إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. عبد المحسن العباد
  5. سلسلة شرح سنن النسائي
  6. كتاب الصلاة
  7. شرح سنن النسائي - كتاب الأذان - (باب أذان المنفردين في السفر) إلى (باب هل يؤذنان جميعاً أو فرادى؟)

شرح سنن النسائي - كتاب الأذان - (باب أذان المنفردين في السفر) إلى (باب هل يؤذنان جميعاً أو فرادى؟)للشيخ : عبد المحسن العباد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن الأحق بإقامة الصلاة هو الأقرأ ثم الأفقه بالسنة ثم الأقدم هجرة ثم الأكبر سناً، وأما بالنسبة للأذان فإنه إذا حضرت الصلاة يشرع للرجل أن يؤذن لها حتى ولو كان منفرداً، ويكفي الجماعة أن يؤذن لهم أحدهم.

    1.   

    أذان المنفردين في السفر

    شرح حديث: (إذا سافرتما فأذنا وأقيما وليؤمكما أكبركما)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب أذان المنفردين في السفر.

    أخبرنا حاجب بن سليمان عن وكيع عن سفيان عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن مالك بن الحويرث أنه قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أنا وابن عم لي، وقال مرة أخرى: أنا وصاحب لي، فقال: إذا سافرتما فأذنا وأقيما وليؤمكما أكبركما)].

    يقول النسائي رحمه الله: (باب أذان المنفردين في السفر)، المقصود من هذه التراجم: أن الاثنين إذا سافرا فإنه يؤذن أحدهما ويقيم، ويؤمهما أكبرهما.

    وقد أورد النسائي حديث مالك بن الحويرث بهذا المعنى، أنه قال: أي مالك بن الحويرث: ذهبت أنا وابن عم لي أو صاحب لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا سافرتما فأذنا وأقيما وليؤمكما أكبركما)، ومحل الشاهد منه قوله: (فأذنا وأقيما)، فهما اثنان، وقد أمرهما النبي عليه الصلاة والسلام عندما يحين وقت الصلاة أن يؤذنا، بل إن الأذان يكون حتى من الواحد إذا كان وحده فإنه عندما يأتي وقت الصلاة يؤذن ولو كان وحده، وقد جاء بذلك بعض الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    وهذا الحديث -الذي هو حديث مالك بن الحويرث- فيه أن الإمامة أنها تتميز على الأذان؛ وذلك أن الإمامة قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فليؤمكما أكبركما)، وأما الأذان فقال: (أذنا وأقيما)، وفي بعض الروايات: (فليؤذن أحدكم)، فجعل الإمامة للأكبر، وجعل الأذان لواحد منهما، فدل على تمييز الإمامة على الأذان، وأن الذي يتولى الإمامة من يكون أكبر، وهذا في حالة التساوي في الأمور التي قبل الكبر، وهي الأقرأ للقرآن، والأعلم بالسنة، ثم بعد ذلك يكون الأكبر، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (وليؤمكما أكبركما)؛ لأنهما كانا متماثلين، فيما قبل الكبر، فجعل الإمامة للكبير.

    تراجم رجال إسناد حديث: (إذا سافرتما فأذنا وأقيما وليؤمكما أكبركما)

    قوله: [أخبرنا حاجب بن سليمان].

    هو المنبجي، وهو صدوق يهم، وحديثه أخرجه النسائي وحده، ومنبج بلدة من بلاد الشام، نسب إليها، فيقال له: المنبجي، وهو صدوق يهم، خرج حديثه النسائي.

    [عن وكيع].

    وهو وكيع بن الجراح بن مليح الرؤاسي الكوفي، وهو ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن سفيان].

    وسفيان غير منسوب هنا، ولكنه محمول على الثوري؛ لأنه إذا جاء ذكر وكيع يروي عن سفيان، وسفيان غير منسوب فإنه يحمل على الثوري، وهذا هو الذي ذكره الحافظ ابن حجر في فتح الباري، قال: إذا جاء وكيع عن سفيان فالمراد به الثوري، وليس المراد به ابن عيينة، والثوري ووكيع من بلد واحد، وهي الكوفة.

    وسفيان الثوري هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، المحدث، الفقيه، الحجة، الذي وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهذه من الأوصاف الرفيعة والألقاب العالية التي لم يظفر بها إلا عدد قليل جداً من المحدثين، ومنهم سفيان الثوري رحمة الله عليه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [عن خالد الحذاء].

    وهو خالد بن مهران الملقب الحذاء، ولم يكن تلقيبه بالحذاء لأنه كان حذاء يصنع الحذاء أو يبيعها، لم يكن كذلك، ولكنه قيل: إنه كان يجالس الحذائين، فقيل له: الحذاء، أو إنه كان يقول للحذاء: احذ على كذا، أي: قف على كذا، واحذي حذو كذا، فقيل له: الحذاء لهذا، وهذه نسبة لغير ما يتبادر إلى الذهن؛ لأن الذي يتبادر إلى الذهن -إذا قيل: الحذاء- أنه صانع الأحذية أو بائع الأحذية، وأما أن يكون يجالس الحذائين أو يقول: احذ على كذا، فهذا ليس متبادراً إلى الذهن.

    وهو ثقة، يرسل، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    [عن أبي قلابة].

    وهو عبد الله بن زيد الجرمي، وهو ثقة، كثير الإرسال، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بكنيته أبي قلابة.

    [عن مالك بن الحويرث].

    مالك بن الحويرث، صحابي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    1.   

    اجتزاء المرء بأذان غيره في الحضر

    شرح حديث: (... إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [اجتزاء المرء بأذان غيره في الحضر.

    أخبرني زياد بن أيوب حدثنا إسماعيل حدثنا أيوب عن أبي قلابة عن مالك بن الحويرث رضي الله تعالى عنه أنه قال: (أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن شببة متقاربون، فأقمنا عنده عشرين ليلة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيماً رفيقاً، فظن أنا قد اشتقنا إلى أهلنا، فسألنا عمن تركناه من أهلنا، فأخبرناه، فقال: ارجعوا إلى أهليكم، فأقيموا عندهم، وعلموهم، ومروهم إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكبركم)].

    هنا أورد النسائي هذه التراجم وهي: اجتزاء المرء بأذان غيره في الحضر، مقصود هذه التراجم أنه في الحضر، وكذلك في السفر إذا أذن واحد للجماعة الواحدة فإنه يجزئ ويكفي، ولا يحتاج إلى أن يؤذن غيره، فإذا أذن مؤذن المسجد فإنه يجزئ عن غيره، ولا يحتاج إلى أن كل واحد يؤذن كما يكون في السفر، لو كان الإنسان وحده فإنه يؤذن ولو كان وحده، أما أن يكون في الحضر والناس جماعة، فإنه يكفي أذان واحد منهم.

    وقد أورد النسائي حديث مالك بن الحويرث من طريق أخرى، وأنه جاء جماعة من الشباب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجلسوا عنده عشرين ليلة، وكانوا يتفقهون، ويتعلمون، فلما رآهم قد اشتاقوا إلى أهليهم، وقد مكثوا هذه المدة، وهي عشرين ليلة، سألهم عمن وراءهم، فأخبروه، ثم قال: (ارجعوا إلى أهليكم، وعلموهم، ومروهم، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم، وليؤمكم أكبركم)، فالرسول صلى الله عليه وسلم لما جاءه هؤلاء الجماعة من الشباب، وتغربوا من بلدهم وجلسوا في المدينة يلازمون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويتحملون عنه، ويأخذون عنه الحق والهدى، فلما طالت المدة عليهم، ورأى أنهم قد اشتاقوا إلى أهليهم؛ لمكثهم هذه المدة، وهي عشرون ليلة سألهم عمن وراءهم، أي: سألهم عن أهليهم، وكان عليه الصلاة والسلام رحيماً رفيقاً، رحيماً بأمته رفيقاً بهم، وقد وصفه الله عز وجل بذلك في قوله: لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة:128]، فهذا وصفه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه الذي وصفه الله تعالى به، والذي وصفه به أصحابه الكرام رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.

