إسلام ويب

شرح أخصر المختصرات [54]للشيخ : عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • مما يتعلق بعلم الفرائض: معرفة أحوال الورثة، فالورثة إما ذوو فرض أو عصبة، فالعاصب يرث المال إذا انفرد، ويأخذ الباقي بعد الفروض، فإن لم يبق شيء سقط، وهم إما عصبة بالنفس أو بالغير أو مع الغير، ولهم أحوال مختلفة، وبعضهم قد ينتقل من الفرض إلى التعصيب، وقد فصل العلماء ميراث العصبات، وحالاتهم، وكيفية التقديم بينهم إذا اجتمعوا. ومما يتعلق بالمواريث: معرفة أصول المسائل، فهو علم متعلق بالحساب، ويحتاج إليه في معرفة أصول المسائل، وما يعول منها وما لا يعول، وكيفية العمل في الرد والعول، ومعرفة قسمة التركات بالطرق المختلفة، حتى يعطى كل وارث حقه الذي أعطاه الله تعالى.

    1.   

    ذكر العصبة بالنفس وإرثهم

    يقول المصنف رحمه الله تعالى: [فصل: والعصبة يأخذ ما أبقت الفروض، وإن لم يبق شيء سقط مطلقاً، وإن انفرد أخذ جميع المال، لكن للجد والأب ثلاث حالات:

    فيرثان بالتعصيب فقط مع عدم الولد وولد الابن، وبالفرض فقط مع ذكوريته، وبالفرض والتعصيب مع أنوثيته.

    وأخت فأكثر مع بنت أو بنت ابن فأكثر يرثن ما فضل.

    والابن وابنه والأخ لأبوين أو لأب يعصبون أخواتهم، فلذكر مثلا ما لأنثى، ومتى كان العاصب عماً أو ابنه أو ابن أخ انفرد بالإرث دون أخواته، وإن عدمت عصبة النسب ورث المولى المعتِق مطلقاً، ثم عصبته الذكور، والأقرب فالأقرب كالنسب.

    فصل: أصول المسائل سبعة: أربعة لا تعول، وهي ما فيها فرض أو فرضان من نوع، فنصفان أو نصف والبقية من اثنين، وثلثان أو ثلث والبقية من ثلاثة، وربع والبقية أو مع النصف من أربعة، وثمن والبقية أو مع النصف من ثمانية].

    تعداد العصبات بالنفس

    العصبة: هي الإرث بلا تقدير، وقد ذكروا أنهم ثلاثة أقسام:

    1- عصبة بالنفس.

    2- عصبة بالغير.

    3- عصبة مع الغير.

    فالعصبة بالنفس كلهم ذكور، وهم: الأب والجد وإن علا، والابن وابن الابن وإن نزل، والأخ الشقيق، والأخ لأب، وابن الأخ الشقيق، وابن الأخ لأب، والعم الشقيق، والعم لأب، وابن العم الشقيق، وابن العم لأب، والمعتق والمعتقة، هؤلاء هم العصبة بالنفس، فكلهم ذكور إلا المعتقة، يقول الناظم:

    وليس في النساء طراً عصبـة إلا التي منت بعتق الرقبة

    فالعصبة: هم الذين يرثون بلا تقدير.

    وذكر أن للعاصب ثلاث حالات:

    الحالة الأولى: أن يأخذ ما أبقت الفروض قليلاً أو كثيراً.

    والحالة الثانية: أن يسقط إذا استغرقت الفروض التركة.

    والحالة الثالثة: أن يأخذ جميع المال إذا انفرد.

    هذه حالات المعصب: إذا انفرد حاز المال، وإن بقي شيء بعد أهل الفروض أخذه، وإن استغرقت الفروض التركة سقط.

    أمثلة على أخذ العصبة للمال كله

    فمثاله الأب: إذا لم يكن معه غيره أخذ المال كله، وكذلك الابن إذا انفرد أخذ المال كله، وكذلك ابن الابن، والجد، والأخ، وابنه، والعم، وابنه؛ فمن انفرد منهم ولم يزاحمه أحد أخذ المال كله.

    أمثلة على أخذ العصبة ما أبقت الفروض

    وإذا بقي شيء بعد أهل الفروض أخذه، فإذا ماتت امرأة عن زوج وبنت وابن ابن، فعندنا الزوج له فرض الربع لوجود الفرع الوارث، والبنت لها فرض النصف، فتأخذ البنت اثنين من أربعة، والزوج واحد من أربعة، ويبقى الربع يأخذه ابن الابن تعصيباً، فهو أخذ ما بقي بعد أهل الفروض.

    ولو بقي قليل فإنه يأخذه، فلو كان عندنا بنتان وأم وزوجة وأخت شقيقة، أو ابن ابن، أو أخ شقيق، أليس البنتان لهما الثلثان ستة عشر من أربعة وعشرين؟ أليس الأم لها السدس أربعة من أربعة وعشرين؟ هذه عشرون، أليس الزوجة لها الثمن ثلاثة من الأربعة والعشرين؟ هذه ثلاثة وعشرون، بقي سهم واحد: ثلث الثمن، يأخذه ابن الابن مثلاً؛ لأنه المعصب، فيأخذه المعصب، سواء كان ابن الابن، أو الأخ الشقيق، أو الأخ لأب، أو العم الشقيق، أو العم لأب، أو ابن أحدهما، فيأخذه، مع أنه ما بقي إلا ثلث الثمن، فهذا بيان أنه إذا أبقت الفروض شيئاً أخذه المعصب قليلاً كان أو كثيراً.

    فإذا كان عندنا ابن وزوجة، هل الابن يرث بالفرض أو بالتعصيب؟

    الابن يرث بالتعصيب، ولا يرث بالفرض، ولكن يحجب الزوجة إلى الثمن، فللزوجة الثمن، والباقي للابن سبعة أثمان، والابن أخذ ما بقي، فإن كان معنا زوج وأبوان وابن، فالزوج له الربع، والأبوان لكل واحد منهما السدس، والابن له الباقي، فنعطي الأبوين أربعة من اثني عشر، والزوج ثلاثة من اثني عشر، فهذه سبعة، يبقى خمسة يأخذها الابن، أي أنه ما بقي له إلا أقل من النصف، فهو يأخذ ما بقي.

    وكذلك إذا كان عندك بنت، وزوج، وأم، وعم، في هذه الحال: البنت لها النصف ستة، والزوج له الربع ثلاثة من اثني عشر، والأم لها السدس اثنان من اثني عشر، بقي نصف السدس يأخذه العم تعصيباً، فهو المعصب، فيأخذ ما أبقت الفروض قليلاً كان أو كثيراً.

    أمثلة سقوط العصبة لاستغراق الفروض

    وإن استغرقت الفروض التركة سقط، فهذه حالة من حالاته، إلا الابن والأب فلا يسقطان، وذلك لأن الابن يحجب أهل الفروض الكثيرة: فيحجب الأخوات، وكذلك ينقص الأم فلا تأخذ إلا السدس، وينقص الأبوين فلا يأخذ كل واحد منهما إلا السدس، وينقص الزوج فلا يأخذ إلا الربع، أو الزوجة فلا تأخذ إلا ثمن، فيتوفر له الباقي، فلا يمكن أن يسقط؛ لأنه لما حجبهم ومنعهم من أن يأخذوا الحظ الأوفر، لم يمكن أن تستغرق الفروض التركة.

    ومثال استغراق الفروض التركة: لو ماتت امرأة عن زوج وأخت شقيقة وعم، أليس الزوج له النصف؟ أليس الشقيقة لها النصف؟ نصفان.. هل بقي شيء للعم؟ ما بقي شيء، فيسقط العم، وكذلك لو كان ابن أخ ما بقي له شيء فيسقط؛ لاستغراق الفروض التركة، هذا استغراق الفروض.

    فإذا كان عندنا أختان شقيقتان، وأختان لأم، وأخ من الأب، أليس الشقيقتان ترثان الثلثين، والأخوان من الأم يرثان الثلث؟ هل بقي شيء للأخ من الأب؟ لا. فقد استغرقت الفروض التركة وإذا استغرقت الفروض التركة سقط. فهذه حالات المعصب: إذا انفرد حاز المال، وإن بقي شيء بعد أهل الفروض أخذه، وإن استغرقت الفروض التركة سقط.

    1.   

    حالات إرث الأب والجد

    ثم ذكر أن الجد والأب لكل منهما ثلاث حالات: تارة يرث بالفرض، وتارة يرث بالتعصيب، وتارة يجمع بينهما. فيرثان بالتعصيب فقط مع عدم الولد وولد الابن ذكوراً وإناثاً؛ فإذا لم يكن عندك إلا أب أخذ المال.

    وكذلك لو كان هناك زوج أو زوجة أو أم، فالجد في هذه الحال، هل يرث بالفرض؟ لا يرث بالفرض، بل يرث بالتعصيب، ولا يرث بالفرض إلا إذا كان معه أحد الأولاد، فإن كان معه ابن، أو بنون، أو بنون وبنات، فليس له إلا فرض، وهو السدس: هلك هالك عن أب وابن، فللأب السدس والباقي للابن تعصيباً، وكذلك لو كان معه أم، أعطيت الأب السدس والأم السدس، والباقي للابن، وكذلك لو كان معهم زوج، أعطيت الأبوين السدسين، والزوج الربع، والباقي للابن، فالأب إذا كان هناك أبناء قليلون أو كثيرون فليس له إلا السدس، فهو يرث بالفرض مع ذكور الأولاد، وكذلك ولد الابن، فإذا كان مع الأب ابن ابن، فليس للأب إلا السدس، أو ابن ابن ابن وأب، فللأب السدس، لا يزيد ميراثه عن السدس إذا كان معه ابن أو بنون، أو ابن ابن، أو ابن ابن ابن، فيرث بالفرض مع ذكور الأولاد.

    ويرث بالتعصيب إذا لم يوجد ابن، ولا بنت، ولا ابن ابن، ولا بنت ابن، ولا أولاد ذكور أو إناث، ولا أولاد بنين ذكور أو إناث، فإن كان وحده أخذ المال، وإن كان معه أصحاب فروض أخذ ما بقي، والأب لا يسقط بحال، أما الجد فهو مثل الأب، يقول الناظم:

    والجد مثل الأب عند فقـده في حوز ما يصيبه ومده

    إلا إذا كان هناك أخوة لكونهم في القرب وهو أسوة.

    ويقول في الحجب:

    والجد محجوب عن الميـراث بالأب في أحواله الثلاث

    يعني: أن الأب له ثلاثة أحوال:

    حال يرث فيها بالفرض، وحال بالتعصيب، وحال يجمع بينهما.

    متى يجمع الجد أو الأب بين الفرض والتعصيب؟

    إذا كان هناك إناث من الولد، يعني: من الذرية، وبقي شيء بعد أهل الفروض، فإن الأب أو الجد أولى به، فيأخذه تعصيباً.

    فإذا مات ميت عن أب وبنت، أليس الأب له السدس فرضاً، والبنت لها النصف فرضاً؟ وبقي عندنا ثلث يأخذه الأب تعصيباً.

    وكذا لو مات عن بنت وجد، نعطي الجد السدس، ونعطي البنت النصف، ونعطي الباقي للجد تعصيباً، وكذا لو كان عندنا بنتان وأب، أليس البنتان لهما الثلثان، والجد أو الأب له السدس فرضاً؟ ويبقى عندنا سدس يأخذه الأب أو الجد تعصيباً، فيجمع بين الفرض والتعصيب مع الإناث.

    فإن لم يبق إلا السدس أخذه، فلو كان عندنا بنتان وأم وأب، أليس البنتان لهما الثلثان أربعة من ستة، والأم لها السدس واحد من ستة؟ ما بقي إلا واحد يأخذه الأب فرضاً، وليس هناك تعصيب، فاستغرقت الفروض التركة، فما بقي شيء يأخذه تعصيباً في هذه الحال، وكذلك لو عالت المسألة، فإنه لا يبقى له شيء، وإنما يأخذ سهمه السدس من عولها.

    فالحاصل أن للأب والجد ثلاث حالات:

    الحالة الأولى: التعصيب فقط، وذلك إذا لم يكن هناك ابن، ولا ابن ابن، ولا بنت، ولا بنت ابن، ففي هذه الحال يرث الموجود منهما بالتعصيب.

    الحالة الثانية: بالفرض فقط، وذلك مع الابن، أو ابن الابن، أي: مع ذكور الولد؛ الابن وابن الابن وإن نزل.

    الحالة الثالثة: الجمع بين الفرض والتعصيب مع الإناث من الفرع الوارث، فيأخذ ما بقي بعد أهل الفروض، قليلاً كان أو كثيراً، وإن لم يبق شيء اقتصر على السدس، الذي هو فرضه.

    1.   

    العصبة مع الغير والعصبة بالغير

    ميراث العصبة مع الغير

    يقول: (وأخت فأكثر مع بنت أو بنت ابن فأكثر يرثن ما فضل).

    ويسمى هذا: التعصيب مع الغير، فالأخوات مع البنات عصبات، دليل ذلك حديث ابن مسعود : (فإنه رفع إليه رجل مات، وله بنت وبنت ابن وأخت شقيقة، فسألوا أبا موسى فجعل المال نصفين بين البنت والأخت، وأسقط بنت الابن، وقال للسائل: ائت ابن مسعود فسيوافقني) ، ظن أبو موسى أن الله ذكر البنت في أول السورة بقوله: وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ [النساء:11] ، وذكر الأخت في آخر السورة بقوله: وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ [النساء:176] فأعطى البنت النصف والأخت النصف، وأسقط بنت الابن. (فجاءوا إلى ابن مسعود فأخبروه بجواب أبي موسى، فقال: قد ضللت إذاً وما أنا من المهتدين، لأقضين فيها بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: للبنت النصف، ولبنت الابن السدس، تكملة الثلثين، وما بقي فللأخت) .

    فهذا الحديث فيه أن الأخت أخذت الباقي، ومعلوم أنه ليس فرضاً، فإن الأخت لا ترث فرضاً إلا في الكلالة، وهاهنا ليست المسألة كلالة؛ لوجود الفرع الوارث، وهو البنت وبنت الابن، فإنهما من الولد، والله تعالى ما ورّث الأخت إلا مع عدم الولد؛ لقوله تعالى: إِنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ [النساء:176] ، فلذلك أعطوا البنت النصف، وبنت الابن السدس تكملة الثلثين، وبقي ثلث، فأعطوا الأخت، وسموا هذا تعصيباً مع الغير.

    القياس في هذه المسألة: أن نعطي البنت النصف، وبنت الابن السدس تكملة الثلثين، ونقول الباقي لأولى رجل ذكر؛ وذلك لأن الأخت لا ترث إلا في الكلالة، وهاهنا ليست المسألة كلالة، ولأن الله تعالى إنما ورّث الأخت عند عدم الولد: لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ [النساء:176]، وهاهنا الولد موجود، فإن البنت ولد، وبنت الابن ولد، فهذا هو القياس، ولكن اتبعنا النص، وهو الحديث، وقلنا: لا قياس مع النص، وجعلنا الأخت لها الباقي، وسميناه تعصيباً مع الغير، فتأخذ ما بقي في المسألة قليلاً كان أو كثيراً، وقد تُقَدَّم في هذه الحال على الذكور.

    فلو مات ميت عن بنت وأخت شقيقة، وأخ من الأب، فإن البنت لها النصف فرضاً، والنصف الباقي نعطيه الشقيقة تعصيباً مع الغير، ولا شيء للأخ من الأب؛ لأن الأخت الشقيقة أصبحت عصبة مع الغير، فتكون أقدم منه، فهذا معنى: أن الأخت أو الأخوات مع البنت أو بنت الابن فأكثر يرثن ما فضل، قليلاً كان أو كثيراً.

    فبنت وخمس أخوات شقائق: للبنت النصف فرضاً، والباقي للأخوات الشقائق.

    بنتان وأخوات شقائق أو من الأب: للبنتين الثلثان، والباقي للأخوات من الأب، أو الأخوات الشقائق تعصيباً مع الغير.

    بنتان وأم وخمس أخوات شقائق: البنتان لهما الثلثان أربعة من ستة، والأم لها السدس واحد من ستة، ويبقى عندنا السدس تأخذه الأخوات تعصيباً مع الغير.

    إذا كان عندنا بنتان، وأم، وزوجة، وعشر أخوات شقائق: في هذه الحال البنتان لهما الثلثان ستة عشر من أربعة وعشرين، والأم لها السدس أربعة من أربعة وعشرين، فهذه عشرون، والزوجة لها الثمن ثلاثة من أربعة وعشرين، بقي واحد من أربعة وعشرين تأخذه الأخوات الشقائق أو الأخوات لأب، ونسميه تعصيباً مع الغير، فيأخذن ما فضل.

    وكذا لو كان بدل البنات بنات ابن:

    فإذا مات ميت عن بنتي ابن وأخت شقيقة؛ فلبنتي الابن الثلثان، وللأخت الشقيقة ما بقي تعصيباً وكذلك إذا كانت أختاً لأب.

    ميراث العصبة بالغير

    يقول: (الابن وابنه، والأخ لأبوين أو لأب، يعصبون أخواتهم، فللذكر مثلا ما للأنثى).

    يسمى هذا تعصيباً بالغير، وبذلك تعرف أن التعصيب ثلاثة: عصبة بالنفس، وعصبة بالغير، وعصبة مع الغير.

    فالعصبة بالغير هم: البنت مع أخيها، وبنت الابن مع أخيها أو ابن عمها الذي في درجتها، والشقيقة مع أخيها، والأخت من الأب مع أخيها.

    فهؤلاء يعصبون أخواتهم، فينقلونهن من الإرث بالفرض إلى الإرث بالتعصيب، فيكون لهم المال أو ما بقي.

    فإذا كان عندك أم وأب وزوج، وثلاثة أبناء وثلاث بنات، فهل تعطي البنات فرضاً أو تعصيباً؟

    تعطيهن تعصيباً؛ لوجود إخوتهن، وهم الأبناء، فيأخذ أهل الفروض فروضهم، ثم الباقي للأولاد ذكوراً وإناثاً، ويكون تعصيباً، ولو لم يكن عندك إلا البنات لورثن الثلثين فرضاً، ولعالت لهن المسألة.

    إذا كان عندك أم لها السدس، وأب له سدس، فهذه أربعة من اثني عشر، وزوج له ربع هذه سبعة، والبنتان لهما الثلثان ثمانية، فتعول إلى خمسة عشر، فيكون لهن ثمانية من خمسة عشر، ولما جاء معهن أخوهن أو إخوتهن نقلوهن إلى التعصيب، ولم يحصل للجميع إلا خمسة من اثني عشر، فقلّ نصيبهن، فالأخ لما نقلهن إلى التعصيب نقص حظهن.

    وكذلك بنات الابن، فالابن يعصب أخته، فإذا انفرد ابن وأخته أو أخواته فلهم المال، للذكر مثل حظ الأنثيين.

    ابن الابن وبنت الابن ولو لم تكن أخته، كما لو كانت بنت عمه في درجته، أو هو أنزل منها واحتاجت إليه، فإنه يعصبها، وينقلها إلى الإرث بالتعصيب.

    وقد يكون أخاً مباركاً، وقد يكون أخاً مشئوماً: فالأخ المبارك، كما لو كان عندك بنتان وعم وخمس بنات ابن، فهل تعطي بنات الابن شيئاً؟ ليس لهن شيء؛ لأن الثلثين أخذه بنات الصلب، والثلث الباقي يأخذه العم، ويسقط بنات الابن، فإذا وجد معهن أخوهن، أو ابن عمهن في درجتهن، أخذوا الثلث الباقي، واقتسمه هو وأخواته أو بنات عمه، ويسمى هذا تعصيباً بالغير، وسقط العم، فيسمى أخاً مباركاً، حيث ورثن معه وقد كن ساقطات؛ لأن البنات إذا استغرقن الثلثين سقط بنات الابن.

    وأما إذا أخذ بنات الابن السدس مع بنت الصلب، وكان عندك ابن ابن ابن فإنه يأخذ الباقي تعصيباً:

    مثاله: مات ميت عن بنت الصلب لها النصف، وبنت ابن لها السدس تكملة الثلثين، وابن ابن ابن له الباقي تعصيباً، وفي هذه الحال لا تشاركه بنت الابن؛ لأنها أخذت فرضها، فلو كانت ساقطة، كما لو مات عن بنتين وبنت ابن وابن ابن ابن؛ فإن ابن ابن الابن يعصب عمته التي هي أخت أبيه، فيأخذ الثلث الباقي هو وإياها، فهي تقول له: لو كان أبوك حياً لورثت معه فإني في منزلته، وإذا كان مفقوداً فأنت تقوم مقامه، فأرث معك كما أرث مع أبيك، فيعصب عمته، ويعصب أخته التي هي بنت ابن ابن.

    كذلك الأخوات: فالأخت الشقيقة مع الأخ الشقيق عصبة بالغير، أي: أنه إذا كان عندنا بنتان وزوج وأخ شقيق وأخت شقيقة، فإن الأخ الشقيق والأخت الشقيقة يأخذان ما بقي وهو نصف السدس، ويسمى تعصيباً بالغير، وكذا لو كان عندك زوج، وأم، وأخ من أم، وأخ شقيق وأخته، ففي هذه الحال إذا أعطيت الزوج النصف، والأم السدس؛ لوجود الجمع من الإخوة، والأخ من أم السدس، بقي عندك سدس يأخذه الشقيق وأخته، لو لم يكن معه أخت لانفرد بالمال، ولو لم يكن معها أخ لورثت فرضاً، فلما كان معه أخت أخذا الباقي تعصيباً، فهو نقلها إلى الإرث بالتعصيب.

    وكذلك الأخ من الأب مع الأخت من أب، أي: كلاهما أخ للميت من أبيه، فيرثان المال تعصيباً، أو يرثان ما بقي بعد أهل الفروض تعصيباً، قليلاً كان أو كثيراً.

    فالعصبة بالغير هؤلاء الأربعة: الابن مع أخته أو أخواته، وابن الابن مع أخته أو بنت عمه أو أخواته أو بنات عمه، والأخ الشقيق مع أخته أو أخواته، والأخ من الأب مع أخته أو أخواته، فيسمون عصبة بالغير، فللذكر مثل حظ الأنثيين.

    العم هل يعصب أخته؟

    لا يعصبها، بل يأخذ المال وحده، والعمة لا ترث.

    وابن العم هل ترث معه بنت العم؟

    لا ترث؛ لأنها ليست من الورثة.

    ابن الأخ هل يعصب بنت الأخ؟

    لا يعصبها، بل يأخذ المال كله دون أخته، يقول الناظم:

    وليس ابـن الأخ بالمعصـب من مثله أو فوقه في النسب

    أي: حتى لو كانت عمة.

    إذا مات ميت عن بنت أخيه وابن ابن أخيه، فإنه لا يعصب عمته.

    فإذا كان عندنا أخت شقيقة، وعندنا بنت وبنت ابن، وعم أو ابن عم، فإن الشقيقة هي التي ترث الباقي لوجود البنات، ويسقط العم.

    وبكل حال هؤلاء هم العصبة، فالعصبة بالنفس كلهم ذكور إلا المعتقة.

    والعصبة بالغير هم: البنت، وبنت الابن، والأخت الشقيقة، والأخت لأب.

    والعصبة مع الغير: الأخت الشقيقة مع البنات أو بنات الابن، والأخت من الأب مع البنات أو بنات الابن.

    ميراث عصبة المعتق

    يقول بعد ذلك: (إذا عدمت عصبة النسب ورث المولى المعتِق مطلقاً، ثم عصبته الذكور، والأقرب فالأقرب كالنسب).

    المولى هو المعتق؛ وذلك لأنه أنعم على رقيقه بالعتق، فإذا أنعم عليه أصبح مولىً له، فإذا مات ذلك العتيق وليس له أولاد ولا إخوة أحرار ورثه سيده المعتق، فإن كان السيد المعتق قد مات ورثه أولاده، أي: أولاد المعتق، فإن لم يكن له أولاد فإخوة المعتق أو أعمامه أو بنو عمه.

    الحاصل: أنه يرثه عصبته الذكور الأقرب فالأقرب، فابن المعتق يقدم على ابن ابن المعتق، وأخو المعتق يقدم على عم المعتق، وابن أخ المعتق الشقيق يقدم على العم، وهكذا كالتقديم بالنسب.

    التقديم بين جهات العصوبة

    وقد ذكرنا أن العصبة خمس جهات: بنوة، ثم أبوة، ثم جدودة وأخوة، ثم بنو أخوة، ثم عمومة وبنوهم، ثم ولاء، وهي ست جهات إذا قلنا إن الإخوة يرثون مع الجد، أما إذا أسقطنا الإخوة بالجد، فتكون الجهات خمساً: حيث نعد الأبوة والجدودة جهة، فنقول: البنوة وبنوهم، والأبوة وآباؤهم، والإخوة وبنوهم، والأعمام وبنوهم، والولاء. ثم ترتيبهم في الإرث على هذا، أي: على ترتيبهم في التعصيب.

    فمن من المعلوم أنه إذا كان عند الميت أبناء وآباء وإخوة وأعمام وموال؛ فالعصبة للأقرب فالأقرب: فهي للابن، فإن عدم فابن الابن، فإن لم يكن عندنا أبناء ولا أبناء أبناء، فالتعصيب للأب، ثم لأب الأب، وهكذا.

    فإن عدم الأبناء والآباء فالتعصيب للإخوة: الأخ الشقيق، ثم الأخ لأب، ثم ابن الأخ الشقيق، ثم ابن الأخ لأب.

    فإن عدم الإخوة وبنوهم فالتعصيب للأعمام: العم الشقيق، ثم العم لأب، ثم ابن العم الشقيق، ثم ابن العم لأب.

    ثم أعمام الأب، ثم أعمام الجد، ثم بنوهم وبنو بنيهم وإن نزلوا، فيصير التعصيب لأولى رجل ذكر.

    فإن اتحدت الجهة قدمنا القريب: فابن الابن لا يرث مع الابن؛ لأن الابن أقرب، وابن ابن الابن لا يرث مع ابن ابن، وكذلك ابن الأخ لا يرث مع الأخ، وابن ابن الأخ لا يرث مع ابن الأخ، لأن التقديم للأقرب.

    وإذا اتحدت الجهة واستووا في القرب: مثل: إذا كان عندنا إخوة أشقاء وإخوة من الأب، فالإرث للأشقاء، أي أن التعصيب للأشقاء؛ لأنهم يدلون بقرابتين، وكذلك العم الشقيق يقدم على العم لأب، يقول الناظم:

    والأخ والعم لأم وأبِ أولى من المدلي بشطر النسب

    شطر النسب: أي الذي ما أدلى إلا بأب، كأخ من أب، أو عم من أب، فيقدم عليه عم من أب وأم.

    1.   

    أصول المسائل

    ذكر بعد ذلك أصول المسائل، والمراد حساب المسائل، وعبر بعضهم بباب الحساب، فقالوا: للمسألة أصل ومصح:

    فأصل المسألة: تحصيل أقل عدد يخرج منه فرضها أو فروضها بلا كسر.

    ومصح المسألة: تحصيل أقل عدد تنقسم منه المسألة بلا كسر.

    فأصول المسائل، أي: التصحيح والتأصيل، فالتأصيل: معرفة أصل المسألة، والتصحيح: معرفة مصح المسألة.

    الأصول التي لا تعول

    فذكر: (أن أصول المسائل سبعة: أربعة لا تعول، وهي ما فيها فرض أو فرضان من نوع، فنصفان أو نصف والبقية من اثنين)، مثال النصفين: زوج وأخت، أليس الزوج له النصف فرضاً، والأخت لها النصف فرضاً؟ المسألة من اثنين، لها نصف وله نصف.

    أو نصف والبقية من اثنين: إذا كان عندك زوج وعم، فهي من اثنين، فتقول: للزوج النصف، وللعم الباقي ولا تقل: للعم النصف، بل يكون له البقية؛ لأنه ليس فرضاً، فهي من اثنين.

    (وثلثان أو ثلث والبقية من ثلاثة): ثلثان والبقية من ثلاثة، إذا كان عندك بنتان وعم، أليس البنتان لهما الثلثان فرضاً؟ لا تقل: وللعم الثلث، لكن قل: وللعم الباقي، هذا معنى قوله: (وثلثان والبقية).

    (أو ثلثان وثلث): إذا كان عندك مثلاً أختان شقيقتان وأختان لأم، أليس الأختان الشقيقتان لهما الثلثان، والأختان لأم لهما الثلث؟ فتقول: أصل المسألة من ثلاثة، للأختين الشقيقتين الثلثان، وللأختين لأم الثلث، ولا تقل: الباقي؛ لأنه فرض، فإذا كان في المسألة ثلثان وثلث، فهي من ثلاثة، وإذا كان فيها ثلثان وباق فهي من ثلاثة.

    (وإذا كان فيها ثلث وباق من ثلاثة): كأم وأخ، أليس الأم لها الثلث، لأنه لا يحجبها الأخ الواحد؟ فللأم الثلث، ولا تقل: للأخ الثلثان، بل قل: وللأخ الباقي، هذا معنى: (ثلثان أو ثلث والبقية من ثلاثة)، يعني: مخرج الثلث من ثلاثة، إذا قلت: من اثنين، فالاثنان ليس فيهما ثلث، ولا فيهما ثلثان، وإذا قلت: من أربعة، فالأربعة ما فيها ثلث، ولا ثلثان، فتكون من ثلاثة.

    (وربع والبقية من أربعة): إذا كان عندك زوجة وأخ، أليست الزوجة لها الربع، والباقي للأخ؟ ولا تقل: له ثلاثة أرباع، بل قل: له الباقي، مخرج الربع من أربعة، أما ثلاثة فليس فيها ربع، فتقول: هي من أربعة.

    وكذلك إذا كان مع الربع نصف: فإذا كان عندك بنت وزوج وأخ، أليس الزوج له الربع والبنت لها النصف؟ فتقول: من أربعة، للزوج الربع واحد من أربعة، والبنت النصف اثنان من أربعة، والباقي للأخ، لا تقل: للأخ الربع، لكن قل: له الباقي؛ لأنه ليس فرضاً، تمشياً مع قوله في الحديث: (وما بقي فلأولى رجل ذكر) ، فربع والباقي أو ربع مع النصف، من أربعة.

    نصفان من اثنين، ونصف والبقية من اثنين، وثلثان والبقية من ثلاثة، وثلث والبقية من ثلاثة، وثلثان وثلث من ثلاثة.

    ثمن والبقية من ثمانية، وكذلك ثمن ونصف والبقية من ثمانية، فإذا كان عندك ابن وزوجة، أليس الزوجة لها الثمن؟ فتقول: للزوجة الثمن، ولا تقل: للابن سبعة أثمان، لكن قل: له الباقي.

    فإذا كان عندك زوجة وبنت وعم، فللزوجة الثمن واحد من ثمانية، والبنت لها النصف أربعة من ثمانية، العم لا تقل: له ثلاثة أثمان، وقل: له الباقي.

    فهذه أربعة أصول: أصل اثنين، وأصل ثلاثة، وأصل أربعة، وأصل ثمانية؛ فأصل اثنين يكون عادلاً ويكون ناقصاً ولا يعول، عادلاً: أي سهامه بقدر فروضه، كزوج وأخت، هذا أصل اثنين.

    وأما: زوج وعم فهذا يسمى ناقصاً؛ لأن فيه باقياً؛ حيث بقي بعد النصف فرض تعصيب، فهذا الناقص.

    أما الثلاثة: فإنه يكون عادلاً، ويكون ناقصاً، فعادلاً: إذا كان عندك أختان شقيقتان وأختان لأم.

    وأما إذا كان أم وعم، فهو ناقص؛ للأم الثلث والباقي للعم، وكذلك بنتان وأخ ناقص، للبنتين الثلثان، والأخ له الثلث تعصيباً.

    وأما أصل ثمانية وأصل أربعة، فلا يكون إلا ناقصاً ولا يكون عادلاً، ولا يكون عائلاً، الناقص: هو الذي يبقى فيه شيء بعد صاحب الفرض، ولا يمكن فيه أن تستغرق الفروض التركة، إذا كان أصل أربعة فيه فرضان ربع ونصف وباق، وأصل ثمانية فيه ثمن ونصف وباق، فلا يكون عادلاً.

    العادل: هو الذي سهامه بقدر فروضه، كثلث وثلثين، ونصف ونصف، والناقص: هو الذي سهامه أقل من فروضه، كنصف وربع وباق، أو ثمن ونصف وباق.

    قال رحمه الله تعالى: [وثلاثة تعول، وهي ما فرضها نوعان فأكثر، فنصف مع ثلثين أو ثلث أو سدس من ستة، وتعول إلى عشرة شفعاً ووتراً.

    وربع مع ثلثين أو ثلث أو سدس من اثني عشر، وتعول إلى سبعة عشر وتراً.

    وثمن مع سدس أو ثلثين أو هما من أربعة وعشرين، وتعول مرة واحدة إلى سبعة وعشرين.

    وإن فضل عن الفرض شيء ولا عصبة، رد على كل بقدر فرضه ما عدا الزوجين.

    وإذا كانت التركة معلومة، وأمكن نسبة سهم كل وارث من المسألة، فله من التركة مثل نسبته، وإن شئت ضربت سهامه في التركة، وقسمت الحاصل على المسألة فما خرج فنصيبه، وإن شئت قسمته على غير ذلك من الطرق].

    الذي يقسم التركات ويقسم المواريث بحاجة إلى الحساب، والحساب فن واسع توسع فيه الحاسبون وأطالوا فيه، وذكروا فيه مسائل كثيرة يقرؤها الطلاب في المراحل الدراسية، ولكن هاهنا ذكروا حساب المواريث وهو تصحيحها وتأصيلها، والمؤلف هنا اقتصر على التأصيل ولم يذكر التصحيح؛ وذلك لطوله، وقد توسع فيه الذين ألفوا في الفرائض مفرداً، ففي رسالة الشيخ ابن باز رحمه الله (الفوائد الجلية) التوسع في الحساب، حيث يبحثون فيه أولاً عن أصل المسألة، ثم يبحثون بعد ذلك عن تصحيحها.

    الأصول التي تعول

    ذكرنا أن التأصيل: تحصيل أقل عدد ينقسم على الورثة بلا كسر، فإذا جاءتك مسألة فانظر ماذا فيها من الفروض واجعلها من مخرج ذلك الفرض، فإذا كان عندك أب وابن فليس فيها إلا فرض السدس، ففي هذه الحال تقول: هي من ستة؛ للأب السدس والباقي للابن.

    وإذا كان عندك ابن وزوجة؛ فليس فيها فرض إلا الثمن، فتقول: للزوجة الثمن واحد من ثمانية، والباقي للابن، فتجعلها من مخرج الثمن.

    ومخرج الثمن من ثمانية، ومخرج السدس من ستة، والثلث من ثلاثة، والربع من أربعة، والنصف من اثنين.

    ثم يوجد بعض المسائل فيها فرضان من نوعين، فهذه الفروض هي التي تعول، وقد ذكر أنها ثلاثة، علامتها: ما فيها فرضان فأكثر من نوعين.

    الأول: أصل ستة: إذا كان في المسألة نصف وثلثان، فمخرج النصف من اثنين، ومخرج الثلثان من ثلاثة، فتضرب اثنين في ثلاثة فتكون من ستة، فإذا كان عندك زوج وأختان، فالزوج له النصف، والأختان لهما الثلثان، فهي من ستة، وإذا حسبتها وجدت أن الزوج له ثلاثة، والأختان لهما أربعة، وعالت إلى سبعة.

    وكذلك إذا كان عندك زوج وأم وعم، أليس الزوج له النصف، ومخرج النصف من اثنين، والأم لها الثلث، ومخرج الثلث من ثلاثة، فتضرب اثنين في ثلاثة بستة، فتقول: للزوج النصف، وللأم الثلث، والباقي للعم واحد من ستة.

    كذلك إذا كان فيها سدس وباق، كما إذا كان عندك جدة وعم فهي من ستة، للجدة السدس والباقي للعم، فهذه الستة.

    هذا الأصل (يعول إلى عشرة شفعاً ووتراً)، فعندنا مثلاً: زوج وأختان من ستة، الزوج له ثلاثة، والأختان لهما أربعة، فعالت إلى سبعة.

    وذكروا أن أول ما وجد العول في عهد عمر رضي الله عنه، حيث رفعت إليه مسألة فيها زوج وأخت وأم، الزوج له النصف، والأخت لها النصف، أين نصيب الأم؟ فقالوا: لا بد أن تعول المسألة، فجعلوها من ستة؛ لأن مخرج الثلث من ثلاثة، ومخرج النصف من اثنين، فهي من ستة، ثم حسبوا سهامهم: للزوج ثلاثة من ستة، وللأخت ثلاثة من ستة، وللأم الثلث اثنان، فعالت إلى ثمانية، فقسموا المال من ثمانية.

    كذلك إذا كان عندك زوج وأختان شقيقتان وأختان من الأم، أليس الزوج له النصف ثلاثة من ستة، والأختان الشقيقتان لهما الثلثان أربعة، والأختان من الأم لهما الثلث اثنان، فإذا حسبتها فهي تسعة: أربعة وثلاثة واثنان، عالت إلى تسعة.

    فإن كان معهم أم عالت إلى عشرة؛ لأن الأم لها واحد، والإخوة من الأم لهما اثنان، والزوج له ثلاثة، والأخوات الشقائق لهن أربعة، واحد واثنان وثلاثة وأربعة، الجميع عشرة، هذا منتهى عولها شفعاً ووتراً.

    الثاني: أصل اثني عشر: إذا كان عندك ربع مع ثلثين أو مع ثلث أو مع سدس، فمخرج الربع من أربعة، ومخرج الثلث من ثلاثة، فإذا ضربت ثلاثة في أربعة باثني عشر.

    وإذا كان فيها سدس فمخرج السدس من ستة، ومخرج الربع من أربعة، وبينها موافقة؛ لأن الأربعة فيها نصف والستة فيها نصف، فإذا أخذت نصف الستة ثلاثة، وضربته في أربعة باثني عشر، أو أخذت نصف الأربعة اثنين، وضربتها في ستة باثني عشر، فهذا أصل اثني عشر.

    فأصل اثني عشر لا بد أن يكون فيه ربع، ومع الربع ثلث أو ثلثان أو سدس، وهذا الأصل يعول ثلاث مرات، فأصل ستة يكون عادلاً وناقصاً وعائلاً، وأما أصل اثني عشر فلا يكون إلا ناقصاً أو عائلاً، ولا يكون عادلاً، وتقدم أن العادل هو الذي فروضه بقدر سهامه، وأن العائل هو الذي يكون فيه الزيادة، وأن الناقص ما ينقص عن سهامه.

    فينقص أصل اثني عشر فيكون أحد عشر، فيما إذا كان عندك زوج وبنتان وعم، فالبنتان لهما الثلثان ثمانية والزوج له الربع ثلاثة، فهذا ناقص، ويبقى واحد للعم، فإن كان مع البنتين والزوج أم عالت إلى ثلاثة عشر؛ لأن للأم السدس اثنان فتكون ثلاثة عشر، فإن كان معهم أب عالت إلى خمسة عشر: للأب اثنان، وللأم اثنان، وللزوج ثلاثة، وللبنات ثمانية، فهذه خمسة عشر.

    وأما عولها إلى سبعة عشر ففي مسألة تسمى أم الفروج، وتسمى الدينارية، وهي: إذا كان عندك ثمان أخوات شقائق، لهن الثلثان ثمانية، وأربع أخوات لأم، لهن الثلث أربعة، فهذه اثنا عشر، وثلاث زوجات، لهن الربع ثلاثة، وجدتان لهما السدس اثنان، فثمانية وأربعة اثنا عشر، وثلاثة خمسة عشر، واثنان سبعة عشر.

    وتسمى الدينارية؛ لأن كل واحدة أخذت سهماً، فالأخوات الشقائق ثمان، ولهن ثمانية أسهم من سبعة عشر، والأخوات لأم أربع ولهن أربعة أسهم من سبعة عشر، والزوجات لهن الربع وهن ثلاث، ثلاثة أسهم من سبعة عشر، والجدتان لهما السدس اثنان من سبعة عشر، فبلغت إلى سبعة عشر، هذا عولها.

    الثالث: أصل أربعة وعشرين: إذا كان فيهما ثمن مع سدس، أو ثمن مع ثلثين، ولم يذكروا الثمن مع الثلث؛ وذلك لأن الثمن لا يكون إلا للزوجة عند وجود الولد، والثلث لا يكون إلا للأم أو للإخوة من الأم، وإذا أخذت الأم الثلث أو الإخوة لأم فلا يكون ذلك إلا مع عدم الولد، فإذا كان فيها ولد لم يكن لها الثلث، بل يكون لها السدس، وأما الإخوة لأم فالولد يسقطهم، فلا يجتمع الثمن مع الثلث، فالحاصل: أن الثمن مع السدس، أو الثمن مع الثلثين، من أربعة وعشرين، وهي أيضاً لا تكون إلا ناقصة أو عائلة.

    مثلاً: عندك بنتان وزوجة وعم؛ البنتان لهما الثلثان ستة عشر، والزوجة لها الثمن ثلاثة، فهذه تسعة عشر، يبقى خمسة للعاصب، فهذه ناقصة.

    فإن كان معهم أم، فالأم لها السدس، فتعطي البنتين الثلثين ستة عشر، والأم السدس أربعة، هذه عشرون، والزوجة الثمن ثلاثة هذه ثلاثة وعشرون، ويبقى سهم يأخذه أولى رجل ذكر.

    أما مسألة العول، فتعول مرة واحدة بثمنها، وذلك في المسألة المنبرية، وقد ذكرنا أن علياً سئل وهو على المنبر، عن رجل خلف أبوين وبنتين وزوجة؟ فقال: صار الثمن تسعاً. يعني: أفتاهم في أثناء خطبته.

    صار الثمن تسعاً، أي: عالت إلى سبعة وعشرين، فالثمن ثلاثة، وهي من سبعة وعشرين، فلا يكون ثمناً وإنما يكون تسعاً، ذلك بأنك تعطي البنات ستة عشر، وتعطي الأبوين ثمانية، كل واحد أربعة، والزوجة لها الثمن ثلاثة، فتعول إلى سبعة عشر، وتسمى البخيلة؛ لأنها ما عالت إلا مرة.

    1.   

    الكلام على العول

    نشير إلى أن العول هو: زيادة في السهام ونقص في الأنصباء، يعني: بدل ما كانت المسألة من أربعة وعشرين زادت إلى أن صارت سبعة وعشرين، فبدل ما كانت الزوجة تأخذ الثمن ما أخذت إلا التسع.

    وكذلك في أصل ستة، إذا كان فيها نصف ونصف وثلث، فالنصف ثلاثة للزوج، فما حصل له إلا ثلاثة أثمان، والنصف الآخر للأخت ما حصل لها إلا ثلاثة أثمان، والثلث للأم ما حصل لها إلا ثمنان أي ربع، فزادت السهام ونقصت الأنصباء.

    وأول من أفتى به عمر رضي الله عنه لما وقعت هذه المسائل، فاضطر إلى أن يقول بالعول، ثم إن ابن عباس أنكر العول بعد ذلك، وجعل النقص على من يرثون بالتعصيب، إذا كان هناك ازدحام فيقول: النقص على من يرثون بالتعصيب كما لو كانوا عصبة، ففي هذه المسألة التي هي زوج وأخت وأم، يجعل النقص على الأخت، يقول: لو كان بدلها أخ ما عالت المسألة، أي: إذا كان عندنا زوج وأخ وأم: فالزوج له النصف، والأم لها الثلث، والباقي للأخ، فكيف تكون أخته أكثر منه؟ فتأخذ النصف وهو لا يأخذ إلا السدس، ولو كان معها فإنه يعصبها، أي: ينقلها إلى الإرث بالتعصيب، فإذا كان كذلك فكيف يأخذ الذكر أقل من الأنثى؟ فجعل النقص على الأخت!

    وكذلك على البنت، أو على البنات في مسألة المنبرية، يقول: نعطي كل واحد من الأبوين السدس كاملاً، والزوجة الثمن كاملاً، والباقي نجعله للبنات، ولو كان أقل من الثلثين؛ وذلك لأنه لو كان معهن أخوهن ما عالت المسألة.

    لو كان عندنا أم وأب وزوجة وبنتان وابن ما عالت المسألة، بل يكون الباقي للبنتين وأخيهن، ولو كان بدل البنتين ابنين ما عالت المسألة، بل يكون الباقي للابنين، فكيف تكون البنتان ميراثهن أكثر من أخويهن؟

    هذا مذهب ابن عباس، وقد ذهب إليه أهل الظاهر كـابن حزم فأنكروا العول، روي عن ابن عباس أنه قال: (إن الذي أحصى رمال عالج عدداً لم يجعل في المال نصفاً ونصفاً وثلثاً، فهذان النصفان أخذا المال، فأين الثلث؟

    فقيل له: لماذا لم تقله في زمن عمر؟

    فقال: إن عمر كان مهيباً فهبته). ولعله تجدد له فكر.

    ثم ما ذكروا هنا التصحيح فيرجع في التصحيح إلى رسالة الشيخ الفوائد الجلية، وكذلك إلى غيرها.

    وتصحيح المسائل هو تحصيل أقل عدد تنقسم منه التركة بلا كسر، وذكروا أن التصحيح إنما يحتاج إليه إذا انكسر سهام فريق عليهم، فيحتاج إلى تصحيحها، والكلام عليه يطول، وقد أطالوا فيه وتوسعوا.

    1.   

    الكلام على الرد

    ذكر المؤلف بعد ذلك الرد، قال: (وإن فضل عن الفرض شيء ولا عصبة، رد على كل بقدر فرضه ما عدا الزوجين).

    الرد عكس العول: وهو نقص في السهام وزيادة في الأنصباء، وقد نظمه أحد العلماء، وألحقه بأبيات الرحبية، في الأبيات التي يقول فيها:

    إن أبقت الفروض بعض التركـه وليس ثم عاصب قد ملكه

    فرده لمن سوى الزوجين من كل ذي فرض بغير مين

    فيرد لمن سوى الزوجين، فإذا لم يكن عندك إلا بنتان، وليس هناك عصبة، فإن البنتين تأخذان المال فرضاً ورداً، وتكون المسألة من اثنين، وإن كان عندك بنتان وأم، فالأصل من ستة، أليس البنتان لهما الثلثان أربعة، والأم لها السدس واحد، الجميع خمسة؟

    فتقول: المسألة من خمسة، يعني: أخذتها من أصل ستة.

    وكذلك لو كان عندك أختان من أم، وأم، وليس هناك عصبة، أليس الأختان من أم لهما الثلث اثنان من ستة، والأم لها السدس واحد من ستة، مجموع سهامهم ثلاثة، فترد المسألة إلى ثلاثة، فبدل ما كانت الأم تأخذ السدس؛ لوجود الجمع من الإخوة أخذت الثلث، وبدل ما كان الأختان من أم تأخذان الثلث أخذتا الثلثين، فهذا هو الرد.

    فإن كان الموجود صنفاً واحداً، كما لو كان عندك بنت واحدة، فالمال كله لها فرضاً ورداً، أو بنتان فالمال لهما كله فرضاً ورداً، أو أخ من الأم، فالمال كله له فرضاً ورداً، أو أخوان من أم يأخذان المال فرضاً ورداً، أو أخت شقيقة فالمال كله لها فرضاً ورداً، أو أختان شقيقتان يأخذان المال كله فرضاً ورداً.

    فإذا كان عندك أخت شقيقة لها ثلاثة من ستة، وأخت من الأب لها واحد من ستة، تكملة الثلثين، فالجميع أربعة، تقسم المال على أربعة، وتقول: لهما المال فرضاً ورداً، ترده عليهما بقدر سهامهما.

    وكذلك البنات: بنت وبنت ابن وأم، البنت لها النصف ثلاثة من ستة، وبنت الابن لها واحد تكملة الثلثين سدس، والأم لها السدس، الجميع خمسة، تقسم المال على خمسة فرضاً ورداً، فتقول: كأن البنت أخذت ثلاثة أخماس، وبنت الابن أخذت خمساً، والأم أخذت خمساً، فمعنى فرضاً ورداً أنه يرد عليهم بقدر فروضهم، إلا الزوجان هل يرد عليهما؟

    أما الزوجان فبعض العلماء قال: يرد عليهما، فيدخل الرد عليهما كما يدخل العول، فإن العول نقص والرد زيادة، فلماذا يضرهما العول ولا ينتفعان بالرد؟

    فرجح شيخ الإسلام أنه يرد على الزوجين، وتبعه ابن سعدي في فتاواه، يعني: رجح أنه يرد على الزوجين.

    ولكن الجمهور: على أنه لا يرد عليهما.

    فإذا كان عندك زوج وعندك بنت، أليس الزوج له الربع، والبنت لها النصف؟

    فتقول: الزوج له الربع واحد من أربعة، والبنت لها النصف اثنان من أربعة، ولها الباقي رداً، فتأخذ البنت ثلاثة أرباع.

    وإذا كان المسألة فيها حساب فإنك تحسبها، فإذا كان عندك بنتان لهما الثلثان، وزوج له الربع، فالزوج يأخذ ربعه من أصل أربعة، والبنتان يأخذان الثلثين من أصل ثلاثة، فتكون المسألة من مخرج الربع الذي هو أربعة، وأما البنتان فلهما الباقي فرضاً ورداً، يعني: بدل ما كان لهن الثلثان أخذن ثلاثة أرباع، ومعلوم أنهن يختلفن: فبنت الابن -مثلاً- لها سدس والبنت لها نصف.. وهكذا.

    1.   

    قسمة التركات

    بقية الفصل فيه قسمة التركة، ذكر الشيخ ابن باز في الفوائد قسمة التركة وتوسع فيها، وذكروا أن قسمة التركة أسهل ما تقسم به بطريقة النسبة، إذا كانت التركة معلومة، وأمكن نسبة سهم كل وارث من المسألة، فله من التركة مثل نسبته، هذه طريقة النسبة، صورة ذلك: إذا قلنا: عندنا زوج وأخت: فالزوج له النصف من المسألة، فله النصف من التركة، والأخت لها نصف المسألة، فلها نصف التركة.

    وإذا كان معهما أم عالت المسألة إلى ثمانية، فنقول: نسبة سهام الزوج ثلاثة أثمان من المسألة، فله ثلاثة أثمان التركة، فالتركة إذا كانت تنقسم بالأجزاء قسمت، كالنقود تنقسم بالأجزاء، فتجعلها أثلاثاً أو أثماناً أو نحو ذلك، وتعطي كل واحد من الورثة بقدر نسبته.

    وإن كانت عقاراً فإنها أيضاً تنقسم بالأمتار أو بالأذرع أو نحو ذلك، ففي هذه الحال تنقسم بالنسبة، فيقال: لهذا ربع التركة؛ لأنه يستحق ربع المسألة.

    هناك طريقة أخرى وهي: أن تضرب سهامه في التركة وتقسم الحاصل على المسألة، فما خرج فهو نصيبه: فإذا كان للزوج مثلاً ثلاثة أسهم، تضربها في التركة، فإذا كانت التركة مثلاً مائة، ضربت الثلاثة في التركة أصبحت ثلاثمائة، فتقسم الحاصل الذي هو ثلاثمائة، على المسألة الذي هو ثمانية، فما خرج فهو نصيب الزوج.. وهكذا.

    وإن شئت قسمته على غير ذلك من الطرق؛ فهناك طريقة أخرى تسمى طريقة القيراط الذي هو سهم من أربعة وعشرين سهماً، يسمى ثلث الثمن، فيقسمون التركة على أربعة وعشرين سهماً، ثم يعطون كل واحد نسبته من هذه القراريط.

    وهناك بعض المؤلفات التي تذكر فيها الجداول، مثل عمدة الباحث لـابن رشيد ، يذكر فيها في الجزء الأول قسمة التركات، والجدول يبين نسبة كل واحد، فننتهي من هذا.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755778133