إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (960)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    حكم صلاة الوتر وحكم القنوت فيها

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد الأمين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

    مستمعي الكرام!

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في لقاء جديد من لقاءات نور على الدرب، يسرنا أن نعرض ما لدينا فيه من رسائل واستفسارات على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    ====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة وردت من أحمد جابر محمد قبيصي من اليمن، يقول في رسالته: أنا شاب مسلم مصل صائم، أصلي الوتر، لكنني أتركه أحياناً مدة ليلة أو ليلتين، هل آثم بذلك؟ أفيدوني أفادكم الله، وهل القنوت ضروري في الوتر أم لا؟ أفيدونا بارك الله فيكم.

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله، أما بعد:

    فالوتر سنة مؤكدة وليس بواجب، فإذا تركته بعض الأحيان فلا حرج عليك، ولكن السنة أن تحافظ عليه، كان النبي صلى الله عليه وسلم يحافظ على الوتر في السفر والحضر عليه الصلاة والسلام.

    فالمستحب للمؤمن والمؤمنة الحفاظ على الوتر ولو ركعة واحدة فقط بعد العشاء، أو في أثناء الليل أو في آخر الليل، فإن صليت ثلاثاً أو خمساً أو أكثر فهذا أفضل، والركعة الواحدة مجزئة.

    وكذلك القنوت ليس بواجب، إنما هو مستحب في الوتر، وإذا تركته بعض الأحيان فلا بأس ولا حرج في ذلك، والحمد لله.

    1.   

    ما ينبغي للزوج الذي تطلب زوجته الطلاق بدون سبب

    السؤال: يسأل أخيراً ويقول: إذا طلبت المرأة من زوجها الطلاق بدون سبب، ورفض الزوج هذا الطلب هل يأثم بذلك أم لا؟

    الجواب: إذا كانت ليس لها سبب فإنه لا يلزمه الطلاق، ولكن ينبغي له أن يسعى في أسباب الألفة والمحبة وإزالة ما يسبب الطلاق؛ لأنها قد يكون لها أسباب فينبغي له أن يلاحظ ذلك، قد يكون هناك سبب من سوء الخلق، من البخل، من السهر بالليل وتأخير المجيء إليها، قد يكون له أسباب أخرى، فينبغي له أن يلاحظ، وأن يتقي الله حتى يؤدي حقها.

    أما هي فلا يجوز لها طلب الطلاق إلا بعلة، جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أيما امرأة سألت الطلاق من غير ما بأس لم ترح رائحة الجنة)، وهذا وعيد شديد.

    فالواجب على المرأة أن تعاشر بالمعروف، وأن تسمع وتطيع لزوجها بالمعروف، وألا تطلب الطلاق إلا من علة، فإذا كان هناك علة فلا بأس مثل: كونه بخيل لا يؤدي حقها، أو كونه مثلاً كثير المعاصي كالسكر ونحو ذلك، أو كونه يسهر كثيراً ويعطلها.. أو ما أشبه ذلك من الأسباب هذا عذر، أو تكون تبغضه ما جعل الله في قلبها له محبة، تبغضه كثيراً، ولا تستطيع أن تقوم بحقه لبغضائه، فلا بأس أن تطلب الطلاق؛ حتى لا تأثم في ترك حقه.

    وإذا طلبت الطلاق تعطيه مهره، إذا كان الداعي للطلاق بغضها له تعطيه ما أعطاها إياه من المهر من الجهاز، أما إذا كانت العلة منه كونه ما يؤدي حقها.. يبخل عليها بحقوقها.. يسهر الليل ولا يأتيها إلا بعد التعب في آخر الليل، أو كونه يتعاطى السكر، أو لا يصلي، هذه أسباب لها عذر في الطلب، وإذا أبى لها أن تحاكمه إلى المحكمة؛ حتى تنظر المحكمة في أمرها وأمره.

    والذي لا يصلي ليس لها أن تبقى معه؛ لأن ترك الصلاة كفر بالله نعوذ بالله؛ لأنها عمود الدين، فإذا ترك الزوج الصلاة صار عذراً لها في الامتناع منه، ولا يجوز لها أن يتصل بها حتى يتوب إلى الله من ذلك؛لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)، ولقوله عليه الصلاة والسلام: (رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة)، وهكذا يقول صلى الله عليه وسلم: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة).

    فالصلاة أمرها عظيم، وهي عمود الإسلام، وهي أول شيء يحاسب عليه العبد يوم القيامة من عمله، فالواجب على كل مؤمن وعلى كل مؤمنة وعلى كل إنسان يدعي الإسلام أن يتقي الله، وأن يحافظ على الصلوات الخمس في أوقاتها، وأن يؤديها مع المسلمين في جماعة المسلمين في المساجد؛ لأن تركها في المساجد معصية؛ كونه يصليها في البيت معصية وليس كفراً، لكن كونه يتركها بالكلية ولا يصلي هذا هو الكفر، وإن لم يجحد وجوبها في أصح قولي العلماء.

    أما من جحد وجوبها كفر بإجماع المسلمين، من جحد وجوب الصلاة، أو وجوب صوم رمضان، أو وجوب زكاة المال مع وجود النصاب.. أو ما أشبه ذلك مما هو معلوم من الدين بالضرورة فهذا يكون كافراً بذلك، نسأل الله العافية.

    1.   

    حكم التعامل مع المسيحيين وغيرهم من الكفار إذا كانوا أصحاب مهن وبيع وشراء

    السؤال: هذه رسالة وردت من القصيم -بريدة- من المستمع: (س. ع. م. ع)، يقول في رسالته: هناك أصحاب مهن، كالحلاقة والخياطة والعمل في المطاعم.. أو غير ذلك، وهم غير مسلمين؛ إما مسيحيون أو لا دينيون، فما حكم تعامل المسلم معهم؟

    الجواب: ما داموا في البلاد يتعاطون هذه الأمور فلا مانع من الشراء منهم، وقضاء الحاجة والبيع عليهم، فقد اشترى النبي صلى الله عليه وسلم من اليهود واشترى من بعض المشركين فلا بأس.

    لكن لا يحبهم في الله.. لا يواليهم، بل يبغضهم في الله، ولا يتخذهم أصدقاء ولا أحباب، والواجب أن يستخدم المسلمون والمسلمات دون الكفار في كل الأعمال.

    1.   

    حكم دفع كفارة اليمين لأسرة واحدة مع عدم معرفة عددها

    السؤال: هذا أيضاً يسأل ويقول هذا السائل من القصيم: هل يمكن أن أدفع كفارة اليمين لأسرة واحدة وأنا أجهل عددهم داخل المنزل؟

    الجواب: لابد أن تعرف عددهم، إذا كانوا عشرة فلا بأس، وإن كانوا خمسة تعطيهم النص والنص لغيرهم.. وهكذا، إن كانوا ستة تعطيهم ستة ويبقى أربعة تلتمسهم من جهات أخرى؛ لأن الواجب عشرة لابد من عشرة كما أمر الله بهذا سبحانه وتعالى.

    1.   

    حكم حديث: (لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد)

    السؤال: بارك الله فيكم، يسأل أيضاً ويقول: سمعنا حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيه: (لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد)، فما مدى صحة هذا الحديث؟ أفيدونا أفادكم الله.

    الجواب: هذا الحديث ضعيف فيما نعلم، وإنما هو معروف عن علي رضي الله عنه من قوله، وإنما المحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر)، وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لـعبد الله بن أم مكتوم كان أعمى لما قال له: (يا رسول الله! ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي، فقال له نبينا عليه الصلاة والسلام: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب)، فأمره أن يجيب النداء: حي على الصلاة.. حي على الفلاح.

    وفي لفظ قال له: (لا أجد لك رخصة)، فدل ذلك على أن الواجب أن تؤدى الصلوات في المساجد مع المسلمين، ولا يجوز أن تؤدى في البيوت، وقال صلى الله عليه وسلم: (لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلاً فيؤم الناس، ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى رجال لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم)، فهذا يدل على أن ترك صلاة الجماعة أمر منكر يستحق صاحبه العقوبة، وهو صلى الله عليه وسلم لا يهم إلا بالحق عليه الصلاة والسلام.

    فالمقصود أن الواجب على الرجال المؤمنين أن يصلوا في المساجد مع إخوانهم، وليس لهم الصلاة في البيت، أما حديث: (لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد)، فهذا لا نعلمه صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو مما جاء عن علي رضي الله عنه من قوله.

