إسلام ويب

شرح متن أبي شجاع - القول في أنواع المياهللشيخ : محمد حسن عبد الغفار

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الماء ثلاثة أقسام: طهور، وهو طاهر في نفسه مطهر لغيره، وهو الماء المطلق. وطاهر في نفسه غير مطهر لغيره، وهو الماء المستعمل والمتغير بما خالطه من الطاهرات، فهذا الماء لا يصح استعماله في رفع الحدث أو إزالة النجاسة، كما هو مذهب الشافعي خلافاً لمذهب أبي حنيفة. وماء نجس، وهو الذي حلت فيه نجاسة، وهو دون القلتين أو كان قلتين فتغير.

    1.   

    إثبات الفرق بين الماء الطهور والطاهر

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

    يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1].

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله, وأحسن الهدي هدي النبي صلى الله عليه وسلم, وشر الأمور محدثاتها, وكل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة, وكل ضلالة في النار.

    ثم أما بعد:

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ كتاب الطهارة: فصل أنواع المياه وأقسامها:

    المياه التي يجوز التطهير بها سبع مياه : ماء السماء وماء البحر وماء النهر وماء البئر وماء العين وماء الثلج وماء البرد.

    ثم المياه على أربعة أقسام :

    طاهر مطهر غير مكروه استعماله وهو الماء المطلق.

    وطاهر مطهر مكروه استعماله وهو الماء المشمس.

    وطاهر غير مطهر وهو الماء المستعمل والمتغير بما خالطه من الطاهرات.

    وماء نجس وهو الذي حلت فيه نجاسة وهو دون القلتين أو كان قلتين فتغير.

    والقلتان خمسمائة رطل بغدادي تقريباً في الأصح ].

    أقسام المياه ثلاثة:

    الماء الطهور, والطاهر, والنجس, وهذا على المذهب وهو مذهب الجماهير وقد خالف في ذلك الأحناف ورجح قولهم شيخ الإسلام ابن تيمية وهو مذهب مرجوح.

    والطهور عند الشافعية نوعان: طهور يجوز استعماله بلا كراهة, وطهور يجوز استعماله مع الكراهة.

    والأدلة على أن الطهور غير الطاهر كثيرة منها:

    أن الله جل في علاه لما بين أنواع المياه ذكر الطهور صراحةً ولم يذكر الطاهر، قال الله تعالى: وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا [الفرقان:48]، ولم يقل: طاهراً، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يتلو هذه الآية على أصحابه، ولو كان الطهور بمعنى الطاهر لبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد جاءت الآثار تؤكد أن هذا المعنى هو المراد, فعندما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن ماء البحر قال النبي صلى الله عليه وسلم: (هو الطهور ماؤه) موافقاً لكلام الله جل في علاه, ولم يقل: هو الطاهر، فهذه الآثار تثبت لنا اسم الطهور لا الطاهر, ولم يرد عن واحد من الصحابة أن الماء نوعان فقط: طاهر أو نجس, وإذا اعترض معترض وقال: هذه التقسيمات لم تعرف في عصر الصحابة قلنا: نعم، فالتفصيلات عرفت في القرن الثالث تيسيراً على طالب العلم, لكن لم يذكر الصحابة رضوان الله عليهم هذه المسألة ولم يثبتوا الطهورية أو الطهارة, فنبقى على أصل الآثار التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (طهور) وقال: (نجس)، ونفرق بين الطهور والطاهر.

    1.   

    الماء المطلق والمقيد

    الطهور الذي يجوز استعماله دون كراهة هو: الماء المطلق, وهو الماء العاري عن التقييد, والتقييد نوعان: تقييد بإضافة, وتقييد بوصف, فالماء المطلق هو الذي لم يتغير ولم يضف لشيء، كماء السماء وماء البحر وماء البئر وماء النهر.

    والقيد نوعان: إما قيد بالإضافة أو قيد بالوصف، قيد الإضافة مثل: ماء ورد, وماء كافور، فقد اختلط الكافور مع الماء فغيره وسلبه اسم الإطلاق وجعله ماء كافور.

    والنوع الثاني: مقيد بالوصف, كقول الله تعالى: مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ [السجدة:8]، وقوله: مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ [الطارق:6]، فهذا وصف له أنه يتدفق أو أنه مهين.

    إذاً: الماء المطلق الذي يصح التطهر به هو الماء الذي لم يضف إلى غيره ولم يوصف بوصف مقيد له, كالماء الدافق وغيره.

    والماء المعهود المقترن بألف ولام العهد لا يسمى ماءً مطلقاً، كما قالت أم سليم كما في الصحيح: يا رسول الله! إن الله لا يستحيي من الحق، فهل على المرأة غسل إذا هي احتلمت؟ فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : (نعم إذا رأت الماء)، فالماء المراد به هنا: ماء المني.

    إذاً: الماء الطهور الذي يصح الوضوء به هو: الماء المطلق العاري عن الإضافة أو عن الوصف أو لام العهد, فيستطيع الإنسان أن يتطهر ويتوضأ بماء السماء، قال الله تعالى: وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا [الفرقان:48]، وقال: وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ [الأنفال:11]، فهو طاهر في نفسه مطهر لغيره.

    ومن الماء المطلق: ماء البحر، فيجوز التطهر به عند جماهير العلماء خلافاً لأعلم التابعين سعيد بن المسيب فإنه قال: أحب إلي أن يتيمم ولا يتوضأ بماء البحر، واستدل بحديث عبد الله بن عمرو مرفوعاً: (إن تحت البحر ناراً)، وهذا القول يصادم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (هو الطهور ماؤه)، وحديث: (تحت البحر نار) يحتمل تأويلات: التأويل الأول: كأنه يشبه سرعة جريان الماء في البحر وتلاطم الأمواج بسرعة النار, وهناك تأويل آخر: أن البحر مآله إلى النار، والدليل على ذلك قوله تعالى وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ [التكوير:6]، فيوم القيامة يحدث ذلك، ونحن الآن بصدد الطهارة من أجل الصلاة.

    1.   

    حكم الماء المشمس

    عند الشافعية ماء طهور يكره استعماله, فهو مطلق لم تسلب منه الطهورية, لكن يكره استعماله، وهو الماء المشمس, وجماهير العلماء أنه لا يكره استعمال الماء المشمس.

    والمشمس عند الشافعية له ضوابط منها:

    أولاً: أن يجمع في إناء وتتسلط عليه الشمس وهو في الآنية، فيخرج بذلك ماء البحار وماء الأنهار والآبار؛ لأنها كبيرة وواسعة لا تتأثر, فقالوا: أن تكون متجمعة في أواني.

    ثانياً: أن يكون هذا في البلاد الحارة وليس في البلاد الباردة.

    ثالثاً: أن يكون استعماله على البدن لا على الثوب.

    فهذا الماء حكمه عند علماء الشافعية الكراهة، والكراهة هي: طلب الكف لا على وجه اللزوم بل على وجه الاستعلاء، وحكمه: يثاب تاركه ولا يعاقب فاعله, فمن توضأ بالماء المشمس لم يأثم, وتصح طهارته، وإن صلى تصح صلاته.

    وقد استدل الشافعية على كراهة الماء المشمس من الأثر ومن النظر، أما الأثر: فحديث في السنن عن عائشة رضي الله عنها وأرضاه: أنها سخنت ماءً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليتوضأ به، فلما علم أنه قد سخن قال: (يا حميراء! لا تفعلي فإنه يورث البرص).

    وعن أنس بن مالك رضي الله عنه وأرضاه قال: (نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التطهر بالماء المشمس).

    وعن ابن عباس رضي الله عنه وأرضاه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من توضأ بالماء المشمس فأصابه الوضح -أي: البرص- فلا يلومن إلا نفسه). وفي مسند الشافعي عن عمر بن الخطاب أنه نهى عن التوضؤ بالماء المشمس، وقال: إنه يورث البرص.

    ومن النظر قالوا: القاعدة أنه لا ضرر ولا ضرار, والله يقول: وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة:195], فلا يجوز استخدام الماء المشمس إلا على سبيل الكراهة.

    وقالوا: الماء المشمس إذا سقطت عليه أشعة الشمس وكان في آنية نحاس أو غيرها فإنها تحدث زهومة تعلو على الماء, فإذا وضع الرجل يده ليتوضأ كانت هذه الزهومة على جلد الإنسان، فيحدث احتباس الدم في جلد الإنسان فيحدث البرص, قالوا: والإنسان مأمور شرعاً أن يتجنب ما يضره.

    والتحقيق: أن الماء المشمس لا يكره استعماله، والأحاديث التي استدلوا بها لا تصح، فحديث عائشة فيه خالد بن إسماعيل قال فيه يحيى بن معين : كذاب وضاع، والحديث الموضوع لا حجة فيه بحال من الأحوال.

    وحديث أنس إسناده أظلم من الأول.

    وحديث ابن عباس فيه عمر بن صبح وهو كذاب، وفي سنده أيضاً انقطاع بين سماك وابن عباس , ففيه علتان.

    أما قولهم: الماء المشمس يورث البرص، فنقول: المسألة تدور على الطب, ولا تدور على الأثر, والماء المشمس ماء طهور لم يسلب الطهورية, فيصح للإنسان أن يستخدم الماء المشمس ويتوضأ به؛ لأنه ماء مطلق, إلا إذا ثبت بالدليل أنه يضر الجسد، فتبقى المسألة دائرة على الضرر، وهذا الذي بينه الشافعي في الأم فقال: ولا أكره الماء المشمس إلا من أجل الطب. فنقول: بحمد الله التقدم في الطب موجود, فإن أقر الأطباء بأن الماء المشمس يضر بالجسد ويورث البرص قلنا بالحرمة ولم نقل بالكراهة, فإن قال الأطباء: لا يؤثر الماء المشمس على البدن, فنقول بعدم الكراهة، والكراهة حكم شرعي يحتاج إلى دليل, ولا دليل للشافعية، وإن ثبت الضرر طبياً فكان ينبغي أن يقولوا بالحرمة لا الكراهة, لأن الأصل عندكم: وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة:195], لكن قالوا: هذا المرض مظنون وليس مقطوعاً به, والمظنون لا ينبني عليه الجزم في الأحكام, فلا نقول: حرام لأنه ليس يقيناً أنه يورث البرص, لكن يغلب على الظن أنه يورث البرص، والرد عليهم بأن كثيراً من الأحكام ينزل غالب الظن فيها منزلة اليقين.

    1.   

    أنواع من المياه يكره استعمالها

    توجد أنواع من المياه يكره استعمالها مع أن الطهورية لم تسلب منها, وهي ماء بئر ثمود، وماء قوم لوط وهو البحر الميت، وماء بئر ذروان الذي وضع فيه السحر، وماء زمزم، فهذه المياه يكره استعمالها عند الشافعية, قالوا: وعندنا أدلة: أما ماء بئر ثمود فهم مغضوب عليهم، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن المرور على ديارهم إلا أن يكون الإنسان باكياً مسرعاً, فكيف يستخدم الآلات التي كانوا يستخدمونها؟! وفي البخاري: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما مر مع أصحابه على ديار ثمود فأخذ الصحابة ماء من بئر ثمود ثم عجنوا به العجين ليأكلوا، نهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن استخدامه وقال: (اعلفوا هذا العجين بهائمكم، وأهريقوا هذا الماء), ووجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بإتلاف الماء، ولا يجوز في الأصل إتلاف الماء؛ لأنه مال ظاهر، فهذا في تحريم استعمال ماء ثمود، لكن صرف الشافعية الحكم من التحريم إلى الكراهة؛ لأن العلة من النهي عن استعماله أن يصيبهم ما أصابهم، وهذه علة مظنونة، فما دام الماء مطلقاً، والعلة مظنونة، فقد قالوا بالكراهة لا التحريم.

    الثاني: ديار قوم لوط: وهو البحر الميت، فقوم لوط مثل ثمود جاءتهم اللعنة, واستخدام ماء البحر الميت للوضوء فيه تفصيل: إن استخدمه من الجانب الذي كان فيه قوم لوط فإنه مكروه ويصح الوضوء، وإن استخدمه من الجانب الآخر فلا كراهة.

    والآن ظهرت مسألة استخراج المستحضرات التجميلية من البحر الميت، فالورع تركها، وقد قيل بحرمتها، والتدقيق هو التفصيل السابق، فإن استخرجت من الموضع الذي كان فيه قوم لوط حرم استعمالها، وإلا فالأصل الإباحة، وكما ذكرنا فالورع الترك.

    وماء ذروان يدخل في نفس المسألة التي تكلمنا عليها وهي حكم بئر ثمود.

    أما ماء زمزم فأصول المذهب على أنه يصح الاغتسال به, ويصح التطهر به, وتوجد أدلة كثيرة على ذلك منها: قول الله تعالى: (وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا [الفرقان:48]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (الماء طهور لا ينجسه شيء), وهو ماء مطلق، فيصح استعماله إلا أن يدل الدليل على المنع.

    والحنابلة يمنعون من التوضؤ والاغتسال بماء زمزم، ويستدلون على ذلك بأثر عن العباس أنه قال: لا أحله لمغتسل، وعضدوا هذا الأثر بقول النبي صلى الله عليه وسلم : (ماء زمزم لما شرب له)، فقالوا: هذا ماء مبارك فلا يصح استعماله في الغسل ولا في الوضوء ولا رفع الحدث ولا إزالة النجس.

    فنقول: أولاً: قول العباس الصحيح أنه: قول عبد المطلب وليس قول العباس ، فلا يصح الاستدلال به.

    الأمر الثاني: هذا القول خالف التأصيل الشرعي العام وهو: أن الماء الطهور المطلق يصح استعماله ما لم يدل دليل على المنع، ولم يدل لنا دليل على المنع.

    الأمر الثالث: قالوا: هو ماء مبارك، فنقول: أعظم بركة منه الماء الذي نبع من بين يدي أصابع النبي صلى الله عليه وسلم، وشرب منه القوم وتوضئوا واغتسلوا منه.

    إذاً: ماء زمزم ماء مبارك ويصح الاغتسال به ويصح الوضوء به, لكن يكره إزالة النجاسة بماء زمزم لما عرف من تعظيمه والبركة التي تلحقه.

    1.   

    أقسام المياه

    أقسام المياه ثلاثة: طهور، وطاهر, ونجس.

    فالطاهر هو: المستعمل أو الماء المطلق المتغير بما خالطه من الطاهرات, والتغيير له ثلاث حالات: تغيير بما كان في المقر, وتغيير بالمجاورة, وتغيير بالمخالطة.

    فالمتغير بما في مقره كالطحلب الذي في البحر أو البئر أو العين، فهذا التغير لا يؤثر، ولا يجعله مسلوب الطهورية, والمتغير بالمجاورة مثل بحيرة بجانبها ميتة وتغير الماء، فيصح التوضؤ بهذا الماء.

    والمتغير بالمخالطة مثل دق الكافور في الماء, وهذا التغير يؤثر في الطهورية؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الماء طهور لا ينجسه شيء)، وفي راوية زاد: (إلا ما غير طعمه أو لونه أو ريحه) وهذه الزيادة ضعيفة، لكن أجمع أهل العلم: على أن التغير في اللون أو في الطعم أو في الرائحة يؤثر في طهورية الماء، كما سنبين في الدرس القادم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756001825