بزعم أنها تقاتل، وهي ترفه عن الجنود بما حرم الله، ولن يكون هذا بإذن الله تعالى في البلاد الإسلامية، ولكنني أقول: إن هؤلاء الغرب الذين يصدرون إلينا هذه الموضات والتسريحات ويشغلوننا بها، جعلوا نساءهم يخدمن أوطانهم ويخدمن أديانهم الكافرة في أرقى المجالات، ويريدون أن يشغلوا نساءنا عن وظيفتهن الأساسية من القيام على البيت والاشتغال بالتربية وإذا دمر نصفه ماذا بقي منه.

    حكم الرقص

    السؤال: ما حكم الرقص على الأناشيد الإسلامية؟

    الجواب: الرقص إذا كان في الزواج وبطريقة معتدلة ليس فيها فتنة، وليس فيها مبالغة في التثني والتكسر وإظهار المفاتن والمحاسن، ومأمون أنه ليس هناك رجال ينظرون ولا هناك تصوير ولا شيء من ذلك، بل في مجتمع نسائي مصون محفوظ بهذه القيود، فهذا والله أعلم جائز، لكن متى تستطيع الفتاة أن تطمئن على هذا؟

    في بعض الأحيان يصور دون علمها، وفي بعض الأحيان بعض الفتيات تبالغ في الرقص حتى تكون فتنة للنساء الأخريات.

    مقولة: ما صدقت على الله

    السؤال: ما حكم قول: ما صدقت على الله؟

    الجواب: ما فيها حرج، فمعناها: ما كدت أصدق أو أتوقع أن الأمر يقع.

    قول القائل: أنا حر

    السؤال: بعض الناس يقولون: أنا حر، فما الحكم؟

    الجواب: يقصد أنه حر فيما أحله الله، أما فيما حرمه الله فليس أحد حراً في ذلك.

    لبس القفازين في الصلاة

    السؤال: ما حكم لبس القفازين في الصلاة؟

    الجواب: لبس القفازين في الصلاة وغيرها جائز, ويستحب للمرأة أن تغطي كفيها وقدميها في الصلاة.

    استخدام الدف

    السؤال: ما حكم استعمال الدف في المناسبات؟

    الجواب: استعمال الدف في المناسبات جائز، تستعمله النساء فقط دون الرجال.

    السترة للمصلي

    السؤال: ما حكم المرور أمام المصلين؟ وهل حد السجاد ستر وحاجز؟

    الجواب: لا يجوز للمرأة المرور أمام المصلي، وينبغي أن تضع المرأة بين يديها إذا صلت شيئاً مرتفعاً يكون شبراً أو أكثر.

    لبس القفازين للمرأة

    السؤال: بعض الناس يقولون: إن لبس القفازين يبين تقاسيم اليد والرجل، فما رأيكم؟

    الجواب: إذا لبست المرأة قفازين فهو جيد، وقد جاء في الحديث: {لا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين} فدل على أن لبس القفازين كان معروفاً عند المسلمين الأولين، فإن لبستها فهذا شيء طيب، وإن لم تلبسهما غطت يديها بثوبها أو بعباءتها، أو ما أشبه ذلك.

    كثرة القراءة

    السؤال: والدتي تمنعني من القراءة، وهي هوايتي المفضلة، وتمنعني لأنها تضر بعيني كثيراً، ثم أنا أتركها، لكن لا أزال أقرأ، فيصيبني بعض التعب الكبير في عيني، فهل إذا أصاب عيني مكروه أكون معاقبة عليه؟

    الجواب: لا! القراءة مفيدة، لكن تكون بقدر، وحاولي أن تقرئي قراءة صحية كما يقال، تكون الإضاءة معتدلة وقريبة، وتقرئين بقدر معقول، وإذا كانت القراءة تضر بعينيك، فيكن أن تضعي نوعاً من المرايا التي تستخدم في القراءة وتحمي العين بإذن الله تعالى.

    حكاية الطرائف

    السؤال: ما حكم الطرائف إذا كانت كذباً، لكن من حولي يعلمون أنها كذب؟

    الجواب: إذا لم يكن في الطرفة نيل من أحد أو سخرية من أحد، وليس فيها تعرض لأمور الدين فلا بأس بها، خاصة إذا لم تكن كثيرة، وقد تكلمت عن هذا في محاضرة النكت والطرائف.

    لبس الكعب العالي

    السؤال: ما حكم الكعب العالي؟

    الجواب: لا ينبغي للمرأة أن تلبس كعباً عالياً أكثر من المعتاد؛ لأنه يظهرها طويلة أكبر من قامتها الطبيعية، وصحياً يضر بها، وهو من تشبه المرأة بما لم يعطها الله سبحانه وتعالى.

    ثياب البنت الصغيرة

    السؤال: بعض الناس يقومون بتلبيس بناتهم الصغيرة ثياباً قصاراً، وعندما ننصحهم يقولون: عندما تكبر ستكون مثلنا تلبس ثوباً طويلاً؟

    الجواب: تختلف الصغيرة؛ إذا كانت عمرها ثمان أو تسع سنوات، وشبابها قوي، فهذه امرأة أحياناً، وإلباسها القصير فتنة لها ولغيرها، أما إذا كانت صبية صغيرة عمرها ثلاث سنوات أو أربع، وشبابها عادي، فهذه إذا لبست الطويل فلا حرج، وإذا لبست القصير فلا يمكن أن ننكر على أهلها ذلك.

    المداومة على السنن

    السؤال: هل يعاقب من كان قد داوم على صلاة الوتر وتركها؟

    الجواب: لا يعاقب على ذلك لأنها سنة، لكنها سنة مؤكدة، فينبغي أن يحرص الإنسان على أدائها، وإن فاتته قضاها.

    العدسات اللاصقة

    السؤال: ما حكم لبس العدسات اللاصقة التي تكون مخالفة للون العين الطبيعي؟

    الجواب: بعض الفتيات تلبس العدسات بقصد التجميل، وهذا أرى ألا تفعله لأنه ضار، حتى العدسة اللاصقة التي تستخدم طبياً ضارة كما ذكره جمعٌ من المختصين، حتى إذا لبستها بقصد تحسين النظر، فكيف إذا كانت لبستها بقصد تغيير لون العين؟!

    تكحيل المرأة حاجبها

    السؤال: ما حكم تكحيل الحاجب؟

    الجواب: لا أرى مانعاً من وضع كحل على الحاجب بقصد الجمال خاصة إذا كان الجمال للزوج، فينبغي للزوجة أن تهتم بجمالها لزوجها.

    لبس الثوب الذي فيه صليب

    السؤال: اشتريت ثوباً وبعد مدة اكتشف أن فيه خطوطاً كثيرة من بينها علامة الصليب، فهل يجوز خياطة الثوب ولبسه؟

    الجواب: ما دام الصليب بحاله، فلا يجوز لبس هذا الثوب ولا الصلاة فيه.

    حكم التسمي بأسماء ورد ذكرها في القرآن الكريم

    السؤال: هل هناك إثم في الأسماء التي ورد ذكرها في القرآن الكريم مثل أفنان ورغد وأبرار وتسنيم؟

    الجواب: لا حرج في هذا.

    قراءة القرآن للتسلية

    السؤال: بعض النساء تحتج بعدم قراءة القرآن بأنها تقرأ فقط للتسلية، أي تكون متضايقة أو لتقضي وقت فراغها، وهي تقول: أنها لا تقرأ القرآن إلا لتنتفع به، ولذلك لا تحرص على قراءة القرآن حتى لا تقوم الحجة عليها؟

    الجواب: الحجة قائمة عليها ما دامت عارفة أن هناك قرآن قد نزله رب العالمين، وأنها تستطيع قراءته، فلذلك قراءتها خيرٌ لها، ففي قراءة القرآن لأنه لها بكل حرف عشر حسنات، (الم) ليست حرفاً، وإنما ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف، فمن يفرط في هذا الأجر؟!

    نسأل الله ألا يجعلنا وإياكم من المحرومين، اللهم صل وسلم على محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

    سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله أنت، نستغفرك ونتوب إليك.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755956570