الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فهذا ثاني أيام رمضان، والحمد لله رب العالمين، ولا بد أن أنبه إلى أن المطلوب من المسلم أن تكون له عناية خاصة بالقرآن في هذا الشهر المبارك، قال الله عز وجل: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ[البقرة:185] ، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ القرآن على كل أحواله، وما كان يمنعه من القرآن شيء.
ومما يتقرب به إلى الله في رمضان تدبر القرآن.
وتدبر القرآن هو: أن ننظر في أحكامه وحكمه، في وعده ووعيده، في أمره ونهيه من أجل أن نعرف مراد الله عز وجل من هذا الكلام المعجز، الذي أنزله على قلب محمد صلى الله عليه وسلم.
وتدبر القرآن يكون بأمور:
أولاً: الإكثار من التلاوة، بمعنى: أن الإنسان يقرأ القرآن بالليل والنهار، في الخلوة والجلوة، ماشياً وراكباً وقاعداً وقائماً، يقرأ القرآن في هذا الشهر المبارك ولا يقتصر على ختمة ولا اثنتين، ولا ثلاث ولا أربع؛ بل كما كان الصالحون من هذه الأمة، فإنهم كانوا يختمون القرآن في كل جمعة مرة، ففي الشهر يختمون ختمات أربع، ثم إذا دخل رمضان ختموا في كل ثلاث مرة، فإذا كانت العشر الأواخر ختموا في كل يوم وليلة مرة، والله يضاعف لمن يشاء.
قال علماؤنا: من أدام الطرق فتح له، فالإنسان الذي يطرق الباب باستمرار يفتح له، كذلك من أدمن تلاوة القرآن فإن الله عز وجل يفتح له ما لم يكن يعلم، وكان فضل الله عليك عظيماً، فالإنسان يكثر من الدعاء ليعلمه الله عز وجل ما لم يكن يعلم.
ثانياً: أن يتخير الإنسان الأوقات المناسبة، من أجل أن ينظر في القرآن نظر تفهم وتعقل، وأنسب الأوقات وقت السحر، كما قال ربنا جل جلاله: وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا [الإسراء:78] بعدها قال له: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا [الإسراء:79] .
فالإنسان إذا كان في جوف الليل سكنت الأصوات، وهدأت الحركات، ونامت العيون، وخلا كل حبيب بمحبوبه، ومن خلا بكلام الله عز وجل يرتله، ويتفهمه، ويتدبره؛ فإن الله عز وجل يفتح عليه.
ثالثاً: العلم بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو ترجمان القرآن عليه الصلاة والسلام، فأقواله وأفعاله وأحواله صلوات ربي وسلامه عليه هي التي تبين القرآن، وهي التي تخصص العام، وهي التي تقيد المطلق، وهي التي تبين المجمل، وهي التي توضح المشكل؛ فسيرة نبينا صلى الله عليه وسلم ترجمة عملية، فقد كان خلقه القرآن صلوات الله وسلامه عليه، يرضى لرضاه، ويسخط لسخطه.
فعلينا أن نعنى بالسيرة، خاصة وأن آيات كثيرة من القرآن إنما كانت عرضاً لأحداث حصلت في حياة النبي عليه الصلاة والسلام، فمثلاً هناك سور نزلت في الغزوات كسورة الأنفال نزلت في غزوة بدر، وسورة الأحزاب التي نزلت في غزوة الخندق، وسورة التوبة في شأن غزوة تبوك، وبضع وخمسون آية من سورة آل عمران في شأن غزوة أحد، وهكذا.
ولذلك لما سأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه الصحابة: ( ما تقولون في قوله تعالى: إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ [النصر:1] , قال بعضهم: أمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم إذا نصره وفتح عليه أن يستغفره، وسكت آخرون، قال: فما تقول يا ابن عباس ؟! قال: هذه السورة نعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه، قال الله عز وجل: إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ [النصر:1]، وتلك علامة أجله، وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ [النصر:2-3] ).
قالت أمنا عائشة رضي الله عنها: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر في آخر أيامه أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، يتأول القرآن )؛ لأن الله قال: فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ[النصر:3] ، فكان يقول عليه الصلاة والسلام إذا ركع وإذا سجد: ( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي ).
وكذلك لما سأل عمر رضي الله عنه الصحابة عن قول الله عز وجل في سورة البقرة: أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ[البقرة:266] ، قال له عبد الله بن عباس : ذكر الله عز وجل إنساناً كان له بستان، فلما تقدم به العمر، ووهن منه العظم، اشتدت حاجته إلى ذلك البستان، كذاك ابن آدم إلى عمله الصالح يوم القيامة. فكبر عمر رضي الله عنه لهذا الفهم الدقيق، وهذا العلم الواسع عند هذا الشاب الحديث السن رضي الله عنه وأرضاه.
فالمقصود إخوتي وأخواتي! أن علينا أن نجدد صلتنا بالقرآن في رمضان، وأن نكثر من تلاوة القرآن في رمضان، وأن نعنى بمجالس تفسير القرآن في رمضان، وبيان غريب القرآن في رمضان، وعلينا كذلك أن نتدبر حتى نفهم عن الله عز وجل مراده.
وأختم بقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة ريحها طيب وطعمها حلو )، أي: هو طيب ظاهراً وباطناً، ( ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو )، والتمرة لو أنك شممتها ما لها رائحة، لكن لو أكلتها فإن طعمها حلو، كذلك المؤمن الذي لا يقرأ القرآن باطنه طيب، ( ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر )، فهو طيب الظاهر، لكن باطنه خبيث، ( ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة لا ريح لها وطعمها مر )، فالمنافق الذي لا يقرأ القرآن قبيح الظاهر والباطن، خبيث الظاهر والباطن، سيئ المظهر والجوهر، مثله مثل الحنظلة، لا ريح لها، وطعمها مر.
أسأل الله أن يجعلني وإياكم من الصنف الأول وهم المؤمنون الذين يقرءون القرآن، فنكون كالأترجة ريحها طيب وطعمها حلو.
السؤال: ما حكم الاحتلام في نهار رمضان؟
الجواب: نقول: لا حرج، فإن النائم مرفوع عنه القلم.
السؤال: هل الاستمناء إثمه كإثم الزنا؟
الجواب: لا، فإن الزنا من كبائر الذنوب، وهو أعظم الذنوب بعد الشرك بالله، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، أما الاستمناء وإن كان محرماً إلا أنه ليس كإثم الزنا.
السؤال: كيف يكفر الابن العاصي لوالده بعد وفاة الوالد؟
الجواب: أولاً: تب إلى الله عز وجل من هذا الإثم الكبير، فإن العقوق من كبائر الذنوب، قال عليه الصلاة والسلام: ( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ الشرك بالله، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور )؛ فعقوق الوالدين من الكبائر، فيلزمك التوبة والاستغفار، ثم يلزمك أمور خمسة:
أولها: الدعاء للوالد، ثانيها: الاستغفار له، ثالثها: إكرام أصدقائه، رابعها: صلة رحمه، خامسها: إنفاذ عهده، أي: ما أوصى به الوالد فتنفذه لعل الله يكفر عنك سيئاتك، ويغفر خطيئاتك.
المتصل: زوجتي في رمضان السابق ربطت ما يسمى باللولب قبل رمضان بخمسة عشر يوماً، وأول ما دخل رمضان زاد دم الحيض العادي، ولم يقف الدم إلى نهاية شهر رمضان، علماً أنها تحيض في العادة سبعة أيام فما حكم الدين في هذا؟
الشيخ: طيب! أبشر إن شاء الله.
المتصل: لدي ثلاثة أسئلة:
السؤال الأول: ولدي توفي وعمره تسعة وعشرون سنة ووالده متوفى، فهل أتصدق عن الولد أم أتصدق عن الوالد؟
السؤال الثاني: في الحج هل أقدم الولد أم الوالد؟ علماً أن المال بسبب الولد؟
السؤال الثالث: في الصدقات هل يمكن أن أجمع بينهما بأن أتصدق بنية الاثنين؟
الشيخ: طيب، أبشري إن شاء الله.
المتصل: أسأل عن خلو الرجل؟
الشيخ: شكراً، الله يسلمك.
المتصل: هل للمريض الذي يغلب على الظن أنه سيموت توبة؟
الشيخ: طيب، أبشر.
المتصل: نسمع الشيخ محمد أحمد حسن يقول: الحناء والكحل (دلال العيون) والقطرة محرمة، والشيخ الآخر يقول: ليست محرمة؛ فلم أعرف الحقيقة؛ فما ترون في ذلك؟
الشيخ: طيب، شكراً.
المتصل: حدثنا يا شيخ! عن علامات الساعة الكبرى.
وأسأل عن الذي يكون عنده أمر وعمل دعاء الاستخارة، وفي نفس الوقت كان يدعو الله أن تتحقق هذه الحاجة، فهل هناك تضارب بين الاستخارة والدعاء مثلاً؟ وأرجوك أن تدعو لي أن تتحقق لي حاجتي يا شيخنا!
الشيخ: الله يحقق حوائجنا وحوائجك.
