إسلام ويب

الفرقة الناجيةللشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • ثبت في السنة أن هذه الأمة ستفترق إلى ثلاث وسبعين فرقة، وأن جميعها في النار إلا ما كان على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ولهذا كان للفرقة الناجية جملة صفات تتمثل في الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وتصديقه في كل ما أخبر وأمر سواء كان في العقيدة أو العبادات أو المعاملات أو الأخلاق، ونبذ كل مظاهر الفرقة، والتمسك التام بالقرآن الكريم وما صح من سنة سيد المرسلين.

    1.   

    التحذير من مخالفة الفرقة الناجية بإثارة الفرقة في الأمة

    قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ [الأنعام:159] إننا نتحدث عن هذه الآية توعيةً للأبناء وتفقيهاً لهم، وتبصيراً لهم بدينهم، ليطلبوا النجاة والكمال في الحياة الدنيا وفي الآخرة. ماذا فهمنا من هذه الآية؟

    فهمنا: أن الذين فرقوا دينهم فأصبحوا يعيشون طوائف وأحزاباً وجماعات، كل جماعة تطعن في الثانية، كل جماعة تصادر الثانية، كل جماعة تحمل البغضاء والعداء للأخرى، وجعلوا دين الله قطعاً، كل جماعة ذهبت بقطعة، هذه الطوائف أو الجماعات يُعلم الله تبارك وتعالى أن رسوله صلى الله عليه وسلم بريء منهم، وليس مسئولاً عنهم، وما هو في شيء من شأنهم وحالهم، وليترك أمرهم إلى ربهم، فمن انتقم منه اليوم فقد انتقم منه، ومن أخره إلى يوم القيامة فهو الذي يتولى جزاءه: إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ [الأنعام:159]، وهذا المعنى قد فهمته أم المؤمنين، أم سلمة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد رويت لكم ما صح من أنها: أخرجت يدها تشير بها من وراء الستر والمسجد في فوضى، والغبار يملؤه، وأهله يترامون بالحصى، تلك الفوضى التي كانت بسبب كيد عبد الله بن سبأ اليهودي الصنعاني اليمني ، ومن كان وراء ذلك من المجوس، وبالذات كان أيام حصار الخليفة الراشد ذي النورين عثمان بن عفان ، والمدينة في هيجان، أخرجت يدها واستشهدت لهم بهذه الآية، إن الله تعالى يقول لرسوله صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ [الأنعام:159].. الآية.

    فنددت بالوضعية التي كانوا عليها من الانقسام والتطاحن والتناحر، فقد فهمت رضي الله عنها من هذه الآية: أن الجماعة أو الأمة إذا انقسمت على بعضها وتلاعنت وتمزقت أوصالها، استحقت نقمة الله، والرسول الذي هو المناعة للأمة والحصانة أمر أن يتخلى عنها لتنزل بها نقمة الله.

    ومن هنا: قلنا: يا أبناءنا! إن الآية تندد بالفرقة، فإياكم ثم إياكم ثم إياكم أن تعملوا على تفرقة هذه الأمة، فمن استطاع أن يجمع فليجمع، ومن استطاع أن يكتل فليكتل، ومن عجز فلا يراه الله يعمل على تفرقتها أو تمزيق شملها، ولا تبرأ ذمتك -يا عبد الله- إلا إذا وقفت أحد الموقفين:

    الأول: إيجابي، أن تعمل بلسانك، بوجهك الصبور، بلسانك الطيب على أن تجمع ولا تفرق، وأن تورث المحبة والولاء والإخاء والمودة بين المؤمنين، وإن عجزت عن هذا فكف لسانك ولا يراك الله تطعن، ولا تفرق ولا تمزق، لا تسب ولا تشتم، فإن من يعمل على تفريق هذه الأمة وتشتيت شملها وتمزيقها جنى جناية لا يُقدر قدرها. فهل أنتم فاعلون؟

    وهنا: ذكرت لكم مذكراً إياكم ومعلماً غير العالمين، من أن هذه الأمة افترقت بالفعل، وتم فيها وعد الله، كما تم في غيرها من الأمم التي سبقتها، وقلنا: هذا علم من أعلام النبوة، بلغة فصيحة: هذا دليل على أن نبينا نبي حق وصدق، إذ أخبر والجماعة هذه على قلب رجل واحد، وأخبر أنها ستفترق إلى ثلاث وسبعين فرقة، ومن كان يظن ذلك؟

    جماعة متلاحمة متوحدة متراحمة يؤثر بعضها البعض حتى في الحياة، وتعلم بأنها ستفترق ويقع ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتفترق إلى العدد الذي ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    لقد افترق اليهود إلى إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى بعد اليهود بزيادة فرقة، وافترقت هذه الأمة بزيادة فرقة، فكانت ثلاثاً وسبعين.

    وقد صنفت ووضعت في قوائم، ذكر هذا الإمام القرطبي في تفسيره عند قوله الله تعالى من سورة آل عمران: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا [آل عمران:102-103]، عند هذا النهي الإلهي عن الفرقة، ذكر الفرقة التي تمت وعدد الفرق وصنفها وهي موجودة، ومن أراد الاطلاع عليها فليطلع.

    والذي يهمنا يا طلاب النجاة! أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أعلن عن افتراق هذه الأمة، سئل بعد أن قال: ( كلها في النار إلا واحدة ) ففي الجنة، سئل: من هي الفرقة الناجية؟

    لكن قبل ذلك: هل (كلها في النار) بمعنى الخلود والبقاء، أو بعضها يخلد وبعضها يخرج؟ هذا نعرفه من أصول الدين الأخرى، فالذين كانت فرقتهم على كفر، وعلى ردة، فهم في النار خالدون، كسائر الكافرين والمشركين، ومن كانت فرقتهم على فسق دون الكفر، فهم في النار ولكن يخرجون منها بإيمانهم.

    فلما أعلن هذا الإعلان قال قائلٌ: ( من هي الفرقة الناجية يا رسول الله؟ فقال عليه الصلاة والسلام: هم الذين يكونون على ما أنا عليه وأصحابي )، أي: أهل الفرقة الناجية.

    1.   

    صفات الفرقة الناجية

    بناءً على هذا فكل واحد منا يعزم عزماً قلبياً أكيداً على أن يكيف حياته حتى تكون على الأقل شبيهة شبهاً قريباً بحياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وما قارب الشيء عادة يعطى حكمه، والكمال ليس مطموعاً فيه، وحسبنا ما أرشدنا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ قال: ( سددوا وقاربوا )، فسدد وقارب.

    الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في العقيدة

    أولاً: العقيدة، ما الذي كان يعتقد رسول الله صلى الله عليه وسلم في ربه جل وعز؟

    كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتقد في ربه أنه إله الأولين والآخرين ورب العالمين، يحيي ويميت يعطي ويمنع يضر وينفع، يغفر ويرحم، كما ينتقم ويبطش، يوالي ويعادي، يحب ويبغض، ويرضى ويسخط، يتكلم ويعلم، يرزق من يشاء بغير حساب، لا إله غيره ولا رب سواه، يصفه بنعوت الجلال والكمال ولا يقول: كيف؟ ولا يقول: ما المثال؟ فيخبر عنه سبحانه وتعالى بأنه ينزل إلى السماء الدنيا إذا كان ثلث الليل الآخر، ولا يقول: كيف؟ ويخبر أنه يقبض السماوات بيمينه، ولا يقول: كيف؟ ويخبر أنه تبارك وتعالى يسمعنا ويرانا، ولا يقول: كيف؟

    ( يجيء لفصل القضاء ويضع قدمه على النار، فتقول: قطني قطني ) بعد أن تطلب المزيد: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ [ق:30]، ولا يقول: كيف القدم؟ ولا كيف يضع؟ لأن الله ليس كمثله شيء.

    يقول: ( يضحك ربنا لرجلين يقتل أحدهما الآخر ويدخلان الجنة )، ولا يقول: كيف يضحك؟ ولا يسأل عن هذا؟ إن الله ليس كمثله شيء.

    يقول: ( يُجلس المقسطين على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين ) ولا يقول: كيف؟ ولا يقول: كيف كلتا يديه يمين؟ ويؤمن بذلك إيماناً يقينياً.

    فكل ما جاء عن الله ورسوله من أسماء الله وصفاته فالرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأهل النجاة يؤمنون بذلك وقلوبهم مطمئنة، وهم يعلمون أن الله ليس كمثله شيء، وأن الله لا شبيه له ولا نظير له ولا مثيل، فإذا قال تعالى: لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ [ص:75]، يفهم الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنون أن لله يدين خلق بهما آدم، لكن لا يفكر كيف؟ لأن هذا لا يدرك: وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا [طه:110]، فيؤمن باللفظ الذي أخبر تعالى على مراد الله تعالى.

    ويقرأ: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5]، فيؤمن بعظمة الله وجلاله وسلطانه وتصرفه في ملكوته وبعرش الله واستواء الرب عليه، ولكن لا يقل: كيف؟ أبداً، إذ لا تصل إلى نتيجة؛ لأنك قاصر لا تدرك، آمنا بالله، وبما جاء عن الله على مراد الله.

    يؤمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالبعث والجزاء، وبالحساب الآخر، وبالنعيم والشقاء، في عالم يقول فيه: ( ما الآخرة في الدنيا إلا كمثل أن يغمس أحدكم إصبعه في البحر فلينظر بِمَ يرجع؟ )، ويقول: ( إن آخر رجل يدخل الجنة يعطى مثل الدنيا مرتين )، ولا يقول: ماذا يبغي في هذا الملك الواسع؟ وكيف يتم هذا؟ وإذا كان كل واحد يأخذ مثل الدنيا مرتين، ما هذه العوالم؟ وأين هذه العوالم؟ هذا لا يخطر على بال رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، بل هو الحق كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله.

    هذا هو الإيمان بالغيب، يتحدث عن الرسل ويخبر عنهم وقلبه ساكن ونفسه مطمئنة، هذه هي العقيدة التي ينبغي أن تكون عليها عقيدتنا إن أردنا النجاة.

    الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في العبادات

    في العبادات: يا عبد الله تعلم كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستنجي بالماء ويستجمر بالحجارة، فافعل ذلك، تعلم كيف كان يتوضأ، ويخلل أصابعه ولحيته، تعلم كيف كان يصلي، كيف كان يؤذن ويقيم، تعلم العبادات من طريقه صلى الله عليه وسلم، واجتهد أن تعمل كما كان يعمله وأصحابه، وإياك أن تبلغك سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يفعل كذا، أو كان يقول كذا، فتردها كبراً وعناداً أو تردها تقليداً، أو تردها عصبية؛ لأن هذا لا يوافق مذهبك ولا ما عليه أهل بلدك.

    فإن صاحب هذا عرضة لأن يطرد ولا يكون من الفرقة الناجية؛ لأن الله تعالى تعبدنا بطاعة رسوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ [محمد:33]، مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ [النساء:80]، وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ [النساء:69]، فمعصية رسول الله تجعل العبد لا ينتظم في سلك الفرقة الناجية؛ لأنه لا يستطيع أن يعبد الله بما كان يعبده رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا جاءك الخبر يحمل عبادة، أو قربة أو حكماً من أحكام الشرع عن أبي بكر أو عن عمر أو عن غيرهما من أصحاب رسول الله في أمر لم يرد أن الرسول صلى الله عليه وسلم حكم فيه، ثم رددت ما عليه أصحاب رسول الله فإنك تتعرض لأن تكون من غير هذه الفرقة؛ لأنه قال: ( هم الذين يكونون على ما أنا عليه وأصحابي ) ، فلا تقدم على قول الصحابي قول أبيك ولا أمك ولا شيخك ولا أهل بلدك، فإنهم أصحاب رسول الله، عصمهم الله، وحفظهم الله، وعاشوا بين يدي رسول الله، يتلقون المعرفة والعلم من منبعها، فلهذا لا ترغب عن سنة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في المعاملات

    في باب المعاملات: يا عبد الله! اجتهد إن كنت تاجراً أن تبيع وتشتري على ما كان عليه رسول الله وأصحاب رسول الله، وكذلك الإيجار والكراء وأي معاملة أخرى، حاول أن تكون موافقة لما كان رسول الله وأصحابه يعيشون عليها.

    الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الأخلاق والآداب

    في باب الأخلاق والآداب: إذا قيل لك: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقلم أظافره كل جمعة فقلمها أنت كل جمعة، قالوا لك: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب السواك فأحبب أنت السواك وتسوك.

    قالوا: كان الرسول صلى الله عليه وسلم يأكل بيمينه، كل بيمينك.

    قالوا: كان الرسول صلى الله عليه وسلم يبتسم لإخوانه ويبش في وجوههم، ولا يغلظ لهم في القول ولا يعنفهم ولا يسخط عليهم، فكن أنت كذلك.

    كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتفقد إخوانه ويسأل عنهم ويزورهم، فكن أنت كذلك.

    فإذا أنت أصبحت تقارب في حياتك حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فأبشر مثبتاً بأنك من الفرقة الناجية.

    1.   

    بُعد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم -وهم أساس الفرقة الناجية- عن التكفير بالذنب

    أخيراً: أضيف إلى هذا: أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كرسولهم عليه الصلاة والسلام ما كانوا يكفرون مؤمناً بذنب، أبداً، وإذا رأيت الذين يكفرون المؤمنين بذنب من الذنوب فاعلم أنهم من أصحاب الأهواء والبدع، هذه تتميزون بها عن الروافض والنواصب والخوارج والجهمية والطوائف الضالة، فلا تكفرن مؤمناً بذنب لا بسرقة ولا بزناً، ولا بفجور ولا بأي ذنب من الذنوب إلا أن يكون في العقيدة، فلا تكفير إلا بما يعتقد.

    أما السلوك فاعلم أننا ضعفاء، وأننا بين أعداء: الدنيا والهوى والشيطان والنفس، فتزل قدم العبد ويضرب أخاه أو يذبحه، وهكذا يخرجه من ملة الإسلام وهو يصرخ: بـلا إله إلا الله محمد رسول الله ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة، ويحرم ما حرم الله؟!

    الفرقة الناجية لا تعرف بلقب

    هذه الفرقة الناجية لا تعرف بلقب: لا جهمية ولا قدرية ولا معتزلة ولا رافضة ولا ناصبة، وإنما جماعة المسلمين، لا يكفرون أحداً بذنب، فالرسول صلى الله عليه وسلم لما رأى الصحابي وفي يده الحلقة من الصفر قال: ( انزعها: فإنها لا تزيدك إلا وهناً، ولو مت وهي عليك ما أفلحت أبداً )، ولكن ما قال له: يا مشرك أو يا كافر انزعها، أبداً.

    هنا: معاشر المستمعين قلنا: هذه الفرق وهذه الطوائف والكتل والجماعات تتنافى مع جماعة المسلمين: الفرقة الناجية، وقلنا: لا ترض بأن يقال: فلان قادري الطريقة، ولا نقشبندي الطريقة، ولا رفاعي ولا عيساوي ولا رحماني ولا تيجاني؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ما كانت لهم طرق ولا طرائق يتميزون بها، فيقال: هذا عثماني، وهذا عمري، وهذا صديقي، وهذا حنفي، بل كانوا يعرفون بالمسلمين، ويكفيك -يا عبد الله- لقب الإسلام فإنه أشرف الألقاب، وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا ) ويقول: ( من تعزى بعزاء الجاهلية فهو من جثي جهنم، قالوا: وإن صلى وصام يا رسول الله؟ قال: وإن صام وصلى )، وقال: ( تسموا بما سماكم الله به: المسلمين عباد الله ) ، ( من القوم؟ مسلمون )، وإن قال قائل: هذه طرق لا تؤصل في جماعة المسلمين التمزيق والتقطيع ولا تورث عداء ولا بغضاء؟ قلنا له: ما صدقت يا مخبرنا، فقد مزقت وقطعت وفرقت، ونشرت البغضاء والعداء في أزمنة متلاحقة، وفي أيام وأعوام متتالية، ثم لسنا في حاجة إلى ذلك؛ لأنه عنوان الفرقة، فإذا كانت التيجانية أو القادرية أو النقشبندية من دين الله وهي شرع الله، والذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فهو دين الله الإسلام فامسح كلمة: قادري أو نقشبندي، أو صوفي، لست في حاجة إليها، إذا كانت طريقتك كما تزعم أنها دين الله، ولا تختلف عنه، ولا تخرج من دائرته، إذاً: لست في حاجة إلى كلمة صوفي، قل: مسلم.

    لست في حاجة إلى كلمة عيساوي، أبداً، قل: مسلم، فإن كانت تخالف الإسلام في أجزاء من أجزائها أو في أصول من أصولها حينئذٍ هي الطامة الكبرى، كيف ترضى -يا عبد الله- أن تشاق الله ورسوله والمؤمنين.

    أرجو من السامعين أن يتابعوا هذا الحديث، والله ما لنا هدف إلا أن نتقرب إلى الله عز وجل ببيان الطريق لعباده، لعل الله عز وجل يرضى عنا.

    يا طالب الرضا! الحقيقة هي هذه، ما بيننا فرقة، ما نريد أبداً أن تقول: اسمحوا لي: أنا نقشبندي الطريقة، ولا أنا سلفي فتزكي نفسك وتفخر بذلك، وأنت تعاكس السلف وتجري من وراء وراء، ولا تقل: أنا كذا ولا كذا، فقط كما قال مالك حين سألوه: من هم أهل السنة والجماعة؟ قال: الذين لا لقب لهم. أصحاب الألقاب: رافضي، شيعي، ناصبي، إباضي.. هؤلاء ليسوا من أهل السنة.

