الجواب: الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
وبعد: فإن خروج المرأة عن أولادها وبيت زوجها إلى العمل هذا أمر خطير جداً؛ لأن المرأة ليست بحاجة إليه, أي: إلى التكسب بالعمل؛ إذ أن زوجها مأمور بالإنفاق عليها؛ لقول الله تعالى: وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ [البقرة:233] وهو الزوج رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:233] . ولقول النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته عام حجة الوداع في عرفة: ( لهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف). ولقوله تعالى: لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ [الطلاق:7] . ولم يقل الله: من قدر عليه رزقه فلتكن زوجته معه تكتسب. فالإسلام نظام متكامل, يحمل كل إنسان ما يليق بحاله, فعلى الزوج النفقة, وعلى الأم الرعاية في البيت. فإذا كانت هذه المرأة تريد أن تكون من الطراز الأول فإن عليها أن تعود إلى بيتها, وتكون مربية لأولادها؛ حتى لا تحرم أولادها شفقة الأمومة, فإن الجدة وإن كانت ذات شفقة لكن شفقة الأم أقوى, وكذلك لا تحرم نفسها من أولادها يرونها بينهم, ويشتكون إليها, وزوجها هو الذي يكتسب, وينفق مما أتاه الله, لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا [الطلاق:7].
هذا ما أشير به عليها, أن تعود إلى البيت, وأن ترعى أولادها وزوجها, كما قال الله سبحانه وتعالى: فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ [النساء:34] .
ولكن إن أبت إلا أن تعمل فلا حرج عليها أن تعمل في حقل نسائي, لا في حقل الرجال؛ لأنها مهما بلغت من العفة والصيانة والاحتجاب فإنها لن تسلم من الفتنة إما منها أو بها. فلهذا لا نرى جواز اشتغالها مع الرجال في أي عمل من الأعمال, بل إذا كان ولابد فإنها تشتغل في حقل النساء كمدارس البنات وما أشبهها, وأما إن كان أولادها يضطرون إليها بحيث تكون الجدة عاجزة عن القيام بما يجب نحوهم فإنه لا يجوز لها إطلاقاً أن تخرج حتى ولا إلى العمل في حقل نسائي؛ لأنها تكون قد أضاعت أمانتها في هذه الحال.
مداخلة: طيب إذا وفرت خادمة في البيت؟
الشيخ: حتى لو وفرت الخادمة؛ لأن الخادمة لا يكون عندها العطف والحنو والإشفاق الذي يكون عند الأم, ثم إذا وفرت خادمة فالخادمة ستحتاج إلى أجرة وإلى نفقة, وقد تكون أجرة الخادم أقل من أجرة اكتساب هذه المرأة في عملها, وهو الغالب, وقد تكون مثلها, وقد تكون أكثر, إنما صحيح أن الغالب أن أجرة الخادم أقل من اكتساب هذه المرأة, فهي تريد أن تكتسب لتوفر على نفسها, ولكن مع ذلك لا نرى لها هذا؛ لأن الخادم بلا شك مهما كانت من الدين والأمانة لن تقوم بما تقوم به الأم أو الجدة أو المرأة القريبة.
الجواب: جوابنا على هذا السؤال أن نقول: أولاً: لا يجوز للزوج أن يهين زوجته وأن يضربها إلا في الحدود الشرعية التي أباحها الله عز وجل, مثل قوله تعالى: وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا [النساء:34]. ثم إنه لا يجوز له أن يذلها أيضاً بالكلمات النابية المشينة, بل عليه أن يؤدبها بما وجهه الله إليه ورسوله، فإذا كانت هذه المرأة مستقيمة والزوج يؤذيها ويسيء عشرتها فلا حرج عليها حينئذ أن تطلب منه الطلاق ولو كانت ذات أولاد منه؛ وذلك لأنها رأت معاملة لا يجوز أن يقوم بها هذا الزوج, ولكن على الزوج أن يتقي الله عز وجل, وأن يذكر قول الله تعالى: فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا [النساء:34]، ليتذكر علو الله عز وجل عليه, وليتذكر أن الله تعالى أكبر منه, وأكبر من كل شيء, وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [الجاثية:37]، فعليه أن يتذكر علو الله تعالى وكبريائه؛ حتى يكون ذلك واعظاً له عن العلو على هذه المرأة والتكبر عليها. نعم.
الجواب: إذا أحرم الإنسان بالعمرة وجب عليه إتمامها؛ لقول الله تعالى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة:196]. حتى لو كانت نافلة. وهذا من خصائص الحج, أن الإنسان إذا شرع فيه يجب عليه أن يتمه, ولكن إذا أحصر بأن حصلت له ظروف قاسية لا يتمكن من إتمام العمرة فإنه يتحلل, لكن إن كان قد اشترط في ابتداء إحرامه أن محله حيث حبس فإنه يتحلل ولا شيء عليه, وفي هذه الحال أي في الحال التي يتوقع الإنسان فيها أنه لا يحصل له إتمام نسكه ينبغي له أن يشترط عند الإحرام: إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني؛ لأجل إذا حصل الحابس تحلل ولا شيء عليه, أما إذا كان حصل له عذر قاهر لا يتمكن معه من إتمام العمرة ولم يشترط أن محله حيث حبس فإنه في هذه الحال يتحلل وعليه دم؛ لقوله تعالى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ [البقرة:196], بعد قوله: أَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة:196] قال: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة:196]. فعلى هذا نقول: يجب عليك أن تتحلل بالنحر والحلق.
الجواب: لا يخلو هذا الرجل من حالين: إما أن ينوي بقول: إن اشترت كذا فإني لم أعرفك ينوي بذلك تأكيد منعها من شراء هذه الهدية, فإذا كانت نيته تأكيد منعها من شراء الهدية ثم اشترت فإنه لا يقع عليه الطلاق, وإنما يجب عليه أن يطعم عشرة مساكين أو يكسوهم, فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام.
وطعام المساكين إما أن يغديهم أو يعشيهم, أو يعطيهم ما يكون طعاماً لهم, ومقداره نحو صاعين من الرز, ويجعل معهما لحماً أو أدماً.
الحال الثانية: أن يكون قوله: لا أعرفك ينوي به طلاقها, ففي هذه الحال إذا خالفت فاشترت فإن الطلاق يقع عليها, ويكون طلقة واحدة, إن لم يستسبقها طلقتان فإنه يراجعها, وتبقي زوجة معه.
ولكني وقبل أن أختم كلامي على هذا السؤال أنصح هذا الرجل وغيره من المسلمين أنصحهم بعدم التهاون في مسألة الطلاق واليمين بها, فإن كثيراً من الناس الآن بدءوا يتهاونون, وكلما أرادوا أن يحلفوا على شيء يقولون: علي الطلاق أن لا أفعل, أو يقول للزوجة: إن فعلت كذا فأنت طالق, أو يقول لغيرها: إن فعلت كذا فامرأتي طالق. كل هذا من الأمور التي لا ينبغي للمرء أن يستعملها في قسمه, قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت). والله الموفق.
الجواب: الذي يظهر من هذا القضية أن البنت انخنقت بالثدي, وأن الأم حين أصابها النوم وثديها في فم ابنتها أنها انخنقت به وماتت, والدليل على هذا: خروج الدم واللبن من أنفها, فإنها كانت تنازع نفسها النفس بشدة, فخرج اللبن من أنفها, فالذي أرى أن تحتاط هذه الأم, وأن تصوم شهرين متتابعين توبة من الله.
وأما بالنسبة للدية فإذا كان أبوها موجوداً فإن الحق له في ذلك؛ لأنه في هذه الحال لا يرثها، أي: لا يرث هذه الطفلة التي ماتت إلا أبوها وأمها, ولكن يجب على الأم الدية كاملة, تدفع إلى أب الطفلة, ما لم يسقطها عن الأم, فإذا أسقطها فالحق له. والله أعلم.
مداخلة: طيب بالنسبة للأم ألا يسقط حقها أساساً؟
الشيخ: قصدك من الإرث؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم في القاتل خطأ, والصواب: أن القاتل خطأ يرث من المال دون الدية, وهذا هو الذي رجحه ابن القيم في أعلام الموقعين, وذكر فيها فتوى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, أظن أنه رواه ابن ماجه الحديث, وقال: به نأخذ.
فالصواب عندنا: أن قتل الخطأ لا يمنع من الإرث؛ لأن التهمة فيه بعيدة, إذ أن القاتل إنما منع من الإرث خوفاً من أن يقتل الإنسان مورثه ليرث, والتهمة في مثل هذه الأحوال بعيدة جداً, فلا يمنع من الإرث؛ لأن الأصل ثبوته. ولكن الدية ما تسقط عنها منها شيء؛ لأن الدية وجبت بفعلها.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر