إسلام ويب

العدو الدائم حقائق ووثائقللشيخ : إبراهيم الفارس

  •  التفريغ النصي الكامل
  • ليس هناك أمة من الأمم تعادي أمة الإسلام كاليهود، والتاريخ شاهد على ذلك، فهم ناقضو العهود والمواثيق، وهم عبدة العجل وقتلة الأنبياء كما شهد بذلك القرآن الكريم. فاليهود هم العدو الدائم والمستمر للإسلام والمسلمين، وهذه العداوة لن تنتهي بمعاهدات ولا باتفاقات، بل ستبقى دائمة، ولن يوقف زحفهم ومكرهم وكيدهم إلا القوة وجمع الكلمة.

    1.   

    عرض تاريخي لبعض مراحل اليهود

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد الأمين، وعلى آله، وأصحابه، ومن سار على نهجه واقتفى أثره إلى يوم الدين..

    حديثنا في هذا اللقاء سيكون عن عدو، وهذا العدو تميز بميزة أساسية هي الدوام والاستمرار، وقد يخطر على البال أنه العدو الدائم إبليس أو الشيطان، وهذا يوصف بهذا الوصف فهو عدو دائم مستمر، وعدو لصيق للجميع بلا استثناء.. ولكن الحديث لن يتطرق إلى هذا النوع من الأعداء، بل سيكون عن عدو يسمع به الكثير في هذه الأيام:

    إنهم اليهود.

    نسمع كثيراً عن كلمة السلام الدائم مع اليهود ، فعندما نأتي بكلمة العدو الدائم نجد أن هذه الكلمة تضاد هذه الكلمة بشكل كلي، فأيهما أولى بالأخذ؟ وأيهما أولى بالصواب؟

    هذا ما ستتحدث عنه الحقائق، وما ستطرقه الوثائق التي سأشير إلى بعض منها، مع ملاحظة أن الحديث عن هذا العدو الدائم حديث طويل ويحتاج إلى عرض متواصل؛ لأن العرض الموجز والقصير قد لا يعطي الموضوع حقه، وحسبي أنني سأشير إلى بعض الوثائق، وسأعرض لبعض الحقائق فقط، وأحاول أن أنتقي منها ما يهم، وما يفهم، وما يُعرف عند البعض.

    أقول وبالله التوفيق: إن موضوع هذه المحاضرة سيشتمل على وقفات: الوقفة الأولى أستطيع أن أسميها مقدمة، أو تمهيد، أو تقعيد، أو قاعدة لما سأشير إليه بعد ذلك، ثم الوقفة التي تليها وقفة متعلقة ببعض الحقائق والوثائق عن هذا العدو، ثم بعد ذلك أختم بقصيدة جميلة كتبها أحد الطلاب وهي من القصائد التي ربما لم تُسمع قبل ذلك باعتبار أنها جديدة.

    فأقول أيها الأحبة الكرام! فيما يتعلق بالتمهيد: لكي نفقه ونفهم الحديث عن هذا العدو لا بد أن نفقه جذوره، وأسسه وأصوله، وهذا أمر تاريخي متشعب الأركان، وبالتالي لا يمكن أن نستعرضه مفصلاً، إنما سأعطي لمحات.

    إن إبراهيم عليه السلام عندما جاء من منطقة حران في العراق إلى الشام بعد أن نجاه الله من النمرود تناسل أبناؤه، وكان حفيده يعقوب عليه السلام ممن استقر في فلسطين، ويعقوب عليه السلام رُزق بأبناء، ومن هؤلاء الأبناء يوسف عليه السلام الذي حقد عليه إخوته، ثم أُلقي في الجب -في البئر- ثم انتقل إلى مصر عبداً رقيقاً، ثم تطور به الأمر إلى أن صار ملكاً حاكماً، ثم بعد ذلك جلب أباه وإخوته إلى مصر، وتملك مصر وتناسل إخوته وأبناؤه وكونوا تجمعاً قوياً في مصر، وكان الحكم بأيديهم، ثم زالت دولتهم وضعف شأنهم وعاد الملك مرة أخرى إلى الفراعنة.

    وهؤلاء الفراعنة كانوا يحسدون يوسف ويحسدون إخوة يوسف، فقلبوا ظهر المجن لهم وكانت النتيجة أن استعبدوهم، فصار الفراعنة يقتلون أبناءهم ويستحيون نساءهم وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ [البقرة:49] واستمر الأمر على هذا المنوال، وبنو إسرائيل يعيشون في ذلة وفي مهانة إلى أن استنقذهم الله سبحانه وتعالى ببعثة موسى عليه السلام.

    وعندما بُعث موسى إليهم دعاهم أولاً قبل أن يدعو الفراعنة، وطلب منهم أن يعودوا إلى الله سبحانه وتعالى، فهل يا ترى استقبلوا هذا المنقذ الذي أراد أن ينقذهم من وهدة الذلة والمهانة إلى قمة العزة والنصر؟ لقد جابهوه مجابهة غريبة وعجيبة، ثم اتجه موسى بعد ذلك إلى دعوة فرعون، ولكن النتيجة كانت السخرية والاستهزاء، ونتج عن ذلك خروج موسى عليه السلام من مصر ومعه بنو إسرائيل، وهلك فرعون وملأ فرعون وجميع من معه من جنده في البحر.

    وذهب موسى متجهاً إلى منطقة الشام متجاوزاً صحراء سيناء، وعندما خرج هؤلاء القوم إذا بهم يقابلون قبيلة من البدو الرحّل في سيناء، وكان هؤلاء البدو يعكفون على أصنام لهم يسجدون لها ويخضعون، ويستنجدون ويستغيثون بها، فبنو إسرائيل عندما رأوا نجاتهم وهلك عدوهم ورأوا الآية العظمى التي جاءت مع موسى -العصا- ورأوا أثرها في فلق البحر وجعله يبساً، ثم هلاك فرعون أمام أعينهم لم يسجدوا لله شكراً وتذللاً، بل قالوا له: اجْعَل لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ [الأعراف:138] وكأنهم لا رب لهم، ولا إله لهم، ولا خالق ولا معبود فيطلبون من موسى المخلوق الضعيف أن يجعل لهم إلهاً وأن يوجد لهم رباً، فعاتبهم موسى وصبر عليهم.

    ثم اتجه بهم ووعدهم بنصر عظيم وخير عميم في فلسطين، ولكن هناك عقبة كئود موجودة أمامهم، وهي مدينة من مدن الجبارين، وهذه المدينة كما ذكر بعض العلماء هي مدينة أريحا الآن، فلكي يتجاوز هؤلاء القوم هذه المنطقة إلى وسط فلسطين لا بد من اجتياز منطقة أريحا، فماذا قالوا له؟ هل قالوا له: هلم لنقاتلهم، ومن يُقتل منا فهو شهيد ومن يبق فهو منتصر؟ لا، وإنما قالوا: فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ [المائدة:24] وهذه غاية في الذلة من هؤلاء القوم.

    فكانت النتيجة أن حكم الله عليهم بالتيه أربعين عاماً يتيهون في صحراء سيناء، كانوا ينامون في الليل في الصحراء، فإذا استيقظوا قالوا هذا الطريق فيتجهون معه، فإذا ناموا واستيقظوا ضاعت معالم طريقهم؛ لأن المنطقة صحراوية والرياح شديدة فتضيع المعالم وتضيع الآثار، فيعودون من نفس الطريق الذي جاءوا منه، فصاروا يدورون في هذه المنطقة أربعين سنة. فعاشوا عقاباً في مصر بذلة الفراعنة وإهانتهم لهم، وعاشوا شظف عيش عجيب في صحراء سيناء، فهل هذه التربية القاسية أعطتهم دروساً وعبراً في الرجوع إلى الله؟ أم جعلتهم يزدادون عتواً ونفوراً؟ هذا ما سنعرفه بعد قليل.

    1.   

    تحريف اليهود للتوراة

    انتهى التيه ودخلوا أرض فلسطين، وعندما دخلوها وجدوا رزقاً لم يكونوا يحلمون به، ونعيماً لم يكونوا يتصورونه، وملكاً في أيديهم يتصرفون فيه كيفما شاءوا. خرجوا من فقر وذلة ومهانة، وشظف عيش فوجدوا كل شيء تحت أيديهم، ولكنهم وجدوا التوراة أمامهم تقول لهم: لا تسرقوا، وتقول لهم: لا تخونوا، وتقول لهم: خذوا كل شيء بحقه، ولا تأخذوا أموال الناس بالباطل.. وغير ذلك من الأوامر والنواهي فيما يتعلق بجمع المال، لكنهم يريدون جمع المال بأي صورة وبأسرع وقت، فماذا يصنعون يا ترى؟ هل يطيعون التوراة التي هي أوامر من الله؟ أم يغفلون النظر عنها ويجمعون المال حتى يكونوا أغنياء بأقصى سرعة؟

    تأرجحت لديهم هذه المسألة وتلك، فكانت النتيجة أن قر قرارهم على رد نصوص التوراة، فجاءوا إلى نصوص التوراة التي تحرم عليهم السرقة والاغتصاب، والأخذ بغير حق.. إلى آخره فحذفوها من التوراة، فكان المظلوم إذا جاء إليهم يقول: هذا حرام عليكم، قالوا: من أين علمت أن هذا الأمر حرام؟ فإن التوراة لا تحرم ذلك، أثبت لنا نصاً من التوراة يُحرّم أن أخذ المال من فلان أو فلان حرام.

    هذا الأمر تحدث عنه بعض علماء الملل والنحل، عندما تحدثوا عن أسباب تحريف اليهود للتوراة، ومعلوم أن اليهود والنصارى أوكل الله سبحانه وتعالى لهم حفظ كتبهم، فلم يراعوا الأمانة فحرفوا وبدلوا.

    أما القرآن فإن الله تكفّل بحفظه، كما قال عز وجل: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:9] ولذلك تعرّض القرآن الكريم لهجمات من التحريف والتأويل والتغيير أضعاف ما تعرض له الإنجيل وقبله التوراة، ومع ذلك بقي كما أنزل لم يُغير منه حرف واحد، بل ولا حتى علامة إعرابية؛ لأن الله تكفّل بحفظه.

    فأقول هذه النظرية تقول: بأن هؤلاء الذين ظُلموا صاروا يأتون من ظلمهم ويذكرونهم بأحوال الأنبياء وما كانوا عليه من طهر، وأنفة، وعزة، وخلق، ودين، وتقى، وورع، فغاظ هؤلاء الذين يجمعون المال من غير حله أن يسمعوا هذه السير، فذهبوا إلى سير هؤلاء الأنبياء وحرّفوها وغيّروها فذاك نبي زان! بل وزان ببناته! وذاك نبي يسرق! وذاك نبي يقتل! وذاك نبي يعبد الأصنام! وذاك نبي يعتدي على العرض! وذاك نبي يفعل ويفعل! ولم يبقوا نبياً إلا ووصفوه بأوصاف يتنزه عنها كثير من البشر، فصار المظلوم لا يجد مجالاً للتذكير بالأنبياء؛ لأنهم إذا ذُكِّروا بالأنبياء قالوا: أي أنبياء؟ هؤلاء أردى منا! نحن نأخذ مبلغ كذا وكذا والأنبياء انظروا ماذا يفعلون.

    بل ويقولون: انظروا إلى لوط كيف زنا ببناته! ففي التوراة نص أن لوطاً زنا ببناته! هذا مذكور عندهم بشكل صريح، بل ورزق بأبناء من هؤلاء البنات!

    لكن لم يسكت هؤلاء المظلومون على مر الزمن وتوالي العصور، بل جاءوا يخاطبون الذين ظلموهم: إن هناك آخرة، وهناك جنة، وهناك ناراً، وهناك حساباً، وهناك عقاباً، وهناك أعمالاً توزن، وهناك صحفاً تتطاير، وهناك أهوالاً يوم القيامة، وهناك عذاب قبر، وهناك سوء خاتمة، فأخذ هؤلاء التوراة وحذفوا منها كل ما يمت إلى الآخرة بصلة، ولذلك تجد التوراة عندما تقرأها من أولها إلى آخرها لا تجد فيها نصاً يتحدث عن جنة أو عن نار أو عن آخرة أو عن عذاب أو حساب أبداً؛ لأنها حذفت، وحُرِّفت وغُيِّرت وبُدِّلت.

    فلم يسكت هؤلاء المظلومون بل صاروا يأتون هؤلاء الظلمة ويذكرونهم بالله، ويخوفونهم من عقابه، فلم يسكت هؤلاء بل ذهبوا إلى صفات الله في التوراة وأرادوا حذفها، ولكنها كثيرة ومتعددة ولا يمكن أن تُحذف، فحرَّفوها وغيروها وبدلوها، فوصفوا الله سبحانه وتعالى في التوراة بأوصاف يتنزه أخس الناس عنها.

    والله سبحانه وتعالى ذكر لنا شيئاً من ذلك عندما قال: وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا [المائدة:64] وقال: لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ [آل عمران:181] وذكروا أوصافاً منها: أنه حزن على إغراق قوم نوح، وأنه ندم وبكى على إغراقهم، حتى رمدت عيناه. وأنه تعب أثناء الخلق، وارتاح واضعاً قدماً على قدم وذكروا كلمات يقشعر الجلد من سماعها، لكنها موجودة في التوراة. فعاش اليهود هذه الفترة بهذه الكيفية.. يجمعون المال بأي صورة وبأي كيفية. هذه هي الوقفة الأساسية في هذه المقدمة.

    1.   

    موقف اليهود من أركان الإيمان الستة

    موقف اليهود من الإيمان بالله

    الوقفة الثانية: موقف اليهود من أركان الإيمان الستة:

    أولاً: موقفهم من الإيمان بالله:

    سبق أنهم يصفون الله سبحانه وتعالى بأوصاف يتنزه عنها البشر، ولم يكفهم هذا بل هم ممن يعبد كل شيء إلا الله سبحانه وتعالى، وأول دليل: عبادتهم للعجل، فهم عندما خرجوا من مصر خرجوا وهم أذلة مغلوبون في نفس الوقت، والفراعنة كانوا يقدسون عجلاً مشهوراً لديهم يُدعى عجل أبيس، وعندما مات أبيس أقيمت له جنازة أسطورية لا تشابهها جنازة أي فرعون من فراعنة مصر كما تذكر ذلك كتب التاريخ، هذا العجل أبيس له معبد ضخم جداً في ذاك الزمان ربما اندثر الآن، لكن هذا العجل كان مقدساً في قلوب الفراعنة، وبالتالي في قلوب اليهود.

    وعندما ذهبوا إلى صحراء سيناء وعاشوا فترة التيه ذهب موسى عليه السلام لموعد ربه، وليتلقى وحياً من ربه سبحانه وتعالى، فاستغل السامري هذا الفراغ بالرغم من وجود هارون، فجمع ذهباً وصنع منه عجلاً، وجعله إلهاً لهم. هذا العجل شبيه تماماً بعجل أبيس الذي مات في مصر، والله سبحانه وتعالى دلل على شدة ارتباط اليهود بالعجل بقوله: وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ [البقرة:93] فكلمة أشربوا من الشرب وهو هنا الارتواء، فكأن قلوبهم امتلأت وارتوت من محبة وعبادة العجل.

    إن العجل الذي عبده اليهود قبل آلاف السنين لا زال يُعبد إلى الآن، فاليهود الآن يعلقون سلاسل في رقابهم فيها العجل، بل ومن شعارات الماسونية التي هي وليدة اليهودية والصهيونية من شعاراتها العجل والحية.

    إذاً: لا زال العجل موجوداً في قلوبهم إلى هذا الزمان، وعبادة العجل عندهم باقية ومستمرة، فهم يعبدون أشياء كثيرة ما خلا الله سبحانه وتعالى فلا يعبدونه.

    من الأشياء التي يعبدونها كذلك الحية؛ تخليداً لمعجزة موسى عليه السلام، فهم يخلدونها، طبعاً لا زالوا كذلك يلبسونها على شكل أساور، ولكن وللأسف الشديد أن هذا أمر واقع عندنا في أسواق الذهب، فهناك أساور على شكل حية! وخواتم على شكل حية، وهذه تقديس لحية موسى. ومعلوم معروف أن غالب مصانع الذهب والفضة العالمية في أيدي اليهود إلى هذا الزمان، بل ومن العجائب كذلك في أصفهان في إيران أن هناك قرية تسمى اليهودية، وقرية أصفهان متميزة بغناها، ومتميزة بوجود فئة من اليهود أغنياء، هؤلاء اليهود يتحكمون في شيئين اثنين في منطقة أصفهان: في السجاد العجمي غالي الثمن، وفي صياغة الذهب. وبالتالي تجد أن الذهب وصياغته بأيديهم، ولذلك غالب مصانع الذهب في أمريكا وفي إيطاليا بأيدي اليهود، فهم الذين يصنعون هذه الحيات على شكل أساور أو خواتم أو قلائد أو غير ذلك، لكن تنطلي علينا هذه القضايا نتيجة لجهلنا.

    من الأشياء التي عبدها هؤلاء القوم بعل، وهو صنم موجود في منطقة بعلبك في سهل البقاع في لبنان، وبك معبد بلغة الكنعانيين، وبعل اسم الصنم، والله سبحانه وتعالى بين ذلك بقوله: أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ [الصافات:125] فالكنعانيون كانت لهم قوة وتأثير على اليهود، وبالتالي أعجبوا بصنمهم فعبدوه، ولا زالت طوائف من اليهود إلى الآن تزور منطقة بعلبك تقديساً لهذا الصنم، بالرغم أنه ليس موجوداً، لكن تقديساً للمنطقة التي كان فيها صنم يُعبد من قبل آبائهم وأجدادهم.

    وعبدوا عزيراً كذلك، وقالوا: إن عزيراً ابن الله. وعبدوا أشياء كثيرة غير هذا.

    موقف اليهود من الملائكة

    أما موقفهم من الملائكة فإنهم يبغضونهم ويكرهونهم، يقول تعالى: مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ [البقرة:98] وهم اليهود، ولذلك عندما أخبرهم الرسول صلى الله عليه وسلم أن الذي يأتيه بالوحي جبريل قالوا له: ذاك عدونا من الملائكة؛ فهم لا يحبون الملائكة.

    موقف اليهود من الرسل

    أما الرسل فهم لا يؤمنون إلا بموسى، ومع إيمانهم بموسى إلا أنهم كانوا يبغضونه، وكانوا يتحدونه، وكانوا يسخرون منه، فمثلاً قالوا له: فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا [المائدة:24] قالوها سخرية، وقالوا له: أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً [النساء:153] وقالوا له: اجْعَل لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ [الأعراف:138]، فما اقتنعوا بالأشياء التي جاء بها.

    فهؤلاء القوم إيمانهم بالأنبياء ضعيف، وهناك آيات كثيرة توضح كيف يتعاملون مع الأنبياء، قال تعالى: فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ [البقرة:87] يعني: مجموعة أنبياء، فقتل زكريا ويحيى، وحاولوا قتل عيسى. وقتلوا أنبياء عدة. وهؤلاء هم أنبيائهم ومع ذلك يقتلونهم.

    والرسول صلى الله عليه وسلم كم من مرة حاولوا قتله والقضاء عليه؟ ولكن الله سبحانه وتعالى قال له: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ [المائدة:67].

    موقف اليهود من اليوم الآخر ومن الإيمان بالقضاء والقدر

    وأما حالهم مع اليوم الآخر فهم لا يؤمنون به كما أشرنا، أما موقفهم من القضاء والقدر فهم جملة لا يؤمنون بالقدر إلا بنطاق معين، فعندهم أن كل إنسان له اختياره الكامل بدون أي ارتباط بالله سبحانه وتعالى، فليس لله أي إرادة أو مشيئة في ذلك.

    1.   

    الكتب المقدسة عند اليهود

    الكتب المقدسة عند اليهود تتمثل في كتابين اثنين: الكتاب الأول هو العهد القديم، والكتاب الثاني هو التلمود.

    والكتاب الموجود عند النصارى ينقسم إلى قسمين: العهد القديم، ويشمل التوراة وأسفار الأنبياء، والعهد الجديد خاص بالنصارى ويشمل الأناجيل الأربعة وأعمال الرسل.

    أما العهد القديم فهو الذي يختص باليهود، فاليهود لا يؤمنون بالعهد الجديد؛ لأنهم لا يؤمنون أصلاً بعيسى، فالعهد القديم يتكون من شقين: الشق الصغير هو التوراة، وهي التي أنزلت على موسى، والشق الأعظم والأكبر هو أسفار الأنبياء.

    أما التوراة فتنقسم إلى خمسة أقسام: سفر التكوين، ويتحدث عن تكوين الخليقة إلى وفاة يوسف عليه السلام، وسفر الخروج ويتحدث من عهد يوسف إلى خروج موسى من مصر، وسفر الأحبار أو اللاويين وهو سفر فقهي، وسفر العدد وهو سفر تاريخي يذكر أخبار بني إسرائيل بالعدد، وسفر التثنية يذكر أحكاماً تفصيلة لم تذكر أو لم يشر إليها في سفر الأحبار..

    لكن الناظر في التوراة سيجد فيها نقاط من التحريف لا حصر لها.. وهي عجيبة جداً بل ومضحكة، بل ومن تمعن فيها من نفس القوم علم أنها محرّفة، وأنها مغيّرة تغييراً جذرياً أو كلياً.

    أما أسفار الأنبياء فهي الأكبر؛ وهي الوحي الذي يقولون: إنه أنزل على الأنبياء من بعد موسى إلى وقت عيسى، وتنقسم إلى ثلاثة أقسام: تاريخ ويشمل -مثلاً- سفر الملوك الأول، وسفر الملوك الثاني، والثالث، والرابع، وسفر أخبار الأيام الأول، وسفر أخبار الأيام الثاني، وأخبار الأيام الثالث، وأخبار الأيام الرابع، وسفر القضاة كلها أخبار تاريخية، وكأنك تأتي بكتاب البداية والنهاية وتضمه مع القرآن، وتقول: هذا الكتاب المقدس، فهي أخبار تاريخية تتحدث عن المعارك وما الذي حصل فيها؟ ومن قتل فيها؟ وكيف قتلوا؟ وكم عدد الذين قتلوا؟ وكيف كانت الحرب؟ وسفر القضاة يتحدث عن القاضي فلان، وكيف حكم؟ وماذا حكم؟ وما القضايا التي حكم فيها؟

    أما النوع الثاني فهي أسفار تشريع، والنوع الثالث أسفار نبوءات.

    أما أسفار التشريع فبعضها مثل سفر يوشع بن نون الذي جاء من بعد موسى، وسفر المزامير وهو سفر الزبور، وسفر كتاب سليمان عليه السلام، لكن بعضها غريب جداً، كسفر الأمثال، فقد جمّعوا فيه كل الأمثال الموجودة عند اليهود وضموها إلى الكتاب المقدس، وأعطوه طابع القدسية، وهناك سفر اسمه سفر الإنشاد.. وهو أناشيد، فمثلاً ينشد الأطفال أيام الأعياد وأيام الأفراح، فهم أتوا بالأناشيد وأعطوها طابع القدسية.

    فتلحظ الآن كتاباً مقدّساً، لكن إذا تمعنت فيه ستجد العجب! بل والأعجب من ذلك كله سفر يسمى سفر أستير، وأستير هذه امرأة كانت بغياً، وكانت متميزة بجمالها وذكائها، وكانت من سبي بابل، أو من النساء اللاتي ولدن في بابل بعد سبي بختنصر ليهود فلسطين؛ هذه المرأة أحبها أحد ملوك العراق، فملكت عليه قلبه وشغفت لبه حتى توصل الأمر في النهاية إلى أن أطلق يد اليهود في مقدرات الحكومة في ذاك الزمان، فبدل أن كانوا في الذلة صاروا في العزة والملك، وفُتح لهم المجال للرجوع إلى فلسطين، لذلك قدّس اليهود هذه المرأة؛ وهذا أمر قد لا يلامون فيه، لكن الغريب في التقديس ليس هذا، الغريب أنهم ركزوا على حياتها الخاصة مع الملك، فكانوا يذكرون قصصاً غرامية ووقائع فراشية متعلقة بفراش الملك، وأمور يندى الجبين عندما يذكرها الشخص أمام أولاده، ولذلك قال أحمد ديدات عندما حدّث جيم سويدرت قال له: إن في كتابكم لقصصاً ولكلاماً مقدساً أستحي أن أقرأه على بناتي، فاستغرب سويدرت هذا وقال: أين هذا؟ قال: اقرأ رقم كذا وكذا وكذا! من سفر أستير ، فطأطأ سويدرت رأسه وأقر بالهزيمة في هذا الموقف بالذات.

    أما القسم الثالث فهو النبوءات، والنبوءات أيها الأحبة هي نبوءات مستقبلية، ولكن اليهود كانوا حريصين حرصاً شديداً على هذه النبوءات، فاستطاعوا حذف كل ما يتعلق منها بالمسلمين؛ لأنها تنبئ اليهود ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم، لكن النبوءات نوعان: هناك نبوءات صريحة، وهذه الصريحة حُذفت، وهناك نبوءات ليست بصريحة، من ذلك نبوءة في سفر أشعيا، تقول هذه النبوءة: إن نور الله شع من سيناء، وظهر من ساعير، وعمّ الأرض من فاران.

    فهم لا يعرفون ما فاران هذه! فعندما جاء من يشرح الكتاب المقدس بيّن أن فاران هذه هي جبال مكة، وساعير هي الناصرة التي كان يسكنها عيسى عليه السلام، وسيناء معروفة؛ إذاً نور الله أي وحي الله، ظهر في سيناء ببعثة موسى، وشعّ ببعثة عيسى في الناصرة، وعمّ الأرض ببعثة محمد في جبال مكة، فلو كانوا يعلمون تفسير ذلك لحذفوه، لكنهم لا يعلمون.

    ومن أشهر هذه النبوءات نبوءة حزقيال ونبوءة دانيال، ونبوءة أشعيا، ونبوءة أرميا، وبعض هذه النبوءات من تمعن فيها رأى فيها دلالات على نبوءة الرسول صلى الله عليه وسلم.

    أما الكتاب المشهور الثاني عندهم فهو التلمود، والتلمود ظهر وأنشئ قريباً من سنة (200 ميلادية)، وأول من أبرزه رجل يُدعى يهوداهانتي ، وهو أول من بدأ في تأليفه، وهو عبارة عن كلام علماء اليهود، فكلام علماء اليهود وحاخاماتهم هو أصل التلمود، ثم بعد ذلك بدءوا يأخذون هذا الكلام ويشرحونه ويطورونه ويكبرونه حتى وصل الأمر إلى أن يكون اثني عشر مجلداً من النوع الكبير جداً، وأعطوا هذا الكتاب طابع القدسية التي سطروها على صفحة الكتاب الأولى بقولهم: إن كلام الحاخامات لا يمكن أن ينقض ولو بأمر من الله! بمعنى أن هذا الكلام يأخذ طابع القدسية! ولذلك فاليهود يقدسون التلمود أكثر من التوراة.

    والتلمود الآن سري لا يمكن أن تطلع عليه، فلا يوجد منه إلا نسخ بسيطة جداً في مكتبات مشهورة في العالم، هذه المكتبات عليها حراسة، أو بمعنى أدق في غرف مغلقة كأنها خزائن ذهب؛ لأنه يحتوي -أي: التلمود- على نصوص تُعادي النصارى بالذات، وتعادي المسلمين بطريقة غير مباشرة، بمعنى: أن من خالف اليهود يُفعل به ويُفعل، أما النصارى فيخاطبونهم بالاسم وبالنص، ولذلك يخاف اليهود من إظهاره حتى لا ينقلب عليهم النصارى، فيكتسب طابع السرية المطلقة.

    1.   

    اليهود العدو الدائم

    عندما تأخذ القرآن الكريم وتبدأ في إخراج الآيات التي تتحدث عن الديانات المختلفة ستجد أن هناك أمراً غريباً! لو أخذت مثلاً اليهود، النصارى، المجوس، الوثنية، الصابئة، ثم أخذت كل ديانة ووضعت تحتها الآيات التي تتعلق بها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، ثم جئت في النهاية إلى عمل إحصائية، فاليهود عددهم الآن عشرون مليوناً، والنصارى ملياران، فالآيات التي تتحدث عن النصارى تتناسب مع عددهم، لكن سترى هناك مفارقة عجيبة، فاليهود على قلتهم إلا أن الآيات التي تتحدث عنهم كثيرة جداً، وغير متخيل عددها بالنسبة للآيات التي تتحدث عن النصارى، ما هو السبب؟ السبب هو عنوان هذه المحاضرة.

    السبب: أن الله جعل اليهود هم عدونا الدائم إلى قبيل قيام الساعة. ولذلك تجد أن الصراع بين الأمة المسلمة واليهود متواصل مستمر منذ بعثته عليه الصلاة والسلام إلى نزول عيسى بن مريم في آخر الزمان، ولم ينقطع لحظة، ولم يتوقف دقيقة بأي صورة من الصور.

    إذاً: هم العدو الدائم والمستمر. فجميع الأعداء يكون هناك شد وجذب وتوقف معهم إلا اليهود؛ لأن العدو الدائم يبقى على عداوته، لكن العدو المتقطع قد يرجع إليك فيعرف أن الحق معك فينضم إليك، فكم من نصراني أسلم؟ وكم من يهودي أسلم؟ لا تستطيع أن تقارن.

    تجد أن النصارى يسلمون بالملايين، لكن اليهود ليسوا كذلك؛ فلكون العداوة دائمة هنا ركز القرآن عليهم وحذر منهم ونتيجة لذلك فمنذ هاجر المصطفى عليه الصلاة والسلام إلى المدينة وإذا به يكبّل اليهود بالعهود وبالمواثيق.. فعقد عهداً مع بني قريظة، وعهداً مع بني قينقاع، وعهداً مع بني النضير؛ حتى لا يخونوا؛ لأن من طبعهم الخيانة، فالذين قتلوا الأنبياء وكذّبوهم وسخروا منهم واستهزئوا بهم ليس هناك أي رادع ومانع من أن ينقلبوا على رجل ليس منهم بل هو من قبيلة مختلفة عنهم.

    ولو نظرنا مثلاً إلى نقضهم لعهودهم: فبنو قينقاع نقضوا العهد، حيث ذهبت امرأة مسلمة متحجبة إلى صائغ في سوق بني قينقاع، فقال لها الصائغ: اكشفي عن وجهك، فرفضت، فأصر عليها أن تكشف ليرى وجهها فرفضت، فأشار إلى رجل آخر فقام الرجل من ورائها وهي جالسة فعقد طرف ردائها، أو ربما عباءتها في أعلاها، فعندما قامت انكشفت؛ لأن الثوب ارتفع فضحكوا عليها، فقام مسلم كان في السوق بعد أن صرخت وا إسلاماه وقتل اليهودي الفاعل، فقام اليهود وقتلوا المسلم، فعند ذلك نُقض العهد، وطُرد هؤلاء القوم.

    بنو النضير كان هناك عهد وميثاق بينهم وبين المصطفى صلى الله عليه وسلم، وهو أن يكون هناك تعاون في دفع الديات، يعني: لو قُتل رجل معين قتله اليهود خطأً فالرسول يشاركهم في الدية، ولو قتل المسلمون رجلاً من نفس القبيلة خطأً فاليهود يشاركونهم في الدية، فعندما قتل عمرو بن أمية الضمري رجلاً من بني عامر ممن يدخل في هذا الحلف وهذا التعاهد ذهب الرسول لبني النضير وطلب منهم المشاركة في دفع الدية، فقالوا هذا أفضل وقت لقتل الرسول صلى الله عليه وسلم، من يقوم على هذا الحصن ويُلقي رحى على هذا الرجل -أي: الرسول صلى الله عليه وسلم- وهو جالس؟

    فقام عمرو بن جحاف النضري وحاول أن يفعلها، ولكن الله فضحه، فكان نقضاً للعهد والميثاق، فدمِّرت ديارهم وأجلاهم المصطفى عليه الصلاة والسلام.

    وبنو قريظة خانوا العهد والميثاق وأعانوا المشركين فكانت النتيجة قتل سبعمائة رجل منهم صبراً في الأخاديد، ولذلك فاليهود الآن عندما يأخذهم الحماس يصيحون منادين بثارات بني قريظة، يريدون أن يثأروا لهؤلاء الذين قتلوا.

    وأحب أن أشير إلى نقطة أخيرة في هذا المقام فقط من مواقفهم: والآن في هذا الزمان الحرب قائمة بين المسلمين في مناطق متعددة وبين الأعداء، فمثلاً: في الشيشان هناك حرب قوية، ومتجددة وفيها أخبار سارة بشكل دائم ومستمر، طبعاً الحرب بيننا وبين الروس، وبين النصارى الأرثوذكس، لكن الذي يخفى هنا أن كثيراً من الغنائم التي يحصل عليها المجاهدون ويفحصونها يجدون فيها أسلحة إسرائيلية يهودية معونة من اليهود لدولة عظمى؛ لأن ملة الكفر واحدة، في أندونيسيا على بعدها لوحظ أن الذين يقاتلون المسلمين من المنظمات النصرانية يقاتلونهم بأسلحة يهودية.

    إذاً: فهم عدو دائم؛ ولذلك عندما نقول: العدو الدائم، نقصد بذلك العدو المستمر الذي لم تنقطع عداوته أبداً، طبعاً إذا قلنا: العدو الدائم، لا يذهب ذهنك إلى العداوة الحربية العسكرية، فهذه دائرة من الدوائر، لكن هناك دوائر أخرى، هناك الدائرة الإعلامية، هناك الدائرة الاقتصادية، هناك الدائرة السياسية، فالإعلام يتحكم فيه هؤلاء، وكالات الأنباء يتحكم فيها هؤلاء، العديد والعديد من المحطات الفضائية الضخمة يتحكم فيها هؤلاء، الآلة الإعلامية الضخمة في أمريكا وأوروبا يتحكم فيها هؤلاء، البنوك الاقتصادية الضخمة يتحكم فيها هؤلاء.

    إذاً: تجد أن عداوتهم المستمرة الدائمة شاملة لكثير من المسائل، فإن حذرنا منهم فإن أثرهم لن ينطلي علينا، ولكن نحن -وللأسف الشديد- كالنعام إن صح وصف النعام بأنها تدس رأسها في التراب؛ وهذا كما يقال غير صحيح، لكن على اعتبار أنه صحيح فإننا كالنعام فعلاً ندس دوماً رءوسنا في التراب، وينطلي علينا خداع هؤلاء، وبالتالي نجد أننا كثرة ولكننا كغثاء السيل، فنحن نعيش -وللأسف الشديد- في مرحلة الغثائية في هذا الزمان.

    1.   

    حقائق ووثائق

    الوثيقة الأولى عن مقاتلة اليهود للمسلمين

    ننتقل إلى الوقفات التي أستطيع أن أسميها حقائق أو وثائق:

    أما الحقيقة الأولى، أو الوثيقة الأولى فسأذكرها، ثم سأخرج منها الدروس والعبر، هذه الدروس والعبر قد تتباين فيها وجهات النظر، فالحقائق والاستنتاجات كل يستنتج بحسب ما يعلم، وبحسب ما يعرف.

    أما الحقيقة الأولى أو الوثيقة الأولى فتقول: يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (تقاتلون اليهود -وفي رواية: الكفار، وفي رواية: المشركين- أنتم شرقي نهر الأردن وهم غربيه، حتى إن الشجر والحجر ليقول: يا مسلم! خلفي يهودي تعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر يهود)، والكل يسمع بهذا الحديث، لكن وللأسف الشديد نحن أمة لا تقرأ، وإذا قرأنا لا نفهم، وإذا فهمنا لا نحلل.. هذه المقولة ليست مني وللأسف الشديد، وتمنيت أنها مني فعلاً، لكن الذي قالها رجل عبقري، على الرغم من أنه عدو إلا أنه عبقري، إنه موشي ديان ، وكان رئيساً لوزارة الحرب عام (1967م) وهو الذي قاد الجيوش التي احتلت القدس الشرقية والجولان والضفة وسيناء.. هذا الرجل يتميز بأنه عربي مجيد للغة العربية، بل وأديب، بل -وللأسف- وشاعر، هذا الرجل هو الذي قال هذا الكلام.

    قال: لأنني عندما دخلت هذه المناطق كانت الصحف الإسرائيلية قبل شهر تقريباً من المعركة تتحدث عن المعركة كأنها تقع في هذه اللحظة ومع ذلك لم يستفد منها العرب في أي صورة من الصور.

    نرجع إلى كلامنا هذا فنقول.. هذا الحديث يقول: (تقاتلون اليهود) يخاطب الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين فلا يصح أن نضع إلى جانب هذا الكلام كلمة السلام الدائم، ومعنى كلمة السلام الدائم: المستمر المتواصل الغير منقطع أبداً، فلا يوجد سلام دائم، ممكن أن يكون هناك سلام مؤقتاً وليس دائماً.

    هذا يجرنا إلى جزئية ليست من الحديث: عندما يكون العرب وبعض من يمثل السياسية العربية يقول: السلام العادل، يقولون: السلام العادل هو بأن ترجع إسرائيل إلى حدود عام (1967م)، بمعنى أنها تنسحب من الضفة ومن غزة ومن الجولان، وتنسحب من المسجد الأقصى ومسجد الصخرة، وترجع إلى منطقتها التي كانت تعيش فيها عام (1967م)، معنى هذا: إقرار بأننا سلّمناهم منطقة من العالم الإسلامي، وكأننا نسمع يافا تقول: وا إسلاماه، ونسمع عكا تصيح وتقول: وا إسلاماه، ونسمع عسقلان تصيح وتقول لنا: وا إسلاماه، وهكذا حيفا وغيرها تصيح وتبكي وتقول: وا إسلاماه! فنحن رضينا بذلك؛ لأننا عندما نقول: انسحاب كأننا نوقع على التسيلم الكلي؛ وهذا أمر ينبغي أن ينتبه له.

    الاستنتاج الثاني من الحقيقة الأولى: على مجلس الوزراء أو ما يسمى الكنيست الإسرائيلي لوحة مرسوم عليها خريطة، هذه الخريطة تقول: دولة إسرائيل من الفرات إلى النيل، والحديث يقول: (تقاتلون اليهود أنتم شرقي نهر الأردن وهم غربيه) يعني: في الضفة الغربية، معنى هذا أن إسرائيل لن تتجاوز منطقة الضفة الغربية، ولن تتجاوز الأردن وسوريا، والعراق، وتذهب إلى سيناء مرة ثانية، ثم تحتل جزءاً كبيراً من مصر؛ قد يحصل تطور لليهود ودخول هذه المناطق لكن لن يستمر، ولو حصل سيرجعون إلى مكانهم الذي حدده الحديث، ولكن الواقع الحالي يدل على أنهم لن يتمكنوا من مضاعفة مساحة بلدهم أكثر مما هي عليه الآن.

    الحديث يقول: (تقاتلون اليهود أنتم شرقي نهر الأردن وهم غربيه) أي: في الضفة الغربية لنهر الأردن، والضفة الغربية الآن تشكل دولة الحكم الذاتي الفلسطيني. والفلسطينيون العرب عموماً يطالبون بإقامة دولة تتمتع بحكم ذاتي في فلسطين لمدة معينة من الزمن، ثم بعد ذلك ينتقل الأمر إلى دولة تتمتع باستقلال كلي دائم، وهذا الحديث يعارض ذلك، فالجيش اليهودي سيكون في الضفة، والدولة إن وجدت فهي دولة هشة، وسرعان ما يكتسحها الجيش ليستعد لمجابهة المسلمين في نهر الأردن، أو بجانب نهر الأردن.

    وقفة أخرى يقول في آخر الحديث: (حتى إن الشجر والحجر يقول: يا مسلم! خلفي يهودي تعال فاقتله) هذا يدل على جبن اليهود، وخوفهم، ورعبهم، فهم يختفون خلف الأشجار والأحجار يخافون من الموت (إلا الغرقد) ولذلك تجد أشجار الغرقد كثيرة جداً في إسرائيل الآن، وهذه سنشير إليها في حقيقة أخرى.

    الوثيقة الثانية عن حرص اليهود على الحياة

    الوثيقة الثانية: يقول الله سبحانه وتعالى: وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ [البقرة:96].

    الله سبحانه وتعالى قال عن هؤلاء: وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ [البقرة:96] جُعلت (حياة) نكرة للدلالة على أي حياة، فأهم شيء أن يبقى اليهودي حياً؛ لأنها لو عُرِّفت وكانت أحرص الناس على الحياة، لكان المعنى: الحياة الكريمة، الحياة العزيزة، الحياة المتميزة، لكنهم يريدون أي حياة، ويدل على ذلك بقية الآية يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ [البقرة:96] لماذا؟ لأن اليهودي كما أشرنا قبل لا يؤمن بالآخرة، ولا يؤمن بالجنة، ولا يؤمن بالنار، لا يؤمن بالحساب والعقاب، لا يؤمن إلا بالحياة الدنيوية الحسية الجسدية، فلا يوجد شيء اسمه روح عندهم، وبالتالي يتمسكون بالحياة تمسكاً شديداً، هذه الحقيقة وللأسف الشديد غفلنا عنها.

    وقضية الغفلة عن هذه الحقيقة تتمثل في الصورة التالية: عندما قتل يحيى عياش وكان من مناضلي منظمة حماس، وكان رجلاً فاضلاً مشهوداً له بالخير، عندما قتل هذا الرجل رحمه الله ورضي عنه قام أربعة من أتباعه وأصحابه للثأر له، وقاموا بأربعة تفجيرات، هذه التفجيرات نتج عنها مقتل قرابة خمسين يهودياً وجرح قرابة أربعمائة قد يزيدون أو ينقصون قليلاً، وهذا تحدثت عنه الصحف كثيراً، لكن الأمر الذي لم تتحدث عنه الصحف إلا قليلاً وبنسبة يسيرة، بل ولم يشر إلى ذلك إلا بعض صحف اليهود، إنه أمر يتحقق فيها قاعدة أو وثيقة أو حقيقة: وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ [البقرة:96] (22000 يهودي) قاموا بهجرة معاكسة من إسرائيل إلى خارجها، إلى أوروبا وأمريكا؛ خوفاً ورعباً، فأربعة تفجيرات هجّرت (22000)، فماذا لو كانت أربعين؟ ماذا لو كان أربعمائة تفجير يقوم به أربعمائة استشهادي؟ ماذا ستكون النتيجة؟

    إذاً: تبقى قضية وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ [البقرة:96] حقيقة غير مفقوهة بالنسبة لنا، وغير واضحة بالنسبة لنا بالرغم من أنها ظاهرة المعالم، إلا أننا لا نستنتج الدروس ولا نأخذ العبر..

    الوثيقة الثالثة عن خوف اليهود وجبنهم

    هذه الحقيقة تجرنا إلى حقيقة أخرى تقول عن هؤلاء القوم: لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ [الحشر:14] فالآن أنتم ترون الأخبار وتشاهدونها، فالطفل الفلسطيني الصغير يرمي بالصخرة والإسرائيلي لديه رشاش ومختف في دبابة، أو في مجنزرة، أو في مدرعة، أو في طائرة هيلوكبتر.

    إذاً: لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ [الحشر:14] هذا في الزمان السابق، والقرى المحصنة والجدر في هذا الزمان هي الدبابة، والمجنزرة، والطائرة؛ لأنهم جبناء يخافون الموت، ويخافون أن يهلكوا، ولذلك عندما قتل أحد اليهود قبل أسبوعين تقريباً صورت وكالات الأنباء مجموعة من الجند؛ ونشرت هذه الصورة مجلة الأسرة في الغلاف الداخلي؛ هذه الصور لمجموعة من الجند يبكون، فترى الدموع تسيل على خدودهم لأن أحدهم قد قُتل، فيعلق المعلق هنا ويذكر قوله تعالى: إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ [النساء:104].

    إذاً: هؤلاء يخافون؛ لأنهم رأوا أن صاحبهم هذا فقد كل أمل في الحياة؛ لأنه بعد الممات لا يوجد شيء عندهم، فقد انتهت حياته، ولذلك تجدهم يحرصون كل الحرص على أن لا يجابهوا مجابهة صريحة، ولذلك أكبر ما يرعبهم ويخيفهم هي قضية العمليات الاستشهادية.

    الوثيقة الرابعة عن إفسادات بني إسرائيل

    الحقيقة التي تليها: يقول الله سبحانه وتعالى: وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا * فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا * ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا * إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا [الإسراء:4-7].

    هذه الحقائق وهذه الوثائق الإلهية العظيمة العجيبة فيها من الدروس ما لا يحصيه من يتتبعها، ومن ينظر فيها، ومن يدقق في محتواها؛ الله سبحانه وتعالى كتب على هؤلاء القوم أن لهم الظهور مرتين فقط:

    أما المرة الأولى فقد ظهروا في عام 400 بعد البعثة الموسوية، فظهروا وتجبروا وطغوا وفسقوا، وأفسدوا، وقتلوا الأنبياء، وكانت النتيجة أن سلط الله عليهم الغزو البابلي الأشوري بقيادة بختنصر ، فجاس خلال الديار ودمر كل شيء، ولم يبق حجراً على حجر، كما قال تعالى: أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ [البقرة:259] هذا هو نبي الله أرميا.

    هذا الرجل أرميا مر على بيت المقدس وهو مدمّر، لأن بختنصر لم يبق في دولة اليهود أحداً أبداً، وأخذ معه قرابة نصف مليون أسير إلى العراق، ولا زالت بقاياهم إلى الآن في العراق، أخذ معه كل المقدرات الاقتصادية، ولم يبق في البلد شيئاً، ومن لم يأخذه قتله، ومن لم يقتله أبقاه لأنه كبير في السن، ثم لم تقم لليهود قائمة، ولاحظوا نقطة مهمة، وهذه نظرية تفسيرية لبعض علماء الملل مع أن بعض العلماء يخالف في ذلك؛ وأنا أذكر هذا لقناعتي به.

    يقول هذا العالم: ولم تقم لليهود بعد هذه الدولة التي فسدت وفسقت قائمة، وقد حاولوا إقامة الدولة في بداية سيطرة الدولة اليونانية فلم يستطيعوا، وحاولوا في بداية سيطرة الدولة الرومانية فلم يستطيعوا، قد تقوم لهم دولة لكنها صغيرة في حكم ذاتي.. قليلة العدد، أما أن يقوموا قومة كاملة فلم يظهر لهم كيان إلا عام (1948م) يعني: قبل اثنين وخمسين سنة.

    يقول الله سبحانه وتعالى: ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ [الإسراء:6]، أي: ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ أيها اليهود! الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ : الضمير يعود على العراقيين، والعراقيون قد ذهبوا، فلهذا قال هذا العالم أي: على المسلمين، فلماذا لم تذكر الآية المسلمين: ثم رددنا لكم الكرة على المسلمين؟ يقول هذا العالم: إن ظهور دولة اليهود عام (1948م) كان والإسلام في أقل حالاته، كانت القومية العربية، كانت الاشتراكية، كانت الشيوعية، كانت الحداثة، كانت الإباحية..، كان لها صولة وجولة، أما الإسلام فكان موسوماً بالرجعية والتخلف؛ ولذلك يكون الضمير في بعض الأحيان للتحقير، ففرق بين قولك: جئت أنا وأبو محمد، هذا رفع من الشأن، لكن قولك: جئت أنا وهذا! فيها تحقير، فهنا الضمير يكون للتحقير؛ فقوله تعالى: ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ [الإسراء:6] لأن المسلمين في عام (1948م) كانوا لا يهتمون بشيء اسمه تدين، أو رجعة إلى الحق أو غير ذلك.

    . وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ [الإسراء:6] المدد يأتي دوماً من الخارج إلى الداخل، فالله أمد اليهود ويمدهم بأموال من روسيا، وأمريكا، وكندا، وألمانيا، والنمسا، ومن البنوك ومن تجار اليهود، وليس بمال بل بأموال متنوعة مختلفة.

    وَبَنِينَ [الإسراء:6] قبل أيام أُعلن في الأخبار أن (13000) مستوطن جدد جاءوا إلى إسرائيل، بالرغم من أن المستوطنين يعلمون أن هناك حرباً ضروساً وقوية إلا أنهم جاءوا للمساهمة في هذه الحرب، وهؤلاء هم البنون.

    وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا [الإسراء:6] وأنا لن أجيب على هذا التساؤل؛ لأنه سياسي حساس، لكن سأضع خطوطاً صغيرة، وهناك خط أحمر لن أتجاوزه.

    كم عدد جيوش العالم الإسلامي، ودباباتهم، وطائراتهم، ومدافعهم، وصواريخهم، في مقابل جيش اليهود؟

    لو أن العالم الإسلامي كما يذكر أحد العلماء -من باب الطرافة- جمع علب البيبسي التي هي صنعة يهودية لمدة عام كامل ورمى بها دولة إسرائيل لأغرقها بهذه العلب، ومات أهلها اختناقاً.

    إذاً: هناك قدرات وقوة عند المسلمين لكنها معطلة، فهم غثاء كغثاء السيل.

    فاليهود الآن يسيطرون على مقدرات كثير من العالم الإسلامي، بل ويسيطرون على قيادات.

    ثم يقول الله سبحانه وتعالى: فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ [الإسراء:7] نهاية المطاف بالنسبة لهؤلاء القوم لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ [الإسراء:7] الآن اليهود يخططون لهدم المسجد الأقصى. لكي يقيموا عليه المعبد الذي يسمى بهيكل سليمان، وقد جهزوا مخططات لهذا الهيكل وأعدوها، وأعدوا كل شيء حتى المحراب، وحتى الثريات واللمبات، والأدوات والأجهزة.. وغير ذلك. ولكن الآية تقول لنا: وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ [الإسراء:7] فهذا فيه معنى، ولعل هذا المعنى يدلنا على أن اليهود لن يستطيعوا هدم المسجد الأقصى، وبالتالي سيبقى هذا المسجد إلى أن يدخله أهل الإسلام؛ وهذا يجرنا إلى نقطة مهمة كثيراً ما يغفل الناس عنها، وهي أن اليهود يلبسون على المسلمين في الخلط بين المسجد الأقصى وقبة الصخرة، فيجعلون قبة الصخرة هي المسجد الأقصى، والمسجد الأقصى يغفل الذكر عنه، وهذا الأمر ينبغي أن ننتبه له ونلحظه، فانتبهوا لهذا، وفرقوا بين المسجد وبين قبة الصخرة.

    1.   

    قصيدة سنفديك أقصانا

    وأختم هذا اللقاء بقصيدة جميلة حول هذه القضايا المتعلقة باليهود بعنوان (سنفديك أقصانا) يقول فيها كاتبها:

    بأي لسان سوف يسعفني الشعر ودمع المآقي صار من طوله بحر

    تناولت بحر الشعر من بحر أدمعي وصدق بحور الدمع يحكي به الدهر

    وبعد فإسرائيل طال فسادها مواثيقها نقض وغاياتها مكر

    وسلمهم المزعوم نصب وخدعة وتوقيعهم للعهد يعقبه الغدر

    وقومي ينادون السلام وما دروا بأن معاداة اليهود هي النصر

    أيرجى من القوم اللئام سلامة وتاريخهم كالليل أسود مغبرُّ

    أساساتهم نقض العهود ألم تروا خيانتهم موسى الكليم فقد خروا

    سجوداً لعجل ألهوه بزعمهم فتعساً لكم بئس الخيانة والكفر

    ومن بعده خير العباد نبينا أرادوا به شراً بإلقائهم فخر

    فجاء خطاب الرب جل جلاله نذيراً لخير الناس إذ رابه الأمر

    جلاهم نبي الله لله فعله وهل غير أمر المصطفى للورى أمر؟

    ومن بعده والقوم تلك صفاتهم إلى يومنا هذا وطبعهم الشر

    بل اليوم زاد الشر والسفح والبلا بمقدم صهيون إلى القدس بل قروا

    يدنس قدس الله مسرى نبينا وقبلته الأولى بمن حالهم نكر

    سنفديك أقصانا بكل دمائنا وهل فوقها تفدى به القبلة البكر

    ويمضي دعاة الظلم وفق قرارهم يبيدون شعباً أعزلاً ملؤه الفقر

    بلا رحمة يرمون طفلاً ممهداً وأماً عجوزاً هدها الفقر والذعر

    وبنت حصان لم تذق طعم ريبة تُقاد ليستولي كرامتها القذر

    وذاك غلام خارج لجهادهم بقناصة يُرمى وفي يده الصخر

    وذاك الفتى المقدام يُقتل بغتة أمام الأب المفجوع ذاكم هو الدّرُ

    فضحت أيا طفل المعالي نظامهم وتعتيمهم للوضع فليخسأ الكفر

    ومن بعده تأتي الصبية سارة تنادي أنا لم أحمل الصخر لا أجرو

    فعمري صغير لم يجاوز رضاعتي ولكن رماني دونما رحمة قذر

    ومع كل ذا يأتي زعيم مغرر يقول بأن الحل للسلم ينجّرُ

    وهذا وربي! ليس إلا خديعة وخوف وإرجاف وذعر ولا فخر

    ووالله! إن الحل والله! واضح وضوحاً كما يبدو لناظره البدر

    هو الحل في الأنفال في التوبة التي تقول بأن الحل آخره النصر

    فبدر وحطين وخيبر لم تزل تنادي علاج الذل ما قاده الغر

    جهاد لأهل الكفر يخزي جموعهم ونصر لأهل الحق يُشفى به الصدر

    جهاد لأجل الله والله شاهد عليكم ورأس المال فيه هو الصبر

    فهبوا بعون الله وادعوا إلهكم بأن تُرفع الرايات كي يُرفع الضر

    وصلوا على الهادي المجاهد أحمد وأصحابه الأبطال ما هطل القطر

    والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل، والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا ورسولنا وحبيبنا ونور قلوبنا محمد صلى الله عليه، وعلى آله، وعلى من سار على نهجه واقتفى أثره إلى يوم الدين..

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755815622