إسلام ويب

تفسير سورة الفتح (3)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لما عزم النبي صلى الله عليه وسلم على الخروج إلى مكة لأداء العمرة طلب من القبائل المحيطة بالمدينة الخروج معه، فخرج معه القليل منهم، أما أكثرهم فكانوا أهل نفاق أبوا أن يخرجوا معه خشية أن تقتلهم قريش، فلما رجع النبي إلى المدينة ببشارة النصر والفتح القريب جاءوا يعتذرون معللين عدم خروجهم بانشغالهم بالأهل والأولاد والأموال، فكشف الله سترهم، وأظهر عوارهم، وتوعدهم بأليم العقاب.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (سيقول لك المخلفون من الأعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا ...)

    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    وها نحن مع سورة الفتح المدنية، فهيا بنا لنصغي مستمعين تلاوة هذه الآيات منها، والله تعالى نسأل أن ينفعنا بما ندرس ونسمع.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا * بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا * وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا * وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الفتح:11-14].

    ذكر من نزلت فيهم الآيات

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! أعيد إلى أذهانكم أن هذه السورة -سورة الفتح المدنية- تحمل بشريات عظيمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، وهي أولاً: فتح خيبر وأخذ ما فيها من غنائم، والثانية: فتح مكة بعد سنتين، والثالثة: رضا الله والجنة دار النعيم المقيم.

    والآيات الآن مع بعض القبائل كجهينة، أسلم، أشجع، مزينة، غفار.. هذه قبائل حول المدينة من البادية، لما كان الحبيب صلى الله عليه وسلم يريد الخروج من المدينة إلى مكة للعمرة قبل حادث الحديبية استنفرهم وطلب منهم الخروج معه، فخرج معه من المدينة ألف وأربعمائة رجل، أما مزينة وغفار وجهينة وأسلم وأشجع فهؤلاء ما خرجوا إلا قليل منهم، خرج منهم أنصار قليلون من الصالحين، والباقون أبوا أن يخرجوا، لماذا؟

    زين لهم الشيطان -وأكثرهم منافقون- أن المشركين في مكة إذا وصل إليهم محمد وأصحابه سيقتلونهم، سيبيدونهم وينهونهم، هكذا فهموا، فحاولوا ألا يخرجوا واعتذروا للرسول صلى الله عليه وسلم كما ستسمعون في الآيات.

    فلما اعتذروا وبقوا حول المدينة ومشى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وتم ذلك الصلح العظيم بينه وبين المشركين مدته عشر سنوات، ونزلت سورة الفتح وهو راجع إلى المدينة، وبشر الله فيها بفتح مكة وبفتح خيبر، ومن ثم أعلن الرسول صلى الله عليه وسلم أن غنائم خيبر لن يأخذ منها إلا من حضر الحديبية، فالذين خذلونا وما خرجوا معنا وتمنوا هلاكنا هؤلاء لا يأخذون من غنائم خيبر ولا يعطونها أبداً، ومن ثم قالوا: حسدونا. هذا سياق الآيات، واسمعوا ما قال تعالى فيها.

    سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الأَعْرَابِ [الفتح:11] سيقول لك يا رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، سيقول المخلفون من الأعراب الذين خلفهم الله وما أراد لهم أن يخرجوا لنفاقهم وكفرهم وفسادهم.

    سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الأَعْرَابِ [الفتح:11] أي: مزينة وجهينة وهذه القبائل الست، يقولون: شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا [الفتح:11]، لما عاد الرسول صلى الله عليه وسلم منتصراً والفتح في يده لمكة وخيبر قالوا معتذرين: يا رسول الله! شغلتنا أموالنا وأهلونا، شغلتنا أموالنا بالزراعة، وأولادنا ونساؤنا ما استطعنا أن نتركهم ونمشي معك، فاستغفر لنا! وهم كاذبون، والله! ما شغلتهم أموالهم ولا أولادهم، وإنما النفاق والمرض، ما تغلغل الإيمان في قلوبهم ولا أنار قلوبهم.

    وقولهم: فَاسْتَغْفِرْ لَنَا [الفتح:11] أي: اطلب من الله أن يغفر لنا؛ لأننا تخلفنا وما خرجنا معك، فماذا قال تعالى لهم؟

    معنى قوله تعالى: (يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ...)

    قال تعالى: يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ [الفتح:11]، فقولهم: يا رسول الله! تخلفنا لكذا، لشئون شغلتنا فاستغفر لنا؛ ما هم بصادقين في ذلك، والله! إنهم لكاذبون، يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ [الفتح:11] وهذا شأن المرضى والمنافقين، يعتذرون بالباطل.

    يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ [الفتح:11]، فقل لهم يا رسولنا: فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا [الفتح:11] أنتم تخلفتم خائفين من الموت حتى لا يقتلكم المشركون بمكة ويقتلوا الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، أرأيتم إذا أرادكم الله بسوء أو خير فمن يرده؟ يجب أن تؤمنوا بالله وأن تعلموا أنه هو الذي يدبر الكون كله، هو الذي يعطي ويمنع ويضر وينفع ويعز وينصر ويذل ويهين، فما هذا الفهم السقيم؟

    هكذا يعالج عقيدتهم الضعيفة الهزيلة، قل لهم يا رسولنا: فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا [الفتح:11] وإن قل إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا [الفتح:11] أي: ضرراً، أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا [الفتح:11] أي: انتفاعاً.

    ثم أضرب الله عن هذا فقال: بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا [الفتح:11] فضحهم، بل كان الله بما تعملونه خبيراً مطلعاً عليه وعرف ما أنتم عليه. وهكذا يعالج قلوبهم علهم تنشرح صدورهم ويتوبون إلى الله، وبالفعل تابوا وعادوا إلى الإسلام.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبداً ...)

    ثم أضرب تعالى عن الأول فقال: بَلْ ظَنَنْتُمْ [الفتح:12] يا سكان البادية من هذه القبائل الست! بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا [الفتح:12] ظنوا أو أيقنوا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لن يرجع هو وأصحابه، وسيقتلهم المشركون في مكة.

    هذا الظن -والله- كما أخبر الله به: بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ [الفتح:12] من مكة إلى المدينة، فلهذا انهزمتم وأبيتم أن تخرجوا معهم، وادعيتم ما ادعيتم من الأضرار ومن المصالح.

    بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ [الفتح:12] صلى الله عليه وسلم وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا [الفتح:12]، يتحدثون فيما بينهم: سوف يقتل محمد وأصحابه ونعود لما كنا عليه من ديننا وما نحن عليه وما عليه آباؤنا، ما آمنوا الإيمان الحقيقي، وعلة ذلك: الجهل، قبائل تسكن حول المدينة ما هم كالذين مع رسول الله في المدينة صباح مساء يتعلمون العلم والهدى، فهم إيمانهم صوري فقط، لا على علم، فحين كانوا يسكنون في البوادي وما يحضرون مع رسول الله، ما يسمعون كلام الله فكيف يعرفون؟ ينقل إليهم الخبر نقلاً فقط فيؤمنون به أو لا يؤمنون، فالعلة هي الجهل.

    يقول تعالى: بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا [الفتح:12] وهذا علاج عظيم، فدخلوا في الإسلام.

    هكذا يقول تعالى: بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ [الفتح:12] أي: يرجع الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة ومن معه من المؤمنون، أي: من الحديبية، ظنوا ذلك وهم ذاهبون إلى مكة كما علمتم.

    وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ [الفتح:12] ظن الباطل، وهو أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يرجع، وأصحابه الذين معه يهلكون، فلهذا لن نخرج معهم ولن نمشي معهم، كيف نقاتل قريشاً برجالها ودولتها؟ والشيطان هو الذي زين هذا.

    هكذا يقول تعالى عنهم: وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا [الفتح:12] أي: هالكين، بار يبور: إذا هلك وفسد وما بقي له شيء.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (ومن لم يؤمن بالله ورسوله فإنا أعتدنا للكافرين سعيراً)

    ثم قال تعالى: وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ [الفتح:13] اسمعوا وعوا: ومن لم يؤمن بالله حق الإيمان وبرسوله محمد صلى الله عليه وسلم حق الإيمان فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا [الفتح:13]، أعتدنا للكافرين بالله ورسوله ولقائه ناراً مستعرة ملتهبة، ألا وهي دار العذاب يوم القيامة، وبهذا تراجعوا ودخلوا في الإسلام.

    وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ [الفتح:13] أبيض كان أو أسود، عربياً أو عجمياً، فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا [الفتح:13] ألا وهو سعير جهنم، أعدها الله، أوجدها وأحضرها وهي موجودة والعياذ بالله تعالى.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (ولله ملك السموات والأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ...)

    ثم قال تعالى أيضاً وهو يهديهم: وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ [الفتح:14] إي والله لا يوجد ذرة في الملكوت إلا والله مالكها، ولا في السماء إلا والله مالكها.

    وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ [الفتح:14] يغفر لمن تاب وأناب ورجع إلى الله، ويعذب من أصر على الكفر والشرك والفسق والفجور، هذه هي سنته في خلقه، هذا حكمه الدائم.

    وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ [الفتح:14] يملك كل ما في هذه العوالم وهي في قبضته، ومن ثم يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ [الفتح:14] من هو الذي يغفر له؟ من أناب وتاب وآمن وأسلم وعبد الله ولو كفر سبعين سنة، ولو ظن السوء كما ظننتم، يغفر الله له بعد توبته.

    وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ [الفتح:14]، ومن هم الذين يشاء الله تعذيبهم؟ المصرون على الكفر والفسق والفجور والمعاصي، أصحاب النفوس الخبيثة والعياذ بالله تعالى في أي وقت وفي أي مكان.

    هكذا يهديهم الله بهذه الهداية الإلهية، بهذا العلم الرباني: وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الفتح:14] من صفاته الخالدة الأبدية الدائمة: أنه يغفر ويرحم، يغفر لمن تاب وأناب ورجع إليه، ويرحمه بدخوله الجنة، ويرحمه حتى في الدنيا أيضاً، وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا [الفتح:14] لعباده المؤمنين المذنبين التائبين، رَحِيمًا [الفتح:14] بهم.

    هذه الآيات فعلت العجب في نفوس تلك القبائل وعادوا إلى الإسلام، وأسلموا والحمد لله.

    1.   

    قراءة في كتاب أيسر التفاسير

    هداية الآيات

    والآن مع هداية الآيات.

    قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم والمؤمنين:

    [ هداية الآيات:

    من هداية الآيات:

    أولاً: إخبار القرآن بالغيب وصدقه في ذلك دال على أنه كلام الله أوحاه إلى رسوله صلى الله عليه وسلم ].

    فإخبار القرآن بهذه الأخبار الغيبية وصدقه فيها -حيث تمت كما أخبر- دليل قاطع على أن القرآن كلام الله أوحاه إلى رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا برهان عجيب.

    أما قال تعالى: سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا [الفتح:11]؟ وقالوا بالفعل أم لا؟ أخبر عن قولهم قبل أن يقولوا، وتم ما كان، إذاً: فإخبار القرآن بهذا الغيب مع صدقه فيه دال على أنه كلام الله ووحي الله تعالى.

    [ ثانياً: لا يملك النفع ولا الضر على الحقيقة إلا الله، ولذا وجب أن لا يطمع إلا فيه، ولا يرهب إلا منه ].

    من هداية هذه الآيات: العلم اليقيني بأنه لا يملك الضر ولا النفع إلا الله فقط، فلهذا يجب أن نفزع إليه ونلجأ إليه ليدفع عنا الضر، ونفزع إليه ونحمده ونشكره بعد أن يرفع عنا ذلك الضر والأذى، ما هناك من يملك مع الله شيئاً في هذا الكون، فلهذا قلوب الخليقة يجب أن تتعلق بربها، والله! ما نسأل إلا ربنا، ولا نستعيذ إلا به، ولا نرجو سواه، ولا نطلب سواه أبداً؛ إذ بيده ملكوت كل شيء وهو على كل شيء قدير، ومخلوقاته مربوبة ومخلوقة مملوكة هو يتصرف فيها، فما نمد أيدينا إلى مخلوق أبداً، ليس لنا إلا الله.

    [ ثالثاً: حرمة ظن السوء في الله عز وجل، ووجوب حسن الظن به تعالى ].

    هذه حقيقة غفلنا عنها ويجهلها الكثير، ألا وهي: وجوب حسن الظن بالله عز وجل، وحرمة سوء الظن بالله، يجب أن نحسن الظن بربنا ولا نسيء الظن به أبداً، نفوض أمرنا إليه، نطرح بين يديه، نسأله ونطيعه ونحن ظانون الظن الحقيقي أن الله لن يخيبنا أبداً ولن يشقينا ولن يبعدنا عن جنته وأوليائه، ولا نسيء الظن بربنا أبداً؛ لأنه على كل شيء قدير، ولأنه عليم بما في قلوبنا مطلع على سلوكنا، عليم بكل حياتنا، فكيف لا نحسن الظن به؟ يجب أن نحسن الظن بربنا ولا نسيئه، أما قال تعالى عن المنافقين: وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ [الفتح:12] والعياذ بالله تعالى؟

    [ رابعاً: الكفر موجب لعذاب النار، ومن تاب تاب الله عليه، ومن طلب المغفرة بصدق غفر له ].

    من هداية هذه الآيات الكريمة: أن الكفر بالله ولقائه، بالله وكتابه، بالله ورسوله، بالله والبعث الآخر، الكفر بما أنزل الله وما شرع.. هذا الكفر موجب لصاحبه النار والعياذ بالله تعالى.

    وأن من تاب ولو كفر عشرات السنين تاب الله عليه، باب الله فتحه، أيما عبد من عباده ذكر أو أنثى يعود إليه ويستغفره ويطرح بين يديه إلا قبله وتاب عليه، وهذه من أعظم النعم والحمد لله تعالى.

    [ خامساً: ذم التخلف عن المسابقة في الخيرات والمنافسة في الصالحات ].

    ينبغي ألا نتخلف عن الأعمال الصالحة فلا نسابق فيها الصالحين، بل نسابقهم ونسبق إن شاء الله تعالى.

    وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756355799