هذا يوم الأحد العشرون من شهر ربيع الآخر من سنة 1412هـ وهذا هو الدرس الثاني والأربعون من سلسلة الدروس العلمية العامة.
أيها الإخوة والأخوات! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هذا الدرس هو حديث حول "هموم أخرى للمرأة" وتحت هذا العنوان تنطوي عدة عناوين داخلية، هي كالتالي:
1- تجاوب.
2- أقوى من الحب.
3-المرأة المظلومة.
4- هل أصبح الطلاق ألعوبة.
5- جولة في إحدى المدارس الثانوية.
- الصباحية تقول: "في بيتنا قمر 14 مكسوف".
7- قصة مكالمة هاتفية.
8- بشرى لسيدات منطقة ما.
9- بين الحلال والحرام.
10- الزوجة الأولى تعلن احتجاجها.
11- أبوة وعقوق.
12- خولة تتحدث عن الدعاة.
هذه هي العناوين العامة.
ليس مهماً أو لازماً أو ضرورياً أن يقتنع الناس جميعاً بكل ما نقول ويتقبلوه، لكن المهم أن يدخل ما نقول حياتهم، ويكون نقاشهم حوله وترتفع أصواتهم ويعلو ضجيجهم، وبذلك نكون أفلحنا في إيصال أشياء إلى الناس يتحدثون عنها، وهي أمور بكل حال ذات جدية وأهمية.
ولقد اكتشفت أيها الأحبة.. أن من ظلم المرأة اعتقاد أنه من الممكن أن نتكلم في درس أو درسين عن هموم المرأة، فإن المرأة كما يقال: نصف المجتمع، والحديث عنها حديث يطول، وقد جاءتني أكوام هائلة من الأوراق والرسائل والاستبيانات، والأمور التي تحتاج إلى حديث مطول، ولذلك قررت أن أقدم لكم في هذه الليلة نتفاً متفرقة، تعبر لكم عن جوانب متفرقة أيضاً من الموضوع، على أنني أعدكم إن شاء الله، وأعدكن أيتها الأخوات! أن نناقش موضوعات متفرقة في المرأة بين وقت وآخر، في هذه الدروس العلمية التي تقام في كل أسبوع من مساء كل أحد ليلة الإثنين في هذا المكان، فنجعل فيها موضوعات متعلقة بالمرأة، ونعالجها بشكل واضح ومستفيض.
بل جاءني قبل قليل من يحدثني أن هناك أعداداً من النساء، أصبحت تلبس الملابس الشفافة في مناسبات وغيرها، وأمام النساء، حتى ترى من ورائها ملابسها الداخلية، وهذا في الواقع أمر يؤذن بشر مستطير، وهو نهاية ما يمكن أن تتصور من الانحدار نحو الهاوية.
يقول أحدهم في رسالة له: من المضحك والمبكي أن امرأةً لبست مشبكاً، وقد وضعت فيه اللمبات الصغيرة، ووضعت تحت المشبك بطارية (حجر) في أحد الأسابيع القريبة بدأ الأطفال يمشون خلفها ويتضاحكون، فوضعت المرأة يدها على المشبك وأطفأت هذه اللمبات فذهبوا، وعندما جلست على الكرسي مدَّت يدها إلى ذلك الموضع وأضاءت الأنوار.
فقد قرأت مقالة لإحدى النساء في هذا البلد، تتكلم عن تلك المسيرة وما يتعلق بها، وتنتقدها من حيث التوقيت، وأنها لم تكن في وقتها المناسب.
كما أن العالم الغربي اكتشف ما ينطوي عليه هذا المجتمع من تمسك، وإصرار واستعداد للبذل في سبيل الدين، وهذا له تأثير كبير جداً في نوعية تعاملهم مع ذلك المجتمع.
وبالأمس القريب جاءتني رسالة من بعض الأخوات، يذكرنني فيها بتلك المكالمة التي حدثت، وأنني قلت لتلك الأخت: الله المستعان، ماذا في أيدينا، وماذا عسانا أن نعمل؟ فيقلن: إن تلك الأخت النشطة في الاتصال على المشايخ، وتبليغهم بالمنكرات التي تراها، تأثرت من هذا الرد، وولت طيلة تلك الليلة وهي تبكي وتقول: إلى هذا الحد وصلت أمور المسلمين، وأنها كانت في رحلة بعد ذلك للعمرة، حيث حَصَلَ لها حادث سيارة توفيت فيه، وغادرت هذه الدنيا وهي في عز شبابها، ويسألوننا الدعاء لها، وإني أسأل الله تعالى أن يتغمدها برحمته، ويسكنها فسيح جناته، ويعظم أجرها على بلائها وجهادها، وأن يكثر من أمثالها في أوساط النساء المسلمات، من الداعيات الغيورات المتحركات، فما أشد حاجتنا إلى مثل هذه النوعية من النساء!
الدين الذي جاء لحماية حقوق الناس، وتحقيق سعادة الجنسين من خلال تلبية نداء الفطرة المشتعل في قلوب الجميع، وإذا افترضنا أن مشاعر الدين والتدين قد ضاعت في هذا الإنسان، وأن الخوف من الله تعالى قد زال عنه، فهل وجد في قلبه بقية من إنسانية ورحمة؟! تلك الرحمة التي تستشعرها الوحوش الكواسر، فتحنوا على أولادها وتحوطها وتحميها، وتوفر لها الطعام والشراب، وإذا افترضنا أيضاً أن الإنسانية فقدت من هذا الإنسان كما فقد منه شعور التدين الصحيح، الذي يجعل الإنسان يخاف من ربه، فهلاَّّّ وجد عنده شيء من حياء من الناس الذين تتناوله ألسنتهم، وتكرهه قلوبهم، ويمقتون منه جشعه الذي أوصله إلى التأكُّل بحرمان بناته من أعظم نعيم دنيوي.
بسم الله الرحمن الرحيم: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الروم:21].
ألا فليعلم وليقرأ هذا الأب، ومن كان على مثل شاكلته، قول الله عز وجل: وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [البقرة:232].
إنه رجل صالح يشهد له الجميع، ثم يتدخلون ويعترضون على هذا الزواج، الذي كاد أن يتم، ووجدت أسبابه ومقدماته لماذا؟ لأن هذا الشاب من طبقة أخرى.
نحن لا ندعو إلى إثارة مشكلات في الأسر لهذا السبب، وكل إنسان يستطيع أن يجد من يريد، ومن تناسبه ممن حوله، وممن لا يكون في زواجه منها، أو اقترانه بها، أي إثارة لمشاكل اجتماعية، لكنني أتعجب أشد العجب، لشدة تمسك الناس ببعض القضايا العادية، التي لا علاقة لها بالدين! والله عز وجل يقول: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [الحجرات:13].