    فيا طالب الحق! إن استطعت وقدرت وقلت: أنا من الآن لا أقبل كلمة شيعي، أنا مسلم، أنا من الآن لا أقبل كلمة زيدي ولا إباضي ولا .. ولا، كل الألقاب التي تميزك مع جماعة، اطرح هذه بشجاعة وقل: أنا مسلم، تقدر أو ما تقدر؟ ومن يقدر؟ إلا الذي أقدره الله.

    لو تسقط هذه الألقاب أمسينا أمة واحدة، أصبحنا غداً أمة واحدة، إننا لم نستطع أن نترك لقباً، وندعي أننا على حق.

    هل كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من له لقب يشار به أو يعرف به سوى مسلم؟ الجواب: لا.

    بيان ما ينبغي اعتقاده تجاه المذاهب الفقهية الأربعة

    ننتقل إلى نقطة: وهي المذهب، من يستطيع أن يقول: أنا لست حنفياً، ولا مالكياً، ولا شافعياً، ولا حنبلياً؟ هنا وقفة: نعم، الذي يقول: ما أنا بمالكي ولا حنفي ولا شافعي ولا حنبلي، قد يقال: إذاً: أنت زنديق ما أنت بمسلم، وهو كذلك إذا أراد أن يقول: أنا لست بكذا وكذا يرفض دين الله، هذا زنديق ما هو بمسلم؛ لأن ما عليه الأئمة الأربعة دين الله، فالذي يتبرأ منهم بهذا المعنى معناه: رفض الإسلام، أما الذي يتبرأ من النسبة فقط، وهو في نفس الوقت مالكي وحنفي وشافعي وحنبلي فلا حرج؛ لأن هؤلاء الأئمة أئمته وهداته ومعلموه ومرشدوه، وحاملو رسالة الله إليه.. هؤلاء أئمتك. هذا هو الواجب.

    أما أن يقول القائل: ما أنا بمالكي ولا حنفي ولا شافعي ولا حنبلي، ولا صلة لي بهم فهذا زنديق كافر ما هو بمسلم، لأنه إذا أراد أن يرفض دين الله يتبرأ من هؤلاء؛ لأن هذا هو دين الله عندهم.

    إذاً: كيف نقول؟ نقول: نحن المسلمون وهؤلاء الأئمة أئمتنا، كما تتعصبون لمشايخ بلادكم تعصبوا لأئمة دينكم، فترحموا عليهم وترضوا عنهم وأحبوهم وبجلوهم وأكبروهم وأجلوهم؛ لأن الله حمى بهم الملة والدين، هذا ما هو تملق؛ لأنهم ماتوا كالفقراء.

    هذا الواقع، حفظ الله بهم هذه الملة وإلا تلاشت وذهبت بها الطوائف وتمزقت، وكانوا على مستوى عال، أنى لنا أن نحلق فيه أو نطمع حتى في معشاره.

    إذاً: معشر الأبناء! اعتقدوا ما أقول لكم إن استطعتم: إن أئمة الإسلام الأربعة: أبو حنيفة أولاً، ومالك ثانياً، والشافعي ثالثاً، وأحمد رابعاً، وكان هناك الأوزاعي ، وكان هناك الثوري ، ولكن ما دونت مذاهبهم، وانتهت في أيامها، لكن هذه المذاهب الأربعة احتوت الشريعة الإسلامية، حتى أصبح وجود شيء خارج عن هذه المذاهب في الجملة يشك فيه، وقد لا يقع إلا بقلة وندرة كبيرة لأنهم أئمة هذه الأمصار، ونقلت مذاهبهم بأيد أمينة وألسن صادقة، وقلوب طاهرة، فأخذ بها الناس في الشرق والغرب على أنها دين الله، ليست أبداً مذهب مالك ولا أحمد ، وإنما دين الله جاء من طريق فلان وفلان وفلان، أئمة الإسلام وهداة الأنام، هذه هي الحقيقة.

    ثم تطورت الأحوال وتغير الزمان لتغير أهله، فأخذ أهل الأقاليم والدارسون والطلاب يتعصبون شيئاً فشيئاً، وينكمشون ويتكتلون، فاشتدت الأزمة وأصبح الإسلام يختنق، وأخذت النعرات والنزغات تبدو، ومع هذا ما وصل أهل المذاهب الأربعة إلى حد تكفير بعضهم بعضاً، ولا إلى حد لعن بعضهم بعضاً، ولا إلى حد قتل بعضهم بعضاً، وإنما وقع تقوقع وتكتل وأخذت الموالاة للمذهب وأهله لا لغيره، وذاق المسلمون شيئاً غير مرضي.

    حتى من هذه المذاهب التي هي أصل الدين، وهذا نتيجة للتفرق الذي حصل بسبب ذلك، وما ينبغي أن يكون.

    القول الفاصل في هذه المذاهب الأربعة:

    نقول: اعتقد أولاً: أنهم استقوا وأخذوا دين الله من مصدره، كانوا قريبين من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبو حنيفة روى عن بعض الصحابة، مالك روى عن تلامذة الصحابة، الشافعي روى عن مالك وعن غيره، أحمد روى عن الشافعي ، فكانوا في المائة الثانية بعد الأولى، وكانت الأمة هي الأمة، والصفا والطهر يعمانها، وما كانوا يدعون أبداً إلى مذهب، ولا كانوا يتعصبون؛ فلذا ما ورد عنهم هو الحق.

    فلما دونت مذاهبهم وما عرفوه عن دين الله، وكتبت وانتشرت أمة الإسلام في أقطار الأرض ، فلا بأس ولا مانع أبداً من أن المؤمن يأخذ بذلك المذهب يتعبد به الله، يصلي ويصوم ويزكي ويعتمر ويحج ويتزوج ويطلق ويبيع ويشتري على ذلك المذهب، مع اعتقاد أنه من الله ورسوله وليس من الشيخ، والشيخ فقط عالم كتب وحرر واجتهد وقدمها بيضاء واضحة.

    هل هذه واضحة؟ أيما مسلم وأيما مؤمن يعيش في إقليم من أقاليم المسلمين، يتناول كتاباً مما كتب في المذاهب الأربعة، وتعلم منه: كيف يعبد الله، إلا وهو على حق في الجملة، ما أخطأه اثنتان:

    الأولى: ألا يعتقد أن هذا من أبي حنيفة أو مالك وينسى الله ورسول الله، كما عاش أناس يعرفون الإمام وينسون الله ورسوله، فيجب أن يكون المسلم من الإدراك والوعي بأن ما في هذا الكتاب الذي كتبه أحمد أو مالك إنما هو من الله ورسول الله، وهو كذلك: حدثنا.. حدثنا.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    الثانية: مع العلم بأن المذاهب الأربعة يوجد في بعضها ما لا يوجد في غيرها، إذ ما أحاطوا بالعلم كله، فقد توجد سنة في مذهب أحمد ليست موجودة في مذهب مالك ، والعكس، ويروي الشافعي أو يحصل على رواية ما وصلت إلى مالك أو ما صحح سندها، والشافعي رحل وسهر ولازم أهل العلم وجاء بها صحيحة، هذا افترضوه وهو والله كائن، حتى ما تجعل الأئمة معصومين أو أنبياء أو يحجبونكم عن الله ورسوله، هم علماء أفاضل، لكن الواحد منهم يعلم شيئاً ويغيب عنه آخر، فلهذا مذهب واحد لا ينفع؛ لأنه سيضيع من دين الله ما يضيع، لكن مجموعها؛ أربعتها -بإذن الله- ما يخرج إلا نسبة (1%) أو أقل.

    وحينئذٍ إذا أخطأتك الأولى: وهي الاعتقاد أن هذا من الإمام ما هو من الله والرسول، إذا كنت تعتقد أن هذا الذي تدرسه على مذهب أبي حنيفة إنما هو قال الله وقال رسوله، وإنما الإمام شرح ودوّن ووضح وقدم لك، إذا حصلت على هذه نجوت.

    بقيت الثانية، ما هي؟ إذا جاءتك سنة رسول الله، أو جاءك أمر الله، فلا ترده لكونه لا يوجد في مذهبك، فإن رددته هبطت وهلكت يا عبد الله، وهذه تأملوها: أنت تقرأ في كتاب في المذهب وتعمل به في مزرعتك أو قريتك، فأنت تعبد الله بوحيه وشرعه، نعم، فجاءك مؤمن من إندونيسيا أو من المغرب أو من نيجيريا وقال: يا عبد الله: ما لك ما تعمل السنة الفلانية؟ قلت: أنا فتشت المذهب فما وجدت فليست عندنا، قال: لا، هذه ثابتة وعمل بها الإمام الفلاني، والإمام الفلاني والجماعة الفلانية، هذه سنة رسول الله، أو هذا أمر الله، هنا تمتحن، فإن قلت: مرحباً بما جاء عن الله ورسوله، أنا عبد الله وتابع رسول الله، قلت: نعم، كيف أبيت لا أعمل بسنة رسول الله، أو أرد ما ورد عن الله أو عن رسول الله؟ إذا كنت هكذا فأبشر، فإنك من الفرقة الناجية، وما ضرك أن تدرس المذهب الحنبلي أو الحنفي، وتتعلم دين الله، هل فهم الأبناء هاتين المسألتين؟ إن نجوت منهما فلا يضرك أن تدرس المذهب المعين، ولا تحد عنه إن شئت، وحسبك ويكفيك مع هذا الاستعداد أن تعمل متى جاءك قول الله وقول الرسول، لا ما يأتيك من سوقي مثلي أو صعلوك، إنما يجيؤك من أهل العلم وعمل به أئمة وعلماء أنا ما أُغرر بكم، فليس كل من جاءك بحديث افتراه أو كذبه تأخذه منه، هذا ما هو بمعقول ولا يقال.

    إذاً: إذا جاءتك سنة، أو جاءك أمر الله، حكم الله من كتابه، من رسوله، قال به العالمون والعارفون ودونوه وعملوا به فاعمل به، عندما نعيش على هذا المعنى انتهت العصبية المذهبية، وعندما نتورط في الأولى: وهي أن نفهم المذهب أنه دين الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى يأتينا الرجل ويقول: يا شيخ: اسمع أنا حنفي، ينتقض وضوئي أو ما ينتقض من مس المرأة؟ وآخر يقول لي: يا شيخ، اسمع: أنا ما لكي؟ هذا هو عنوان الفرقة، هذا هو الذي مزق وشتت.

    قل يا عبد الله! أنا مسلم، أعبد الله تعالى بشرعه، فما حكم كذا؟ كيف أتوضأ؟ كيف أحرم؟ أما من أول مرة تقول لي: اسمع أنا حنفي، أعطني فتيا حنفية، فإن فعلت أنا شاركتك في هذه الفرقة والشتات والانحراف، هذه قد تثقل على بعض الأبناء، ولكنها خفيفة عند الواعين.

    أنت تريد أن تعبد الله عز وجل، تريد أن تعلم كيف الحكم فتأتي أهل العلم تسألهم كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، لا تسأل كيف كان فلان؛ لأن معناها: أنت تثق في أحمد وما تثق في الشافعي ! لماذا هذه الثقة الخاصة بواحد، مع أنهما رضوان الله عليهما كانا يتبادلان الثقة، وكان الشافعي يقول لتلميذه أحمد وهو أصغر منه وجاء بعده: يا أحمد : إذا بلغتك السنة أعطنيها سواء كانت عراقية أو يمنية أو حجازية، فإنك أعلم بالسنة، الشيخ يقول لتلميذه هذا، والمراد من هذا نحن يا طلاب النجاة في هذه المدرسة، نريد أن نرتقي بشعورنا الإسلامي، وأن نكون جمّاعين غير مفرقين، ما نرضى بفرقة بيننا، نحن مسلمون ندرس دين الله من طريق أئمة الإسلام وعلماء المسلمين، فما كان ديناً حقاً على عهد رسول الله وأصحابه، فهو الدين الحق اليوم، وما لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ديناً لن يكون اليوم ديناً أبداً.

    بناءً على هذا: فنحن الآن متحابون، ما بيننا بغضاء ولا عداوة أبداً، ليس هناك ما يدعونا إلى الفرقة، قلوبنا مجتمعة على الرغبة في أن نعبد الله بما شرع، فمتى وصلنا دين الله ناصعاً ناصحاً نظيفاً سليماً، قبلناه وشكرنا لمن أتانا به، هكذا قضية الأئمة نقررها، وإن قال قائل من وراء: لم تسقط المذهب الزيدي والإباضي والرافضي والإمامي، مالك عن هؤلاء وتقول: الأئمة الأربعة، وتتملقهم، أو تتملق الجماعة التي تتبعهم؟

    جوابنا: اترك كلمة أباضي، واترك كلمة إمامي أو جعفري أو شيعي، فنحن تركناها، ولا نخلطها مع مذاهب الأئمة الأربعة، ما نخلط الباطل مع الحق، لِم؟ لأنه بالتصفية وبالغربلة ظهر أن هذه المجموعة احتوت دين الله كتاباً وسنة، وأخذتم بـ(50%) أو بـ(70%) فضاع ثلث ما عندنا من دينكم.

    إذاً: نحن نغرر بكم ونخدعكم إن قلنا: أنتم على حق، تريدون أن نكذب عليكم؟ ترضون بالكذب، أو بالغش والخداع؟

    فلهذا نقول: تفضلوا، كما تخلينا نحن عن النسبة واللقب وقلنا: مسلمون، قل: أنا مسلم وتعال ندرس كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، أما أن تصر على أنك شيعي لآل البيت أو أنك كذا، ثم تقول: اللهم ارض عنا واحشرنا في زمرة الأئمة، هذا غير صحيح، لا أغشكم، عرفتم الجواب؟

    ويدلكم على مرونتكم وكمالكم أيها المسلمون، يا أهل السنة والجماعة، أن من تمسك بالمذهب الحنبلي، وأصبح حنبلياً، هو مستعد أن يترك هذه الكلمة.

    أسألكم بالله: ما تتركون هذه؟ والله نتركها.

    والوقت الذي يكون الكتاب بأيدينا ندرس المذهب الفلاني، فجاءتنا السنة من غير المذهب أخذنا بها؛ لأن المذاهب كلها لنا.

    اللهم: إذا كان الحاكم ينفذ أحكام الشريعة الإسلامية ولم يجد طاقة ولا قدرة على أن يستوعب علماء ورجال كل الشريعة، واختار مذهباً من المذاهب الأربعة المشهود لها بالصحة والسلامة، وقال: يا جماعة نحن ما نستطيع أن نحوي كل الشريعة، والعلم عندنا قليل والعلماء أقل، يكفينا المذهب المالكي أو الحنبلي أو الحنفي أو الشافعي نحفظ به المسلمين، حتى لا تضيع دماء إخواننا ولا أموالهم ولا تنتهك أعراضهم، ويكون حاكماً عليّ وعليكم.

    في هذه الحال نقول: يجب أن تطبق المذهب الحنبلي أو الشافعي أو المالكي؛ لأن القضية قضية مال، قضية دماء، قضية فروج وأعراض، فإذا كان العالم مثلي ما يستطيع أن يستوعب، فاليوم يحكم بحكم وغداً ينقضه، واليوم يعطي المال لفلان في المذهب الفلاني وغداً يعطيه لآخر بالمذهب الفلاني وتسوء الحال وتضطرب الأمة، فلابد من الاصطلاح على مذهب معين.

    وعلى شرط إذا جاءنا عالم من الشام أو العراق أو باكستان يقول: يا جماعة: المذهب قاصر في المسألة الفلانية والرسول صلى الله عليه وسلم يقول كذا وكذا، وفلان من الصحابة قال كذا، نكون مستعدين أن ندخل هذه السنة أو هذا الحكم من الآن في الكتاب الذي ندرسه ونطبقه لابد من وجود هذا الاستعداد، استعداد نفسي لقبول ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفهم عن الله قطعاً وأن نطبقه، وقبل أن يأتي شيء نحن نعيش على هذا المذهب حتى نوزع العدالة بين المسلمين.

    هذا الذي جعل المذهب الحنفي حكم مدة العثمانيين، وجعل المذهب الشافعي يسود في مناطق، وجعل المذهب المالكي يسود في المغرب، وجعل الآن المذهب الحنبلي في الجزيرة، لِم؟ محافظة على أموال الناس ودمائهم وأعراضهم، في باب الدماء والحدود والأموال، مع الاستعداد الكامل، إذا كان المذهب الحنبلي في ناحية، وجاء الحق من مذهب مالك ، لا نقول: نحن حنابلة ما نقبل، هذا حرام ولا يجوز؛ لأننا ما نأخذ عن مالك ، وإنما نأخذ فقط مما روى، نأخذ عن الله ورسول الله.

    1.   

    الأسئلة

    كيفية الاستجمار في المراحيض

    السؤال: كيف يتم الاستجمار بالحجارة في المراحيض، أو هناك ما يقوم مقام الحجارة؟

    الجواب: أولاً: استجمر في المرحاض بالورق الغليظ أو الخفيف، واجمع بين الاستنجاء والاستجمار، وتكون أطهر الناس، وإن اكتفيت بالماء كفاك، وإن شئت أن تجعل جالوناً فيه الحجارة وتستجمر به أو تضع فيه لا بأس.

    معنى قوله: الناس على دين ملوكهم

    السؤال: ما معنى قول القائل: (الناس على دين ملوكهم)؟

    الجواب: هذه كلمة لم ترد عن الله ولا الرسول، ولكن معناها: أن الناس على مذهب الملك، فإذا كان الملك حنبلياً فالناس حنابلة، أو شافعياً فالناس شافعية؛ لأنه ينفذ المذهب الذي درسه وحفظه وفهمه.

    إذاً: فنحن نرضى بذلك؛ لأنه من الله ورسوله، أما إذا عممناها بالمعنى الذي تريد فلا، فقد يكون الملك عفريتاً، فلن نكون نحن عفاريت مثله!

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755970714