إسلام ويب

يأجوج ومأجوجللشيخ : خالد الراشد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن يأجوج ومأجوج أمتان من الناس يعيشون وراء السد الذي بناه ذو القرنين، وخروجهم يعتبر من علامات الساعة الكبرى، ويخرجون بعد موت الدجال الذي يقتله عيسى عليه السلام، فيفر الناس منهم إلى الجبال ويتحصنون في البيوت؛ وذلك من عظم هول ذلك، فيلجأ عيسى ومن معه من المؤمنين إلى الله بالدعاء وهم متحصنون في جبل الطور، فيرسل الله عليهم النغف فيموتون موتة واحدة.

    1.   

    خروج يأجوج ومأجوج

    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

    يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1].

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

    عباد الله! تكلمنا في الجمع الماضية عن علامات عظيمة من علامات الساعة وأشراطها، وتكلمنا عن ظهور المهدي عجل الله خروجه، ثم أتبعنا ذلك بفتنة عظيمة هي فتنة المسيح الدجال، وقلنا: إنه ما من نبي إلا حذر أمته من الدجال، وكان أشد الأنبياء تحذيراً منه هو نبينا صلى الله عليه وسلم؛ وذلك لأنه سيخرج في هذه الأمة، وستبلغ فتنته أمراً عظيماً حتى إن الرجل يأتي لينظر في أمره فلا يلبث أن يكون من أتباعه، لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : (من سمع بالدجال فلينأ عنه، فوالله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه؛ مما يبعث به من الشبهات) أي: أنه يأتيه حتى يراه أو يرد بعض شبهاته فلا يلبث أن يكون من أتباعه، فالمطلوب: الحذر من الفتن والابتعاد عنها.

    وتأمل -بارك الله فيك- كيف يسقط الناس اليوم في الفتن وهي أقل من فتنة المسيح الدجال، فكيف بالذي بين يديه مثل الجنة والنار؟!

    ثم ذكرنا أن زواله ونهايته ستكون على يد عيسى ابن مريم عليه السلام الذي سينزل بإذن الله ليكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويحكم بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم، واليوم نواصل وإياكم الحديث عن باقي هذه الأشراط والعلامات التي تبين قرب نهاية العالم واقتراب الساعة.

    والمقصد من ذكرها: تذكير الناس، وتنبيه الغافل منهم؛ حتى يزيد الصالح في صلاحه، ويتوقف العاصي عن تمرده وعصيانه.

    وقت خروج يأجوج ومأجوج

    عباد الله! يمكث نبي الله عيسى في الأرض أربعين سنة، وفي رواية سبع سنوات، فكيف نجمع بين الروايتين؟

    قال أهل العلم: عندما رفع عيسى من الأرض كان عمره ثلاثاً وثلاثين، وذلك عندما دُبرت المؤامرة لاغتياله، فرفعه الله من بين أيديهم وعمره حينها ثلاث وثلاثون سنة، ثم يرجع ويمكث سبع سنوات، فتلك أربعون سنة، ويتخلل هذه السنوات السبع فتنة عظيمة تعم الأرض كلها، وهي فتنة يأجوج ومأجوج، وخروجهم شر عظيم بينه النبي صلى الله عليه وسلم، فلقد فزع النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم حتى خرج محمراً وجهه، محذراً من فتنة يأجوج ومأجوج.

    تروي لنا زينب بنت جحش رضي الله عنها ذلك فتقول: (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فزعاً محمر الوجه يقول: لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب! فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا، وحلق بأصبعيه السبابة والإبهام، قلت: يا رسول الله! أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبث)، رواه البخاري ومسلم .

    وقد فسر الجمهور الخبث بأنه الفسوق والفجور، وقيل المراد : الزنا خاصة، وقيل: المعاصي مطلقاً، ومعنى الحديث: أن الخبث إذا كثر فقد يحصل الهلاك العام، وإن كان هناك صالحون، فالصلاح وحده لا يكفي حتى يرد العذاب.

    فالمطلوب: هو الإصلاح بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة.

    حقيقة يأجوج ومأجوج

    إن كثرة الفساد مع قلة الإصلاح وقلة الآمرين بالمعروف علامة على خروج يأجوج ومأجوج، فمن هم يأجوج ومأجوج؟

    هما أمتان من الناس تعيشان الآن وراء السد الذي بناه ذو القرنين، فإذا اقتربت الساعة خرجوا على الناس، فدورهم يأتي بعد خروج الدجال، ثم قتله على يد عيسى بن مريم عليه السلام، وهم أصحاب قوة لا تقاوم، وأعداد لا تحصر، فأذاهم شديد، وضررهم بالغ، ولا يد لأحد على مقاومتهم، فيفر الناس منهم إلى الجبال، أو يتحصنون في بيوتهم ويلوذون ويلجئون إلى الله بالدعاء والتضرع، ويصيب نبي الله عيسى عليه السلام ما يصيب الناس من الهول والعنت، فيؤمر بأن يخرج بعباد الله إلى الطور، ويتحصن بعباد الله في جبل الطور، وهناك -أي على جبل الطور- يرغب إلى الله بالدعاء عليهم، فيستجيب الله له، فيرسل عليهم من السماء عذاباً وداءً فيفشو في أعناقهم، فيموتون موتة رجل واحد، ثم يطهر الله الأرض من نتنهم.

    المواضع التي ورد فيها ذكر يأجوج ومأجوج

    لقد ورد ذكر يأجوج ومأجوج في القرآن في موضعين:

    الموضع الأول: في سورة الأنبياء في قوله تبارك وتعالى: حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ [الأنبياء:96]، قال الشوكاني في فتح القدير: هما أمتان من الإنس، يخرجون على الناس بعد فتح السد، فتراهم من كل حدب ينسلون، أي: من كل المرتفعات يسرعون ويتفرقون في فجاج الأرض.

    والموضع الثاني: في سورة الكهف عند قوله تبارك وتعالى في قصة ذي القرنين: حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا * قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا * قَالَ مَا مَكَّنِي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا * آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا * فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا * قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا * وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا [الكهف:93-99].

    قال السعدي رحمه الله : ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا * حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ [الكهف:92-93]، قال المفسرون: ذهب متوجهاً من المشرق قاصداً للشمال فوصل إلى ما بين السدين، وهما سدان كانا معروفين في ذلك الزمان، سدان من سلاسل الجبال المستطيلة يمنة ويسرة حتى تتصل بالبحر بين يأجوج ومأجوج وبين الناس، ووجد من دون السدين قوماً لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا [الكهف:93]؛ لعجمة ألسنتهم، واستعجام أذهانهم، وقلة فهمهم، وقد أعطى الله ذا القرنين من الأسباب العلمية ما فقه به قولهم، فاشتكوا إليه ضرر يأجوج ومأجوج، وهما أمتان عظيمتان من بني آدم، فقالوا: إنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ [الكهف:94] بالقتل والظلم وأخذ الأموال.. وغير ذلك، فهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا [الكهف:94] أي: نجعل لك عطاءً وجعلاً عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا حائلاً يحول بيننا وبينهم، ودل ذلك على عدم اقتدارهم بأنفسهم على بنيان ذلك السد، وعرفوا اقتدار ذي القرنين عليه، فأرادوا أن يبذلوا له أجرة ليفعل ذلك، وذكروا له السبب الداعي لذلك: وهو إفساد يأجوج ومأجوج في الأرض، فلم يكن ذو القرنين ذا طمع ولا رغبة في الدنيا، ولم يكن تاركاً لإصلاح أحوال الرعية بل قصده الإصلاح، فلذلك أجابهم لمطلبهم؛ لما فيه من المصلحة، ولم يأخذ منهم أجرة على ذلك، وشكر ربه على تمكينه واقتداره، فقال لهم: مَا مَكَّنِي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ أي: مما تبذلون لي وتعطونني، وإنما أطلب منكم أن تعينونني بقوة أيديكم أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا أي: سداً مانعاً من عبورهم إليكم، آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ أي: قطع الحديد، فأعطوه ذلك، حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ أي: الجبلين اللذين بينهما السد، قَالَ انفُخُوا أي: لإيقاد النار؛ لتشتد فتذيب النحاس، فلما ذاب النحاس الذي يريد أن يلصقه بين قطع الحديد قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا أي: نحاساً مذاباً بالنار، فأفرغ عليه القطر، فاستحكم السد استحكاماً هائلاً وامتنع به من وراءه من الناس من ضرر يأجوج ومأجوج: فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا [الكهف:97] أي: يأجوج ومأجوج، أي: فمالهم استطاعة ولا قدرة على الصعود عليه؛ لارتفاعه، ولا على نقبه، لإحكامه وقوته، فلما فعل ذو القرنين هذا الفعل الجميل، وهذا الأثر الجليل، أضاف النعمة إلى موليها ومعطيها، فقال: هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي ، أي: منّ فضله وإحسانه علي، وهذه حال الخلفاء والصالحين إذا من الله عليهم بالنعم الجليلة ازداد شكرهم وإقرارهم واعترافهم بنعمة الله تبارك وتعالى، كما قال سليمان عليه السلام لما حضر عنده عرش ملكة سبأ مع البعد العظيم، وجاءه في وقت قصير قال: (قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ [النمل:40].

    بخلاف أهل التجبر والتكبر والعلو في الأرض، فإن النعم الكبار تزيدهم أشراً وبطراً، كما قال قارون لما آتاه الله من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة قال: إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي [القصص:78] فحلت عليه العقوبة، قال الله : فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ [القصص:81]، فلم ينسب النعم للمتفضل، ولم ينسب النعم للذي أعطى ومنع وخفض ورفع، فحلت عليه العقوبة: فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ [القصص:81]، ثم قال تعالى: فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي أي: لخروج يأجوج ومأجوج جَعَلَهُ دَكَّاءَ أي: ذلك السد المحكم المتقن، دكه دكاً فانهدم واستوى هو والأرض سواء، وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا .

    ثم قال تعالى: وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ ، قال السعدي : يحتمل أن الضمير يعود إلى يأجوج ومأجوج، وأنهم إذا خرجوا على الناس من كثرتهم واستيعابهم للأرض كلها يموج بعضهم ببعض، كما قال تعالى: حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ [الأنبياء:96]، ويحتمل أن الضمير يعود إلى الخلائق يوم القيامة، وأنهم يجتمعون في ذلك اليوم فيكثرون ويموج بعضهم ببعض من الأهوال والزلازل العظام، وكلا المعنيين صحيح.

    وتأمل معي هذا المشهد العظيم، حين يجمع الله الأولين والآخرين، وتدنو الشمس من رءوس العباد مقدار ميل قال الراوي : والله ما أدري ما الميل هل هو ميل المسافة أم ميل المكحلة؟

    فاسمع بارك الله فيك حتى تعلم أن الأمر جد، وأن الأمر عظيم، فقد ثبت في الصحيحين : (إن الله تعالى ينادي يوم القيامة بآدم فيقول: يا آدم! فيقول: لبيك ربي وسعديك! فيقول: ابعث بعث النار، فيقول آدم: وما بعث النار؟ فيقول الله: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار، وواحد إلى الجنة، قال صلى الله عليه وسلم: فحينها يشيب الولدان، وحينها: تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ [الحج:2]، ثم قال صلى الله عليه وسلم : إن فيكم أمتين ما كانتا في شيء إلا كثرتاه: يأجوج ومأجوج، قالوا: وأينا ذاك الواحد؟! قال: أبشروا : فإن منكم رجلاً ومن يأجوج ومأجوج ألفاً) فما أعظم هذا الموقف.

    تذكر وقوفك يوم العرض عريانا

    مستوحشاً قلق الأحشاء حيرانا

    النار تزفر من غيظ ومن حنقٍ

    على العصاة ورب العرش غضبانا

    اقرأ كتابك يا عبدي على مهل

    فهل ترى فيه حرفاً غير ما كانا

    لما قرأت ولم تنكر قراءته

    إقرار من عرف الأشياء عرفانا

    نادى الجليل خذوه يا ملائكتي

    وامضوا بعبدي إلى النيران عطشانا

    المشركون غداً في النار تلتهبُ

    والمؤمنون بدار الخلد سكانا

    قال سبحانه: وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا * وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا * الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا * أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا * قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا * أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا * ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا [الكهف:99-106].

    1.   

    الحكمة من ذكر علامات الساعة

    عباد الله! المقصد والهدف حين نذكر هذه الأشراط وهذه العلامات: هو أن يستعد كل منا للقاء ربه قبل أن يصيح أحدنا بأعلى الصوت: رباه! ارجعون، فلا يستجاب له.

    واعلم! بارك الله فيك أن القيامة تطلق على ثلاثة معان:

    على القيامة الكبرى، وهي قيام الناس لرب العالمين.

    وعلى القيامة الوسطى، وهي موت أهل القرن الواحد، فقد جاء عن عائشة قالت: كانت الأعراب إذا قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم سألوه عن الساعة؟ فنظر إلى أحدث إنسان منهم -أي: أصغر واحد فيهم- فقال: (إن يعش هذا فلن يدركه الهرم حتى تقوم عليكم قيامتكم) أي: بموتكم تقوم قيامتكم.

    ثم القيامة الصغرى، وهي موت الإنسان، فمن مات فقد قامت قيامته.

    اللهم اغفر ذنبنا، واستر عيبنا، واختم بالصالحات أعمالنا، نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

    1.   

    أصل يأجوج ومأجوج

    الحمد لله على إحسانه، والشكر له سبحانه على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشانه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه وإخوانه.

    أما بعد:

    عباد الله! أوصيكم ونفسي بتقوى الله، فاتقوا الله عباد الله! وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ [البقرة:281].

    عباد الله! أما أصل يأجوج ومأجوج فهم من البشر من ذرية آدم وحواء، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن يأجوج ومأجوج من ولد آدم، وإنهم لو أرسلوا إلى الناس لأفسدوا عليهم معايشهم، ولن يموت منهم أحد إلا ترك من ذريته ألفاً فصاعداً) قال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين.

    وفي مسند الإمام أحمد عن سمرة بن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ولد نوح ثلاثة : سام أبو العرب، وحام أبو السودان، ويافث أبو الترك) ، قال بعض العلماء : هؤلاء من نسل يافث أبو الترك، وقال : إنما سمي هؤلاء تركاً لأنهم تركوا من وراء السد من هذه الجهة، وإلا فهم أقرباء أولئك، ولكن كان في أولئك بغي وفساد وجرأة.

    1.   

    موطن يأجوج ومأجوج

    أما موطنهم فقد قيل -نسب لـابن عباس - إن السدين هما جبلا أرمينية وأذربيجان، وذكر بعض أحبار اليهود أن يأجوج ومأجوج في منتهى الشمال حتى لا يستطيع أحد غيرهم السكن فيه، وقيل -وهو الأصح-: هما بموضع في الأرض لا نعلمه، فيوم ذكر الله رحلة ذي القرنين ذكر الرحلة الأولى: إلى مغرب الشمس، والرحلة الثانية: إلى مطلع الشمس، فبين الله الجهات التي توجه إليها، لكن لما انطلق في الرحلة الثالثة جعلها الله مبهمة فقال، (( حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ )) في أي جهة؟ الله أعلم، ولعل في ذلك إشارة إلى أن مكان السد سيظل مجهولاً إلى ما شاء الله.

    1.   

    كيفية خروج يأجوج ومأجوج

    أما عن خروجهم: فهل ينهار السد ويتفتت ويسوى بالأرض كما هو ظاهر الآية: (( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ ))، أم أنهم يقومون بمحاولات لفتحه فلا ينجحون حتى يأتي وعد الله؟

    عند أحمد عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن يأجوج ومأجوج ليحفرون السد كل يوم، حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم: ارجعوا فستحفرونه غداً، فيعودون إليه كأشد ما كان من الغد، حتى إذا بلغت مدتهم وأراد الله أن يبعثهم على الناس حفروا حتى كادوا يرون شعاع الشمس، فقال الذي عليهم: ارجعوا فستحفرونه غداً إن شاء الله فيحفرونه)، فعلى هذا فقوله تعالى: (( جَعَلَهُ دَكَّاءَ )) أي: أنه بمرور الوقت يفقد صلابته وتماسكه، فيستطيعون خرقه ويخرجون.

    1.   

    قصة خروج يأجوج ومأجوج

    لقد فتح من ردم يأجوج على زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولا زالوا يحفرون، فكلما زادت المنكرات والفواحش وقل الذي يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر حان وقت خروجهم.

    وبعد خروجهم ينطلقون انطلاق السهم من القوس، ويتساقطون من شعاب الجبال وقممها مسرعين، فهم من كل حدب ينسلون، فينقضون على فرائسهم وغنائمهم من الإنسان والحيوان والنبات والماء، ويراهم الناس فيرهبونهم ويفرون من أمامهم، ويتحصنون في الجبال والبيوت، ثم يتجهوا غرباً، يعني: يأجوج ومأجوج نحو بيت المقدس، وهناك نبي الله عيسى عليه السلام، وأصحابه فيتحصنون منهم بالطور، ولا يجرؤ أحد على مقاومتهم أو التصدي لهم، فيلجأ نبي الله وأصحابه إلى مناجاة الله ودعائه فيهلكهم.

    وعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال، وساق الحديث، وفيه: (ثم يأتي عيسى ابن مريم قوم عصمهم الله منه، فيمسح عن وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة، فبينما هو كذلك إذ أوحى الله إلى عيسى: أني قد أخرجت عباداً لي لا يدان لأحد بقتالهم، فاحرز -يعني: احفظ وحصن- عبادي إلى الطور، ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون، فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها، ويمر أواخرهم فيقولون: لقد كان في هذه مرة ماء، ويحصر نبي الله عيسى وأصحابه -أي: يحبسون- حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيراً من مائة دينار لأحدكم -أي: من شدة الحاجة والفاقة التي تصيبهم- فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله يدعونه ويتجهون إليه بالدعاء، فيرسل الله عليهم النغف - أي: على يأجوج ومأجوج، والنغف: هو دود يكون في أنوف الغنم والإبل- في رقابهم فيصبحون فرسىً -أي: هلكى- كموت نفس واحدة، ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله، فيرسل طيراً كأعناق البخت -يعني: أن أعناقها طويلة كأعناق الإبل- فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله، ثم يرسل الله مطراً لا يكن منه بيت مدر ولا وبر فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلقة -يعني: كالمرآة-، ثم يقال للأرض: أنبتي ثمرتك وردي بركتك، فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة، ويستظلون بقحفها، ويبارك الله في الرسل -أي: في اللبن - حتى إن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام -أي: الجماعات الكثيرة من الناس-، واللقحة من البقر لتكفي القبيلة من الناس، واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ من الناس، فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحاً طيبة فتأخذهم تحت آباطهم فتقبض روح كل مؤمن ومسلم، ويبقى شرار الناس يتهارجون كما تتهارج الحمير -أي: يجامع الرجل المرأة بحضرة الناس كالحمير والعياذ بالله- فعليهم تقوم الساعة) أي: على هؤلاء تقوم الساعة، قال تعالى: لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ [إبراهيم:51]، فيجازي الله المحسن على إحسانه، ويجازي المسيء على إساءته.

    اسمع معي وتدبر قوله: حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ * وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ * إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ * لَوْ كَانَ هَؤُلاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ * لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لا يَسْمَعُونَ * إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ * لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ * يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ * وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ * إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ * وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ * قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ * إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ * وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ * قَالَ رَبِّ احْكُمْ ?بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ [الأنبياء:96-112].

    1.   

    ماذا أعددنا لما بعد يأجوج ومأجوج

    إن السؤال الذي يجب أن نسأل أنفسنا عنه هو: ماذا أعددنا لقيام الساعة؟ أنوم عن الصلوات! وربا وفواحش ومنكرات! وتضييع للأعمار أمام الشاشات والقنوات! (سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم : متى الساعة؟ قال: ماذا أعددت لها؟ قال : أعددت لها حب الله ورسوله) فماذا أعددنا لها نحن؟

    فاتقوا الله عباد الله! قال تعالى: وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ [البقرة:281]، يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ * وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ * سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ * لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ * هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [إبراهيم:48-52].

    إلامَ تسهو وتني

    ومعظم العمر فني

    فيما يضر المقتني

    ولست بالمرتدع

    أما ترى الشيب وخط

    وخط في الرأس خطط

    ومن يلح وخط الشمط

    بفوده فقد نعي

    ويحك يا نفس احرصي

    على ارتياد المخلصِ

    وطاوعي وأخلصي

    واستمعي النصح وعي

    واعتبري بمن مضى

    من القرون وانقضى

    واخشي مفاجاة القضا

    وحاذري أن تخدعي

    واتبعي سبْل الهدى

    وادكري وقع الردى

    وأن مثواك غداً

    في قعر لحد بلقعِ

    اللهم استر في ذلك اليوم عوراتنا، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [الزمر:18].

    اللهم أرنا الحق الحق وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل الباطل وارزقنا اجتنابه، اللهم حبب إلينا الإيمان، وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا يا ربنا من الراشدين!

    اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين!

    اللهم انصر المجاهدين في سبيلك الذين يقاتلون من أجل إعلاء كلمة دينك، وانصر من نصرهم، واخذل من خذلهم، وصن أعراضهم، واحقن دماءهم، وفك أسرانا وأسراهم يا رب العالمين!

    اللهم عليك بالنصارى المعتدين، واليهود الغاصبين، والشيوعيين وأعداء الملة والدين، اللهم اشدد وطأتك عليهم يا قوي يا عزيز!

    اللهم اشدد وطأتك عليهم وعلى أعوانهم يا قوي يا عزيز! إنهم لا يعجزونك ولا يخفون عليك، يا عليم يا خبير!

    عباد الله! إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النحل:90]، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ [العنكبوت:45]!

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755995764