إسلام ويب

شرح العقيدة الواسطية [11]للشيخ : يوسف الغفيص

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من عقيدة أهل السنة والجماعة أن الله سبحانه وتعالى بذاته فوق سماواته مستو على عرشه، بائن عن خلقه، وهو بكل شيء عليم، وهذا الاعتقاد هو خلاف العقائد الطارئة في هذا الأصل والتي يعبر عنها بتعبيرات باطلة كقول البعض: إن الله في كل مكان، وقول البعض: إن الله ليس له مكان، وقول البعض الآخر: إن الله لا داخل العالم ولا خارجه.

    1.   

    صفة الاستواء

    قال المصنف رحمه الله: [وقوله: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5] في سبعة مواضع ] .

    الاستواء على العرش هو من صفات الرب سبحانه وتعالى اللائقة به، ومن طرق أهل السنة والجماعة وأصولهم أن الله مستوٍ على عرشه بائن من خلقه، ويقولون: استواؤه بمعنى علوه.

    (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى)، أي: علا على العرش.

    والعرش هو أعظم المخلوقات التي خلقها الله سبحانه وتعالى، وهو أعلاها، والله سبحانه وتعالى فوق سماواته، مستوٍ على عرشه بائن من خلقه، ولهذا كانت عقيدة المسلمين أن الله في السماء؛ بدليل قوله تعالى: أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ[الملك:16]وقول النبي عليه الصلاة والسلام في حديث معاوية بن الحكم للجارية: (أين الله؟ قالت: في السماء، قال: ومن أنا؟ قالت: رسول الله، قال: أعتقها؛ فإنها مؤمنة).

    من عقيدة أهل السنة: أن الله سبحانه فوق عباده

    من عقائدهم: أن الله سبحانه وتعالى فوق عباده، بدليل قوله تعالى: يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ [النحل:50]، وأنه سبحانه وتعالى هو العلي الأعلى، بدليل قوله تعالى: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى [الأعلى:1].

    فمن أصول الإيمان وأعظم أصول السنة والجماعة أن الله سبحانه وتعالى بذاته فوق سماواته مستوٍ على عرشه، بائن -أي: منفك ومنفصل- عن خلقه، وهذه هي عقيدة المرسلين عليهم الصلاة والسلام التي بعثوا بها.

    بطلان القول بأن الله في كل مكان

    الأقوال التي توجد -مع الأسف- في كثير من أمصار المسلمين وبلدانهم، بل وفي بعض دور العلم عندهم، كقولهم: إن الله في كل مكان، وقولهم: إن الله ليس له مكان، وقولهم: إن الله لا داخل العالم ولا خارجه، إلى غير ذلك، تعبيرات باطلة دخلت على المسلمين في آخر دولة بني أمية، وإنما دخلت من الفلسفة التي ترجمت عن فلسفة اليونان، الذين كانوا ملاحدة زنادقة، كـأرسطو طاليس وأمثاله من الكفرة والزنادقة الذين لم يكونوا على دين من أديان السماء. وأرسطو طاليس هذا كان قبل المسيح بن مريم عليه الصلاة والسلام بأكثر من ثلاثمائة سنة.

    فدخلت معانيهم إلى المسلمين عن طريق الترجمة، والترجمة بدأت مبكرة، وذلك في آخر الدولة الأموية، وقوة الخلافة العباسية، ولا سيما في زمن الرشيد والمأمون ، فترجمت هذه المعاني وانتشرت، ومن أمثالها: المعنى الذي يقول: إن الله في كل مكان، والمعنى الذي يقول: إن الله ليس له مكان، والمعنى الذي يقول: إن الله لا داخل العالم ولا خارجه، فهذه كلها عبارات باطلة أنكرها أئمة الإسلام، وممن أنكرها الإمام مالك والشافعي وأحمد وأبو حنيفة ، وأجمع علماء الإسلام على إنكارها، وتبديع أهلها وتضليلهم.

    وإذا قرأت كتاب الله من أوله إلى آخره، فلن تجد أن الله ذكر هذا عن نفسه، ولا ذكره الرسول عنه، بل المذكور في القرآن قوله تعالى: أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ [الملك:16]وقوله تعالى: يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ [النحل:50]وقوله تعالى: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى [الأعلى:1]والمذكور في كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، قوله: (ربنا الله الذي في السماء تقدس اسمك)، وقوله للجارية: (أين الله؟ قالت: في السماء. قال: ومن أنا؟ قالت: رسول الله، قال: أعتقها، فإنها مؤمنة).

    والقول بأن الله لا داخل العالم ولا في خارجه، أو أن الله في كل مكان؛ هو من الضلال، ومما ينزه سبحانه وتعالى عنه.

    والعرب في جاهليتهم مع شركهم كانت عندهم الفطرة السليمة في هذا المقام، حتى كان عنترة وهو من شعراء الجاهلية يقول:

    يا عبل أين من المنية مهربُ إن كان ربي في السماء قضاها

    فكانوا يثبتون أن الله سبحانه وتعالى في السماء؛ فإن هذا ما فطر الله الخلق عليه، وهو أنه سبحانه وتعالى فوق السماوات، وأنه بائن من الخلق.

    معنى (أن الله في السماء)

    ليس معنى (أن الله في السماء) -كما قال أبو حنيفة وغيره- أنه في سماء مخلوقة، كالسماء السابعة، أو الخامسة أو الثالثة، فإن الله قال عن كرسيه: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ [البقرة:255]، وإذا كان الكرسي وسع السماوات والأرض فكيف بعرشه؟! وبعد ذلك، يبقى رب العالمين لا يقدر أحد من العباد قدره.

    إذاً: لا يتبادر أن الله في السماء بمعنى قولنا: إن الملائكة في السماء، أي: أن السماء تحويهم، بخلاف أن الله في السماء، أي في العلو فوق السماوات، والعرش هو سقف السماوات السبع، وهو فوقها.

    ولهذا لما وصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء السابعة قال: (وفيها جنة عدن، وفوقها عرش الرحمن).

    ولهذا قال أهل السنة: إن الله فوق سماواته، مستوٍ على عرشه بائن من خلقه، وهو بكل شيء عليم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756235073