إسلام ويب

صيحة في الهواءللشيخ : إبراهيم الحارثي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إنها صرخة تحذير وصيحة نذير تنطلق في الهواء علها توقظ أولئك السادرين الغافلين عن بيوتهم ومنازلهم؛ قبل أن يأتي عليهم يوم يتلقون فيه نبأ الفضيحة والعار، وضياع الشرف والكرامة، على يد مجرم فتاك أفاك.

    1.   

    رسالة لحفظ الأعراض والأخلاق

    الحمد لله الذي خلق الإنسان فسواه، وقدر له أمره وإليه هداه، وأمره بالحق وإليه دعاه، وبيَّن له الباطل وعنه نهاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا رب لنا سواه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ومصطفاه، فضله ربه واجتباه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه الذين اهتدوا بهداه.

    أما بعد:

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

    أيها الإخوة في الله: هذه الخطبة ليست لكم، وإنما هي صيحةٌ في الهواء، أو صرخةٌ في عالم السكون، إن شئتم أن تسمعوها فاسمعوها، وإن شئتم أن تضعوا أصابعكم في آذانكم فضعوها، وإن شئتم أن تغفو غفوةً سريعةً فلكم ذلك، ولكن اطمئنوا هي ليست لكم، وإنما لآخرين بعيدين عنكم.

    هذه الخطبة موجهةٌ عبر الأثير إلى قومٍ من الأقوام، وفئةٍ من الفئات، موجهةٌ إلى النائمين والغافلين والساهين واللاهين، موجهةٌ إلى من ختم الله على قلوبهم، وأعمى أبصارهم، وأصم أسماعهم، موجهةٌ إلى المفرطين والمقصرين والضائعين، أولئك الذين سيستيقظون يوماً على خبرٍ صاعق، ونبأٍ قارع، ومصيبة عظيمة، وداهية جليلة، ونعوذ بالله من مثل هذا اليوم المخزي، أعيذكم بالله من يومٍ قاصمٍ كاسر، يطأطئ الرءوس، ويعقد الألسن، ويقصم الظهور، ويزلزل الأرض من تحت الأقدام.

    ذلك اليوم الذي يتلقى فيه الآباء والأمهات والإخوان والأزواج الخبر، ويتلقون فيه النبأ والفضيحة، ويتلقون فيه العار.

    إنه يوم ضياع الشرف والكرامة، ضياع الشرف -والعياذ بالله- لبناتهم، أو أخواتهم، أو زوجاتهم، ضياع الشرف على يد وحشٍ كاسرٍ عادٍ، على يد مجرمٍ محترفٍ أفاك، يعرف كيف يصيد فريسته، لينتقل منها إلى أخرى، بينما الرجال ورعاة البيوت والأسر في عالمٍ آخر مشغولون .. غافلون .. تائهون .. ضائعون .. لاهون.

    1.   

    بعض صور الفساد في المجتمع

    أيها الإخوة: لقد تعمدت أن أختار هذا الموضوع في هذا الأسبوع بالذات، وذلك لأن هذه الجمعة هي آخر جمعةٍ في الدراسة، وستبدأ الإجازة في يوم الأربعاء القادم، ومع اللحظات الأولى للصيف سوف تتفلت الإبل من عقلها، وسوف تخرج الشياطين كلها لتمارس دورها التاريخي الخالد، لتنشر الرذيلة، وتهدم الفضيلة، ولتوقع النساء، وأخص النساء بالحديث لأن أمرهن أخطر، وشأنهن أعظم، وحالهن أدهى.

    أيها الإخوة في الله: الأمر عظيمٌ وخطير جداً .. النساء .. الزوجات .. الأخوات .. البنات المراهقات يتعرضن اليوم لهجومٍ كاسحٍ فاجر، يتعرضن اليوم لمدٍ مدمرٍ مفسدٍ لا حدود له، إنهن اليوم الشغل الشاغل لأصحاب القلوب الميتة المتحجرة، إنهن اليوم الحديث الذي يدور في أوساط الذئاب المتوحشة، التي تتربص بهن في كل مكان، فمتى يستيقظ الرجال وينتبه الآباء؟ ومتى يستشعر الأزواج ويفهم الإخوان؟

    متى يعرفون جميعاً أنهم يجب أن يكونوا في غاية الحيطة والحذر؟ إنني أتحدث إليكم حديثاً واقعياً حقيقياً، حديثاً ملؤه الألم والخوف على نساء المسلمين.

    أيها الإخوة: إن غفلةً كبيرةً أصابت الرجال اليوم إلا من رحم ربك، فلم يعودوا يعرفون ما الذي يجب عليهم أن يفعلوه، وما الذي يجب عليهم أن يدعوه، وسوف أنقل لكم ظواهر ومظاهر تتحدث عن هذا الضياع الذي يكاد أن يعم الجميع.

    أيها الإخوة في الله: هل تعلمون شيئاً أو هل تبلغكم الأخبار عن خروج الفتيات من المدارس مع الشباب؟

    هل تعلمون أن هناك من الفتيات من يقوم أهلها بإيصالها إلى المدرسة ثم تقوم بالإيحاء لهم بأنها قد دخلت إلى المدرسة، وبمجرد انصراف من قام بتوصيلها تخرج على الفور مع الصباح الباكر لتلاقي من تشاء، وتركب معه إلى حيث يريد، فيقضيان بقية اليوم وحتى موعد الانصراف، ثم يعودان أدراجهما، فيضعها بجوار المدرسة فيأتي ولي الأمر ليأخذها ثم ينصرف، وهو لا يشعر بشيءٍ مما حدث؟

    هل تعلمون عن بعض فتيات الجامعات اللواتي يخرجن في أثناء الدراسة مع العاشقين وأصحاب الهوى ليقضوا وقتاً طويلاً حتى موعد الانصراف، ثم تعود إلى بيتها دون أن يعلم بها الأب الغافل؟

    هل تعلمون أن هناك من يمارس هذه العادة حتى في أطهر البقاع وأفضلها، في الحرمين الشريفين، حين يظن الأهل أنهم يقضون أياماً إيمانية روحانية في رحاب بيت الله، بينما الفتيات يتجولن في الأسواق والمراكز مع من يردن دون أن يعلم الأهل بذلك؟

    إنها حقائق وأحداثٌ أيها الإخوة! وليست كلاماً جزافاً، ولا مبالغاً فيه، ولدى الجهات المختصة أمثلةٌ ووقائع كثيرة.

    هل تعلمون -أيها الإخوة!- بالعلاقات الحميمة التي أصبحت السمة الغالبة للفتيات مع الشباب، فلا يكاد يوجد اليوم فتاةٌ إلا من رحم ربك إلا ولها علاقةٌ مع شاب، واسألوا طالبات المدارس، وبنات الجامعات، لتعرفوا الحقيقة المرة، واسألوا عن أولئكم العشاق الذين يرتادون مع صويحباتهم المقاهي الحديثة في الشواطئ والفنادق والكبائن، وفي مراكز التسويق الكبرى، يشربون، ويضحكون، ويتنـزهون، ثم يعودون دون أن يعلم بهم أحد؟

    هل تنـزلون إلى الأسواق أيها الإخوة؟ هل تشاهدون ما أشاهده؟ هل تسمعون ما أسمعه؟ هل ترون كيف أصبحت النساء يتفنن في الكشف والتعري؟

    هل رأيتم العبايات الجديدة التي تفصل على الأجساد بالضبط لتكشف كل شيء؟

    هل رأيتم الشباب في الأسواق كيف يتوالدون ويتكاثرون، ويتمايلون؟

    إنهم -أيها الإخوة!- يبحثون عن نسائكم، وبناتكم.

    هل ما أقوله -أيها الإخوة!- منطقيٌ أم أنه كلامٌ مبالغٌ فيه لا قيمة له عند الغارقين في النوم، والواثقين من بيوتهم وبناتهم دون تمحيصٍ ولا متابعة ولا مساءلة.

    كل هذا يحدث -أيها الإخوة!- في أيام الدراسة، فما الذي سيحدث الآن في أيام الصيف الطويلة، وفي لياليها العريضة؟ ما الذي سيحدث أيها الآباء؟!

    أيها الإخوة: الدراسات تقول: إن هناك كارثةً اسمها العلاقات بين الجنسين، كارثةٌ تهدد الأسر، وتهدد المجتمعات، وتهدد العفاف والفضيلة، مظاهرها تبدو في أشياء كثيرة: تبدو في سلوك الفتيات الغريب .. تبدو في تمرد الفتاة على البيت والأم والأب .. تبدو في كثرة الجلوس في الغرف الخاصة وبالساعات .. تبدو في استخدام الهواتف وخاصة المحمولة في كل الأوقات، وعلى الأخص في أنصاف الليالي .. تبدو في كثرة الخروج بحجةٍ أو بغير حجة إلى الزميلات والصديقات .. تبدو في الزيارات التي لا داعي لها .. تبدو في الذهاب إلى الأسواق مع الصديقات والقريبات.

    أيها الإخوة: الدراسات تقول: إن الفتيات يتبادلن اليوم أشرطة الفيديو، وصور اللاعبين والفنانين والمذيعين في القنوات الفضائية الذي يبدو بعضهم أجمل من النساء.

    الدراسات تقول: إن هناك أسلوباً جديداً بدأ يغزو عالم الفتاة، وهو الاسترجال، تقليد الرجال بالملابس وقصات الشعر، واستخدام الألفاظ النابية الوقحة، وتعاطي المعسل والشيشة، ولربما تعاطي ما هو أخطر وأكبر.

    أيها الإخوة: الدراسات تقول: إن المراسلات عن طريق الإنترنت أصبحت جزءاً من حياة الفتيات اليومي، وإقامة العلاقات عبر المواقع التي تهتم بذلك أصبح عملاً يومياً لكل فتاةٍ إلا من رحم ربك.

    والغريب -أيها الإخوة!- أن هذه الدراسات التي ذكرتها لكم يجريها عددٌ من المختصين، ويسارعون بنشرها في المجلات الهابطة التي تدعو إلى الرذيلة، ولا أدري لماذا يحدث ذلك.

    ولكم أن تعلموا -أيها الإخوة!- أن هناك دراسةً مخيفة سببت ضجةً كبيرةً في وقت نشرها تقول: إن (85%) من طالبات المدارس ما بين السادسة عشرة والسابعة والعشرين في الجامعات يتابعن القنوات الفضائية الإباحية، وقد أجرى هذه الدراسة أكثر من عشرين طبيباً متخصصاً من كلية الطب، وفي حالة عدم وجود الأطباق الفضائية في المنازل فإن من لديها ذلك الطبق تقوم بتسجيل الأفلام والمواد الإباحية وإهدائها إلى زميلاتها، وتقول الدراسة: بكل أسف إن أكثر القنوات حضوراً بين الفتيات هي القناة القبرصية، والقناة التركية، والقناة الفرنسية، وأسوأ من ذلك وأعظم القناة الإسرائيلية.

    وتؤكد الدراسة أن أحاديث الطالبات تكون مركزة على تلك القنوات، وعلى أشرطة الفيديو التي يتبادلنها، وعلى الرغم من أن الدراسة أجريت على الطالبات المتفوقات أي اللواتي يستشعرن المسئولية أكثر من غيرهن، إلا أن نسبة التدني الدراسي وصلت إلى (32%) وبرزت ظاهرة الغياب والتأخر، والانشغال عن الدراسة، تزداد وضوحاً.

    ويزيد الأمر خطورةً إلى خطورة أن (53%) من الفتيات أصبحن لا يؤدين الفرائض الدينية، ولا يحرصن عليها، كما أكدت الدراسة أن (22%) من الفتيات المتابعات للقنوات الفضائية الهابطة زادت لديهن الأمراض النسائية المختلفة.

    ومن غرائب الدراسة أن (42%) من الفتيات يرغبن في الزواج المبكر، خوفاً من الاستمرار أو الوقوع في الخطيئة، وهذا بعد أن كان الزواج المبكر عنواناً للتخلف والجاهلية.

    أما عن نوعية المواد التي يحب الفتيات أن يتابعنها، وأن يتحدثن حولها في المدارس والجامعات، فقد قالت الدراسة: إن (85%) يتابعن المواد الإباحية، و(68%) يفضلن الأفلام العاطفية، أي: التي يكون الحب والغرام واللقاء فيها هو المسيطر، وهلم جرا.

    أيها الإخوة: ماذا بعد؟ ماذا أريد أن أقول؟ إنني أريد أن أقول: إن الأمر أصبح خطيراً، وخطيراً جداً، بل هو أخطر من الخطر نفسه، وأعيد القول: إن هذا الكلام ليس مبالغةً ولا تهويلاً، بل هو الحقيقة المرة، وما يحدث أحياناً وما تنشره الصحف اليومية عن قيام بعض المسئولات في المدارس أو الكليات بجولةٍ تفتيشية مفاجئةٍ على حقائب الطالبات يؤكد لنا خطورة الأمر وفداحة المصيبة، لذا لا مجال اليوم للصمت، ولا لدس الرءوس في الرمال، ولا للاشمئزاز ولا للاعتراض، إنما نحتاج اليوم إلى انتفاضةٍ قويةٍ كبيرةٍ واعية حكيمة.

    أيها الإخوة: التلفزيونات التي توجد في كل غرفةٍ وخاصةً عند بناتنا .. القنوات التي تعرض نفسها علينا في مخادعنا وفي غرف نومنا .. أجهزة الفيديو التي تملأ غرف البنات .. أجهزة الاتصال -الهواتف المحمولة- الخاصة لكل فردٍ من الأسرة .. أجهزة الكمبيوتر المتصلة بالإنترنت التي تنتشر في كل غرفةٍ وفي كل صالةٍ في المنـزل، لا أريد أن أدخل معكم الآن في الحلال والحرام، وفيما يجوز وما لا يجوز، فالقضية كبيرة وعامة، وتحتاج إلى تفصيلٍ كبير، ولكن يمكن على الأقل أن نعلم أن كل هذه الأدوات بطريقٍ أو بآخر يمكن أن تكون وسيلة هدمٍ لكل قيم المنـزل وأخلاقياته.

    1.   

    نصائح لمحاربة هذا الفساد

    لذا أيها الإخوة! أنصحكم نصيحة بسيطةً متواضعة وهي أن نكتفي بوضع تلك الأجهزة في مكانٍ واحدٍ عام، تؤمه الأسرة، يجلس فيه الجميع، في مكانٍ لا يكاد يخلو من أحد، في مكانٍ توضع فيه تلك الأجهزة، يوضع فيه التليفون، والتلفزيون، والإنترنت، وجهاز الاستقبال الفضائي مع التحفظ عليه وضبطه ضبطاً كاملاً، وتفقده بين فترةٍ وأخرى، حتى لا يقوم أحد بتغيير ضبطه، أو فتح قنواته المختلفة.

    أيها الإخوة: لا تعتبروا هذا الكلام فظاً حين أقول لكم: لا داعي للهواتف المحمولة التي تعطى وتوزع على الفتيات دونما حاجة، لقد عشنا ولا زلنا نعيش دون أن نحتاج إلى هذه الهواتف المحمولة إلا في الفترة الأخيرة، وأصبحت لا تكاد تنـزل من أيدينا ولا عن آذاننا، إن هذه هي الخطوة الأولى.

    وخطوةٌ أخرى هي الاهتمام من قبل الأب، والعودة إلى المنـزل، والبيت والأسرة.

    أيها الآباء: أقصد بالعودة أن تكونوا حاضرين .. أن تجلسوا مع بناتكم .. أن تتحدثوا إليهن .. أن تفتحوا باب الحوار معهن .. وأن تعرفوا ما الذي يدور في نفوسهن .. التقرب إلى الفتيات .. التودد إليهن .. تحقيق الرغبات المشروعة .. القيام بدور الأبوة الحقيقي كالخروج معهن إلى الأماكن العامة .. توفير البدائل التي تشغل الأوقات وهي كثيرة لا حصر لها، تحتاج فقط إلى أن يستشعر الأب مسئوليته، ثم يبدأ ويبحث ويسأل ويتقصى لكي يجد بدلاً من البديل الواحد ألف بديل.

    أيها الإخوة! أمرٌ ثالث ومهم، وهو أهم من كل ما سبق: وهو التربية الإيمانية العميقة .. التنشئة الصالحة منذ الصغر .. استدراك ما يمكن استدراكه بعد الكبر .. توفير البيئة الصالحة في المنـزل في شخص الأب والأم .. غرس القيم الأخلاقية الراسخة .. بيان بعض المظاهر المنحرفة والتحذير منها، والنقاش حولها، وتقديم الحوار والإقناع على الأوامر والنواهي.

    وأريد -أيها الإخوة!- أن أركز على أمرٍ، وهو أن هناك من الحاضرين أو من غير الحاضرين من يشعر أن هذا الكلام لا يخصه ولا يعنيه، وأنه ببيته وأهله بعيدٌ كل البعد عن هذه الظواهر، وأن البيت والأهل من الطهر والصلاح بحيث لا مجال لهم أن يقعوا في تلك الخطايا، أو في تلك المظاهر السلبية، وصدقوني أنني أتمنى أن تكون كل بيوتنا كذلك، ولكن والله -أيها الإخوة!- ثم والله ثم والله لو تعلمون ما أعلم من حكاياتٍ وأحداثٍ أبطالها بنات مراهقات، من بيوتٍ كبيرة، وعائلاتٍ معروفة، وقعن في الفخ، وافترسهن الذئاب لعرفتم أن الأمر أخطر مما تتصورون، ولو رأيتم مناظر الآباء أو الأزواج حين علموا ما علموا لعرفتم أنكم مطالبون بالبحث والتحري، والسؤال والمتابعة، ولكن بعقلٍ وحكمةٍ ووعي.

    نعم -أيها الإخوة!- يجب أن نعود إلى البيوت، ويجب أن نثق في بيوتنا وزوجاتنا وأخواتنا وبناتنا ثقةً كبيرة، وهذا هو الأصل، ولكن لا مانع من الحذر، ولا مانع من الحيطة، والتثبت حتى لا يحدث ما لا يخطر لنا على بال.

    أيها الإخوة: إنني أريد أن نتفاعل جميعاً مع هذه القضايا، وأن نناقشها في بيوتنا مع زوجاتنا، ومع بناتنا، ومع أخواتنا، ونناقشها بحكمةٍ وبصيرةٍ وبوعي، لا أريد أن يتفاعل أحدٌ مع هذا الكلام، فيذهب إلى البيت وقد علاه الشك, وأخذت منه الريبة مآخذها فيتغير، ويريد أن يغير، ويعنف، ويجتهد في الإصلاح بفظاظةٍ وغلظة وقسوة، فيهدم أكثر مما يصلح.

    فالتعنيف -أيها الإخوة!- والهجوم والتضييق أيضاً يؤدي إلى نفس المشكلة التي نهرب منها.

    أيها الإخوة: عليكم بالحكمة، ثم الحكمة، ثم الحكمة، وبغير ذلك فسوف نُفرط أو نَفرط، ونكون كالمنبت الذي لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

    أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

    1.   

    ضرورة قيام الرجل بدوره في بيته

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.

    وبعد:

    أيها الإخوة: يقول صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى يغار، والمؤمن يغار) ويقول عليه الصلاة والسلام في حديثٍ آخر: (إني لغيور، وما من امرئٍ لا يغار إلا وهو منكوس القلب).

    فأين الغيرة اليوم على النساء.. على الأخوات.. على البنات.. على الزوجات؟

    أين الرجولة؟ أين الرجال مما يحدث من بعض النساء اليوم: من تكسرٍ، وتخلعٍ، وتكشفٍ، وتعرٍّ؟

    أين الرجال من هذا كله؟ هل تغيرت مفاهيمهم؟ هل تعطلت مشاعرهم فلم يعودوا يفرقون بين ما ينبغي فعله وما لا ينبغي، أم تركوا الحبل على الغارب، وأعطوا للنساء الحرية المطلقة، ليقيّمن بعقولهن فقط دون الاعتماد على الرجل؟

    أيها الإخوة: يقول الله جل وعلا: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ [النساء:34] ويقول جل من قائل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم:6].

    فأين القوامة يا أيها المؤمنون؟ وأين القيام بدور الناصح والمسئول يا أيها المؤمنون؟

    وعلى كل حال للحديث بقيةٌ أيها الإخوة! وهناك تفاصيل أوسع، والحديث ذو شجون، والله المستعان أولاً وآخراً.

    عباد الله: صلوا وسلموا على رسول الله، فقد أمركم بذلك ربكم فقال عز من قائل: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56].

    اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه وأتباعه ومن سار على دربه، واستن بسنته إلى يوم الدين.

    اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، اللهم أصلح أحوال المسلمين، اللهم أصلح أحوال المسلمين، اللهم أصلح أحوال المسلمين، اللهم عليك باليهود والنصارى ومن شايعهم على باطلهم يا رب العالمين! اللهم عليك باليهود فإنهم لا يعجزونك، اللهم عليك باليهود فإنهم لا يعجزونك، اللهم أحصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً.

    اللهم عليك بـشارون ومن معه، اللهم اقتلهم شر قتلة، اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك.

    اللهم أصلح ولاة أمور المسلمين، اللهم وفقهم للعمل بكتابك واتباع سنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، اللهم وفق ولي أمرنا بتوفيقك، واهده بهدايتك، اللهم أصلح له البطانة، اللهم أصلح له البطانة، اللهم أصلح له البطانة.

    اللهم اغفر لنا ذنوبنا كلها، دقها وجلها، أولها وآخرها، علانيتها وسرها، اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا، وما أسررنا وما أعلنا، وما أنت أعلم به منا، أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيءٍ قدير.

    ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.

    عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي؛ يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله الجليل العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755791461