    وفي قوله عليه الصلاة والسلام: (علموهم ومروهم)، معناه: أن الإنسان إذا حصل شيئاً من العلم فإنه يبذله، وإذا تعلم ولو شيئاً قليلاً فإنه يبلغ ذلك الشيء الذي تحمله؛ لأن هؤلاء الشباب الذين جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وجلسوا عنده عشرين ليلة، وأخذوا منه ما أخذوا قال لهم: (ارجعوا إلى أهليكم وعلموهم ومروهم)، أي: بالشيء الذي أرشدهم إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والأوامر التي أمرهم بها رسول الله عليه الصلاة والسلام، فإنهم يبلغونها من وراءهم.

    ثم قال: (فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم)، وهذا هو محل الشاهد من إيراد الحديث، أي: واحد من الناس في الحضر يكفي عن غيره، وكذلك في السفر، إذا كانوا مجموعة واحدة فيؤذن واحد منهم، ولكن الإمامة يتولاها الأكبر، والرسول صلى الله عليه وسلم قال هنا: (وليؤمكم أكبركم)، مع أنه جاء في حديث أبي مسعود الأنصاري البدري قوله صلى الله عليه وسلم: (يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء، فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء، فأكبرهم سناً)، وقد جعل الكبر في السن متأخراً عن هذه الأمور؛ لأن هؤلاء متساوون فيما قبل ذلك؛ وذلك لأنهم جاءوا وهم شباب، وجلسوا مدة، وتعلموا ما تعلموا من القرآن جميعاً، وتعلموا ما تعلموا من السنة جميعاً، فكانوا متساويين في هذه الأمور، فلم يقل: (يؤمكم أقرأكم)؛ لأنهم متساوون في هذه الأشياء.

    فإذاً: يكون التمييز بعد ذلك عند التساوي لمن يكون أكبر، وهذا هو التوفيق بين هذا الحديث وبين حديث (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله)، فهو لا يعارضه، بل المعول على حديث أبي مسعود.

    تراجم رجال إسناد حديث (... إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم)

    قوله: [أخبرني زياد بن أيوب].

    وزياد بن أيوب لقبه دلويه، وهو ثقة، خرج حديثه البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.

    [حدثنا إسماعيل].

    وهو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم المشهور بـابن علية، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [حدثنا أيوب].

    وهو أيوب بن أبي تميمة السختياني، وهو ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن أبي قلابة عن مالك].

    قد مر ذكرهما في الإسناد الذي قبل هذا.

    شرح حديث: (... إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآناً)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرني إبراهيم بن يعقوب حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة عن عمرو بن سلمة فقال لي أبو قلابة: هو حي، أفلا تلقاه؟ قال أيوب: فلقيته فسألته، فقال: لما كان وقعة الفتح بادر كل قوم بإسلامهم، فذهب أبي بإسلام أهل حوائنا، فلما قدم استقبلناه، فقال: جئتكم والله من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حقاً، فقال: (صلوا صلاة كذا في حين كذا، وصلاة كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكثركم قرآناً)].

    وهنا أورد النسائي حديث سلمة بن قيس الجرمي أنه لما كان عام الفتح ودخل الناس في دين الله أفواجاً، وبادر الناس إلى الدخول في الإسلام، وجاءت كل جماعة بمن يخبر بإسلامها، وأنها دخلت في الإسلام -كان أبوه، أي: أبو عمرو الذي هو سلمة بن قيس الجرمي- ذهب يخبر بإسلام قومه، فلما رجع من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: جئتكم والله من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حقاً، قال: (صلوا صلاة كذا في حين كذا)، أي: هذا مما أخبرهم به، ومما علمهم إياه رسول الله عليه الصلاة والسلام قوله: (فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكثركم قرآناً)، فهذا محل الشاهد، قوله: (فليؤذن أحدكم)، أي: واحد منهم يتولى الأذان، ثم يؤمهم أكثرهم قرآناً، وهذا حديث سلِمة بن قيس الجرمي مطابق لما جاء في حديث أبي مسعود عقبة بن عامر الأنصاري البدري في صحيح مسلم، حيث قال: (يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله)؛ لأنه هنا قال: (وليؤمكم أكثركم قرآناً)، فهذا يدل على أن الأقرأ هو الذي يقدم، وما جاء في حديث مالك بن الحويرث من أنه يؤمهم أكبرهم؛ لأنهم كانوا متساوين في القراءة كما عرفنا، فصار الحكم للأكبر، أما إذا كانوا ليسوا متساوين في القراءة فإن التقديم يكون للأكثر قرآناً كما جاء ذلك في حديث أبي مسعود عقبة بن عامر الأنصاري البدري، وكما جاء في حديث سلمة بن قيس الجرمي هذا، حيث قال عليه الصلاة والسلام: (وليؤمكم أكثركم قرآناً)، ومحل الشاهد منه قوله: (فليؤذن لكم أحدكم).

    قال: (لما كانت وقعة الفتح)، أي: فتح مكة قوله: (بادر كل قوم بإسلامهم) وقد حصل ما أخبر الله عز وجل: إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا [النصر:1-3]، فدخل الناس في دين الله أفواجاً؛ وذلك أن أهل مكة الذين أخرجوا الرسول صلى الله عليه وسلم، والذين هم أشد الناس مناوأة له، ومعاداة له لما دخلوا في الدين غيرهم تبعهم في ذلك؛ لأن هؤلاء هم الرءوس الذين كانوا مناوئين، وقاموا بمعاداة الرسول صلى الله عليه وسلم، فلما فتح الله عليه مكة ودخل الناس في دين الله أفواجاً، ودخل هؤلاء في الدين، دخل الناس في دين الله أفواجاً، فذهب من كل جماعة، من يخبر بإسلامها، وأنها دخلت في الدين، وكان سلمة بن قيس الجرمي ذهب بإسلام قومه، يخبر بأن قومه دخلوا في الإسلام، وأنهم دخلوا في دين الله عز وجل قوله: (بإسلام أهل حوائنا)، والمقصود بالحواء البيوت المجتمعة على ماء، هذا يقال له: الحواء، فذهب بإسلام قومه، يخبر بإسلام قومه ويبشر بإسلام قومه، فلما رجع من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (جئتكم والله من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حقاً، وأخبر أنه قال: صلوا صلاة كذا في وقت كذا، وصلاة كذا في وقت كذا، ثم قال: وليؤذن أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآناً).

    تراجم رجال إسناد حديث (... إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآناً)

    قوله: [أخبرني إبراهيم بن يعقوب].

    وهو إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، وهو ثقة، حافظ، خرج حديثه الترمذي، والنسائي، وأبو داود.

    [حدثنا سليمان بن حرب].

    هو: سليمان بن حرب الأزدي البصري، وهو ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [حدثنا حماد بن زيد].

    هو:حماد بن زيد بن درهم، وهو بصري، ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة أيضاً.

    [عن أيوب].

    هو أيوب بن أبي تميمة السختياني، وقد تقدم.

    [عن أبي قلابة].

    وقد تقدم أيضاً.

    [عن عمرو بن سلمة].

    هو عمرو بن سلمة بن قيس الجرمي، وهو صحابي صغير، خرج حديثه البخاري، وأبو داود، والنسائي.

    وهو الذي جاء عنه في البخاري أنه لما جاء بهذا الخبر عن أبيه، بحثوا ووجدوه أنه أقرأهم، فقدموه، أي: قدموا عمرو بن سلمة الجرمي، وكان صغيراً، فقدموه في الإمامة لكونه أقرأهم لكتاب الله عز وجل، وكان إذا جاء أحد من عند الرسول صلى الله عليه وسلم لقيه وتعلم منه شيئاً من القرآن، فكان أقرأ قومه، أو أكثرهم معرفة بالقرآن، أو حفظاً للقرآن وحملاً للقرآن فقدموه.

    وعمرو بن سلمة يروي عن أبيه.

    وهو سلمة بن قيس الجرمي، وهو صحابي من أصحاب رسول الله، وهو الذي وفد على الرسول يخبر بإسلام قومه كما في الحديث الذي معنا، وحديثه أخرجه البخاري، وأبو داود، والنسائي، مثل ابنه عمرو بن سلمة.

    وأيوب يروي عن أبي قلابة عن عمرو بن سلمة، يعني: هذا الحديث كان يرويه عنه بإسناد نازل، ثم إنه قال: إن عمرو بن سلمة حي، لو أنك لقيته وأخذت عنه، فلقيه أيوب وروى عنه مباشرة، فصار الإسناد عالياً؛ لأنه أسقط أبا قلابة بعد أن لقي عمراً؛ لأنه يكون بهذا أيوب عن عمرو بن سلمة الجرمي عن أبيه سلمة بن قيس الجرمي.

    1.   

    المؤذنان للمسجد الواحد

    شرح حديث: (إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [المؤذنان للمسجد الواحد.

    أخبرنا قتيبة عن مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن بلالاً يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم)].

    هنا أورد النسائي هذه الترجمة : المؤذنان في المسجد الواحد، أي: أن تعدد المؤذنين في المسجد الواحد -بأن يكون واحد يؤذن في وقت، وهذا يؤذن في وقت- سائغ وجائز، وليس المقصود بأنهما يؤذنان معاً دفعة واحدة في آن واحد، وإنما يتناوبان ويتعاقبان، بحيث يؤذن هذا لوقت، وهذا لوقت.

    وقد أورد النسائي حديث عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم)، أي: في الصيام، حتى ينادي ابن أم مكتوم، فهذان مؤذنان، هذا يؤذن أذان، وهذا يؤذن أذان، بلال يؤذن الأذان الأول الذي قبل طلوع الفجر، وابن أم مكتوم يؤذن الأذان الذي عند دخول الوقت الذي يمنع الأكل ويحل الصلاة؛ لأن الأذان الثاني إذا جاء جاء وقت الصلاة، وجاء الامتناع من الأكل، وأما الأذان الأول فإنه يبيح الأكل ويمنع الصلاة؛ لأنه ما جاء الوقت؛ لأن صلاة الفجر لا تجوز إلا بعد دخول الوقت الذي هو الأذان الثاني، ومن يريد أن يصوم فليأكل فإنه يباح له في ذلك الوقت الذي هو قبل الأذان الثاني.

    فإذاً: الأذان الأول يحل الأكل ويمنع الصلاة التي هي صلاة الفجر، والأذان الثاني يمنع الأكل ويحل الصلاة التي هي صلاة الفجر، ومحل الشاهد أن الرسول صلى الله عليه وسلم له مؤذنان يؤذنان في مسجده؛ بلال يؤذن الأذان الأول الذي قبل طلوع الفجر، وعبد الله بن أم مكتوم يؤذن الأذان الثاني الذي هو عند دخول الوقت.

    تراجم رجال إسناد حديث: (إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم)

    قوله: [أخبرنا قتيبة].

    هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن مالك].

    هو مالك بن أنس، إمام دار الهجرة، المحدث، الفقيه، المشهور، أحد الأئمة الأربعة أصحاب المذاهب المشهورة التي حصل لأصحابها أتباع عنوا بتدوينها والعناية بها فاشتهرت، وإن كان يوجد في زمانهم وقبل زمانهم وبعد زمانهم علماء مشهورون من الفقهاء، إلا أنه ما حصل لهم كما حصل لهؤلاء أناس عنوا بفقههم.

    وحديث مالك بن أنس أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [عن عبد الله بن دينار].

    وهو عبد الله بن دينار مولى عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما المدني، وهو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن ابن عمر].

    هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أحد العبادلة الأربعة في الصحابة، وهم: عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهم، وأحد السبعة المكثرين من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    وهذا الإسناد رباعي من أعلى الأسانيد عند النسائي؛ لأن فيه بين النسائي وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أشخاص: قتيبة، ومالك، وعبد الله بن دينار، وعبد الله بن عمر، فهو من أعلى الأسانيد عند النسائي، وهؤلاء الرواة كلهم حديثهم عند أصحاب الكتب الستة.

    شرح حديث: (إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى تسمعوا تأذين ابن أم مكتوم) من طريق أخرى

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة حدثنا الليث عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن بلالاً يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى تسمعوا تأذين ابن أم مكتوم)].

    هنا أورد النسائي حديث عبد الله بن عمر من طريق أخرى، وهو بمعنى الحديث المتقدم: (إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى تسمعوا نداء ابن أم مكتوم)، وهو مثل الذي قبله، وقوله: (كلوا واشربوا)، هذا أمر للإباحة، معناه يباح لكم أن تأكلوا في هذا الوقت الذي هو قبل الأذان الثاني، فهو مباح لكم، وأحل لكم أن تأكلوا، وتشربوا في هذا الوقت؛ لأن هذا وقت ليس وقت صيام، وإنما هو من الليل، وإذا طلع الفجر الثاني وأذن ابن أم مكتوم، عند ذلك يجب الامتناع ويتحتم الامتناع عن الأكل والشرب؛ لأنه دخل وقت الصيام.

    تراجم رجال إسناد حديث: (إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى تسمعوا تأذين ابن أم مكتوم) من طريق أخرى

    قوله: [أخبرنا قتيبة].

    هو قتيبة بن سعيد وقد مر ذكره في الإسناد الذي قبل هذا.

    [حدثنا الليث].

    هو الليث بن سعد المصري، المحدث، الفقيه، محدث مصر وفقيهها، وهو ثقة، ثبت، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة،

    [عن ابن شهاب].

    وهو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب، مشهور بنسبته إلى جده زهرة بن كلاب فيقال له: الزهري، ومشهور بالنسبة إلى جده شهاب، فيقال له: ابن شهاب، وهو محدث، فقيه، ومكثر من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي قام بجمع السنة بتكليف من الخليفة عمر بن عبد العزيز، وهو الذي قال فيه السيوطي في ألفيته:

    أول جامع الحديث والأثر ابن شهاب آمر له عمر

    وحديث ابن شهاب أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهو من صغار التابعين الذين رووا عن صغار الصحابة، وقد روى عن أنس بن مالك، وقد مر بنا بعض الأحاديث التي رواها الزهري عن أنس بن مالك.

    [عن سالم].

    هو سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وهو ثقة، ثبت، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهو أحد الفقهاء السبعة المشهورين في المدينة في عصر التابعين على أحد الأقوال في السابع منهم؛ لأن الفقهاء السبعة هم عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وعروة بن الزبير بن العوام، وخارجة بن زيد بن ثابت، وسعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، فهؤلاء الستة متفق على عدهم في الفقهاء السبعة، والسابع فيه ثلاثة أقوال:

    أحدها: أنه سالم بن عبد الله بن عمر الذي معنا.

    والثاني: أنه أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف.

    والثالث: أنه أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام.

    ويروي عن أبيه عبد الله بن عمر، وقد مر ذكره في الإسناد الذي قبل هذا.

    1.   

    هل يؤذنان جميعاً أو فرادى

    شرح حديث: (إذا أذن بلال فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم ...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [هل يؤذنان جميعاً أو فرادى؟

    أخبرنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا حفص عن عبيد الله عن القاسم عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أذن بلال فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم، قالت: ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويصعد هذا)].

    وهنا أورد النسائي هذه التراجم وهي: هل يؤذنان جميعاً أو فرادى؟ أي: هذان المؤذنان للمسجد الواحد، هل يؤذنان جميعاً أو يؤذنان فرادى؛ بأن يؤذن هذا في وقت وهذا في وقت؟ والمقصود من ذلك أنهما يؤذنان فرادى؛ لأن الحديث الذي أورده، أن هذا يؤذن على حدة، وهذا يؤذن على حدة، هذا يؤذن أذان، وهذا يؤذن أذان، ولا يؤذنان دفعة واحدة بأن يناديان سواء.

    وقد أورد النسائي حديث عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أذن بلال فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم).

    وهذا هو المقصود من التراجم؛ أي: إذا أذن فكلوا واشربوا حتى يؤذن، أي: بين أذان هذا وأذان هذا أكل وشرب، يعني مباح، وسائغ وجائز، وليس بواجب ولازم أن الإنسان يأكل، وإنما يباح له أن يأكل إذا أراد أن يأكل؛ لأنه لا يزال في الليل.

    قالت: (وليس بينهما إلا أن ينزل هذا ويصعد هذا)، أي: أن الوقت متقارب، وليس المقصود أن هذا ينزل وهذا يصعد في الحال، وإنما هذا ينزل ثم هذا يستعد ويتهيأ، ثم يؤذن، فبينهما وقت؛ لأن الحديث جاء كما سيأتي ليوقظ النائم، وليرجع القائم، أي: حتى يستريح وينام نومة خفيفة إذا كان يتهجد في الليل حتى يستعد لصلاة الفجر.

    تراجم رجال إسناد حديث: (إذا أذن بلال فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن مكتوم...)

    قوله: [أخبرنا يعقوب بن إبراهيم].

    وهو يعقوب بن إبراهيم الدورقي، المحدث، الثقة، الثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، فقد رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.

    [حدثنا حفص].

    وهو ابن غياث، هو ثقة، خرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [عن عبيد الله].

    وهو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب ، رضي الله تعالى عن عمر، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

    وهو الذي يقال له: عبيد الله المصغر، وهو الثقة، الثبت، بخلاف أخيه عبد الله المكبر فإنه ضعيف.

    [عن القاسم].

    هو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وهو أحد الفقهاء السبعة في المدينة في عصر التابعين، والذين ذكرتهم آنفاً، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [عن عائشة].

    القاسم يروي عن عمته عائشة أم المؤمنين؛ لأنه عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر، وهي الصديقة بنت الصديق، التي أنزل الله براءتها مما رميت به من الإفك في آيات تتلى في سورة النور، وهي الصحابية التي أكثرت من رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل هي واحدة من السبعة الذين عرفوا بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذين قال فيهم السيوطي في ألفيته:

    والمكثرون في رواية الأثر أبو هريرة يليه ابن عمر

    وأنس والبحر كالخدريِ وجابر وزوجة النبيِ

    فزوجة النبي هي عائشة رضي الله عنها وأرضاها، التي روت الأحاديث الكثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    شرح حديث: (إذا أذن ابن أم مكتوم فكلوا واشربوا وإذا أذن بلال فلا تأكلوا ولا تشربوا)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا يعقوب بن إبراهيم عن هشيم أخبرنا منصور عن خبيب بن عبد الرحمن عن عمته أنيسة أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أذن ابن أم مكتوم فكلوا واشربوا، وإذا أذن بلال فلا تأكلوا ولا تشربوا)].

    وتحت هذه الترجمة كذلك أورد النسائي حديث أنيسة بنت خبيب الصحابية التي روت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (إذا أذن ابن أم مكتوم فكلوا واشربوا، وإذا أذن بلال فلا تأكلوا ولا تشربوا)، وهذا الحديث يخالف الأحاديث المتقدمة من أن بلالاً هو الذي يؤذن بالليل، وأن الناس يأكلون ويشربون حتى يؤذن ابن أم مكتوم، فمن العلماء من قال: إن فيه قلب، وأن الأصل هو كما جاء في الروايات الأخرى: (إذا أذن بلال فكلوا واشربوا، وإذا أذن ابن أم مكتوم فلا تأكلوا ولا تشربوا)، فيكون مقلوباً، والصحيح أنه ليس بمقلوب، بل هو ثابت، ولكن هذا كان في بعض الأحوال، وقيل: إنه كان في أول الأمر كان ابن أم مكتوم يؤذن أولاً، وبلال يؤذن أخيراً، ثم صار الأمر على أن بلالاً هو الذي يؤذن في الأول، وابن أم مكتوم هو الذي يؤذن في الآخر.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755831808