الناس من جهة التمثال أكفاء أبوهم آدم والأم حواء |
فإن يكن لهم في أصلهم نسب يفاخرون به فالطين والماء |
فسبحان الله! ما أدري ما هو السر في ذلك! تغضب المجتمعات وتقوم البيوت، وتتحرك العواطف، حين يخرج الإنسان على عادة اجتماعية، ولكن الجميع يلوذون بالصمت العميق، وربما يكونون مؤيدين مباركين حينما تريد الفتاة أن تتزوج بإنسان منحرف أو ضال! وقد يكون صاحب فكر هدام، وقد يكون في بعض الأحيان غير مسلم، وقد سمعت بنفسي أناساً من أسر عريقة، ومع ذلك يقول بعضهم: ما الصلاة؟ وما الغسل من الجنابة؟ وربما يكون زوج بامرأة مؤمنة صائمة قائمة إلى هذا الحد، وهذا والعياذ بالله الكلام الذي قاله كفر بالله العظيم، فما أحد غضب، ولا أحد تحرك، لكن يغضبون ويتحركون، إذا خرقت العادات الاجتماعية، نحن على أقل تقدير نقول: عاملوا هذه كما تعاملون تلك. حتى إنني سمعت امرأة تقول وتدعو على قريب لها، تسبب في عدم إتمام مثل هذا الزواج: " أسأل الله تعالى أن يحول بينه وبين نعيم الجنة، كما حال بيني وبين من أتمنى وأحب أن أتزوج منه".
فسبحان الله! أنت ظالم متدخل فيما لا يعنيك، ما تخشى أن هذه الدعوة تصادف باباً مفتوحاً، خاصة وأن المرأة قد تكون مظلومة!
تنام عيناك والمظلوم منتبه يدعو عليك وعين الله لم تنم |
لقد قال كثير من المفسرين: آيات الله هي الطلاق، ولا يجوز للإنسان أن يتخذها هزوا، ويجعل أيمان الطلاق ألعوبة في لسانه، يحلف بأيمان الطلاق بكرة وعشية، وعلى أتفه الأسباب قال تعالى: وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [البقرة:231].
وهكذا نجح الكلاشنكوف (البندقية) بطلقاته فيما لم ينجح فيه الطلاق، وهذه قاعدة إذا أردت التهديد بإمكانك التهديد بالقوة بدلاً من التهديد بالطلاق.
فشرع الله تعالى الطلاق لإنقاذ الزوجين، أو أحدهما من حياة لا يطيقونها، وذلك بعد أن تفشل جميع الحلول الممكنة، على مستوى التفاهم بين الزوجين مثلاً، أو على مستوى الأسرة، يقول الله تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً [النساء:35] ثم على مستوى القضاء، وحينئذٍ يلجأ الرجل إلى الطلاق، أو تلجأ المرأة إلى المطالبة بالطلاق.
البيهقي
والحاكم
وأحمد
وغيرهم، وفيه كلام، وبعضهم أوصله إلى درجة الحسن. ومما يشهد بثبوت الحديث ما رواهمسلم
في صحيحهإن الشيطان ينصب عرشه على البحر ثم يبعث سراياه، فأقربهم منه منـزلة هو أكثرهم إفساداً، فيأتي رجل فيقول: مازلت بين يديه وما صنعت شيئاً، يتوب ويستغفر، فيأتيه أحدهم فيقول: مازلت بهذا الإنسان حتى فرقت بينه وبين زوجته، فيدنيه ويقربه ويقول أنت... أنت... أنت} أي أنت الذي فعلت العمل الجيد العظيم، وأنت الذي تستحق أن أقربك وأدنيك، فهذا يدل على أن الطلاق في الأصل من أمر الشيطان، وأن الله تعالى يبغضه، إلا إذا كان الأمر يدعو إلى ذلك، فإن الطلاق يكون واجباً في بعض الحالات، وقد يكون مستحباً، وقد يكون مباحاً، وقد يكون مكروهاً، وقد يكون حراماً، تجري فيه الأحكام الخمسة كما يقال.والمؤسف جداً أيها الإخوة! وأيتها الأخوات! أن المجتمع مشحون بهذا وذاك، فهناك فعلاً من يطلّق لظروف خاصة لابد منها، ويكون الطلاق حينئذٍ قراراً سليماً، وهناك الكثيرون، بل لعلهم الأكثرون من يطلق في حالة غضب أو انفعال، دون أن يكون قراره هذا مدروساً، ودون أن يعطي الموضوع حقه من التفكير والتأمل والنظر، ولعل غالبية من يطلقون هم من الصنف الأول، وعلى كل حال فالطلاق ليس قضية محلية، بل هو قضية عالمية، وقد قرأت في إحصائية في أمريكا وغيرها، أن نسبة الطلاق تصل أحياناً إلى أكثر من 80%.
كما أنني أقول: ومن المؤسف أن الناس يجهلون في كثير من الأحيان الأسباب المؤدية إلى الطلاق، وقد يفعلونها بمحض إرادتهم واختيارهم، دون معرفةٍ بها، والحديث عن الأسباب المؤدية إلى الطلاق حديث يطول، ولعله موضوع لأحد الدروس القادمة.
وقد قمن تلك الأخوات بعمل الاستبيان، وهو عبارة عن أوراق وزعت على أكثر من ستمائة طالبة بإحدى المدارس الثانوية، لمعرفة مدى المستوى الشرعي والأخلاقي والثقافي للبنات، وسأتحدث أيضاً عن هذا الاستبيان بصورة أكثر تفصيلاً إن شاء الله في وقت لاحق، لكنني أرى أن أنقل لكم الآن بعض المقتطفات، وقد أُجري هذا الاستبيان على نوعيات شتى وجنسيات مختلفة، وأقسام مختلفة، وهو يتحدث عن أسئلة كثيرة من أهمها التي لفتت نظري، قضية سؤال يقول: ما هي طموحاتك في المستقبل؟
هناك آمال وطموحات عامة لا تتعلق بالفتاة في ذاتها، مثل أن تتمنى بعضهن أن تعود الأمة الإسلامية إلى ما كانت عليه، أو تتمنى أن تعود القدس إلى حظيرة المسلمين.
وفي مقابل ذلك هناك عدد قليل ومحدود يعد على الأصابع من ضمن الـ "600" فتاة، هو عبارة عن أمنيات غريبة، وفي صراحة كاملة أقول: لم أجد ما يمنعني من أن أقول هذه الأمنيات! لماذا؟ لأنني تأكدت أن كثيراً من الأخيار لا يدرون ماذا يجري في المجتمع؟ بيوتهم طيبة من حولهم، أخيار طيبون، ولذلك فهم غير عارفين بما يجري في المجتمع.
فلو مثلاً سئلوا: ما هو تأثير الإعلام على البيوت، وعلى النساء؟ هزوا رؤوسهم وقالوا: ليس هناك كثير يذكر، وظنوا أن الأمر فيه مبالغة، وأحسوا أن الأمر سهل، فرأيت أن أعطيكم هذه النماذج، ولو كانت صغيرة وقليلة ونادرة، لكنها سوف تلفت أنظاركم إلى أمور كثيرة، منها إدراك تأثير الجوانب السيئة، سواء من الإعلام أم غيره على عقول النساء.
الأمر الثاني: أن يفتح الإنسان عقله وقلبه وعيونه على بيته، وعلى ما حوله، لئلا يكون في بيته أشياء وأشياء، وقد لا يدري عنها؛ لأنه بالغ في حسن الظن والثقة المفرطة.
فمثلاً: هناك أمنية غريبة وهي عاديه بطبيعة الحال، تقول: أتمنى أن أرحل عن هذه الدنيا في أسرع وقت ممكن. لأن الدنيا ليس فيها خير ولا حتى في الناس! هذه طبعاً أمنية امرأة متشائمة، وقد تكون تعيش ظروفاً نفسية معينة.
هناك حبات قليلة جداً كما ذكرت، مثلاً واحدة تتمنى أن تعمل في مجال التصوير، وثانية تتمنى أن تكون سكرتيرة أو محاسبة في بنك، وثالثة تتمنى أن تكون شرطية، ورابعة تتمنى أن تكون مضيفة طيران، هذه أيضاً من مجلة سيدتي، لأنها في العام الماضي عملت استبياناً وتقريراً عن المضيفات.
وأخرى تتمنى أن تكون مغنية. أجد صعوبة كبيرة في أن أقول: وراقصة، يجب أن نعرف أن مثل هذه العينات موجودة في المجتمع، ولا أعتقد أبداً أنه من المصلحة أن نتجاهل مثل هذه الأوضاع، ولو كانت قليلة؛ لأن القليل إذا لم نتصد له الآن يصبح كثيراً، وما يدريك فقد يكون من النساء اللاتي قد يراهن الإنسان، ويحسن الظن بهن، تكون عندها مثل هذه الأفكار، إذا لم يكن هناك توجيه وتوعية وإرشاد ورقابة وتصحيح للأوضاع، كما أود أن أعقب أن بعض الفتيات قد لا تكون الكلمات اللاتي يقلنهن كلمات صحيحة من قلوبهن بقدر ما تكون أحياناً نوعاً من الاستفزاز.
وهذه الأساليب معروفة بالعناد، خاصة عند الشباب الذكور والإناث في مثل هذه السن، فهي ربما لا تقصد الحقيقة أنها تتمنى أن تكون كذا، بقدر ما تريد أن تستفز من عملت الاستبيان، أو تثيرها، أو تعاندها فقط، فربما يكون هذا من باب العناد، لكن على كل حال أمر معبر، وقد يكون من بين هؤلاء النساء، من يكون لها قريب أخ أو أب أو قريب صاحب اتجاه فكري منحرف، ولذلك إحداهن تمنت وقالت: أتمنى أن أكون موظفة في معهد الإدارة العامة، وما أدراك ما معهد الإدارة العامة، وربما يكون من هؤلاء من هي ضحية للإعلام، والجهود التخريبية في المجتمع، وهي جهود كثيرة، لا كثرها الله.
واحدة من الأخوات تقول: ما لكم علاقة بمشكلات أسرتي، وأخرى تقول: لا. لكن قولوا: ما شاء الله، خشية أن تصاب بالعين، وثالثة تقول: نعم، وهذا كثير طبعاً، فما سر تلك المشاكل الأسرية؟ مثلاً من أسباب المشاكل الأسرية:
قد تعاني البنت من زوجة أبيها التي تؤذيها وتضطهدها، وتشوه صورتها عند أبيها، وتضايقها، وقد تصفها بما ليس فيها.
وقد تعاني البنت من مشكلة بسبب تدينها وهم يضارونها ويضايقونها، ويرفعون أصوات الأغاني من المذياع، أو من التلفاز، وربما يعارضونها في الحجاب، ومجموعة ثالثة تعاني مشكلة أسرية بسبب الخلافات المتكررة والمستمرة بين الوالدين.
إن سر هذه الثقة المفرطة أنه يرى البنت خجولة أمامه، وهو يعرفها منذ أن كانت طفلة بريئة، ليس لديها سوى أفكار الأطفال، وبراءة الأطفال في عينيها وتصرفاتها، فهو لا يزال يتعامل معها بتلك العقلية السابقة، إنها طفلة لا يخطر ببالها ما يخطر ببال الأخريات، ويتعامل معها من هذا المنطلق، ويرى أنها تستحي منه، ويحس أن هذه هي شخصية البنت، وهذه هي عقليتها وهذا تفكيرها، والواقع أن للبنت شخصية أخرى ووجهٌ آخر، لا يستطيع الأب أن يدركه تماماً، إلا إذا كان يتميز بوعي وعقل وإدراك وفهم.
إذاً هؤلاء يحاولون أن يثيرون عند الفتاة روح التمرد على المجتمع والخروج على ما يسمونه هم: قيوداً، وإغراء الفتاة بأن تحمل مثل هذه الأفكار، وأقول لك: إذا وصلت هذه الأفكار إلى ابنتك مثلاً، وقرأتها وهي في هذه السن، أي مشاعر سوف تدور في رأسها؟ وأي عاطفة سوف تتحرك في قلبها؟ وأي أخلاقيات سوف تمليها عليها هذه الكلمات؟
وتقول إحداهن: "أن والدتي تمنع خروجي للنـزهة، بحجة أن المجتمع يرفض خروج البنت للنـزهة، ويسمح لها فقط بالذهاب للمدرسة والجامعة?! وإنني أتساءل لماذا كل هذه القيود؟"
وأخرى تقول: "أنا أبلغ من العمر 17 سنة، أكون دائماً موضع إعجاب الناس وزملاء المدرسة، أحب الضحك، أخرج باستمرار لأمارس هواية الجري?! لي زملاء وأصدقاء من الجنسين لا أجد تحرجاً في معاملاتي مع الشباب".
وهكذا فعلت الجريدة لتوفر عليك عناء الذهاب بابنتك إلى طبيب، هي قدمت لك استشارة من أخصائي، فبعنوان "منطوية" تتنقل إحدى الأمهات لنقطة أخرى وتقول: "ما يؤرقني هو انطواء ابنتي وبعدها عن الحياة! فهي تحب الوحدة! وملامحها دائماً حزينة! تكره الاختلاط بزميلات وزملاء المدرسة! لا تقوم برحلات مع أصدقائها، تفضل صحبة أخواتها للنـزهة، إذاً التي لا تحب أن تذهب مع أخواتها تعد معقدة منطوية!!
ثم سئل أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس عن هذه الظاهرة السلبية في نظرهم، فقال: "إن مشكلة الشخص الانطوائي أنه عاجز عن إقامة علاقات ناجحة مشبعة، هذه هي نقطة ضعفه الأساسية، هو غريب عن الناس وعن نفسه، فنجد أنه يعاني بروداً وكسلاً في عواطفه، إنها عواطف خاملة لا تتحرك ناحية الناس، ولهذا فهو لا يملك إمكانية الاقتراب والتعارف، وتعاطفه محدود جداً، إذ لا يعنيه الآخرون، ولا تعنيه أفراحهم ولا أحزانهم، منشغل فقط بنفسه وأفكاره وأحلامه غير الواقعية، فصاحب الشخصية الانطوائية لا يبدو على وجهه أي تغير أو انفعال، ولا يبتسم إلا قليلاً، ولا يضحك بصوت عال، ولا يعلق على شيء بمرح، بمعنى أنه لا يعبر عن عواطفه لأي إنسان" ويضيف الدكتور: "أنصح الأهل بعدم دفع أطفالهم للاختلاط بالآخرين".
إذاً كما قال الله تعالى: وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً [النساء:27] فنحن ندرك ماذا يريد أعداء هذه الأمة، وماذا يريد أعداء المرأة؛ يريدون أن تكون المرأة متعة لهم على قارعة الطريق، أقل ما يستمتعون به منها أن يستمتعوا بنظرة، وكلمة، وابتسامة، وضحكة عالية على حد تعبيرهم، وهذا لا يمكن أن يقنعهم بحال من الأحوال، ولكنه هو المعبر والطريق الذي يتسللون منه إلى الأمور الأخرى، التي يتمنونها ويحبونها، فهم يريدون أن تتحول هذه الأمة إلى نمط المجتمعات الغربية.
وفي أمريكا لا تكاد توجد فتاة متزوجة وهي محافظة على عفافها وعذريتها، وهكذا تقول الإحصائيات، لابد أن تكون قد ارتكبت الفاحشة، وإذا وجد خلاف ذلك في حالات قليلة، ذهبوا بالبنت إلى المستشفى لعلاجها من هذا المرض النفسي، هكذا يتحدثون، وهكذا يقولون، وقد قرأت في بعض الصحف الغربية مقابلات مع بعض النساء من بلاد محافظة، ممن كن عرضة لعقوبات بسبب أعمال غير أخلاقية، كأعمال الفساد والبغاء والدعارة، فكن يتكلمن عن أن المجتمع لا يحقق طموحاتنا، والمجتمع يقف عقبة أمام أمنياتنا، والمجتمع يقيدنا، ويقف ضدنا يقول الله تعالى: وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً [النساء:27].
أيها الإخوة: يجب أن نتنبه إلى نقطة مهمة وهي قضية محاولة تطبيع الاختلاط في العلاقات بين الرجل والمرأة في هذا المجتمع، كل المجتمعات العالمية الآن الرجل والمرأة فيها سواء في كل مكان، وهناك حالات خاصة، فمثلاً هناك جامعات وفنادق للنساء في الغرب، لكنها ظاهرة غريبة بدأت تبرز الآن، أما الأصل عندهم فهم يعاملون المرأة والرجل على حد سواء من غير تمييز، إلا في أشياء محدودة، مثل أن المرأة أقل راتباً من الرجل، فهي تأخذ مثلاً (60%) من راتب الرجل.
وقد أجاد الشاعر حين وصف مثل هذه الظاهرة بقصيدة جميلة يقول:
إن المعاكس ذئبٌ يغري الفتاة بحيلة |
يقول: هيا تعالي إلى الحياة الجميلة |
قالت: أخاف العار والإغراق في درب الرذيلة |
قال الخبيث بمكر لا تقلقي يا كحيلة |
إنا إذا ما التقينا أمامنا ألف حيلة |
متى يجيء خطيب في ذي الحياة المليلة |
لكل بنت صديق وللخليل خليله |
للسوق والهاتف والمـ لهى حكايات جميلة |
ألا ترين فلانة ألا ترين الزميلة |
وإن أردت سبيلاً فالعرس خير وسيلة |
وانقادت الشاة للذئب على نفس ذليلة |
فيا لفحش أتته ويا فعال وبيلة |
حتى إذا الوغد أروى من الفتاة غليله |
قال اللئيم وداعاً ففي البنات بديلة |
قالت ألما وقعنا أين الوعود الطويلة |
قال الخبيث وقد كشر عن مكر وحيلة |
كيف الوثوق بغر وكيف أرضى سبيله |
من خانت العرض يوماً عهودها مستحيلة |
بكت عذاباً وقهراً على المخازي الوبيلة |
عار ونار وخزي كذا حياة ذليلة |
من طاوع الذئب يوماً أورده الموت غيلة |
كل الحوادث مبدؤها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر |
ظلم -يا أخي- لابنتك أن تتركها في الحياة بمفردها، فتاة في سن المراهقة، تجربتها محدودة، تتركها في الحياة بمفردها، ويتفرد بها الذئاب من شياطين الإنس، الذين تمرسوا وتدربوا على كيفية اقتناص الصيد، بطريقة قد لا تخطر لك على بال، وقد أخذ كل واحد منهم كرساً كما يقولون، وأصبح يجيد فنه، ولا يزال يغزل للفتاة حتى يلقيها على وجهها دون أن تعي ودون أن تشعر.
إحدى النساء قامت وتوضأت، وصلت ثلاث ركعات، وكل ذلك لم يستغرق أكثر من خمس دقائق، ثم دخلت على عجل إلى غرفتها، ماذا تظنين يا أختاه! وكم من الوقت استغرقته تلك المرأة في مدة دخولها الغرفة للذهاب إلى حفل زفاف في أحد الفنادق، استغرقت ثلاث ساعات ونصف متواصلة! نعم ثلاث ساعات كاملة، قضتها داخل الغرفة تصفف شعرها، وتصبغ وجهها، وتعطر جسمها، وتختار ملابسها، نعم ثلاث ساعات، ثم خرجت كالطاووس، أو اسمحي لي أن أقول: كالديك الرومي، ثم ذهبت برفقة صديقاتها إلى الحفل، ووقفت هناك أربع ساعات ونصف كاملة متكاملة! هكذا تكون قد ضيعت حوالي ثمان ساعات في أمر يجب ألا تحضره أصلاً، لأنه حفل في فندق قد يجر عليها كثيراً من الشبهات والخوض في المحرمات.
هذا الوقت يا أختي في الله! هو أمانة في أعناقنا، هل تصدقين أن البلدان الأخرى -البلدان الصناعية- تصدر من هذه الثلاث الساعات عشرات الكتب، وتسجل عدداً من براءات الاختراع، وتبث مئات من نشرات الأخبار، وتصنع كميات هائلة من الإنتاج؟! وهل تصدقين أن الإنسان في هذه الدول يكون قد قرأ كتاباً فازداد ثقافة وعلماً، فسبقك يا أختي بعلم، أو حيلة، أو ذكاء، أو خبرة، أو معرفة، ليبقى هو في الطليعة وتبقين أنت في ذيل القافلة!
اسمعي يا أختاه! قصصاً في مجتمعاتنا شديدة الغرابة، وقفت امرأة تسلم على صديقاتها، فوقفت معها أكثر من نصف ساعة في كلام فارغ، تناولت أخرى الهاتف وتحدثت مع صديقاتها فاستغرقت المكالمة أكثر من ساعة، نعم صدقيني، المكالمة الداخلية أكثر من ساعة، تحدثت عن كل أنواع الأزياء، الموضة، الماكياج وصالونات حلاقة الشعر والرحلات والحفلات والعطور!
امرأة أخرى جلست أمام التلفاز، وضيعت أكثر من ست ساعات على مسلسلات فارغة، أما لو حدثتك عن السهرات، والحفلات المكلفة، وغير ذلك مما يضيع فيها الوقت، فسوف تعلمين عند ذلك لماذا نحتل نحن مؤخرة الركب، فعودة إلى الدين يا أختاه!
إذاً لا بارك الله في هذه الجهود، التي كنا نتصور أنها جهود موفقة لإصلاح وضع المرأة في المجتمع، ولا أعتقد أن المرأة تحتاج من يعلمها مثل هذه الأشياء، فأين الدورات لتحفيظ القرآن الكريم؟! وأين الدورات العلمية الشرعية؟! وأين الدورات للفقه؟! وأين الدورات لتعليم المرأة كيف تربي أطفالها؟! كل ذلك لا يكاد يوجد إلا في القليل النادر والغالب مثل هذه الأشياء والله تعالى هو المستعان، ولا أدري هل هذه هي مهمة الجمعيات النسائية التي تكاثرت في المجتمع؟ هل توافق المرأة لو فرغها أحد من محتواها ومضمونها، وإنسانيتها وعقلها لتصبح مجرد دمية؟ كل ما فيها شكلها وشعرها وثوبها!!
على كل حال لا يستغرب ذلك؛ فإننا نجد أن كثيراً من الجمعيات النسائية في البلاد الأخرى، كانت أوكاراً للفساد، ونواد لداعيات الرذيلة.
فإن رجال مجتمعنا فهموا هذه الآية على أنها قبولٌ لعذرهم، وتبرئة لهم من الذنب، وتزكية من عدم العدل، وإذا احتججنا عليهم بقول الله تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ [النساء:3] فإن الجميع يقول: أنا قادر على العدل، وهيهات هيهات أن يكون هذا الكلام صحيحاً، نحن نرى مآسي أسرية، يتمزق لها قلب من كان له قلب، ولو كان قلبه مثل الحجر، فمثلاً هناك في مجتمعنا من يغلق على أم أولاده باب المنـزل، وكأنه لم يعش معها يوماً واحداً، وكأنه لم يعرف هؤلاء الأطفال من قبل! بل ويدعو عليهم بأقسى الدعوات! وهناك من يحطم الزوجة الأولى أمام الثانية، مما يصيبها بالذل والهوان، ويكسر قلوب أطفالها، يتسبب في حقدهم على والدهم! كأن يقول للزوجة الأولى: أنا ليس لي فيك رغبةً، إن أحببت البقاء مع أولادك أهلاً وسهلاً وإلا مع السلامة! لماذا هذا العرض في هذا الوقت المتأخر بالذات؟ لماذا لم يكن من قبل هذا الجمع الكبير من الأولاد؟ ضع نفسك في مكانها، ماذا سوف تختار من الخيارين المُرَّين؟ امرأة شابة وأم أطفال كثيرين، هل أذهب وأتركهم تلعب بهم العواصف، لا يجدون من يوجههم الوجهة السليمة أم أبقى معهم عرضة للفتنة! أخرج إلى السوق وأرى الرجال بغير إرادتي، أو أرى شاباً، أو أخا الجيران، أو أي شاب يجذبني، أنا شابة مثله، أريد زوجاً يعفني وفي مجتمعنا من يكون له مجموعة من الأولاد، ولا يعرف عنهم أهم الأشياء، أين يدرسون، وهل يصلون، وهل يصومون، وأين يذهبون، وهل البنات تستعملن الهاتف، وكيف يستعملنه، ومع من يتحدثن، وهل البنت تذهب للمدرسة حقاً، أم أين تذهب، ومن هي زميلاتها، وماذا عن تنظيم وقتها ماذا وماذا وماذا وكيف؟!
لقد سمعت أن 25 حفلة زفاف سوف تقام لرجال عندهم نساء، والله إني حمدت الله تعالى واستبشرت خيراً أنهم سوف يتزوجون، ولم نسمع أنهم سوف يسافرون إلى بلاد الفساد، فهذه أيضاً نعمة من الله عز وجل إذا تعمقنا في التفكير، وأصدقك القول: إنني فيما مضى من الوقت كنت أحب الدعاء للإسلام والمسلمين، وأقوم آخر الليل أدعو للمسلمين، ولكني هذه الأيام شغلت بنفسي، أقوم آخر الليل أدعو لنفسي، أن يصلح الله لي زوجي، ولا أفقد اهتمامه بي أنا وأطفالي) إلى آخر ما قالت هذه الأخت الكريمة.
على كل حال المقصود هو لفت نظر الأزواج إلى أنه في حالة وجود شيء من تعدد الزوجات، فإنه ينبغي أن يراعي الإنسان في ذلك العدل قدر ما يستطيع.
لولا بنيات كزغب القطا رددن من بعض إلى بعض |
لكان لي مضطرب واسع في الأرض ذات الطول والعرض |
وإنما أولادنا بيننا أكبادنا تمشي على الأرض |
لو هبت الريح على بعضهم لامتنعت عيني عن الغمض |
بكاؤكما يشفي وإن كان لا يجدي فجودا فقد آوى نظيركما عندي |
محمد.. ما شيء توهم سلوةً لقلبي إلا زاد قلبي من الوجد |
أرى أخويك الباقيين كليهما يكونان للأحزان أورى من الزند |
وأولادنا مثل الجوارح أيها فقدنا يكون الفاجع البين الفقد |
لكل مكان لا يسد اختلاله مكان أخيه من صبور ولا جلد |
أين الضجيج العذب والشغب أين التدارس شابه اللعب |
أين الطفولة في توقدها أين الدمى والأرض والكتب |
أين التشاكس دونما غرض أين التشاكي ماله سبب |
يتزاحمون على مجالستي والقرب منى حيثما انقلبوا |
يتوجهون بسوق فطرتهم نحوي إذا رغبوا وإن رهبوا |
فنشيدهم بابا إذا فرحوا ووعيدهم بابا إذا غضبوا |
بالأمس كانوا ملء منـزلنا واليوم يا لليوم قد ذهبوا |
في كل ركن منهم أثـر وبكل زاوية لهم صخب |
في النافذات زجاجها حطم في الحائط المدهون قد ثقبوا |
فالصحن فيه بعض ما أكلوا في علبة الحلوى التي نهبوا |
في الباب قد كسروا مزالجه وعليه قد رسموا وقد كتبوا |
في الشطر من تفاحة قضموا في فضلة الماء الذي سكبوا |
إني أراهم حيثما اتجهت عيني كأسراب القطا سربوا |
هذا الروح الذي جعله الله تعالى في قلوب الأبوين للأبناء، يقابله في الإسلام بر وحنان وعطف، حتى إن الولد أو البنت يقدر والده وأمه أكثر مما يقدر نفسه، وهذا كثير جداً، وقد يضحي الولد أو البنت بحياته من أجل الوالدين حتى إنني أعرف من البنات، ومن الأولاد، من ترك الزواج من أجل القيام على أمه، أو على أبيه، وأعرف بنفسي حالات من هذا القبيل، في المقابل انظر ماذا يجري في بلاد الغرب من قطيعة، يظهر لك من خلال هذا الخبر الطائر.
ولذلك نجدهم في الغرب يهتمون بالكلاب، ويفضلونها على أولادهم، فالأب مستعد أن يتخلى عن ولده، لكنه ليس مستعداً بحال من الأحوال أن يتخلى عن الكلاب! فالكلاب عندهم أولى من الولد، وقد ذكرت هذا لبعض الظرفاء فذكرني بالحديث الضعيف، الذي يقول {لأن يربي أحدكم جرو كلب في آخر الزمان خير من أن يربي ولداً لصلبه} والحديث بكل حال ليس صحيحاً فلا يعمل به.
1. أن تعي المرأة المسلمة دورها في بناء المجتمع المسلم، بدءاً من المجتمع الصغير ألا وهو الأسرة.
2. أن تدرك عند سماع التوجيهات الخاصة بالمرأة، أنها هي -وليست غيرها- المخاطبة بذلك النصح والإرشاد.
3. أن تنتقل عند سماع الخطب والمواعظ من طور الروتين إلى درجة الوعي الجدي، أي من السماع أثناء الانشغال في ذلك إلى تخصيص ساعة أو ساعات في ذلك.
4. أن يكون هناك تطبيق عملي دون النظري إلى الأخريات على حساب تعليم الشرع.
5. الاعتزاز بالدين والافتخار بالتمسك به، وتطبيقه على أرض الواقع.
6. الابتعاد عن وسائل الهدم والإغراء المتمثلة في التلفاز، والفيديو، والمجلات الهابطة، والجرائد.
7. أن تبعد المرأة المسلمة عن كل ما يشوب دينها في أي مجال، سواء كانت هذه الشوائب ظاهرة الآن أم لا وخاصة الطالبة.
هذا ما أملاه علي خاطري المعبر، عما أحس به في قلبي، وأرجو من الله العلي الحكيم، وإن كان نـزراً يسيرا أن يجعله مشاركة مني في هذا الهم الكبير في صناعة الحياة، والله الموفق، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وتطلب قراءة هذه الرسالة، التي تحسبها من القلب، وهي إن شاء الله من القلب، ونرجو أن تكون من القلب إلى القلب، وها أنا قد قرأتها وبقي عليكم معاشر الأخوات العمل والتطبيق.
الجواب: نسأل الله العافية والسلامة.. هذا أب ممسوخ القلب، ممسوخ الفطرة، ميت الضمير، عديم الإحساس، من يحول بين البنت وبين أمها! الأم التي فرحت بها، وكأن الدنيا كلها في يدها، يوم وضعت هذه الطفلة الوليدة بين يديها وكانت كما قالت المرأة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: {كان صدري لها وعاء؛ وحجري لها حواء} ثم لما كبرت وطلق أمها، يحول بينها وبين أمها، ويمنعها من الاتصال بها، ويمنعها من زيارتها، ويمنعها من مكالماتها بالهاتف، أنا والله لا أدري أي مشاعر يعيشها مثل هؤلاء؟! لم أكن أتصور أن قسوة القلوب، وجمود الأحاسيس، تصل بإنسان إلى هذه الدرجة! يعني تحول بين امرأة وبين أمها.
نحن يا إخواني إذا رأينا قطة تموء وتتحرك وتصيح تبحث عن طفلها، الواحد يعطف ويتأثر، فما بالك بإنسان كائن حي مكرم عند الله عز وجل، وله مكانة وله قدر وله منـزلة، تحول بين البنت وأمها، من أين سوف تستقي هذه البنت الحنان؟ ومن أين سوف ترضع البنت الخبرة؟ وأين سوف تتعلم أمور الحياة؟ ألا تدري أيها الأب! أن هناك كثيراً من البنات تبلغ هذا السن وتتجاوزه، والله ما عندها من الخبرة أقل القليل، وقد يكون هذا السبب في وقوعها في أمور كثيرة جداً، وعندي من ذلك خبر يطول الكلام به، أن بعض الفتيات تجهل بديهيات في الحياة الزوجية، منهن فتيات لا تعرف قضية الحيض، وما تدري كيف الحيض، ولا أحكام الحيض!وفتيات لا تعرف البكارة، وأنها ميزة للفتاة، وأنه ينبغي المحافظة عليها! لا تدري هذا، ومنهن من لا تعرف كيف تتعامل مع زوجها، وأمور قد تكون عندي وعندك بديهية واضحة، لكن البنت إذا لم تعلم من أين تعلم فمن سوف يعلم البنت هذه الأمور؟ ثم من سيرضع البنت من طفولتها، ويعلمها في كبرها العطف والحنان والشفقة إذا لم تكن أمها؟ هذا من جهة.
من جهة أخرى هذه الأم من سيسد الفراغ الموجود في قلبها لبنتها؟ للبنت خانة في قلب الأم لا يسدها إلا هذه البنت، فالأم تتطلع إلى بنتها, ووالله إني أعتقد كما قلت قبل قليل، أن أماً محرومة من رؤية بنتها تتألم على بنتها، وتحاول أن تتصل بها بكل وسيلة، ثم يحال بينها وبينها، فترفع دعوة إلى رب العالمين؛ لأنها لا تملك مسألة الذهاب للقاضي، ومسألة الشكوى في كثير من الأحيان تطول وتعرض، ويدخلها مجال لف ودوران، وحيل وألاعيب، وتنتهي أن المرأة أو الإنسان ييأس ويترك الأمر، ولكن هناك باب لا يغلق أبداً، باب رب العالمين، إذا دعت دعوة صادقة وكانت محقة فيها، والله تحيط بك هذه الدعوة، والله يحيط بك، والله قد يحرم الإنسان من أغلى ما يملك، قد يعاقب في دنياه، وقد يعاقب في آخرته، فليتق الله أولئك الآباء، وليعطفوا على أبنائهم، وليتقوا الله تعالى في أنفسهم، فإنهم إن ضروا فإنهم يضرون أنفسهم، وإن أسرفوا فإنما يسرفون على أنفسهم قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا [يونس:23] بغيك على نفسك، وظلمك إنما هو لنفسك؛ وإلا فإن الآخرين قد يستطيعون أن يتجاوزوا هذه العقبات، التي تضعها أنت أمامهم، عقبات للأسف الشديد ليست من عدو كاشف عن عدائه، بل من عدو في ثياب الأصدقاء!
ومنهم عدو أعظم الخطب قربه له فيهم فعل العدو المفارقِ |
فاتقوا الله أيها الآباء! راعوا الله تعالى في هذه الأمانات التي وضعها في أيديكم.
الجواب: هذه فكرة ضرورية، أن يكون في البيت برنامج لتعليم النساء ما يحتجن إليه في أمور الدين، تعليمهن كيفية الوضوء، كيفية الغسل، والطهارة، وأحكام الحيض، وأحكام النفاس، وأحكام الصلاة، وأحكام الذكر، وأحكام القرآن، وطرائق التربية، وأمور العقائد، وأركان الإيمان: الإيمان بالله، الإيمان باليوم الآخر، الإيمان بالملائكة، وبالجنة والنار، وبالكتب، وبالنبيين، وبالقدر، والتحذير من الأشياء المنحرفة.
تربية المرأة، وتعليمها تحتاج إليه في أمور دينها ودنياها، في كل هذه الأشياء، كذلك تعليمها أركان الإسلام، وفي الدرجة الأولى الشهادتان، والصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، وما تحتاج إليه من ذلك كله، ويكون لها أخ ترجع إليه في ما أشكل عليها.
الجواب: أقول هذا بعد معاناة ومشاهدة لألم وحرقة أخواتنا اللاتي في يد شباب منحرفين، من سهر، وشرب، وترك للصلاة، حتى أعرف إحداهن وهي تعض أصابع الندم، وتلقي باللائمة على أهلها، من تزويجها من هذا الشاب، وتتمنى زواجها من أحد الشباب المتدينين.
أقول هذا عظة وعبرة لإخواني المسلمين، وأخواتي المسلمات، على كل حال هذه شهادة نعتز بها من إحدى الأخوات، ونرجو أن يعتبر الباقون بالذاهبين، فلا شك أن تزويج الأب ابنته من رجل سكِّير مثلاً أو فاسد أمر في غاية السوء، يسكر في ليله، فيتأخر مع زملائه، ويضربها ويؤذيها، وهو غير صاحٍ، ويتربى أولاده وأطفاله على مثل هذه الأمور، وطالما عانت البيوت من مثل هذه المشاكل، التي تبدأ ولا تنتهي، لأن المرأة بعدما تورطت في الزواج ما عادت القضية مجرد رأي، فالمرأة قبل أن تتزوج، من الممكن أن ترفض هذا الإنسان ولكن لما تتورط معه في أولاد، وتصبح قضية الفراق صعبة جداً، فينبغي أن ينتبه لذلك.
الجواب: ما شاء الله! أنت في العشرين ومع ذلك الزواج المتأخر متى يكون؟! الزواج المبكر في العشرين معقول، لا أقول: لا، لكن الزواج المبكر يكون حتى بأقل من ذلك، فإن المرأة إذا نضجت وأكتملت أنوثتها أصبحت تتطلع إلى الرجل، وأصبح من الممكن أن تقوم بحقوقه وطموحاته وتطلعاته، وربما يكون المسارعة في تزويجها، وكذلك المسارعة في تزويج الشاب في أول حياته، خاصة بعد الاطمئنان إلى الطرف الآخر أنه مناسب يكون هذا من أهم أسباب درء الفتنة، ولذلك الرسول صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الصحيح: {إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد مبين} تكون فتنةٌ في الأرض؛ لأن تأخير الزواج مدعاة إلى أن هذه العواطف المكبوتة عند المرأة والرجل تذهب إلى مصرف غير صحيح.
الجواب: في الواقع هناك حل يسير على من يسره الله عليه، لو كنا صادقين في معالجة هذه الظواهر، وقد قلته بالمجلس سابق، من هو الذي يشترى هذه الصحف؟ ومن الذي يتعاطها؟ ومن الذي يدفع المال ليشتريها؟ من هو الذي يجعل الكميات المطبوعة منها تزداد يوماً بعد يوم؟ والله بإمكاننا يا إخوة! أن نجعل هذه الجريدة تتكدس أكواماً في البقالات ثم يرجعونها إلى أصحابها، وبالتالي تتوقف عن الصدور، بإمكاننا أن نفعل ذلك لو كان مجتمعنا مترابطاً ومنـزهاً ومؤمناً بالله حق الإيمان، ولو كانت كلمتنا واحدة، ولو استخدمنا سلاح المقاطعة.
المجلة التي تكلمت عنها هي جريدة الصباحية، أو غيرها من الصحف، لو قمنا بمقاطعتها، وعدم شرائها بحال من الأحوال، وإعلان الحرب عليها، ودعوة الناس الآخرين إلى مقاطعتها، اعتقد أنها تلقائياً سوف تتوقف عن الصدور، ولكن المشكلة أننا نحن نغذيها بأموالنا وبجيوبنا وبإقبالنا عليها وبقراءتنا لها، مع أنه ينبغي أن تكون هناك ضغوط، واتصال بالصحف مثلاً، ولا نيأس.
جاءني قبل فتره أحد الإخوة بمقال في جريدة كويتية، وهو مقال سيئ يتكلم عن الدعاة، فقلت له: يا أخي! جزاك الله خيراً، اتصل بصاحب الجريدة، فقال: لا ينفع، قلت: جرب، فاتصل به وتحدث معه وهاتفه، فاستجاب لذلك ووعده خيراً، فقال ذلك الصحفي للأخ المتصل به: أنا وجريدتي تحت تصرفك، وأقسم بالله أن أي مقال ترسله لي رداً على ما كتبته سوف أنشره بكامله دون تعديل. لماذا لا نتصل نحن بمثل هؤلاء؟ ولماذا لا نحادثهم؟ ولماذا لا نطالبهم؟ ولماذا لا نعلن لهم اعتراضنا على ما يكتبون، وعلى ما يقولون، وعلى ما ينشرون؟! كذلك يمكن أن يكون هناك اتصالات من طلبة العلم والعلماء، بالجهات الإعلامية المختصة، لمنع هذه المطبوعات التي تعارض قيم هذا المجتمع التي قام عليها، وتكامل بنيانه على أساسه.
الجواب: والله هذه مشكلة، يريد منهم أن لا يعرفوا أن التدخين حرام حتى لا ينتقدوه في ذلك، لا؛ الواقع أنه ليس من حقه أن يمنع دخول هذه الأشياء، ويا ليت أننا نستخدم قوتنا وإمكانيتنا في منع دخول التلفاز، والفيديو، والمجلات الخبيثة إلى البيوت، والبومات "الصور السيئة"، ومنع دخول مجلات الأزياء، والأشرطة الغنائية الخبيثة، وصور الرجال مع الفتيات في الحقائب المدرسية، وما أشبه ذلك، أما مثل الكتب والأشرطة الإسلامية، فهذا في الواقع خير، ليس صحيحاً أنها تسبب للبنت أي مشكلة بالواقع، خاصة إذا كانت أشرطة من علماء ودعاة معروفين، إنها تربي البنت تربية سليمة، وتصحح أوضاعها.
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
.. السؤال يقول: ما حكم شراء أسهم البنوك وبيعها بعد مدة، بحيث يصبح الألف بثلاثة آلاف مثلاً وهل يعتبر ذلك من الربا؟ الجواب: لا يجوز بيع أسهم البنوك ولا شراؤها، لكونها بيع نقود بنقود وبغير اشتراط التساوي والتقابض؛ ولأنها مؤسسات ربوية لا يجوز التعامل معها لا ببيع ولا شراء، لقول الله سبحانه: ((وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)) [المائدة:2] ولما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: {مسلم
في صحيحهالَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ))[البقرة:276] وقال عز وجل: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ))[البقرة:279] ولما تقدم من الحديث الشريف.الجواب: لا تجوز المساهمة في البنوك الربوية، كما لا تجوز المعاملات الربوية مع البنوك وغيرها؛ لأنه تعاون على الإثم والعدوان، والله سبحانه يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [المائدة:2].
بسم الله والحمد لله: ما ذكر أعلاه من الجوابين عن حكم المساهمة في البنوك، المنقولين من مجلة الدعوة فهو صحيح، وقد صدر مني ذلك، والله ولي التوفيق. قاله الفقير إلى عفو ربه عبد العزيز بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، عفا الله عنه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى أله وصحبه، عبد العزيز بن عبد الله بن باز حرر في 8 ربيع الآخر سنة 1412هـ.
الفتوى:
1- إذا كانت المساهمة في بيوت الربا، مثل البنوك؛ فإنه لا يحل لأحد أن يساهم فيها، وذلك لأنها إنما أنشئت وقامت على الربا، وما يكون فيها من المعاملات على الحلال فإنها معاملات قليلة، بالنسبة للربا الذي يمارسه أهل البنوك.
2- أما إذا كانت المساهمات فيها يراد بها الاتجار بصناعة، أو زراعة، أو ما أشبهها، فإن الأصل فيها الحل، ولكن فيها شبهة؛ وذلك لأن الفائض عنده من الدراهم يجعلونه في البنوك، فيأخذون عليه الربا، وربما يأخذون من البنوك دراهم ويعطونهم الربا، فمن هذا الوجه نقول: إن الورع ألا يساهم الإنسان في هذه الشركات، وإن الله سبحانه وتعالى سوف يرزقه إذا علم من نيته أنه إنما ترك ذلك تورعاً وخوفاً من الوقوع في الشبهة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: {الحلال بين، والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات، لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات فقد وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه} ولكن ما الحال إذا كان الإنسان قد ساهم، أو كان يريد المساهمة دون أن يسلك الطريقة الأفضل وهي طريق الورع، فإننا نقول الحل في هذه الحال: أنه إذا قدمت الأرباح، وكان فيها قائمة تبين مصادر هذه الأرباح فما كان مصدره حلال فإنه حلال، وما كان مصدره حراماً مثل أن يصرح بأن هذه من الفوائد البنكية، فإنه يجب على الإنسان أن يتخلص منها بالصدقة بها، لا تقرباً إلى الله، ولكن تخلصاً من إثمها؛ لأنه لو نوى التقرب بها إلى الله فهي لم تقربه منه؛ لأن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً، ولم يسلم من إثمها؛ لأنه لم ينو التخلص منها، أما إذا نوى التخلص منها فإنه يسلم من إثمها وربما يؤجر على صدق نيته وتوبته.
وإن كانت هذه الأرباح ليس فيها قوائم تبين المحذور من المباح، فإن الأولى والأحوط أن يخرج الإنسان نصف الربح، ويبقى نصف الربح له حلال؛ لأن المال المشتبه بغيره إذا لم يعلم قدره فإن الاحتياط أن يخرج النصف، لا يَظْلِم الإنسان ولا يُظْلَم.
نقلا عن خطبة الجمعة بتاريخ 11/4/1412بمسجده وهي مسجلة في شريط بعنوان (قولنا في الأسهم) فليرجع إليه.
وبناءً على ذلك نقول لمن يسأل عن شركة صافولا، أو سابك، أو غيرها: أن الأولى والأحوط والأفضل في حقهم ألا يساهموا أو يشاركوا، لكن إذا حصل وأن ساهموا وشاركوا، إما قبل أن يعلموا، أو لأنهم لم يسلكوا مسلك الأولى والأحوط والأفضل، فإنه يقال لهم: إذا ظهرت الأرباح فإن ظهرت معها قوائم تقول مثلا (10%) من هذه الأرباح صادرة نتيجة للفوائد الربوية، أو فوائد بنكية، فيجب أن يتخلصوا من هذه (10%) والباقي لهم حلال، أما إذا لم يعلموا مقدار الربح الذي جاء عن طريق البنك، ولم تظهر قوائم بذلك، ولم يعرفوا عن طريق الاتصال بالشركة مثلاً، فإن الأفضل والأحوط في حقهم أن يخرجوا نصف الربح (50%) منه على سبيل الاحتياط ليأخذوا نصف الربح وَيَدَعُو النصف لأنه لا يمكن ترجيح أحد الطرفين على الآخر.
هذا وأسأل الله تعالى لنا ولكم التوفيق والسداد.
خاتمة:
ذكرت لكم أنني سوف أتكلم عن موضوعات المرأة، وعندي أشياء كثيرة وكثيرة جداً، وصلتني من الإخوة وأكثرها من الأخوات أيضاً، وبالمناسبة فإني أسدي لهن ولهم جزيل الشكر والدعاء على مشاركتهم، وحرصهم وتفاعلهم، وتعاطفهم مع مثل هذا الموضوعات، وهذا يبشر إن شاء الله أنه لا يزال في مجتمعنا خير كثير وخيرات كثيرة، ونحمد الله تعالى على ذلك، ونسأل الله أن يكثرهما، ويبارك في جهودهم وفي أعمالهم، ويوفقهم لصالح القول والعمل، وسوف تكون إن شاء الله دروس كثيرة مجالاً لمثل هذه الموضوعات بين حين وآخر، ولعله لا يخلو شهر أو شهرين من موضوع يعالج بعض القضايا النسائية.
اللهم صلِّ على سيدنا محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم أعزنا بطاعتك ولا تذلنا بمعصيتك، اللهم اغفر لنا واعف عنا، اللهم أصلح ظاهرنا وباطننا، وسرنا وعلانيتنا، يا حي يا قيوم! اللهم لا تؤاخذنا بذنوبنا، اللهم لا تفضحنا بعيوبنا، لا حول ولا قوة إلا بك، يا حي يا قيوم! اللهم لا تؤاخذنا بذنوبنا، ولا تفضحنا بعيوبنا، اللهم لا تؤاخذنا بذنوبنا، ولا تفضحنا بعيوبنا، اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، وإن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء، وتهدي من تشاء، وأنت ولينا، فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين.
اللهم اكتب لنا في هذه الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، إنك على كل شئ قدير، اللهم وأصلحنا وأصلح بنا، إنك على كل شئ قدير، اللهم يسرنا لليسرى، وجنبنا العسرى، واغفر لنا في الآخرة والأولى، سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا الله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر