وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، المُتفرد بالكمال والتمام، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أفضل من صلى وصام، وأتقى من تَهجد وقام، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان وسلَّم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
وسن لكم نبيكم صلى الله عليه وسلم قيامه، وهو شهر الخيرات والبركات، شهر إجابة الدعوات، شهر إقالة العثرات، شهر مضاعفة الحسنات، شهر الإفاضات والنفحات، شهر إعتاق الرقاب الموبقات، شهرٌ لا يُعدل به سواه من الأوقات.
الحسنة فيه بألف حسنةٍ فيما سواه، والفريضة فيه تعدل سبعين فريضة لمن تقبل منه مولاه.
فيا ذوي العقول السليمة، والهمم العالية، والمطالب الرفيعة السامية، اغتنموا أوقات شهر رمضان بالجد قبل فواتها، واعزموا على هجر البطالات.
أمة الإسلام! لقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه يقول: {قد جاءكم شهر رمضان، شهر مبارك، كتب الله عليكم صيامه، فيه تُفتح أبواب الجنان، وتُغلق فيه أبواب الجحيم, وتُغَل فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرم خيرها فقد حرم}.
ذُكر في بعض الآثار: أن لله تعالى موضعاً حول العرش يسمى: حظيرة القدس، وهو من نور، وفيه ملائكة لا يعلم عددهم إلا الله عزَّ وجلَّ يعبدون الله لا يفترون ساعة، فإذا كانت ليالي رمضان استأذنوا ربهم عزَّ وجلَّ أن ينـزلوا إلى الأرض، ويحضروا مع أمة محمد صلى الله عليه وسلم صلاة التروايح، فكل من مسهم أو مسوه سعد سعادة لا يشقى بعدها أبداً، لما سمع عمر رضي الله عنه ذلك قال: [[نحن أحق بهذا الفضل والأجر]] فجمع الناس على صلاة التراويح رضي الله عنه وأرضاه.
وحري بهذه الأشياء أن توجد من نفس صاحبها نفساً روحية تحلق به في الدنيا مع عالم السماء الذين يسبحون الليل والنهار لا يفترون, وفي الآخرة مع الذين قال الله فيهم: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيماً [النساء:69-70].
فاتقوا الله أيها المسلمون! واشكروه على ما منَّ به عليكم من إدراك هذا الشهر الكريم، والموسم العظيم، وتلقوه بنية صادقة، وعزم على الرشد، ورغب واستبشار، تلقوه بنفوس متهيئة لاستقباله بالتوبة الصادقة النصوح، والتطهير الشامل الكامل، بالعزم على فعل الفضائل، ومجانبة الرذائل.
اللهم إنا نسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت، الملك المنان بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام.
أهل علينا شهر رمضان بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام، ووفقنا للصيام والقيام يا رب العالمين.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه يغفر لكم، إنه هو الغفور الرحيم.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.. صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
عباد الله! قد اقتربت أيام شهر رمضان المبارك الذي يستعد له الجميع.
فالمسلمون المؤمنون الصادقون يتأهبون لزيادة صلتهم بالله، عن طريق الصيام والقيام، وتلاوة القرآن، وسائر القربات إلى الله، فمن قام بهذه الأعمال بإخلاص نية لله عزَّ وجلَّ محتسباً الأجر، فقد تاجر مع الله، وسوف يربح غداً يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم.
أما الذين يستعدون لشهر رمضان باللهو والسهر والمتعة، ويعدونه شهر مجون وخلاعة، وشهر تنوع للمأكولات والمشروبات، فهؤلاء قد أسرتهم شهواتهم، وقيدتهم الذنوب والمعاصي، فلم يزدادوا بهذا الشهر المبارك إلا بُعداً عن الله عزَّ وجلَّ.
أمة الإسلام! إن العبودية الصادقة لله عزَّ وجلَّ تعني أن يشعر المرء بالحب والذل والخضوع لله سبحانه وبحمده، وبهذا الحب والخضوع والذل، يخلِّص الإنسانُ نفسَه لخالقه جل وعلا، فيلتزم بأوامره، وينتهي عن نواهيه، ولا يمكن أن يأتي عملاً يُفقِد عبادتَه لله، أو يحبط عمله الصالح الذي يبتغي به وجه الله سبحانه وبحمده؛ لذلك فإن المسلم الصادق ينتهز فرصة شهر رمضان ليجدد إسلامه، ويستوثق الإيمان، ويقوم بطاعة الله عزَّ وجلَّ.
أمة الإسلام! لنحي شهر رمضان بقلوب مملوءة بالإيمان والحب، فنقول: أهلاً بك يا شهر رمضان، أهلاً بك يا شهر الصيام والقيام، أهلاً بك يا شهر تلاوة القرآن, أهلاً بك يا شهر عمارة المحراب، أهلاً بك يا شهر الرحمة، أهلاً بك يا شهر المغفرة، أهلاً بك يا شهر العتق من النيران.
عباد الله! إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56] اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ، وعن سائر أصحاب رسولك أجمعين، وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
عباد الله! إنه لا يخفى على الجميع ما أُصِبْنا به من موت إمام المسلمين خالد بن عبد العزيز ، فلا يسعنا إلا أن نصبر ونسلِّم للقضاء والقدر، ونقول كما أمرنا الله عزَّ وجلَّ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ [البقرة:156].
اللهم اجعل الولاية في عقبه خير ولاية، اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعفُ عنه، وأكرم نُزُله, ووسع مُدخله، وغسِّله بالماء والثلج والبرد، واجزه عن المسلمين خير الجزاء؛ لما قام به من جُهد وأداه من واجب.
اللهم لا تفتنا بعده ولا تحرمنا أجره، اللهم أصلح ولاة أمورنا، وولاة أمور المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
اللهم ارزقهم البطانة الصالحة، والجلساء الصالحين الناصحين، اللهم ارزقهم الجلساء الصالحين الناصحين، اللهم ارزقهم الجلساء الصالحين الناصحين، الذين يذكرونهم ما نسُوا، ويعينونهم إذا ذَكَروا، يعينونهم على الخير ويحذرونهم من الشر.
اللهم وفقنا وإياهم لفعل الخيرات وترك المنكرات، والتمسك بالكتاب والسنة يا رب العالمين.
اللهم دمر أعداء الإسلام وأعداء المسلمين، اللهم دمر أعداء الإسلام وأعداء المسلمين، اللهم دمر أعداء الإسلام وأعداء المسلمين، اللهم دمر أعداء الإسلام وأعداء المسلمين ، وأنزل بهم بأسك الذي لا يُرد عن القوم المجرمين.
اللهم أصلح أولادنا ونساءنا، اللهم أصلح أولادنا ونساءنا، واجعلنا وإياهم هداة مهتدين، اللهم أقر أعيننا بصلاحهم يا رب العالمين، ولا تجعلنا وإياهم ضالين ولا مضلين.
اللهم اغفر لنا، اللهم اغفر لنا، اللهم اغفر لنا ولوالدِينا ولوالدِي والدِينا، ولجميع المسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا واللواط والزلازل والمحن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن، عنا وعن جميع إخواننا المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها يا رب العالمين.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.
عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا [النحل:90-91].
فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على وافر نعمه يزدكم وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ [العنكبوت:45].
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر