بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ * عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ * قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ * رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ [المؤمنون:90-95].
بعد أن أخبر الله سبحانه وتعالى عن قدرته العظيمة، وأنه هو الذي أنشأ لعباده السمع والأبصار والأفئدة، وأنهم قليلاً ما يشكرون، وأنه الذي يحيي ويميت سبحانه وتعالى، وأنه له اختلاف الليل والنهار، ثم قال لعباده: أَفَلا تَعْقِلُونَ [المؤمنون:80] وبعد أن ذكر قول هؤلاء الكفار المكذبين في إنكارهم للبعث بعد موتهم قال: قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ [المؤمنون:82-83]، فزعموا أن هذا من خرافات ومن أكاذيب وأباطيل وترهات الأولين، أي: القول بأننا سنبعث مرة ثانية.
قال الله سبحانه مبيناً قدرته: قُلْ لِمَنِ الأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [المؤمنون:84]، فالجواب من هؤلاء أنهم يثبتون أن الله عز وجل الخالق، وأنه الذي يفعل ما يريد سبحانه، فيقولون: إن الله يملك الأرض ويملك من فيها، فقال تعالى: أَفَلا تَذَكَّرُونَ [المؤمنون:85]، أفلا تتدبرون أن الذي يخلق هو الذي يستحق أن يعبد.
قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ [المؤمنون:86-87]، فهم معترفون أن الله رب السماوات وأنه رب الأرض وأنه رب كل شيء سبحانه، قال الله: قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ [المؤمنون:87] أي: إن اعترفتم بذلك أفلا تتقون هذا الخالق العظيم الذي يملككم وما تملكون، والذي خلق سماوات فلا تقدرون أن تعجزوه سبحانه لا في السماوات ولا في الأرض؟!
ثم قال تعالى: قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ [المؤمنون:88]، أي: بيده الملك كما قال سبحانه: تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ [الملك:1]، فهو يملك كل شيء سبحانه، والملكوت صيغة مبالغة من الملك، فهو المالك لكل شيء سبحانه، وله ملكوت كل شيء وحده لا شريك له، قال: وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ [المؤمنون:88]، أي: لا أحد يمنع ما يريده الله سبحانه، ولا يغيث من يعذبه الله سبحانه وتعالى، بل هو الذي يجير، فإذا أردتم أن تفعلوا شيئاً فهو وحده الذي يقدر على منعكم من ذلك، وإذا أراد إنسان أن يوقع بآخر شيئاً من الأضرار فإن الله يقدر أن يمنع ذلك، وكذلك فلا أحد يجير من الله سبحانه وتعالى.
قال تعالى: سَيَقُولُونَ لِلَّهِ [المؤمنون:89]، أي: الذي يفعل ذلك هو الله سبحانه وتعالى، وهو الذي يقدر عليه، قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ [المؤمنون:89]، أي: كيف تصدقون تخييل الشيطان لكم أنكم لا تبعثون؟!
وبعد هذا كله قال تعالى: بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ [المؤمنون:90]، أضرب الله عن قولهم الذي يقولونه، ثم أخبر أنه قد جاءهم بالحق وبهذا الكتاب العظيم، وبالوعد الحق من عند رب العالمين، وإنهم لكاذبون يفترون على الله الكذب، وإنهم لكاذبون في دعواهم أن هذا القرآن أساطير الأولين.
قال تعالى: مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ ، ولا يستحق أحد أن يعبد مع الله عز وجل، فلو وجد إله يستحق العبادة مع الله عز وجل لكان خالقاً؛ لأن الذي يستحق العبادة هو الذي يقدر على أن يخلق، والذي يقدر على أن يفعل ما يريد، وهنا نلاحظ أن الله عز وجل قد أثبت آلهة غير الله فقال تعالى: أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ [الجاثية:23]، فالهوى إله من دون الله سبحانه، وقال تعالى: وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ [يس:74]، فالكفار قد ضلوا وعبدوا آلهة من دون الله، ولكن هذه الآلهة باعتراف عبادها لا تملك شيئاً ولا تقدر على شيء، وإنما هي -كما يزعمون- توصلهم إلى الله.
فهنا يناقش الله عقولهم الغبية، ويقول: أي آلهة هذه التي تعبدون؟! إذا كانت لا تخلق فلم تعبدونها؟! وإذا قالوا: إنها تخلق فانظروا إلى الكون، فلو كانت آلهة تخلق أو تقدر على الخلق وعلى الرزق لتعارضت هذه الآلهة بعضها مع بعض، ولاضطرب نظام الكون، فالحال أنه لم يضطرب نظام الكون، إذاً: فلا آلهة موجودة مع الله سبحانه، وإنما هو إله واحد.
قال تعالى: وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا ، أي: لو كان معه إله يخلق لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ، فيبقى الإله الأقوى كعادة الخلق أن القوي يذهب بالضعيف، والقوي يحكم الضعيف، فلو كانت هناك آلهة هذا يخلق وهذا يخلق فالأقوى فيهم هو الذي سيغلب ويصير له الكون وحده، فيقول سبحانه: إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ، فعندما يصل الإنسان إلى هذا التفكير في ربه سبحانه حاشا له أن يتخذ ولداً أو يتخذ صاحبة، فإن الذي يتخذ الصاحبة هو المخلوق الضعيف، وهو الذي يحتاج إلى من يكون بجواره، ويحتاج لامرأة تعينه ويكون له منها الولد، فإذا به يبقي على نفسه، وهو يفنى ويأتي بعده من يملك ومن يحكم ويأخذ ما تركه، وحاشا لله عز وجل أن يحتاج إلى ذلك! فلا يحتاج إلى صاحبة، ولا يحتاج إلى ولد سبحانه وتعالى عما يصفون وعما يقولون.
وهنا جاء الوصف مجروراً باعتبار أن لفظ الجلالة مجرور، وفي هذه الآية قراءات: عَالِمِ الْغَيْبِ ، فقرأ بالكسر ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب وابن عامر وحفص عن عاصم : (عالمِ الغيب)، وأما باقي القراء فيقرءونها بالرفع: عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ، على اعتبار الابتداء أي: هو عالم الغيب والشهادة سبحانه تبارك وتعالى، كأنه خبر لمبتدأ محذوف تقديره: هو عالم الغيب والشهادة.
وقرأها رويس بالقراءتين، ولكن على اعتبار الوصل والوقف، فإذا وصل قرأها بالجر على أنها وصف لما قبلها أو أنها بدل مما قبلها، وإذا وقف قرأها بالرفع، فيقول: (سبحان الله عما يصفون) ويبدأ: عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ .
فالله يعلم الغيب ويعلم الشهادة، وقدم هنا الغيب على الشهادة لاستواء العلمين عنده سبحانه، لكن المخلوق ما يغيب عنه لا يعرفه، والشيء الذي يشاهده هو الذي يعرفه، سواء شاهده أمامه بنظره، أو شاهده من بعيد بشيء يجعله يرى هذا الشيء البعيد.
أما الله عز وجل فالكل عنده سواء مهما أخفى المخلوق فالله عز وجل يعلم السر، ويعلم ما هو أخفى من السر، فهو عالم الغيب وعالم الشهادة.
قال تعالى: َتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ، أي: تمجد وتنزه وتقدس سبحانه وتعالى عما يقوله هؤلاء بأكاذيبهم من أنه اتخذ الصاحبة والولد، واتخذ الشريك سبحانه وتعالى.
أي: إذا أتيتهم بالعذاب الذي توعدتهم به فلا تجعلني معهم، وقد كان من عذابهم أن قتل بعضهم في الحروب مع النبي صلى الله عليه وسلم وأخذ الله عز جل البعض الآخر بالموت، وأسلم منهم من تبقى.
وهذه السورة سورة مكية كما ذكرنا، وفيها الإخبار بأشياء من الغيب، كالإخبار عن أسماء الله الحسنى وصفاته العلى سبحانه، والإخبار عن أقدار الله سبحانه، وعن أمور يوم القيامة وما يكون فيها، فهنا يقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: ادع بذلك؛ لأن الرسول لا يعرف ما الذي سيكون بعد ذلك، فإذا كان سيستأصلهم الله بعذاب فقد أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول: نجني يا رب من هذا العذاب، ولا تجعلني مع هؤلاء الظالمين.
وقد علم صلى الله عليه وسلم يقيناً أن الله عز وجل قد عصمه من أن يكون مع هؤلاء الظالمين، قال تعالى: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ [الأنفال:33]، ولكن علمه أن يقول ذلك لأنه لا أحد من المؤمنين يأمن مكر الله سبحانه فضلاً عن غيرهم، قال تعالى: فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ [الأعراف:99].
وإلا فإن الله قد قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ [الفتح:2]، وقال: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ [المائدة:67]، ولكن كأنه يقول له: في مقام التضرع والدعاء ادع ربك ألا يعذبك، فأنت لا تأمن مكر الله سبحانه وتعالى، فإذا كان رسول الله قد أمر بذلك فغيره من باب أولى، فعلى كل إنسان مؤمن ألا يأمن مكر الله سبحانه وتعالى، خاصة وقد أخبرنا سبحانه أنه إذا نزل عذابه فإنه لا يأتي للظلمة فقط، ولكنه يعم الظلمة وغيرهم، ثم يبعثون على نياتهم يوم القيامة.
فعلى الإنسان المؤمن أن يخاف من بطش الله ومن مكره سبحانه.
قال تعالى: وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ [المؤمنون:95] أي: ما نتوعدهم به من العذاب سيكون، ولكن لكل شيء عند الله أجل مكتوب عنده سبحانه، فسنظهر لك هذا الذي توعدناهم به.
أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بأمرين: فقال: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ * وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ [المؤمنون:96-98]، فعلمه كيف يدعو صلوات الله وسلامه عليه، فبعد أن قال: رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [المؤمنون:94]، وسأل ربه ألا يكون مع الظالمين، قال الله له: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [المؤمنون:96]، وهذا تعليم من الله سبحانه، أي: ادفع بالشيء الحسن الشيء السيئ، فمن أساء إليك فأحسن إليه.
وقد علم الله نبيه في سورة الأعراف الدفع بالتي أحسن أيضاً، فالإنسان المؤمن يدفع اعتداء الناس بالإحسان لهم؛ لأنه يرغب في هداية هؤلاء، فإذا هدى الله عز وجل على يديك إنساناً من الخلق فلك أجر عظيم عند الله سبحانه، فعلم الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يعامل الناس بالحسنى، وأنه إذا عامل بالحسنى ودفع بالتي هي أحسن فالله عز وجل يأجره على ذلك ويدافع عنه، وهذه الصفة تشمل التعامل مع الكفار ومع المسلمين، فالكافر في البداية يُدفع بالتي هي أحسن ترغيباً له في الإسلام، فإذا أصر على ذلك فالجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأيضاً ادفع بالتي هي أحسن لعلهم يرتدعون، وقد كان بعض الأعراب يسيء للنبي صلى الله عليه وسلم، فإذا به يحلم عليه ويتحمل منه، وشيئاً فشيئاً حتى يهدي الله هذا الأعرابي للإسلام.
وقد رأينا كيف فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة، ولما وصل إلى هنالك وقام مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم يؤذن، وإذا ببعض الناس يستهزئ بمؤذن النبي صلى الله عليه وسلم وفيهم أبو محذورة ، وأبو محذورة كان صوته جميلاً، وسمع النبي صلى الله عليه وسلم الاستهزاء بمؤذنه، وكان يستطيع أن يأمر بقتل هذا الكافر الذي يستهزئ، ولكنه نادى عليهم ففر من فر وجاء أبو محذورة ، فقال صلى الله عليه وسلم: (أيكم كان أرفع صوتاً؟)، أي: من الذي سمعت صوته، ثم علمه رسول الله ألفاظ الأذان، فأسلم الرجل وصار المؤذن في مكة، فهنا يتحقق قوله تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ .
وهذا أدب من النبي صلى الله عليه وسلم ولطف منه، عندما يأتي أبو محذورة ويعلمه رسول الله وهو شاب ولم ينهره صلى الله عليه وسلم، فتأدب الرجل وصار بعد ذلك مؤذن مكة رضي الله تبارك وتعالى عنه.
قال الله سبحانه: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ، وهذا أمر بالصفح وأمر بمكارم الأخلاق، وفي الحديث: (إن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على الشدة)، فالإنسان برفقه يدعو الناس إلى ربه سبحانه، ولكن قد يصل بالرفق وبالعنف إلى نتيجة واحدة، وذلك عندما يدعو إنساناً برفق فيصل به إلى أن يصير مؤمناً، أو يدعوه بعنف وبغلظة وشدة ويصل به إلى أن يكون مؤمناً، فأي الوصفين يكون أعظم لهذا الإنسان وأكثر أجراً عند الله؟
الجواب: أن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، فالإنسان برفقة يتأسى بالنبي صلى الله عليه وسلم في رفقه بالخلق.
قال سبحانه: نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ فإذا أساءوا إليك فأحسن إليهم لعلك تتألف هؤلاء، وقد لا يتألف هؤلاء، ولكن قد يتألف من وراءه كأهاليهم وأقوامهم عندما يرون أن فلاناً أساء ومع ذلك فالنبي صلى الله عليه وسلم حلم عنه، فعندما يقولون: إن الرجل على حسن خلق فلماذا لا نتبعه؟ والإنسان عندما يرى الكافر وعناده قد يقول: لن أدفع إلا بالأسوأ، فهذا الكافر لا يستحق الإحسان، ولكن أمر الله مقدم إذ قال: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ، ولعله صلى الله عليه وسلم يقول: هؤلاء يكفرون، ويقولون: كذا، فقال تعالى: نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ ، أي: نحن قد حلمنا عنهم، فاحلم أنت لعل الله عز وجل يهديهم على يديك.
فهذا الأدب لا بد أن يكون في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، فإذا لم ينفع واستمر هؤلاء على كفرهم وعنادهم فالجهاد بالسيف الذي أمر به النبي صلوات الله وسلامه عليه بعد ذلك، قال تعالى: نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ أي: من الشرك والتكذيب.
وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكْ ، أي: أتعوذ بك، وألجأ إليك، وأستجير بك، وأستغيث بك أن تجيرني من هؤلاء وتصرفهم عني.
قال تعالى: وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّياطِينِ والهمزات: هي الوسوسة من الشياطين، والهمز واللمز بمعنى: الطعن، وإن كان الهمز هو الطعن في الخفاء، واللمز الطعن في العلن.
فقوله: مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ ، أي: من وساوس الشياطين، ومن دفعهم إياك إلى الباطل.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.
وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر