إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (320)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    حكم صلاة الوتر

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.

    هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج (نور على الدرب)، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: حياكم الله.

    ====

    السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من المستمع عبد الودود عبد الله ناجي مجاهد التميمي من اليمن، له جمع من الأسئلة في أحدها يقول: هل صلاة الوتر واجبة؟ وهل أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أهل القرآن بأن يوتروا؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فصلاة الوتر سنة عند أهل العلم، وهو الذي عليه جمهور أهل العلم أنها سنة، وليست واجبة، ولهذا قال علي رضي الله عنه: (ليس الوتر حتماً كآية مكتوبة، ولكنها سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم) ومن الأدلة على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: لما سئل عن ما زاد على الصلوات الخمس قال له السائل: (هل علي غيرها؟ قال: لا، إلا أن تطوع) لما سأل عن الصلاة، أخبره عن الصلوات الخمس؟ ثم قال السائل: (هل علي غيرها؟ قال: لا، إلا أن تطوع).

    فالوتر سنة مؤكدة ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، وأقله ركعة واحدة، وإن زاد فهو أفضل، كثلاث أو خمس أو أكثر من ذلك، وأفضله إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام، وإن أوتر بأكثر من ذلك فلا حرج، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (أوتروا يا أهل القرآن، فإن الله وتر يحب الوتر)، وهذا الأمر للتأكيد ليس للوجوب بل هو عند أهل العلم للتأكيد.

    1.   

    اختلاف نية الإمام والمأموم وأثره على الصلاة

    السؤال: إذا اختلفت نية المأموم والإمام فهل الصلاة صحيحة؟

    الجواب: الصواب أنها صحيحة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى في الخوف ببعض المسلمين ركعتين صلاة الخوف، ثم صلى بطائفة أخرى ركعتين، فصارت الأولى له فريضة والثانية له نافلة وهم لهم فريضة، وكان معاذ رضي الله عنه يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم في العشاء صلاة الفريضة، ثم يرجع فيصلي بقومه صلاة العشاء نافلة له وهي لهم فرض، فدل ذلك على أنه لا حرج في اختلاف النية.

    وهكذا لو أن إنساناً جاء إلى مسجد فصلى العصر وهو لم يصل الظهر، فإنه يصلي معهم العصر بنية الظهر، ولا حرج عليه في أصح قولي العلماء، ثم يصلي العصر بعد ذلك.

    1.   

    الحكمة في منع الحاج من صيام يوم عرفة

    السؤال: ما الحكمة في منع الحاج من صوم يوم عرفة؟

    الجواب: الحكمة فيما بين أهل العلم أنه يوم عيد، وهو يوم ينبغي فيه تعاطي ما يسبب النشاط والقوة في الدعاء والضراعة إلى الله والذكر، والصوم قد يضعفه عن ذلك، والنبي عليه السلام قال في يوم عرفة ويوم النحر، وأيام التشريق قال: (عيدنا أهل الإسلام) يعني: الأيام الخمسة: يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق الثلاثة، وهكذا يوم الجمعة لما كانت يوم عيد نهي عن صومها مفردة، فالأفضل في يوم عرفة أن لا يصوم، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة بعرفة، والنبي صلى الله عليه وسلم وقف يوم عرفة مفطراً وأهدي له لبن وهو واقف بعرفة على مطيته فشرب والناس ينظرون إليه عليه الصلاة والسلام.

    فالسنة للحجاج أن لا يصوموا يوم عرفة بل يفطرون؛ لأنه أقوى لهم على العبادة وأنشط لهم على الخير؛ ولأنه يوم عيد، والأعياد لا تصام، لكنه يوم عيد لا يحرم صومه، وإنما يستحب الإفطار فيه، في غير الحج كأصحاب المدن والقرى، فإن السنة أن يصوموه؛ لأنه يوم فاضل يصام، لكن بالنسبة إلى الحجاج هو عيد لهم، فالأفضل لهم أن لا يصوموه، بل يقفون بعرفات وهم مفطرون كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام، أما أهل القرى والأمصار والبوادي فالسنة لهم أن يصوموا يوم عرفة؛ لأنه يوم فاضل، أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن صومه يكفر السنة التي قبله والتي بعده، هو يوم عظيم، لكنه في حق الحجاج عيد لهم، يشرع لهم فيه الفطر.

    1.   

