إسلام ويب

الحب والفن والجمالللشيخ : عائض القرني

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن الاحتفال بذكرى المولد وتحديد يوم لذلك بدعة في الدين، لم يفعله ولم يأمر به النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يكن من هدي الصحابة، ولا القرون المفضلة، وإنما أُحدِثت في القرن الخامس من الهجرة.

    والحب الحقيقي يكون بالتفاني في مرضاة الله واتباع شرعه، لا كما يزعم الفنانون والفنانات، ولا كما يزعم المبتدعة، فأبعد الناس عن حبه من يخالفون سنته.

    ثم ذكر الشيخ شيئاً من سيرته صلى الله عليه وسلم وترعرعه، ورعاية الله له مند الصغر، وذكر حادثة نزول الوحي عليه صلى الله عليه وسلم.

    1.   

    الاحتفال بالمولد وتحديد يوم له ليس من دين الله ولا من هدي الصحابة

    الحمد لله الذي شرح صدور أهل الإسلام بالسنة، فانقادت لاتباعها، وارتاحت لسماعها، وأمات نفوس أهل الباطل بالبدعة بعد أن تمادت في ابتداعها وتغالت في نزاعها، والصلاة والسلام على حبيب الله قدوة الناس أجمعين، أشرف من خلق الله وأشرف من سوى من البشر، أدى الأمانة، وبلغ الرسالة، ونصح الأمة، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً.

    أيها الناس: يا أمة الإيمان والحب والطموح! يا أمة الخير والعدل والسلام! يا أمة اليقظة والعطاء والبذل!

    يا أمة ضرب الزما     ن بها جموح المستحيل

    وتوقف التاريخ في     خطواتها قبل الرحيل

    سكبت لحون المجد في     أذن المجرة والأصيل

    وسقت شفاه الوالهي     ـن سلافة من سلسبيل

    سلام الله عليكم ورحمته وبركاته... لا يزال الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم في رحلته وموكبه وسيرته، وقد مَرَّت أيام ظَنَّ الخرافيون أنهم يحيون من سيرته موالد وقد عطلوا سيرته في العقائد والعبادات والمعاملات.. تركوا سنته في البيت والمجتمع.. تركوا سنته في التربية والتدريس والتعليم.. تركوا عطاءه وبذله وحبه وإيمانه.. تركوا همته وتاريخه المشرق، وتعلقوا بخرافات ما أنزل الله بها من سلطان، جعلوا ليوم ميلاده تاريخاً أحيوه بطقوسهم ورقصهم، ونشيدهم وتصفيقهم، مكاءً وتصدية، لا خشية ولا خشوع ولا إنابة، يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) فذكرى المولد ليست من الإسلام في شيء، والاحتفال بالمولد ليس من دين الله، وتحديد يوم للمولد النبوي خرافة من الخرافات، أنتجتها الأفكار المنتنه المتخلفة التي لا تفهم ولا تفقه، ولقد عاش الصحابة في قرونهم الثلاثة الأولى ولم يعرفوا مولداً وما احتفلوا بمولد.

    نشأة بدعة المولد في القرن الخامس

    لقد أتانا هذا من قبل الخرافيين الذين يعيشون على الخزعبلات، من أهل أَربِل والموصل في العراق، في ما يقارب القرن الخامس من الهجرة، وقد سمعتم شيئاً من هذا قبل أيام الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم، وهذا بدعة وخطأ وغلط بَيِّن، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لا تحيا شريعته بالموالد، ولا تحيا شريعته بالدف والطبل، ولا يحيا تاريخه بالتصفيق والصفير، فميلاده كل حين وكل ساعة وكل ثانية.

    إن ميلاده صلى الله عليه وسلم ليس معناه أن تترك سنته وأن تترك شريعته، ثم تأتي مع هؤلاء الخرافيين لتظن ظناً أو تعتقد اعتقاداً أنك بعملك هذا تحيي ميلاده، لقد أخطئوا كثيراً، ولقد رأينا بعض الذين يُحْيُون مولده عليه الصلاة والسلام من أبعد الناس عن السنة، فهم لا يحضرون الجماعات في المساجد، ولا يتلون الآيات من المصاحف، ولا يخشعون ولا يخشون، لا تظهر على سيماهم السنة وتعاليمها وروعتها وإبداعها، لكنهم جادُّون في هذا السير الخرافي الذي سنوه من قِبَل أنفسهم.

    أبعد الناس عن السنة هم الذين يحبون ذكرى المولد

    أريد أن أقول بخلاصة وتلخيص: إن من أراد أن يحيي سنته صلى الله عليه وسلم فليُحْيِها باتباع شريعته، وأما المولد فلا مولد ولا ذكرى للموالد.. سبحان الله! أيكون يوماً من الأيام يتجمع فيه الناس، فيصفقون ويزمجرون، ويضربون صدورهم كما يفعل أهل الرفض في أيام عاشوراء في ذكرى استشهاده الحسين، وكما يفعل الفرنسيون بـنابليون والألمان بـهتلر، وهؤلاء المرتزقة من زنادقة الشعوب؟!

    إن محمداً صلى الله عليه وسلم شخص لا كالأشخاص، ورجل لا كالرجال، وقائد لا كالقادة، ومصلح لا كالمصلحين، فحياته معك في كل أربع وعشرين ساعة.. تشرب وسنته معك، وتأكل وسنته معك، تنام وسنته معك، وتخرج من بيتك وسنته معك، وتذهب إلى عملك وتجلس على كرسيك وتتناول كتابك وسنته معك.. إنه هو الشخص الذي طرق العالم ثم لم يتكرم بطرق العالم شخص آخر كمحمد صلى الله عليه وسلم.. صحيحٌ أن في حياته أحداثاً أخرى، وصحيحٌ أن شخصيته مدهشة ومذهلة؛ لكن هل قال لنا: أحيوا مولدي؟ هل سنه الخلفاء الراشدون؟ هل فعله الصحابة؟ هل فعله القرن الأول والثاني والثالث؟ لا والله.

    1.   

    قصة ولادته وترعرعه صلى الله عليه وسلم

    لنعش قليلاً مع مولده ونحن نبدِّع كل من قال أن في الإسلام يوماً للمولد، وهم مبتدعون بلا شك.

    رأت أمه قبل أن تلد به عليه الصلاة والسلام.. أن نوراً خرج منها، فما هو هذا النور؟ إنه نور خرج منها ليصلح العالم، نور مُشِعٌّ خرج منها ليصل إلى كل قلب ويقول: لا إله إلا الله، محمد رسول الله.. نور يدخل إلى دياجير الظلم والتخلف والتبعية والرجعية والتقليد، ولما وقع على الأرض، كان متستراً حَيْيَاً من الله تبارك وتعالى، فلما ترعرع ماتتْ أمُّه؛ ليعيش اليتم، وليتدرب على مصاعب الحياة ومشاق العيش، ليكون عصامياً يقوم بنفسه بعد الاعتماد على الله.

    ثم نُقِل إلى البادية، فرضع ثدياً طاهراً من ألبانها الصافي صفاء الصحراء، المشرق إشراق الصحراء؛ ليكون فصيحاً من أفصح الناس، وعاد من البادية فبكاه أهلها، فقد أتى إليهم والأرض مُجْدِبة، لا نبت فيها ولا شجر، تموت فيها النوق والإبل كل يوم، أصاب الغنم جدب وقحط لا يعلمه إلا الله، جف اللبن من الضرع، ويبست المياه من الغُدْران والغيوم في بادية بني سعد تجاه الطائف.

    فمن نعمة الله ومن فضله أنه لما وصل صلى الله عليه وسلم نزل الغيث، فامتلأت الحدائق عشباً وزهراً وورداً، وتبسمت الفيافي أناقة وروعة وجمالاً، وأتى الضرع يدر باللبن حليباً سائغاً للشاربين، وسال الماء في الغُدْران والجداول والأنهار، وأتت الإبل تشرف بنعمةٍ وسَمْن مع حياتها ومع بيوتها ومع رواحلها، فلما انتقل بكته أمه من الرضاعة، وأبوه من الرضاعة وبكاه كل الحي، فهو مبارك أينما كان.. مبارك على المنبر، وفي المعركة، وفي البادية، وفي قبره، ويوم يُبْعَثُ الناسُ ليوم لا ريب فيه.

    ويوم عاد إلى مكة كان لجده عبد المطلبفراشاً لا يجلس عليه إلا هو فحسب، كان هذا الفراش للعظماء، وجده سيد قريش، الذي هِمَّتُه تمر مر السحاب، صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ [النمل:88].

    ألا لا أحب السير إلا مصعداً      ولا البرق إلا أن يكون يمانيا

    والعظماء يرضعون العَظَمَة مع اللبن منذ صغرهم، فكان محظوراً على الناس أن يجلس على الفراش أحد إلا عبد المطلب، فكان يأتي رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وهو في الرابعة من عمره فيجلس على الفراش، فيؤخرونه فيزحف حتى يجلس عليه، فيتبسم عبد المطلب ويقول: والحُجُب والبيت ذي النصبْ، والشمس ذات اللهبْ، إنَّ لهذا الابن سبباً من السببْ، أي: سوف يكون رجلَ التاريخ، وإنسانَ عينِ الدنيا، وقائدَ البشرية يوم تهتدي لساحل النجاة وبَرِّ العظَمة.

    نشأته عليه الصلاة والسلام على مكارم الأخلاق

    ترعرع عليه الصلاة والسلام فلم يكذب كذبة واحدة، ولم يغدر غدرة واحدة، ولم يغش، ولم يسرق، ولم يزنِ، ولم يشرب الخمر؛ لأن الله كان يربيه لرسالة كبرى، سموه: الصادق الأمين، الناصح المخلص، وحين اختلفوا على وضع الحجر؛ قالوا: أول داخل يدخل نحكِّمه، فأتى بإشراقه ونوره وروعته، كأن وجهه القمر ليلة أربعة عشر، ريحه كالمسك، أما ليونته فكالحرير، ثناياه كالبرد؛ لأن الله أعطاه من أسباب العظَمة ما لم يعطِ أحداً من الناس، فقالوا: نحكمك في وضع الحجر؛ لأننا اختصمنا وكاد القتل أن يقع بيننا، فمن حكمته وذكائه وفطنته أن وضع رداءه ووضع الحجر فيه، وقال: لِتَأْخذ كلُّ قبيلة طرف الرداء، فلما رفعوا الحجر وضعه بيده الشريفة مكانه.

    وجاء في صحيح مسلم: أنه كان يمر في جبال مكة فيقول الحجر: السلام عليك يا رسول الله، فيلتفت خائفاً؛ لأنه لا يعلم أنه سوف يكون خاتم النبيين والمرسلين.

    تعبده صلى الله عليه وسلم في غار حراء خالياً

    ولما بلغ الأربعين من عمره رأى الجهل، والخرافة، والتخلف، والزنا، والفجور، وشهادة الزور، والقتل، والحقد، والحسد، فخرج بطهره وعفافه إلى غار حراء، وكان يأخذ طعامه وشرابه، ويجلس في الغار، ويتفكر في السماء من بناها! وفي الأرض من سواها! وفي الحدائق من أنبتها! وفي الماء من أجراه! وفي النسيم من أرسله! سبحان الله! لا بد لهذا الكون من خالق، واستمر على العبادة والتفكر، وهو ينكر هذا المجتمع الضال، وبعد أعوام وأيام نزل عليه قول الله مع معلمه ومدرِّسه وشيخه جبريل، لم يدرس في مدرسة، ولم يتعلم في كلية، ولم يحمل شهادة.

    يقول جولد زيهر، المستشرق المجري: لست أعجب من نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، فالأنبياء غيره كثير، لكن أعجبني كيف ينشأ أربعين سنة في مجتمع بدوي، وفي قرية ما تعلم، ثم يخرج بعد أربعين سنة فيكون أفصح الناس، وأخطبهم وأذكاهم، وأكبرهم وعظاً في الناس، وأعظمهم موجةً فيهم، وأجل إداري في العالمين.

    1.   

    قصة بداية نزول الوحي عليه صلى الله عليه وسلم

    نزل عليه جبريل في صورة إنسان حتى لا يخاف، فسلم عليه وضمه ثلاث ضمات، ضمه في المرة الأولى حتى بلغ منه الجهد، حتى آنسه.. قال تعالى: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ [الجمعة:2] فضمة الثانية، وقال: اقرأ، قال: ما أن بقارئ، فضمة الثالثة، وقال: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْأِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ [العلق:1-3] فاندفع يقرءوها وراء جبريل.. كيف يقرأ؟ أين الكتاب؟ وأين القلم؟ وأين الدفتر؟ وأين المجلد؟ وأين المسطرة؟ لا شيء! قال أهل العلم: معناها: اقرأ -يا محمد- في كتاب الكون.

    وكتابي الفضاء أقرأ فيه     صوراً ما قرأتها في كتاب

    قل للطبيب تخطفته يد الردى      مَن يا طبيب بطبه أرداكا؟

    قل للمريض نجا وعوفي بعدما      عجزت فنون الطب مَن عافاكا؟

    والنحل قل للنحل يا طيرالبوادي     ما الذي بالشهد قد حلاكا؟

    وإذا ترى الثعبان ينفث سمه      فاسأله من ذا بالسموم حشاكا؟

    واسأله كيف تعيش يا ثعبان أو      تحيا وهذا السم يملأ فاكا؟

    فالحمد لله الجليل لذاته      حمداً وليس لواحدٍ إلاَّكا

    كأنه يقول له: اقرأ في الشمس من رفعها؟ من زينها؟ لكن كثيراً من أهل الشهادة اليوم لا يقرءون كما يقرأ محمد صلى الله عليه وسلم؛ إنهم أميون وهو أمي؛ لكنه مِن أعلم العلماء، بل هو أعلم من في الدنيا، وهم يحملون الشهادات، وهم مع ذلك أميون لا يقرءون في الشمس من جملها! ولا في النجوم من سواها! وكأنه يقول: اقرأ في الغدير.. في الجدول النمير.. في الشجر.. في المدر، اقرأ في الحجر؛ لترى آيات الوحدانية.

    وفي كل شيء له آية     تدل على أنه واحدُ؟!

    فيا عجباً كيف يعصى الإله      أم كيف يجحده الجاحد!

    ومشى ليعود وهو يرتجف خوفاً صلى الله عليه وسلم، فقال لأهله: (زملوني، زملوني - أي: ألحفوني ألحفوني - لقد خشيتُ على نفسي، وتقول امرأته الرشيدة العاقلة: كلا والله! لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتقري الضيف، وتكسب المعدوم، وتحمل الكل، وتعين على نوائب الحق).

    إن الله لا يُخزي المحسنين، فإن من سنن الله الكونية والشرعية ألاَّ يُخزي من أحسن سبيلاً، أو من اتجه إليه، إنما يُخزى الفجرة والظلمة.

    فعاد عليه الصلاة والسلام والله يقول له: يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً [المزمل:1-2] وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ [المدثر:1-2].

    فقام لينذر الجزيرة العربية، لأن الجزيرة العربية لا بد أن تكون كعبة الوعي والطموح والإيمان، والجزيرة العربية لا بد أن تكون أم البذل والعطاء والسلام، والجزيرة العربية لا بد أن تكون محور الإسلام ومحور اليقين والإيمان.. الجزيرة العربية قدرها الإسلام والإسلام قدرها، وهي لا تعيش إلا على الإسلام، ولا بد على مَن يعيش على تراب الجزيرة أن يكون مسلماً مؤمناً، سواءً أكان حاكماً أو محكوماً.. قاضياً أو رئيساً.. شاعراً أو مسرحياً.. صحفياً أو أديباً.. قصصياً أو ممثلاً، لا بد أن تكون قضيته الأولى أن يكون مؤمناً، لأن الجزيرة العربية ترابها مؤمن وهواءوها مؤمن، وماءوها مؤمن.. إن الجزيرة العربية هي التي سقط فيها النور من السماء، وانبعث فيها الوحي، وانبعث فيها محمد عليه الصلاة والسلام، لا نقول ذلك تعصباً والله، فإن أرض كابول قطعة من أرضنا، وإن الأندلس المفقود شيءٌ من بلادنا، وإن بقاع الهند ونهر اللوار والكونج، كلها لا بد أن تكون من تراثنا وترابنا؛ لأننا نحن الذين ينبغي أن نكون حكام العالم.

    يا أمة في عمرها لم تحي إلا بالجهاد

    كفرت بمجلس أمن من     نصب المنايا للعباد

    القاتلو الإنسان خابوا مالهم إلا الرماد

    جثث البرايا منهمُ في كل رابية وواد

    أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المسلمين إنه هو التواب الرحيم.

    1.   

    الإسلام دين الحب والجمال

    الحمد الذي كان بعبادة خبيراً بصيراً، وتبارك الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً، وصلى الله وسلم على من بعثه هادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه، فنصح الأمة وجاهد في الله حتى أتاه اليقين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    أيها المسلمون: إن الدروشة والخرافة والتخلف لا يعترف بها الإسلام، فقد أنتجتها الصهيونية العالمية، فإن الصهيونية العالمية تبني دينها على السفك والإرهاب، وعلى التخلف والجمود، والنصرانية من الكنيسة تبني دينها على الفكر العفن، وعلى فن الخرافة، وفكر ماركس ولينين أصحاب النفوس الآثمة الكذابة، بناه أصحابه على الحديد والنار، وهتلر الألماني بنى مبادئه على التدمير وسحق المدن، ونابليون الفرنسي بنى منهجه على الإتلاف والإحراق، فكأنهم يجتمعون جميعاً في مسألة تدمير العالم، لكن الإسلام ينفرد بأنه دين السلام، وينفرد عن الجميع بأنه دين الإيمان بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً، وينفرد عن الجميع بأنه دين الحب.

    1.   

    الإسلام دين الحب لله ورسوله، لا الحب الذي يقصده المغنون والمغنيات

    الحب ليس الذي يزعمه المغنون والمغنيات، والماجنون والماجنات، والفنانون والفنانات، فهذا حب رخيص لا يساوي فلساً واحداً، هذا حب يوضع في القمائم والزبالات، وهذا حب لا يحمل في القلوب ولا في الأدمغة.

    إن الحياة هي الحب، والحب هو الحياة، فالذي يستحق الحب هو الإسلام، قالها أحمد شوقي في قصيدة طويلة، وصدق أمير الشعراء حين يقول: نحن أهل الحب، ونحن منتجو الحب، ونحن الذين يصنفون الحب. وأول من تكلم عن الحب هو محمد صلى الله عليه وسلم حيث يقول: (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما...) وفرْق بين حب وحب، فذلك يحب امرأة فاتنة، وفتاة مزرية، ومجلة خليعة، وفيلماً هداماً، وأغنية سخيفة، وهذا يحب الله رب العالمين، وهو الذي يستحق الحب؛ لأنه هو الذي خلق الحب سُبحَانَهُ وَتَعَالى.

    صور من سير المحبين لله تعالى

    الحب المزيف هو الغرام والوَلَه، كما يزعم أهل الفن

    إن الخرافيين يضعون في الحب أحاديث، وينسجون في الغرام كلاماً وخطباً ومحاضرات، وضعوا على المصطفى حديثاً يقولون إنه يقول: من أحب فكتم فعف فمات مات شهيداً.

    أي شهادة هذه؟! شهادة الدعارة والمجون.. شهادة الموت على الشهوات والمعاصي، لا والله! الحديث باطل، وحاشا لله أن يكون الذي يقتله العشق والوله والبعد عن الله شهيداً، الشهيد هو الذي أسكن القرآن قلبه، والشهيد هو صاحب الفكر والعطاء، والشهيد ليس خرافياً، والشهيد لا يحمل فكراً عفناً، ولا يجري وراء هذه الأمور، إنما همه إرضاء الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، وإنما قلت ذلك؛ لأن كثيراً من الناس يقولون: ما لهؤلاء الناس من طلبة العلم والدعاة يحرمون الحب، ويحرمون الجمال، ويحرمون الفن؟! فنقول لهم: أنتم ما عرفتم الحب ولا الفن ولا الجمال، فحبكم ليس بحب، وفنُّكم ليس بفن، وجمالكم ليس بجمال.

    أتقول لليل المظلم: أنتَ أبيض؟ أتقول للنار الحامية: أنتِ باردة النسيم؟ أتقول للشوكة المرَّة الحاقدة: أنت وردة وزهرة؟ لا والله!!

    أيها الشاكي وما بك داء      كيف تغدو إذا غدوت عليلا

    أترى الشوك في الورود وتعمى      أن ترى فوقها الندى إكليلا

    والذي نفسه بغير جمالٍ     لا يرى في الوجود شيئاً جميلا

    وربنا جميل يحب الجمال، وسماؤنا جميلة، وأرضُنا جميلة، وكتابُنا جميل، ومبادئنا جميلة، أما أنتم فسماؤكم أحلام، ومبادئكم عشق، وأُسُسُكم وَلَهٌ وبُعدٌ عن الله عز وجل، وقرآنُكم أغنية، ونشيدُكم موسيقى، ومصحفُكم مجلة خليعة، هذا نقوله لأناس ليسوا في مجتمعنا؛ لأنني أعرف أن هذا المجتمع طامح، يحب الإيمان والخير والعدل والطموح، وإن كان هناك أناس ما زالوا، لكن مستقبلهم إلى خيرٌ إن شاء الله؛ لأنهم يحبون الإيمان والخير والطموح.

    أيها المسلمون الأبرار: هذه رسالة عن يوم المولد، أو كما طرح في الساحة يوم المولد.

    ومن قضايانا الكبرى التي ينبغي أن نطرحها أكثر من ذلك: فضل تحكيم الشريعة الإسلامية.

    ومن قضاينا الكبرى: التوجه والصحوة الإسلامية إلى الله.

    ومن قضايانا الكبرى: كيف نحافظ على قداسة الحرمين ومهبط الوحي.

    ومن قضايانا الكبرى: كيف نصلح بيوتنا، وأبناءنا، ومجتمعاتنا؟

    ومن قضاينا الكبرى: كيف نُسَيِّر إعلامَنا وصحفَنا لتكون مؤدية للكلمة، مسئولة عن العطاء، حاملة للبذل والحب والإيمان والخير والطموح.

    عباد الله: صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه، فقال: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56].

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755816407