    وهو معناه صحيح، معناه الوعيد على ترك الصلاة في المسجد، وأنه لا صلاة له، يعني: لا صلاة له كاملة إلا في المسجد، صلاته صحيحة مع الإثم إذا صلى في البيت، لكن الصلاة الكاملة الصحيحة التي يسلم صاحبها من الإثم هي التي تؤدى مع إخوانه في بيوت الله.

    1.   

    مدة المسح على الخفين للمقيم

    السؤال: أخيراً يسأل صاحبنا من القصيم يقول: ما هو تحديد وقت المسح على الخفين للمقيم بالساعة تقريباً؟

    الجواب: الواجب مثلما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يوم وليلة)، والساعة تختلف في هذا؛ فإذا مسح على الجوربين أو الخفين من صلاة العصر فليس له أن يمسح في اليوم الآتي لصلاة العصر، بل يمسح قبل صلاة العصر يوم وليلة.

    وإذا مسح عليها لصلاة المغرب مثلاً فإنه يمسح عليها إلى المغرب في اليوم الآتي يوم وليلة، ومعلوم أن اليوم والليلة أربعة وعشرين ساعة معروف.

    فالحاصل: أن العبرة بمسحه بعد الحدث، فإذا مسح بعد الحدث مثلاً العصر فإنه يمسح إلى العصر الآتي، وإذا مسح بعد الحدث بعد العشاء فإنه يمسح عليها إلى بعد العشاء في الليلة الآتية، إذا جاء العشاء وقت المسح الذي حصل منه في الليلة الماضية انتهت المدة، فليس له أن يمسح من جديد، بل يخلع ثم يتوضأ وضوءاً كاملاً ثم يلبس.

    1.   

    كيفية زكاة المال التي لم تخرج مدة أربع سنوات

    السؤال: بارك الله فيكم، هذه رسالة من أخت مستمعة من القطيف لا ترغب ذكر اسمها، تقول في رسالتها: أنا معلمة أملك بعض المال؛ حيث أحصل على راتب مقابل التدريس، لمدة أربع سنوات الآن، وقد تعودت من أول ما استلمت راتبي بالإنفاق على أهلي، فيكون أكبر قسم لوالدتي ثم لوالدي ثم جدتي، وبعضه لأعمال الخير شهرياً، والباقي أدخره لنفسي، لكن عندما أردت إخراج الزكاة عليه قالت لي والدتي: إنها تخرج من المال الذي عندها وهذا يكفي، لكنها في الحقيقة لا تعلم كم أنا أملك من الآن، والآن مضى أربع سنوات على امتلاكي للمال فأنا في حيرة هل علي زكاة أم لا؟ وكيف أزكي على السنوات الأربع الماضية؟

    الجواب: أنت مأجورة في إنفاقك على أمك وعلى أبيك وعلى جدتك وفي وجوه الخير، فجزاك الله خيراً وتقبل منا ومنك.

    أما ما يتعلق بالزكاة فإخراج أمك عنك لا يجزي؛ لأنك لم توكليها في الإخراج، وكونها تخرج عنك بدون إذن إنما قد تكون محسنة في ذلك، ولكن لا يكون ذلك مجزئاً عن الزكاة إلا بوكالة منك لها عما عندك من المال، وعليك أن تزكي ما عندك من المال عن السنوات الأربع إذا كان قد بلغ النصاب فإنك تزكينه عن السنوات الأربع، عن السنة الأولى بمقدار المال، وعن الثانية كذلك، وعن الثالثة كذلك.. وهكذا تزكين كل مال بما يجب عليه.

    عن الألف خمسة وعشرين.. عن كل ألف خمسة وعشرين، هكذا الواجب تخرجين عن الألف خمسة وعشرين، ألفين خمسين، وعن ثلاثة آلاف خمسة وسبعين.. وهكذا.

    1.   

    حكم شراء تمر ونحوه بقيمة الزكاة وتوزيعه على الفقراء

    السؤال: بارك الله فيكم، تقول الأخت من القطيف أيضاً: هل يجوز إخراج الزكاة من المال الذي بلغ نصاباً واشتريت بهذا النصاب تمراً وقسمته بالتساوي على الأقارب أو الفقراء؟

    الجواب: إذا نويت بذلك الزكاة أجزأ على الصحيح، إذا اشتريت بالنصاب كله تمراً أو حنطة أو أرزاً أو ملابس وقسمته ونويت بعضه عن الزكاة فهذا مجزئ على الصحيح؛ لأنه يجوز إخراج العروض عن الزكاة إذا كانت بقيمتها وكان ذلك للمصلحة الشرعية؛ لأن بعض من تعطينه قد لا يحسنون التصرف، فإذا دفعت عروضاً لهم عن الزكاة لكونهم فقراء فلا بأس، أما إذا كانوا أغنياء لا؛ لابد يكونوا فقراء، إذا أعطيتيهم مقدار الزكاة من النقود أو من العروض: من الحبوب أو ملابس بقدر الزكاة أجزأ ذلك إذا كانوا فقراء، ولكن لابد أن يكونوا غير الأم والأب، يعني: إخوه أو أعمام أو أخوال، أما الأب والأم والأجداد والجدات والأولاد لا تصرف فيهم الزكاة، الزكاة لا تصرف فيهم، تصرف في غيرهم، ولكن تعطينهم من مالك غير الزكاة.

    أما الإخوة والأقارب الآخرون فلا بأس أن يعطوا من الزكاة إذا كانوا فقراء، إما نقود رأسها وإما ما يقابل ذلك من الطعام أو من الملابس إذا رأيت أن إعطاءهم ذلك أنسب بحسب القيمة.

    1.   

    بطلان قول: إن المعصية تبطل أعمال الخير

    السؤال: تقول أيضاً: لقد هداني الله عز وجل فتمسكت بالدين ولله الحمد والمنة، لكن أحياناً يصدر مني بعض تصرفات كالغضب مثلاً، أو التعجل، وهناك من يقول لي: إن هذا يضر بدينك، ويبطل أفعال الخير التي تسعين إليها، وأنها ترد عليك مقابل هذه الأخطاء، فأنا بعد ذلك أبكي وأستغفر الله عز وجل، ولكن في الحقيقة هم يخوفونني حتى دب إلي اليأس، فأخشى أن ترد علي أعمالي؟ أفيدوني أفادكم الله.

    الجواب: ليس عليك في هذا خطر إن شاء الله، إذا وقع منك شيء من المعاصي والأغلاط فعليك التوبة إلى الله والحذر، أما أعمالك فهي في طريقها والحمد لله، إنما يبطلها الكفر بالله نعوذ بالله، أما المعصية فلا تبطلها، ولكن المعاصي خطرها عظيم فيجب الحذر.. عليك الحذر من شر اللسان وشر الأعمال ولا حرج عليك إن شاء الله فيما فعلت من الخير، والمؤمن إذا تاب تاب الله عليه، يقول الله سبحانه: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى [طه:82]، فعليك أن تجتهدي في حفظ لسانك وأعمالك مما حرم الله، وعليك أن تستمري في الخير، وأبشري بالخير، وإذا وقع شيء من الخطأ وهو معصية فعليك البدار بالتوبة، كأن اغتبتي أحداً أو سببتي أحداً أو كذبتي بادري بالتوبة، وهذه المعاصي لا تبطل أعمالك، وإنما المعاصي عليك التوبة إلى الله منها فقط، وأعمالك الطيبة التي فعلت يرجى لك فيها الخير والقبول.

    1.   

    عدة الحرة والأمة

    السؤال: هذه رسالة وردتنا من السودان من قرية الهبيكة، من السائل: مصطفى عبد الماجد البشير ، يقول في رسالته بعد شكره لله عز وجل، ثم شكره لإذاعة المملكة على هذا البرنامج، ودعائه لأصحاب الفضيلة المشايخ بالتوفيق، ونحن نقول له: تقبل الله منا ومنك وأصلح النية، يقول:

    هل يوجد فرق بين عدة المرأة الحرة والمرأة المملوكة؟ أفيدونا أفادكم الله.

    الجواب: نعم، الذي عليه جمهور أهل العلم أن عدتها نصف الحرة، إذا طلقت الجارية المملوكة اعتدت حيضتين بدل ثلاث حيض؛ لأن الحيضة لا تنقسم، ولكن تجبر فتعتد حيضتين.

    وهكذا في عدة الوفاة شهرين وخمسة أيام عند الجمهور، وقال بعض أهل العلم: إنه لا فرق وأنها تعدد مثل الحرة، ولكن المعروف عن الصحابة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم التنصيف، كما جعل الله حدها النصف إذا زنت عليها نصف ما على المحصنات، فهكذا العدة عليها النصف المملوكة.

    فإذا طلقها زوجها فإنها تعتد نصف الحرة، يعني: حيضتين وإذا كان بالشهور كالآيسة والصغيرة تكون شهراً ونصفاً.

    1.   

    حكم الزكاة على المماليك إذا كانوا فقراء

    السؤال: يسأل أيضاً ويقول: هل تجوز الزكاة للمماليك ولو كانوا في غير عصمة الإنسان وهم في أشد الحاجة إليها؟

    الجواب: المملوك غني من سيده، إذا كان سيده ينفق عليه لا يعطى الزكاة، أما لو كان سيده قد أهمله وأضاعه ولا يعطيه الزكاة وهو فقير لا يستطيع أن يعمل بل هو عاجز أو ممنوع من الكسب لم يتيسر له الكسب وهو فقير فإنه يعطى؛ لأن العلة المانعة إغناؤه بسيده وكون سيده يقوم عليه وينفق عليه، فإذا كان سيده لا ينفق عليه وهو محتاج وفقير وليس عنده كسب يقوم بحاله فإنه يعطى من الزكاة.

    1.   

    حكم القول بأن النبي صلى الله عليه وسلم خلق من نور

    السؤال: بارك الله فيكم، يسأل أيضاً ويقول: نسمع في بعض الخطب عندنا -خطب الجمعة- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مخلوق من نور وليس من تراب كسائر الناس، نسأل عن صحة هذا الكلام؟

    الجواب: هذا كلام باطل وليس له أصل، الله خلق نبينا صلى الله عليه وسلم مثلما خلق بقية البشر من ماء مهين من ماء أبيه عبد الله وماء أمه آمنة ، كما قال الله جل وعلا في كتابه العظيم: ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ [السجدة:8]، لما خلق آدم من الطين، قال: ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ [السجدة:8]، يقول سبحانه: ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ [السجدة:7-8].

    فمحمد صلى الله عليه وسلم من نسل آدم وجميع نسل آدم كلهم من سلالة من ماء مهين وهو منهم، أما ما يروى أنه خلق من النور فهذا لا أصل له، وهو حديث موضوع مكذوب باطل لا أصل له، وبعضهم يعزوه إلى مسند أحمد عن جابر وهذا لا أصل له، وبعضهم يعزوه إلى مصنف عبد الرزاق وهذا لا أصل له.

    المقصود: أنه حديث باطل لا أصل له عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما خلقه الله مما خلق منه بني آدم وخلق منه الأنبياء جميعاً، وهو من ماء الرجل وماء المرأة، هذا هو الأمر المعلوم.

    وأما ما يدعيه بعض الغلاة وبعض الجهلة أنه خلق من النور فهذا باطل لا أصل له، وهو نور صلى الله عليه وسلم هو نور جعله الله نوراً للناس بما أوحى إليه من الهدى من الكتاب العزيز والسنة المطهرة، كما قال سبحانه: قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ [المائدة:15]، فهذا النور هو: محمد صلى الله عليه وسلم، يعني: ما أوحى الله إليه من النور سماه نوراً؛ لأن الله جعله نوراً بما أوحى إليه من الهدى، كما قال في الآية الأخرى: إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا [الأحزاب:45-46].

    هو السراج المنير وهو نور لما أعطاه الله من الوحي العظيم من القرآن والسنة؛ فإن الله أنار بهما الطريق وأوضح بهما الصراط المستقيم وهدى بهما الأمة إلى الخير.

    فهو نور وجاء بالنور عليه الصلاة والسلام وليس معناه أنه خلق من نور، لا خلق من ماء مهين، لكنه نور بما أوحى الله إليه من الهدى، وما أعطاه الله من العلم الذي علمه الناس عليه الصلاة والسلام.

    فالرسل نور، والعلماء نور -علماء الحق- بما أعطاهم الله من الهدى؛ فهم نور للعالم بما اقتبسوه مما جاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام.

    المقدم: أثابكم الله، وبارك الله فيكم.

    بهذا إخوتي المستمعين الكرام! نأتي إلى ختام هذه الحلقة التي أجاب فيها سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز على رسائلكم واستفساراتكم فأثابه الله وجزاه الله خيراً عنا وعنكم.

    وشكراً لكم على حسن المتابعة، ولكم تحية من المهندس الذي سجل هذه الحلقة: مطر الغامدي .

    وإلى الملتقى بكم في حلقة قادمة بإذن الله وعونه نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755799665