يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة.
أما بعد:
فقد ذكرنا في الدرس الماضي حديث: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن) إلى آخر الحديث، وقلنا: إن أهل العلم اختلفوا في معنى قوله عليه الصلاة والسلام: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن)، وهل يسلب عنه الإيمان بالكلية أم يسلب منه كمال الإيمان وتمامه؟ وذكرنا تسعة آراء وتأويلات لأهل العلم، وأرجحها: أن المنفي في هذه النصوص هو كمال الإيمان وتمامه؛ لأنه لو كان المعنى أن الإيمان يرتفع عن الزاني حين يزني ويزول عنه لدخل في الكفر، ثم لابد أن نقول بأن مرتكب الكبيرة كافر، والقائلون بذلك هم الخوارج، وأما المعتزلة فقالوا: ليس كافراً ولا مؤمناً، وإنما هو في منزلة بين المنزلتين، وهذا حكمه في الدنيا، وأما في الآخرة فإنهم جعلوه من المخلدين في النار، وهذا الكلام في غاية السقوط والتهافت.
وذكرنا في الدرس الماضي كلام غير واحد من أهل العلم بأن الإسلام دائرة عامة كبيرة، وأن الإيمان دائرة في وسطها أخص. وقلنا: إن المرء حتى يدخل هذه الدائرة العظيمة وهي دائرة الإسلام لا بد أن يكون معه أصل الإيمان. وقلنا: إن الإيمان درجات، فمنه أصل الإيمان الذي يعبر عنه أهل العلم بمطلق الإيمان.
والنصوص التي تنفي الإيمان عن فاعل الكبائر أو المعاصي إنما تنفي عنه كمال الإيمان أو الإيمان المطلق، وأما مطلق الإيمان الذي هو الأصل والجزء الذي لا يتم إسلام المرء إلا به فلم تتعرض له النصوص التي ذكرناها، وأما النصوص الأخرى التي تحكم على الشخص بالردة مثلاً أو الكفر أو الجحود أو غير ذلك فإنها تخلع عن المرء الإيمان والإسلام بالكلية، وأما النصوص التي ذكرناها في الدرس الماضي فهي تخرج الفاعل لهذه المعصية من دائرة الإيمان الخاصة إلى دائرة الإسلام العامة، وهذا لا ينفي أن يكون معه أصل الإيمان الذي لا يصح إسلامه إلا به.
الباب الثاني -وهو أول الجزء السادس من هذا الكتاب-
يقول الشيخ ابن بطة رحمه الله تعالى: باب ذكر الذنوب التي تصير بصاحبها إلى كفر غير خارج به عن الملة.
وذكر فيه الذنوب والمعاصي التي إذا ارتكبها المرء فإنه يكفر بها، وهي من باب الكفر العملي لا الاعتقادي.
فقول النبي عليه الصلاة والسلام: (من حلف بغير الله فقد أشرك)، وفي رواية: (من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك)، (أو) ليست للشك من الراوي، بدليل أن رواية أخرى قالت: (من حلف بغير الله فقد كفر وأشرك)، فهل هذا الكفر كفر أكبر اعتقادي وليس كفراً عملياً أصغر؟ والفارق بين الكفرين أن الكفر الاعتقادي يخرج المرء من الملة، فالكفر الأكبر هو الكفر الاعتقادي أو الكفر العملي الذي يأتي به المرء عملاً أو يقول قولاً يستلزم خروجه من الملة.
والإيمان قول وعمل، والكفر كذلك قول وعمل فضلاً عن الاعتقاد؛ لأنه لا خلاف في أن من اعتقد أن لهذا الكون إلهين فقد كفر وخرج من الملة؛ لأنه جعل نداً وشريكاً لله عز وجل في ملكه وخلقه، فمن اعتقد ذلك خرج من الملة عند جميع أهل الأرض.
فقوله عليه الصلاة والسلام: (من حلف بغير الله فقد كفر وأشرك) من الكفر الأصغر الذي لا يخرج به من الملة، والدليل على ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: (من حلف بغير الله فليقل كفارة ذلك: لا إله إلا الله).
وأيضاً ما جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول: (واللات والعزى، فقال: لا تقل: واللات والعزى، من كان منكم حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت). ولو كان الحلف على هذا النحو كفراً مخرجاً من الملة لأقام عليه النبي عليه الصلاة والسلام حد الردة أو استتابه، فإن تاب وإلا قتله. ولما لم ينقل إلينا هذا ولا ذاك علمنا أن هذا مثال الكفر العملي أو الأصغر.
وقد اختلف العلماء في صحة عمل المرائي إذا بدأه بالرياء أو ختمه به، كأن تكون عادته أنه لا يصلي الليل، فإذا زاره إنسان أو صديق أو عزيز عليه نهض لقيام الليل وقراءة القرآن، وأطال ذلك وحسنه حتى يقول الزائر: إن هذا الإنسان من قوام الليل، مع أن الباعث له على العمل الرياء، أو أنه يصلي قيام الليل وهذا من عادته، ولكنه يصلي على نحو معين وكيفية معينة غير هذه الكيفية، فإذا زاره أحد غير الكيفية إلى الأحسن؛ رجاء المدح والثناء، ولكن هذا كان في أثناء الصلاة أو في آخرها، فمن اعتبر أن الأعمال بالخواتيم أبطل هذه الصلاة، ومن اعتبر أن الأعمال بمقاصدها الأولى قال: لا تبطل العبادة إلا إذا دخل فيها لغير الله ابتداء، والمسألة محل بحث طويل، وقد تعرض لها الحافظ ابن رجب في شرح حديث: (إنما الأعمال بالنيات)، في كتاب جامع العلوم والحكم، فمن شاء فليرجع إليه؛ ليقف على كثير من النصوص التي تحذر من الرياء في القول والعمل.
قال: [قال عليه الصلاة والسلام: (الشرك أخفى فيكم من دبيب النمل أو دبيب الذر)]. والذر: هو النمل، [( قال
قال: [(وقال يا صديق! الشرك أخفى من دبيب النمل أو دبيب الذر، ولكني سأدلك على ما يذهب صغار الشرك وكباره -أو قال: صغير الشرك وكبيره- تقول عند الصبح: اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم)]، أي: أن يستعيذ بالله مما وقع منه من شرك وهو يعلم، ومما وقع منه من شرك وهو لا يعلم.
ومن هذه العلامات هي:
العلامة الأولى: أن يأتي فيه التهديد والوعيد الشديد بالنار أو العذاب أو السخط أو اللعن أو غير ذلك.
العلامة الثانية: أن يقام عليه الحد في الدنيا؛ لأنه لا حد إلا في كبائر الذنوب.
فاللعن دليل على أن هذا العمل من الكبائر، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: (لعن الله من غير منار الأرض). فلو أن الحكومة وضعت على مفترق طرق علامة مكتوباً عليها: المنصورة على بعد (50) كيلو نحو اليمين، فجاء شخص وغير هذه العلامة إلى مفرق طريق المنفية، وقال: المنصورة على بعد (50) كيلو من هنا، فإذا بالمار يجد نفسه في المنفية، فهذا بلاء عظيم جداً على من يقصد المنصورة أن يذهب المنفية، فمن فعل هذا فقد دخل في لعنة الله تعالى ولعنة رسوله والملائكة والمؤمنين، (لعن الله من غير منار الأرض)، وفي رواية: (من غير منار الأرض فليس منا).
وقال عليه الصلاة والسلام: (ليس منا من خبب امرأة على زوجها)، يعني: أفسدها على زوجها، إلى غير ذلك من هذه الأحاديث أو النصوص التي حملت وعيداً شديداً فيما يتعلق ببعض الذنوب.
وهذا الذي غير العلامة من مفرق المنصورة إلى مفرق المنفية لا يكفر بذلك، ولا يقول هذا إلا من كان من الخوارج. فهذه النصوص خرجت مخرج التهديد والوعيد الشديد لمن فعل ذلك في الحياة، فهو ذنب عظيم جداً يلزمه أن يتوب منه.
وقال تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ [محمد:22]، فأخبر سبحانه وتعالى في هذا الكلام أن قطيعة الرحم متعلقة بالفساد في الأرض أو هي من الفساد في الأرض، وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد من الله عز وجل.
فالكبيرة لا تستلزم أن يكفر صاحبها كفراً أكبر، بل هذا مذهب الخوارج، كما أنه لا يلزم منها إقامة الحد.
وقوله عليه الصلاة والسلام: (كفر بالله عز وجل ادعاء نسب لا يعرف) هذا من الكفر العملي الذي لا يخرج به صاحبه من الملة، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك لبيان عظم وهول هذا الأمر.
أنا لم أرزق بأولاد، فذهبت امرأتي إلى الملجأ الفلاني وأتت بولد، أو ذهبت إلى الملجأ فوجدت ولداً على باب الملجأ في خرقته، وكان جميلاً، فعز عليها أن تتركه فأتت به، وأنا قد سميته باسمه ونسبته لنفسي، فهل هذا العمل حلال؟
والجواب: هذا العمل حرام، وفيه من المحاذير الشيء الكثير، المحذور الأول: أنه نسبة إلى غير الأب الشرعي، وهذا باطل، فقد أبطل الإسلام التبني، وقد كان زيد يدعى زيد بن محمد ثم صار يدعى زيد بن حارثة ، قال الله تعالى: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ [الأحزاب:5]، يعني: انسبوهم لآبائهم؛ لأن هذا هو العدل الذي فرضه الله عز وجل.
المحذور الثاني: أن هذا الولد سيتعامل مع هذا الرجل على اعتبار أنه أبوه باستمرار، وبالتالي ستكون امرأة هذا الرجل هي أمه باستمرار، فيتعامل معها ويدخل عليها بعد أن يبلغ السن التي يكلف فيها بغض النظر إلى النساء، وهو سيتعامل مع هذه المرأة الأجنبية عنه باعتبار أنها أمه، وربما قبلها أو حضنها أو نام بجوارها أو سافر معها أو غير ذلك.
المحذور الثالث: ربما يرزق الأب بأولاد آخرين، فيدعون أخوة أو أخوات لهذا الأجنبي، وليس الأمر كذلك، وإنما هذا الولد حلال له أن يتزوج بهذه البنت التي رزق بها هذا الأب الدعي، ولكن الوضع القائم يحرم عليه أن يتزوج منها؛ لأنها أخته في الأوراق الرسمية وغير ذلك.
المحذور الرابع: إذا مات الأب الدعي النسيب أو ماتت الأم فإن هذا الولد المتبنى هو الذي يرثهما، وحينئذ يأخذ هذا الولد مالاً ليس له، ويأخذه بغير حق، وكذلك إذا مات هذا الولد وكان له مال ورثه أمه وأبوه المزعومان، فيأخذان مالاً ليس لهما. وهذه كلها مخالفات وظلمات بعضها فوق بعض، وهذه المخالفات هي الإعراض عن شرع الله عز وجل أو الوقوع فيما نهى الله عز وجل عنه، وهذا من الكفر العملي الذي لا يخرج من الملة، ولكنه كبيرة من الكبائر.
قال: (وكفر بالله تعالى تبرؤ من نسب وإن دق)، أي: وإن كان صغيراً أو حقيراً يراه الإنسان.
وإذا قال الأب لابنه: أنت لست ابني وأنا لا أعرفك، وقال هذا الكلام زجراً للولد أو تهديداً له، أو طرده من البيت أو غير ذلك فلا بأس به، ولا يترتب عليه أحكام، وأما لو أنكر في مجلس القضاء أنه ولده أو نفاه عن نفسه تماماً؛ فلا شك أن هذا نفي لنسب صحيح، فلا يحل له أن ينفيه عن نفسه، كما أنه قذف لأم الولد. وهذه المسألة خطيرة جداً.
[(فإنه من رغب عن أبيه فإنه كفر به). والحديث رواه الشيخان، يعني: كفر بذلك، وهذا كفر عملي، والكفر العملي إن استحله المرء بعد قيام الحجة عليه وبلوغ العلم إليه خرج عن ملة الإسلام.
والمهاجرون إلى أوروبا وأمريكا في أيامنا هذه يسعدهم ويشرفهم جداً أن يتخلصوا من نسبهم تماماً، فبعد أن كان اسمه محمد بن أحمد بن إبراهيم بن زيد يصبح اسمه هناك كذا ابن كذا، ويتسمى باسم إنجليزي أو أمريكي يشتهر في البلاد التي نزل فيها، وهذا يكون عند أخذ ما يسمى عندهم الكرت الأخضر أو التأشيرة النهائية أو الرخصة أو الجنسية، فيحلو له أن يغير اسمه تماماً، ثم إذا نزل في مطار القاهرة وسئل عن اسمه قال: اسمي ماركو بن شارون. وهذا دمه خفيف، ويعرف في أي مكان.
فالتسمي بغير الأسماء الحقيقية في النسب هي رغبة عن النسبة للآباء الشرعيين، وفاعل هذا يستتاب، فإن تاب وإلا قتل؛ لأنه قد قامت عليه الحجة، فيكون كفراً أكبر.
قال الحافظ في شرح هذا الحديث: المراد من استحل ذلك، يعني: المراد أنه كافر كفراً مخرجاً من الملة إذا استحل ذلك مع علمه بالتحريم، أي: أنه إذا استحل ذلك مع قيام الحجة عليه وأصر عليه فإنه يكفر به ويقتل. قال: أو المراد كفر النعمة، وظاهر اللفظ غير مراد، وإنما ورد على سبيل التغليظ والزجر لفاعل ذلك، أو المراد بإطلاق الكفر أن فاعله فعل فعلاً هو شبيه بأفعال الكفار فنسب إليهم ولم يكن منهم.
وقال النووي في شرح هذا الحديث: له تأويلان: أحدهما: أنه في حق المستحل، يعني: يكفر به ويخرج من دائرة الإسلام، والثاني: أنه كفر النعمة والإحسان وحق الله تعالى وحق أبيه، وليس المراد الكفر الذي يخرج به من الملة. وإذا كان مستحلاً مع قيام الحجة عليه وبلوغ العلم إليه كفر كفراً أكبر.
وإذا كان هذا النص على ظاهره ليس مراداً فيحمل على أنه كفر النعمة والإحسان، ويعني: الكفر بحق الله تعالى وحق الأب.
وأما قوله: (وقتاله كفر) أي: إذا كان مستحلاً لذلك. وقتل المؤمن ليس كفراً، ولا يكفر القاتل، وقال ابن عباس : لا توبة لقاتل المؤمن، وهذا القول انفرد به ابن عباس ولم يوافقه عليه أحد من الصحابة، وقيل: إن ابن عباس رجع عنه. والدليل على أن قاتل المؤمن ليس كافراً قول الله تعالى: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ [البقرة:178]. فسماه أخاً. وقال الله تعالى: وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا [الحجرات:9]، أي: بغت إحدى هاتين الطائفتين المؤمنتين على أختها، فسمى هذه مؤمنة وهذه مؤمنة مع أن بينهما قتالاً أو مقتلة، وهذا أمر لا ينجو فيه من قتل بعض الأفراد من الطائفتين أو قتل الطائفتين جميعاً، ومع هذا سماهم الله تعالى مؤمنين، وهذا يدل على أن قاتل المؤمن لا ينفى عنه الإيمان بالكلية، وإنما ينفى عنه كمال الإيمان وتمامه، ويبقى له أصل الإيمان.
ولو أن أحداً ذهب إلى مؤمن ليقتله فقيل له: قتلك لهذا المؤمن ذنب عظيم جداً، فقال: ليس بذنب أصلاً، فقيل له: هل فعل ما يستوجب القتل؟ قال: لا، ولكني سوف أقتله، فقيل له: لقد حرم الله تعالى القتل بدليل قوله سبحانه كذا وقول رسوله كذا وإجماع أهل العلم وغير ذلك، فقال: ومع هذا فأنا سأقتله وذهب فقتله؛ فهذا مستحل، وقد قامت عليه الحجة بحرمة هذا الدم ولكنه لم يعبأ بهذه النصوص، فقتل من غير تأويل سائغ ولا اجتهاد مقبول، بل رأى أن قتل هذا الرجل ليس حراماً وإنما هو حلال.
قال: [وقال ابن مسعود : سباب المؤمن فسوق وأخذ برأسه كفر]. وقوله: (أخذ برأسه) يعني: قطع رقبته.
وأهل العلم يقولون: حد الساحر ضربة بالسيف، وجماهير أهل العلم على أن الساحر لا يكفر، والبعض على أنه يكفر؛ لأنه لا يتعلم السحر إلا إذا كفر بالله عز وجل حتى يكون له من الأقران والجن والشياطين من يطيعونه في أمره ونهيه.
والذهاب إلى الساحر أو العراف أو الدجال أو من يضرب الودع أو في الرمل وغير ذلك في حد ذاته كفر، وأما الذاهب إليه فإنه يكفر كفراً عملياً، فإن اعتقد أن هذا الساحر يعلم الغيب فقد كفر كفراً أكبر؛ لأنه لا يعلم الغيب إلا الله عز وجل.
قال: [وعن صفية رضي الله عنها عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أتى عرافاً فصدقه بما يقول لم تقبل له صلاة أربعين يوماً)].
والعرب تقول: ليست النائحة الثكلى كالنائحة المستأجرة، وكان العرب إذا مات لهم ميت يستأجرون نساء يلطمن وجوههن ويشققن جيوبهن، ويقفن على الباب ينحن؛ حتى يعرف الذي في الخارج أن هذا البيت فيه ميت، وكانوا يعتبرون أن النياحة على الأبواب هي النعي، ولذلك جاء في صحيح مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النعي، أي: نعي الجاهلية. وقال هنا: (ثلاث هن من الكفر بالله)، أي: الكفر العملي، فواحدة تقول: يا جملي! يا سبعي! يا الذي كنت مالي في البيت! وهكذا، وهذا نوع من أنواع النياحة. والقائلة بهذا لا شك أنها واقعة في كبائر الذنوب، لكنها لا تكفر بذلك.
وكذلك الشاقة لجيبها أو الشاق لجيبه يعني: الذي يدخل يده في الثوب أو تدخل يدها في الثوب وتشقه كله، وهذا عمل من أعمال الجاهلية، والمرء لا يكفر بهذا كفراً يخرجه عن الملة.
وكذلك الطعن في النسب، مثل من يقول: فلان ليس ابن فلان، وإنما فلان هذا زنى بأمه وقد أخبرني بذلك، وحتى لو كان الأمر كذلك فلا يحل التكلم بهذا، وإقرار الزاني عندك لا قيمة له؛ لأن العبرة بإقرار المذنب أمام القاضي أو الحاكم والسلطان، وأما أمامك فلا عبرة به، بل لو تكلمت به لكنت قاذفاً، ووجب إقامة حد القذف في ظهرك.
والشهادة بالزنا لا يقبل فيها إلا أربعة شهود، ويشهدون أنهم قد رأوا الإيلاج حقيقة، يعني: رأوا الذكر في فرج المرأة، وإلا لم يحل لهم أن يتكلموا بكلمة واحدة، وإذا تكلم ثلاثة وجب على الحاكم أن يقيم عليهم الحد. وقد رمي رجل في زمن عمر بن الخطاب باللواط بطفل، فشهد الأول عند عمر أنه رأى، وشهد الثاني أنه رأى، وشهد الثالث أنه رأى، فجاء الرابع فقال عمر : اتق الله عز وجل في أخيك هل رأيت؟ قال: يا أمير المؤمنين! رأيت شراً، قال: وماذا رأيت؟ قال: رأيت أن فلاناً وفلاناً قد التحفا بلحاف واحد يرتفع وينخفض، فقال عمر: الله أكبر، ثم أقام حد القذف على الثلاثة. والحدود تدرأ بالشبهات، وليس لازماً من كون الرجل مع المرأة في لحاف واحد، أو رجل مع رجل، أو امرأة مع امرأة؛ أنه قد تم بذلك الزنا أو اللواط أو السحاق.
ولما كانت هذه من الأمور العظائم في الأمة وضع لها الشرع ضوابط دقيقة وسديدة، حتى لا تتهم الأعراض أو الأشخاص الذين هم في أصل أمرهم برآء من هذه الذنوب، وهذه الدساتير الواقية من انتشار الفواحش في المجتمع المسلم كفيلة بنقاء وصفاء هذا المجتمع، وأما نشر الأخبار هكذا بأن فلاناً زنا بأمه، وفلاناً يعمل كذا، والرجل مع بنته، والبنت مع أبيها، وغير ذلك على صفحات الجرائد، بل وتخصيص مجلات لنشر هذه الأخبار؛ فهذا باب عظيم من أبواب إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا.
ولذلك تجد الإنسان لا يعرف شيئاً عن هذه الحوادث، لكنه إذا قرأ جريدة الحوادث حصل عنده حب واستطلاع لممارسة هذه الحوادث بنفسه، وأنا أنكر على مثل هذه المواقف، ولا أريد الاستفاضة في هذا الباب؛ حتى لا أقع فيما أحذر منه.
قال: [وعن ابن عمر قال النبي عليه الصلاة والسلام: (من كفر أخاه فقد باء بها أحدهما)].
قال: [وعن عبد الله بن مسعود قال: إذا قال الرجل للرجل: أنت عدوي فقد كفر أو فقد كفر أحدهما بالإسلام]، يعني: إما أن يكون المقول له هذا القول أولى بذلك أو أنها ترجع إلى القائل.
وهناك من يجلس على كرسي في أي منصب ويقول: أنا أعرف أن هذا الكرسي كله ظلم وأني ظالم، وأن عملي الذي أعمله غلط مخالف للشرع، وسيحاسبني الله عز وجل عليه يوم القيامة، فإذا قلت له: فلماذا تجلس عليه قال: أنا أحب الكرسي، ولو وقفوني عن العمل فيمكن أن أموت، ولتعلق قلبي بالكرسي أنا جالس عليه، والمهم أن لا أتركه.
فأنت تقول له: هذا ظلم، وهو يقول لك: أنا أعلم منك، فأنا أعمل كذا من البلاء، فهذا لا يكفر ولا يخرج من الملة، بل هذا كفر عملي.
وهناك من غير كون الشريعة الإسلامية المصدر الوحيد أو المصدر الأول من مصادر التشريع، وقال: هذا كلام ليس له أساس، بل القانون الفرنسي هو المصدر الأوحد للقضاء في مصر، يعني: زحزح الشريعة جانباً وأحل محلها تشريعاً يتصف بالتبديل والتغيير المطلق، وقال: هذا هو دين ربنا، وخمسة وتسعون في المائة منه يتطابق تمام المطابقة مع الشرع، والذي يقول هذا القول هو شيخ من أهل العلم، ويقول هذا، وإذا كان هذا كلامه هو فسيقول الآخرون: مائتين في المائة، مع أننا نرى الفرق بين أحكام الشريعة وهذه القوانين في قضايا الزنا والسرقة وشرب الخمر والعري والبلايا وغيرها، فهذه القوانين لا توافق شرع الله ولا حتى في خمسة في المائة أبداً، وما وافق من هذه القوانين شرع الله فلا نأخذ به، وإنما نأخذ بشرعنا. والتغيير العام لحكم الله عز وجل وشرعه كفر أكبر، وأما التغيير في بعض المسائل بناء على الشهوة أو حب المال أو المنصب أو مخافة عدو أو غير ذلك لا يكفر به الفاعل.
ولكن الفاعل يكفر إذا غير وجه الأرض في مكان يستطيع هو بكلمة واحدة أن يطبق شرع الله فيه، ولكنه عدل عن ذلك إلى شريعة بني صهيون، ولذلك قال مسروق : قلنا لـعبد الله : ما كنا نرى السحت إلا الرشوة في الحكم، قال عبد الله : ذاك الكفر، أي: الكفر العملي.
ليس كل من وقع في الكفر يكون كافراً، كما أنه ليس كل من وقع في البدعة يكون مبتدعاً، وذلك مثل شخص رأى أناساً يعملون عملاً معيناً، فدخل معهم في هذا الشيء ظناً منه أن هذه طاعة لله عز وجل، ثم بعد ردح من الزمن وسنوات طويلة اكتشف أن هذه بدعة فانتهى عنها، فهذا ليس مبتدعاً عندما كان يفعل البدعة، ولكنه لا يكون بذلك متبعاً لظنه أن هذه طاعة، وهو لم يأتها ظناً منه أنها بدعة، ولم يخبر بأنها بدعة، فلما أخبر بأنها بدعة انتهى عنها.
وأما هؤلاء المبتدعة فإنهم وإن ظنوا أنهم على صواب وحق إلا أنهم نوقشوا مراراً أنهم على الباطل، وأن ما هم عليه هو باب من أبواب البدع، ومع هذا لم ينتهوا، بل كان منهم الصدود عن قبول النصيحة، (الدين النصيحة)، كما قال عليه الصلاة والسلام. فليس كل من وقع في الكفر يكون كافراً، كما أنه ليس كل من وقع في البدعة يكون مبتدعاً.
وهناك من يسأل: بأن هناك شخصاً مبتدعاً، فهل تجوز الصلاة خلفه؟ فهو يحكم عليه أنه مبتدع مع أنه لم يجالسه ويبين له أن ما هو عليه أمر مبتدع وليس من دين الله، وأن دين الله في هذه المسألة كيت وكيت، وكان الأولى أن يشغل نفسه بذلك بدلاً من أن يشغل نفسه بفلان كافر وفلان مؤمن وفلان فاسق، فالأولى به أن يشغل نفسه بنفي الكفر عن الناس وإحلال الإيمان محله، وهذا واجب، خاصة والسؤال يدل على أن صاحبه من طلاب العلم.
وقد سألتني امرأة في هذا اليوم بعد صلاة العصر وقالت: زوجي يأتيني في دبري وأنا لم أوافقه إلى لحظتي هذه، فسألتها هل يريد أن يأتيها من دبرها في قبلها أو من دبرها في دبرها؟ فقالت: يأتيني من دبري في دبري، قلت: هذا حرام، قالت: يهددني بالطلاق، قلت: حتى وإن وقع الطلاق، فينبغي أن تتوكلي على الله عز وجل وألا تمكنيه من ذلك وإن وقع الطلاق، فإنك باختيارك طاعة الله عز وجل لا بد أن يبدلك الله خيراً منه، وهذا اعتقاد، وإذا لم تكوني على يقين من هذا فانتظري عقوبة أخرى، يعني: إذا لم يتعقد المرء أنه إذا ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه فلينتظر عقوبة أخرى، وهي عقوبة ترك التوكل على الله عز وجل، فعلى المرء أن يفعل ما أمره الله به وينتهي عما نهاه عنه، ثم يحسن الظن بربه. وهذا هو منتهى الرجاء الذي كان عليه السلف رضي الله عنهم. وهناك من تقول: أنا مضطرة لأن أبقى متبرجة؛ حتى يراني الشباب ويتقدموا لي، وبعدها سوف أتغير، وهي لا تعرف أنها ما دامت متبرجة فلن يتقدم لها إلا من كان على شاكلتها، ثم ربما إذا صارحته بنيتها هذه بعد العقد أو بعد الزواج قال: لا، أنا لن أتزوج واحدة تلبس خيمة. وهذا مثل الشخص الذي كان من قبل يسمي الحجاب الذي أنزله الله من السماء خيمة؛ استهزاء بشرع الله عز وجل. فيجب على كل امرأة أن تلتزم منذ بلوغها شرع الله من أوامر ونواه، وحلال وحرام، وعقائد وأحكام، وسلوك وأخلاق، ثم تحسن الظن بربها بأنه سوف يأتيها برزقها. وهذه المرأة المتبرجة تتصور أنها سوف تتزوج رجلاً غير الذي كتب لها في اللوح المحفوظ، وكذلك الرجل الذي يحلق لحيته حتى إذا تقدم لامرأة يقولون له: نعم، أنت شكلك جميل، فنقبلك يا رجل! فهو يتصور أنه يمكن أن يقبل في بيته إلا في البيت الذي كتب له في اللوح المحفوظ. وعلي بن أبي طالب لما قيل له: ما القدر؟ وضع إبهامه على لسانه هكذا، وأطبقه في كفه وقال: القدر أن هذا مكتوب في اللوح المحفوظ، أي: أن الذي عملته مكتوب في اللوح المحفوظ أن علي بن أبي طالب سوف يعمله في وقت كذا في لحظة كذا.
وقال أحمد بن حنبل لما سئل: ما القدر؟ قال: إن الله على كل شيء قدير، وفي رواية عنه قال: القدر هو قدرة الله عز وجل. وقدرة الله لا منتهى لها، وأعمال العباد واقعة تحت مشيئة الله وقدرته، سواء المشيئة الشرعية الدينية أو الكونية القدرية، وأنت لا تتزود ولا تعمل ولا تذهب ولا تجيء ولا تروح إلا بقدرة الله، والله تبارك وتعالى كتب ذلك في اللوح المحفوظ، وقد جفت به الأقلام وطويت عليه الصحف، فلا يخاف المرء على رزقه أو على عمره أو على مستقبله، فكل ذلك مكتوب، وما هي إلا أسباب أمر أن يلتمسها.
ولا بد أن يعلم أن السبب يجب أن يكون مشروعاً.
والقول بأن الغاية تبرر الوسيلة ليس كلام المسلمين، بل هذا كلام الصهاينة واليهود، وأما عند المسلمين فلا بد أن تكون الغاية والوسيلة مشروعتين، فإذا أردت أن أصل إلى غرض نبيل معين لكني سوف انتهك الحرمات في سبيل الوصول إلى هذا الغرض، فهذا الطريق غير مشروع، ولا أطالب بسلوكه أبداً، فمثلاً الصدقة على الأيتام مشروعة، وهي عمل حسن، ولكن هذا العمل الحسن لا يحل له أن يسرق أموال الناس، بل لابد أن يكون الغرض مشروعاً والسبيل إليه كذلك مشروعاً، وكلام اليهود لا علاقة لنا به.
فهذه المرأة التي يحملها زوجها على إتيانها من الدبر يحرم عليها تمكينه من ذلك، وهذا كفر عملي. وبعض البلاد الإسلامية ابتليت بهذا البلاء العظيم جداً، حتى صار إتيان النساء من أدبارهن سجية عندهم، وقد ذهبت أخت من أخواتنا -جزاها الله خيراً- طبيبة إلى أحد المستشفيات في تلك البلاد، وجلست عشرين يوماً ورجعت فارة بسرعة، وأنا في الحقيقة كنت قد أدخلت أناساً إلى تلك البلاد، ولا أعرف هذا البلاء، فسألتها: لماذا رجعت؟ قالت لي: الله يسامحك، كيف أدخلتني إلى هناك وأنا لا أعرف شيئاً؟ قلت لها: ماذا هناك؟ هل تعاملوا معك معاملة ليست طيبة؟ قالت: عاملوني معاملة طيبة، وكنت أظل طول النهار واقفة في غرفة العمليات ولابسة القفاز ويدي في أدبار النساء، فما دخلت امرأة المستشفى إلا وزوجها يأتيها من دبرها، والبلد كلها هكذا، وهذا بلاء عظيم جداً. وهذا كفر عملي بالله عز وجل، وقد انتشر هذا البلاء في البلد حتى صار وضعاً عادياً جداً.
وهذا يدلنا على حكمة الإسلام، وأن الإسلام خاطب القلوب والعقول، ولو لم يكن هناك أي عقوبة دنيوية أو أخروية على الإباق والهروب؛ لكان كل عبد قد هرب من سيده وذهب إلى أي بلد آخر وجلس فيه، ولكن الإسلام خاطبه وقال له: لو أبقت فيوم القيامة سوف تدخل النار.
فالعبد يجلس مع سيده مراقبة لله عز وجل، والإسلام يريد قلوباً وعقولاً نظيفة تتعامل معه، ليس مثل عقل مصطفى محمود وغيره، فهذه العقول لا تصلح مع الإسلام أبداً، فالإسلام يحتاج إلى قلوب وعقول تقول لأوامر الله: سمعنا وأطعنا، وإن خفيت حكمة الأمر والنهي على هذه العقول والقلوب؛ لأن الإسلام هو الاستسلام والإذعان لأوامر الله تعالى، كإذعان العبد لسيده والمريض بين يدي الطبيب، والطفل بين يدي أمه.
واليوم يخرج علينا كل يوم إناء ينضح بما فيه، ويقول: هذا الحديث لا يعجبني شكله وإن كان في الصحيحين، ويقول: لازم نعرض كل حديث على العقل، مع أن عقله ليس نظيفاً، ولن يفهم هذا قط.
ونحن لما كانت عقولنا نيرة بنور الإيمان فهمنا هذا وعلمنا أنه حق، ويكفي في كونه حقاً أننا نعتقد أن النبي قد قاله عليه الصلاة والسلام قد قاله، حتى وإن خفيت علينا العلة.
قال: [وعن جرير البجلي قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أبق العبد إلى العدو برئت منه الذمة). وقال -أي جرير -: مع كل أبقة كفرة، يعني: لو أن العبد أبق مرة كفر مرة، وإن أبق الثانية كفر الثانية، وهكذا، فمع كل مرة يأبق فيها العبد يكفر بها كفراً عملياً يلزم منه التوبة واسترضاء سيده.
والذي يعلق هذه التميمة على صدره ويعتقد أن هذه التميمة تنفع وتضر بنفسها من دون الله عز وجل مع قيام الحجة عليه يكفر ويخرج من الملة، ومن اعتقد أن النفع والضر بيد الله عز وجل، وأنه الشافي، وأنه المحيي المميت، وأنه لا ينفع ولا يضر غيره سبحانه وتعالى، ولكنه ظن أن هذه التميمة سبب من الأسباب فعلقها، فهو كافر كفراً عملياً لا يخرج به من الملة، ولذلك [قال علي بن أبي طالب : إن كثيراً من هذه التمائم والرقى شرك بالله عز وجل، فاجتنبوها].
قال: [وعن ابن مسعود قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (الرقى والتمائم والتولة شرك)]، والمقصود بالرقى التي هي شرك الرقية الغير شرعية، وإلا فالنبي عليه الصلاة والسلام قد رقى ورقاه الناس، ولكنها رقية شرعية بلسان عربي مبين، وبكلمات الله عز وجل وآياته وأسمائه وصفاته، فهذه رقية مشروعة، وأما الرقية بغير العربية كالسريانية وغيرها وبتمتمات وكلام غير مفهوم، وغير ذلك من ضرب الودع والرمل وغير هذا؛ فهذا بلا شك شرك بالله عز وجل.
والتميمة: هي التي يعلقها المرء. والتولة: ضرب من ضروب السحر، وهي خاصة بعمل تعمله المرأة لأجل أن تتحبب إلى زوجها ويتحبب إليها زوجها.
يعني: إذا رأت المرأة أن زوجها بدأ يفكر في الزواج ثانية تقول: سأعمل له عملاً حتى أجعله يحبني ولا يتزوج امرأة أخرى، فتذهب إلى ساحر يعمل لها ما يحببها إلى زوجها، وهذا العمل يسمى تولة إذا كان خاصاً بمحبة الزوج لامرأته أو محبة رجل لامرأة، ولا يسمى رقى ولا تمائم ولا شيئاً من هذا، وهو من الشرك بالله عز وجل.
فمن زعم أن المطر إنما ينزل بفعل الكواكب، وأن الكواكب مؤثرة في نزول الأمطار ورفعها بغير فضل الله عز وجل ولا إذنه وأمره، فلا شك أنه قد كفر كفراً اعتقادياً، وأما من زعم أن الكواكب لها تأثير في المطر بفضل الله عز وجل فهو كلام غير صحيح، والقائل بذلك يكفر كفراً عملياً لا كفراً اعتقادياً.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله تعالى لي ولكم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
والأثر من ألف وثلاثة وأربعين إلى آخر الباب يضاف إلى باب الخوف والرجاء، وهو الباب التالي بإذن الله تعالى؛ لأنه منه، ولكن سر جعله في هذا المكان أنه وقع للراوي في هذا الكتاب عن ابن بطة وجادة، بخلاف غيره فوقع سماعاً. والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر