ما زلنا مع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه، والذين أنزل الله عدالتهم من فوق سبع سماوات، ما زلنا مع العشرة المبشرين بالجنة، حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (اثبت أحد، فإنه ليس عليك إلا نبي وصديق وشهيد)، وهم العشرة المبشرون بالجنة، ومنهم الزبير بن العوام رضي الله عنه وأرضاه، وهو حواري صلى الله عليه وسلم وابن عمته صفية بنت عبد المطلب ، وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الستة من أهل الشورى، وهو أول من سل سيفه في سبيل الله، وكنيته أبو عبد الله رضي الله عنه وأرضاه، أسلم وهو حدث له تسع عشرة سنة.
عن موسى بن طلحة قال: كان علي والزبير وطلحة وسعد عذار عام واحد يعني: ولدوا في سنة واحدة.
قال عروة : (جاء
قال جابر : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق: (من يأتنا بخبر بني قريظة؟ فقال
قال الثوري : هؤلاء الثلاثة نجدة الصحابة: حمزة وعلي والزبير .
وعن عروة قال: كان في الزبير ثلاث ضربات: إحداهن في عاتقه، إن كنت لأدخل أصابعي فيها، ضرب ثنتين يوم بدر، وواحدة يوم اليرموك. هذا فيه دلالة على أن الزبير رضي الله عنه وأرضاه ما ترك غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويكفي الزبير أن الله بشره على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم بالجنة وهو يمشي على رجليه بين الناس!
عن مروان بن الحكم قال: أصاب عثمان رعاف شديد عام الرعاف حتى تخلف عن الحج، وأوصى، فدخل عليه رجل من قريش فقال: استخلف، قال: وقالوها؟ قال: نعم، قال: من هو؟ فسكت، قال: ثم دخل عليه رجل آخر فقال له مثل ذلك ورد عليه نحو ذلك، فقال عثمان : قالوا: الزبير ؟ قالوا: نعم، قال: أما والذي نفسي بيده إن كان لأخيرهم وأحبهم إلى رسول الله. يعني: كأن عثمان رضي الله عنه وأرضاه يفضل الزبير على علي ، والصحيح الراجح أن التفضيل هو على نفس ترتيب الخلافة: الأول أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ثم باقي الستة المشهورين: سعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف وسعيد بن زيد والزبير وطلحة بن عبيد الله .
ترك الأمور التي أخشى عواقبها في الله أحسن في الدنيا وفي الدين
فلما رجع الزبير متوجهاً إلى المدينة لحقه ابن جرموز بوادي السباع فقتله وهو يصلي، فلما جيء به مقتولاً بكى علي بن أبي طالب وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن قاتل
وعن هشام بن عروة عن أبيه عن الزبير قال: لقيت يوم بدر عبيدة بن سعيد بن العاص وهو مدجج لا يرى إلا عيناه، فكان يكنى أبا ذات الكرش، فحملت عليه بالعنزة فطعنته في عينه فمات، فأخبرت أن الزبير قال: لقد وضعت رجلي عليه ثم تمطيت فكان الجهد أن نزعتها -يعني: الحربة- فلقد انثنى طرفاها.
قتل رضي الله عنه وأرضاه سنة ست وثلاثين وله بضع وخمسون سنة.
قال علي بن المديني : سمعت سفيان يقول: جاء ابن جرموز إلى مصعب بن الزبير لما ولي إمارة العراق لأخيه الخليفة عبد الله بن الزبير فقال: أقدني بـالزبير -يعني: كأنه يريد التوبة من قتل الزبير بن العوام رضي الله عنه- قال: أقدني بـالزبير ، فكتب في ذلك يشاور عبد الله رضي الله عنه وأرضاه، فجاءه الخبر: أنا أقتل ابن جرموز بـالزبير ؟ لا، ولا بشرك نعله.
قلت: هذا فيه فضل الزبير رضي الله عنه وأضاه، وزيادة في أجره، وكفى بـالزبير فخراً أنه حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكفاه فخراً أنه أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وكفاه فخراً بأن عمر بن الخطاب لما استخلف الستة كان فيهم الزبير رضي الله عنه وأرضاه.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر