إسلام ويب

تفسير سورة غافر [1 - 2]للشيخ : أحمد حطيبة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • سورة غافر من السور المكية، وفيها التنبيه على أهمية عبادة الله وحده لا شريك له، وإبطال عبادة ما يعبده المشركون، وفيها الإخبار بالبعث ويوم القيامة وما يكون فيه من أهوال، كما أن فيها ذكر قصص بعض من تقدم من الأنبياء، وفي ذلك تثبيت للنبي صلى الله عليه وسلم وتسلية له.

    1.   

    سورة غافر.. نزولها وعدد آياتها

    الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.

    أما بعد:

    قال الله عز وجل في سورة غافر: حم * تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ * مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ [غافر:1-4].

    هذه السورة هي الستون من كتاب الله عز وجل وهي سورة غافر، وهي سورة من السور المكية التي يقرر الله عز وجل لعباده فيها منهج حياتهم: أن يعبدوا الله سبحانه وتعالى، وأن يؤمنوا بالبعث بعد الموت، وأن الله عز وجل سيجزيهم يوم القيامة إما الجنة وإما النار، ويذكر الله عز وجل فيها لنا دعوة الأنبياء قبل النبي صلى الله عليه وسلم، فيقص علينا قصة موسى، وقصة مؤمن آل فرعون الذي آمن وابتلي في الله سبحانه وتعالى، ولذلك هذه السورة تسمى بسورة غافر، وتسمى بسورة المؤمن، أي: مؤمن آل فرعون الذي ذكره الله عز وجل في هذه السورة بقوله: وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ [غافر:28].

    وهذه السورة عدد آياتها بحسب العد البصري ثلاث وثمانون آية، وبحسب العد الحجازي والحمصي أربع وثمانون آية، وبحسب العد الكوفي خمس وثمانون آية، وبحسب العد الدمشقي ست وثمانون آية، وكما ذكرنا قبل ذلك أن هذا العد ليس زيادة في الآيات، ولكن بحسب الوقوف، فالوقف على رأس كل آية يسمى فاصلة، أي: تفصل الآية عما بعدها بالوقف، وسبب الاختلاف هو وقف النبي صلى الله عليه وسلم في قراءته، فإذا وقف النبي صلى الله عليه وسلم على موضع فيحسب آية، فهنا يقال: هذه فاصلة، وقد وقف النبي صلى الله عليه وسلم على آيات، وأحياناً وقف على آيات أخرى، فأخذوا منه أن الآية هذه نهايتها حيث وقف النبي صلوات الله وسلامه عليه، ووقع الخلاف في تسعة مواضع في هذه السورة وهي في نفس الآية، فاختلفوا في عد (حم) آية منفصلة وحدها، فالكوفيون يعدون (حم) رأس آية، وليست برأس آية كما يعدها الباقون، بل يجعلونها هي وما بعدها آية واحدة: حم تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ [غافر:1] فبحسب عد غير الكوفيين تكون آية واحدة.

    كذلك الكوفيون عدوا (حم) وتركوا كَاظِمِينَ [غافر:18] ولم يقفوا عليها، وغيرهم وقفوا على كلمة (كاظمين).

    وقوله: يَوْمَ التَّلاقِ [غافر:15] وقف عليها الجمهور وتركها الدمشقي ابن عامر في عده، وعد مكانها (بَارِزُونَ).

    وكلمة: إِسْرَائِيلَ و الْكِتَابُ مواضع وقف لغير المدني الأخير وغير البصري.

    وكلمة: وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ [غافر:58] وقف عليها الدمشقي ابن عامر والمدني الأخير.

    وكلمة: يُسَبِّحُونَ يقف عليها الكوفي والمدني الأخير أيضاً دون غيرهما.

    وكلمة: فِي الْحَمِيمِ يقف عليها المكي والمدني الأول.

    وكلمة: كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ يقف عليها الكوفيون والدمشقي.

    فهنا كأنها آيات فواصل تفصل الآية عن التي تليها بالوقف، فإذا وقف النبي صلى الله عليه وسلم هنا عدت آية، وإذا وصل هذه وما بعدها عدت هذه مع هذه آية، وهي نفس السورة ونفس الكلمات.

    فالوقف عند رأس كل آية تسمى فاصلة، والقراء يقولون: هذا عد فواصل الآيات، ويقولون: هذه فاصلة، وهذه مشبهة بالفاصلة، أي: تشبه الفاصلة، أي: موضع مثل غيره من الوقوف، ولكن لم يقف عليه النبي صلى الله عليه وسلم ولم يعدها آية، فلم يعدها القراء آية، مثل قوله سبحانه: شَدِيدِ الْعِقَابِ [غافر:3] يقولون: هذه مشبه بالفاصلة، أي: يشبه الفاصلة، وقوله: مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [غافر:14] هذا وقف وليس برأس آية.

    وهذه السورة سورة مكية كما ذكرنا، وبعض أهل العلم قالوا: إلا آية أو آيتين، فـالحسن البصري يقول: هي سورة مكية إلا ما ذكر الله عز وجل فيها من التسبيح: وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ [غافر:55] قال: هذه مدنية، قال: لأن المقصود بالتسبيح هنا الصلاة، والصلاة لم تفرض على هيئتها إلا في المدينة، وهذا القول ضعيف، والصواب: أن الصلاة فرضت على هيئتها في مكة بعد قصة الإسراء والمعراج، فقد نزل النبي صلى الله عليه وسلم من السماء وفرضت عليه الخمس الصلوات وهو في مكة، فصلى الخمس الصلوات عليه الصلاة والسلام، ثم بعد ذلك هاجر إلى المدينة، والذي كان فرضه في المدينة هو الأذان؛ فإنه لم يكن هناك أذان بمكة، وإنما شرع الأذان بالمدينة بقصة مذكورة في أبواب الأذان.

    فالصواب أن قوله تعالى: وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ [غافر:55] مكية كغيرها.

    وأيضاً استثنوا قول الله عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ .. [غافر:56] الآية، وقد تكرر الجدل مرتين أو خمس مرات في هذه السورة، فقال البعض: المقصود به اليهود، ومكة لم يكن فيها يهود، والصواب: أن الذين جادلهم هم المشركون، فإنهم كانوا يجادلون النبي صلى الله عليه وسلم، فهذه الآية أيضاً آية مكية، فالسورة فيها خصائص السور المكية كما سبق.

    1.   

    أغراض سورة غافر وبيان ترتيبها

    والسورة لها أغراض، وعندما تتصفح آيات كتاب الله عز وجل تجد كل سورة يدل الله عز وجل عباده فيها على منهج معين تحتويه هذه السورة في سياقها، فهنا هذه السورة من السور المكية التي فيها ترسيخ العقيدة وخاصة أمر الابتلاء، وأن الإنسان عليه أن يصبر، وفي النهاية النصر والجزاء الحسن من الله سبحانه وتعالى، فإن كان الإنسان في الدنيا قد يقضى عليه بالموت فيوم القيامة ينصره الله سبحانه ممن ظلمه، ويقتص للمظلومين من الظالمين، وينتصر الله سبحانه لعباده الذين كانوا مستضعفين في الأرض.

    وهذه السورة فتحها الله عز وجل بقوله: ((حم)) وليست وحدها بل ذكرت هذه الآية في سبع سور في القرآن.

    وكما ذكرنا قبل أن هذا الترتيب الذي في المصحف ليس بحسب النزول، فإن أول المصحف سورة الفاتحة، وآخر المصحف سورة الناس، وهذا ليس ترتيب نزول القرآن، وليس هو ترتيب نزول السور، ولكن كما قرأ النبي صلى الله عليه وسلم على جبريل في العرضة الأخيرة رتب القرآن على ذلك.

    وهذه السورة من السور المكية وكان نزولها بعد سورة الزمر، وبعدها السور التي تليها من الحواميم، وهي: سورة فصلت، وبعدها سورة الشورى، وبعدها سورة الزخرف، وبعدها سورة الدخان، وبعدها سورة الجاثية، وبعدها سورة الأحقاف، سبع سور وراء بعض رتبت في المصحف بحسب ترتيب النزول.

    ولكن يقول العلماء: هذه السورة حسب نزول القرآن هي السورة رقم (60) في النزول من السماء على النبي صلى الله عليه وسلم، فسورة الزمر كانت السورة التاسعة والخمسين، وهذه السورة هي الستون في ترتيب النزول، لكن في ترتيب المصحف هي رقم أربعين.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (حم) وبيان معنى الحروف المقطعة في أوائل السور

    هذه السورة كما ذكرنا سورة مكية، والله سبحانه وتعالى ذكر في أولها: حم وهما حرفان: الحاء والميم، والمقصد بذلك تحدي الكفار، أي: أن هذا القرآن من جنس هذه الأحرف التي تقرءونها، فهاتوا مثله، وعندما يتحداهم الله سبحانه فيقول: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا [الإسراء:88]، فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ [هود:13]، فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ [البقرة:23]، فيتحداهم أن يأتوا بسورة مثله، فليس المعنى أن أي كلام يقوله الإنسان يعتبر سورة، مثل ذلك المخرف المجرم الذي اسمه شروش الذي يقول: أنا سأؤلف قرآناً، وأمريكا تؤيده على هذا الأمر وتطبع له، وهذا الذي يؤلفه كلام فارغ غاية في الركة في اللغة العربية، فهو كلام ركيك فارغ، كلام كفر، يريد أن يوزن كلاماً على ما يأتي في سور القرآن، ويأخذ منها حاجات ويحط مكانها الصليب، ويحط مكانها المسيح، وعقيدة التثليث، وغير ذلك من الكذب والافتراء، ويقول: هذا الذي جئت به ألفته في خلال سبع سنوات، ومحمد -صلى الله عليه وسلم- ألفه في ثلاث وعشرين سنة!

    فليس أي كلام يقوله الإنسان يقال: هذا قرآن، فلا يأتي تلميذ أو طالب فاشل يكتب موضوعاً ويأتي الناس يقارنون هذا الكلام الفارغ بكتاب الله العظيم الكريم، ولكن الذي يتحدى أن يأتي بمثل هذا القرآن عليه أن يأتي بكلام له معنى، وبكلام يفهم منه شريعة وعقيدة، وأن يقول كلاماً موزوناً وكلاماً فيه الرصانة والبلاغة والفصاحة والإعجاز، وفيه منهج الحياة، وفيه أمور الدنيا وأمور الآخرة، فعندما يأتي إنسان بكلام فارغ وكلام لا يعرف له أول من آخر، فليس بقرآن، وذلك مثل كلام مسيلمة عندما تكلم عن دابة من الدواب فقال: (يا وبر يا وبر، إنك رأس وصدر، وسائرك حقر نقر)، وهذا كلام فارغ يصف به دابة اسمها: الوبر، ويقول: هذا قرآن، وقد رد عليه من كان في زمانه وقال: والله إنك لتعلم أني أعلم أنك كذاب.

    فعلى ذلك نقول: الله عز وجل يتحدى الخلق بهذا القرآن، ويتحداهم أن يأتوا بمثل هذا القرآن الذي لا تنقضي عجائبه، فتقرأ القرآن، وكلما ازددت قراءة للقرآن تجد كلاماً عظيماً، وتجد كمالاً وبلاغة وأسلوباً فائقاً رائقاً عظيماً، ولو أتيت بكلام من أي كلام يكون حتى ولو كان حديثاً للنبي صلى الله عليه وسلم لا تجد فيه التغني الذي تقرأ به القرآن والنغمة الموجودة في قراءتك للقرآن، فالقرآن غير كلام البشر، فهو كلام رب العالمين سبحانه وتعالى، وحين تقرأ القرآن تتغنى به، وتجد روعة أسلوب القرآن، من حيث ترتيب حروف القرآن، فهذا حرف يخرج من آخر الحلق، وهذا من أول الحلق، وهذا من عند اللسان، وهذا من عند الشفة، ويصير للكلمة نغمة.

    ولذلك العلماء الذين يفهمون في اللغة العربية يقولون: إذا أتينا بأقصر آية في القرآن فيها حكمة، وأقصر كلمة قالتها العرب فيها حكمة، وقارنا بين هذه وبين هذه فسيكون كلام العرب لا شيء أمام القرآن، فمثلاً: من الكلمات التي قالها العرب: القتل أنفى للقتل، قالوا: وهذا من أبلغ الكلام الذي قالته العرب، أي: أن القاتل عندما يقتل يمنع القتل بعد ذلك، لكن أين تقع هذه الكلمة التي قالوها بجانب قول الله عز وجل: وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ [البقرة:179]؟ فمخارج حروف الآية فيها سهولة، بخلاف كلمة (أنفى للقتل) ففي مخارجها صعوبة، وحروفها بعيدة عن بعضها، وليس فيها النغمة الموجودة في القرآن، وهكذا قول الله عز وجل: فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ أقصر من قولهم: القتل أنفى للقتل، وحين تقرأ كتاب إعجاز القرآن للباقلاني تجد فيه العجب من هذا الجنس، وهذا فن واحد من الفنون في الكلام عن بلاغة القرآن.

    فهناك فرق بين القرآن وبين أشعار العرب التي هي تعتبر أشياء عظيمة وقوية في اللغة العربية، فأين هذا مع تخريف شروش الجاهل المجرم الكافر النصراني الذي يقول: أنا آتي بمثل هذا القرآن؟! فلذلك محله مزبلة الناس يلقي فيها كلامه الذي يقوله، أما كلام رب العالمين فهو الذي يتحد الخلق أن يأتوا بسورة من مثله في مثل إتقانه وإحكامه وبلاغته وقوته، وما فيه من مذهب للحياة، وما فيه من إخبار بالغيب، وما فيه من إعجاز في كل الوجوه كما رأينا ونرى في سور هذا القرآن العظيم.

    فبدأ الله عز وجل هذه السورة بقوله: حم * تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ [غافر:1-2] فقوله: (حم) حرفان، ويشير بعدها إلى القرآن، وقد ذكرنا أن الغالب في الحروف التي في أوائل السور أنها إذا ذكرها الله عز وجل يعقب بعدها بذكر القرآن أو يشير إلى القرآن سواء بعدها مباشرة أو بعدها بآيات.

    والله سبحانه وتعالى قال في هذه الآية: تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ [غافر:2]، فذكر اسمين من أسمائه: (العزيز) أي: الغالب سبحانه، (العليم) بما يقولون وما يفعلون، وهو الذي يحاسبهم سبحانه ويفصل القضاء بينهم وبين المؤمنين يوم القيامة، فكأنه يعرض لهم: أقلعوا عما أنتم فيه، وإلا فالله غالب على أمره، فالله يعلم ما تقولون وما تفعلون فيجازيكم عليه.

    وكذلك يعقب بقوله: تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ أي: أن الكتاب ليس هو من عند النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو من عند الله، ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: أنا ألفت هذا القرآن، فليس هو كلام النبي صلى الله عليه وسلم، إنما هو كلام رب العالمين، والفرق واسع جداً بين القرآن العظيم وبين حديث النبي صلى الله عليه وسلم الشريف وبين كلام البشر.

    أيضاً: في هذه السورة يذكر الله سبحانه اشتغال الكفار بالجدل في دين الله سبحانه وتعالى، وقد تكررت كلمة الجدل والمجادلين في هذه السورة حوالي خمس مرات.

    وكذلك ذكر الله الأمم السابقة وما فعلت مع أنبيائها وخاصة فرعون مع موسى، وبني إسرائيل مع موسى، ذكر الله سبحانه ذلك حتى يطمئن النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مكة وهو يؤذى والمؤمنون يؤذون أننا سننصركم كما نصرنا هؤلاء، ووعد الله: إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ [غافر:51].

    وفيها أيضاً التنبيه على تفرد الله عز وجل بالعبادة، وإبطال عبادة ما يعبده المشركون من دون الله، والتذكير بنعم الله سبحانه وتعالى على العباد، والإخبار بالبعث يوم القيامة، والإنذار بما يكون من أهوال يوم القيامة، وتثبيت النبي صلى الله عليه وسلم بأن يصبر؛ فإن النصر سيكون له.

    كذلك هذه السورة نزلت بعد سورة الزمر، فانظر إلى الخاتمة في سورة الزمر وإلى البداية في هذه السورة؛ فقد ختم الله سورة الزمر بذكر الجنة والنار، وبذكر أهل الجنة وأهل النار، وذكر رحمة رب العالمين وذكر عذاب رب العالمين سبحانه، وبدأ هذه السورة بما يشير إلى ذلك: أن الله سبحانه وتعالى العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو، فختم بما يدل على قوته وقدرته وعذابه لمن خالفه وعانده، ورحمته سبحانه للمؤمنين، وبدأ هذه السورة بما يدل على ذلك.

    أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755830907