الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين، أما بعد:
فهذا هو الدرس الثاني من الدروس التي في شرح كتاب التوحيد للشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى، وقد ذكرت أننا سنقسمها على ثمانية دروس، وسنأخذ في كل درس الأبواب ذات الموضوع الواحد المتشابه التي تُكَوِّن وحدة موضوعية واحدة في كل درس بإذن الله تعالى، ولا مانع من أن نملي هذه الموضوعات والأبواب على شكل أرقام.
فالدرس الأول: في توحيد الألوهية حقيقته وأهميته وفضله، والدعوة إليه، وحماية جنابه.
وفيه الأبواب ذات الأرقام التالية: 1، 2، 4، 5، 21، 65.
الدرس الثاني: في الشرك في الألوهية وبعض أنواع الشرك الأصغر.
وسيستغرق -إن شاء الله تعالى- هذا الدرس الأبواب التالية: 1، 6، 7، 8، 10، 19، 35، 36.
وهذا الأبواب سنمر عليها -إن شاء الله- في هذا الدرس، وهي في الحديث عن موضوع الشرك في الألوهية وبعض أنواع الشرك الأصغر.
الدرس الثالث: في أسباب الشرك وبطلانه، وسيكون في الأبواب ذوات الأرقام التالية: 14، 15، 17، 18، 20، 27، 60.
الدرس الرابع سيكون عن الأعمال الشركية في توحيد الألوهية، وموضوع الأعمال الشركية في توحيد الألوهية له أبواب كثيرة في كتاب التوحيد، ولهذا سنتحدث عنه في درسين بإذن الله تعالى: ففي الدرس الأول سنتحدث في الأبواب ذوات الأرقام التالية: 9، 11، 12، 13، 23، 24، 25، 26، 28، 29.
وفي الدرس الثاني سيكون في الأبواب ذوات الأرقام التالية: 23،30، 31، 37، 38، 50.
والدرس السادس سيكون -إن شاء الله تعالى- في موضوع الشرك في الربوبية والقدر والأسماء والصفات، وسيكون في الأبواب ذوات الأرقام التالية: 33، 34، 40، 48، 58، 59، 63، 64، 65.
والدرس السابع سيكون عن القبوريين وشبهاتهم، وهذا الدرس سيكون في بابين فقط، في الباب السابع عشر، والباب الثاني والعشرين، وفي هذا الدرس -إن شاء الله تعالى- سنلخص مقاصد كتاب كشف الشبهات للشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى.
وأما القدر فهو تابع للربوبية؛ لأنه يتعلق بأفعال الله سبحانه تعالى، وهو الباب رقم: 40.
والدرس الثامن هو في شرك الألفاظ، وهذا الدرس يستغرق الأبواب ذوات الأرقام التالية: 41، 43، 44، 45، 46، 47، 49، 50، 51، 52، 53، 54، 55، 56، 57، 61، 62.
فهذه الأبواب جميعاً موضوعها واحد، وهو شرك الألفاظ.
وبهذه الطريقة سننتهي -إن شاء الله تعالى- من كتاب التوحيد كله من الناحية الموضوعية، ولن نأخذ الكتاب بالترتيب؛ لأنه في بعض الأحيان قد يأتي باب ثم يأتي باب آخر في نفس الموضوع بعد عدة مواضيع، مثل حماية المصطفى لجناب التوحيد، فقد تكرر مرتين، وقد بينا السبب في تكرير الإمام له مرتين.
وأما الموضوع الذي سنتحدث عنه في هذا الدرس -إن شاء الله تعالى- فهو الشرك في الألوهية وبعض أنواع الشرك الأصغر.
الشرك: هو أن تجعل لله سبحانه شريكاً في شيء من خصائصه، وقد حذر الله سبحانه وتعالى منه تحذيراً كبيراً في القرآن، وترتبت عليه أحكام عظيمة في الدنيا وأحكام عظيمة في الآخرة، فمن الأحكام التي تترتب عليه في الدنيا: انتفاء الأخوة، وانتفاء الولاء، ووجوب البراءة، ووجوب الجهاد عندما تتحقق أسبابه، وعدم جواز النكاح، وعدم الإرث؛ لأن المسلم لا يرث الكافر، والكافر لا يرث المسلم، وغير ذلك أحكام كثيرة تتعلق بالعلاقة بين المسلم والكافر، وهذه أمور نعيشها ونلحظها.
فالمشرك لا تنطبق عليه أحكام المسلم في الدنيا، وليس له شيء من حقوق المسلم في الدنيا، وأما في الآخرة فإنه يكون خالداً مخلداً في نار جهنم، ولا يمكن أن يدخل الجنة أبداً.
القسم الأول: الشرك الأكبر، وهذا هو الذي بينا ترتب الأحكام الشرعية عليه.
القسم الثاني: الشرك الأصغر.
والفرق بينهما من عدة جهات:
الجهة الأولى: أن المشرك شركاً أكبر غير مسلم، وأما المشرك شركاً أصغر فإنه مسلم.
الجهة الثانية: أن أحكام الإسلام تنطبق على المشرك شركاً أصغر، ولا تنطبق على المشرك شركاً أكبر.
الجهة الثالثة: أن المشرك شركاً أكبر لا يدخل الجنة ولا يجد ريحها أبداً، ويكون مخلداً في نار جهنم، وأما المشرك شركاً أصغر فإن مصيره -وإن عذب في النار- إلى الجنة.
والأسباب التي تجعل الإنسان يخاف من الشرك عدة، منها قول الله عز وجل: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48]، فمن كان مشركاً ومات على الشرك ولم يتب، فإن الله عز وجل لا يغفر له أبداً ويكون مخلداً في نار جهنم.
أما الذنوب التي هي أقل من الشرك فإنها تحت مشيئة الله عز وجل، فإن شاء عذب صاحبها وإن شاء غفر له، ويرجع في آخر أمره إلى الجنة إذا كان موحداً.
وقال الخليل عليه السلام: وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ [إبراهيم:35]، فهو يدعو الله عز وجل أن يبعده هو وأولاده عن الشرك، حيث قال: وَاجْنُبْنِي يعني: باعدني وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ ، فكان إبراهيم يخاف على نفسه الشرك، مع أن إبراهيم هو أبو الأنبياء وهو إمام الموحدين، وهو الذي كسر الأصنام واجتهد في محو الشرك علماً وعملاً، علماً بالحجة وبيان التوحيد ورفض الشرك، وعملاً بتكسير الأصنام بيده في قصة مشهورة في القرآن وفي كتب التفسير.
وفي الحديث: (أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، فسئل عنه، فقال: الرياء) ، وهذا حديث حسن.
وهو يدل على أهمية الخوف من الشرك حتى ولو كان شركاً أصغر، لا يخرج صاحبه من الملة؛ لأنه جاء في أثر عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: [لئن أحلف بالله كاذباً خير لي من أن أحلف بغيره صادقاً] ويقصد بذلك أن الشرك الأصغر أشد عند الله سبحانه وتعالى من كبائر الذنوب، فهو يرى أنه أشد من اليمين الغموس، وهي من الكبائر التي تغمس صاحبها في نار جهنم.
وفي هذا الحديث دليل على أن الشرك الأصغر مصطلح موجود في كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وأن الإتيان بكلمة (الأصغر) في وصف الشرك ليس مسألة اجتهادية من العلماء، وإنما هي مسألة منصوص عليها في كلام النبي صلى الله عليه وسلم.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من مات وهو يدعو من دون الله نداً دخل النار) رواه البخاري .
ولـمسلم عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من لقي الله لا يشرك به شيئاً دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به شيئاً دخل النار)، وفي هذين الحديثين توكيد على ما أشرنا إليه من انقسام الناس إلى قسمين:
قسم مسلم ولو وقع في شيء من الشرك الأصغر، فمصيره إلى الجنة.
وقسم آخر هو المشرك شركاً أكبر، فهذا سيكون من أهل النار ولن يدخل الجنة أبداً.
وكل هذه النصوص تدل على الحذر من الشرك والتخويف منه، ووجوب الخوف منه على الإنسان حتى ولو كان وقد ولد في بيئة إسلامية، ولهذا بوب العلماء باباً بعنوان: [باب ما جاء في أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان]، وعبادة الأصنام هي من أبعد ما يتخيله الإنسان من صور الشرك، وقد يقع الإنسان في أنواع متعددة من شرك الإرادة أو شرك التشريع أو شرك المحبة أو شرك الخوف أو نحو ذلك من أنواع الشرك التي سيأتي بيانها بالتفصيل، أما شرك الأصنام فإنه واضح، ومعركة النبي صلى الله عليه وسلم مع كفار قريش إنما كانت في هذا الموضوع، فيبعد في العادة أن يرجع أحد من المسلمين فيعبد الأصنام، ولكن هذا يدل على أن الفتن تكثر في آخر الزمان، وأن الناس يضعف فيهم العلم، ويقل فيهم الدعاة والمجددون والمصلحون، وأن الشرك ينتشر فيهم بشكل كبير، وسيأتي معنا في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه: (لن تقوم الساعة حتى تضطرب إليات نساء دوس حول ذي الخلصة) وهو صنم مشهور من أصنام الجاهلية، ولهذا ينبغي للإنسان أن يحذر من الشرك غاية الحذر، وأن لا يزكي نفسه ولا يزكي أتباعه وأصحابه وأهل بلده بأنهم بعيدون عن الشرك، فنحن أحوج ما نكون إلى أن ننقي أنفسنا وضمائرنا من الشرك، فهذا هو الغرض الذي عقد الشيخ من أجله هذا الباب العظيم، وهو باب الخوف من الشرك.
فإنه يمكنك أن تذهب إلى الحلاق وتحلق رأسك لأنك تريد النظافة، وربما يكون شعرك فيه مشكلة أو مرض، فتحلق رأسك، وهذا ليس عبادة، ولكن حلق الرأس بعد أداء العمرة عبادة، وحلق القبوريين لرءوسهم بعد الطواف بالقبر عبادة، يفعلونه تشبهاً بالعمرة التي تفعل في المكان المشروع، وهو البيت الحرام، وهذا لا يصح فعله؛ لأنه صرف للعبادة لغير الله سبحانه وتعالى.
إذاً: ضابط الشرك الأكبر فهو: صرف العبادة لغير الله عز وجل، وإذا سئلت عن أي مسألة من المسائل ليس فيها صرف للعبادة لغير الله عز وجل فلا يجوز أن تحكم بأنها شرك، وإذا وجدت عبادة صريحة واضحة صرفت لغير الله فهذا شرك لا شك فيه.
والعبادة هي الذل والخضوع مع المحبة للمعبود.
وللشرك الأصغر ضابطان:
الضابط الأول: أنه كل ما ثبت بنص شرعي أنه شرك، ولكن دلت الدلائل على أنه غير مخرج من الملة، فهناك نصوص شرعية وصفت مجموعة من الأعمال أو الأقوال أو الإرادات بأنها شرك، وفي المقابل نصوص شرعية أخرى بينت أن هذه الأعمال لا تخرج عن الملة ولا تخرج عن دائرة الإسلام.
وسيأتي معنا في أمثلة الشرك الأصغر ما يؤكد هذه القضية ويدلل عليها بإذن الله تعالى.
الضابط الآخر: أن الشرك الأصغر هو كل قول أو عمل أو إرادة ليس من العبادة، ولكن يتوسل به إلى الشرك الأكبر، مثل الغلو، فالغلو في حد ذاته ليس شركاً؛ فمن الممكن أن يأتي إنسان ويعظم النبي صلى الله عليه وسلم تعظيماً شركياً، ويمكن أن يعظمه تعظيماً غير شركي، فعندما يتوسل أحد بجاه النبي صلى الله عليه وسلم ويقول: اللهم إني أتوسل إليك بجاه محمد صلى الله عليه وسلم، فهذا غلو وبدعة، وليس من السنة في شيء.
وهناك نوع آخر من التوسل، كأن يقول: يا رسول الله! اغفر ذنبي، فهذا شرك.
فكلاهما غلو، ولكن أحدهما أصغر والثاني أكبر، وسيأتي معنا بيان ذلك في الأمثلة.
فالشرك الأكبر هو صرف العبادة لغير الله عز وجل، والشرك الأصغر منه الأمور التي تعتبر وسائل وطرقاً إلى الشرك الأكبر، وليست شركاً أكبر محضاً ولا صرفاً لعبادة لغير الله، لكنها طرق توصل إليه، وهذا الضابط ذكره الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي في شرحه القول السديد، وهو من أجمل الضوابط وأنفعها لطالب العلم.
الأمر الأول: التصريح بأن العمل شرك أصغر، مثل تصريح النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال: (أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر: الرياء)، فهذا تصريح بأنه شرك أصغر، ويشبه هذا إرادة الإنسان بعمله الدنيا.
الأمر الثاني: عدم ترتب حد الردة عليه، فقد كان يحصل الشرك الأصغر في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يرتب النبي صلى الله عليه وسلم عليه حد الردة، ويدل لذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الرقى والتمائم والتولة شرك)، والتمائم لبسها بعض الصحابة في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم وأنكر عليهم ذلك، وأمر بأن تقطع الأوتار التي تعلق في رقاب الإبل، ولم يرتب أحكام الردة والكفر المخرج من الملة على أفعال هؤلاء وتصرفاتهم، فهذا يدل على أن هذا المشرك ليس شركاً مخرجاً عن الملة، بل هو شرك أصغر.
الأمر الثالث: أن يأتي لفظ الشرك منكراً، كقوله صلى الله عليه وسلم: (الرقى والتمائم والتولة شرك)، فلم يقل صلى الله عليه وسلم: إن الرقى هي الشرك؛ لأن الشرك عندما يكون معرفاً بـ(أل) فإنه يدل على أنه الشرك المعهود، وهو الأكبر، كقوله صلى الله عليه وسلم: (بين العبد وبين الشرك ترك الصلاة) ، فهنا عرف الشرك بـ(أل)، فهذا يدل دلالةً صريحةً على أن الشرك المعني هنا هو الشرك الأكبر، بينما قال صلى الله عليه وسلم في الشرك الأصغر: (الرقى والتمائم والتولة شرك)، فجاءت كلمة (شرك) نكرة ليس فيها (أل)، وهذا يدل على أن ذلك شرك أصغر.
الأمر الرابع: فهم الصحابة للنصوص معتبر، فإذا فهم الصحابة من نص من النصوص الشرك فيه ليس مخرجاً من الملة؛ فهذا يدل على أنه شرك أصغر، وسيأتي بيانه -إن شاء الله- معنا في باب الطيرة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الطيرة شرك) ، قال بعض الصحابة: وما منا إلا ويقع في شيء من ذلك، ولكن يغلبه الإنسان بالتوكل.
فهذه مجموعة من القواعد والضوابط في موضوع الشرك الأصغر، أما أنواع الشرك الأصغر فهي كثيرة جداً وقد ذكر الشيخ الرقى الشركية وذكر التمائم وذكر التبرك وذكر الطيرة، وذكر الحلف بغير الله، ونحو ذلك من الأمور التي هي من الشرك الأصغر.
والرقية تنقسم إلى قسمين: رقية شرعية ورقية شركية.
فالرقية الشرعية: هي التي تكون بالقرآن الكريم وبأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وبالكلام الصحيح الواضح، فإذا كان هناك أدعية صحيحة واضحة مبينة ليس فيها تكلف، فإنها تعتبر من الرقى الشرعية، ولهذا ورد في حديث عوف بن مالك الأشجعي أنه قال: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (اعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً) وكان عند أهل الجاهلية رقىً يرقون بها، فلما سئل عنها النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً).
وكان عند اليهود والنصارى رقى في التوراة والإنجيل، وبعض هذه الرقى صحيح؛ ففي الموطأ بسند صحيح أن أبا بكر دخل على عائشة رضي الله عنها وعندها يهودية ترقيها فقال: (ارقيها بكتاب الله) يعني: بالتوراة.
قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في فتح الباري: وهذا يدل على أن الرقى والأدوية الموجودة في التوراة والإنجيل لم يلحقها التحريف؛ لأنها لو حرفت لفسدت، فهم يعرفون ذلك، فهم لم يحرفوا إلا العقائد والأحكام، أما هذه الرقى فلم يحرفوها، فالرقى ليست توقيفية، بل يمكن فيها الاجتهاد من حيث ألفاظ الرقية إذا كانت صحيحة من حيث المعاني، ولهذا يشترط أن تكون باللغة العربية الواضحة المبينة البينة، أما الرقى بالألفاظ الأعجمية والمجهولة والرموز والأحرف والأرقام ونحو ذلك مما يستعمله بعض الكهنة والمشعوذين والسحرة، فلا يجوز أبداً أن يرقي الإنسان بها أو أن يجعل غيره يرقيه بها.
وأما الرقى الشركية فتنقسم إلى قسمين: رقى شرك أكبر، ورقى شرك أصغر.
ورقى الشرك الأكبر نوعان:
النوع الأول: الرقية التي تتضمن استغاثة بغير الله، أو دعوة لغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله سبحانه وتعالى، فهذا شرك أكبر، وسيأتي معنا موضوع خاص يتعلق بدعاء غير الله سبحانه وتعالى.
النوع الثاني: أن يعتمد الإنسان على الرقية اعتماداً تاماً من كل وجه، فهذا شرك أكبر في الربوبية.
أما من اعتقد أنها سبب من الأسباب فحكم ذلك بحسب نوع الرقية، فإن كانت رقية شرعية فلا شيء فيها، وإن كانت غير شرعية فإنه بحسب ما فيها من الكلام كما سبق أن بينا.
والفارق بين الشرك الأكبر والأصغر فيما يتعلق بالتمائم هو اعتماد القلب، فإذا اعتمد عليها اعتماداً تاماً شاملاً فهذا شرك أكبر، وإذا لم يعتمد عليها بل اعتبر أنها سبب وأن الشافي هو الله سبحانه وتعالى، فهذا شرك أصغر؛ لأنه جعل شيئاً من الأشياء من الأسباب وهو ليس من الأسباب شرعاً ولا قدراً.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب: من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه.
وقول الله تعالى: قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ [الزمر:38].
وعن عمران بن حصين رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً في يده حلقة من صفر، فقال: (ما هذا؟ قال: من الواهنة، فقال: انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهنًا، فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبداً)، رواه أحمد بسند لا بأس به.
وله عن عقبة بن عامر رضي الله عنه مرفوعاً: (من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له)].
ومن التمائم حجارة يأخذونها من البحر يعلقونها على رقابهم أو على رقاب دوابهم يتقون بها العين.
والحديث الأول -حديث عمران بن الحصين - فيه إشكال كبير عند العلماء في قوله: (فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبداً)، فإن ظاهر الحديث أنه كافر كفراً أكبر، ولكن يبدو -والله تعالى أعلم- أن هذا الحديث ليس صحيحاً، بل هو حديث ضعيف رواه الإمام أحمد وابن ماجة والحاكم ، وفي إسناده فضالة بن المبارك ، وهو ضعيف؛ لأنه مدلس قبيح التدليس، وقد عنعن.
أما الحديث الثاني -وهو قوله: (من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له)- ففي سنده ضعف أيضاً، وقد رواه الإمام أحمد وغيره، وإن كان بعض أهل العلم قد صححه، مثل المنذري والمناوي ، وذكر الحافظ رحمه الله في: (تعجيل المنفعة) أن رجاله موثقون، فالحديث فيه خلاف من حيث صحته وضعفه، ولكن الرواية التي بعده رواية صحيحة.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وفي رواية: (من تعلق تميمة فقد أشرك)].
وهذا يدل على أن التمائم من الشرك، وتكون شركاً أصغر أو شركاً أكبر بحسب ما يكون بقلب صاحبها، فإن اعتقد أن هذه التميمة تنفع وتضر من دون الله سبحانه وتعالى، أو مع الله فهذا شرك أكبر، وإن اعتبرها سبباً من الأسباب فهذا شرك أصغر.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ولـابن أبي حاتم عن حذيفة أنه رأى رجلاً في يده خيط من الحمى، فقطعه وتلا قوله: وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ [يوسف:106]].
في الصحيح عن أبي بشير الأنصاري رضي الله عنه أنه: (كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، فأرسل رسولاً أن لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر، أو قلادة إلا قطعت)].
سبق أن بينا أنهم كانوا يجعلون القلائد على الجمال والدواب وعلى الأطفال وعلى أنفسهم يتقون بها العين، وهنا مسألة لا بد من التنبيه عليها، وهي أن التمائم تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: تمائم ليس في حكمها خلاف، وهي التمائم التي تكون من الأحجار أو الودع أو الخيوط ونحو ذلك، ويدخل في ذلك ما يضعه بعض الناس في سياراتهم مثل العرائس ونحوها يتقون بها العين، وبعضهم قد يجعل في درج غرفة النوم شيئاً من الأشياء يظن أنه يدفع عنه العين، فكل هذه من التمائم ولو اختلفت صورها وأشكالها؛ لأن حقيقتها واحدة.
القسم الثاني: تعليق القرآن، وهو مختلف فيه، فلو أن إنساناً علق في رقبته مصحفاً يتقي به العين، أو من أجل أن يزيل عنه مرضاً به؛ فهذه المسألة وقع فيها خلاف بين السلف رضوان الله عليهم، فمنهم من جوزها وأباحها؛ لأن القرآن مما يستشفى به، والصحيح من أقوال أهل العلم -وهو مذهب ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما منع ذلك؛ لأن أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في التمائم عامة، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعرف عنه أنه شرع للناس أن يعلقوا هذه التمائم من القرآن، ولأن القرآن أنزله الله عز وجل للتدبر ولم ينزله للتعلق، ولأنه إذا وضع في رقبة الإنسان أو في رقبة دابة من الدواب؛ فإن هذا مدعاة للاستهانة به، ولأن الشفاء المقصود بالقرآن هو بتلاوته وقراءته والرقية به، وليس المقصود تعليقه، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم كيفية الاستشفاء به ووضحه عليه الصلاة والسلام.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وعن ابن مسعود قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الرقى والتمائم والتولة شرك). رواه أحمد وأبو داود ].
هذا واضح في أن الرقى منها ما يكون شركاً، وهناك أحاديث كثيرة تدل على أن الرقى منها ما يكون شرعياً، ومنها أن النبي صلى الله عليه وسلم رقى ورقي، ومنها أنه قال: (اعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً) فقسم الرقى إلى قسمين: قسم لا بأس به، وقسم به بأس، وهو الشرك.
وأما التولة فهي نوع من أنواع السحر وهو سحر العطف؛ إذ السحر ينقسم إلى قسمين: صرف وعطف، فالعطف هو جمع بعض القلوب على بعض، والصرف صرف بعضها عن بعض، والتولة: اسم لسحر العطف الذي يحبب بعض الناس إلى بعضهم، وقد فسره الشيخ بذلك.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وعن عبد الله بن عكيم مرفوعاً: (من تعلق شيئاً وكل إليه). رواه أحمد والترمذي ].
وأحاديث ابن مسعود وحديث عبد الله بن عكيم كلها صحيحة محتج بها.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [التمائم: شيء يعلق على الأولاد من العين، لكن إذا كان المعلق من القرآن فرخص فيه بعض السلف، وبعضهم لم يرخص فيه، ويجعله من المنهي عنه، منهم ابن مسعود رضي الله عنه].
لأنه في حديث بريدة بن الحصيب (أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في الرقى من العين والحمى)، والحمى: هي لدغة العقرب أو الحية التي يكون فيها السم، بل إنه عليه الصلاة والسلام رخص فيما هو أوسع من ذلك.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [التولة: شيء يضعونه يزعمون أنه يحبب المرأة إلى زوجها والرجل إلى امرأته.
وروى أحمد عن رويفع قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا
وهذا حديث صحيح، وموطن الشاهد منه قوله: (أو تقلد وتراً) يعني: لدفع العين أو رفع البلاء.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وعن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال: من قطع تميمة من إنسان كان كعدل رقبة. رواه وكيع .
وله عن إبراهيم قال: كانوا يكرهون التمائم كلها من القرآن وغير القرآن].
إبراهيم هو النخعي ، وهو من فقهاء الكوفة، وقوله: (كانوا) يعني أصحاب ابن مسعود رضي الله عنه.
وهناك نوع ثان من التبرك، وهو التبرك المذموم، وهو أن يتبرك الإنسان بأحجار أو بأشجار، أو يتبرك بأشخاص، أو يتبرك بفضلات إنسان، كالتبرك بما بقي من مائه أو ما بقي من أكله أو لبسه أو نحو ذلك، وكل ذلك من الشرك الأصغر.
