إسلام ويب

تفسير سورة يس [1-5]للشيخ : المنتصر الكتاني

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لكل شيء قلب، وقلب القرآن يس، ومن قرأها فكأنما قرأ القرآن كله، وهي لما قرئت له كماء زمزم، وفي مستهلها يقسم الله تعالى أن محمداً صلى الله عليه وسلم من المرسلين، وأن القرآن العظيم منزل عليه من قبل العزيز الرحيم.

    1.   

    فضل سورة يس

    سورة يس سورة مكية، وقد اشتملت على ثلاث وثمانين آية، ونزلت كلها في المدينة إلا جزءاً من آية قيل نزلت في المدينة، وستأتي ونبينها بإذن الله، ولكن الإجماع على أن كل آياتها نزلت في مكة.

    وقد ورد في فضلها وخصائصها ومزاياها أحاديث كثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن الجماهير من الصحابة.

    فعن أبي بكر وأنس وأبي هريرة وأم الدرداء وأبي قتادة الأنصاري رضي الله عنهم جميعاً كما عند أصحاب السنن والحاكم في المستدرك وقال: صحيح ولم يخرجاه، قال عليه الصلاة والسلام: (اقرءوا يس على موتاكم).

    وقال صلى الله عليه وسلم: (من قرأ يس ليلة غفر له ما تقدم من ذنوبه، ومن قرأ يس مساء بات في مسرة وفرح إلى أن يصبح، ومن قرأ يس صباحاً ظل نهاره في مسرة وفرح إلى أن يمسي).

    قال ابن عطية الأندلسي وغيره من المفسرين: جربنا هذا فصحّ، وصدق الصادق المصدوق صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (اقرءوا يس على موتاكم؛ فإنها تخفف من عذابهم، تخفف من سكراتهم).

    وعن أبي بكر رضي الله عنه قال: من ذهب يوم الجمعة إلى زيارة أبويه أو أحدهما فقرأ عليه أو عليهما يس كان ذلك مغفرة لهما أو له.

    وقراءة يس تعدل بقراءة جميع كتاب الله، جاء ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يس لما قرئت له كزمزم)، فمن قرأ يس بنية الفرج فرج الله عنه، ومن قرأها بنية الشفاء شفاه الله، ومن قرأها بنية الغنى أغناه الله، ومن قرأها على امرأته إذا عسرت ولادتها يسر الله عليها ذلك، ومن قرأها بنية التوبة تاب الله عليه.

    وقال عليه الصلاة والسلام: (لكل شيء قلب، وقلب القرآن يس).

    وما كانت يس قلب القرآن إلا لأنها مشتملة على التوحيد، والأوامر والنواهي، وقصص المؤمنين وقصص الكافرين، ومع قصر آياتها وقلة صفحات كتابتها فقد شملت كل معاني القرآن من قصص، ومن عقائد، ومن أحكام، ومن آداب ورقائق، ومن كلام على الدنيا والآخرة، ومن حديث عن سكان جهنم وسكان الجنة، وما سيلقى الكافر من عذاب يوم القيامة، وما سيلقى المؤمن من رضاً ورحمة يوم القيامة.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (يس)

    يس هما حرفان ياء وسين، وكثير من المفسرين يحلو لهم أن يأتوا إلى بعض المفردات فيقولون: هي حبشية أو رومية، وذلك كلام لا معنى له ولا وجود له، فالقرآن بكل مفرداته عربي مبين، قال ذلك ربنا في قوله: قُرْآنًا عَرَبِيًّا [يوسف:2].

    وورد ذلك في العشرات من الآيات والسور، وقد تحمس لهذا المعنى الإمام الشافعي إمام المجتهدين واللغويين، فقد كان الشافعي إماماً في اللغة وفي الأدب وفي النحو وفي البلاغة والبيان والبديع، وأعلم بذلك من غيره من الأئمة، فذكر في كتابه الرسالة وهي مطبوعة أكثر من مرة -وأكملها وأصحها مع تخريج الأحاديث الطبعة التي طبعها آخر محدثي مصر: أحمد شاكر رحمه الله-: أنه ليس في القرآن كلمة ليست بعربية، وقد قال: كل ما ذكر الناس من العلماء أو المفسرين فإنما هو كلام من كلامهم، وقولاً من أقاويلهم، وليس على ذلك دليل لا من لغة ولا من حق ولا من تاريخ.

    ويس قالوا عنها كذلك، وليس قولهم بصحيح، فياء إحدى حروف الهجاء العربية، وسين حرف من حروف الهجاء العربية كذلك، فأين الحبشية والرومية؟ وقد اختلفوا في يس ما معناها؟ فقالوا: من الحروف المقطعة كـالمر والم وكهيعص.

    واختلفوا في معناها إن لم تكن كذلك، فقال قوم: إن يس اسم من أسماء الله، قال ذلك مالك وأكده، فحرم على الإنسان أن يسمى بيس، قال: لأننا لا نعلم ما معناها، وقد تكون من بعض المعاني التي اختص الله بها، كما أن اسم الجلالة (الله) لا يجوز لمخلوق أن يسمى به، كذلك يس لا نعلم معناها، فإن سمينا بها يوشك أن يكون معناها مختصاً بالله، فلا يجوز لأحد أن يسمى بها، وإن كان الإنسان قد يسمى ببعض أسماء الله كمالك ومريد وقادر، وهي أسماء نسبية، والله هو القادر المطلق، فهو مالك الملك وملك الملوك، وهو الذي يفعل ما يريد، ولكن إن سمي بذلك أحد الناس فهي أشياء نسبية كما أقول: رزقت أهلي وأولادي، ورزقت المساكين، فهو اسم نسبي، وإلا فالله هو الرازق الذي رزقني ورزقهم، وليس ما أعطيتهم إلا من مال الله، قال تعالى: وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ [النور:33].

    وقال بعضهم: (يس) معناها: يا إنسان!

    وقال بعضهم: معناها: أيها السيد!

    وقال بعضهم: معناها: يا سيد البشر! وفي هذه الحالة تكون اسماً من أسماء رسول الله عليه الصلاة والسلام، وقال بعضهم: معناها: هي اسم من أسماء محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ورووا في ذلك حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (أنا عند الله وفي كتابه اسمي محمد وأحمد وطه ويس).

    وهكذا اختلف في معناها بين أن تكون اسماً لله أو اسماً لرسوله صلى الله عليه وسلم، أو يا إنسان! أو يا رجل! أو يا سيد! أو يا سيد البشر! أو يا محمد! وليس في هذا شيء يمكن أن يصار إليه؛ لأن هذا يحتاج إلى دليل، والحديث الذي رووه ليس صحيحاً حتى يعتمد دليلاً، ولو صح لأجمعوا عليه، ولما ذكروا لـ(يس) معنىً آخر.

    وقال الجمهور: هي كلمتان من كلمات الحروف الهجائية العربية كالم وطه، وهذه المعاني التي لا نستطيع أن نجزم بمعناها.

    وعلى كل فهي آية من آيات الله، وإن كانت اسماً لرسول الله صلى الله عليه وسلم كما يقول كثيرون فهي منقبة كبيرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا كان معناها: يا سيد البشر! فتكون أعظم وأكمل وأكرم، وليس سيد البشر إلا النبي عليه الصلاة والسلام، فهو الذي قال الله عنه: تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ [البقرة:253].

    قال المفسرون: الذي رفع درجات عن بقية الأنبياء هو محمد العربي سيد الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليه، وهو الذي أكرمه الله باليوم الموعود وباليوم العظيم، يوم الشفاعة العظمى، وهو الذي قال عن نفسه: (أنا سيد ولد آدم) عليه الصلاة والسلام، وهو الذي صلى بالأنبياء والمرسلين في المسجد الأقصى ليلة الإسراء أعاده الله للإسلام، وسحق اليهود وطردهم بفضله وكرمه فقد صلى بهم إماماً؛ دلالة على أنه إمامهم وكبيرهم وسيدهم، وهذا موضع إجماع المسلمين لا يختلفون فيه.

    وقد حاول الزمخشري في تفسيره أن يفضل جبريل على نبينا عليه الصلاة والسلام، فرد عليه المفسرون عن قوس واحدة ووبخوه ولاموه، وقالوا: قد أتى بما لا دليل عليه، فلم يرد في جبريل لا في كتاب الله ولا على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته ما يشير إلى أفضليته لا من قريب ولا من بعيد، ولكنها زلة من زلات العلماء.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (والقرآن الحكيم ...)

    قال تعالى: يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ [يس:1-2].

    يقسم الله جل جلاله بالقرآن المنزل على نبيه صلى الله عليه وسلم ويصفه بالحكيم، والحكيم مشتق من الحكمة، والحكمة هي الصواب، والحكيم هو: من يضع الأمور مواضعها قولاً أو فعلاً، ولا يتجاوز الصواب قط لا متكلماً ولا فاعلاً. والقرآن الكريم كله حق وصواب، وكله من عند الله الحق، وهو الحق.

    قال تعالى: يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ * إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ [يس:1-3].

    ما أقسم الله على نبي من أنبيائه بأنه نبي إلا على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فهو يقول للناس ممن عصوا النبي صلى الله عليه وسلم في وقته ومن جاء بعده ويقسم لهم جل جلاله وهو الصادق المصدق بلا يمين، ولكن شاء الله ذلك؛ لنزداد إيماناً ويقيناً، فيقسم لنا بكتابه الحق وبوحيه القديم الحكيم: إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ [يس:3].

    وهذا يؤكد بأن (يس) خطاب للنبي عليه الصلاة والسلام؛ لأن الخطاب له، والكلام لا يزال جارياً فيه، فقوله: يس [يس:2]، أي: يا سيد البشر! وهي أعظم، وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ * إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ [يس:2-3]. فقد أقسم الله بذاته العلية وبجلاله وبكتابه المعظم، وكتابه هو الصواب الحق الحكيم، فهو يخاطب النبي عليه الصلاة والسلام، وهو خطاب لنا تبعاً له: إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ [يس:3]، أي: إنك يا محمد! لمن المرسلين الذين أرسلناهم للناس، فقد أرسله برسالة وبكتاب مذكراً ومبشراً ونذيراً إلى خلقه بسيرته العطرة؛ ليكون للناس قدوة وأسوة وإماماً، فهو المثل الأعلى، والإنسان الكامل بين جميع خلق الله، فهو أسوة في أقواله وأفعاله وتقريراته. وهذا هو تعريف السنة النبوية، فقول النبي عليه الصلاة والسلام وشرعه سنة، فشرعه من شرع الله.

    فالسنة ما كان قولاً أو فعلاً أو إقراراً من رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، قال تعالى: يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ * إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ [يس:1-3]، أكد الله القسم بإن المشددة.

    ولام الابتداء الموطئة للقسم، وهي أيمان بعضها تابع لبعض في سلك واحد، وكل ذلك لاطمئنان قلب المؤمن والمسلم ودعوة للكافر لأن يرجع عن ضلاله وشركه وتكذيبه، فيؤمن بالله رباً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً، ولا نبي بعده ولا رسول.

    وهذا تأكيد كما طلب إبراهيم عليه السلام من ربه وهو النبي الصادق المعصوم أن يريه كيف يحيي الموتى، قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي [البقرة:260] ونحن مؤمنون، ونشكر الله على أن هدانا للإيمان، ونرجو أن يثبتنا على ذلك إلى أن يحشرنا مع نبينا سيد الخلق والبشر صلى الله عليه وسلم في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله.

    وهذه الأيمان نزداد بها إيماناً ويقيناً، وندعو لها الخلق بدورنا، مؤمنهم وكافرهم أن يفهموا ذلك، وأن يعوه، وأن يستمسكوا به، وأن محمداً هو الرسول وحده صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فلا فيلسوف ولا زعيم ولا داعية ولا هاد يمكن أن يرشد البشر ويعلمهم ويدعوهم إلى الله وإلى الطريق المستقيم، ولن يوجد أحد بعد محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلا هو، أو من كان خليفة له من خلفائه الراشدين، ومن كانوا على سننهم الطيب من العلماء ورثة الأنبياء، وهم في الحقيقة مؤكدون للرسالة المحمدية ودعاة لها ومبينون لحقائقها، ومزيلون لما علق بها، ويحيونها للخلق وللبشر، ولذلك استحقوا أن يكونوا خلفاء وورثة الرسول صلوات الله وسلامه عليه.

    قال تعالى: يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ * إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ [يس:1-3].

    فأكد ربنا بأنه من الرسل الذين أرسلهم ربنا لكل الخلق، ولجميع العوالم عرباً وعجماً، مشارق ومغارب، من عاصروه ومن جاء بعده إلى يوم القيامة، وسبحان الذي نزل على عبده الفرقان ليكون للعالمين نذيراً، من عوالم العصر، والعوالم التي أتت بعد، وعوالم الإنس والجن، بل قالوا: وعوالم الملائكة، وإن كانوا معصومين فهو نبي لهم تشريفاً وتكريماً له صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (على صراط مستقيم ...)

    قال تعالى: عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [يس:4].

    أي: إنك يا محمد! من المرسلين الذين أرسلهم ربنا، فأنت الرسول والنبي والصادق فيما بلغت قومك ونقلت إليهم من كتاب الله المنزل عليك.

    وقد أقسم ربه به على أنه من المرسلين، ثم هو على صراط مستقيم، فهي رسالة صادقة، وطريق ومنهاج وسنن مستقيم لا اعوجاج فيه ولا تشعب طرق، فهو منهج قائم بالحق، وهو منهج رسول الله وصراطه، ومنهج الإسلام وطريقه.

    وقد قال عليه الصلاة والسلام: (لقد تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يضل عنها إلا هالك).

    وخط رسول الله صلى الله عليه وسلم خطاً مستقيماً، ثم خط خطوطاً متعرجة، فقال: هذا الخط هو خط الإسلام، وهذه المتعرجات هي طرق الدعاة المبتدعين الضالين الصادين عن طريق الحق، فهم يقفون في الجنبات وفي مفترق الطرق يدعون الناس إلى الشهوات والنزوات، ويغرونهم بالنساء وبالمال وبالجاه، وهو غرور لا يدوم ولا يبقى، فلا يبقى إلا نعيم الله الخالق، الذي فيه ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين.

    ثم قال تعالى: تَنزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ [يس:5]، وهذا تأكيد أيضاً للصراط المستقيم، وهو القرآن والسنة والوحي، وهو كل التقارير والأقوال والأعمال.

    قال تعالى: تَنزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ [يس:5].

    (تنزيل) منصوب على المفعولية المطلقة، أي: نزله الله تنزيلاً، فهو تنزيل الله العزيز الذي لا يغالب، فمن تمسك بهذا الكتاب عز، ومن عز بغيره ذل، وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ [المنافقون:8].

    وهو الرحيم بعباده، ومن رحمته جل جلاله أن أرسل محمداً صلى الله عليه وسلم إلى الخلق؛ ليهديهم إلى الله، ويدعوهم ويرشدهم إلى دين الله الحق، ويدعوهم إلى عبادة الله الواحد وترك الأصنام والأوثان، وترك غير الله من كل ضال مضل، وترك كل الأديان والمذاهب الضالة القديمة والمحدثة، فليس إلا صراط واحد هو صراط محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهو القرآن الكريم والرسالة المحمدية والسنة النبوية المطهرة.

    فقوله: تَنزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ [يس:5] أنزله الله رحمة لعباده وخلقه المؤمن منهم والكافر، ليزداد المؤمن إيماناً، على أنه عندما أنزل لم يكن هناك مؤمن، فقد كان النبي عليه الصلاة والسلام أول المؤمنين بمكة برسالته، وهو رسول من رب العالمين، وكان بعده خديجة السيدة الأولى من المسلمين، ثم خليفته الأول أبو بكر رضي الله عنه، ثم علي رضي الله عنه، ثم تتابع الناس فكان ذلك رحمة من الله بعباده؛ ليؤمنوا، ورحمة بهم ليعبدوه، قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756253706