    تحديد وقت ليلة القدر

    السؤال: يقول: قرأت أقوالاً متعددة عن ليلة القدر، حدثونا عنها جزاكم الله خيراً، وعن وقتها إذا أمكن تحديده، جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: ليلة القدر هي أفضل الليالي، وقد قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ [القدر:3]، وقال فيها: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ [الدخان:3-4].

    فهي ليلة مباركة وهي ليلة القدر، وفيها يفرق كل أمر حكيم، ومن ذلك كتابة الأعمال والحوادث في ذلك العام، تكتب في ليلة القدر تفصيلاً بالقدر السابق، ومنها: أنها أفضل من ألف شهر، أي: أن العمل فيها والاجتهاد فيها خير من العمل والاجتهاد في ألف شهر مما سواها، وهذا فضل عظيم.

    وهي تكون في العشر الأواخر من رمضان، هكذا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم قال: (التمسوها في العشر الأواخر من رمضان) والأوتار آكد: واحد وعشرين.. ثلاث وعشرين.. خمس وعشرين.. سبع وعشرين.. تسع وعشرين.. هذه آكد وأفضل أحرى من غيرها، لقوله صلى الله عليه وسلم: (التمسوها في الوتر من العشر الأواخر من رمضان) وفي الأحاديث الأخرى الدلالة على أنها تلتمس في العشر كلها، لكن الأوتار أحراها، وأحرى الأوتار ليلة سبع وعشرين.

    1.   

    من أحكام الوضوء والأدعية الواردة في أثنائه

    السؤال: من المستمع حسن كاظم جاسم من العراق رسالة ضمنها جمعاً من الأسئلة، يقول في أحدها: ما هي أحكام الوضوء؟ وهل هناك أدعية واردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم أثناء الوضوء؟

    الجواب: الوضوء له فرائض وله شرائط، ويستحب في أوله التسمية وفي آخره الشهادة، بعدما يفرغ يقول: (أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين) وفي أوله يقول: (بسم الله) عندما يغسل يديه ليتوضأ، يغسل كفيه ثلاثاً، قبل أن يتمضمض يسمي عند ذلك، وله شرائط عشرة: الإسلام، والعقل، والتمييز، ونية رفع الحدث، واستصحاب حكم النية، وانقطاع الموجب الذي يوجب الوضوء من البول ونحوه، والاستنجاء والاستجمار قبله، إما استنجاء بالماء وإلا استجمار بالحجارة ونحوها، كالمناديل واللبن ونحو ذلك، وكون الماء طهوراً وكونه مباحاً، وإزالة ما يمنع غسل البشرة من عجين أو صمغ أو غير هذا مما يمنع وصول الماء إلى الجلدة، وهناك شرط حادي عشر في حق من حدثه دائم: أن لا يتوضأ إلا بعد دخول الوقت.

    وهذا أمر به النبي صلى الله عليه وسلم المستحاضة، وحكم صاحب السلس مثلها، والنبي عليه السلام قال للمستحاضة: (وتوضئي لوقت كل صلاة)، فيلحق بها جميع من حدثه دائم، كصاحب السلس الدائم البول، أو الريح الدائمة، هذا مثل صاحب الدم الدائم المستحاضة، يتوضأ إذا دخل الوقت، وبعض أهل العلم نازع في إباحة الماء، وقال: يجوز التوضؤ وإن كان غير مباح؛ لأن المقصود يحصل به من إزالة آثار النجاسة ومقتضى الحدث، والتحريم ليس خاصاً بالوضوء ولكن بجنس الماء، لابد يكون مباحاً لا يجوز له شربه ولا الوضوء به، ولا استعماله إلا إذا كان ملكاً له.

    والقاعدة: ما كان تحريمه عاماً لا يخص الصلاة فإنه لا يبطل الصلاة، وهكذا الصلاة في الثوب المغصوب والأرض المغصوبة؛ لأن النهي عام ما يخص الصلاة، ليس له أن يستعمل الثوب المغصوب، وليس له أن يجلس في الأرض المغصوبة، ولو كان في غير الصلاة.

    فإذا كان النهي عاماً فإنه لا يضر الصلاة، وإن كان لا يجوز له الفعل، فعلى هذا لو صلى في الأرض المغصوبة أو توضأ بالماء المغصوب أو صلى في الثوب المغصوب، صحت صلاته مع الإثم، يأثم وتصح صلاته، وهذا القول أرجح وهكذا النجاسة لو أزالها بالماء النجس بماء طهور لكنه مغصوب زالت ولكن يأثم، لو كان في ثوبه نجاسة وغسلها بماء مغصوب ماء طهور لكنه مغصوب زالت النجاسة وطهر الثوب مع كونه آثماً؛ لأن المقصود من الماء حصل.

    المقدم: جزاكم الله خيراً، يسأل عن الأدعية أثناء الوضوء؟

    الشيخ: ما ورد شيء مثلما تقدم، لا يشرع في الوضوء أدعية ما عدا التسمية في أوله والشهادة في آخره.

    1.   

    حكم الصلاة بعد العصر وقبل الغروب

    السؤال: سؤاله الثاني يقول: هل هناك سنة بعد صلاة العصر، وهل تجوز الصلاة قبل الغروب؟

    الجواب: ليس هناك سنة بعد العصر، لأنه وقت نهي، والرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس، إلا من عليه فوائت هذا يقضيها ولو بعد العصر، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (من نام عن الصلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك) فلو تذكر بعد العصر أن عليه الظهر نسيها صلاها، أو عليه الفجر نسيها صلاها، أو غير ذلك، وهكذا لو أن إنساناً دخل المسجد أو طاف بعد العصر في مكة صلى تحية المسجد وصلى ركعتي الطواف، وهكذا لو كسفت الشمس بعد العصر؛ لأن هذه من ذوات الأسباب، صلى بعد العصر، أما سنة راتبة بعد العصر لا، لأنها خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد العصر، صلى بعد العصر ركعتين بسبب أنه شغل عنها بعد الظهر، ثم أثبتها، وسئل عنها: هل نقضيهما إذا فاتا؟ قال: لا. وأخبرت عائشة أنه أثبتها، كان يصليها بعد العصر، فهذا شيء خاص به عليه الصلاة والسلام.

    المقدم: وقبل الغروب ليس هناك؟

    الشيخ: ليس فيه شيء إلا مثلما تقدم، الشيء الذي يعرض من ذوات الأسباب كالكسوف والطواف بمكة ودخول المسجد.

    1.   

    وجوب اقتداء المأموم بالإمام في الصلاة

    السؤال: ما هي الأحكام التي يجب أن يقتدي بها المصلون خلف الإمام في صلاة الفجر والمغرب والعشاء، وهل يقرءون الفاتحة وسورة قصيرة عندما يقرأ الإمام، أم يكتفون بقراءة الإمام؟

    الجواب: المأموم تابع لإمامه في جميع الصلوات؛ لأنه إنما جعل ليؤتم به، فلا يختلف عليه المأموم ولكن بعده، إذا كبر كبر، وإذا ركع ركع، وإذا رفع رفع .. وهكذا، وينصت لقراءته في الفجر والمغرب والعشاء، وعليه أن يقرأ الفاتحة فقط في الجهرية، يقرؤها سراً وينصت بعد ذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم: (لعلكم تقرءون خلف إمامكم؟ قلنا: نعم. قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها) وفي الأخيرتين من العشاء يقرأ الفاتحة فقط، وفي الأخيرة من المغرب كذلك الفاتحة فقط، أما في الظهر والعصر يقرأ في الأولى والثانية الفاتحة وما تيسر معها الأولى؛ لأنها سرية وفي الأخيرة الثالثة والرابعة في الظهر والعصر يقرأ الفاتحة فقط، وإن قرأ مع الفاتحة زيادة في الثالثة والرابعة من الظهر فلا بأس، قد ورد في حديث أبي سعيد عند مسلم ما يدل على ذلك، فإنه رضي الله عنه أخبر (أنهم حزروا صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الظهر والعصر قدر ثلاثين آية، قال: وفي الأخريين من الظهر قدر النصف)، هذا يقتضي أنه كان يقرأ في الظهر زيادة على الفاتحة، في الثالثة والرابعة، لكن لعل هذا بعض الأحيان؛ لأن أبا قتادة في الصحيحين أخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يقرأ في الثالثة إلا فاتحة الكتاب والرابعة كذلك، في الظهر والعصر.

    1.   

    حكم النظر إلى النساء أثناء زيارة المعارض التجارية

    السؤال: رسالة بعث بها أحد الإخوة المستمعين يقول: أنا السائل من حضرموت أحمد جمعان دحدح، يقول: إنني أعمل في أحد المعارض، وفي رمضان يشتد العمل عندنا، وأحياناً تدخل النساء منهن المتبرجة ومنهن غير المتبرجة، وبعض الزبائن يسأل عن مكان صناعة البضاعة الفلانية، فنجيبه بأنها صنعت في البلد الفلاني ونحن غير متأكدين من ذلك، وبسبب الزحام لم نتمكن من النظر في البضاعة، هل علينا إثم، وهل كثرة النظر إلى النساء حرام؛ لأن عملنا يتطلب ذلك؟ جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: ليس لكم أن تخبروه إلا عن يقين، وإلا أخبروا بالظن، قولوا: نظنها في كذا، لا تجزموا إلا إذا كنتم تعلمون أنها صنعت في المحل الفلاني، أما إذا كنتم لا تجزمون قولوا: نظن أو يغلب على الظن أنها صنعت في البلد الفلاني، حتى تسلموا من الكذب.

    والنظر إلى النساء غير المحارم وتعمد النظر إليهن بشهوة وتلذذ لا يجوز، وهكذا إذا خاف الفتنة لا يجوز، أما النظر إليهن نظر عارض ليس معه شهوة بل لأسباب اقتضت ذلك، فلا يضر إن شاء الله، الإنسان مأمور بغض البصر، لكن إذا دعت الحاجة إلى النظر مثلما يمشي في الأسواق وينظر في المساجد من غير قصد الفتنة ولا قصد التلذذ فلا يضره ذلك، لا للمرأة ولا الرجل جميعاً، ولهذا أذن النبي صلى الله عليه وسلم لـعائشة أن تنظر إلى الناس وهم يلعبون في المسجد بالدرقة والحراب.

    فالحاصل أن نظر العامل الذي ليس معه شهوة ليس هو المقصود بالنهي، المقصود بالنهي النظر الذي يقصد للتلذذ أو يخشى منه الفتنة، فهذا ممنوع وينهى عنه لقوله جل وعلا: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ [النور:30-31] ولما (سئل صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة قال: اصرف بصرك) فالإنسان يغض بصره إلا من حاجة تدعو له بغير تلذذ ولا خوف الفتنة، بل نظر عارض من غير قصد.

    1.   

    حكم الذهاب إلى المشعوذين طاعة للوالدين

    السؤال: له سؤال طويل ملخصه: أن له أختاً كانت مع رجل وطلقها بسبب والدته، ثم إنها بعد الطلاق أصيبت بحالة مرضية، أرغمه والده ووالدته على الذهاب بها إلى أحد الأشخاص يعتقد أنه مشعوذ، ومنذ ذلك الوقت وهو يفكر في أمره، ويرجو من سماحتكم توجيهه كيف يتصرف، وهل يكون قد وقع في الإثم، جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: لا يجوز له ذلك، ليس له طاعة والديه فيما حرم الله، والذهاب بأخته إلى المشعوذ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن إتيان الكهان وعن سؤالهم، والمشعوذون هم العرافون والمنجمون والكهنة، فلا يجوز إتيانهم ولا سؤالهم، وإذا أمره بذلك والده لم يجز له طاعته؛ لأن الرسول عليه السلام قال: (إنما الطاعة في المعروف) وقال عليه الصلاة والسلام: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق).

    فيعتذر ويقول: يا والدي هذا ما يجوز، لكن نذهب بها إلى من يقرأ عليها من الطيبين، امرأة صالحة تقرأ عليها، رجل صالح يقرأ عليها بدون خلوة، إلى الطبيب، أما إلى المشعوذين من كهنة ومنجمين وسحرة ونحو ذلك فهذا لا يجوز، فإنه لا يجوز إتيانهم ولا سؤالهم ولا العلاج عندهم بالكلية، بل يجب على ولي الأمر أن يمنعهم من ذلك وأن يؤدبهم، حتى يرتدعوا عن تعاطي العلاج.

    المقدم: جزاكم الله خيراً، أما الحال وقد وقعت فبم توجهونه جزاكم الله خيراً؟

    الشيخ: عليك التوبة إلى الله والندم، والعزم أن لا يعود في هذا الشيء؛ لأن التوبة تجب ما قبلها، إذا صدقت التوبة بالندم على الماضي والإقلاع من الذنب والعزم الصادق أن لا يعود فيه، فإن الله سبحانه وتعالى يغفر له.

    المقدم: جزاكم الله خيراً، هو قلقه من كونه قد وقع منه هذا الشيء.

    الشيخ: إن شاء الله يرجى له الخير في هذا، الإنسان إذا قلق من أجل خوف الله والرغبة فيما عنده فهو على خير عظيم، الله المستعان.

    1.   

    أحكام راتبة الفجر

    السؤال: رسالة من أحد الإخوة المستمعين ضمنها جمعاً من الأسئلة، هو المستمع (أ. ع. ع. محمود ) في أحدها يقول: نرجو أن تحدثونا عن صلاة الرغيبة الفجر، هل نقرأ الفاتحة وسورة أخرى معها؟

    الجواب: السنة تسمى الراتبة، راتبة الفجر، ومن سماها الرغيبة فهو اسم لا أعرف له أصلاً، المقصود سنة الفجر، وهي ركعتان تفعل في البيت أفضل وإن فعلها في المسجد فلا بأس، يقرأ فيهما الفاتحة و(قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) في الأولى، وفي الثانية: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) مع الفاتحة، أو يقرأ فيهما آية البقرة في الأولى مع الفاتحة: قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ [البقرة:136] الآية، وفي الركعة الثانية بعد الفاتحة آية آل عمران: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ [آل عمران:64] كل هذا فعله النبي صلى الله عليه وسلم هذا وهذا، وهي سنة مؤكدة لكن فيها يشرع فيها التخفيف، وفي البيت أفضل، وإن صلاها في المسجد فلا بأس، وهي مشروعة للرجل والمرأة جميعاً، والمسافر والمقيم، للجميع.

    1.   

    حكم من أفطر في رمضان وتأخر عن القضاء حتى رمضان الآخر

    السؤال: يقول: أفطرت بعض أيام من رمضان وحينئذٍ تأخرت في القضاء، وبدأت أقضيها الآن، فماذا علي، جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: إذا كنت قضيتها قبل رمضان الثاني فليس عليك إلا القضاء والحمد لله، أما إذا كنت أخرتها بعد رمضان فعليك مع القضاء إطعام مسكين عن كل يوم مع التوبة والاستغفار، نصف صاع من تمر أو رز أو غيره من قوت البلد ومقداره كيلو ونص تقريباً مع التوبة والاستغفار والصيام، إذا كنت أخرتها بغير عذر لا مرض ولا عذر آخر كالسفر، فالإنسان إذا أخر الصيام عن السنة إلى رمضان الآخر فإنه يكون قد أتى معصية، فعليه التوبة إلى الله، وعليه القضاء، وعليه إطعام مسكين عن كل يوم، أفتى به جماعة من الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم كالتعزير.

    1.   

    بعض الكتب المفيدة التي تعين المسلم في دينه

    السؤال: يقول: نسأل سماحتكم عن أسماء الكتب المفيدة التي تقوي ديننا وتجعلنا نحافظ عليه، جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: الكتب كثيرة، لكن أعظمها وأشرفها وأصدقها وأنفعها كتاب الله القرآن العظيم، نوصي الجميع بكتاب الله، هو أحسن كتاب وأصدق كتاب، وفيه الدلالة على كل خير، وفيه التوجيه إلى أسباب النجاة والسعادة، وفيه الترهيب من أسباب الهلاك.

    فنوصيك أيها السائل وجميع المسلمين والمسلمات بالعناية بالقرآن العظيم والإقبال عليه، والإكثار من تلاوته وتدبر معانيه والعمل بما فيه من الأوامر والنواهي، فهو كتاب الله، فيه الهدى والنور، لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [فصلت:42]، يقول الله سبحانه وتعالى فيه: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء:9]، ويقول سبحانه: كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [ص:29]، ويقول سبحانه: وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الأنعام:155] فهذا الكتاب العظيم فيه الهدى والنور، فيه الدلالة على الخير كله والتحذير من الشر كله، فالوصية لكل مسلم ولكل مسلمة العناية بالقرآن والإكثار من تلاوته وحفظه إذا تيسر ذلك، فهو أصل كل خير وينبوع كل خير.

    ثم سنة الرسول صلى الله عليه وسلم مثل البخاري و مسلم ، الإكثار من قراءتهما وتدبر معاني الأحاديث ومراجعة كلام أهل العلم في تفسيرها وشرحها، ثم السنن الأربع: أبو داود و الترمذي و النسائي و ابن ماجه ، هذه الكتب من أحسن الكتب بعد الصحيحين، فالعناية بها والاستفادة منها مهم جداً في حق طلبة العلم، الاستفادة من السنن الأربع والعناية بها والإكثار من مراجعتها كل ذلك فيه خير عظيم، ثم بكتب العلماء ومثل زاد المعاد لـابن القيم، ومثل الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية ومثل في العقيدة: فتح المجيد شرح كتاب التوحيد .. مثل مجموعة التوحيد.. مثل تيسير العزيز الحميد للشيخ سليمان بن عبد الله شرح كتاب التوحيد.. مثل نفس كتاب التوحيد.. مثل كشف الشبهات.. ثلاثة الأصول.. العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية .. التدمرية والحموية كلاهما لشيخ الإسلام ابن تيمية ، هذه كتب مفيدة وعظيمة نافعة، ومثل شرح الطحاوية لـابن أبي العز أيضاً كتاب مفيد في العقيدة، مثل المنتقى في الحديث.. بلوغ المرام في الحديث، الأول: للمجد ابن تيمية والثاني للحافظ ابن حجر ، هذه الكتب أيضاً مفيدة.

    1.   

    حكم من أفطر في رمضان مضطراً

    السؤال: من إحدى الأخوات المستمعات رمزت إلى اسمها بالحروف (ص. هـ. ي) من الرياض تقول في أحدها: اشتد علي العطش في يوم رمضان، وكنت أقوم برعي الغنم في البادية، فأغمي علي وأفطرت، ماذا علي حينئذٍ، جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: لا شيء من أجل الضرورة، لكن عليك القضاء، لأن الإنسان إذا اضطر إلى الفطر أفطر ويمسك، إذا اشتد بالإنسان ظمأ يشرب ما يزيل الظمأ ثم يمسك إلى الغروب ويقضي، وهكذا لو أصابه جوع شديد وأكل خوفاً من الخطر يقضي بعد ذلك، يمسك ويقضي فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16].

    1.   

    معنى حديث: (أيما امرأة نزعت ثيابها في غير بيت زوجها ..)

    السؤال: ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة نزعت ثيابها في غير بيت زوجها فقد هتكت ما بينها وبين الله من ستر

    الجواب: هذا محتمل والله أعلم أنه كناية عن الكشف للفاحشة وتعاطي ما حرم الله، أما لو كشفت ثيابها لحاجة في حمام خاص ما عندها أحد، في بيت أخيها، أو بيت عمها، أو بيت أبيها، فالأقرب إن شاء الله أنه لا شيء عليها.

    فالحاصل والله أعلم أن المقصود هو الكشف الذي يفضي إلى الفساد.

    1.   

    بعض أحكام الاضطراب في الدورة الشهرية عند النساء

    السؤال: تقول: كثير من النساء عند بداية الدورة الشهرية تضطرب أفكارهن ولا يعرفن الأحكام، وترجو التوجيه لمثل هؤلاء، جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: الواجب عليهن إذا بدأت الدورة ترك الصلاة والصيام وكذلك مس المصحف للقراءة؛ لأن الحائض ممنوعة من الصلاة والصوم كما أنها ممنوعة من الجماع، ولا ينبغي في هذا التردد، الله جل وعلا يقول: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ [البقرة:222] والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (اصنعوا كل شيء إلا النكاح) يعني: في حق الحائض، وهكذا النفساء، فليس له أن يجامعها، لكن له أن ينام معها وله أن يقبلها، وله أن يباشرها لا بأس، لكن ليس له الجماع في حق الحائض والنفساء، وعليهن تقوى الله سبحانه وتعالى بأن يجتنبن ما حرم الله عليهن من الصلاة والصوم، والجماع كل هذا ممنوع.

    وإذا طهرن صلين بعد ذلك وقضين الصيام الذي عليهن من رمضان، قد يسقط عنهن فعله ولكن ما يسقط وجوبه، بل عليهن قضاؤه بعد ذلك، قضاء الصوم خاصة، أما الصلاة فإنها تسقط ولا تقضى، وإذا جاءت الدورة فعليها أن تمسك في الحال عن الصلاة والصوم، وإذا كانت صائمة بطل الصوم.

    المقدم: جزاكم الله خيراً، سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.

    المقدم: مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    شكراً لسماحته، وأنتم يا مستمعي الكرام شكراً لحسن متابعتكم، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718743

    عدد مرات الحفظ

    766201897