إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (717)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    حكم الحج والعمرة عن الميت

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.

    هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب.

    رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة الإخوة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: حياكم الله.

    ====السؤال: نعود مع مطلع هذه الحلقة إلى رسالة وصلت إلينا من أحد الإخوة المستمعين آثر فيها عدم ذكر اسمه، أخونا عرضنا جزءاً من أسئلته في حلقة مضت، وفي هذه الحلقة له جمع آخر من الأسئلة فيسأل سماحتكم شيخ عبد العزيز ويقول: هل صحيح أن ثواب العمرة أو الحجة تصل إلى الميت وترفع درجاته في الجنة جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فإن الحج عن الميت والعمرة عن الميت من أفضل القربات، وينتفع بها الميت المسلم كثيراً، فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك مرات كثيرة فقال للسائل: (حج عن أبيك)، وللسائلة: (حجي عن أبيك)، والآخر: (عن أمك)، وسأله آخر قال: إني لبيت عن شبرمة قال: (من شبرمة ؟ قال: أخ لي أو قريب لي. قال: حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة).

    فالناس أقسام منهم من قد حج الفريضة وأدى العمرة الفريضة هذا إذا حج عنه يكون نافلة، وإذا اعتمر عنه يكون نافلة، حج عنه أخوه أو أبوه أو قريب له أو أخ من إخوانه في الله كل ذلك طيب وهكذا العمرة، وإذا كان ما أدى الحج ولا أدى العمرة فإن الذي يحج عنه يكون قد أدى عنه الفريضة، وهكذا العمرة يكون قد أدى عنه عمرة الفريضة، وهو على كل حال مأجور والميت مأجور كلاهما مأجور، هذا عن عمله الطيب وإحسانه إلى أخيه مأجور والميت مأجور بذلك، وهكذا الصدقة وهكذا الدعاء إذا تصدق عن أخيه يؤجر هو والميت جميعاً، وهكذا إذا دعا لأخيه الميت يؤجر هو وينتفع الميت بالدعاء.

    المقدم: جزاكم الله خيراً، إذاً الأعمال الصالحة تنفع الميت وترفع درجاته في الجنة كما يقول؟

    الشيخ: الأعمال الصالحة التي شرع الله فعلها عن الميت، من حج أو عمرة أو قضاء دين أو دعاء أو صدقة عنه.

    المقدم: جزاكم الله خيراً، إذاً هناك أعمال لا يصح أن يعملها الإنسان؟

    الشيخ: عن الميت مثل الصلاة عنه أو القراءة عنه لم يرد في الشرع ما يدل على شرعيتها، أو الصيام عنه تطوع.

    المقدم: جزاكم الله خيراً، الواقع يا سماحة الشيخ أن الناس يخلطون بين هذا وذاك لعلها مناسبة أن تتفضلوا بتوجيه المسلمين في ذلك.

    الشيخ: الذي ثبت عندنا بالشرع أن الميت ينتفع بالحج عنه، وبالعمرة عنه، وبالصدقة عنه، وبالدعاء والاستغفار له، وبقضاء دينه، وهكذا إذا كان عليه صوم فريضة من رمضان أو كفارة أو نذر يصام عنه.

    أما كونه يصام عنه تطوع أو يصلى عنه أو يطاف عنه فليس عليه دليل فيما نعلم، وهكذا كونه يقرأ عنه القرآن ليس عليه دليل، وإن كان بعض العلماء يرى ذلك وأنه ينتفع بقراءة القرآن عنه لكن ليس عليه دليل، والقربات بابها التوقيف، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، ويقول صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد).

    ولا نعلم في الشريعة ما يدل على أنه يشرع للمؤمن أن يصلي عن فلان أو يصوم عن فلان تطوع، أو يقرأ عنه، أو يطوف عنه، أو يذكر الله عنه، إنما الثابت يكون الحج تام -يحج عنه حج تام- أو عمرة تامة، أو يتصدق عنه بالمال، أو يدعو له ويستغفر له أو يقضي دينه كل هذا ثابت.

    المقدم: بارك الله فيكم وأحسن إليكم.

    سماحة الشيخ أيضاً لعله من المهم أن تتفضلوا ببيان ما هو توقيفي وغير توقيفي حتى لا يخلط الناس بين هذين الأمرين.

    الشيخ: التوقيفي العبادات ما يتعلق بالقربات والطاعات، لا يشرع منها إلا ما جاء به الشرع، وأما من غير التوقيفي فهو ما يتعلق بأمور الدنيا والمعاملات فهذه لا بأس بها، يتعامل الناس فيما ينفعهم بشرط ألا يخالف الشرع.

    1.   

    حكم الصدقة عن الميت بزرع أو ثمر

    السؤال: سماحة الشيخ إذا زرع شخص زرعاً ونوى ثوابه للميت إذا أكل منه شخص أو بهيمة أو طير، فهل يصل ثواب ذلك إليه؟

    الجواب: هذا من الصدقة عنه، ينتفع به الميت، هذا من الصدقة، الزرع والنخل والثمار إذا تصدق بها عن الميت ونواها للميت ينتفع بها الميت.

    1.   

    التقاء الأرواح بعد الموت

    السؤال: هل تلتقي الأرواح بعد الموت حتى وإن بعدت المسافات بين الأجساد بوجود أحدهما في مدينة والآخر في مدينة أخرى، فقد علمنا -كما يقول صاحب السؤال- أن أصحاب المقبرة يستقبلون الميت الطيب، فهل يقتصر الاستقبال على المقبرة التي سوف يدفن فيها أم لا، وقد علم ذلك أيضاً، قد علم ذلك الاستقبال من الرؤى لعدة أشخاص جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: أما من ناحية الأدلة الشرعية فلا أعلم في الباب شيئاً من الآيات ولا من الأحاديث يدل على تلاقي الأرواح وأنها تتعارف وتتلاقى وتتساءل، أما المرائي فكثيرة، المرائي رؤيا المؤمنين المرائي كثيرة في تلاقي الأرواح واستبشارهم بروح المؤمن إذا كان المؤمن يستبشر بروح المؤمن والكفار كذلك يسوءهم ما يحصل لهم من أرواح أخرى تذهب إلى النار، هذه المرائي كثيرة، كذلك مرائي تدل على أن الميت قد يبين لأهله أشياء قد لم يذكرها لهم، قد يقول: إن علي دين لفلان ثم يسأل ويصدق، قد يقول: تجدون في المحل الفلاني كذا فيجدونه، بل قد يأتي بأشياء في المرائي يصدقها الواقع هذا واقع في المرائي.

    وقد حدثنا بهذا كثير من الثقات، بأنه رأى أباه، أو رأى أخاه، أو رأى فلان فقال له: أعطوا فلان عني كذا وكذا أعطوا فلان عني كذا وكذا لأنه يطلبني كذا وكذا، فيسألون الشخص فيقول: نعم، إني أطلبه كذا وكذا، هذا وقع في مرائي كثيرة وليس هذا ببعيد بل هو ممكن.

    1.   

    حكم اعتبار من توفي في حادث سيارة شهيداً

    السؤال: كان أحد إخوتي يقود السيارة بسرعة شديدة، وأخي الثاني جالس إلى جوار حائط المنزل، فقدر الله أن تندفع السيارة تجاهه، وقد أحدث ذلك إصابات بليغة توفي على إثرها في الحال دون أن ينطق بأي كلمة، وعندما قدم المعزون ذكر العديد منهم أنه يعتبر شهيد، وأخبروا بأن العلماء قد أجمعوا على ذلك لأن الوفاة في حادث سيارة يدخل في حكم الهدم، فهل صحيح أنه شهيد؟

    الجواب: نرجو ذلك، الأقرب والله أعلم أنه في حكم الشهيد، لأن ضرب السيارة له أو انقلابها به أو المصادمة كل هذه في حكم الهدم فهو إن شاء الله شهيد، إذا دفعته السيارة أو انقلبت به السيارة أو صدمته السيارة من أمام أو من خلف كله في حكم الهدم إن شاء الله، نعم، حكمه حكم الشهداء إن شاء الله، يعني من جهة الأجر، لكنه يغسل ويصلى عليه، لكن من جهة الأجر.

    أما الشهداء الذين لا يغسلون ولا يصلى عليهم هؤلاء شهداء المعركة، الشهداء في المعركة الذين يقتلون ويموتون في المعركة معركة الجهاد في سبيل الله هؤلاء لا يغسلون ولا يصلى عليهم بل يدفنون في ثيابهم ودمائهم، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في قتلى أحد، الذين ماتوا في وقعة أحد شهداء في المعركة لم يغسلهم ولم يصل عليهم عليه الصلاة والسلام، وأخبر أنهم أحياء عند ربهم يرزقون.

    أما الذي مات بهدم أو غرق أو بداء البطن أو الطاعون هؤلاء يقال لهم شهداء، وهكذا من في حكمهم مثل من يصدم بالسيارة أو تنقلب به السيارة أو نحو ذلك هؤلاء لهم حكم الشهداء من جهة الأجر، لكنهم يغسلون ويصلى عليهم.

    1.   

    حكم صلاة النساء على الميت صلاة الغائب

    السؤال: هل يجوز للنساء الصلاة على الميت صلاة الغائب؟ علماً بأن الميت قد مضى على وفاته شهر ونصف أو ما يشبه ذلك، مع العلم أيضاً أنهن لم يستطعن الحضور للصلاة عليه أبداً؟

    الجواب: صلاة الغائب فيها خلاف بين العلماء، والأقرب والأظهر من حيث الدليل أنه لا يصلى على الغائب إلا إذا كان من المعروفين بشيء ينفع المسلمين، كعالم كبير نفع المسلمين، كأمير نفع المسلمين مثلما صلى النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي لأنه نفع المسلمين أسلم ونفع المسلمين المهاجرين إليه فهذا يصلى عليه صلاة الغائب.

    وليس كل ميت يصلى عليه صلاة الغائب إنما من له شهرة في الإسلام وقدم في الإسلام ونفع للمسلمين من عالم وأمير وكبير نفع المسلمين لا مانع من أن يصلى عليه صلاة الغائب كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في النجاشي ، فإنه لما بلغه خبره أخبر المسلمين وصلوا عليه صلاة الغائب، ولم يكن يصلي على عامة الناس عليه الصلاة والسلام، فإذا كان الذي مات مشهوراً بالعلم والدعوة إلى الله، أو مشهوراً بنفع المسلمين بماله وجاهه ونفعه للمسلمين سلطان أو أمير أو شبهه ممن لهم قدم في الإسلام.

    فإذا صلى عليه المسلمون صلاة الغائب فلا مانع أن تصلي عليه النساء كذلك مثلما يصلي عليه الرجال.

    1.   

    حكم من أراد أن يحج عن غيره قبل أن يحج عن نفسه

    السؤال: من دولة قطر المستمع عبد الله إبراهيم عبد الله ، أخونا له أسئلة من بينها سؤال يقول: والدي توفي ولم يحج، وأنا لم أحج أيضاً، فهل لي أن أحج عنه، أم أبدأ بنفسي جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: تبدأ تحج عن نفسك أولاً ثم تحج عن أبيك، وأنت على خير وأنت مأجور جزاك الله خيراً، لكن تبدأ بنفسك.

    1.   

    حكم إرسال صدقة الفطر إلى خارج البلدة التي يقيم فيها المزكي

    السؤال: أنا من المقيمين في قطر ولست من أهلها، هل لي أن أبعث بصدقة الفطر إلى بلدي أم أدفعها حيث أنا مقيم جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: تدفع صدقة الفطر في المحل الذي أنت فيه، تخرج زكاة الفطر في محلك في قطر في الفقراء عندك، لا ترسلها إلى بلدك.

    1.   

    البدء بقضاء الديون قبل الحج

    السؤال: بعد هذا رسالة وصلت إلى البرنامج من أحد الإخوة المستمعين لم يذكر فيها اسمه إنما له جمع من الأسئلة، يسأل سماحتكم فيقول: ما رأي سماحتكم فيمن يريد أداء الحج -حج الفريضة- وعليه ديون، أيها أولى سداد هذه الديون أم أداء الحج والعمرة جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: يبدأ بالدين فيقضيه؛ لأن قضاء الدين متحتم يلزمه أن يقضي الدين والحج لا يلزمه إلا إذا استطاع بعد قضاء ديونه، فالواجب البداءة بقضاء الديون وتسديدها، فإذا فرغ من قضاء الدين يحج، المقصود لا يلزمه الحج ولا يشرع له الحج حتى يقضي دينه، يبدأ بأهل الدين، إلا إذا كانوا محصورين وسمحوا له فلا بأس، مثل محصورين معروفين وسمحوا له أن يحج ويؤجل دينهم فلا حرج في ذلك.

    المقدم: جزاكم الله خيراً، ما رأي سماحتكم فيمن اشترى منزلاً أو شقة بالتقسيط، هل ما تبقى عليه من باقي الثمن يعتبر ديناً؟

    الشيخ: نعم إذا اشترى شقة أو سيارة أو أرضاً بالتقسيط فما قدمه معلوم وما بقي في ذمته يسمى ديناً ويسمى غارماً إذ كان عاجزاً يعطى من الزكاة.

    1.   

    حكم أخذ الأجرة على تعليم القرآن والدعوة إلى الله

    السؤال: ما رأي سماحتكم فيمن يتقاضى أجراً عما يقوم به من الدعوة إلى الله وتحفيظ القرآن الكريم؟

    الجواب: لا حرج في ذلك، المعلم يعطى على تحفيظ القرآن وتعليم القرآن والدعوة إلى الله عز وجل لأن هذه الأمور تحتاج إلى أوقات وكلفة ومشقة، فإذا أعطي من بيت المال ومن أوقاف المسلمين أو من بعض المحسنين ما يعينه على التعليم والتحفيظ والدعوة إلى الله أو التدريس كله طيب لا حرج فيه والحمد لله.

    1.   

    حكم إعطاء المتسولين

    السؤال: احترت كثيراً فيمن يتسولون هل أعطيهم أم أمنعهم أفيدونا جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: السنة أن تعطي المتسول، إلا أن تعلم أنه كذاب وأنه غني لا تعطه بل انصحه وقل له: اتق الله هذا لا يجوز لك، أما إذا كنت تعرف أنه فقير أو تجهل حاله ولا تعرف حاله فالسنة أن تعطيه لقول الله عز وجل في وصف المؤمنين: وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ [الذاريات:19]، وفي الآية الأخرى: وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ [المعارج:24-25]، فالسنة أن تعطي السائل وتحسن إليه ما دمت لا تعرف عنه أنه كذاب وأنه غني تعطيه سواء كان مجهولاً أو معروفاً لديك بأنه فقير، السنة أن تعطيه وتحسن إليه.

    1.   

    حكم الكفارة على الأم إذا توفي طفلها دون تسببها في ذلك

    السؤال: إحدى الأخوات بعثت تسأل وتقول: كان لدي طفل في الشهر السادس، أصيب بعين، ثم مرض لمدة شهر ثم ازداد مرضه في الأسبوع الأخير، وكنت أسهر معه طوال الليل، وفي إحدى الليالي وضعته بجانبي وأنا مضطجعة على جانبي وغلبتني عيني، ثم استيقظت فزعة فأخذت طفلي فإذا هو في النفس الأخير، ثم أسلم الروح لبارئها، وعندما استيقظت كنت على جنبي الذي اضطجعت عليه ولم أنقلب ولم أتحرك منه، وبعد سنوات عدة قيل لي: إنه يجب عليك صيام شهرين متتابعين كفارة القتل الخطأ، فهل يجب علي صيام الشهرين، وإذا لم أستطع الصيام نظراً لكبر سني، هل يمكن أن أتصدق أو أن أفعل شيئاً آخر أفيدوني جزاكم الله خيراً، علماً بأني أبلغ من العمر الآن ستين عاماً؟

    الجواب: إذا كان الواقع هو ما ذكرت فليس عليك شيء والحمد لله لا صيام ولا غيره؛ لأنك لم تقتليه، هذا أجله هو مريض وجاءه أجله، أما إذا كنت تعلمين أنك غطيتيه نمت عليه يعني صار صدرك عليه حتى مات أو فعلت شيئاً يوجب موته فعليك عتق رقبة مؤمنة عتق عبد وإلا عبدة، فإن عجزت صومي شهرين متتابعين ستين يوماً، لكن مادام الواقع كما ذكرت فليس عليك شيء، لأنك -الحمد لله- لم تقتليه بل جاءه أجله، فأنت بحمد الله ليس عليك شيء.

    وأسأل الله أن يعظم أجرك فيه، ولا ينبغي أن توسوسي، أنت بحمد الله ليس عليك شيء مادام الواقع مثلما ذكرت.

    1.   

    توجيه أحاديث تحريم الذهب على النساء

    السؤال: تقول: قرأت في كتاب عن أسماء بنت يزيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أيما امرأة تقلدت قلادة من ذهب قلدت في عنقها مثلها من النار يوم القيامة، وأيما امرأة جعلت في أذنها خرصاً من ذهب جعل الله في أذنها مثله من النار يوم القيامة) رواه أبو داود و النسائي ، وعن أخت لـحذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يا معشر النساء! أما لكن في الفضة ما تحلين به، أما إنه ليس منكن امرأة تحلي ذهباً تظهره إلا عذبت به) رواه أبو داود و النسائي وإسناده ضعيف، فما قول سماحتكم في هذه الأحاديث؟ وما هو توجيهكم لنا جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: هذه الأحاديث التي فيها النهي عن لبس الذهب بعضها ضعيف وبعضها منسوخ.

    وقد أجمع المسلمون على حل الذهب للنساء وتحريمه على الرجال، فلا حرج في ذلك والحمد لله.

    كونها تلبس قلادة من الذهب أو أسورة من الذهب أو خاتم من الذهب كل هذا لا حرج فيه في حق النساء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (أحل الذهب والحرير لإناث أمتي وحرم على ذكورهم)، فالذهب والحرير مباحان للنساء ومحرمان على الذكور، وقد جاءت إليه امرأة قالت: يا رسول الله! جاءت امرأة وعليها مسكتان من ذهب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أتعطين زكاة هذا؟ قالت: لا. قال: أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟ فألقتهما وقالت: هما لله ولرسوله)، فلم ينكر عليها اللبس وإنما أمرها بالزكاة.

    فالمقصود أن الأسورة من الذهب، وهكذا القلائد، وهكذا الخواتم وهكذا الأقرطة كلها مباحة للنساء عند أهل العلم وهو إجماع منهم ليس في ذلك إلا خلاف شاذ لا يعول عليه.

    فلا ينبغي لأحد أن يشك في هذا الأمر، فالذهب والحرير حل للإناث حرام على الذكور وما جاء في بعض الأحاديث من تحريم الذهب على النساء فهو ضعيف أو منسوخ بالأحاديث الصحيحة الأدلة الواضحة الدالة على حله للنساء، وأن الله أباح الذهب والحرير للنساء دون الرجال، هذا هو المعتمد الذي عليه أهل العلم وهو الحق.

    1.   

    حكم قراءة الحائض للقرآن

    السؤال: إحدى الأخوات تسأل سماحتكم فتقول: هل يجوز استغلال فترة العذر الشرعي لمراجعة القرآن الكريم لمن تحفظه خوفاً من النسيان؟

    الجواب: الصواب أنه لا حرج في ذلك، أن تقرأ عن ظهر قلب حال الحيض والنفاس، لأنها ليست مثل الجنب، فالجنب في إمكانه أن يغتسل بسهولة إذا فرغ من حاجته اغتسل وقرأ وصلى، أما الحائض والنفساء فليس في إمكانهما ذلك لأن المدة تطول، فإذا قرأت عن ظهر قلب فلا بأس بذلك على الصحيح، وبعض أهل العلم ذهب إلى منعها من ذلك كالجنب.

    والصواب أنها لا تمنع من ذلك، لكن ليس من المصحف بل تقرأ عن ظهر قلب، وإذا دعت الحاجة إلى مراجعة المصحف من وراء حجاب من وراء القفازين ونحوها فلا حرج عند الحاجة وهذا هو الصواب.

    أما حديث (لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن) فهو حديث ضعيف، إنما الثابت في الجنب خاصة، (كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يحجزه شيء عن القرآن إلا الجنابة)، ويقول صلى الله عليه وسلم لما خرج بأصحابه ذات يوم قرأ وهو على غير طهارة قال: (هذا لمن لم يكن جنباً، أما الجنب فلا ولا آية)، المقصود أن الجنب لا يقرأ حتى يغتسل.

    أما الحائض والنفساء فمدتهما تطول، والصحيح من قولي العلماء أنه لا بأس أن تقرأ الحائض والجنب عن ظهر قلب لأن المدة تطول وفي ذلك مشقة وحرج وتفويت لمصالح كثيرة في حق الحائض والنفساء بدون دليل.

    والقياس لا يصلح، قياس الحائض على الجنب لا يصلح؛ لأن الجنب مدته لا تطول وفي إمكانه الغسل متى فرغ من حاجته، أما الحائض فليس في إمكانها الغسل إلا بعد انتهاء المدة، وهكذا النفساء ليس في إمكانها الغسل حتى ينقطع الدم وتطهر أو تبلغ الأربعين.

    1.   

    حكم صلاة أربع ركعات قبل العصر

    السؤال: ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم: (رحم الله امرأً صلى قبل العصر أربعا) هل تجب المداومة عليها للحصول على الرحمة أم لا؟!

    الجواب: هذا يدل على الاستحباب، وهو حديث جيد لا بأس به، حديث صحيح يدل على شرعية صلاة أربع قبل العصر تسليمتين هذا هو الأفضل من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج.

    1.   

    حكم قضاء الصلاة والصوم على من تركهما

    السؤال: ما قول سماحتكم فيمن بلغت في سن صغيرة ولم تتعرف على أحكام الدين وأمور الشرع المتعلقة بها بالقدر الذي وصلت إليه من المعرفة بها حالياً، فلم تصل، ولم تصم، ولم تتحجب عن الأجانب، ثم بعد أن عرفت أحكام الدين في هذا الأمر احتجبت وأصبحت تصلي وتصوم بعد أن كانت تصوم صيام الأطفال تفطر متى شاءت وتصوم متى طاقت ذلك، الآن هل يلزمها قضاء ما فاتها من الصيام والصلاة، وهل يلزمها إلى جانب قضاء الصيام صدقة، وإذا كان هناك صدقة فما مقدارها؟ علماً بأن الفترة التي أمضتها وهي جاهلة بأحكام الشرع ولا تلتزم بها سنتان ونصف جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: الصواب أنه لا يلزمها شيء ويكفي التوبة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأمر الذين أسلموا أن يقضوا ما فاتهم من صلاة وصيام، ولأن ترك الصلاة كفر فالتوبة تكفي في هذا، فإذا كانت لا تصلي ولا تصوم فالتوبة كافية وليس عليها قضاء.

    1.   

    حكم النوم بعد صلاة الفجر

    السؤال: إحدى الأخوات المستمعات رمزت إلى اسمها بالحروف (ف. أ) تسأل سماحتكم وتقول: ما هو الحكم في النوم بعد صلاة الفجر؟ وهل يقسى القلب؟ وهل يعتبر من المنكرات جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: ليس في النوم بعد الفجر حرج ولا نعلم فيه بأساً، وما اشتهر بين الناس أنه غير طيب وأنه كذا وأنه.. ليس عليه دليل معتمد، فالنوم بعد الفجر لا حرج فيه، وبعد العصر لا حرج فيه.

    لكن من جلس بعد الفجر في مصلاه يقرأ ويستغفر الله ويسبح ويهلل ونحو ذلك حتى ترتفع الشمس يكون هذا أفضل، كفعل النبي عليه الصلاة والسلام، ومن ترك فلا حرج عليه، من ترك فقام إلى حاجاته أو نام أو اشتغل بأشياء أخرى فلا بأس عليه.

    1.   

    حكم إغماض العينين في الصلاة

    السؤال: ما هو حكم تغميض العينين في الصلاة؟ إذ أني أغمض عيني لأني أخاف أن أنظر إلى هنا وهناك وأنشغل عن أمور الصلاة جزاكم الله خيراً.

    الجواب: التغميض في الصلاة مكروه وليس من السنة، السنة أن يفتح عينيه وينظر ولا حرج، لكن يطرحها في موضع سجوده يكون بصره إلى موضع سجوده حتى يخشع، هذا هو السنة، أما التغميض فلا يشرع بل هو مكروه، بل قال بعض أهل العلم: إنه من عمل اليهود.

    1.   

    أسباب الهداية

    السؤال: أرجو أن تدلونا على أسباب الهداية جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: الهداية لها أسباب منها:

    سؤال الله والضراعة إليه في طلب الهداية وطلب التوفيق وانشراح الصدر للحق، فالله يقول: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60]، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول عن الله جل وعلا أنه قال: (استهدوني أهدكم).

    فالإنسان يسأل ربه أن الله يهديه ويشرح صدره للحق، ويعينه على طاعته وطاعة رسوله عليه الصلاة والسلام، هذا من أعظم الأسباب، الضراعة إلى الله وسؤاله جل وعلا الهداية والإلحاح في ذلك ولاسيما في أوقات الإجابة مثل آخر الليل جوف الليل، بين الأذان والإقامة، في آخر الصلاة، في السجود، في يوم الجمعة إذا جلس الإمام على المنبر إلى أن تقام الصلاة، في آخر يوم الجمعة بعد العصر إلى غروب الشمس، كل هذه أوقات ترجى فيها الإجابة، فينبغي للمؤمن أن يلح في طلب الهداية، في طلب التوفيق، في طلب صلاحه وصلاح ذريته، في سؤال الله لولاة أمر المسلمين أن يهديهم ويوفقهم ويصلح حالهم وأن يعينهم على كل خير، هذه أوقات مناسبة.

    ومن أسباب الهداية الإكثار من قراءة القرآن وتدبر معانيه، فإن الله جعله سبب الهداية، قال تعالى: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء:9]، قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ [فصلت:44]، فالإكثار من قراءة القرآن بالتدبر والتعقل والإقبال بالقلب عليه من أسباب الهداية.

    ومن أسباب الهداية العناية بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وسيرته، كونه يقرأ سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرة أصحابه، ويقرأ الأحاديث الواردة في ذلك هذا من أسباب الهداية.

    ومن أسباب الهداية أيضاً مجالسة الصالحين والأخيار، كونه يتخذهم أصحاب وجلساء يجلس معهم.

    ومن أسباب الهداية حضور حلقات العلم من أهل العلم، المشايخ المعروفين بالخير يجلس عندهم ويسمع حلقات العلم ويستفيد كل هذا من أسباب الهداية.

    المقدم: جزاكم الله خيراً وأحسن إليكم.

    سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء: أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة الإخوة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.

    الشيخ: نرجو ذلك.

    المقدم: مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    شكراً لسماحة الشيخ، وأنتم يا مستمعي الكرام! شكراً لحسن متابعتكم، وإلى الملتقى.

    وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718711

    عدد مرات الحفظ

    765119499