إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (846)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    كيفية قضاء الدين إذا لم يعرف مكان صاحبه

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: حياكم الله.

    ====

    السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من المستمع علي الهاجري أخونا علي يقول في رسالته: أفيدكم يا سماحة الشيخ بأنني مديون لعدد من الأشخاص بعضهم من مدة طويلة وبعضهم مدته ليست بطويلة ولم أكن أجد المال أثناء مطالبتهم لي في ذلك الوقت، والآن وجدت المال ولكن بعضهم موجود والبعض الآخر غير موجود، ماذا أفعل بأموال غير الموجودين إذا لم أجدهم جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فعليك أن تسأل عن أماكنهم ومتى عرفت عناوينهم ترسل لهم حقوقهم وهذا يجب عليك؛ لأن أداء الدين واجب وهذا من وسائل أدائه، فعليك أن تسأل وتحرص حتى تعرف أماكنهم وعناوينهم ثم ترسل لهم حقوقهم ولا تعجل فلعلهم يقدمون ولعلك تعرف عناوينهم إن لم يقدموا لا تعجل، فإن أيست من ذلك فتصدق بها عنهم بالنية عن أصحابها، ومتى حضروا تخيرهم فإن قبلوا الصدقة فالأجر لهم وإن لم يقبلوها صار الأجر لك وتعطيهم حقهم، نسأل الله أن يوفق الجميع.

    1.   

    ركوع الإمام قبل إتمام المأموم الفاتحة

    السؤال: من الرياض المستمع (ع. س) أبو بندر سؤال مطول بعض الشيء يقول فيه: مشكلتي هي أنني أعاني من ثقل نوعاً ما في القراءة حيث يركع الإمام في الركعتين الأخيرتين أو الثالثة في المغرب قبل أن أتمكن من إتمام الفاتحة، فإذا أتممت الفاتحة رفع أو ربما يرفع الإمام من الركوع قبل أن أركع لاسيما إذا صليت خلف إمام يخفف الصلاة، والسؤال هنا: هل أمضي وأتمم الفاتحة حتى ولو رفع الإمام من الركوع أم يتعين علي متابعة الإمام حتى ولو لم أتمكن من إتمام الفاتحة في الصلاة كلها حيث أنني سمعت بعض طلبة العلم يقولون: إن متابعة الإمام أهم وأوجب من إتمام الفاتحة في كل الركعات، فهل هذا هو الصحيح أم هناك قول آخر أصح منه وجهوني جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: الواجب عليك متابعة الإمام وإن لم تكمل الفاتحة لقول النبي صلى الله صلى الله عليه وسلم (وإذا ركع فاركعوا) فعليك أن تركع معه إذا ركع تركع بعده وإن لم تكمل الفاتحة، لكن عليك أن تعتني بقراءة الفاتحة من حين التكبير ومن حين ينهض من السجود وتستقيم واقف فعليك أن تعتني بالقراءة ولا تتباطأ تقرأ قراءة خفيفة حتى تدرك إكمال الفاتحة قبل الركوع، وعليك بالحذر من الوساوس، اقرأ قراءة جيدة والحمد لله ولو كنت أسرعت فيها بعض الإسراع، بعض الناس يقرأ قراءة مقطعة يتأخر، لا. عليك أن تقرأ قراءة متصلة واضحة من حين تكبر تكبيرة الإحرام بعد الاستفتاح أفضل، وهكذا في الركعات الأخرى من حين تقف تبادر بالقراءة وأنت بهمة عالية لا بتباطؤ وتكاسل.

    لكن لو فرضنا أنه ركع وأنت قد قرأت بعض الآيات فاركع معه إلا إن كانت بقيت آية أو آيتان تكملها؛ لأنه يمديك أن تكملها وتركع، أما إذا خشيت أن يرفع فاركع ولا حرج عليك والحمد لله، كما لو جئت والإمام راكع ركعت معه وسقطت عنك الفاتحة، لو جاء المسبوق والإمام راكع وركع معه أجزأ وسقط عنه الفاتحة كما صح ذلك من حديث أبي بكرة رضي الله عنه أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكع فركع دون الصف ثم دخل في الصف، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (زادك الله حرصاً ولا تعد) وهكذا لو كان المأموم يجهل الحكم الشرعي ما قرأ الفاتحة أو نسيها أجزأه؛ لأن القراءة في حق المأموم واجبة تسقط بالسهو والجهل وبعدم إدراك الإمام وهو واقف، كل هذا يكون من أسباب سقوطها إذا جهل الحكم أو سها عنها أو نسيها، أو جاء والإمام راكع، أو قرب الركوع ما أمكنه أن يقرأها سقطت عنه والحمد لله، هذا هو الصواب.

    وقال الجمهور: إنها غير واجبة على المأموم، قال أكثر أهل العلم: إنها غير واجبة على المأموم، والصواب أنها واجبة على المأموم لكنه إذا سها عنها أو جهل الحكم أو جاء متأخراً والإمام راكع أو عند الركوع سقطت عنه كالواجبات الأخرى كما لو سها عن سبحان ربي العظيم أو سبحان ربي الأعلى أو ربنا ولك الحمد أو نحو ذلك أجزأه سقطت عنه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لعلكم تقرءون خلف إمامكم؟ قلنا: نعم. قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها) فهذا يدل على أن المأموم يقرأ خلف إمامه وأن هذا هو الواجب عليه لكن متى سها عن ذلك أو جهل الحكم الشرعي سقط عنه ذلك فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16].

    والأصل في هذا حديث أبي بكرة لما جاء والنبي راكع عليه الصلاة والسلام ركع معه ولم يأمره بإعادة الركعة، مع أنه لم يقرأ الفاتحة؛ لأنه معذور بسبب عدم حضوره حال قيام الإمام.

    1.   

    حكم موافقة المأموم للإمام في تكبيرة الإحرام

    السؤال: أيضاً يقول في سؤال آخر: صليت إماماً برجلين سمعت أحدهما كبر للإحرام أثناء تكبيري للإحرام وقد مضيت في الصلاة مع اعتقادي بطلان صلاة الرجل المذكور فما الحكم حفظكم الله؟

    الجواب: الأظهر أن صلاتك صحيحة وصلاة الرجل الثاني صحيحة أما هو فيؤمر بالإعادة؛ لأنه كبر مع الإمام، والواجب أن يكبر بعد الإمام كما قال صلى الله عليه وسلم: (إذا كبر فكبروا) فتأمره بعد السلام بأن يعيد الصلاة، أما أنت فأنت معذور؛ لأنك سمعته وأنت في الصلاة، والمأموم معذور حين تأخر مع صاحبه يظنه مستقيماً، يظن صلاته صحيحة وله شبهة وأنت لك الشبهة في عدم الإنكار عليه وقد كبرت.

    فالأصل في هذا الصحة إن شاء الله لشبهة صحة صلاته بسبب أنه وقف مع المأموم الثاني وأنت لا تستطيع الإنكار عليه في الصلاة.

    1.   

    حكم صلاة المأموم في صف ليس فيه إلا الأطفال وهم دون سن التمييز

    السؤال: آخر سؤال له يقول: هل وجود المأموم بين مجموعة من الأطفال دون سن التمييز عن يمينه وشماله في الصف هل يؤثر أو يخل بصلاته؟

    الجواب: نعم. إذا كان فرداً إذا كان دون السبع يعتبر فرداً، إذا كان ما فيه غيرهم ما صف معهم غيرهم يعتبر فرداً فلا يصح، نعم. عليه أن يعيد الصلاة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة لمنفرد خلف الصف) وهو حكمه حكم المنفرد، نعم. إذا كانوا دون التمييز دون السبع يعني.

    1.   

    حكم من طاف طواف الإفاضة بغير طهارة وما يلزمه لذلك

    السؤال: سؤال من المستمع سعيد سعد الشهراني يقول فيه: لقد حجيت هذا العام وعندما أردت البدء في تأدية طواف الإفاضة تذكرت أنني على غير وضوء ولم أستطع الذهاب للوضوء لوجودي مع عائلة ولكثرة الزحام فاستمريت في إكمال الأشواط ولما انتهيت سألت أحد الإخوان عن عملي هذا فقال: لا يجوز الطواف من غير طهارة، ولكن عليك أن تنوي طواف الإفاضة مع طواف الوادع ففعلت ذلك، هل ما فعلته صحيح؟

    الجواب: نعم. الطواف الأول غير صحيح وطوافك الأخير بنية الوداع والإفاضة يجزئ والحمد لله.

    1.   

    وجوب النفقة على الوالدين

    السؤال: رسالة من أحد الإخوة المستمعين يقول: أنا أعمل في المملكة العربية السعودية في بقالة صغيرة الحجم تكسب في اليوم مبلغ يتراوح بين مائتين أو ثلاثمائة ريال، ولدي زبائن وأنا متزوج ومقيم هنا ولدي طفلة ومصاريف عائلية أخرى لا أستطيع أن أصرف على الوالد أو الوالدة؛ لأن لدي أخوين بالإضافة إلى أسرتي فأحد إخواني الكبار رفض أن يساعدني لمد الأسرة فما هو رأيكم جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: عليك أن تصرف على الوالدين والأولاد إذا كان الوالدان عاجزين لا يستطيعان الكسب والنفقة على أنفسهما من مالهما فتقسم ما لديك وما تحصل بين الجميع حسب طاقتك بين أولادك وأبويك ونفسك وزوجتك حسب الطاقة، وعلى أخويك أن يساعدا في ذلك، يلزمهما أن يساعدا في نفقة والديهما إذا كانا يستطيعان ذلك، فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، ونفقة أولادك وأبويك إذا كانا عاجزين عليك وهكذا زوجتك، وعلى أخويك أن يساعدا إذا كانا يستطيعان من مالهما أو من كسبهما وهذا واجب، هذا من بر الوالدين الواجب على الأولاد، ويكون التوزيع على حسب الطاقة، توزيع ما لديك يصنع به الطعام للجميع وتشتري كسوة للجميع حسب طاقتك، فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16].

    المقدم: جزاكم الله خيراً، يسأل عن أخيه الذي لم يساعده في الصرف على الوالدين؟

    الشيخ: إن شاء رفع أمره إلى الحاكم وإن شاء صبر، إن شاء رفعت أمره إلى الحاكم حتى يلزمه إذا كان يستطيع، أما إذا كان عاجزاً فليس لك العدوان عليه.

    1.   

    حكم حج المدين القادر على الوفاء

    السؤال: رسالة من أحد الإخوة المستمعين يقول: أنا سوداني أقيم في المملكة وأنوي أقضي فريضة الحج وذلك في الحج المقبل إن شاء الله ولأول مرة ولكن علي دين يلزمني أن أسدد الدين ولو بطريقة المراسلة، وإذا لم أجد إنساناً أرسل معه هذا المبلغ ماذا أفعل جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: تفعل ما تستطيع وتحج والحمد لله، ليس من شرط الحج أن لا يكون عليك دين مادمت قادراً على الوفاء ولو بعد الحج الحمد لله، ترسله قبل الحج أو بعده وأنت على خير إن شاء الله.

    1.   

    الأوقات المفضلة لاستعمال السواك

    السؤال: أسألكم عن فضيلة السواك هل هي قبل الوضوء أم بعد الوضوء؟

    الجواب: السواك يشرع استعماله في أول الوضوء وفي أول الصلاة هذا السنة، عند المضمضة وعند الإحرام.

    1.   

    كيفية قضاء أيام رمضان لمن كان مسافراً

    السؤال: إذا سافرت في شهر رمضان إلى منطقة يباح لي الإفطار فيها وأمضيت مدة عشرين يوم في ذالكم السفر كيف تنصحونني إذا أردت القضاء، جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: تقضي إن شئت متتابعاً وإن شئت مفرقاً والحمد لله، تقضي ما أفطرت سواءً كان ذلك متتابعاً أو مفرقاً، الأمر في هذا واسع والحمد لله، إن تابعت فهو أفضل وإن فرقت فلا حرج.

    المقدم: جزاكم الله خيراً.ماذا لو أخر إذا جاء رمضان آخر سماحة الشيخ؟

    الشيخ: لا يؤخر إلى رمضان، الواجب أن يقضي قبل رمضان فلو أخر بغير عذر عليه القضاء والتوبة وعليه إطعام مسكيناً عن كل يوم زيادة نصف الصاع عن كل يوم مع التوبة ومع القضاء.

    1.   

    الحث على اختيار الأصدقاء الأوفياء الفضلاء

    السؤال: المستمع (ع. ع. م) من المنطقة الجنوبية يسأل ويقول: مشكلتي في علاقتي بالناس فهناك من أرتاح إليهم وأجالسهم وأجد فيهم الصديق والرفيق وأشعر بالارتياح لوجودي معهم وهؤلاء قلة، وهناك قسم آخر ممن أعرف لا أطيق الجلوس معهم ولا التحدث إليهم ولا أرتاح لهم أبداً وأجد بأن طبعي لا يوافق طبعهم وأحياناً أضطر إلى البقاء معهم والحديث إليهم والتعامل معهم لارتباطي معهم بقرابة أو في عمل أو غير ذلك مما يضطرني للمجاملة معهم وإظهار البشاشة والارتياح غصباً عني، وأحس أثناء وجودي معهم أنني بحاجة إلى التكلف في الكلام والمعاملة وهذا لا أجيده مما يزيدني نفوراً وبعداً عنهم وعدم ارتياح نحوهم ولهذا أصبحت أفضل تجنب كل من لا أرتاح إليه بقدر الإمكان، وهذا يؤدي إلى العزلة نوعاً ما، علماً بأنني في حالة العزلة وبقائي لوحدي أحس بالراحة وأستفيد من وقتي في تلاوة القرآن وقراءة الكتب النافعة؟

    الجواب: عليك أن تعمل ما هو أصلح لقلبك وأن تختار الأصحاب والجلساء الطيبين، أما الذين تنفر منهم ولا تلائمك طبائعهم ولا تأنس بالجلوس معهم فابتعد عنهم واختر لنفسك ما هو أصلح ولو بالجلوس في بيتك لقراءة القرآن والتسبيح والتهليل ونحو ذلك، المؤمن يحاسب نفسه ويجاهدها في صحبة الأخيار والبعد عن الأشرار وفي اختيار الوقت الفاضل والصاحب الفاضل أنت تجاهد نفسك فيما تراه أصلح لدينك وأسلم لدينك فتصحب الأخيار وتستر عليهم حتى تستفيد منهم وتبتعد عن الأشرار ولو كانوا من الأقارب حتى لا يضرك الجلوس معهم ولا تحمل نفسك ما لا تطيق.

    أما إن كنت لا ترغب في الجلوس مع الأخيار فهذا مرض في قلبك إذا كانوا طيبين أهل دين جاهد نفسك حتى تبقى معهم وتستفيد منهم ولو نفرت نفسك منهم لما فيها من مرض المعصية لا تبال بذلك عليك بصحبة الأخيار والصبر عليهم والاستفادة منهم ولو كنت تحس بشيء من الكلفة والشدة؛ لأن صحبة الأخيار لا تأتي إلا بالخير أما صحبة الأشرار فإنها وسيلة للشر العظيم.

    فالحاصل أنك تحكم الشرع المطهر فيما هو أصلح لقلبك وأنفع لدينك في الجلساء وغير الجلساء فتجلس مع الطيبين ومع الأخيار ومع من تنفعك مجالستهم وتبتعد عما يضرك الجلوس معهم من أقارب أو غيرهم، وبيتك خير لك من الجلوس مع من يضرك ومن لا تطيق البقاء معه لسوء أفعاله أو سوء أخلاقه أو سوء تصرفه، نسأل الله للجميع التوفيق.

    1.   

    الحكم على حديث: (إنما الصبر عند الصدمة الأولى) وبيان معناه

    السؤال: من الأخت المستمعة (س. س) من المدينة المنورة رسالة وضمنتها جمعاً من الأسئلة: في أحد أسئلتها تقول: سمعت بحديث من ضمن ما قاله صلى الله عليه وسلم: (الصبر عند الصدمة الأولى) فما معنى ذلك؟

    الجواب: هذا حديث صحيح، رأى امرأة تبكي صبياً فنصحها فقالت: (إليك عني فإنك لم تصب بمثل مصيبتي، فلما أخبرت أنه الرسول صلى الله عليه وسلم ذهبت إليه في بيته فلم تجد عند بابه بواباً فاستأذنت عليه وأخبرته أنها لم تعرفه، فقال لها صلى الله عليه وسلم: إنما الصبر عند الصدمة الأولى) يعني: الصبر الذي فيه الثواب والأجر هو ما يحصل عند أول المصيبة من موت قريب أو مرض أو مفاجأة بشيء يضر الإنسان يصبر ويحتسب فلا يجزع ولا يتكلم بسوء ولا يفعل ما لا ينبغي عند الصدمة الأولى فيثاب على ذلك، أما إذا فعل ما لا ينبغي ثم صبر بعد ذلك فهذا ما ينفع، الصبر لابد منه، سوف يقع، سوف يتسلى بعد ذلك إذا طالت المدة كصبر البهائم هذا لا ينفع، الصبر الذي فيه الأجر العظيم عند الصدمة الأولى، عند أول ما تنزل به المصيبة من موت أو غيره يتحمل ولا يجزع ولا ينح ولا ينتف شعراً ولا يشق ثوباً ولا يرفع صوته بالنياحة، هكذا يكون الصبر، بل يتحمل ويسأل ربه التوفيق ويقول: إنا لله وإنا إليه راجعون قدر الله وما شاء فعل ولا يجزع، ولا يفعل ما لا ينبغي ولا يقل ما لا ينبغي.

    1.   

    كيفية تحقيق التوكل على الله في كافة شئوننا

    السؤال: تسأل وتقول: أقرأ في القرآن الكثير من الآيات التي تحث على التوكل على الله، أسأل: كيف يكون هذا التوكل في حياتنا، مع رجاء ضرب أمثلة لذلك؟

    الجواب: التوكل من أهم الواجبات على المؤمن، والله يقول سبحانه: وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ [المائدة:23]، ويقول سبحانه: وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [الطلاق:3]، ويقول جل وعلا: وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ [إبراهيم:12]، فالتوكل من أهم العبادات ومن أوجب العبادات وهو التفويض إلى الله والاعتماد عليه والثقة به سبحانه مع تعاطي الأسباب، تعلم أنه مسبب الأسباب وأنه مصرف الأمور وأن كل شيء بيده جل وعلا لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع، هو النافع الضار، هو المعطي المانع.

    ولكنك مع هذا تأخذ بالأسباب، تأخذ بالأسباب التي تفيدك، فتأكل عند الجوع، وتشرب عند الظمأ، وتتزوج، وتكسب الكسب الحلال بالبيع والشراء أو بغير ذلك لا تعطل الأسباب، وأنت مع هذا متوكل على الله، تعلم أنه لن يصيبك إلا ما قدر الله لك وأنك لن تنجح إلا بتوفيقه وتيسيره سبحانه وتعالى فتأخذ بالأسباب وتعمل بالأسباب مع الثقة بالله والاعتماد عليه، فتعالج المريض وأنت متوكل على الله، تعلم أنه هو الذي يشفي المريض، تعالجه تذهب به إلى الطبيب، تفعل ما قال الطبيب من إعطائه دواء أو كيه أو حميته أو ما أشبه ذلك، تبيع وتشتري وأنت متوكل على الله تعلم أنه لن يحصل لك إلا ما كتب الله لك، تؤجر ما عندك من العمارات على من يرغبها منك لتنتفع بالأجرة، تسقي حرثك، تسقي دوابك.. تعلفها حتى تستفيد منها وأنت متوكل على الله في كل شيء، يعني: تأخذ بالأسباب في كل شيء مع الثقة بالله والاعتماد عليه وأنه هو مسبب الأمور ومصرفها وهو النافع الضار المعطي المانع، وأنت إنما تفعل الأسباب المأمور بها.

    كما أنك تسافر إلى حاجات إلى الحج إلى العمرة إلى التجارة أخذاً بالأسباب وأنت تعلم أن الله سبحانه هو المسبب، هو الذي بيده إيصالك إلى الحج وبيده إعانتك على أداء مناسك الحج، وبيده إعانتك على مقاصيد التجارة والرجوع من سفر إلى غير ذلك.

    1.   

    معنى الإحسان والمقصود بالمحسنين

    السؤال: تقول: من هم المحسنون الذين ورد ذكرهم في كثير من الآيات القرآنية، وهل المعنى واحد؟

    الجواب: يقول الله سبحانه وتعالى: وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [البقرة:195]، ويقول جل وعلا: إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ [النحل:128]، فالإحسان: هو أداء الواجبات وترك المحرمات والاجتهاد في أنواع الخير زيادة على ذلك من الصدقة على الفقير ومواساة المحتاج، والإعانة على الخير، وعيادة المريض، الشفاعة في حق المظلوم ونصره، ردع الظالم، تشميت العاطس، رد السلام، البداءة بالسلام، الأمر بالمعروف، النهي عن المنكر، الدعوة إلى الله، تعليم الناس الخير.. هكذا أهل الإحسان هم الذين يؤدون الواجبات وينتهون عن المحرمات ومع ذلك يجتهدون في وجوه الخير وأعمال الخير الذي لا تجب عليهم يجتهدون فيها حتى يستوفوا منها الخير الكثير كما في الحديث يقول صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الإحسان قال: (أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك).

    فالمحسن يعبد الله كأنه يراه كأنه يشاهده فإن لم يستحق هذه الدرجة عمل على أن الله يراقبه وأن الله سبحانه وتعالى يطلع على أعماله وهو يستحضر هذه المشاهدة يستحضرها حتى يكون ذلك أشجع له على فعل الخيرات والمسارعة إلى الطاعات والكف عن المحرمات والعناية بالواجبات.. هكذا المحسن، يحرص على كل خير من واجب ومستحب ويتباعد عن كل شر وعن كل ما ينبغي تركه ولو كان غير محرم.

    1.   

    حكم صيام الحائض وما يشرع لها من عبادات أثناء الحيض

    السؤال: السؤال الأخير الذي تعرضه أختنا تقول فيه: البعض من النساء تصوم في فترة حيضها خاصة في رمضان لجهل أو لغيره، فأرجو من سماحتكم التكرم ببيان ما يحرم على الحائض وما يجب عليها عند انتهاء مدة حيضتها؟ جزاكم الله خيراً.

    الجواب: الحائض لا تصوم ولا يصح منها الصوم صومها باطل ولا يجوز لها نية الصوم، وإذا فعلت ذلك فعليها التوبة إلى الله من ذلك والندم والعزم أن لا تعود في ذلك، وعليها قضاء الأيام التي وقع فيها الحيض من رمضان، عليها أن تقضيها؛ لأن صومها غير صحيح، والحائض عليها إذا رأت الدم أن تدع الصلاة وتدع الصيام، وأن لا يقربها زوجها بالجماع، وأن لا تمس المصحف، وأن لا تطوف إن كانت في مكة لحج أو عمرة حتى تطهر، ومتى طهرت تغتسل غسل الجنابة، تغتسل بالماء في بدنها كله ثم بعد الغسل تباح لزوجها وتصلي مع الناس وتصوم مع الناس؛ لأن الحيض انتهى، كل هذا مما يتعلق بالحائض، وإذا كانت في حج أو عمرة لا تطوف حتى تطهر ولا بأس أن تلبي وتذكر الله وتسبح وتهلل وتقف مع الناس في عرفات، ترمي الجمار.. تقف معهم في مزدلفة ولو كانت حائضاً لكن لا تطوف حتى تطهر.

    واختلف العلماء هل تقرأ أو ما تقرأ؟

    الصواب: أنها لها أن تقرأ عن ظهر قلب، لا تمس المصحف ولكن تقرأ المحفوظ لها عن ظهر قلبها؛ لأن مدتها تطول فعليها مشقة في ترك القراءة وقد تنسى ما حفظت بخلاف الجنب فإنه لا يقرأ حتى يغتسل، الجنب لا يقرأ حتى يغتسل، أما الحائض والنفساء فالصواب أنهما تقرأان لا بأس لكن مما في صدرهما، يعني: عن ظهر قلب لا تقرأان من المصحف، ولو احتاجتا إلى المصحف جاز لها مسه من دون حائل عند مراجعة بعض الآيات يكون في يديها قفازان أو شبه القفازين حتى لا تباشر المصحف وقت طلب الآية أو الآيات التي تحتاج إلى مراجعتها أو تستعين بمن تشاء من أخواتها حتى يراجعن لها المصحف فيما أشكل عليها أو غلطت فيه.

    المقدم: جزاكم الله خيراً.

    سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.

    الشيخ: نرجو ذلك، الله المستعان.

    المقدم: اللهم آمين. مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، شكراً لسماحته.

    وأنتم يا مستمعي الكرام شكراً لحسن متابعتكم وإلى الملتقى وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755803198