إذاً: يمكن تقسيم التبرك إلى قسمين: تبرك محمود، وتبرك مذموم
فالتبرك المحمود: يشترط فيه عدة شروط.
الشرط الأول: أن يدل دليل صحيح صريح على أن هذا الأمر فيه بركة.
الشرط الثاني: أن يكون التبرك به بنفس الطريقة المشروعة التي شرعها الرسول صلى الله عليه وسلم، فماء زمزم يكون التبرك به بشربه والتضلع منه، فلو أن إنساناً أخذ ماء زمزم ليداوي به الجروح فإنا نقول له: أخطأت الطريق هنا.
وبلاد الشام مباركة، والحرم مبارك، فلو أن إنساناً جاء إلى الحرم وقال: هذا مبارك، وبدأ يتمسح بأشجاره وأحجاره ويأكل من ترابه ويعمل نحو هذه الأعمال التي لم ترد في الشرع، فإنا نقول له: قد أخطأت، فإن الحرم مبارك، والبركة التي تكون فيه هي بكثرة الطواف بالطريقة المشروعة التي بينها النبي صلى الله عليه وسلم.
والنوع الثاني: التبرك الممنوع، وينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: ادعاء البركة في أماكن لم يدل الدليل الشرعي على أنها مباركة، فبعض الناس يأتي إلى قبر من القبور وينصب عليه قبةً كبيرةً ويجعل له مدخلاً ومخرجاً، ويجلس فيه ويقول: هذه روضة من رياض الجنة، وهذا المكان مبارك، فهذا ابتدع بدعة من عنده، فإن أماكن القبور لم يدل دليل صحيح صريح على أنها أماكن مباركة، فلا بد من أن يدل دليل صحيح على أن هذا الأمر مبارك؛ لأن البركة أمر موجود في العين المباركة لا يمكن أن يكشف عنه إلا من خلقه، وهو الله سبحانه وتعالى، وذلك إما بكلام منه في القرآن أو بكلام من النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن كلام النبي صلى الله عليه وسلم وحي، أما ادعاء البركة بدون دليل فهو من الشرك.
القسم الثاني: التبرك ببعض الأماكن المباركة بغير الطريقة الشرعية، مثل الذي يأتي ويتمسح بمقام إبراهيم، أو يأتي ويتمسح بسواري الحرم، أو يذهب إلى بيت المقدس ويتمسح به ونحو ذلك، مع أن هذه أماكن مباركة دل الدليل على أنها مباركة، لكنه تبرك بها بشكل غير مشروع فهذا من الشرك الأصغر.
والتبرك قد يكون شركاً أكبر إذا أوصلك اعتقاد البركة في الشيء إلى عبادته، فالذي جعل كفار قريش يعبدون مناة واللات والعزى ونحو ذلك هو التبرك، واللات كان رجلاً صالحاً يلت السويق للحجاج ويطعمهم ويسقيهم، وكان رجلاً فاضلاً، فلما مات عكفوا على قبره فتبركوا به، ووصل التبرك به إلى درجة أنهم أصبحوا يعبدونه من دون الله، ويظنون أنه يرفع عبادتهم إلى الله سبحانه وتعالى، فوقعوا في الشرك، وهذا هو -أيضاً- فعل قوم نوح، كما قال الله عز وجل: وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا [نوح:23]، فهذه أسماء لرجال صالحين كانوا في قوم نوح ماتوا في شهر واحد، فصوروا على صورهم على هيئة تماثيل، ثم بعد أن نسي العلم وزال عبدوا من دون الله سبحانه وتعالى.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب: من تبرك بشجر أو حجر ونحوهما.
وقول الله تعالى: أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى * أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنثَى * تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى [النجم:19-22].
جاء الشيخ بهذه الآية مع أنها في شرك المشركين المخرج من الملة؛ لأن السبب الذي جعلهم يعبدونها من دون الله هو التبرك، فالتبرك قد يصل إلى الشرك الأكبر إذا أوصل صاحبه إلى عبادة المبارك، وقد يصل إلى الشرك الأصغر إذا كان وسيلة، كما بينا في الفرق بين الشرك الأكبر والشرك الأصغر.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وعن أبي واقد الليثي قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين ونحن حدثاء عهد بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون عندها، وينوطون بها أسلحتهم يقال لها: ذات أنواط].
يعني: يعلقون أسلحتهم بها لأجل البركة.
قال: [فمررنا بسدرة، فقلنا: يا رسول الله! اجعل لنا ذات أنواط، كما لهم ذات أنواط، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الله أكبر! إنها السنن، قلتم -والذي نفسي بيده- كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اجْعَل لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ [الأعراف:138]، لتركبن سنن من كان قبلكم) رواه الترمذي وصححه].
فهؤلاء قوم من المشركين كانوا يتبركون بشجرة ينوطون بها أسلحتهم، فأراد هؤلاء الحدثاء العهد بكفر أن يكون لهم سدرة يتبركون بها، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم وحذرهم تحذيراً كبيراً؛ لأن هذا طريق إلى الشرك، أو لأن بعض صور التبرك من الشرك.
وقوله تعالى: لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا [التوبة:108]].
قول الله تعالى: لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا هذا في قصة مسجد الضرار الذي بناه المنافقون، من أجل أن يضاهوا به مسجد قباء، فنهاه الله عز وجل أن يقوم فيه أبداً؛ لأن الموضع الذي يعبد فيه غير الله عز وجل أو لا يكون خالصاً لله عز وجل لا يصح الجلوس فيه والبقاء فيه، فالشاهد من هذه الآية للباب هو من جهة كون هذا المكان بني لغير الله سبحانه وتعالى، وليس فيه ما يتعلق بالذبح، فهو من باب الاستدلال بجهة عامة وليست جهة خاصة.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وعن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه قال: (نذر رجل أن ينحر إبلا ببوانة، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟ قالوا: لا، قال: فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟ قالوا: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوف بنذرك، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم). رواه أبو داود ، وإسناده على شرطهما.
بوانة: موطن في الطريق للخارج من المدينة إلى تبوك، وهو موجود الآن بهذا الاسم.
وهذا الحديث يدل على المنع من عبادة الله عز وجل في المكان الذي يعبد فيه غير الله سبحانه وتعالى؛ لأن ذلك ذريعة لعبادة غير الله، ووسيلة وطريق يفضي إليها، وهذا الحديث يدل على باب عظيم، وهو باب سد الذرائع، فهذا الباب باب عظيم يجهله كثير من الناس، وفي نفس الوقت يستغربون من مواقف بعض الصالحين وبعض أهل العلم الذين يقفون من بعض التصرفات ومن بعض الأعمال موقفاً قوياً، فيتعجبون من هذا التصرف مع أن الشيء ليس حراماً في الظاهر، والسبب هو أن الشيء إذا كان وسيلةً وطريقةً إلى محرم فإنه لا يجوز أبداً بأي حال من الأحوال، فأي وسيلة من وسائل الاختلاط تكون محرمة، وأي وسيلة من وسائل عبادة غير الله عز وجل تكون محرمة، وأي وسيلة من وسائل الشر بأي وجه من الوجوه تكون محرمة، فالحديث مع النساء -مثلاً- فيما لا داعي إليه محرم؛ لأنه طريق سيوصل إلى الحرام، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الحديث مع النساء، ويحمل نهيه على ما لا داعي إليه، أما إذا كان هناك داع فإنه يصح الحديث، كما حصل منه عليه الصلاة والسلام.
وهكذا أشياء كثيرة جداً لم تحرم لذاتها، وإنما لأنها طريق مفض إلى الحرام، وهذه القاعدة يجهلها كثير من الناس ولا يعرفها، ولهذا قد يتعجب من بعض آراء وأفكار ومناهج بعض المصلحين وبعض الدعاة في بعض التصرفات والأقوال والأعمال.
في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها: (أن
هذا الباب يشبه الباب الذي قبله، فالذي قبله كان في الذبح، وهذا الباب عام فيمن عبد الله عند قبر رجل صالح، يعني: جاء إلى قبر رجل صالح وصلى عنده لله، أو دعا عنده لله، أو بدأ يقرأ القرآن عنده لله عز وجل، فهذا لا يجوز؛ لأنه وسيلة إلى الشرك، فإذا كان النهي عن عبادة الله عند قبر رجل صالح فكيف إذا عبده من دون الله؟! فلا شك في أن النهي سيكون أكبر، فهذا الباب يشبه الباب الذي قبله، والفرق بينهما أن الأول في الذبح وهذا عام في العبادات كلها.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ولهما عنها قالت: (لما نُزِل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه، فإذا اغتم بها كشفها عن وجهه فقال وهو كذلك: لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. يحذر ما صنعوا، ولولا ذلك أُبرز قبره، غير أنه خُشي أن يتخذ مسجداً) أخرجاه].
وموطن الشاهد من الحديث هو قوله: (اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) يعني: جعلوا المكان الذي يقبر فيه النبي مسجداً للصلاة، فلو كانت الصلاة لله عز وجل فإنها تجوز؛ لأنها وسيلة من وسائل الشرك.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ولـمسلم عن جندب بن عبد الله قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس وهو يقول: (إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل؛ فإن الله قد اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً، ولو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذت
وموطن الشاهد هنا هو نفسه موطن الشاهد من الحديث السابق.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فقد نهى عنه في آخر حياته ثم إنه لعن -وهو في السياق- من فعله، والصلاة عندها من ذلك، وإن لم يبن مسجد].
قوله: [وهو في السياق] يعني: في سياق الموت.
والمعنى أنه لو جاء إلى مقبرةً ليس فيها مسجد، وأنشأ الصلاة عندها فإنه تشمله هذه الأحاديث جميعاً، فكيف إذا بنى مسجداً وأصبح مكاناً يعهد للتعبد؟! فلا شك فإن ذلك سيكون أشد، ويكون انطباق الحديث عليه أصرح.
قال: [وهو معنى قولها: (خشي أن يتخذ مسجداً). فإن الصحابة لم يكونوا ليبنوا حول قبره مسجداً، وكل موضع قصدت الصلاة فيه فقد اتخذ مسجداً، بل كل موضع يصلى فيه يسمى مسجداً كما قال صلى الله عليه وسلم: (جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً).
ولـأحمد بسند جيد عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعاً: (إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء، والذين يتخذون القبور مساجد). ورواه أبو حاتم في صحيحه].
هذه النصوص كلها تدل على أن اتخاذ القبور مساجد وأماكن للصلاة من الوسائل التي توصل إلى الشرك الأكبر، وهي من الشرك الأصغر، وهي تدل على قاعدة عظيمة من قواعد الشرع، وهي قاعدة سد الذريعة.
وقول الله تعالى: قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا [الكهف:110].
وعن أبي هريرة مرفوعاً: قال الله تعالى: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه)، رواه مسلم ].
وهذا دليل صريح وواضح على أن العمل الذي يكون فيه الرياء يكون باطلاً؛ لأنه تعالى قال: (تركته وشركه)، فلو راءى تركه ورياءه.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [عن أبي سعيد مرفوعاً: (ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: الشرك الخفي: يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته، لما يرى من نظر رجل) رواه أحمد ].
بقي من أنواع الشرك الأصغر باب عقده المصنف خاص بالرياء، والرياء هو أصرح صورة من صور الشرك الأصغر؛ لأنه ورد في الحديث مصرحاً عندما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، فسئل عنه فقال: الرياء)، وهذا صريح في اعتبار الرياء من الشرك الأصغر.
والرياء: هو أن يعمل الإنسان العمل لغير الله سبحانه وتعالى، فيزين الإنسان صلاته لنظر شخص من الأشخاص إليه، وهذا العمل من الشرك الأصغر، ويكون الرياء كفراً مخرجاً عن الملة بالكلية عندما يراءني بأصل إسلامه، فإذا جعل أصل إسلامه رياءً وفإنه يكون حينئذ منافقاً، أما إذا كان أصل الإسلام لله عز وجل وهو مسلم لله سبحانه وتعالى، لكن حصل له الرياء في بعض أعماله فهذا شرك أصغر، قد يكون شركاً أكبر بحسب العمل الذي يقع فيه الرياء، فإذا أنشأ العمل من أجل الناس فهذا من الشرك الأصغر، وإذا قصد به الإنسان نفسه فإنه يكون تعبداً لغير الله، فلو أن إنساناً قام فدفعه إلى الصلاة رؤية شخص وكانت الصلاة لله فهذا شرك أصغر؛ لأنه لم يصرف عبادة من العبادات لغير الله عز وجل، لكن الصلاة باطلة كلها ولا يقبل منها شيء؛ لأن الدافع هو مدح فلان أو المراءاة لفلان، أما إذا بدأ الصلاة لله سبحانه وتعالى، ثم طرأ عليه الرياء، فإما أن يغلب عليه ويستحسنه ويرتاح له، وإما أن يدفعه عن نفسه، فإن دفعه عن نفسه وجاهد نفسه فإن صلاته صحيحة، وأما إذا استرسل معه واستمر معه فلا تخلو العبادة من نوعين:
النوع الأول: أن تكون هذه العبادة مما لا يتجزأ، مثل الصلاة، فتكون باطلة.
النوع الثاني: أن تكون العبادة مما يتجزأ، فما كان فيه مخلصاً فعمله صحيح، وما طرأ عليه الرياء فهو فاسد.
وذلك مثل صلاة التراويح، فقد يصلي الإنسان ركعتين بإخلاص لله تعالى، ثم صلى ركعتين فيرائي فيهما، فتبطل الركعتان اللتان راءى فيهما، وأما الركعتان اللتان أخلص فيهما فهما مقبولتان، مع أن الجميع يُسمى صلاة التراويح.
ومثل صلة الأرحام، فعندما يزور الإنسان أحد أقاربه مخلصاً لله عز وجل يكون عمله مقبولاً، فإن زار بعد ذلك مباشرة أحدهم وطرأ عليه الرياء وارتاح له واستمر معه فزيارته الثانية باطلة وغير مقبولة.
فهذا هو المقصود بالعبادة التي تتجزأ والعبادة التي لا تتجزأ.
وبعضهم فرق بينهما، والصحيح هو التفريق، وأصح نوع من أنواع التفريق هو القول: بأن إرادة الإنسان بعمله الدنيا عامة والرياء إرادة خاصة، وكل ذلك فعل لغير الله سبحانه وتعالى، لكن إرادة الدنيا عامة، فقد يريد الإنسان منفعة مالية، وقد يريد منفعةً دنيويةً، وقد يتعلق بشيء من الشهوات لا بالمدح والثناء، أما الرياء فمتعلق بالمدح والثناء، والأحكام التي سبقت في موضوع الرياء هي -أيضاً- منطبقة على إرادة الإنسان بعمله الدنيا، فتكون إرادة الإنسان بعمله الدنيا شركاً أكبر مخرجاً عن الملة إذا كان أصل الإسلام يريد الإنسان به الدنيا، ويكون حينئذ من جملة المنافقين، أما إذا كان أصل إسلامه يريد به وجه الله والدار الآخرة، وعمل بعض الأعمال لأجل الدنيا؛ فإنه يحكم عليه بحسب هذا العمل وبحسب درجة إرادة الدنيا فيه، كما سبق في الرياء، فإن كان بدأ بالعمل من أصله يريد به الدنيا فهو مردود، وكل الآيات والأحاديث التي جاءت في بطلان العمل إذا كان شركاً يستدل بها على بطلان إرادة الإنسان بعمله الدنيا، مثل قوله عز وجل: مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ [إبراهيم:18]، وقول الله عز وجل: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ [الزمر:65]، والحديث القدسي: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك)، وغيرها من النصوص التي تدل على بطلان الشرك، وهي -أيضاً- تدل على بطلان الرياء؛ لأنه من الشرك، وتدل على بطلان إرادة الإنسان بعمله الدنيا؛ لأنها من الشرك، فإذا كان أصل العمل مراداً به الدنيا فهو باطل، وإذا كان أصل العمل مراداً به وجه الله عز وجل، ثم طرأ عليه إرادة الدنيا فهو بحسب حال العامل، وإن دفع هذه الإرادة وجاهد نفسه فعبادته مقبولة، وإن لم يدفعها وغلبت عليه فإنه يحكم بالبطلان بحسب نوع العبادة، فإذا كانت تتجزأ فإنه يقبل منها العمل الخالص، وأما غير الخالص فلا يقبل، وإذا كانت لا تتجزأ فإنها لا تكون مقبولة، على نحو ما فصلناه في موضوع الرياء.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب: من الشرك إرادة الإنسان بعمله الدنيا.
وقوله تعالى: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ [هود:15]].
هذه الآية فيمن أراد الدنيا بأصل إسلامه، أو غلبت عليه إرادة الدنيا حتى أصبحت هي كل شيء بدل الدين، فهذا لا شك في أنه ليس بمسلم.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وفي الصحيح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة، إن أعطي رضي، وإن لم يعط سخط، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش، طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله، أشعث رأسه، مغبرة قدماه، إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة، إن استأذن لم يؤذن له، وإن شفع لم يشفع)].
هذا الحديث فيه كثير من الفوائد, ومما يتعلق بموضوعنا هنا أن النبي صلى الله عليه وسلم سمى من أراد الدنيا -ومثله من أراد المال- عبداً، فقال: تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة وعبد الخميلة، وهذا بحسب درجة العبودية التي عنده على نحو ما سبق تفصيله، وقد قسم الناس في هذا الحديث إلى قسمين:
قسم تعيس: وهو من أراد بعمله الدنيا.
وقسم له الطوبى، و(طوبى) في الأحاديث الواردة قيل: إنها الجنة، وقيل: هي شجرة عظيمة في الجنة.
فهذا ما يتعلق بالكلام في الشرك في الألوهية، وبعض أنواع الشرك الأصغر.
الجواب: الشرك الأصغر فيه خلاف بين أهل العلم هل هو داخل في قول الله عز وجل: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ [النساء:48]، أم أنه داخل في قوله: وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48] على قولين مشهورين لأهل العلم، ويبدو أنه داخل في عموم قول الله عز وجل: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ [النساء:48]؛ لعموم هذه الآية.
الجواب: نعم هذا الدعاء صحيح، وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله.
الجواب: العصرانيون: هم طائفة من المنتسبين إلى الدعوة الإسلامية وإلى الإسلام أثر عليهم ضغط الواقع الذي يعيشون فيه تأثيراً سلبياً، بحيث إنهم أصبحوا يؤولون النصوص الشرعية بسبب ضغط الواقع الذي يعيشون فيه، ومفهوم العصرانية يدخل فيه دعاة العلمانية؛ لأن العصرانية هي دعوة نشأت في الأديان الثلاثة الكبرى عند اليهود وعند النصارى وعند المسلمين، وأساس الفكرة التي عند هؤلاء جميعاً هو أن الواقع المعاصر المتطور لا يصلح لفهم النصوص الشرعية كما كان يفهمها السابقون، ولا بد من تطوير وتطويع هذه النصوص حتى توافق الواقع وتكون مناسبة له، ثم تاهوا في كيفية تطويعها، فطائفة منهم انسلخوا من الدين وقالوا: إن الدين هو عبادة في المسجد فقط، وأما بقية الحياة فلا علاقة لها بالدين، ونحن نبنيها بمقتضى العقل، وهؤلاء هم العلمانيون ودعاة التنوير كما يسمونهم.
وطائفة أخرى أنكروا على هؤلاء العلمانيين وقالوا: الدين شامل لكل شيء، لكن قضايا المرأة وقضايا الفنون وقضايا التعامل مع الكفار لهم فيها آراء غريبة عن آراء الجيل الأول وعن إجماع الجيل الأول، فهم يبيحون السفور، ويبيحون الفنون، ويختلفون في ذلك، فمنهم من يغلو، ومنهم من يكون دون ذلك، فبعضهم عنده غلو في هذا، وبعضهم أقل من بعض، فبعضهم يبيح التصاوير والمتاحف المشهورة ويبيح الموسيقى بكل أنواعها وصورها، ولهذا قد يشجع وجود بعض أنواع الموسيقى الغريبة؛ لأنها تهذب النفس وتهذب الضمير برأيه، وهناك كتاب للأستاذ محمد حامد الناصر عن العصرانيين بين التجديد والتغريب.
الجواب: استلام الحجر الأسود ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، واستلام الحجر الأسود بصفات متعددة: منها استلامه بيده، ومنها تقبيله، ومنها الإشارة إليه، ومنها استلامه بمحجن وتقبيل المحجن، وأما الركن اليماني فقد ورد أنه مسحه ولم يرد أنه قبله، ولم يرد أنه قبل يده عندما مسحه، فيجب الاكتفاء بسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما اعتقاد أنه شفاء للأبدان فهذا اعتقاد فاسد يرده كلام عمر بن الخطاب عندما قبله وقال: [والله إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك].
الجواب: إذا ثبت طبياً أن هذا المغناطيس له أثر على العظام فلا بأس، ويكون دواءً عادياً، لكن المنهي عنه هو الخيوط التي لا نفع فيها ولا فائدة فيها بأي وجه من الوجوه.
الجواب: هذا لا يجوز؛ لأن السحر طريقة علاجه تكون بالرقى والتعاويذ الشرعية، ولم يرد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعالج الناس بخيوط أو خواتم توضع في أيديهم ويكتب فيها اسم الزوجة، فهذه طريقة داخلة فيما سبق أن أشرنا إليه.
الجواب: هذا ليس فيه إشكال، ولكن لم يعهد أن الخيط يتخذ زينة.
الجواب: هذا من الخرافات، وهو من التفاؤل والتشاؤم الذي لا دليل عليه.
الجواب: إذا كان خيط الزينة فيه تشبه بالكفار فإن النهي يكون من باب النهي عن التشبة بالكفار، لكن لا يعتبر تميمة إذا كان لا يعتقد فيه، وهي عادات قبيحة اعتادها بعض الناس؛ لأن الخيط لم يعرف منذ قديم الزمان أنه يستخدم للزينة.
الجواب: هم لا يقصدون البركة، لكن المزاح إذا تجاوز حده لا يكون محموداً.
الجواب: هذا ليس بمشروع، ولهذا لما جاء معاوية بن أبي سفيان وتبرك بجميع أركان الكعبة نهاه ابن عباس رضي الله عنه، وبين أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستلم من الكعبة إلا الحجر الأسود والركن اليماني.
الجواب: نعم منعهم عندما كانوا يجتمعون فيها، بل إنه قطعها.
أما إتيان ابن عمر رضي الله عنه إلى الأماكن التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فيها فليس مقصوده التبرك بها بقدر ما هو تطبيق سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد كان ابن عمر يجتهد في اتباع هديه في كل شيء، ومع ذلك أنكر عليه بعض الصحابة رضوان الله عليهم.
الجواب: أنا لم أقل لا يتداوى به مطلقاً بأي طريقة، ولكن يتداوى به عن طريق الشرب، فيشرب ماء زمزم وينوي به الشفاء لمرضه، أما أن يضع الماء على الجرح فهذا غير وارد في سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
الجواب: النصوص عامة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ماء زمزم لما شرب له) فالبركة عامة ليس فيها تخصيص بالحرم فقط.
الجواب: أي نقص في العبادة ينقص من توحيد الإنسان، ولكن ليس معنى ذلك أنه آثم، فلا تترتب العقوبة على ترك شيء من السنن، أما أنه ينقص قدره وينقص توحيده التام الكامل فلا شك في ذلك، ولاشك في أنه لا يستوي مع من يأتي بالواجبات والسنن جميعاً.
الجواب: الشرك الخفي هو الذي يكون فيه خفاء وبعضهم يجعله من الشرك الأصغر، وبعضهم يجعله وصفاً عاماً يدخل فيه الأكبر والأصغر.
الجواب: الغش ليس شركاً أكبر؛ لأن قوله صلى الله عليه وسلم: (فليس منا) ليس قصده به أنه لا يكون مسلماً، وقد وردت أحاديث كثيرة فيها نفي الإيمان، مثل قوله: (لا يؤمن..) و(ليس منا..) ولكن لا يقصد بها التكفير، وإنما يقصد بها بيان تحريم هذا الأمر، ولهذا فإن الرجل الذي وجده النبي صلى الله عليه وسلم قد وضع الجيد من الطعام في الأعلى الذي أصابه البلل في الأسفل لم يستتبه النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يرتب عليه أحكام الكفر.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر