إسلام ويب

أيتها المرأة احفظي قلبك وجوارحكللشيخ : سلمان العودة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • تحدث الشيخ -حفظه الله تعالى- في هذه المحاضرة عن وجوب تعلق قلب الإنسان بالله وحده، وخص النساء بهذا الموضوع ذاكراً لهن أوجهاً من تعلق بعض النساء بغير الله مثل اللباس والموضة والزينة، ومثل تعلق المرأة بامرأة مثلها أو برجل سواء كان زوجها بدرجة لا يقبلها الشرع، أو برجل أجنبي كما قد يحصل لبعض ضعيفات الدين، وذكر أيضاً التعلق بالوظيفة والمال، ثم ذكر الآثار التي ترى في المرأة التي يكون قلبها متعلقاً بالله عز وجل، ثم أجاب على طائفة من أسئلة النساء.

    1.   

    وجوب تعلق القلب بالله وحده

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70-71].

    أما بعد:

    فلما هممت بإلقاء هذه الكلمة وإعدادها تحيرت في الموضوع الذي يناسبها، لأنها لا تتكرر إلا بين الحين والحين، والموضوعات التي تحتاج إلى إيضاح وبيان كثيرة، ثم رأيت أن أجعل مدار هذه الكلمة على موضوع واحد تتفرع عنه جميع الموضوعات الأخرى؛ ألا وهو ما بينه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب} والحديث متفق عليه.

    أيتها الأخوات: إن هذه المضغة، القطعة من اللحم المسماة بالقلب عليها مدار كل شيء، فهي بالنسبة للجسد ملكه، وما الأعضاء والجوارح من السمع، والبصر، والأيدي، والأرجل، واللسان، وغيرها؛ إلا جنود تحت خدمة هذا السيد المطاع الذي هو القلب، فإذا كان القلب صالحاً فإنه يأمر جنوده بكل أمر صالح، فلا ينظر الإنسان إلا إلى حلال، ولا يسمع إلا الخير، ولا يمشي إلا إلى خير، ولا يأخذ إلا خيراً، وإذا كان هذا السيد المطاع الذي هو القلب فاسداً فإنه يأمر جنوده التي هي الأعضاء بالشر والفساد، فلا يرتاح الإنسان إلا إلى النظر للحرام، وسماع المحرم، والمشي إلى الحرام، وأخذ الحرام، وإعطاء الحرام، فالقلب يملي على جوارح الإنسان جميع الأعمال، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم عن هذه المضغة: {إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله}.

    أيتها الأخوات: أحياناً يكون مظهر الإنسان مظهراً غير إسلامي -مثلاً- تكون المرأة قد لبست ثياباً ضيقة، أو غير ساترة، أو ثياباً فيها تشبه بلباس الكافرات، أو ثياباً محرم لبسها، أو استعطرت في حضرة رجال أجانب، أو تسمع الغناء المحرم، أو تغتاب الناس وتنتهك أعراضهم، فإذا وجدت من يلومها ويعاتبها ويقول اتركي هذه الأشياء، قالت: التقوى هاهنا -وتشير إلى صدرها- وتنسى أن التقوى لو كانت فعلاً هاهنا لظهرت آثارها على الجوارح، لأن القلب إذا صلح صلح الجسد كله.

    إذاً: فإننا حين نرى مظهر الإنسان مظهراً سيئاً منحرفاً نستنتج من ذلك أن القلب إما ميت، أو مريض، والعكس بالعكس إذا كان مظهر الإنسان مظهراً حسناً فإننا نستنتج من ذلك أن القلب فيه حياة وفيه نور.

    القلب لا بد له من تعلق لأن الله تبارك وتعالى حين خلق القلب جعله مستودعاً للمشاعر من الحب، والبغض، والرحمة، والحسد، والحقد، وغيرها من المشاعر الطيبة أو المشاعر الخبيثة.

    فلا بد أن يكون هذا القلب مملوءاً بشيء، إما بخير، أو بشر، لا بد أن يتعلق القلب بشيء ولننظر الآن في أنواع الأشياء التي يمكن أن يتعلق بها القلب ونطبقها على واقع حياتنا التي نعيشها في هذا العصر.

    قد يتعلق قلب الإنسان رجلاً كان أو امرأة بالدنيا وزخارفها، ويمتلئ بمحبة هذه الدار والحرص على الاستمتاع الكامل بها، وهذه ليست من صفات المؤمنين، يقول الله عز وجل: بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى [الأعلى:15-16] ويقول جل وعلا: وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ * الذين يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ [إبراهيم:2-3] فاستحباب الحياة الدنيا، وإيثارها على الآخرة ليست من صفات المؤمنين، ويقول سبحانه: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [هود:15-16].

    وفيما يتعلق بالمرأة خاصة فقد حدث أن كانت نساء النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه يطالبنه بالنفقة على رغم قلة ذات اليد وشظف العيش في ذلك العصر، حتى ضاق من ذلك صدر النبي صلى الله عليه وسلم ونـزل قول الله تعالى مخاطباً نساء النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً [الأحزاب:28] فالمرأة التي غاية تعلقها هي الحياة الدنيا وزينتها لا تصلح أن تكون زوجاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم عقب على ذلك بقوله: وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً [الأحزاب:29] وهكذا كان أزواج النبي صلى الله عليه وسلم جميعاً ممن أرادن الله ورسوله والدار الآخرة، ولذلك اخترن رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الدنيا وما فيها.

    1.   

    تعلق المرأة باللباس والزينة

    إن كثيراً من النساء اليوم قد تعلقت قلوبهن بالدنيا وزخارفها، فأصبحت المرأة مفتونة -مثلاً- بملاحقة الموضات في الملابس والأزياء التي تصدرها بيوت الأزياء في العالم، وتعمل من وراء نشرها على تخريب أخلاق الناس، وإفساد مجتمعاتهم، وسلب أموالهم أيضاً، وغالب بيوت الأزياء يمتلكها أناس من اليهود المشهورين بالإفساد، والابتزاز، والتخريب، والحقد على الأمم والشعوب كلها وعلى الأمة الإسلامية بشكل خاص.

    ومع هذا فانظري أيتها المسلمة كيف إقبال فتيات المسلمين اليوم على هذه الأزياء والموضات، انظري كيف إقبالهن على تلك المجلات التي ليس لها هدف إلا اطلاع المرأة على أحدث الأزياء والموضات التي تصدر في أوروبا، أو أمريكا أو غيرها من بلدان العالم، أو في بعض البلاد الإسلامية أيضاً، انظري كيف صار افتتان كثير من الفتيات بتسريحات الشعر، وصرف قدر كبير جداً من الوقت في تصفيف الشعر وتلميعه وترتيبه وتقصيصه، ومتابعة أحدث التسريحات في ذلك، والتي أصبحت هي الأخرى لها كتب ومجلات خاصة تعلم الناس وتعلم النساء ما يتعلق بذلك، وأصبحت المسلمة تحاكي الكافرات في تسريحات شعورهن.

    فإن كانت الموضة تقصير الشعر سارعت المسلمة إلى تقصيص شعرها حتى لا يبقى منه إلا القليل، وإن كانت الموضة إطالته لبست شعوراً مستعارة تطيل شعرها، وإن كان تسريحه أو تصفيفه بطريقة معينة في أعلى الرأس أو في أدناه أو في أسفله؛ سارعت المرأة إلى هذا أو ذاك مسارعة الذي لا هم له إلا الزينة فقط، وليس من شك أن الزينة جزء من حياة المرأة، وأعني بالذات المرأة المتزوجة، لكن المشكلة تكمن في هذا الموضوع في عدة أمور:

    الأول: في كون هذا الأمر يأخذ من وقت المرأة أكثره، حتى إنه يصبح لا هم لها إلا أن تلبس ثوباً وتخلع آخر، وقد تستغني عن عدد كبير من الملابس لأن الموضة تعدتها، وتسرح شعرها بطريقة ثم تعدل إلى طريقة أخرى، وتصبغه اليوم بصبغ ثم تعمل على تلافي هذا الصبغ بصبغة أخرى حسب ما تمليه أوضاع المجتمعات الكافرة التي أصبح المسلمون يتلقون عنها، كذلك تفتتن المرأة بالسكن الجميل وبالسيارة الجميلة لزوجها، وبغير ذلك من المظاهر الدنيوية.

    وفي هذا يجب أن نعلم أن الله تعالى أباح لنا حداً من هذا، قال تعالى: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ [الأعراف:32] وفي صحيح مسلم يقول الرسول صلى الله عليه وسلم لما قال: {لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، فقام رجل فقال: يا رسول الله إن أحدنا يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسناً، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق -أي رده- وغمط الناس -أي احتقارهم وازدراؤهم-} فينبغي أن نفرق بين عناية المرأة وخاصة المتزوجة بقدر من التجمل لزوجها وكسب رضاه، ومساعدته على غض بصره وإعفاف فرجه، وبين المبالغة في هذا الأمر مبالغة تصل إلى حد الإسراف، فالإسراف في كل شيء مكروه وممنوع، حتى في أمور الخير، فما بالك بالأمور العادية، إن الإسراف فيها قد يتحول إلى نوع من العبودية لهذه الأشياء.

    الأمر الآخر: أن كثيراً من النساء تستخدم هذه المظاهر وهذه الزينة أمام الآخرين، إما من النساء الأخريات، أو من الرجال، أما أمام النساء فغرضها أنها تجعل مجتمعات النساء سواء في الزواجات، أو في الاجتماعات العائلية، أو حتى في المدارس، أو في غيرها؛ تجعلها ميداناً للتنافس والسباق التجاري في هذه الأشياء، وتوجد القدوة للأخريات ببعض الأعمال التي قد لا تكون سائغة ولا مستحسنة من جهة الشرع، وأما إن كانت أمام رجال أجانب فهذه الأمور كلها تدخل في باب التحريم لما فيها من الإثارة وبعث الفتنة في صدور الرجال، فالمرأة تفتتن بهم وتفتنهم أيضاً.

    وهذا كله من آثار تعلق القلب بهذه الدنيا، لأن الله تعالى وعدنا بجنة عرضها السماوات والأرض، وفيها من ألوان النعيم للرجل والمرأة ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فالمرأة المؤمنة بهذه الجنة والتي تعلم أن مصير المؤمنين بعد موتهم إليها -بإذن الله تعالى- لا تبالغ في الاستمتاع بزينة الحياة الدنيا، وهي تتذكر قول الله عز وجل للكافرين يوم القيامة وهو يحشرهم إلى النار ويوبخهم بقوله: أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ [الأحقاف:20] وقد ورد عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه وأرضاه وهو من كبار الصحابة ومن أثريائهم أنه قدمت له وليمة من الطعام في أحد الأيام، فلما هم بأكلها فكر قليلاً ثم تنحى وبدأ يبكي، فجاءوا إليه وقالوا: -رحمك الله- ما يبكيك؟ فذكر رضي الله عنه حاله مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كانوا عليه من الفقر، وشظف العيش، ثم ما صاروا إليه من الغنى، والترف، والتوسع في المأكولات، والمشروبات، والملبوسات وغيرها، ثم قال: أخشى أن تكون حسناتنا عجلت لنا في الحياة الدنيا.

    ومن هذا الباب -أيضاً- أن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر: {أن المؤمن يأكل في معي واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء} فما معنى هذا الحديث؟ ليس معناه والله أعلم أن الكافر له سبعة أمعاء في بطنه، والمؤمن له معي واحد، بل الخلقة هي في الغالب واحدة، والإنسان قد يكون اليوم كافراً وغداً يكون مسلماً، ولا يلزم من ذلك أن تتغير خلقته، وتختلف أمعاؤه بدلاً من كونها سبعة أصبحت واحده، وإنما المعنى -والله تعالى أعلم- أن المؤمن يقتصر في مأكله فيأكل بقدر لأن ما هو فيه من أمور الدين، والإيمان، والعبادة، والإقبال على الله، والطمع في الآخرة، يجعل اهتمامه بالأكل في حدود معينة.

    أما الكافر فكل همه هذه الدنيا، ولذلك يأكل بنهم، ويشرب بنهم، ويقضي شهواته بنهم، لأن الفرصة الوحيدة التي يستمتع بها هي هذه الدنيا ولا فرصة له بعدها، فينبغي للمسلمة أن تحفظ قلبها من التعلق بالدنيا وزخارفها.

    1.   

    التعلق بالمخلوقات

    تعلق المرأة بالمرأة

    من أنواع الأشياء التي قد يتعلق بها القلب تعلق قلب المخلوق بمخلوق مثله، -مثلاً- قد تتعلق أو يتعلق قلب المرأة بامرأة أخرى مثلها، فنجد أن بعض النساء إذا كان بينهن اجتماعات متواصلة في المدارس، والجامعات، وفي العلاقات العائلية، من كثرة الاحتكاك يوجد نوع من الروابط والمودة القلبية بين بعض النساء وبعض، فتجد أن فلانة أصبحت تعيش مع فلانة طيلة وقتها، وتجالسها باستمرار، وتقلدها في حركاتها، وفي مشيتها، وفي طريقة حديثها، وفي أسلوبها، وفي كل شيء؛ حتى في ملابسها، في الخير وفي الشر على سبيل الإعجاب بها، حتى تصبح كأنها نسخة منها؛ تقلدها في كل أمورها ولو لفترة معينة، فإن كانت هذه المرأة صالحة فربما كان هذا سبباً في كونها تقلدها في بعض أمور الخير، وإن كانت ضد ذلك فإنها تقلدها فيما كانت عليه، وهذا التعلق القلبي -أيضاً- هو نوع من تعلق القلب بغير الله عز وجل بدليل أنه قد يجر المرأة -إذا تعلقت بامرأة أخرى مثلها- يجرها إلى تقليدها حتى في الأمور المحرمة، وإلى عدم سماع أي نقد أو ملاحظة عليها، فهي لا ترى فيها إلا الحسنات، لا ترى فيها عيوباً فهذا يجب الحذر منه.

    تعلق المرأة برجل

    وقد يكون التعلق بإنسان آخر من الجنس الآخر، كأن تتعلق المرأة بزوجها -مثلاً- تعلقاً يصل إلى حد الاستعباد، بحيث يؤثر هذا التعلق على سلوك المرأة حتى تؤثر مرضاة زوجها على مرضاة ربها، وحتى تطيع زوجها في معصية الله عز وجل، من الأمثلة على ذلك أن الزوج قد يكون مبتلىً بسماع الغناء، فالمرأة لشدة تعلقها بزوجها أصبحت توافقه على هذا المنكر، ولا تعترض عليه، وقد يكون مبتلى بمشاهدة الأفلام والتمثيليات التي تنافي الأخلاق، وتنافي الدين، ويُعرض فيها من المشاهد ما يخل بالمروءة، ويخل بالدين، ويخل بالحياء، قليلاً كان أو كثيراً، فنجد أن المرأة توافق زوجها على هذا الأمر، بل إنها قد تعينه على ذلك بمساعدته على تسجيل هذه الأمور، أو تصويرها، أو عرضها، أو ما شابه ذلك.

    ونحن نجد أن الله سبحانه وتعالى ضرب لنا المثل بـامرأة فرعون: إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [التحريم:11] فهي امرأة لكن الله عز وجل رزقها من قوة الشخصية، وقوة الإيمان، وقوة التوكل على الله، والثقة به، ما جعلها تحتقر فرعون وما هو فيه من النعيم والترف، لما ترى عليه من الكفر بالله عز وجل والطغيان، فترفع يديها وهي في قلب هذا القصر العامر لتقول: رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ [التحريم:11] فهي لا تريد بيت فرعون هذا؛ إنما تريد بيتاً في الجنة، وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ [التحريم:11] لم تغتر بمظاهر الدنيا، وزينتها الموجودة في هذا القصر، بل تطلعت إلى ما عند الله عز وجل وهي بذلك تضرب المثل لكل امرأة مؤمنة ألا يكون تعلقها بزوجها سبباً في انحرافها، أو معصيتها لله عز وجل.

    وقد يؤدي هذا التعلق بالزوج إلى الانشغال عن قراءة القرآن، وعن الصلاة، وعن ذكر الله عز وجل فتجد أن قلب المرأة مشغول بهذا الهم حتى وهي تصلي وتركع وتسجد وهذا نوع من استعباد القلب لغير الله عز وجل.

    ويزيد الأمر خطورة وفظاعة حين يكون تعلقاً برجل أجنبي، ومع الأسف أجدني مضطراً إلى الحديث عن هذا الأمر وإن كان غريباً على مجتمعاتنا -ولله الحمد- أو على ما يظهر للناس من مجتمعاتنا، لأن كثيراً من الأفلام والمسرحيات التي تعرض نسمع أنها تدور دائماً حول قضايا الحب وتعلق المرأة بالرجل، وكيف تمت هذه العلاقة، وقد يكون الفيلم من أوله إلى آخره أو المسرحية يدور حول هذا، وهذا يفسد من يشاهده -ولعل من يستمعون إلى هذا الحديث لا يكون منهم من يشاهد مثل هذه الأمور- يربي من يشاهده على التقليد لهذه الأشياء، وسلوك نفس المسلك الذي شاهده في هذه التمثيلية أو هذا الفيلم.

    فالتعلق بأولئك هو خطر على القلب، وخطر على دين الإنسان، وخطر على دنياه أيضاً، ومن تعلق بشيء فهو يوكل إليه، ومن تعلق بشيء فهو عبد له، ولذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: {تعس عبد الدرهم، تعس عبد الدينار} وعلى هذا -أيضاً- أقول تعس من الرجال من هو عبد للمرأة، الذي استعبدته شهوته، تعس عبد الشهوة، تعس عبد الوظيفة.

    ونقول للنساء تعست عابدة الشهوة، وتعست عابدة أو أمة الرجل، وتعست عبدة الدنيا، أو أمتها التي لا تعلق لها إلا بها، فمن تعلق قلبه بشيء من هذه الأشياء فهو عبد له.

    1.   

    التعلق بالوظيفة

    من أنواع التعلق -تعلق القلب بغير الله- تعلق القلب بالوظيفة الدنيوية، بحيث تصبح هذه الوظيفة هي هم الإنسان، من أجلها يسعى سواء كانت هذه الوظيفة وظيفة إدارية أم تعليمية أم غيرها، فكثير من الناس اليوم تعلقوا بهذه الوظائف، وأصبح عملهم من أجلها، حتى إنك تجد أن الإنسان -أحياناً- وهو في عمل شريف كالتدريس، أو التوجيه، وقد تكون المرأة معلمة، أو موجهة -وهذه الرسالة رسالة التعليم والتوجيه هي أشرف رسالة في الحياة، والمعلم إذا كان يعلم طلابه الدين والشرع بطريقة صحيحة، فهو من ورثة الأنبياء، لأن الرسل بعثوا ليعلمون الناس، ويرشدونهم، ويدرسونهم- تجدين أن المُدرسة أو الموجهة أو الموظفة تشعر بأنها تؤدي وظيفة وليست تؤدي رسالة، ولست بهذا أقصد التعميم، وإنما أقصد أن من تعلق قلبه بالوظيفة كان كذلك، وإلا فإن ما نسمعه عن كثير من العاملات في هذا المجال مما يبشر بخير كثير إن شاء الله.

    فالمرأة المتعلقة بالوظيفة والتي تشعر أن تدريسها هو مجرد وظيفة تأخذ عليها الراتب، لا تكون قدوة حسنة لطالباتها، ولذلك قد تدرس مواداً دينية -مثلاً- وتبين للطالبات اللباس وكيف يجب أن يكون من حيث الستر والسعة، كونه فضفاضاً غير ضيق، وعدم الطيب، وطريقة اللباس، وطريقة الشعر وغيرها، وهي مخالفة لهذه الأشياء كلها وحينئذٍ يصدق عليها قول الله عز وجل: أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ [البقرة:44] ولله در القائل في مثل هذا الصنف:

    يا واعظ الناس قد أصبحت متهماً      إذ عبت منهم أموراً أنت تأتيها

    أصبحت تنصحهم بالوعظ مجتهداً           والموبقات لعمري أنت جانيها

    ويقول أبو الأسود الدؤلي في قصيدة له:

    يا أيها الرجل المعلم غيره           هلا لنفسك كان ذا التعليم

    تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى     كيما يصح به وأنت سقيم

    ابدأ بنفسك فانهها عن غيها      فإذا انتهت عنه فأنت حكيم

    فهناك يُقبل إن وعظت ويُقتدى      بالقول منك وينفع التعليم

    لا تنه عن خلقٍ وتأتي مثله      عارٌ عليك إذا فعلت عظيم

    فعلى الأخت المسلمة -مدرسة كانت أو موجهة أو مديرة- أن تحرص على أن تكون هذه الوظيفة مجرد وسيلة للإصلاح، وخدمة الإسلام والمسلمين، وتربية النشء تربية إسلامية صحيحة، وهذا هو ما نظنه بالأخوات أو بكثير من الأخوات العاملات في هذا المجال.

    إن تعلق قلب الإنسان بالوظيفة يجعله يحرص على الوصول إليها بأي وسيلة ومن ذلك -مثلاً- أن كثيراً من الطالبات لأن قلبها متعلق بمسألة النجاح في الامتحان، ومن ثم التخرج والالتحاق بمعهد أو كلية ونيل الوظيفة أو الشهادة، إن الطالبة لا تبالي بأي وسيلة نجحت، وكثيراً ما نسمع شكاوى من المعلمات وغيرهن من كثرة محاولة بعض الطالبات للغش والتزوير في الامتحانات، وهذا عمل لا شك أنه محرم، وفي الصحيح يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: {من غشنا فليس منا} وهذا دليل على أن الغش كبيرة من كبائر الذنوب أياً كان هذا الغش، سواء في البيع، أم في الشراء، أم في المعاملة، أم في الامتحان، أم في أداء الواجبات، أم في غيرها، فالغش بجميع أنواعه محرم في الإسلام، {ومن غش فليس منا} كما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا وعيد شديد يدل على أن الغش من كبائر الذنوب.

    وما يدفع الطالبة إلى الوقوع في الغش، والتزوير، والتلاعب، إلا لأن الهم أصبح هو النجاح لا غير ونيل الشهادة، ثم الوظيفة، أما لو كانت تشعر بأنها تتعلم لتكوّن شخصيتها، وتتعلم دينها، وتعرف واجباتها، فإنها تدرك أن الغش حينئذٍ لا ينفعها في هذا المجال، بل يضرها، وهو بالتالي يخرج لنا في المستقبل معلمة تخرجت بالغش، ومديرة تخرجت بالغش، وموجهة تخرجت بالغش، وقل مثل ذلك في جميع الأعمال الدنيوية في مجال الرجال، أو في مجال النساء.

    1.   

    معانٍ لابد من جمعها في القلب

    هذه أمثلة من تعلق قلب الإنسان بغير الله وأما الأمر المطلوب فهو أن يتعلق قلب العبد بالله عز وجل وأن يكون رضا الله تعالى هو أسمى مطلوب في قلب المؤمن، وأن يكون حبه أعظم حب في قلبه، ورجاؤه أعظم رجاء، وخوفه أعظم خوف، لا بد أن تجمع في قلبك ثلاثة معانٍ :

    أولاً: حب الله تعالى، والله سبحانه هو الذي أنعم على العبد بجميع النعم، فهو المستحق لالحب استحقاقاً كاملاً.

    الأمر الثاني: الخوف من الله، لأن الله تعالى قوي شديد العقاب، والمعصية مهما صغرت فأنت لا تنظر إلى صغر المعصية، لكن انظر إلى عظم من عصيت وهو الله تبارك وتعالى، فحري بالعبد أن يخاف الله تعالى.

    ولذلك لو عذب الله تبارك وتعالى أهل أرضه وأهل سماواته لعذبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم كانت رحمته خيراً لهم من أعمالهم، يقول الشاعر في وصف الله عز وجل:

    ما للعباد عليه حق واجب      كلا ولا سعي لديه ضائع

    إن نُعِّموا فبفضله أو عُذِّبوا      فبعدله وهو الكريم الواسع

    والأمر الثالث: هو الرجاء في الله تعالى بحيث يجمع الإنسان بين حب الله وخوفه ورجائه.

    وهذه الأمور الثلاثة لا بد منها، وقد سمعت كثيراً من الشكاوى من بعض النسوة الطيبات في غلبة الخوف على قلوبهن، بحيث تكون المرأة قلقة فزعة مذعورة خائفة أبداً، خائفة من الموت، خائفة من العذاب، خائفة من سوء الخاتمة، كثيرة الخوف، فيغلب عليها هذا الخوف حتى يكدر عليها حياتها، وعبادتها، وقد يفضي بها إلى أنواع من الوسوسة والتنطع المفرط، وهذا يكون بسبب أن المرأة تقرأ كثيراً من الكتب، وتسمع كثيراً من الأشرطة التي تركز على جانب الخوف، فينبغي للمرأة أيضاً أن تقرأ في جانب الرجاء، تقرأ في القرآن الكريم، وتقرأ من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم الأحاديث التي فيها التخويف والترهيب، وأيضاً الأحاديث التي فيها الرجاء والترغيب حتى يكون عندها توازن واعتدال بين هذه الأشياء.

    1.   

    من آثار تعلق القلب بالله

    حياة المرأة كلها تكون موافقة لمحبة الله ورضاه

    من آثار تعلق القلب بالله تعالى: أن تكون الحياة كلها على وفق ما يحبه الله ويرضاه، وسوف أضرب لذلك عدداً من الأمثلة التي توخيت في اختيارها أن تكون منطلقة من واقع كثير من النساء، فمن تعلق قلبها بالله عز وجل التزمت بأداء العبادات أداءً شرعياً في الوقت، من الصلاة، والصيام، والحج، وغيرها.

    وكثيراً من النساء تجد عندهن تقصيراً في هذه الأمور، قد تؤخر المرأة الصلاة لأدنى سبب، وربما لغير سبب، إما لأنها ذهبت إلى حفلة زواج، أو لأنها جلست تسمر مع بعض قريباتها أو صديقاتها، أو تشتغل ببعض شئونها وواجباتها، أو لأنها نامت فلم تستيقظ، ويتكرر هذا الأمر فتخل المرأة بأداء صلاة العشاء الآخرة، وبأداء صلاة الفجر، وكذلك صلاة العصر لهذه الأسباب، مع ما ورد من التحذير من ذلك، كما في قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: {أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً} أما صلاة العصر فقد صح أنها هي الصلاة الوسطى التي خصها الله عز وجل بقوله: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى [البقرة:238].

    حرص المرأة على لزوم بيتها

    ومن آثار تعلق القلب بالله تبارك تعالى حرص المرأة على لزوم بيتها، والاشتغال بشئونها الخاصة وشئون زوجها، بحيث لا تخرج إلا لمصلحة أو حاجة، فأما المصلحة فكأن تخرج لِتَعَلُّمٍ في مدرسة أو غيرها أو لتعليم، أو لموعظة، أو لدعوة إلى الله تبارك وتعالى أو لغير ذلك.

    وأما الحاجة فكأن تخرج لحاجاتها التي لا بد لها منها، ولا يمكن أن يقوم بها غيرها عنها، وحينئذٍ تكون في خروجها متسترة متحفظة لا تتبرج بالزينة، ولا تلبس الثياب الجذابة المثيرة الملفتة للنظر، ولا تكثر من الكلام والمماكسة والأخذ والعطاء مع الرجال لغير أمر يدعو إلى ذلك، والرسول صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة لما صفق الرجال قال لهم: {إنما التصفيق للنساء، وأما الرجل فإنه إذا نابه شيء في الصلاة يقول: سبحان الله} وإنما أمرت المرأة بالتصفيق إذا احتاجت إليه، إذا نابها شيء، لأن صوت المرأة مما لا ينبغي أن يرتفع إلا لحاجة، كأن تكون سائلة، أو مستفتية، أو متكلمة في أمور تحتاجها، أما الاستطراد في الحديث والضحك وكثرة الكلام والخضوع بالقول فهذه من الأمور التي لا تجوز، ولا يسوغ للمرأة المسلمة أن تفعله مع رجال أجانب.

    التستر الكامل

    ومن آثار تعلقها بالله تعالى أن تحرص على التستر الكامل في جميع بدنها إذا كانت ستخرج من بيتها بحيث يراها الرجال، وفي سنن الترمذي وصحيح ابن خزيمة يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: {المرأة عورة} وهذا حديث عام أخذ منه بعض أهل العلم أن المرأة كلها عورة، بحيث ينبغي لها ألا تظهر كفيها ولا قدميها ولا شيئاً من بدنها، فما بالك بكثير من النساء وهن يظهرن الأكف وبعض الذراع والقدم وربما بعض الساق، وأحياناً يظهر النحر وبعض الرقبة وبعض الشعر، وكثير من النساء يقللن من الحجاب شيئاً فشيئاً، لا شك أن هذا أمر لا يجوز، وهو مؤذن بأن هذه المرأة التي تقلل من حجابها شيئاً فشيئاً قد تصير إلى أمور لا يرضاها الله تبارك تعالى لها في الوقوع في معصيته، وإيقاع الناس -أيضاً- في تلك المعصية.

    اتباع نساء السلف

    ومن آثار التعلق بالله تبارك وتعالى عناية المرأة باتباع ما كان عليه نساء السلف من أمهات المؤمنين ونساء الصحابة: كـعائشة، وخديجة، وفاطمة، ورقية، وزينب، وأسماء، وغيرهن من المؤمنات الأول، وعدم تقليد النساء الكافرات، فإن من أحبت أن تحشر مع عائشة، وأسماء، وخديجة، وحفصة، وفاطمة، فيجب عليها أن تقتدي بهن، ومن أحبت أن تحشر مع فلانة وفلانة من المغنيات، والممثلات، وعارضات الأزياء، والنساء اللاتي يظهرن في الإعلانات، والمجلات، وغيرها؛ من أحبت أن تحشر معهن فلتتشبه بهن، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الصحيح الذي رواه ابن عمر: {من تشبه بقوم فهو منهم}.

    العناية بطلب العلم

    من آثار التعلق بالله تعالى: العناية بطلب العلم النافع من الكتاب والسنة، فإن القرآن حياة للقلوب، يحيي القلوب كما يحيي المطر الأرض إذا نـزل عليها؛ اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج، فعلى المرأة المسلمة أن تقبل على قراءة القرآن، وحفظه، ومدارسته، ودراسة السنة النبوية والعلم الشرعي، لتعرف ما لا بد لها من معرفته من أمور الدين، وتكون ممن يعبدوا الله تعالى على بصيرة، ولا تشتغل عن ذلك بقراءة الروايات الساقطة، مثل روايات الفتيات، أو الانشغال بقراءة المجلات التي تنشر من المقالات والقصص والأشعار ما لا خير فيه.

    العناية بالدعوة

    من آثار التعلق بالله تبارك وتعالى العناية بالدعوة إلى الله في الوسط الذي تعيش فيه المسلمة، سواء كانت مدرسة تدعو إلى الله في مدرستها أم موجهة تدعو إلى الله من خلال تأثيرها على المدرسات وغيرهن، أم من خلال الدعوة إلى الله في بيتها وبين أقاربها، أم من خلال المجتمعات العائلية في العزائم، والأعراس، وحفلات الزواج وغيرها، أم من خلال بعض الفرص التي تتاح لها كالمشاركة في دروس القرآن الكريم، والمحاضرات الخاصة بالنساء، وما شابه ذلك من النشاطات التي ينبغي دعمها وتشجيعها من قبل الأخوات المسلمات، والحرص على الاستفادة منها في الدعوة إلى الله عز وجل ونشر العلم النافع، ونشر الكتاب الإسلامي، ونشر الشريط الإسلامي، ونشر كل ما يدعو إلى الخير ويحذر من الشر.

    عدم التنطع في الدين

    وأخيراً فإن من آثار التعلق بالله عز وجل الاعتدال وعدم التنطع في الدين، فإن بعض الناس حين يقبل إلى الله تعالى يغلو في ذلك، ويصاب بأنواع من الوساوس سواء في الطهارة، أم في الصلاة، أم في المعاملة، أم في غير ذلك، وأيضاً الشكاوى كثيرة في هذا الجانب من النساء ومن الرجال، وإن كنت أعتقد أنها في النساء أكثر، فتجد بعض النساء تتعب في الوضوء، ثم تتعب عند التكبير، ثم تتعب في الصلاة، وقد يدخل عليها وقت صلاة العصر -مثلاً- وهي ما صلت الظهر -مع حرصها- بسبب الوسوسة.

    وعلى المرأة المسلمة أن تدرك أن الله تعالى يريد بنا اليسر ولا يريد بنا العسر: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286] وإذا عجز الإنسان عن شيء فإنه يسقط عنه وينتقل إلى ما يستطيعه منه، فإذا عجز عن الصلاة قائماً صلى قاعداً، وإذا عجز عن الصلاة قاعداً صلى على جنبه، وإذا عجز عن الطهارة بالماء تطهر بالتيمم -مثلاً- وقل مثل ذلك في سائر الواجبات الأخرى؛ إذا عجز عن شيء انتقل إلى بدله: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286] وعلينا ألا نبغض إلى أنفسنا عبادة الله عز وجل بالتنطع في بعض هذه الأمور، والاستجابة لوساوس الشيطان.

    1.   

    الفرار من الله إليه

    إن طاعة الله عز وجل وتعلق القلب به يترتب عليه ثقة المرأة والرجل بالله، وركونهما إليه، بحيث يكون فرارهما من الله إلى الله، كما قال الله عز وجل: فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ [الذاريات:50] وقال عن المؤمنين: وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ [التوبة:118] وكان من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم أنه كان يقول: {اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبعفوك من عقوبتك، وبك منك، لا أحصي ثناء عليك} فالإنسان إنما يفر من الله إلى الله، من خاف من الله فعليه أن يفر إلى الله، لأن الله عز وجل لا مهرب منه:

    وكيف يفر العبد عنه بذنبه      إذا كان تطوى في يديه المراحل

    إذا كان الإنسان لو خاف من أمير أو حاكم فإنه لا يستطيع الفرار منه لقوة قبضته وسلطانه، فما بالك أيتها المسلمة إذا خاف العبد من الله عز وجل وخاف من بأسه، وسطوته، ونقمته، وعقوبته، أين يفر؟ لا يفر إلا أن يلقي بنفسه بين يدي الله تعالى، ويمرغ جبهته في التراب ويبكي ويخشع لله عز وجل ويسأل الله بصدق أن يرحمه، وأن يثبت قلبه على الدين، وأن يعلمه ما ينفعه في دينه ودنياه، وأن يقيه شر نفسه، وأن يقيه عذاب جهنم وعذاب القبر وفتنة المحيا والممات، وغيرها من فتن الدنيا والدين.

    هذا ما أحببت أن أشير إليه، وأرجو الله تعالى أن ينفع بهذه الكلمات من قالها ومن سمعها إنه قريب مجيب، والله أعلم، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

    1.   

    الأسئلة

    صبغة الشعر والطهارة

    السؤال: هل جميع أنواع صبغات الشعر تبطل الطهارة؟

    الجواب: الذي أعلمه أن جميع أنواع صبغات الشعر المعروفة لا تبطل الطهارة، فإن مبطلات الطهارة معروفة وليس هذا منها، وإنما الكلام عنها في مجالات أخرى من حيث كونها تجوز أو لا تجوز، أما إبطالها للطهارة فهي لا تبطل الطهارة.

    حجاب الطالبة في المدرسة

    السؤال: وهذا سؤال عن الكشف أو التحجب للأستاذة في المدارس، أو الجامعات؟

    الجواب: من الطبيعي أنه ما دامت الأستاذة امرأة أن تكشف الطالبة لها، هذا أمر طبيعي تكشف وجهها -مثلاً- أو شعرها أو ما أشبه ذلك أو كفيها أو ذراعيها أو بعضها.

    كل هذا لا بأس به، لكن على الطالبة في الأصل أن تكون ملتزمة باللباس الشرعي، لأنها ليست فقط سوف تتعامل مع الأستاذة، هي سوف تخرج من البيت إلى الشارع، وتركب الأوتوبيس، وتنـزل من الأوتوبيس إلى المدرسة، وقد تمر من عند رجال، من عند موظف في المدرسة أو غير ذلك، ولذلك يجب عليها تجنب الملابس غير الساترة، وتجنب الطيب وجميع المحظورات.

    آخر وقت العشاء

    السؤال: متى يكون آخر وقت لصلاة العشاء؟

    الجواب: وقت صلاة العشاء الآخرة التي نسميها بصلاة الأخير يمتد إلى نصف الليل، وتأخيرها إلى ثلث الليل أفضل، وإلى نصف الليل جائز؛ على المشهور من أقوال أهل العلم، وهذا الوقت يختلف من فصل إلى آخر، وبإمكان كل إنسان أن يعرفه في الوقت الذي يريد بأن يقسم الليل إلى نصفين، فنصفه الأول هو وقت لصلاة العشاء.

    طاعة من يأمر بتأخير الصلاة

    السؤال: ما حكم طاعة المعلمة في منعنا عن الصلاة؟ وما الحكم إذا انتهى الوقت المحدد للصلاة ولم أصل؟ وذلك في حالتين:

    الأولى: إذا كان وقت الصلاة المحدد لنا قصيراً؟

    الثانية: إذا كانت المعلمة التي سبقتها قد أطالت في درسها ومضى شيء من الوقت المحدد للصلاة؟

    الجواب: بالنسبة للصلاة هي من الواجبات التي فرضها الله تعالى على كل إنسان في حال الحضر، والسفر، والخوف، والأمن، حتى إن الله تعالى أمر المؤمنين بإقامة الصلاة في وقت الخوف والقتال: وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ [النساء:102]... إلى آخر الآية، حتى في حال الحرب والقتال والخوف تقام الصلاة، فما بالكِ إذا كانت المسألة مسألة درس، أو محاضرة، أو شغل، فالصلاة مقدمة على جميع هذه الأشياء.

    ولذلك يجب تخصيص وقت كاف للصلاة، ومراعاة ألا يبخس هذا الوقت بألا تطيل المعلمة درسها الذي يسبق وقت الصلاة فتأخذ شيئاً من وقت الصلاة، ولا تتقدم المدرسة الأخرى في الدرس بحيث تأخذ من آخر وقت الصلاة، وإذا حصل ضرورة لمثل هذا الأمر فينبغي مراعاتها -مثلاً- لو تأخرت مدرسة في درسها لضرورة فلم تخرج الطالبات إلا بعد مضي جزء من وقت الصلاة فاضطررن إلى التأخر في المصلى بعض الوقت عن الدرس الذي يليه، فتراعي المعلمة هذا الظرف، وتقبل هذا العذر من الطالبات.

    كلام المرأة مع الأجانب

    السؤال: لقد قلت: إن صوت المرأة عورة، فما الحكم في إظهار صوتها للرجال؟

    الجواب: لم أقل: إن صوت المرأة عورة، هذا اللفظ لم أقله، إنما ذكرت أنه لا يحسن بالمرأة أن تتوسع في الكلام والأخذ والعطاء مع الرجال الأجانب لغير حاجة، كما إذا كانت -مثلاً- في بيع أو شراء، أو أحاديث ليس من ورائها مصلحة، أما محادثة المرأة للرجل في شأن سؤال أو جواب على سؤال أو فتيا أو سؤال عن أمر تحتاجه أو بيع أو شراء من الأمور التي تحتاجها، فهذا كله جائز، وكان معروفاً في مجتمع الصحابة رضي الله عنهم فكم من امرأة سألت الرسول عليه الصلاة والسلام وسألت غيره من الصحابة كـأبي بكر وعمر وغيرهما، وهذا أمر معروف في كتب السنة، ولا إشكال فيه، إنما المنهي عنه هو الاسترسال في الحديث بما لا جدوى منه، أو الخضوع في القول بالتثني وتكسير الكلام وإرخائه بطريقة لا حاجة إليها، بل على المرأة أن تتكلم بصوت عادي بعيد عن الخضوع ولا يكون فيه أدنى إثارة.

    فساد القلب بالتعلق بالمخلوقات

    السؤال: بالنسبة إلى قضية المحبة تكلمت عنها وأشرت إلى أنواع منها؛ وأن من هذه المحبة ما يكون سبباً في فساد قلب هذا المحب وانحرافه، لكن كون المرأة تعجب بفلان لأنه رجل شريف -كما يقول السؤال- ومتدين؛ ولا يترتب على هذا الأمر شيء محظور شرعي؟

    الجواب: أقول: من جهةٍ إن أصل هذا الأمر لم يكن ليقع إلا بسبب تفريط من المرأة، مثل كونها نظرت نظرة غير مشروعة، أو كررت هذا النظر، أو سماع صوت، أو ما أشبه ذلك، فتعلق قلبها، وعلى من يبتلى بذلك أن يعالج نفسه ولا يتساهل في هذا الأمر، لأن الأمر قد يبدأ هيناً وسهلاً ثم يتوسع ويمتد ويكون -كما ذكرت- سبباً في فساد دين المرء ودنياه، أما فساد الدين فبتعلق القلب بغير الله، وأما فساد الدنيا فبأن لا يحصل للإنسان ما يريد، فتكون حياته شقاء وتعاسة في غير جدوى.

    الصلاة بالخفين على الزرع

    السؤال: ما حكم صلاة المرأة في مكان به زرع وهو مكان طاهر بخفيها؟

    الجواب: الصلاة في هذا المكان جائزة ما دام طاهراً، فكل مكان طاهر فالصلاة فيه جائزة، والصلاة بالخفين -أيضاً- جائزة ولا شيء فيها.

    المساعدة في رفع الظلم

    السؤال: ما حكم السكوت على الظلم مع المعرفة بالحقيقة؟

    الجواب: السكوت على الظلم لا يجوز، وفي حديث البراء بن عازب يقول: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع، منها: نصرة المظلوم، وفي حديث آخر يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: {لا قدست أمة لا يأخذ للضعيف فيها حقه غير متعتع} وفي حديث ثالث: {انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، قال: يا رسول الله، أنصره إذا كان مظلوماً، فكيف أنصره إذا كان ظالماً؟ قال: تمنعه عن الظلم فإن ذلك نصره} وكلها أحاديث صحاح، فإذا عرفت -مثلاً- مدرّسة، أو طالبة، أن زميلة لها وقع عليها ظلم، ونسب إليها عمل ما قامت به، أو ظن بها ظن سوء، أو عوملت معاملة ما تستحقها، فإنها يجب عليها أن ترفع الظلم بقدر ما تستطيع، فتكلم الإنسان الذي ظلمها أن فلانة لم يحصل منها هذا الشيء بل حصل من غيرها، أو تكلمها بالحقيقة التي تعلمها، فإن استطاعت رفع الظلم بهذا فبها وإلا فترفعه بما استطاعت من الوسائل الأخرى.

    عمليات التجميل

    السؤال: ما حكم عمليات التجميل الضرورية؟

    الجواب: أما التجميل بالأشياء العادية مثل الكحل وبعض المساحيق الطاهرة فهو جائز، أما عمليات التجميل فلا أعلم في حكمها شيئاً، وأظن أن السؤال يعني العمليات الجراحية التي يقصد بها التجميل.

    كشف وجه المرأة في خارج البلاد

    السؤال: هل يجوز كشف الوجه مع التحجب في خارج البلاد إذا خرجت المرأة للضرورة، مثلاً امرأة خرجت للسفر للعلاج إلى أي بلد من بلدان العالم، هل يجوز لها كشف الوجه؟

    الجواب: إذا علم أن كشف الوجه حرام فالحرام لا يكون حلالاً في بلد من البلدان.

    التحذير من بعض التسريحات

    السؤال: أرجو منك التوسع في ذكر بعض التسريحات التي تقوم بها بعض النساء؟

    الجواب: الحقيقة هذا ليس من اختصاصي وأنتن أدرى بهذا، ولكن أقول: أن كل تسريحة عُلم أنها جاءت من قبل الكفار وانتشرت بيننا على أنها من عاداتهم، فلا يجوز للمسلمة أن تعملها، والنساء في كل وقت ينتشر عندهن أنواع من التسريحات يسمينها بأسماء؛ إما بحسب شكل التسريحة، أو بحسب المرأة التي نشرتها بين الناس وعرفت بها، فهذه تُتَجَنَّب، سواء كانت تسريحات نقلت عن الكفار والكافرات أم عن الفساق والفاسقات مثل الممثلات والمغنيات وغيرهن.

    سماع الأغاني

    السؤال: سماع الأغاني بغرض التسلية ما حكمه؟

    الجواب: لا يجوز، وفي صحيح البخاري عن أبي مالك الأشعري يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: {ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحر، والحرير، والخمر، والمعازف} والحر يعني الزنى، والحرير معروف، والمعازف هي آلات الغناء، فقوله: يستحلون؛ دليل على أنه محرم من استحله عوقب، لذلك ذكر في آخر الحديث أن الله تعالى يخسف بهم، ويحول آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة، والأغاني المعروفة اليوم كلها محرمة لأن فيها موسيقى، والموسيقى من أنواع المعازف المحرمة، ولأن هذه الأغاني تـتردد بين الحب، والغرام، والعشق، وغير ذلك من المعاني الفاسدة، فهي محرمة لهذا ولذاك.

    طاعة الوالدين في المحرم

    السؤال: أرغمني والدي على تسجيل بعض الأفلام وإذا لم أطعه فإنه يغضب؟

    الجواب: إذا كانت هذه الأفلام تحتوي على محرم -وهذا هو الغالب- فلا يجوز طاعة الوالد في ذلك، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وينبغي أن تتلطف الفتاة في معاملة والدها وإقناعه والاعتذار منه، فإن غضب فحينئذ غضبه في غير محله، وموقف الفتاة مشروع، لكنني أنصح مرة أخرى بالتلطف واستخدام الحكمة، والأسلوب اللين، والبعد عن الإثارة، واستخدام القسوة، خاصة مع الوالدين.

    تسجيل القرآن على أشرطة الغناء

    السؤال: ما الحكم إذا أخذت الأشرطة من إخوتي ويوجد بها أغاني فأقوم بتسجيل القرآن عليها؟

    الجواب: عمل مشروع، وطيب، لأن هذه الأشرطة لو أتلفت ما دام فيها أغاني كان ذلك حسن، فإذا سجل عليها القرآن كان هذا حفظاً للمال والاستفادة منها.

    إظهار وجه المرأة بدون زينة

    السؤال: ما حكم إظهار الوجه بدون زينة؟

    الجواب: إظهار الوجه بدون زينة للنساء أو للمحارم جائز، أما للرجال الأجانب عن المرأة فهو لا يجوز.

    زكاة الذهب الملبوس

    السؤال: ما حكم زكاة الذهب الملبوس، الحلي الذي تستخدمه المرأة هل فيه زكاة أم لا؟

    الجواب: في المسألة قولان لأهل العلم مشهوران، أحدهما القول: بأنه لا زكاة فيه، وهذا قول أكثر أهل العلم، والقول الثاني: أن فيه زكاة إذا بلغ نصاباً، ونصاب الذهب تقريباً إحدى عشر جنيهاً وثلاثة أسباع الجنية فيما أذكر، والأولى بالمرأة أن تزكي حليها إذا بلغ نصاباً، لما ورد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم: رأى امرأة مع ابنتها وفي يدها مسكتان من ذهب، فقال: أتؤدين زكاة هذا؟ فقالت: لا. قال: أيسرك أن يسورك الله بهما سواران من نار؟ فألقتهما وقالت: هما صدقة لله ورسوله، والحديث قال الحافظ ابن حجر: إسناده جيد.

    صلاة التسابيح

    السؤال: ما هي صلاة التسبيح وهل هي صحيحة؟

    الجواب: صلاة التسبيح هي صلاة وردت عن العباس بن عبد المطلب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له:{ألا أحبوك} ثم ذكر له صلاة فيها قراءة سور معينة، وتسبيح معين، خلاف الصلاة المعهودة، وقد اختلف العلماء في تصحيحها أو تضعيفها، ورجح شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره أن الأحاديث فيها لا تثبت، وخاصة لمخالفتها لهيئات الصلاة المعروفة.

    قضاء الصلوات الفائتة

    السؤال: لقد فاتتني صلوات كثيرة لدرجة أنني لا أحصيها، وقد وعدت ربي أن أؤديها كلها لكنني دائماً أؤجل فما الحكم؟

    الجواب: ما أدري ما سبب فوات هذه الصلوات، فإن كان سبب فواتها أن المرأة تركتها متعمدة حتى خرج وقتها يعني كانت تاركة للصلاة -مثلاً- لمدة سنة أو سنتين ثم تابت، فحينئذٍ لا قضاء عليها، بل عليها أن تتوب إلى الله عز وجل مما مضى ولا تعود لمثل هذا العمل وهذه الخطيئة، وتوبتها أعظم من أن تكفر بإعادة الصلوات، أما إن كان فواتها لعذر، فإن المرأة تقضيها بحسب استطاعتها، وإذا لم تستطع أن تحصيها فإنها تقدر عدد هذه الصلوات على سبيل الظن الغالب وتصلي.

    التعطر خارج البيت

    السؤال: هل العطور محرمة؟

    الجواب: أما العطور يعني التطيب عند الرجال الأجانب أو لمن سوف تمر بهم فلا شك في تحريمه، وفي حديث أبي هريرة عند أبي داود والنسائي وهو حديث حسن أنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {أيما امرأة استعطرت ثم خرجت فمرت على رجال ليجدوا ريحها فهي كذا وكذا} يعني كذا أي زانية، وهذا دليل على التحريم.

    مجلات الأزياء التي بدون صور

    السؤال: ما حكم استعمال مجلات الأزياء التي لا يوجد فيها صور لأشخاص؟

    الجواب: مجلات الأزياء أنواع، فهناك مجلات فيها صور وصور مثيرة، وفيها أزياء محرمة لأنها قصيرة، ولأنها أزياء من أزياء الكفار التي ما عرفها المسلمون في تاريخهم ولا في واقعهم اليوم في البيئات المسلمة، فهذه لا يجوز شراؤها، ولا اقتناؤها، ولا خياطة أزياء على نمطها، أما إن كانت أزياء فقط بدون صور نساء وهي أزياء فيها ستر ومراعاة للضوابط الشرعية في اللباس، فلا بأس بها.

    مشاهدة المباريات في التلفاز

    السؤال: مشاهدة المباريات في التلفاز؟

    الجواب: مشاهدة المباريات في التلفاز فيها إضاعة للوقت، وفيها شد للأعصاب، وفيها إشغال للمرأة بأمور ليست من الأمور التي خلقت لها، ولا تحتاج إليها في حياتها الدنيا، ولا في قبرها، ولا عند بعثها، ولا في حسابها، وفيها مدعاة إلى تعلق القلب بهذه الكرة، فإننا نشاهد اليوم أن تعلق القلب بالرياضة من أشد أنواع التعلق، حتى إن هناك من يموت في سبيل الكرة، وقد قرأت يوماً في جريدة الجزيرة مقالاً عنوانه "من ضحايا الكرة" ذكروا فيه عدداً من الناس الذين ماتوا في سبيل الرياضة على مدرجات الملاعب، أو حتى وهم يشاهدون المباريات على شاشات التلفاز، فهذا يدل على مدى تعلق القلب بالكرة، وأن الحب والبغض، والولاء والبراء، والفرح والسخط، أصبح من أجلها عند كثير من الناس، ولذلك فإن مشاهدة الرجل أو الشاب لهذه الأشياء أمر فيه نظر وفيه ضرر، فما بالك باشتغال المرأة بهذا العبث الذي لا طائل تحته.

    كشف وجه المرأة للضرورة

    السؤال: كشف الوجه للضرورة؟

    الجواب: كشف الوجه للضرورة جائز إذا اضطرت المرأة إلى كشف وجهها للضرورة، لعلاج أو غيره، فإن ذلك جائز.

    غسل دم الحيض عن الثوب

    السؤال: يقول بعض الناس إن المرأة إذا ارتدت ثوباً أثناء الدورة الشهرية، أو أي ملابس حتى العباءة لا بد من غسلها بعد الاغتسال حتى ولو لم يكن عليها دم؟

    الجواب: هذا قول باطل ولا أصل له، ونساء المؤمنين كن يصلين في الثوب الذي يحضن فيه، ولم يكن للمرأة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أحياناً إلا ثوب واحد تحيض فيه، فإذا طهرت نظرت إن كان فيه شيء من الدم فتغسله، كما في حديث عائشة: فقالت بريقها هكذا، فمصعته أو قصعته بظفرها، وصلت فيه.

    إلقاء السلام على الأجانب

    السؤال: ما حكم قول السلام عليكم ورحمة الله عند الرجال الأجانب كسائق الأوتوبيس؟

    الجواب: لا أرى مثل هذا، لما في ذلك من خوف الفتنة خاصة في هذا الزمان، وخاصة بالنسبة لمن تواجههم المرأة باستمرار، كسائق أو غيره فإن إلقاء السلام كاملاً ومع ما في طبيعة صوت المرأة من الرقة والليونة يلحظ أنه يكون فيه تحريك لقلوب بعض الضعفاء فلا أرى مثل هذا.

    الذهاب إلى الحفلات المحتوية على غناء

    السؤال: ما حكم الذهاب إلى حفلات العرس وفيها طبل وغناء؟

    الجواب: في حفلات العرس، رخص لنا نحن المسلمين بشيء واحد وهو الدف، الدف هو الشيء الذي يضرب من جهة واحدة والجهة الأخرى لا يمكن الضرب عليها، فهذا يسمى الدف، وقد رخص فيه في العرس، فإن كانت حفلة العرس فيها هذا الدف وفيها غناء بأصوات جوارٍ، أو نساء لكن لا يسمعهن رجال، بحيث يكون الصوت في مكان معزول ولا ترتفع الأصوات فهذا جائز، أما إن كان فيه طبول وغناء وأصوات مرتفعة وهرج ومرج وقد يكون غناء بمسجل فهذا لا يجوز.

    الغش في مادة اللغة الإنجليزية

    السؤال: يقولون إن الغش في مادة الإنجليزي جائز؟

    الجواب: لا، هذا يخالف، فالغش كما أسلفت محرم بكل صوره، فأنت -مثلاً- لا يجوز أن تغش الكافر، وكذلك لا يجوز أن تغش في أي مادة وأنت مطالب وأنتِ مطالبة بضبطها وحفظها.

    التحدث بين المخطوبين

    السؤال: ما حكم مخاطبة الخطيب لخطيبته لأخذ رأيها في مسألة الزواج، يعني على الهاتف؟

    الجواب: إذا كان هذا بعد أن حصل موضوع الخطبة، ولم يبق إلا بعض استفسارات عند المرأة تريد أن تسأل عنها وتستوثق منها، فهذا لا بأس به، لكن ما دام لم يحصل العقد فإنها تعتبر أجنبية عنه فتتكلم معه بصوت عادي بعيد عن الخضوع بالقول وبقدر ما تحتاج، فلا تتوسع في الكلام بغير طائل وإن حصل الاستغناء عن ذلك بأن يقوم وليها أو أخوها بالسؤال عن بعض ما يشكل فهذا يكون أسلم وأفضل.

    رؤيا الأنبياء في المنام

    السؤال: ما حكم رؤيا نبي من الأنبياء في المنام؟

    الجواب: إذا رأى المسلم النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره من الأنبياء في المنام على هيئته المعروفة المحفوظة في كتب السنة فهذه رؤيا حق وهي خير -إن شاء الله- للرائي، فقد قال عليه الصلاة والسلام: {من رآني في المنام فقد رآني حقاً فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي} لكن ينبغي أن يفرق بين ما إذا رأى فعلاً صورة النبي صلى الله عليه وسلم المعروفة؛ أو رأى صورة ليست صورة النبي صلى الله عليه وسلم، وألقي في روعه في المنام أنها صورة النبي صلى الله عليه وسلم، فلو رأيت صورة تعتقد في المنام أنها صورة النبي عليه الصلاة والسلام وهي صورة على صاحبها أثر معصية، أو وصف مخالف لما عهد عن النبي عليه الصلاة والسلام فحينئذٍ لا يكون هو النبي صلى الله عليه وسلم.

    عدم التكلم إذا رأى النبي باطل لا أصل له

    السؤال: بعض الناس يزعمون أنه إذا رأى النبي عليه ألا يتكلم ثلاثة أيام؟

    الجواب: هذا باطل لا أصل له.

    حلق الحاجبين

    السؤال: حكم حلق الحاجبين؟

    الجواب: لا يجوز لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن النامصة والمتنمصة.

    أسأل الله أن يوفقنا وإياكم للامتثال بالعمل بما علمنا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة، وأصلي وأسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه، سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك، والله أعلم، والحمد لله رب العالمين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755950530