إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (213)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    حكم تبرع الرجل لزوجته بالدم وحكم لبس الساعة في اليمين

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

    أيها الإخوة المستمعون! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وحياكم الله في حلقة جديدة من حلقات نور على الدرب.

    في هذه الأمسية المباركة يسرنا أن نعرض ما وردنا من أسئلة واستفسارات على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    ====

    السؤال: الرسالة الأولى في هذه الحلقة وردتنا من السائل عيظة محمد الدعبلي لم يذكر عنواناً، يقول في رسالته: ما حكم الرجل الذي يسعف زوجته بالدم، وما حكم لبس الساعة في اليد اليمنى بالنسبة للرجل؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فإسعاف الرجل لزوجته بالدم ليس فيه محذور، ولا يؤثر في النكاح، وليس مثل الرضاع، فللرجل أن يسعف زوجته وللمرأة أن تسعف زوجها، ولا حرج في ذلك والحمد لله.

    أما لبس الساعة فيجوز في اليمين وفي اليسار، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه تختم في يمينه تارة وفي يساره تارة) وهذا لبيان التوسعة، فالساعة مثل ذلك إذا لبسها في اليمين أو في اليسار فلا بأس.

    1.   

    حكم لعن الرجل زوجته

    السؤال: يسأل أيضاً ويقول: ما حكم لعن الرجل لزوجته، وهل تحرم عليه بذلك أم لا؟

    الجواب: لعن الرجل لامرأته أمر منكر ومن كبائر الذنوب، وهكذا لعنه للناس، فاللعن من الكبائر ولا يجوز للمسلم أن يتعاطى ذلك مع إخوانه المسلمين، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لعن المؤمن كقتله) وهذا يدل على عظم الخطر حتى شبهه بالقتل، فدل ذلك على أنه من كبائر الذنوب، وقال عليه الصلاة والسلام: (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر) متفق على صحته، فدل على أن السباب -وهو اللعن والشتم- من الفسوق يعني: من المعاصي، فوجب تركه والحذر منه، وقال عليه الصلاة والسلام: (إن اللعانين لا يكونون شهداء ولا شفعاء يوم القيامة) وجاء عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء) فلا يجوز للمسلم أن يلعن زوجته، وليس لها أن تلعن زوجها، وليس له أن يلعن أولاده، وليس لها أن تلعن أولادها، وهكذا غيرهم من المسلمين لا يجوز سبهم ولعنهم، ولا تحرم عليه زوجته بذلك، لو أنه لعنها لم تحرم بذلك فزوجته باقية على حلها له، لكنه قد أساء وعليه التوبة إلى الله، وعليه استسماح زوجته مما حصل من لعنها، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

    1.   

    حكم تناول الدخان وحكم من صلى وهو في جيبه

    السؤال: في آخر رسالة الأخ عيظة محمد يقول: ما حكم من صلى بالدخان في جيبه وهو ساه أو متعمد؟

    الجواب: الدخان من المحرمات الضارة بالإنسان، وهو من الخبائث التي حرمها الله عز وجل، وهكذا بقية المسكرات من سائر أنواع الخمور لما فيها من المضرة العظيمة واغتيال العقول، وهكذا القات المعروف في اليمن محرم لما فيه من المضار الكثيرة، وقد نص الكثير من أهل العلم على تحريمه، والدخان فيه خبث كثير، وضرر كثير فلا يجوز شربه ولا بيعه ولا شراؤه ولا التجارة فيه، وقد قال جل وعلا في كتابه العظيم: يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ [المائدة:4] فأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول للناس: أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ [المائدة:4] فلم يحل الله لنا الخبائث، والدخان ليس من الطيبات بل هو خبيث الطعم وخبيث الرائحة.. عظيم الضرر بالإنسان، وهو من أسباب موت السكتة، ومن أسباب أمراض كثيرة فيما ذكر الأطباء منها السرطان.

    فالمقصود: أنه مضر جداً وخبيث وحرام البيع والشراء، وحرام التجارة، أما الصلاة وهو في الجيب فلا يضر الصلاة، فالصلاة صحيحة؛ لأنه شجر ليس بنجس، ولكنه محرم ومنكر كما سبق فلو صلى وهو في جيبه عامداً أو ساهياً فصلاته صحيحة، لكن يجب عليه الحذر منه والتوبة إلى الله مما سلف من تعاطيه، رزق الله المسلمين العافية منه ومن سائر ما يغضبه سبحانه.

    ومما جاء في هذا المعنى قوله سبحانه في وصف النبي صلى الله عليه وسلم: وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ [الأعراف:157] فصرح سبحانه في هذه الآية أن نبينا صلى الله عليه وسلم يحرم علينا الخبائث وهي ضد الطيبات، والطيبات أباحها الله لنا ويسرها لنا فضلاً منه سبحانه وتعالى، والخبائث من الخمور والميتات والخنازير والكلاب وأشباهها مما حرم الله، ومن ذلك الدخان وأشباهه، هذه خبائث حرمها الله على عباده تطهيراً لهم وحماية لهم مما يضرهم، فالحمد لله على ذلك.

    1.   

    أهمية الصلاة وحكم من لم يجد إلا ماءً بارداً لا يستطيع الوضوء به

    السؤال: هذه رسالة وردتنا من السائل محمد السيد أحمد ، من مصر يسكن في العراق يقول في رسالته: أنا أعمل في العراق وأقوم من الصباح ولا أرجع إلا بعد المغرب، ولا يظل عندي وقت لأجل أن أصلي، ومكان الماء بارد جداً ولا أستطيع الوضوء فأؤجل الصلاة، فما الحكم في ذلك؟

    الجواب: الواجب على المسلم أن يتقي الله أينما كان، وأن يذكر أنه موقوف بين يديه سبحانه ومسئول يوم القيامة عما قصر فيه وعما ارتكبه من حرام وعما ضيعه من واجب، والله يقول سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ [لقمان:33] ويقول سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [الحشر:18] والصلاة هي عمود الإسلام، وهي أعظم واجب بعد الشهادتين، فلا يجوز للمسلم أن يضيعها في الوقت من أجل حظه العاجل ودنياه العاجلة.

    فيجب عليك -أيها السائل- أن تصلي الصلوات في أوقاتها، وليس لك تأخيرها من أجل أعمالك الدنيوية، بل عليك أن تصليها حسب الطاقة، فإذا استطعت أن تتوضأ بالماء ووجدت ماءً تستطيع الوضوء به ولو بالتسخين وجب عليك ذلك، فإن لم تجد إلا ماءً قد تناهى في البرودة ولا تستطيع الوضوء به ولا تستطيع تسخينه بالنار فعليك أن تصلي بالتيمم في الوقت وليس لك التأجيل، عليك أن تصلي في الوقت ولو بالتيمم عند العجز عن الماء كالمسافر الذي يكون في البر ليس عنده ماء يتيمم ويصلي.

    أما تأجيل الصلاة من أجل الرفاهية أو من أجل الحظ العاجل من الدنيا والأعمال الدنيوية فهذا منكر عظيم وفساد كبير وخطر عظيم لا يجوز للمسلم فعله أبداً.

    1.   

    حكم مصاحبة ومجالسة الكافر

    السؤال: يقول: يسكن معي واحد مسيحي، ويقول لي: أخي ونحن إخوة، ويأكل معنا ويشرب، هل يجوز هذا العمل أم لا؟

    الجواب: الكافر ليس أخاً للمسلم، الله يقول سبحانه: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [الحجرات:10] ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (المسلم أخو المسلم) فليس الكافر يهودياً أو نصرانياً أو وثنياً أو مجوسياً أو شيوعياً أو غيرهم، ليس أخاً للمسلم، ولا يجوز اتخاذه صاحباً وصديقاً، لكن إذا أكل معكم بعض الأحيان من غير أن تتخذوه صاحباً ولا صديقاً وإنما يصادف أن يأكل معكم، أو في وليمة عامة، أما اتخاذه صاحباً وصديقاً وجليساً وأكيلاً فلا يجوز؛ لأن الله قطع بيننا وبينهم الموالاة والمحبة، قال سبحانه وتعالى في كتابه العظيم: قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ [الممتحنة:4] وقال سبحانه: لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [المجادلة:22] يعني: يحبون وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ [المجادلة:22] الآية، يعني: يحبونهم.

    فالواجب على المسلم البراءة من أهل الشرك وبغضهم في الله، ولكن لا يؤذيهم ولا يضرهم ولا يتعدى عليهم بغير حق، لكن لا يتخذهم أصحاباً ولا أخداناً، ومتى صادف أن أكلوا معه أو أكل معهم في وليمة عامة أو طعام عارض من غير صحبة ولا ولاية ولا مودة فلا بأس.

    1.   

    حكم امتهان القبور وجعلها بساتين وحكم الأكل من ثمار هذه البساتين

    السؤال: الرسالة الثالثة في هذه الحلقة وردتنا من السائلة أحلام زومان إبراهيم من العراق الأنبار، تقول في رسالتها: نحن نسكن في بيت بجوار المقبرة، وقد اندثرت هذه المقبرة منذ زمن طويل يقارب ثلاثين عاماً، وقد أنشئت فوق هذه المقابر حدائق وبساتين وأثمرت الأشجار وأكلنا من ثمارها، فهل يجوز لنا هذا الأكل أم لا؟

    الجواب: المقابر لا يجوز جعلها حدائق ولا بساتين بل يجب احترامها وأن تسور وتصان ولا تمتهن، هذا الواجب على المسلمين أن يصونوا مقابرهم وأن لا يمتهنوها بالسير عليها، أو بسير السيارات عليها، أو الجلوس عليها، أو إلقاء القمامات عليها، أو اتخاذها حدائق، أو ما أشبه ذلك، لكن لو فعل ذلك من لا يبالي بأمر الله فحرثها وأزال آثار القبور واتخذها بساتين فقد أثم وحرم عليه هذا العمل وأساء، لكن ما ينبت فيها من النخيل والأشجار ثمارها حلال لمن أكلها؛ لأن الثمار غير امتهان المقبرة، الثمار في الشجر إنما هي من الماء والأرض والهواء وليس له تعلق بالموتى.

    فالحاصل أن امتهانها واستعمالها حدائق أمر لا يجوز، والواجب حمايتها وتسويرها وصيانتها عما يؤذي الموتى، والمسلم محترم حياً وميتاً، ولا يجوز امتهان قبره بالوطء عليه، ولا الجلوس عليه، ولا البول عليه، ولا إلقاء القمامات عليه، لكن متى فعل ذلك من لا يبالي وأزال آثار القبور واقترف المعصية، ووجد في هذه المحلات أشجار مثمرة فلا نعلم بأساً في أكل الثمرة ولكن يجب أن ينصح هؤلاء وأن يبين لهم أنهم أخطئوا فيما عملوا وأساءوا وأن الواجب بقاؤها مقبرة وإزالة ما فيها من الأذى وصيانتها وتسويرها حتى لا تمتهن، وإزالة ما فيها من الأشجار إذا كانت القبور بحالها لم تنبش.

    وإذا كانت مقبرة مسبلة أو مقبرة قديمة، فالواجب أن تبقى للمقابر، إذا كان فيها بقية يدفن فيها أو نبشت وأزيلت آثار القبور فالواجب أن تبقى مقبرة حتى يدفن فيها من جديد؛ لأن الذين سبلوها قديماً وجعلوها مقبرة يريدون نفع المسلمين بها، فليس لأحد أن يزيل ما فيها من القبور وينتفع بها في حاجة نفسه، اللهم إلا أن يرى أولياء الأمور بالنظر الشرعي أن إزالتها أو استعمال أرضها عند ذهاب القبور وعند ذهاب رفات في القبور وعدم بقاء شيء من الرفات، فإذا أفتى حكام الشرع وعلماء الشرع بذلك لولاة الأمور تنقل المقبرة إلى محل آخر حينئذ، ينظر في مقبرة أخرى للمسلمين بدل هذه المقبرة إذا كانت المصلحة تقتضي ذلك للمسلمين؛ لأنها وقعت بين الأحياء السكنية وضاقت على الناس وتعسر الدفن فيها، أو لأسباب أخرى يراها علماء الشرع وحكام الشريعة، فذلك إلى حكام الشريعة في الإفتاء بجواز استعمال هذه ونبش ما فيها من القبور ونقلها إلى مقابر أخرى بعيدة عن الامتهان وعن الأذى هذا إلى علماء الشرع، أما أن يمتهنها الناس من دون فتوى شرعية ومن دون نبش للقبور بوجه شرعي فذلك لا يجوز ومنكر.

    1.   

    حكم الابتعاد عن المدارس والمجتمعات الفاسدة

    السؤال: هذه رسالة وردتنا من السائل (س. أ. ع) من العراق محافظة ديالي، وهي رسالة طويلة في الحقيقة يضمنها مشكلة يقع فيها كثير من الناس، يقول: أنا شاب مسلم أعبد الله وأريد أن أعمل بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولكن المشكلة هي أنني أعيش في وسط قوم أكثرهم لا يصلون ولا يصومون ولا يتصدقون، ويعملون بالبدع ومحدثات الأمور، ويحلفون بغير الله، وينذرون لغير الله، وبعض الناس يكفر بالله ورسوله باللفظ، وأنا شاب أدرس في المرحلة المتوسطة وأكثر طلابها سيئو الأخلاق لا يفعلون أوامر الله، وتوجد معنا فتيات غير محجبات والمدرسات كذلك، حتى أصبح فعل الشر سهلاً، وارتكاب المحرم ميسوراً، وأمور يطول شرحها، لكن والدي لا يسمح لي بأن أترك الدراسة، وأنا أرغب أن أترك هذه المدرسة وأبتعد عن هذا الجو وأعمل في الزراعة، وأعبد الله بعيداً عن شر الناس، لكن والدي لا يسمح لي بذلك، وأريد أن أسأل، هل يجوز لي ترك المدرسة، وهل يجوز لي السفر من هذه البلاد إلى بلاد أخرى ولو لم يرض والداي، أفيدوني أفادكم الله؟

    الجواب: إذا كان الحال ما ذكره السائل فالواجب عليك ترك هذه المدرسة والحذر من شرها والبعد عنها وعن أهلها حفاظاً على دينك وحذراً على عقيدتك وأخلاقك من هؤلاء السيئين من طلبة وطالبات ومجتمع سيئ، وعليك أن تبذل وسعك في الانتقال إلى مدرسة سليمة، أو إلى بلدة سليمة، أو إلى مزرعة، أو غير ذلك مما تكون فيه بعيداً عن الخطر على دينك وعلى أخلاقك، هذا هو الواجب عليك ولو لم يرض والداك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الطاعة في المعروف) ويقول صلى الله عليه وسلم: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) فالجلوس بين أهل الشر وأهل الشرك وتاركي الصلوات، وبين الفتيات المتبرجات والسافرات فيه الخطر العظيم على العقيدة والأخلاق، فلا يجوز للمسلم البقاء على هذه الحال بل يجب عليه أن يحذر هذا المجتمع، ويبتعد عن هذا المجتمع إلى مجتمع أصلح وأسلم على دينه سواء رضي والداه أم لم يرضيا؛ لأن الطاعة لهما إنما تكون في المعروف لا في المعاصي، والله المستعان!

    1.   

    التحذير من الوساوس عند البول وحكم المذي والمني

    السؤال: هذه رسالة وردتنا من السائل محمد عبد الستار محمد إبراهيم ، مصري الجنسية مقيم في الرياض، يقول: سؤالي هو: أنه ينزل مني بعد البول سائل أبيض اللون مذي، فما حكم وضوئي والطريقة الصحيحة في هذا الوضوء، علماً بأنني أعصر ذكري بعد الاستنجاء، وقد قال لي بعض الإخوة: إن هذا غير صحيح وغير طيب من الناحية الصحية، فكنت أضع ورق مناديل وأنتظر بعض الوقت، ولكن أحياناً أكون في الشارع ويؤذن للصلاة وأكون في حاجة لدخول الحمام للبول لكنني أحبس نفسي وأتوضأ مباشرة وأصلي وأخشى أن تكون هذه الصلاة غير كاملة، فأفيدوني أفادكم الله؟

    الجواب: لا ينبغي التكلف في هذا الأمر، وعصر الذكر فيه خطر عظيم وهو من أسباب السلس، ومن أسباب الوساوس، ولكن متى خرج البول تستنجي والحمد لله، أو تستجمر الاستجمار الشرعي، أما عصر الذكر والحرص على محاولة أن يخرج شيء هذا غلط ولا يجوز، وهو من أسباب الابتداء بالوسوسة وسلس البول، فينبغي لك أن تحذر هذا، متى انقطع البول تستنجي بالماء أو تستجمر بالحجارة ونحوها ثلاث مرات فأكثر حتى يزول الأذى ويكفي.

    وما يخرج من الماء الأبيض بعد البول وهو المذي أو الودي كله في حكم البول سواءً كان مذياً أو ودياً تستنجي منه، لكن إذا كان مذياً وهو الذي يخرج بأسباب الشهوة، عند تحرك الشهوة يكون مذي وهو ماء لزج معروف، فهذا تغسل معه الذكر والأنثيين جميعاً، تغسل الذكر والأنثيين كماء جاءت به السنة، أما الماء الأبيض غير المذي وهو الودي فهذا حكمه حكم البول، تغسل أطراف الذكر الذي أصابه البول ويكفي كذلك والحمد لله.

    ولكن نحذرك بأن تبتعد عن عصر الذكر؛ لأن هذا يسبب مشاكل يسبب السلسل ويسبب الوساوس، تترك هذا ولا تعود إليه إن شاء الله.

    1.   

    حكم من قال لزوجته: (أنت طالق) ثلاث مرات دون تخلل رجعة

    السؤال: هذه رسالة وردتنا من السائل (أ. أ. س) من سوهاج جمهورية مصر العربية، يقول: قد حلفت على زوجتي بالطلاق، وصيغته: أنت طالق ثلاث مرات، أي: كررت: أنت طالق.. أنت طالق.. أنت طالق، من مدة أربع سنوات تقريباً، وبعد ذلك أنجبت منها طفلين بعد الطفل الذي كانت تحمله، يعني: ثلاثة أطفال حتى الآن؛ لأن الموضوع الذي أثار شعوري إلى الغضب والحلف وكان في نيتي أنه طلقة واحدة، كل ذلك علماً بأنني سألت قبل رد اليمين فأفتوني بأنه طلاق بدعة؛ لأنها كانت حاملاً، وآخر قال: إنه طلاق رجعة، عند ذلك أرجعت زوجتي بشهادة اثنين ومهر قليل جديد وعاشت معي حتى الآن، ولكنني سمعت فتوى من إذاعة المملكة العربية السعودية برنامج نور على الدرب فتوقفت عن مباشرة زوجتي حتى تفتوني فيما حصل بارك الله فيكم؟

    الجواب: إذا كنت أردت بهذا التكرار التأكيد وأنك ما أردت إلا واحدة حين قلت لها: أنت طالق.. أنت طالق.. أنت طالق إنما أردت واحدة وهي الأولى، وكررت ذلك للتأكيد فإنه لا يقع إلا واحدة. وزوجتك تكون معك على حل النكاح ولا حرج عليك إن شاء الله في ذلك.

    أما إذا كنت أردت إيقاع الثلاث تقع الثلاث، إذا كانت في ذاك الوقت حاملاً كما قلت فإن الطلاق يقع، طلاق الحامل ليس بدعة بل هو شرعي، وإنما البدعة طلاق الحائض، طلاق النفساء وطلاق المرأة في طهر جامعها فيه وهي غير حبلى أو لم يتبين حملها هذا هو البدعة، أما طلاق الحامل فليس بدعة، وهكذا طلاق المرأة في طهر لم يجامعها زوجها فيه ليس بدعة.

    فالمقصود: أنك إذا كنت أردت التأكيد ما أردت إلا واحدة فلا ينبغي لك الوساوس وزوجتك حلال لك، والواقع واحدة، الواقع طلقة واحدة؛ لأن الأعمال بالنيات، فما دمت نويت طلقة واحدة وكررتها للتأكيد فإنه لا يقع إلا واحدة، والحمد لله.

    1.   

    حكم استعمال حبوب منع الحمل

    السؤال: هذه رسالة وردتنا من غانا، من سائلة سمت نفسها بابة يندي تقول: أصحاب الفضيلة حفظكم الله تعالى وجزاكم الله خير! لكنني سمعت في إحدى حلقات البرنامج عن جواز استعمال الحبوب الذي يمنع الحمل، سمعت هذه الإجابة مرتين، مرة سأل عنها واحد مهندس مصري الجنسية ويقولون: إنه يجوز استعمال الحبوب منع الحمل، بالرغم أنني لا أعلم ولا أسمع دليلاً بجواز ذلك من القرآن والسنة ولا أقوال جمهور العلماء، وأنتم تعلمون أن هذه من أعمال النصارى والكفار؛ لأنهم هم الذين صنعوها وأرسلوها إلى المسلمين ليقللوا أولاد المسلمين، والرسول صلى الله عليه وسلم حضنا على كثرة الولد في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بالباءة وينهى عن التبتل) ويقول: (تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة) رواه أحمد ، أفتونا أفادكم الله؟

    الجواب: قد أحسنت بارك الله فيك، ولا شك أن استعمال الحبوب من المسلمين لمنع الأولاد لا شك أنه من الدعاية العظيمة للنصارى، فالنصارى يدعون إلى هذا الأمر لتقليل أولاد المسلمين، ولكن ليس كل ما يدعون إليه يكون محرماً، فإذا دعوا إلى شيء أباحه الشرع فدعوتهم لا تضرنا، وإذا دعوا إلى شيء حرمه الشرع فالواجب تركه، وإذا دعوا إلى شيء أباحه الشرع فلا بأس.

    فالحبوب فيها تفصيل: فإذا دعت إليها الحاجة؛ لأن المرأة مريضة لا تتحمل الحمل، أو مصابة في رحمها بشيء يضرها الحمل، أو يسبب موتها وقتلها فلا بأس بترك الحمل، ولا بأس بتعاطي الحبوب المانعة من الحمل، وهكذا إذا كانت كثيرة الأولاد، قد كثروا وتتابعوا عليها ويشق عليها التربية لهم لكثرتهم، فإنها يجوز لها أن تتعاطى الحبوب بإذن زوجها لمدة يسيرة كالسنة والسنتين أيام الرضاعة، حتى يخف عليها الأمر ويسهل عليها القيام بالتربية، والدليل على ذلك ما ثبت في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أذن في العزل، قال جابر رضي الله عنه: كنا نعزل والقرآن ينزل، ولو كان شيئاً ينهى عنه لنهانا عنه القرآن. متفق على صحته، وفق الله الجميع.

    المقدم: بارك الله فيكم وجزاكم الله خيراً.

    بهذا أيها الإخوة المستمعون نأتي إلى ختام هذه الحلقة والتي عرضنا فيها رسائل عيظة محمد الدعبلي، ومحمد السيد أحمد مصري يعمل بالعراق، والمرسلة أحلام زومان إبراهيم من العراق الأنبار، ورسالة (س. أ. ع) من العراق محافظة ديالي، ورسالة محمد عبد الستار محمد إبراهيم ، مصري مقيم بالرياض، ورسالة (أ. أ. س) من سوهاد جمهورية مصر العربية، وأخيراً رسالة المرسلة: بابة يندي من غانا.

    نشكر سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز على إجاباته، ونشكر لكم حسن متابعتكم، ولكم تحية من الزميل فهد العثمان من الهندسة الإذاعية، وإلى أن نلتقي بكم على خير إن شاء الله نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755947790