المتصل: عندي سؤالان:
السؤال الأول: أسأل لو أن رجلاً يصلي، فمشيت بين يديه فهل تفسد صلاته؟
السؤال الثاني: هل يمكن أن الرجل بعدما توضأ يتمسح بكريم في جسمه أو دهان؟
الشيخ: طيب شكراً.
السؤال: الأخ الذي يذكر بأن زوجته قد ركبت لولباً، ثم بعد ذلك نزل عليها دم الحيض منذ اليوم السابع من رمضان، وما انقطع إلى آخر الشهر فما هو هذا الدم، علماً أنها تحيض في العادة سبعة أيام؟
الجواب: يا أخي! يقيناً ليس هذا كله حيضاً؛ لأن الحيض أكثره باتفاق خمسة عشر يوماً، فلا يزيد عن خمسة عشر يوماً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( تمكث شطر عمرها لا تصلي )، والشطر النصف.
فالدم إذا استمر نزوله بعد خمسة عشر يوماً فإنه يعتبر نزفاً, أو كما سماه النبي صلى الله عليه وسلم: ( ركضة من الشيطان ) , أو كما سماه استحاضة, وهذه الزوجة أنت تذكر بأنه كان عندها عادة معلومة مثلاً سبعة أيام, فالمفروض أنها تدع الصلاة هذه الأيام السبعة المعلومة، وما زاد على ذلك تعده استحاضة ولا يترتب عليه شيء سوى أنها تتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها؛ لأن فاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها قالت: ( يا رسول الله! إني أستحاض فلا أطهر ) , يعني: الدم ينزل باستمرار, فقال لها عليه الصلاة والسلام: ( دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها، ثم اغتسلي وصلي ), وفي الحديث الآخر قال: ( إذا أتاك القرء فدعي الصلاة, ثم اغتسلي وصلي, ثم إذا أتاك القرء فدعي الصلاة ).
فما بين القرأين فهو طهر؛ فلذلك نقول: بأن زوجتك يلزمها قضاء تلك الأيام التي أفطرتها وليس عليها سوى القضاء؛ لأنها أفطرت متأولة, وظنت بأن هذا دم حيض مفسد للصيام, وليس الأمر كذلك.
الشيخ: السيدة الفاضلة التي ابتليت بفقد زوجها وولدها وسألت عن الصدقة؟
نقول: نعم, الصدقة يصل ثوابها للميت, سواء كانت للولد أم للوالد, وإن كان الولد هو المتسبب في جمع المال إلا أن هذا المال صار لك, فهذا المال نصيبك من الولد، ويمكنك أن تتصدقي منه عن الولد، ويمكنك أن تتصدقي منه كذلك عن والده, فالمال مالك.
وأما بالنسبة للحج هل تقدمين الولد أم الوالد؟ فأنا أفضل لك أن تقدمي الوالد الذي هو زوجك؛ لأن المرأة تبر زوجها قبل الولد، كما أن الرجل يبر الأم قبل الزوجة, فأول من ستسأل عنه المرأة يوم القيامة زوجها, وأول من سيسأل عنه الرجل يوم القيامة أمه؛ ولذلك أنت بادري بارك الله فيك بعد أن تحجي عن نفسك أن تحجي عن زوجك، ثم حجي عن ولدك، ولا بأس كذلك عن الوالد والولد معاً, والله عز وجل يجعل الثواب بينهما.
الشيخ: المعتصم من الجنيد سأل عن خلو الرجل، وأقول له: هذه المسألة يا أخي! بحثت في المجمع الفقهي الإسلامي الدولي, وهي التي يسميها علماؤنا بخلو اليد, أو يسمونها بالفروغ.
ومعناها أن الإنسان يكون مستأجراً شقة أو بيتاً أو حانوتاً, فإذا أراد شخص آخر أن يستأجر، أو أراد صاحب الملك أن يسترد حانوته فإن هذا الإنسان يقول له: أنا لن أخرج إلا أن تدفع لي كذا أو كذا, واصطلح الناس على تسميته بخلو الرجل, وقد أفتى المجمع الدولي: بأن هذا من أكل أموال الناس بالباطل, وأنه لا يجوز.
السؤال: أخونا الرشيد من الكلاكلة سأل: هل للمريض توبة؟ ويقصد به الإنسان الذي أصيب بمرض يغلب على الظن أنه يعقبه موت في قريب؟
الجواب: يا أخي! إن توبة الإنسان تقبل إلى أن يغرر, إلى بلوغ الروح الحلقوم, فإذا بلغت الروح الحلقوم يغلق باب التوبة, ويفتح له باب إلى الجنة وباب إلى النار, ويقال له: يا عبد الله! هذا مقعدك في الجنة قد أبدلك الله به مقعداً في النار, أو يقال له: يا عبد الله! هذا مقعدك في النار قد أبدلك الله به مقعداً في الجنة. فهذه هي الحالة التي لا تقبل فيها التوبة.
أما إنسان تاب قبل تلك الحالة ولو كان محكوماً عليه بالإعدام, يعني: مثلاً بعض الناس قد يحكم عليه بالقتل قصاصاً لأنه قتل, فلو أن هذا الإنسان قبل تنفيذ الحكم بساعات تاب إلى الله عز وجل توبة صادقة استوفت شروطها فإن الله جل جلاله غفار لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى [طه:82] .
وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ويتوب الله على من تاب ) , وذكر لنا قصة من قتل تسعة وتسعين نفساً، ثم لما خرج تائباً أدركه الموت فأدخله الله الجنة, والحديث في الصحيح.
السؤال: السيدة الفاضلة سألت عن الكحل والحناء والقطرة, وذكرت بأن الشيخ محمد أحمد حسن حفظه الله يفتي بالمنع، وأني أفتي بالجواز، فماذا تفعل؟
الجواب: إن اختلاف الناس من عصر الصحابة رضوان الله عليهم؛ بل إن الأنبياء أنفسهم صلوات الله وسلامه عليهم كانوا يختلفون في النازلة الواحدة.
وقد حكى لنا ربنا في القرآن قصة: دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ [الأنبياء:78] فإن غنماً دخلت في بستان رجل فنفشت فيه, يعني: خربت نظامه وأفسدت نسقه, فلما رفع الأمر إلى داود حكم بأن تؤخذ الغنم وتدفع لصاحب البستان غرامة, فقال له سليمان عليه السلام: أوغير ذلك يا نبي الله، قال: وما ذاك؟ قال: ندفع الغنم لصاحب البستان ينتفع بدرها وصوفها, وندفع البستان لصاحب الغنم يصلحه, حتى إذا عاد كليلة نفشت فيه الغنم نرد الغنم إلى صاحبها، والبستان إلى صاحبه. فقال له داود: القضاء ما قضيت.
وهذا الحكم بالقرينة كما يقول العلماء، يعني: استدل بقرينة الحال أن الكبرى تريد للصغرى أن تشاركها المصيبة, فإذا نصف الولد معنى ذلك أنها أيضاً فقدت ولدها، أما الصغرى فقد حملتها شفقة الأم على أن تتنازل عنه يعيش مع غيرها أفضل من أن يقتل.
فهاهنا أقول لك يا أختاه: إن الاختلاف وارد، وأنا لا أعد نفسي من العلماء بل لست إلا طالب علم صغير، والشيخ محمد أحمد حسن هو أبونا وحبيبنا في الله, وما يقوله صواب إن شاء الله, لكنني أقول: هذه من مسائل الاجتهاد التي تتعارض فيها الأدلة, وينظر الناس فيما هو أصوب.
وبالنسبة لحديث المنع من الاكتحال للصائم، فقد حكم أهل العلم بضعفه, وأما بالنسبة للقطرة إذا كانت في العين, فالعين ليست منفذاً معتاداً باتفاق, أما بالنسبة لقطرة الأنف والأذن فنعم, بعض العلماء قالوا: إنها مفسدة للصوم على اعتبار أن النبي صلى الله عليه وسلم حذر من المبالغة في الاستنشاق؛ لئلا يسبق إلى الحلق شيء من الماء فيفسد الصوم, قالوا: والقطرة يجد الإنسان طعمها في حلقه.
لكن بعض أهل العلم يقولون: بأن القطرة أولاً: استعمالها يكون للحاجة, وثانياً: ما يصل إلى الحلق منها إنما هو شيء يسير يشبه ما يبقى بعد المضمضة، فيأتي عليه الريق فينزل في الحلق وهو لا يفسد.
أما الحناء فهو باتفاق لا يفسد, وبالنسبة للقطرة فإن العلامة الشيخ محمد الحسن الددو يرى مثل الرأي الذي يقول به الشيخ محمد أحمد حسن بأنها مفسدة، يعني: القطرة التي تكون في الأنف وتصل إلى الحلق.
لكنني أقول: بأنها ليست مفسدة لأنها:
أولاً: ليست بطعام ولا شراب ولا غذاء، ولا يستفيد منها الجسم قوة.
ثانياً: أن الصائم لا يستعملها إلا حال حاجته إليها.
ثالثاً: أن الواصل شيء يسير يشبه ما يصل من المضمضة.
السؤال: أخونا السموأل من الشمالية يسأل عن علامات الساعة الكبرى؟
الجواب: علامات الساعة الكبرى مجموعة في حديث حذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنه, قال: ( طلع علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نتذاكر أشراط الساعة, فقال: لن تقوم الساعة حتى تروا قبلها عشر علامات: الدابة و الدجال والدخان، وطلوع الشمس من مغربها, وخروج يأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوفات: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب, وخسف بجريرة العرب, ونزول المسيح بن مريم , وآخر ذلك نار تخرج من قعر عدن تحشر الناس إلى المحشر ).
وأيضاً من علامات الساعة الكبرى: هدم الكعبة، فإن الكعبة تهدم على يد ذي السويقتين ، وهو رجل من الحبشة دقيقة ساقاه يقتلعها حجراً حجراً.
وكذلك يرفع القرآن من الصدور، ويفنى أخيار الناس وذلك أن الله يبعث ريحاً تقبض أرواحهم، ولا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق.
الشيخ: دعاء الاستخارة يا سموأل بارك الله فيك! معناه أنك تفوض أمرك إلى الله, ولا مانع من أن تدعو بأن يحقق الله لك الخير الذي تريد, ولو بدا لك بأن الخير في كذا فلا مانع من أن تدعو به.
لكن ذكروا عن بعض الفتيات بأنها تقدم لها خاطب, فبدأت تستخير فقالت: اللهم إن كان في فلان خير فاقدره ويسره لي, وإن لم يكن فيه خير فاجعل فيه الخير، ويسره لي.
فهذه لا تعد استخارة وإنما جزمت، وتريد من الله عز وجل أن يحقق لها ما تهوى, لكن الاستخارة أن يفوض الإنسان أمره إلى الله ليختار الله له الخير.
المتصل: أنا قبل قليل كنت أمص الماء بفمي من القصبة, وكأن الماء دخل إلى حلقي فأنا شاكة هل دخل أم لا؟
الجواب: طالما أنك شاكة يبقى إن شاء الله أنه ما دخل إلى حلقك، فالأصل صحة الصيام, ولا ننتقل عن هذا الأصل إلا بيقين، وطالما أنك ما استيقنت من دخول الماء فما عليك شيء إن شاء الله.
المتصل: صليت المغرب في البيت, ثم خرجت ولقيت الناس يقيمون لصلاة العشاء, فصليت معهم فما الحكم؟
الشيخ: طيب!
المتصل: لدي عدة أسئلة:
السؤال الأول: أسأل عن المرابحة وشروطها, وعن شراء العقار من الزوجة مثلاً.
السؤال الثاني: يقول ربنا سبحانه وتعالى: لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ [المائدة:101]، وأنا أحب أن أسأل كثيراً لأنني أتعامل مع البنك وأريد أن أتحرى الحلال من الحرام.
السؤال الثالث: هناك قصيدة سمعتها منك (عباد المسيح) أحب أن تقولها أيضاً جزاك الله خيراً.
وزوجتي مريضة أحب أيضاً أن تدعو لها جزاك الله خيراً.
الشيخ: طيب إن شاء الله.
المتصل: عندنا شاحنات، ونريد أن نعرف هل علينا في السفر أن نصلي قصراً وإلا نصلي الرباعية كما كنا نصليها قبل.
الشيخ: أختنا إحسان من الأبيض سألت عن حكم المرور بين يدي المصلي.
وأقول: لا يجوز, الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( لو يعلم المار بين يدي المصلي ما عليه من الإثم لكان خيراً له أن يقف أربعين ), فما يجوز المرور بين يدي المصلي, فإن المصلي له الحق إلى موضع سجوده؛ فلو أن إنساناً مر فيما بعد ذلك فلا حرج عليه إن شاء الله.
السؤال: توضأت ثم تمسحت بكريم أو دهان فما الحكم؟
الجواب: لا حرج على الإنسان أن يتوضأ ثم يتمسح بفازلين أو بزيت أو بسمن أو بما شاء من الأشياء؛ لأنه لا حرج في ذلك وليست ناقضة للوضوء.
الشيخ: أخونا إبراهيم من الكدرو ذكر بأنه صلى المغرب في البيت ثم خرج منه؛ فوجد الناس في صلاة العشاء, وهذا متصور بأنه من أجل المطر, فجمع معهم فنقول: لا يصح, وعدم الصحة من وجهين:
الوجه الأول: لأنك ما نويت الجمع ابتداء. وشرط صحة الجمع عند الجمهور: أن ينوي الجمع قبل أن يعقد تكبيرة الإحرام من الصلاة الأولى.
الوجه الثاني: لأن سبب الجمع غير متوفر عندك ولا عندهم, فالجمع إنما هو مشروع لأهل المسجد؛ لأنه يشق عليهم المجيء في المطر أو في الوحل.
أما الذين يصلون أمام البيت فليس من حقهم أن يجمعوا, ومن باب أولى من كان يصلي في بيته، فيجب عليه أن يوقع كل صلاة في وقتها.
الشيخ: أخونا محمود جزاه الله خيراً يقول: بأنه قرأ في القرآن: لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ [المائدة:101] , يقول: وهو يحب أن يكثر من السؤال.
وأقول: يا محمود ! أحسن الله إليك! الإكثار من السؤال طيب إذا كان الإنسان يسأل من أجل أن يتعلم ويعمل، ولا حرج في ذلك, والنبي صلى الله عليه وسلم قال: ( هلا سألوا إذ جهلوا؟ إنما شفاء العي السؤال ) , وفي القرآن نقرأ يسألونك, ويسألونك, يسألك الناس, وهذه أسئلة كانت توجه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
والمذموم ما كان على سبيل التعنت كصنيع اليهود الذين سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن الروح, وسألوه عن رجل ملك المشارق والمغارب، قال الله عز وجل: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا [الإسراء:85] , وقال: وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا [الكهف:83] .
وكذلك السؤال المذموم عما لا تترتب عليه فائدة, وهذه الآية نزلت لما قال أحد الصحابة: ( يا رسول الله! من أبي؟ قال: أبوك حذافة ، فقال الآخر: يا رسول الله! من أبي؟ فغضب صلى الله عليه وسلم قال: والذي نفسي بيده لا يسألني أحد عن أبيه إلا أخبرته ) .
أما السؤال عن الأحكام وعن تفسير القرآن فلا حرج فيه.
أيضاً من السؤال المذموم السؤال الذي يراد به إثارة الشبهات والطعن؛ ولذلك عمر رضي الله عنه ضرب صبيغ التميمي لما كان يكثر من دخول المساجد وسؤال الناس عن (النازعات غرقاً, والعاديات ضبحاً, والمرسلات عرفاً, والذاريات ذرواً, والصافات صفاً) فـعمر لما سمع به قال: اللهم أمكني منه؟ فجاء الرجل يسأل عن وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا * فَالْحَامِلاتِ وِقْرًا * فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا * فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا [الذاريات:1-4] .
فأجابه عمر ثم علاه بالدرة, فضربه حتى أدماه, ثم تركه حتى برئ، فدعاه فضربه حتى أدماه، ثم تركه حتى برئ فدعاه, فقال له: يا أمير المؤمنين! إن كنت قاتلي فأحسن القتلة؛ فأمره عمر بأن يخرج من المدينة, فسيره إلى البصرة, وكتب إلى أبي موسى ! قم في الناس خطيباً وقل: إن صبيغاً طلب العلم فأخطأه ومر الناس ألا يكلموه ولا يجالسوه.
ونفذ أبو موسى رضي الله عنه ما أمر به عمر ، ثم لما كان بعد حين كتب إليه بأن صبيغاً قد زعم أنه أحدث توبة, فقال عمر : ما أراه إلا قد صدق، فمر الناس فليكلموه وليجالسوه.
ولما خرج الخوارج بعد عقدين تقريباً جاءوا إلى هذا الرجل ليخرج معهم, فقال: لا والله, لقد نفعني الله بدرة الرجل الصالح, الذي هو عمر رضي الله عنه, يعني: أنه أخرج ما كان في رأسه من الخرافات والأباطيل.
الشيخ: بالنسبة للمرابحة يا محمود لا أنصحك بها, فسل الله أن يغنيك من فضله, لكن إذا كنت مضطراً فشروطها:
أولاً: أن تكون السلعة مباحة.
ثانياً: أن يكون ثمة عقدان منفصلان, عقد بين البنك ومالك السلعة، ثم عقد بينك وبين البنك.
ثالثاً: ألا تبذل للبنك مالاً ولا صكوكاً إلا بعدما يتملك هذه السلعة ويحوزها.
الشيخ: كلام الإمام ابن القيم في الرد على من زعموا أن المسيح إله قال:
أعباد المسيح لنا سؤال نريد جوابه ممن وعاه
إذا مات الإله بصنع قوم أماتوه فهل هذا إله
ويا عجباً لقبر ضم رباً وأعجب منه بطن قد حواه
أقام لديه تسعاً من شهور لدى الظلمات من حيض غذاه
وشق الفرج مولوداً صغيراً ضعيفاً فاتحاً للثدي فاه
ويأكل ثم يشرب ثم يأتي بلازم ذاك هل هذا إله
تعالى الله عن إفك النصارى سيسأل كلهم عما ادعاه
السؤال: أخونا ذكر بأنه يسوق الشاحنات, فهل يقصر أو لا؟
الجواب: أنت مسافر، والرخصة ثابتة لك سواء كنت سواقاً، أو مساعداً للسواق، أو محصلاً أو غير ذلك، فأنت مسافر والمسافر يأخذ بالرخصة.
السؤال: أفتوني عندي عربات تعمل بالأجرة فهل علي زكاة في عظمها؟
الجواب: لا في عظمها ولا في لحمها, وإنما الزكاة في ريعها.
السؤال: يقول: الرجال في الجنة يتزوجون الحور العين, فمن يتزوج النساء؟
الجواب: يزوجهن الله عز وجل بمن شاء من عباده؛ لأن النعيم في الجنة نعيم تام, ومن تمام النعيم الحصول على لذة النكاح؛ فالمرأة إذا كانت ذات زوج في الدنيا ودخل زوجها الجنة فهي معه, أما إذا لم تكن متزوجة، أو كان زوجها من أهل النار فإن الله عز وجل يزوجها بمن شاء من عباده.
و آسية بنت مزاحم زوجها في أسفل سافلين؛ كما قال ربنا: يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ [هود:98] , لكن الله عز وجل يزوج آسية من محمد صلى الله عليه وسلم كما روى ذلك ابن عساكر رحمه الله.
السؤال: ما حكم امرأة تخرج من بيتها متبرجة من غير إذن زوجها؟
الجواب: لا شك أنها آثمة, فالمرأة لا يجوز لها الخروج من بيت زوجها بغير إذنه, سواء كانت متبرجة أو متحفظة, لكن هذه قد جمعت بين ذنبين: الخروج بغير إذن, ثم التبرج, وكل منهما ذنب مستقل, وقد قال الله عز وجل: وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى [الأحزاب:33] .
السؤال: هل الصبغة السوداء فيها حرج؟
الجواب: نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم, وقال: ( جنبوه السواد ) , وقال: ( ليكونن من أمتي أقوام يخضبون بالسواد كحواصل الطير لا يجدون ريح الجنة ) .
السؤال: هل مس المصحف وأنا حائض باستخدام حاجز جائز؟
الجواب: إذا كنت تقلبين الأوراق بمسطرة ونحوها فلا حرج.
السؤال: عاهدت الله ألا أعود إلى أمر معين فرجعت إليه؟
الجواب: العهد يجري مجرى اليمين, يلزمك التوبة من هذا الذنب، ويلزمك كفارة يمين.
السؤال: ما حكم كريم الوجه الذي يفتحه تفتيحاً شديداً؟
الجواب: أنا حضرت ندوة نظمت من قبل إدارة الدوائيات بوزارة الصحة, وكانت هذه الندوة مقصوداً بها التجار الذين يتجرون في مواد أدوات التجميل, وقد ثبت يقيناً من العروض المصورة وكلام الأطباء أن هذه الكريمات التي تفتح اللون مسببة لسرطان الجلد.
وطالما أن ضررها ثابت بكلام أهل الاختصاص فإنه لا يجوز استعمالها؛ لأن الله عز وجل قال: وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة:195] .
ويا من تبيضين وجهك بهذه الكريمات سلي الله أن يبيض وجهك يوم تبيض وجوه, وكما قال أبو عبيدة رضي الله عنه: ألا كم من مبيض لثيابه مدنس لدينه.
والآن ألا كم من مبيضة لوجهها مسودة لعملها؛ تبيض وجهها من أجل أن تتبرج، ومن أجل أن تفتن ومن أجل كذا, فما قيمة البياض مع فساد العمل وسوئه؟!
السؤال: ما حكم التسبيح والتهليل بالسبحة؟
الجواب: لا مانع إن شاء الله, فالسبحة ليست إلا وسيلة.
السؤال: ما حكم الدين في أكل لحم القطط وبيعها؟
الجواب: أنت -ما شاء الله- كملت البقر والغنم، والإبل والدجاج، والحمام والبط، والإوز وسائر الطيبات فما بقي لك إلا القطط حتى تسأل عنها, هذا من الوضوح بمكان فإن القط لا يجوز بيعه لا حياً ولا ميتاً, ( فقد نهى صلى الله عليه وسلم عن بيع السنور ) .
وأما لحمه فهو حرام لأنه من ذوات الناب, ألا كل ذي ناب من السباع حرام, ألا كل ذي مخلب من الطير حرام! فهذه القطط تأكل وتفترس, فهي تأكل اللحم، وتفترس الفئران والحشرات وغيرها فلا يجوز أكلها.
السؤال: علي ثلاثة أيام قضاء من رمضان الماضي, دخل رمضان وأنا حامل في السابع, وأمرتني الطبيبة بعدم الصوم, ماذا علي في الأيام التي لم أصمها؟
الجواب: عليك القضاء, ولا شيء سوى القضاء.
السؤال: ما رأي الدين في الأشخاص الذين يصومون ولا يصلون؟
الجواب: هؤلاء مساكين؛ لأن الصلاة آكد من الصيام, بدليل أن الصيام يسقط عن الشيخ الكبير، والمريض الزمن, والمرأة العجوز, أما الصلاة فلا تسقط عن شيخ ولا عجوز ولا مريض, وهؤلاء أمرهم دائر بين الكفر الأكبر، والكفر الأصغر, ونسأل الله أن يتوب علينا أجمعين.
السؤال: إمام صلى بالناس الركعة الأولى من الجمعة سراً, ثم استدرك فقرأ جهراً, ثم قطع صلاته فسلم واقفاً, فأقيمت الصلاة من جديد, فصلى ركعتي الجمعة جهراً, فحدث كلام بين الناس في المسجد واختلفوا ولم يدروا ما يفعلون؟
الجواب: ما دام الرجل أعاد الصلاة كلها, فالصلاة صحيحة والحمد لله, لكنه مخطئ, من حيث أن أي خلل يحصل في الصلاة طالما أن الطهارة ما انتقضت، وأنك ما أتيت بمبطل, كأن أكلت أو شربت أو تكلمت بكلام أجنبي عن الصلاة, فكل خلل يحصل يمكن تداركه, فلو أن الإنسان زاد أو نقص، جهر في محل السر أو أسر في محل الجهر، فإن هذا كله يمكن تداركه.
فمن أسر في محل الجهر كهذا الإمام يلزمه السجود للسهو قبل السلام باعتبار أنه قد نقص من الصلاة, وعلى العكس من جهر في محل السر, فمثلاً لو أن إنساناً جهر في صلاة الظهر فإنه يلزمه السجود بعد السلام؛ لأن هذه زيادة, وما كان أبداً يحتاج الأمر أن يخرج من صلاته ثم بعد ذلك يعيدها من جديد.
ولا ينبغي للناس أن يعنفوه؛ بل على هذا الإمام وعلى المصلين أن يعنوا بطلب العلم الشرعي الذي يقيهم المهالك.
السؤال: أسأل عن النية في رمضان, تكون من أول يوم من الشهر للشهر كله أم لكل يوم نية جديدة؟
الجواب: يكفيك أن تنوي من أول يوم عن الشهر كله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( وإنما لكل امرئ ما نوى ) , وأنت نويت الشهر، ويستحب لك تجديدها في كل ليلة.
لكن إذا انقطع التتابع بأن حصل مرض أو سفر أو لو أن المرأة حاضت فعند استئناف الصيام لا بد من استئناف النية من جديد.
السؤال: لدينا عمال نصارى هل نعطيهم طعامهم وشرابهم في نهار رمضان؟
الجواب: يا عبد الله! هؤلاء الناس سيسألون يوم القيامة عن فروع الشريعة, سيسألون عن ترك الصيام، وعن ترك الصلاة وعن ترك الزكاة، وعن ترك الحجاب، وعن مكارم الأخلاق وغيرها؛ لأن الله عز وجل قال: كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ * إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ * فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ * مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ [المدثر:38-47] .
فذكر من جرائمهم التي أوجبت دخول جهنم أنهم ما كانوا من المصلين, وما كانوا يطعمون المسكين, وهذه من فروع الشريعة, فالكافر يوم القيامة سيحاسب على ترك الصيام والصلاة والزكاة وغيرها من العبادات والتكاليف الشرعية كما يحاسب أولاً على كفره, وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2] , فلا ينبغي لك أن تقدم لهم طعاماً ولا شراباً، ولا أن تمكنهم من ذلك.
والخطاب كذلك لإخواننا أصحاب الدكاكين ممن يشدون قدرة الفول ويطعمون الناس في رمضان، ويسقونهم الماء، ويقولون: يمكن يكونوا أمراضاً, فهذا لا ينبغي.
ونسأل الله أن يهدينا جميعاً, ويتجدد لقاؤنا غداً في مثل هذا الوقت، والسلام عليكم ورحمة الله.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر