إسلام ويب

شرح أخصر المختصرات [78]للشيخ : عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • جاءت هذه الشريعة بالعدل، ومما يبين ذلك القصاص والديات في النفوس والأطراف، وهي في ذلك حكيمة رحيمة، ومما يبين ذلك مشروعية تعاون العاقلة مع الجاني خطأً دون الجاني عمداً.

    1.   

    دية الأطراف

    قال رحمه الله تعالى:

    [فصل:‏

    ومن أتلف ما في الإنسان منه واحد كأنف ففيه دية نفسه، أو اثنان أو أكثر فكذلك، وفي أحد ‏ذلك نسبته منها، وفي الظفر بعيران، وتجب كاملةً في كل حاسة، وكذا كلام وعقل ومنفعة أكل ‏ومشي ونكاح، ومن وطء زوجة يوطأ مثلها لمثله فخرق ما بين مخرج بول ومني ، أو ما بين السبيلين فهدر، وإلا فجائفة إن استمسك بول، وإلا فالدية. ‏

    وفي كل من شعر رأس وحاجبين وأهداب عينين ولحية الدية ، وحاجب نصفها وهدب ربعها ، ‏وشارب حكومة، وما عاد سقط ما فيه.

    وفي عين الأعور دية كاملة، وإن قلعها صحيح أقيد بشرطه، وعليه أيضاً نصف الدية. ‏

    وإن قلع ما يماثل صحيحته من صحيح عمداً فدية كاملة، وإلا قطع كغيره.

    وفي الموضحة خمس من الإبل، والهاشمة عشر، والمنقلة خمسة عشر، والمأمومة ثلث ‏الدية كالجائفة والدامغة، وفي الخارصة والبازلة والباضعة والمتلاحمة والسمحاق حكومة.

    فصل:

    وعاقلة جانٍ ذكور عصبته نسباً وولاءً ، ولا عقل على فقير وغير مكلف ومخالف دين جانٍ، ولا تحمل عمداً ولا عبداً، ولا صلحاً ولا اعترافاً، ولا ما دون ثلث الدية.

    ومن قتل نفساً محرمةً غير عمد، أو شارك فيه فعليه الكفارة، وهي ككفارة ظهار إلا أنه لا إطعام ‏فيها، ويكفر عبد بالصوم.

    والقسامة أيمان مكررة في دعوى قتل معصوم.

    وإذا أتمت شروطها بدئ بأيمان ذكور عصبته الوارثين، فيحلفون خمسين يميناً كل بقدر إرثه ‏ويجبر كسر ، فإن نكلوا، أو كان الكل نساءً حلفها مدعًى عليه وبرئ].

    دية ما في الإنسان منه واحد

    إذا قتل الجاني نفساً فالدية -كما تقدم- مائة من الإبل، وتصح أن تكون الدية من البقر أو من الغنم أو من الذهب أو من الفضة، والأطراف فيها دية، وذلك لأن ذهابها خلل على الإنسان، وهذه الأطراف والحواس التي في الإنسان ما كان منها واحداً ففيه الدية كاملة، سواءٌ أكانت منفعته كثيرة أم قليلة، والذي في الإنسان منه واحد ثلاثة: الأنف، فإذا قطعت الأنف من أصله ففيه الدية، واللسان، فإذا قطع من أصله بحيث تعطل الكلام ففيه الدية كاملة، والذكر، فإذا قطع من أصله ففيه الدية كاملة.

    أما إذا قطع بعض ذلك ففيه نسبته، فإذا قطع نصف اللسان أو نصف الذكر أو مقدم الأنف فإن فيه نصف الدية أو بقدر ما قطع منه، وذلك لأن هذه فيها منافع، ومنافعها ظاهرة وإن كانت تتفاوت، فالأنف منفعته في الجمال، نصبه الله تعالى في مقدم وجه الإنسان زيادة في الجمال، فإذا قطع فإن فيه القصاص، قال الله تعال: وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ [المائدة:45]، فجعل في الأنف قصاصاً.

    وأما اللسان فلا شك أن منفعته عظيمة، وأجل منفعته النطق، وأكثر الحروف إنما هي من حركة اللسان، ومن منفعته أيضاً الذوق، فإنك إذا وضعت على لسانك حامضاً أو حالياً أو مراً فبه تعرف الطعم، فالطعوم غالباً إنما تميزها بلسانك، ولو وضعتها في يدك لم تعرف هل هذا الشيء مالح أو حامض أو حالٍ أو مر حتى تضعه في لسانك، فاللسان فيه هذه الفائدة التي هي الذوق، وكذلك أيضاً اللسان يحرك الأكل في الفم، فهو يجمع الأكل ويفرقه، فله فوائد عظيمة ولو أنه شيء خفي لا يبرز وينطبق عليه الفم، ففائدته عظيمة، فلذلك فيه الدية.

    والذكر أيضاً فيه فائدة الاستمتاع ونحوه، فهذه ثلاثة أشياء ليس بالبدن منها إلا واحد من كل واحد، لكن قالوا: إن الأنف يحتوي على هذه الثلاثة الأطراف: المنخران والحاجز بينهما، فلو أن إنساناً قطع أحد المنخرين وترك المنخر الآخر وترك الحاجز فعليه ثلث الدية، فإذا قطع المنخرين وترك الحاجز فعليه الثلثان، وإذا قطع الحاجز وترك المنخرين فعليه الثلث، فالأنف يكتمل على هذا الحاجز وعلى طرفي الأنف اللذين هما طرفا المنخرين، ففي كل جزء ثلث الدية، وفي الجميع الدية كاملة إذا قطع الأنف بحاجزه ومنخريه.

    دية ما في الإنسان منه اثنان

    وأما الذي في الإنسان منه اثنان فالعينان، جعلهما الله تعالى اثنتين لحكمة، فإن إحداهما قد تمرض أو قد تذهب فيبصر بالأخرى، فيكون البصر كاملاً، فإذا فقأ إحدى عينيه ففيها نصف الدية، وإن فقأ العينين ففيهما الدية كاملة، وكذلك الأذنان، وقد تقول: الإذن ليست هي التي يسمع بها، ولكن الذي يسمع به هو الصماخ الداخل في الرأس! ولكن هذه الأذن الظاهرة تتلقى الصوت، ولذلك جعلها الله تعالى متوجهة نحو الصوت، فيقرع الصوت فيها ويدخل في الصماخ فيحصل السماع، مع أنها لو قطعت قد يبقى السماع يدخل في الأصمخة، ولكن لها فائدة في زيادة السمع، ومع ذلك هي زينة ظاهرة، ولهذا النساء يعلقن فيها شيئاً من الحلي وهو ما يسمى بالقرط، فإذا قطعت الأذنان ففيهما الدية كاملة، وفي الواحدة نصف الدية.

    ومما في الإنسان اثنان الشفتان، ففي الواحدة نصف الدية وفي الثنتين كامل الدية، هذا قول الجمهور، وقال بعضهم: إن الشفة السفلى أكثر فائدة. فجعل بعضهم فيها ثلثي الدية، وذلك لأنها تلقف الطعام وتلقف الشراب، ومع ذلك فمنفعتهما لا تتم إلا باجتماعهما، وفيهما مخرج بعض الحروف كالباء والميم، وكذلك بانضمامهما عند الكلام ينطق بالواو، ففيهما إعانة على الكلام، ومصلحتها ظاهرة، ففيهما الدية.

    وهكذا اليدان فيهما الدية، وفي إحداهما نصف الدية، والرجلان فيهما الدية، وفي إحداهما نصف الدية، والثديان من المرأة فيهما الدية، وفي أحدهما نصف الدية، وفي الرجل ثندؤتان مكان الثديين، فإذا قطعتا ففيهما الدية، كذلك أيضاً في الإنسان الإليتان، ومنفعتهما ظاهرة، يجلس عليهما، ويرتفق بهما، ففيهما الدية، وكذلك في الرجل الأنثيان -الخصيتان- فيهما الدية، وفي إحداهما نصف الدية، وأشباه ذلك.

    دية الأعضاء الباطنة

    اختلف في الأعظاء الباطنة هل فيها الدية؟

    فالأولون ما تصوروا ذلك، ولكن في هذه الأزمنة قد يتصور، ذكر لنا بعض الإخوان أن قوماً خطفوا طفلة عمرها سبع سنين، وذهبوا بها إلى إحدى المستشفيات وقالوا: هذه ابنتنا. وأحدهم قد مرضت كليتاه، فيه فشل كلوي، فشقوا بطن هذه الطفلة وأخرجوا منها كلية وجعلوها في ذلك المريض، وفقدها أهلها ولم يدروا أين هي، وبعد خمسة أيام أو ستة أيام جيء بها وألقيت عند باب أهلها، ولا تدري ماذا فعل بها، فذهبوا إلى أحد المستشفيات وكشفوا عليها فقالوا: إنها قد أخذت منها كليتها!

    فنقول: الكليتان فيهما الدية، وفي إحداهما نصف الدية، والرئتان فيهما الدية، وفي إحداهما نصف الدية إذا أخذت، وكذلك لو أخذ الطحال أو القلب أو الكبد وإن كان قد لا يعيش، ولكن قد يجعلون فيه شيئاً من عضو حيوان يعيش به مدة، فعلى هذا نقول: إن هذه أيضاً معتبر فيها القصاص، ومعتبرة فيها الدية، فمن اعتدى على أحد وقهره حتى أخذ منه كلية أو نحو ذلك فإن فيها القصاص أو فيها نصف الدية إذا أخذ إحدى الكليتين، ولو أن العلماء الأولين لم يذكروا ذلك؛ لأنهم ما تصوروا هذه العمليات الجديدة.

    يقول: [أو اثنان] يعني: أو كان في البدن منه اثنان ففيهما الدية، [أو أكثر] إذا كان في الإنسان أكثر من اثنين كالثلاثة -وهي المنخران والحاجز بينهما- فالثلاثة فيها الدية، والأربعة في الإنسان مثل الأجفان فهي أربعة، ففي كل عين جفنان، ففي أحدها ربع الدية، إذا قطع أحد الأجفان الأربعة ففيه ربع الدية، وإن قطع الأربعة كلها فعليه الدية كاملة؛ لأن في الإنسان هذه الأربعة.

    دية الأصابع

    هناك ما في الإنسان منه عشرة كأصابع اليدين، فإذا قطع الأصابع العشرة فعليه الدية، وإذا قطع أصابع يد الخمسة فعليه نصف الدية، وإذا قطع واحداً فعليه عشر الدية، أي: عشر من الإبل، والأصابع متساوية، هكذا كان الصحابة يحكمون، وورد أنه صلى الله عليه وسلم قال: (في الإصبع عشر من الإبل)، وكان بعضهم يفوتون بينها بقدر منفعتها، وذلك أن الإبهام منفعته أكثر من منفعة الخنصر؛ لأنه قد يقوم مقام الأربعة الأصابع كلها، فإذا قطع صعب عليه أن يمسك شيئاً بإصبعيه، أما إذا كان موجوداً فإنه يحمل شيئاً بإصبعيه ويمسك الأشياء الدقيقة مثل الإبرة أو المسمار الدقيق بهذين الإصبعين، ولا يقدر أن يمسكه بالسبابة والتي تليها، فعرف أن الإبهام منفعته كبيرة وليست كمنفعة بقية الأصابع، ومع ذلك جاء الشرع بالتسوية، وأن كل إصبع فيه عشر الدية.

    وهكذا أصابع الرجلين منفعتهما التمكن من المشي، يعتمد عليهما ويرتفع عليهما إذا أراد أن يرتفع، ففيهما أيضاً منفعة، فإذا قطعت أصابع الرجلين ففيها الدية، وإذا قطع واحد منها -ولو الخنصر- ففيه عشر الدية، وذلك لأنه يصدق عليه أنه إصبع، أما إذا قطع بعض الإصبع ففيه نسبته، ومعلوم أن الأصابع الأربعة كل واحد فيه ثلاث أنامل، ففي كل أنملة ثلث عشر الدية، وفي أنملتين ثلثا عشر الدية، والإبهام ليس فيه إلا أنملتان، ففي الأنملة خمس من الإبل، وفي الأنملتين عشر، سواء إبهام اليد أو إبهام الرجل، ليس فيه إلا أنملتان، ففي كل واحدة نصف عشر الدية، فهذه الأعضاء التي تتعدد في الإنسان.

    دية الأسنان

    هناك الأسنان، ومجموع الأسنان إذا كملت اثنان وثلاثون سناً، ستة عشر من فوق، وستة عشر من تحت، وهناك نوع من الناس يقال له: الكوسج. تنقص أسنانه، ولا يكون فيه إلا ثمانية وعشرون سناً.

    وهذه الأسنان منفعتها ظاهرة، وهي تقطيع الأكل ومضغه حتى يصلح ليبتلع، فمنفعتها ظاهرة، فإذا قلعت الأسنان كلها ففيها الدية، وإن قلع الفك الأعلى فنصف الدية، وكذا الفك الأسفل، أما الواحد منها فورد أن في كل سن خمساً من الإبل، وهي اثنان وثلاثون، فإذا كان في كل واحد خمس فإنه إذا قطع سن أخذ خمساً، فإن قلع ثانياً فيه خمس، فيكون المجموع مائة وستون من الإبل، فهذه دية اثنين وثلاثين، ولكن الغالب أنها لا تقلع إلا مفرقة، والله تعالى ذكر فيها القصاص في قوله تعالى: وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ [المائدة:45]، وجاء في الحديث أن امرأة من الأنصار يقال لها: الربيع أخت أنس بن النضر كسرت سن جارية من الأنصار، فأراد أهل تلك الجارية القصاص، فرفعوا الأمر إلى النبي صلى الله لعيه وسلم فحكم بالقصاص، فلم يرض أخوها وقال: أتكسر ثنية الربيع؟! فقال صلى الله لعيه وسلم: (يا أنس! كتاب الله القصاص)، فقال: والله لا تكسر ثنية الربيع. فرضي القوم بالأرش، أي: بالدية. وقوله: (كتاب الله القصاص) دليل على أن السن تكسر بالسن، أو تقلع بها إذا قلعت.

    فعرفنا ما في الإنسان منه اثنان، أو أكثر من اثنين إلى عشرة إلى اثنين وثلاثين وهي الأسنان، وفي أحد ذلك نسبته من الدية، فإذا كانت عشرة ففي الواحد عشر الدية، وإذا كانت ثلاثة كالمنخرين والحاجز ففي كل واحد ثلث الدية، وإذا كانت أربعة -وهي الأجفان- ففي كل واحد ربع الدية.

    دية الأظفار

    قال: [وفي الظفر بعيران] يعني: إذا لم ينبت. إذا قلع الظفر وبقيت الأنملة -سواء ظفر الإبهام أو ظفر خنصر أو غيرهما- لم يعد ينبت ظفرها فديته بعيران، ولا شك أن منفعة هذه الأظافر ظاهرة، يحك بها جلده، ويقبض بها الشيء الدقيق كشوكة في جسده أو نحو ذلك، ففيها منفعة.

    والسنة تقليمها؛ لأنها إذا طالت تشوه الخلقة، ولكن لابد أن يبقى من رؤوسها ما ينتفع به، فلأجل ذلك فيها منفعة، فإذا قلع الظفر وعرف أنه لا يعود ولا ينبت مرة أخرى ففيه بعيران.

    فالإصبع فيها عشرة، والظفر فيه بعيران، وأنملة الإبهام فيها خمس من الإبل، والأنملة من السبابة فيها ثلاثة أبعرة وثلث، ثلث العشر، وظفرها فيه بعيران.

    تعدد الدية

    يقول: [تجب كاملة في كل حاسة]. أي: كما أنها تجب في الأطراف فإنها أيضاً تجب في المنافع، وذلك لأن منفعتها عظيمة، فإذا أذهب حاسة من الحواس فعليه الدية كاملة، وقد يذهب منه حاستين أو أكثر فتتعدد الدية، ذكر أن رجلاً في عهد عمر رضي الله عنه ضرب رجلاً ضرباً شديداً حتى ذهب سمعه وبصره وعقله ونكاحه، فبقيت العينان لا يبصر بهما، ولا يسمع ولو كانت الأذنان موجودتين، ولو كانت العينان مفتوحتين، وذهب عقله، وذهب نكاحه فلم يعد يستطيع أن ينكح، فقضى له عمر بأربع ديات، ولما حدث بذلك الحسن البصري قال بعض الحاضرين: ما أسعده وما أكثر ما أخذ! فقال الحسن رحمه الله: لا والله! بل ما أشقاه وما أتعسه! ماذا يستفيد من حياته لا سمع ولا بصر ولا عقل ولا نكاح؟ ماذا يستفيد من هذه الحياة؟ حياته بؤس عليه، ولو مات لكان أريح له، فعرف بذلك أن هذه المنافع منافع كاملة، ففي كل واحدة الدية كاملة ولو كانت الآلة باقية، فقد يذهب ماء العينين وتبقى العين مفتوحة ولا يبصر، فإذا ضربه إنسان ضرباً شديداً في رأسه فذهب ماء عينيه. فأصبح لا يبصر فعليه الدية، وهكذا لو ضربه برأسه ضرباً أذهب سمعه بأن أصم أذنيه أو تشققت الطبلات في داخل الأذن والأصمخة فإنه يكون عليه الدية، وهكذا حاسة الشم الذي هو إدراك الروائح، هذه أيضاً منفعتها عظيمة، فإذا ضربه ففقد حاسة الشم فعليه الدية، وذلك لأن فيها منفعة، يعرف الرائحة الطيبة والرائحة المنتنة فيتجنب ما يضره، فإذا فقدها تضرر.

    وهكذا منفعة الكلام، فلو أنه ضربه فتعطل الكلام، فاللسان باقٍ والشفتان باقيتان، ولكن لا يستطيع أن يتكلم، ولا يستطيع أن ينطق ولو بحرف، فهذه أيضاً منفعة كبيرة، فمنفعة الكلام فيها أيضاً الدية.

    وكذلك منفعة النكاح إذا فقدها فيها الدية، وما ذاك إلا لأنه أذهب عنه منفعة مقصودة في هذه الحياة.

    ذكروا أنه لو أتلف منفعة الطعم -الذوق- ففيها الدية، وهي منفعة كبيرة، فلو تعطل فمه فلا يميز بين الحلو والحامض والمر، والأطعمة كلها لا يميزها، ولا يعرف أي طعم هذا فهذه أيضاً منفعة عظيمة زالت ففيها الدية، والحواس ذكروا أنها خمس: حاسة السمع، وحاسة البصر، وحاسة الشم، وحاسة الذوق، وحاسة اللمس، وهي التي يقولون: إنها تدرك بها الحقائق، فالإنسان يدرك الموجودات بهذه الحواس الخمس، فإذا ذهبت واحدة منها ففيها دية، فحاسة اللمس فيها الدية إذا صارت يداه لا يحس فيهما بشيء، إذا وضع يده على شيء لا يدري هل هو بارد أو حار، ولا يدري هل مس تراباً أو حجراً أو زجاجاً أو لحماً أو نحو ذلك، فهذه أيضاً حاسة مقصودة.

    وألحقوا بذلك ما لو تغير مظهر الإنسان، إذا كان الإنسان -مثلاً- وجهه أبيض أو أحمر فانقلب أسود من آثار هذا الضرب، فهذا الجاني أفقده لونه، فيكون عليه دية لأنه غيّر لون بشرته.

    يقول: [وكذا كلام] يعني: إذا لم يقدر على الكلام، [وعقل] إذا فقد العقل، [ومنفعة أكل] يعني: تعطل الأكل، بحيث إنه -مثلاً- صار لا يأكل إلا بمغذٍ، أو يدخل الأكل من بطنه فتعطل الأكل، [ومنفعة مشي] إذا ضربه فأقعد، أو صار معاقاً لا يمشي على رجليه. ولو كانت الرجلان موجودتين، [ونكاح] بحيث لا يستطيع أن يجامع، بطلت منفعة النكاح، فهذه كل واحدة منها فيها دية.

    إفساد فرج المرأة بوطء مباح

    يقول: [ومن وطئ زوجة يوطأ مثلها لمثله فخرق ما بين مخرج بول ومني، أو ما بين السبيلين فهدر، وإلا فجائفة].

    إذا تزوج بنتا ومثلها يوطأ، أي: قد بلغت مبلغ النساء وقاربت، ولكن لعبالة ذكره فتق ما بين مخرج البول والمني أو مخرج البول والحيض فهذا هدر؛ لأنه مباح له، ولأنه ما تزوجها إلا ليطأها، والبول يخرج من المرأة من ثقب في أعلى الفرج شبية بالإحليل الذي يخرج منه البول للرجل، وأما الحيض فإنه يخرج من فتحة الفرج التي هي مسلك الذكر، فإذا فتق ما بين مخرج الحيض والبول فهذا هدر، وكذلك لو فتق ما بين السبيلين -أي: ما بين الفرج والدبر- فهو هدر أيضاً إذا كانت يوطأ مثلها لمثله.

    وأما إذا كان لا يوطأ مثلها لصغرها أو لكبره هو ولعبالة ذكره، وتزوجها وزفها أهلها إليه فوطئها، لكن لا يوطأ مثلها لصغرها أو لأنها لا تتحمل، فإذا حصل هذا الضرر ففيها جائفة، والجائفة هي الطعنة التي تصل إلى الجوف أياً كانت، إذا طعنه -مثلاً- في بطنه طعنة وصلت إلى أمعائه فهذه جائفة، وديتها ثلث الدية، أي: ثلاث وثلاثون وثلث من الإبل، أو نحوها، فتعتبر هذه الجائفة، وإذا فتقها وصار البول لا يستمسك فإن فيها الدية، وكذلك لو أن إنساناً ضرب رجلاً في أسفل بطنه -أي: فوق المثانة- فانفجرت المثانة وصار البول لا يستمسك، فهذا الذي اعتدى عليه دية كاملة؛ لأنه أفسد منفعة عظيمة.

    وكذلك لو ضربه في أسفل ظهره فلم يستمسك الغائط، وبقي لا يقدر على أن يمسك الغائط فعليه أيضاً دية كاملة، وذلك لعظم هذه المنفعة التي فوتها، وهذا إذا عرف أنه لا يمكن علاجه، وأنه يبقى هكذا بقية حياته.

    دية الشعر

    يقول بعد ذلك: [وفي كل من شعر رأس وحاجبين وأهداب عينين ولحية الدية كاملة].

    هذه الشعور أنبتها الله تعالى زينة، فإذا أذهبها فعليه الدية كاملة، وأسهلها شعر الحاجبين، فلو أن إنساناً سلخ الحاجب بالموسى فقطع الحاجب ومنابته، وبقي مكانه ليس فيه شعر فقد أذهب هذه المنفعة، والحاجب أولاً جمال، وثانياً فيه حماية للعين وما يتساقط من الغبار أو من الشعر حتى لا تتأذى العينان، فإذا أزال هذا الشعر ولم يعد فعليه الدية كاملة، وكذلك أهداب العينين، فلو أنه سلخ رأس الحاجب ولم يعد ينبت الهدب فعليه الدية كاملة، في كل جفن إذا سلخ هدبه ربع الدية، وفي عين واحدة إذا سلخ منها الجفنين ولم يعد ينبت نصف الدية، وفي العين الأخرى أيضاً نصف الدية، وهذه الأهداب منفعتها عظيمة، ولهذا توجد حتى في بهيمة الأنعام، فجعل الله تعالى في مشافر العينين منها هذه الأهداب حماية للعين مما يسقط فيها؛ لأن العين جوهر لطيف تحتاج إلى حماية وإلى حرص، وجعل الله الحاجبين لحفظ العينين من الأتربة والغبار ونحو ذلك، ولو أزيل هذا الشعر لنقصت، ولصارت عرضة لما يقع فيها من شعر وغبار وتراب وما أشبه ذلك.

    وكذلك شعر اللحية، فاللحية زينة للرجل، خص الله تعالى بها الرجل وميزه بها عن المرأة، فهذه اللحية زينة وجمال، فلو أن إنساناً سلخ جلدتها أو كواها حتى صارت لا تنبت فعليه الدية كاملة، إذا أذهب جمالها وأذهب زينتها فعليه الدية، حتى ولو كانت خفيفة لم ينبت منها إلا شعرات في أسفل الذقن فسلخت وأزيل مكانها ولم تعد تنبت فعليه الدية، وإذا أذهب بعضها فعليه الدية بالنسبة، واللحية اسم للشعر النابت على اللحيين وعلى الذقن، واللحيان هما منبت الأسنان السفلى، فلو أنه سلخ الخد الأيمن أو كواه وتعطل نباته فلا شك أنه يكون قد شوه المنظر، فعليه ثلث الدية، وإذا سلخ الخدين فعليه ثلثا دية، وإذا سلخ اللحية كلها أو كواها فعليه الدية كاملة.

    وبذلك يعرف فضل الإسلام، حيث إن الإسلام حافظ على منافع الإنسان وعلى أعضائه، وجعل في كل منها دية حتى لا يتعدى أحد على أحد، مع أننا في هذه الأزمنة ابتلينا بمن يعادي اللحية ويستهين بأمرها ويواظب دائماً على إزالتها، فلو علم أنها شرف، وأنها زينة وجمال، وأن الشرع جعل فيها الدية كاملة لعرف قدرها.

    وكذلك شعر الرأس هو أيضاً جمال، أنبته الله تعالى زينة، فهو يقي من حر الشمس أو نحوه، فإذا سلخ الرأس أو كواه ولم يعد ينبت فإن فيه الدية، فهذه أربعة شعور: شعر الرأس، وشعر الحاجبين، وشعر الأهداب، وشعر اللحية، كل واحد منها فيه الدية كاملة.

    قال: [وفي بعضها النسبة]، ففي حاجب واحد نصف الدية، وفي هدب جفن واحد ربع الدية، وكذلك إذا سلخ أو كوى نصف الرأس ففيه نصف الدية، فإن كوى ثلثه فثلث الدية، وهكذا.

    أما الشارب فلم يجعلوا فيه دية، وإنما جعلوا فيه حكومة، وذلك لأنه مأمور بقصه ومأمور بحفه، والحكومة أن يقدر كأنه فيه الشارب كم قيمته لو كان مملوكاً وكم قيمته إذا سلخ شاربه ولم يعد ينبت، فينظر الفرق، فتكون فيه تلك النسبة.

    قال: [وما عاد سقط ما فيه].

    لو أنه -مثلاً- كوى الحاجبين ودفعت الدية، وبعد ذلك عولج الحاجب فنبت سقط ما فيه، وإنما يكون عليه عقوبة تلك الجناية التي هي كيه أو سلخه أو ما أشبه ذلك.

    دية عين الأعور

    قال: [وفي عين الأعور دية كاملة].

    الأعور الذي ليس له إلا عين واحدة، فهذه العين يكتب بها ويمشي بها ويقرأ بها ويرى بها البعيد، قد انحصر بصره في هذه العين، فجاءه إنسان ففقأ هذه العين فأذهب بصره، فيقول: أنت أذهبت بصري، أنا بعد إصابة هذه العين صرت أعمى، وقبلها كنت بصيراً كما أنك تبصر! فإذا قال ذلك المعتدي: أنا ما فقأت إلا عيناً واحدة نقول: إنك أذهبت البصر، فعليك دية كاملة.

    ولو أن إنساناً له عينان فقأ عين الأعور، ولما فقأها قال ذلك الأعور: أنا أريد القصاص وأريد الدية. ففي هذه الحال تقلع عين الصحيح المماثلة لها، وعليه مع ذلك نصف الدية؛ لأنه أذهب بصره، فإذا كانت عين الأعور هي العين اليمنى وفقأها إنسان له عينان فقال الأعور: أريد القصاص تفقأ عين الصحيح اليمنى، ومع ذلك يدفع نصف الدية؛ لأن العين التي فقأها فيها الدية كاملة؛ لأنها قائمة مقام عينين.

    حكم الأعور إن فقع عين آخر

    يقول: [وإن قلع ما يماثل صحيحته من صحيح عمداً فدية كاملة، وإلا قطع كغيره].

    صورة ذلك: الأعور اعتدى على إنسان بصير، فالأعور عينه اليمنى صحيحة، فاعتدى على إنسان وفقأ عينه اليمنى عمداً، ففي هذه الحال الصحيح يقول: أريد أن أفقأ عينه اليمنى لأنه فقأ عيني اليمنى. فيقال: إذا فقأت عينه اليمنى صار أعمى، فما له إلا هذه العين، ولكن هو يفدي نفسه بدية كاملة، وذلك لأنك إذا فقأت عينه أذهبت بصره، فيكون لذلك الصحيح دية كاملة، مع أنه ما فقأ منه إلا عيناً؛ لأنه يريد القصاص ويقول: أريد أن أفقأ عينه كما فقأ عيني. فنقول له: إنه ليس له إلا عين واحدة، وأنت قد بقي لك عين، فإن فقأت عينه فإنك تدفع له نصف الدية، وإلا فهو يدفع لك الدية كاملة فداءً لعينه.

    أما بقية الحواس فإن فيها نصف الدية أو فيها القصاص، فإذا كان إنسان ليس له إلا أذن واحدة، ثم إنه قطع أذن إنسان صحيح نقول: ليس فيها إلا نصف الدية، أو فيها القصاص. وكذلك إنسان ليس له إلا أذن جاءه رجل وقطعها، وأصبح ليس له أذنان، فماذا يجب عليه؟ إما القصاص بأذن واحدة وإما نصف الدية، وكذلك إنسان مقطوعة إحدى يديه، ثم إنه جاءه إنسان فقطع اليد الأخرى، فليس عليه إلا نصف الدية، أو القصاص بأن يقطع اليد التي تماثل يده، فالمعتدي يقول: أنا قطعت يده اليسرى اقطعوا يدي اليسرى، فإذا قال ذلك الأشل: بل أقطع يديك لأنك حسرتني، فأنا الآن ليس لي يدان. يقول: لست أنا الذي قطعت الأولى، قطعها غيري، ويمكن أنك اقتصصت، ويمكن أنك أخذت دية، ويمكن أنك سارق قطعت يدك، فأنا ما قطعت منك إلا يداً واحدة، فاقطعوا يدي التي تماثلها.

    1.   

    أحكام الشجاج

    انتهى المؤلف مما يتعلق بالأطراف، وبقيت أحكام الشجاج، والشجاج هي الضربات التي في الرأس أو في الوجه، فالضربة في الرأس أو في الوجه تسمى شجاً، والضربة التي في العنق أو في العضد أو في الصدر أو في البطن تسمى جرحاً.

    ما فيه حكومة

    ذكروا أن الشجاج عشر، منها خمس ليس فيها إلا حكومة، ومنها خمس فيها شيء مقدر.

    فالخمس التي فيها حكومة أولها: الحارصة. وذكرها هنا بلفظ (الخارصة)، والصواب: الحارصة، وهي التي تحرص الجلد ولا تشقه، فهذه ليس فيها إلا حكومة.

    الثانية: البازلة. وهي التي تشق الجلد ولا تدمي، لا يخرج دم من جلده إلا أنه انشق الجلد.

    الثالثة: الباضعة التي تشق الجلد وتدميه. وتسمى أيضاً: الدامية، وهي التي يخرج منها دم.

    الرابعة: المتلاحمة التي تغور في اللحم ولا تصل إلى العظم، فهي متلاحمة.

    الخامسة: السمحاق التي تقرب من العظم، ولا يبقى بينه وبين العظم إلا قشرة رقيقة تسمى السمحاق.

    فهذه خمس -حارصة، وبازلة، وباضعة، ومتلاحمة، وسمحاق- ليس فيها إلا الحكومة، بأن يقال: لو كان هذا الإنسان عبداً مملوكاً فكم تنقصه هذه الشجة؟

    فإذا قالوا: تنقصه. ربعه عشره. نصف عشره فإن فيها تلك النسبة من دية الإنسان الحر ذكراً أم أنثى.

    ما فيه دية

    أما الخمس التي فيها دية فهي الموضحة، والهاشمة، والمنقلة، والمأمومة، والدامغة، فهذه فيها مقدر.

    والموضحة: هي التي تصل إلى العظم حتى يتضح العظم، فتقرع في العظم، فهذه فيها خمس من الإبل.

    والهاشمة: هي التي تهشم العظم ولا تكسره، وعلامة ذلك أن المقدرين للشجاج يأخذون رأس المخيط ثم ينظر فيه، فإذا كان رأس المخيط لا يتوقف فهي موضحة، فإذا كان يتوقف في بعض دل على أنها كسرت العظم، ففيها عشر من الإبل، وتسمى الهاشمة.

    الثالثة: المنقلة، وفيها خمس عشرة من الإبل، وهي التي تخرق العظم، بحيث إن الميل يدخل في ذلك الخرق، فقد تمايزت العظام وانتقلت من هنا ومن هنا من شدة الضربة.

    الرابعة: المأمومة، وهي التي تصل إلى أم الدماغ، فهذه فيها ثلث الدية، ثلاثٌ وثلاثون من الإبل.

    الخامسة: الدامغة، وهي التي تخرق جلدة الدماغ، فإذا وصلت إلى أم الدماغ ولم تخرق فهي مأمومة، وإذا وصلت إليها وشقت الجلد فإنها تسمى دامغة، فهذه فيها ثلث الدية مثل المأمومة.

    أما الجائفة فهي التي تصل إلى الجوف من أي مكان، فإذا طعنه -مثلاً- في صدره ووصلت الطعنة إلى الجوف فهي جائفة، أو طعنه في بطنه بسكين ووصلت إلى الأمعاء فهي جائفة، وإن رماه -مثلاً- بسهم فدخل من الأمام وخرج من الخلف فهي جائفتان: جائفة من قدّامه وجائفة من خلفه، حتى ولو لم تشق الأمعاء، فيصدق عليه أنه خرق جوفه من أمامه ومن الخلف.

    1.   

    العقل والعاقلة

    تقدمت دية أعضاء الإنسان، وعرفنا ما يجب فيها، وإذا كانت عمداً فقد تقدم أن المتعمد لا يستحق أن يساعد، بل تكون عليه كلها، وإذا كان القتل أو نحوه خطأ أو شبه عمد فتتحمله العاقلة.

    يقول المؤلف: [وعاقلة جانٍ ذكور عصبته نسباً وولاء].

    الذكور فقط من العصبة، إخوانه وبنو إخوته، وأعمامه وبنو عمه، وأعمام أبيه وبنوهم وبنو بنيهم، وأعمام جده وبنوهم وبنو بنيهم، وذكر بعضهم أن العاقلة إلى الجد الخامس أو السادس، ويسمون عاقلة لأنهم يدفعون الدية، والدية تسمى عقلاً، ولماذا سميت بهذا؟

    لأنهم يأتون بالإبل بعقلها، والعقال هو الحبل الذي تربط به يد البعير أو رجله إذا برك. عقل وانعقل أي: ربط حتى لا يثور، فهؤلاء هم عاقلة الرجل من النسب كالقرابة، وكذا ولاء العتاقة، إذا كان له عبيد قد أعتقهم أو أعتقهم جده وكانوا من الأسرة أو القبيلة صدق عليهم الولاء وأنهم عاقلة، فيحملون معه دية الخطأ وشبه العمد، وتقسم على قدر عددهم، وتقسط على ثلاث سنين لئلا تجحف بهم، ففي كل سنة ثلثها، فإذا كان مجموع العاقلة ثلاثين رجلاً قسمت الثلاثين على كل واحد ثلاث من الإبل أو ثلاثة آلاف، في كل سنة يدفع ألفاً، أو يدفع واحدة من الإبل، حتى تدفع الدية كاملة، والجاني لا يكلف، وذلك لأنه غير متعمد، فلا يدفع معهم، وبعض العلماء قال: يدفع كواحد، فإذا كانوا ثلاثين فكل واحد يدفع ألفاً في كل سنة، ففي كل سنة يدفعون ثلاثة وثلاثين ألفاً، فهو واحد منهم. وبعض العلماء يقولون: عليه أن يدفع ربع الدية إذا كان القتل شبه عمد، ويفعل ذلك بعض القبائل؛ لأنهم يرون أن بعض الذين تركبهم الدية يكون معهم شيء من التساهل، سيما حوادث السيارات بسبب السرعة الشديدة، أو أنه يتهور فيسابق غيره ويفعل ما يسمى بالتفحيط أو ما أشبهه، فهؤلاء يستحقون أن لا يساعدوا، أو أن يحملوا بعض الدية أو أكثرها، أو لا تحمل عنهم، وهكذا أيضاً إذا كان يقود السيارة وهو سكران، فلا يستحق أن يحمل عنه؛ لأنه متهور ومخاطر، فالدية تكون في ماله، ولو لبث في سجنه إلا أن يفديه أبوه، أما عاقلته فيرى بعض القضاة أنهم لا يحملون؛ لأنهم يساعدونه على هذه المخاطرة، فيتجرأ دائماً ويقول: إذا حصل حادث فأنا سالم ولا أدفع شيئاً، ويدفع عني أقاربي.

    وعلى كل حال فإن دفع العاقلة من باب التعاون مع الأقارب فيدفعونها بحكم الحاكم، ويقدرها عليهم على قدر عددهم.

    حكم العقل على الفقير وغير المكلف

    قال: [ولا عقل على فقير]

    إذا كان أحدهم فقيراً تحل له الصدقة والزكاة يقول: أنا من أين أدفع؟ ليس معي شيء أدفعه فتسقط عنه ويحملها البقية، وكذلك غير المكلف لا عقل عليه، فمن كان دون سن التكليف لا يدفع ولو كان له مال، فقد يموت إنسان وله أطفال، ويخلف أموالاً كثيرة، فيكون نصيب هذا الطفل -مثلاً- مليون ريال، ونصيب هذا مليونين، ونصيب هذا كذا، فهل نقول: نأخذ من أموالهم ولو كانوا يتامى؟

    الصحيح أنه لا يؤخذ من أموالهم، وذلك لفقد سن التكليف، وكذلك المجنون، فبعض المجانين وناقصي العقول عندهم أموال طائلة ورثوها أو نحو ذلك، فلا يدفع ولا يحمل؛ لأنه أهل أن يتصدق عليه، وكذلك المخالف في الدين، إذا كان مخالفاً لدين الجاني فلا يدفع، فإذا كان الجاني أقاربه أو نصفهم نصارى فلا يكلفون أن يدفعوا؛ لأنهم لا يتوارثون، فكذلك لا يعقلون، وهكذا بالعكس، فلو كان الجاني نصرانياً وعاقلته مسلمون فلا يدفعون له؛ لأنهم لا يتوارثون.

    وأما إذا كانت المخالفة بالنحلة، كأن يكون هذا من أهل السنة وهذا من الرافضة فهل يدفعون عنه إذا تشيع وصار رافضياً ثم جنى وصار عليه حادث، فتحمل دية أو ديتين أو ديات؟ في هذه الحال الصحيح أنهم لا يحملون عنه، وذلك لأنهم ليسوا على دينه، فمذهب أهل السنة مباعد ومباين لمذهب الرافضة.

    عدم العقل في العمد

    يقول المؤلف: [ولا تحمل العاقلة عمداً].

    إذا كان القتل عمداً لا يستحق أن يخفف عنه، بل يتحمله هو في ماله، ولو أن يسجن، والواقع في هذه الأزمنة أنه يتحمل كثيراً من ذلك أقاربه ويدفعون عنه، ويقولون: إنا نشتري ولدنا حتى لا يقتل قصاصاً. فإذا وجب القصاص عليه قال أولياء القاتل: نحن نشتريه بمليون. فيمتنع، فيقولون: بمليونين. وربما وصلوا إلى خمسة أو ستة ملايين، فهل لهم أن يساعدوه؟

    نرى أنهم لا يساعدونه؛ لأن هذا متهور متعمد، ولأنه ربما يعود فيقتل ثانية وثالثة ورابعة، بحجة أني أنتقم لنفسي من هذا الذي يعيبني أو يسخر بي، والدية ولو كانت كثيرة يحملها المسلمون عني. فلا يستحق أن يساعد، لكن قبيلته يقولون: هذا ابننا وليس له إلا نحن. فيدفعون تلك الدية الطائلة عدة ملايين.

    عدم العقل في جناية العبد

    قال: [ولا تحمل عمداً، ولا عبداً] لأن العبد متقوم مثل السلعة، فإذا قتلت مملوكاً عبداً فليس هناك قصاص، ولكن عليك قيمته، فيقدر كم يساوي فتدفع القيمة، يدفعها الجاني ولا تساعده القبيلة، ولا تدفع العاقلة.

    عدم العقل في الصلح

    قال: [ولا صلحاً] لو أن إنساناً قال لقبيلته: إني قتلت من هؤلاء قتيلاً، وقد اصطلحت معهم على خمسمائة ألف، فادفعوها فإنهم يقولون: لا ندفعها، فما ندفع إلا القضية التي يحكم فيها القاضي، فأما إذا اصطلحتم فقد تكون حيلة، فقد يكون قتله خطأ ثم يقول لأوليائه: أنا أقول: إنه عمد حتى اصطلح مع قبيلتي، أو أقول: إنه خطأ، وإن علي الدية كلها، ولكن اصطلح معكم على ثلث الدية أو ثلثيها أو ثلاثة أرباعها صلحاً وليس حكماً شرعياً. ففي هذه الحال العاقلة لا تحمل الصلح؛ لأنه قد يكون حيلة، فيقول: أحتال حتى آخذ من أسرتي وقبيلتي.

    عدم العقل للاعتراف ولا فيما دون ثلث الدية

    قال: [لا اعترافاً].

    لو جاء إلى قبيلته واعترف وقال: أنا قتلت رجلاً خطأ يقال له: هل هناك أحد يشهد عليك؟ وهل أحد طالبك؟ كيف تعترف من نفسك وتقول: إنك قتلته؟ فقد تكون هذه حيلة، فلا تدفعها.

    قال: [ولا ما دون ثلث الدية] يعني: فربع الدية لا تدفعه، بل يتحمله نفس الجاني.

    1.   

    كفارة قتل الخطأ وشبه العمد

    قال رحمه الله: [ومن قتل نفساً محرمة غير عمد] يعني: خطأ أو شبه عمد [أو شارك فيه] أي: في قتله خطأ أو شبه عمد [فعليه الكفارة، وهي ككفارة الظهار إلا أنه لا إطعام فيها]، قال الله تعالى: وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ [النساء:92] إلى قوله: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ [النساء:92]، فهذه كفارة قتل الخطأ.

    يقول: [إلا أنه لا إطعام فيها]، وذلك لأن الله ما ذكر في آية النساء إلا العتق، فمن لم يجد فالصيام، ولم يقل: فمن لم يستطع فإطعام. فما ذكر الإطعام، فيقال للقاتل خطأ: عليك كفارة توبة من الله، ولا تبرأ ذمتك إلا بهذه الكفارة. فإذا قال: أنا لا أستطيع الصيام، أنا كبير. أو: أنا مريض. أو: أنا مشغول. أو: أنا عامل نقول: يبقى الصيام في ذمتك، فلك أن تتحرى أيام الشتاء الخفيفة فتصوم فيها شهرين متتابعين إذا لم تقدر على العتق أو لم يوجد العتق كما في هذه الأزمنة، أما العبد المملوك فإنه يكفر بالصيام؛ لأنه ليس له مال، فيصوم شهرين متتابعين.

    1.   

    القسامة

    عرف المؤلف القسامة بقوله: [أيمان مكررة في دعوى قتل معصوم].

    هذه القسامة التي يحلفون فيها خمسين يميناً، لها شروط:

    أولاً: أن يوجد قتيل مسلم أو ذمي.

    الثاني: أن لا يعرف قاتله.

    الثالث: أن يتهم به قبيلة أو يتهم به أهل قرية.

    الرابع: أن يكون هناك قرائن تدل على التهمة، كعداوات فيما بينهم، ومشاحنات وخصومات فيما بينهم، فتقوى التهمة أنهم الذين قتلوا هذا القتيل وليس هناك بينة.

    قال: [وإذا أتمت شروطها بدئ بأيمان ذكور عصبته الوارثين، فيحلفون خمسين يميناً كل بقدر إرثه، ويجبر الكسر، فإن نكلوا أو كان الكل نساء حلفها مدعى عليه وبرئ].

    عرفنا هذه الشروط، فالشرط الأول: أن يحصل القتل الذي هو إراقة الدم.

    الشرط الثاني: أن يكون مسلماً أو ذمياً معصوماً، ليس حربياً ونحوه.

    الشرط الثالث: أن يكون لا يعلم قاتله.

    الشرط الرابع: أن تقوى التهمة التي بينهم وبين هؤلاء المتهمين.

    ففي قصة عبد الله بن سهل الأنصاري الذي قتل في خيبر أنه جاء إليه محيصة فوجده يتشحط بدمه، فقال: أنتم قتلتموه أيها اليهود، فقالوا: ما قتلناه. فذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم محيصة وحويصة ابنا مسعود وعبد الرحمن بن سهل أخو عبد الله بن سهل الذي هو القتيل، فذكروا له القتيل، فقال صلى الله عليه وسلم: (تحلفون خمسين يميناً على رجل منهم فيدفع برمته. فقالوا: أمر لم نشهده كيف نحلف عليه؟! فقال: تبرئكم يهود بخمسين يميناً، فقالوا: قوم كفار لا نقبل أيمانهم. فدفع ديته من بيت المال).

    وهكذا قصة القرشي الذي استأجره بعض الأعراب راعياً، ولما فقد عقالاً واحداً من إبله قتله، رماه بفرسن بعير فأصابه فتردى ومات، وقبل أن يموت مر عليه رجل فأوصاه أن يخبر أبا طالب ، فأخبر أبا طالب أن الذي قتله كفيله الذي استأجره، فأحضروا ذلك الكفيل وقالوا: أنت قتلته، فإما أن تعطينا مائة من الإبل وإما أن يحلف منكم خمسون. فحلف منهم ثمانية وأربعون، يقول ابن عباس : فما دارت السنة وفيهم عين تطرف. ولذلك يقولون: إن اليمين الكاذبة تدع الديار بلاقع. أي: إذا تجرأوا وحلفوا وهم كاذبون لم يؤمن أن يسلط الله عليهم مصائب فيموتوا.

    فالحاصل أنه إذا اتهمت قبيلة بأنهم قتلوا هذا الإنسان، وقامت القرائن، وعرف أن بينهم تهمة وأن بينهم عداوات وإحناً وبغضاء، وأن قرائن التهمة تقوي أنهم هم الذين قتلوه، فيجوز -والحال هذه- أن يحلف الوارثون، فيقولون: نحلف أن هؤلاء قتلوه، أو أن هذا وحده قتله. فإذا حلفوا قتل الذي حلفوا عليه.

    ويذكر المؤلف أن الوارثين هم العصبة الذكور، تقسم الخمسون يميناً عليهم، فإن كانوا اثنين حلف هذا خمساً وعشرين يميناً وهذا خمساً وعشرين يميناً، فإن كانوا ثلاثة حلف كل واحد منهم سبع عشرة يميناً حتى ينجبر الكسر.

    وإذا كانوا -مثلاً- خمسة حلف كل واحد عشر مرات، وإن كانوا عشرة حلف كل واحد خمسة أيمان حتى تتم خمسين يميناً، فإذا حلفوا على شخص معين أن هذا هو عين القاتل ثبت عليه القتل فيقتل، إلا أن يطلبوا الدية أو يعفو الأولياء.

    والحالف هم الذكور، فلا تحلف الإناث، والذكور الحالفون هم العصبة، فلا يحلف ذوو الأرحام مثلاً أو الزوج ونحوهم، ولا بد أن يكونوا وارثين للدم كأولاد الميت أو إخوته الذين يرثونه أو أبوه، وإخوته إذا كانوا يشتركون في الميراث، أي: الذين يرثون، كل بقدر إرثه، فالذي يرث النصف يحلف نصف الخمسين، والذي يرث الثلث يحلف قدرها، فإن نكلوا وقالوا: لا نحلف، هذا غيب ونحن لا ندري، فلا نحلف ونحن لا ندري. فنكلوا عن الحلف، أو كان الورثة كلهم نساء: لا يوجد إلا بناته وزوجاته وأخواته، ولم يكن له ورثة ذكور؛ رجعت اليمين على أولياء الجاني، أو على الجاني نفسه، فيحلف الجاني المتهم: إنني بريء، وإنني ما قتلته ولا أعلم قاتله. وإذا حلف برئ، ولم يكن لهم شيء عليه.

    والله أعلم.

    1.   

    الأسئلة

    حكمة التسوية بين الدامغة والجائفة

    السؤال: لماذا سوي بين الدامغة والمأمومة فاستويا في ثلث الدية مع أن الدامغة أشد من المأمومة؟

    الجواب: لأن كلاً منهما على خطر، فالدامغة شقت جلدة الدماغ، والمأمومة وصلت إلى أم الدماغ، فقاربت ذلك ولم تصل إليه، فجاء التقدير بأن كل واحدة فيها ثلث الدية.

    محلات الحلاقة ومطالبتها بدية اللحى التي تحلقها

    السؤال: هل تعد محلات الحلاقة التي تحلق لحى المسلمين متعدية؟ وهل تطالب بالدية؟

    الجواب: لا. وذلك لأنهم لا يكرهون أحداً، إنما هذا هو الذي يأتيهم، بل يدفع لهم أجرة، يأتيهم ويقول: احلقوا لحيتي وأعطيكم عشرة، احلق وأعطيك أجرتك. فيدفع كل يوم أجرة أو كل يومين أو كل أسبوع، فهم ما يحلقون لأحدٍ قهراً.

    تعدد الديات

    السؤال: لو تعدى رجل على آخر ففقأ عينيه وجدع أنفه وقطع لسانه، فهل عليه ثلاثة ديات؟

    الجواب: نعم. تتعدد الدية بتعدد إذهاب المنافع، إذا جدع أنفه وقطع ذكره وقطع لسانه عليه ثلاث ديات، وإذا فقأ عينيه وقطع أذنيه وقطع شفتيه عليه ثلاث ديات.

    حكم الطبيب إذا فرط حتى أضر بالمريض

    السؤال: ما مقدار الدية اللازمة على طبيب جراح فرط وأهمل في عملية في الدماغ، فأدى ذلك إلى عدم مقدرة المريض على فهم ما يقرأ أو يسمع، وإذا تكلم المريض تكلم بكلام غير مفهوم ولا مترابط؟

    الجواب: معلوم أنه لا يجوز أن يتطبب وهو ليس بعالم بالطب، سواء الجراح أو المعالج بالأدوية أو ما أشبه ذلك، وورد في الحديث: (من تطبب ولم يعلم منه طب فهو ضامن)، فإذا قدر أنه عمل عملية ومات ذلك الذي عملها له، وعرف أنه تجرأ عليها وليس من أهل المعرفة فعليه الدية، ولا يقال: عليه القصاص. وما ذاك إلا أنه ما تعمد، وهكذا لو عالج العين وليس معروفاً بذلك ففقأها، فعليه نصف الدية، وهكذا بقية العمليات.

    حكم من رمى رجل المجني عليه فشلت

    السؤال: ما مقدار الدية على جانٍ أطلق رصاصة على مسلم فأدى إلى قطع عصب هام أدى إلى شلل الرجل اليمنى؟

    الجواب: عليه نصف الدية؛ لأنها إذا شلت فلا ينتفع بها وبقيت صورة، فقد أذهب منفعة الرجل فعليه نصف الدية.

    القود في حالة إعادة اليد المجني عليها بقطع

    السؤال: لقد توصل الطب الحديث -والحمد لله- الآن في بعض الأحيان إلى تدارك للأمر سريعاً وإرجاع العضو المقطوع كاليد مثلاً، فهل تسقط الدية؟

    الجواب: قد تقطع اليد حتى تنفصل، ثم بعد ذلك يعيدونها، بمعنى أنهم يخيطون كل عضو في عضو وكل عرق في عرق إلى أن تعود، ولكن معلوم أيضاً أنها لا تعود كما كانت، فيكون فيها إما شلل وشيء من النقص، فيكون فيها نسبة ما نقص من حركاتها.

    العاقلة

    السؤال: ما معنى العاقلة التي تحمل الدية؛ لأن عندنا معناها تكليف القبيلة كلها في الدية، وقد تكون القبيلة عشر عشائر أو خمساً، وكم يكون على الجاني وعصبته، وإذا امتنع أحد العاقلة عن الدفع فهل يلزم؟

    الجواب: الأصل أن العاقلة هم الأسرة القريبة، ويمكن أن يقال: إلى الجد الخامس أو إلى الجد العاشر إذا كانوا قليلين، وأما أن تحمل القبيلة التي عددها -مثلاً- ألف رجل أو خمسة آلاف فلا يلزمون بذلك، ولكن في هذه الأزمنة يتحملون دية العمد التي قد تكون مثلاً: أربعة ملايين أو خمسة ملايين، فيقسمونها على القبيلة ولو كانوا ألف بيت أو ألفين، فيقولون: نحن اشترينا ابننا وولدنا، وهو منسوب إلينا جميعاً. فيلزمونهم، وهذا الإلزام ليس شرعياً، وإنما هو اختياري.

    حكم من حلق لحية آخر تعدياً عليه

    السؤال: من تعدى على رجل وحلق لحيته مع أنها تنبت فكيف تكون الدية؟

    الجواب: في هذا حكومة، فليس دية وإنما فيه حكومة، فإذا كانت تعود وتنبت ولكن بتشويه فعليه قيمة تشويه خلقته وما أشبه ذلك، وقد كانوا يعزرون بحلق اللحية، حتى في أول عهد الملك عبد العزيز ، كان إذا جنى إنسان فخرج عن الطاعة أو سرق أو غش أو حصل منه سخرية أو نحو ذلك يعاقبونه بحلق لحيته، وإذا حلقت خجل أن يمشي، وخجل أن يظهر للناس، فيخجل أن يراه الناس وهو حليق.

    إثم من لعن دابته أو سيارته

    السؤال: ذكر في الحديث أن من لعن دابته فلا يملكها، كما في قصة المرأة التي لعنت دابتها، لكن من لعن سيارته أو متاعه فهل له نفس الحكم؟

    الجواب: قالوا: إن هذا تعزير منه لتلك المرأة، والظاهر أنها رجعت إليها تلك الناقة أو إلى أولادها أو نحو ذلك، إنما قال: لا تصحبنا ناقة ملعونة. أو: خذوا ما عليها واتركوها، أما في هذه الأزمنة فلو لعن سيارته أو لعن شاته -مثلاً- أو بقرته أو منزله فلا يخرج من ملكه، ولكن يعتبر آثماً.

    دفع العاقلة لدية القتل الخطأ بالسيارة

    السؤال: إذا اعترف الجاني بالقتل الخطأ، وكانت القرائن تؤيد اعترافه كما في كثير من حوادث السير، فهل تتحمل العاقلة الدية أم لا؟

    الجواب: إذا قامت القرائن على أنه هو الذي فعل ذلك واعترف يدخل الأمر إلى القاضي، فإذا حكم بأنه هو الذي قتل وأن القتل خطأ بموجب اعترافه وبموجب دعوى المدعي الذي ادعى عليه. ففي هذه الحالة يحكم عليه، وتدفعها العاقلة.

    التعدي بقطع العضو الزائد

    السؤال: لو كان مع الرجل عضو زائد وقطع فما الحكم؟

    الجواب: اختلف في قطعه، والصحيح أنه يجوز لو كان في يده ستة أصابع، وكان الإصبع الزائد يؤذيه لغسله مثلاً أو نحو ذلك، أو لكونه يتدلى، أو كانت الزيادة في رجله، وهذه الإصبع الزائدة في رجله قد تؤذيه إذا لبس خفاً أو لبس جورباً، وفي هذه الأزمنة العمليات تزيله، ولا حرج في ذلك.

    ومن اعتدى عليه فقطعه ففيه حكومة؛ لأنه ليس فيه شيء مقدر، فيرجع فيه إلى الحاكم.

    تعيين مصرف الوقف

    السؤال: شخص توفي وترك أرضاً لأولاده وهم ابن وثلاث بنات، ووصى أن تكون سبيلاً، فما هي القسمة الصحيحة للإرث؟

    الجواب: إذا وقفها فإن عين الجهة التي تصرف فيها غلتها تعينت، كأن يقول: أجرة هذه الأرض، أو ثمر هذا النخل تفطير للصوام -مثلاً- أو عمارة لهذا المسجد أو لإنارته، أو في سقايته وإصلاح مياهه تعين، وما فضل منه فإنه يصرف في جهة تماثلها.

    وأما إذا لم يعين وقال: وقف فإن على الوكيل أن ينظر أفضل الجهات، كصدقة على أقاربه، أو إعطاء الفقراء من ذويه ومن ورثته، فإذا استغنوا صرف ما بقي في أعمال البر.

    وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755965885