إسلام ويب

مصابيح الهدى - عبد الله بن مسعودللشيخ : محمد حسان

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن الله يرفع بكتابه أقواماً ويضع به آخرين، فها هو ابن مسعود رضي الله عنه الذي كان راعياً للغنم لبعض علوج مكة، والذي لم تكن له قيمة ولا شأن، لكن ما إن شرح الله صدره للإسلام وإذ به يتبوأ مكاناً عالياً بين الناس، حتى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسمع منه القرآن، وما زال يزداد علماً ويزداد رفعة حتى صار وزيراً لبيت المال في الكوفة وأستاذاً ومعلماً لأهلها، يتفاخر الناس بالتتلمذ على يديه رضي الله عنه وأرضاه.

    1.   

    ابن مسعود أقرب الناس سمتاً وهدياً برسول الله صلى الله عليه وسلم

    الحمد لله الذي لم يتخد ولداً، ولم يكن له شريك في الملك، وما كان معه من إله، الذي لا إله إلا هو، ولا خالق غيره ولا رب سواه، المستحق لجميع أنواع العبادة، ولذا قضى ألا نعبد إلا إياه، ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ [الحج:62]. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، هو الأول فلا شيء قبله، وهو الآخر فلا شيء بعده، وهو الظاهر فلا شيء فوقه، وهو الباطن فلا شيء دونه وهو على كل شيء قدير. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، أدى الأمانة، وبلغ الرسالة، ونصح الأمة، وكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، فاللهم اجزه عنا خير ما جازيت نبياً عن أمته، ورسولاً عن دعوته ورسالته، وصل اللهم وسلم وزد وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته, واقتفى أثره إلى يوم الدين. أما بعد: فحيا الله هذه الوجوه الطيبة المشرقة، وزكى الله هذه الأنفس، وأسأل الله جل وعلا أن يشرح صدورنا وإياكم بالإيمان والتوحيد، وأن يجمعنا وإياكم دائماً وأبداً في الدنيا على طاعته، وفي الآخرة في جنته ومستقر رحمته، إنه ولي ذلك ومولاه، وهو على كل شيء قدير. أحبتي في الله! مع أئمة الهدى ومصابيح الدجى: نحن اليوم على موعد مع رجل من أقرب الناس سمتاً وهدياً ودلاً برسول الله صلى الله عليه وسلم، نحن اليوم على موعد مع العالم الرباني، الأواه الأواب، الخاشع البكاء، إنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، الداخل عليه دوماً وليس بمردود، والحافظ الأمين لجميع الأسرار والعهود، الذي كان يوقظ النبي صلى الله عليه وسلم إذا نام، بل ويستره إذا اغتسل، إنه الضعيف القوي! إنه الفقير الغني! إنه المؤمن التقي النقي الأبي، إنه الغلام المعلم، والقارئ الملقن، والفقيه المفهم، إنه الرجل الذي وصفه فاروق الأمة عمر وصفاً دقيقاً محكماً في ثلاث كلمات لا تزيد، فقال عنه عمر : كنيف ملئ علماً! أي: وعاء ملئ علماً.

    1.   

    علم ابن مسعود

    في ليلة مظلمة يلقى عمر بن الخطاب رضي الله عنه ركباً يضم هذا الرجل المبارك، ويخيم الليل بظلامه فيحجب الركب عن عمر رضي الله عنه، فيسأل عمر بن الخطاب : من أين القوم؟ فيجيبه هذا الرجل المبارك من وسط هذا الركب الكريم قائلاً: من الفج العميق! فيسأل عمر : إلى أين تريدون؟ فيجيب الرجل: البيت العتيق، فيعي عمر الأمر فيقول: إن في الركب عالماً. وأنصتوا بالسمع وأحضروا القلب إلى هذا الحوار الكريم بين فاروق الأمة وبين هذا الرجل العظيم المبارك. فيسأل عمر : أي القرآن أعظم؟ فيجيب الرجل من وسط الركب: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ [البقرة:255]. فيسأل عمر : أي القرآن أحكم؟ فيجيب الرجل المبارك من وسط الركب الكريم قائلاً: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى [النحل:90]. فيسأل عمر: أي القرآن أجمع؟ فيجيب الرجل: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه [الزلزلة:7-8]. فيسأل عمر : فأي القرآن أخوف؟ فيجيب الرجل المبارك: لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا [النساء:123]. فيسأل عمر : أي القرآن أرجى؟ فيجيب الرجل: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53]. فينادي عمر قائلاً : أفيكم عبد الله بن مسعود ؟! -إنه الغلام المعلم، والفقيه المفهم، والقارئ الملقن- فيجيب الركب قائلاً: اللهم نعم. هذا هو الذي سنسعد في صحبته في هذا اللقاء أيها الأحبة! والحق أقول: لقد صحبت التاريخ طوال الأيام الماضية لأدرس حياة عبد الله بن مسعود عن قرب فأذهلتني شخصيته، إنه رجل عجيب، جمع من الخصال الكريمة والصفات الحميدة ما لم يجتمع إلا في القليل النادر من الصحب الكرام رضي الله عنهم جميعاً، إنه رجل شامل، هذا الرجل أهلته صحبته الطويلة لرسول الله صلى الله عليه وسلم التي كانت -أي: هذه الصحبة- منبع علومه، وأم معارفه، ومداد تحصيله، أخذ القرآن والسنة من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم، لذا رأيناه من أكبر ومن أعلم الصحابة بكتاب الله، بل ورأيناه مفسراً من أعظم مفسريهم، ومحدثاً من أكابر محدثيهم، ومعلماً فريداً بين معلميهم، بل وفقيهاً كبيراً بين فقهائهم، بل ووزيراً صادقاً أميناً بين وزرائهم.

    1.   

    فضائل ابن مسعود رضي الله عنه

    إن تلخيص حياة هذا الحبر في هذه الدقائق المعدودات أمر صعب عسير، فهيا لنغتنم الدقائق المعدودات لنعيش بعض الوقت مع هذا الحبر العالم، ومع هذا الفقيه الأكبر، مع عبد الله بن مسعود ، ولنستهل هذا اللقاء المبارك بأوسمة الشرف التي منحها النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الرجل الكريم المبارك. ففي الحديث الذي رواه مسلم أن عبد الله بن مسعود قال: لما نزل قول الله جل وعلا من سورة المائدة: لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [المائدة:93] فلما نزلت وقرأها النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يا عبد الله ! أنت منهم) يشهد النبي صلى الله عليه وسلم لـعبد الله بأنه من الذين اتقوا وآمنوا، واتقوا وآمنوا، واتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين.

    ابن مسعود أقرب الصحابة اقتداءً برسول الله وأقربهم وسيلة إلى الله

    وفي الحديث الذي رواه البخاري والترمذي من حديث عبد الرحمن بن يزيد رحمه الله تعالى يقول: سألت حذيفة رضي الله عنه عن رجل قريب السمت والهدي والدل برسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نأخذ عنه؟ فقال حذيفة رضي الله عنه: والله ما نعلم أحداً أقرب سمتاً وهدياً ودلاً بالنبي صلى الله عليه وسلم من ابن أم عبد -أي: من عبد الله بن مسعود- حتى يواريه جدار بيته -انظروا إلى الدقة في الشهادة! أي: حتى يواريه جدار بيته فعلمه عند الله جل وعلا-. ولقد علم المحفوظون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن ابن أم عبد أقربهم إلى الله وسيلة يوم القيامة. يا لها من شهادة! وفي رواية الترمذي بسند حسن صحيح: ولقد علم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن ابن أم عبد أقربهم إلى الله زلفى. ابن مسعود أقربهم إلى الله وسيلة، وأقربهم إلى الله زلفى، بالله عليكم أي الكلمات نستطيع أن نعبر بها عن هذه الشهادة؟! ألا فلندعها هكذا حتى لا نضيع من جلالها شيئاً، ابن مسعود أقرب الناس إلى الله وسيلة، وأقرب الناس إلى الله زلفى يوم القيامة، بل ولقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال عليه الصلاة والسلام: (خذوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعودفبدأ به صلى الله عليه وسلم وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل ، وسالم مولى أبي حذيفة). ولذا كان ابن مسعود يعلم هذه النعمة الكبيرة، وهذا الشرف العظيم، فيقول -كما في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم-: (والله الذي لا إله غيره، ما أنزلت سورة من كتاب الله إلا وأنا أعلم أين نزلت، ولا أنزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيما أنزلت، ولو أعلم أحداً أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه).

    سماع النبي صلى الله عليه وسلم القرآن من ابن مسعود

    وفي رواية في الصحيح أيضاً أنه رضي الله عنه قال: (لقد قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعاً وسبعين سورة، ولقد علم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أني أعلمهم بكتاب الله، وما أنا بخيرهم). ولطالما كان الحبيب صلى الله عليه وسلم يذهب إلى ابن مسعود ويحب أن يستمع القرآن منه، فلقد ذهب إليه النبي صلى الله عليه وسلم يوماً وقال: (اقرأ علي يا ابن مسعود) أتدرون ماذا قال التلميذ المهذب المؤدب؟! نظر إلى أستاذه ومعلمه وقال: (أأقرأ عليك وعليك أنزل يا رسول الله؟!!) انظروا إلى هذه الكرامة! الرسول صلى الله عليه وسلم يطلب من ابن مسعود أن يقرأ عليه، وهاهو ابن مسعود يجلس؛ ليقرأ للنبي صلى الله عليه وسلم وحده، وليستمع إليه النبي صلى الله عليه وسلم وحده. (اقرأ علي يا ابن مسعود ، فيقول: أأقرأ عليك وعليك أنزل يا رسول الله؟! فيقول الحبيب صلى الله عليه وسلم: اقرأ عليَّ فإني أحب أن أستمع إليه من غيري)، ويستهل ابن مسعود المبارك القراءة المباركة فيفتتح سورة النساء، ويقرأ ما شاء الله له أن يقرأ (حتى بلغ إلى قول الله جل وعلا: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا [النساء:41] فقال النبي صلى الله عليه وسلم: حسبك يا ابن مسعود ! حسبك يا ابن مسعود ! يقول عبد الله : فالتفت إلى رسول الله فإذا عيناه تذرفان) بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم. والحديث رواه البخاري ومسلم .

    تأمين النبي صلى الله عليه وسلم على دعاء ابن مسعود

    بل لقد مر النبي صلى الله عليه وسلم يوماً على ابن أم عبد أي: على عبد الله بن مسعود ، وكان مع النبي صلى الله عليه وسلم في هذه اللحظات الكريمة صاحباه: أبو بكر وعمر ، مر النبي صلى الله عليه وسلم مع صاحبيه على عبد الله بن مسعود ، وكان عبد الله قائماً يصلي لله جل وعلا، فوقف النبي صلى الله عليه وسلم؛ ليستمع إلى قراءته، فلما انتهى، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من أحب أن يقرأ القرآن غضاً كما أنزل فليقرأ قراءة ابن أم عبد)، انظروا إلى هذه الشهادة أيها الأخيار! (ثم جلس ابن مسعود يدعو الله جل وعلا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سل تعطه، سل تعطه) فكان مما سأله ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (اللهم إني أسألك إيماناً لا يرتد، ونعيماً لا ينفد، ومرافقة النبي صلى الله عليه وسلم في جنان الخلد. قال عمر : فقلت في نفسي: والله لأغدون إلى عبد الله ولأبشرنه بتأمين رسول الله على دعائه. يقول عمر : فذهبت إليه في الصباح، فوجدت أبا بكر رضي الله عنه قد سبقني بالبشرى، فقلت له: يا أبا بكر ! والله إنك لسباق في الخير دائماً) . والحديث رواه الإمام أحمد وهو حديث حسن، ورواه الإمام الحاكم في المستدرك وصححه وأقره الإمام الذهبي .

    بعض خصائص ابن مسعود

    بل وتعجبون أشد العجب بهذه البشارة التي وردت في صحيح مسلم ، اسمعوا ماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لـابن مسعود : (يا عبد الله ! أذنك عليَّ أن ترفع الحجاب، وأن تسمع زوادي -أي: سري- حتى أنهاك عن ذلك) الله أكبر! حتى ظن الصحابي الجليل أبو موسى الأشعري رضي الله عنه وأرضاه، أن عبد الله من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما ورد في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم والترمذي من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: (قدمت أنا وأخي من اليمن، فمكثنا حيناً وما نرى إلا أن ابن مسعود وأمه من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لما نرى من كثرة دخولهم على رسول الله ولزومهم له). يظن أبو موسى الأشعري أن ابن مسعود من أهل البيت النبوي، لماذا؟ لأنه يرى ابن مسعود يدخل حينما يستأذن الناس، ويخرج حينما يتمنى الناس أن يدخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    ثقل ساقي ابن مسعود في الميزان

    بل وخذوا هذه البشارة، وخذوا هذا الوسام الذي سأختم به أوسمة الشرف التي علقها النبي صلى الله عليه وسلم بيديه على صدر ابن مسعود رضي الله عنه؛ ليلقى الله جل وعلا بها في الآخرة، خذوا هذه البشارة، ووالله لو لم يخرج ابن مسعود من الدنيا إلا بها لكفته شرفاً وفخراً في الدنيا، وعزاً ورفعة ومكانة عند الله في الآخرة، ماذا قال الحبيب صلى الله عليه وسلم في حق ابن مسعود ؟ والحديث رواه أحمد والبزار والطبراني وهو حديث حسن. (صعد ابن مسعود رضي الله عنه يوماً شجرة الأراك يجتني سواكاً، فهبت ريح، فجعلت الريح تكفؤه) كان ضعيف البنية قوي الإيمان، كان فقيراً غني اليقين، ألم أقل في أول اللقاء: إنه الضعيف القوي الفقير الغني؟! وسوف نرى الآن الثالثة: إنه المؤمن القوي النقي الأبي، جعلت الريح تكفؤه، فضحك القوم، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: (مما تضحكون؟ قالوا: نضحك من دقة ساقيه يا رسول الله! أتدرون ماذا قال الحبيب صلى الله عليه وسلم؟! قال: والذي نفسي بيده لهما أثقل في الميزان يوم القيامة من جبل أحد)الله أكبر!

    1.   

    أمانة ابن مسعود في الجاهلية قبل الإسلام

    ذلكم هو الغلام الذي كان يرعى الأغنام بالأمس القريب لسيد من سادات مكة في شعب من شعابها، واستمعوا إليه وهو يحدثنا بسعادة عن أول لقاء له مع أستاذه ومعلمه المصطفى صلى الله عليه وسلم. ففي حديث صحح إسناده الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء، في ترجمته لـعبد الله بن مسعود رضي الله عنه، يقول ابن مسعود : كنت أرعى الأغنام لـعقبة بن أبي معيط في شعاب مكة، فمر علي يوماً رسول الله وأبو بكر ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الغلام الأمين: هل من لبن يا غلام! أي: هل عندك من لبن لتكفينا؟ فقال الغلام: نعم -ولكن انظروا ماذا قال- ولكني مؤتمن! انظروا إلى هذه العبارة التي قالها ابن مسعود في الجاهلية قبل الإسلام! ولكني مؤتمن، فظلت هذه العبارة مع ابن مسعود بمثابة البوصلة التي تحدد اتجاه حياته إلى أن لقي الله جل وعلا. ولكني مؤتمن، لا أستطيع أن أقدم لكم اللبن، انظروا إلى الأمانة! في جاهليته أمين، فما ظنكم بأمانته بعد أن شرح الله صدره بالإسلام، ولكني مؤتمن! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فهل عندك من شاة لم ينز عليها الفحل؟ قال: نعم، ومتى كانت الشاة التي لم ينز عليها الفحل تدر لبناً؟! قال: ائتني بها، فأتاه بشاة لم ينز عليها الفحل، فمسح النبي صلى الله عليه وسلم ضرعها، ودعا الله جل وعلا، فدر الضرع باللبن، فجاءه الصديق بإناء مجوف، فملأه النبي صلى الله عليه وسلم باللبن وشرب وسقى أبا بكر وسقى الغلام، والغلام ينظر في دهشة واستغراب إلى هذه المعجزة! نعم، وإنها لمن أهون المعجزات، وسوف يرى هو بعينيه بعد ذلك العجب العجاب، فهو الذي روى كما ورد في صحيح مسلم أنه قال: والله إنكم لتعدون الآيات عذاباً، وإن كنا لنعدها بركة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوالذي نفس محمد بيده لقد كنا نجلس لنأكل مع رسول الله فنسمع تسبيح الطعام في يديه صلى الله عليه وسلم! فنظر الغلام بدهشة واستغراب لشاة لا تدر لبناً؛ لأنه لم ينز عليها الفحل بعد، وإذ بها تدر اللبن، ثم يقول النبي صلى الله عليه وسلم للضرع: اقلص، فقلص الضرع أمام عيني هذا الغلام المبارك! فذهب هذا الغلام الكريم إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن يعرفه، فقال له: يا عماه! علمني من هذا القول الذي قلت، فمسح النبي رأسه وقال: إنك غلام معلم، ألم أقل: إنه الغلام المعلم؟! إي والله إنه الغلام المعلم، لم يقل: إنك غلام ستتعلم، وإنما قال: إنك غلام معلم، وبالفعل لم يمض غير قليل وإذ بهذا الفتى وإذ بهذا الغلام المعلم يسمع بخبر النبي صلى الله عليه وسلم فيذهب إليه لينطق شهادة الحق: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله؛ ليكون من السابقين الأولين الذين أسلموا قبل أن يدخل النبي دار الأرقم بن أبي الأرقم.

    1.   

    ابن مسعود أول من جهر بالقرآن في مكة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم

    إنه ابن مسعود رضي الله عنه وأرضاه، ولم يمض غير قليل وإذ به يذهب إلى النبي عليه الصلاة والسلام، ويقول: يا رسول الله! ألا تقبلني خادماً لك؟ فيقبله النبي عليه الصلاة والسلام، ومن يومها ينتقل هذا الغلام هذه النقلة الكبيرة من رعاية الأغنام إلى خدمة سيد الأنام، هكذا بدون مقدمات، من رعاية الأغنام لكافر من كفار مكة إلى خدمة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، بل ولم يمض غير قليل وإذ بهذا الفتى الذي لم يكن يجرؤ بالأمس القريب أن يمر على مجلس فيه شريف من أشراف مكة إلا مطأطئ الرأس حثيث الخطى، هاهو يتحول اليوم بعد لحظات معدودات إلى إعصار مدمر! وإلى بوق سماوي مزلزل! يتحول إيمانه ويقينه في قلبه إلى شيء يدمر كبرياء سادة قريش وكبرائها! ها هو الغلام الأجير الفقير المغمور ينطلق ليقف على رءوس أشراف مكة في وضح النهار حول بيت الله جل وعلا فيرفع صوته العذب الحلو بسورة الرحمن؛ ليكون هذا الغلام الأجير الفقير المغمور أول مسلم على ظهر هذه الأرض يجهر بالقرآن في مكة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولندع شاهد عيان ينقل لنا هذا المشهد المثير، هذا المشهد الذي رواه بطوله ابن هشام في سيرته، ورواه مختصراً الإمام ابن حجر في الإصابة، ورواته ثقات، يقول الزبير بن العوام رضي الله عنه: اجتمع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يوماً في مكة، وما زالوا مضطهدين في هذا الوقت، وما زالوا مشردين فقالوا: قريش لم تسمع القرآن يشهر لها به قط، فهل من رجل يسمعهم القرآن؟ أتدرون من الذي أجاب بنعم؟! إنه هذا الغلام الفقير، الذي كان بالأمس القريب راعياً لأغنام سيد من سادات مكة، فقال ابن مسعود: أنا، فقال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: نريد واحداً له عشيرة تمنعه وتحميه إن أراد به أهل مكة شراً، فقال ابن مسعود : دعوني، فإن الله سيمنعني ويحميني، وانطلق ابن مسعود رضي الله عنه وأرضاه في اليوم التالي في وقت الضحى، حتى أتى مقام إبراهيم -على نبينا وعليه الصلاة والسلام- ووقف ليقرأ القرآن بصوته الحلو العذب الرقيق، وبدأ بقوله: بسم الله الرحمن الرحيم، رافعاً به صوته، والمشركون يجلسون حول الكعبة، وظل يقرأ سورة الرحمن: الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الإِنسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ [الرحمن:1-4] فنظر سادة قريش إلى بعضهم البعض وقالوا: ماذا يقول ابن أم عبد؟! تباً له إنه يتلو بعض ما جاء به محمد! إلى هذا الحد من الجرأة! يتلو على مسامعنا وبين أيدينا القرآن الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، فقاموا إليه وضربوا وجهه ضرباً شديداً عنيفاً حتى سال الدم الشريف على وجهه الأنور، وانطلق بهذه الدماء الطاهرة إلى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: هذا والله ما خشيناه عليك يا ابن مسعود ، أتدرون ماذا قال هذا الغلام الضعيف القوي؟! قال: والله ما كان أعداء الله أهون في عيني من اليوم، ولئن شئتم لأغادينهم بمثلها غداً، فقالوا: كلا، فلقد أسمعتهم ما يكرهون.

    1.   

    ابن مسعود يقتل أبا جهل يوم بدر

    ذلكم هو الغلام المعلم أيها الأحبة! هذا هو ابن مسعود رضي الله عنه، الذي يتحول هذا التحول الكبير، بل لقد كان له يوم بدر مشهد مذكور، فلقد ورد في صحيح البخاري ومسلم ومسند الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم بدر: من ينظر ما صنع أبو جهل ؟ فقال ابن مسعود : أنا يا رسول الله! فانطلق ابن مسعود بسيفه، فوجد أبا جهل قد قتله ابنا عفراء رضي الله عنهما، فقال له ابن مسعود : أنت أبو جهل ؟! فاحتقر أبو جهل -وهو يموت ويحتضر- ابن مسعود وأصحابه، فقال: وهل فوق رجل قتلتموه أو قتله قومه؟! يقول ابن مسعود رضي الله عنه كما في رواية الإمام أحمد من حديث أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود ، والحق أن أبا عبيدة لم يسمع من عبد الله ، فالحديث فيه انقطاع، إلا أن بقية رجال أحمد رجال الصحيح، وله شواهد بمعناه تقويه كما ذكرت آنفاً. قال ابن مسعود لـأبي جهل : هل أخزاك الله يا عدو الله؟! فأخذ سيفه وضربه فلم يغن فيه شيئاً، فبصق أبو جهل في وجه ابن مسعود ، وقال: خذ سيفي فاجتز رأسي به! فأخذ ابن مسعود سيفه وقطع به رأسه وذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بمقتل أبي جهل ، فقال النبي: (آلله الذي لا إله إلا هو؟! آلله الذي لا إله إلا هو؟!!) أي: أقتل أبو جهل حقاً؟! قالها النبي صلى الله عليه وسلم مرتين، فخرج مع عبد الله بن مسعود فلما رآه قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الحمد لله الذي أخزاك الله يا عدو الله! ثم قال صلى الله عليه وسلم: هذا كان فرعون هذه الأمة) قتله ابن مسعود رضي الله عنه وأرضاه. من كان يصدق أن ابن مسعود الفقير الأجير هو الذي سيقتل أبا جهل ؟! ها هو الإسلام يمنحه مكان فقره غنى، ومكان ضعفه قوة وإرادة تقهر جبابرة قريش، ومكان انزوائه وانعزاله في شعب من شعاب مكة مكانة عالية خفاقة تعانق كواكب الجوزاء، هذا هو الإسلام الذي حول هؤلاء من رعاة للغنم إلى سادة وقادة لجميع الدول والأمم. وأقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم.

    1.   

    ابن مسعود وزيراً لبيت مال الكوفة ومعلماً لأهلها

    الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته، واقتفى أثره إلى يوم الدين. أما بعد: وهكذا لم يتأخر ابن مسعود رضي الله عنه عن غزوة من الغزوات، بل لقد شهد الغزوات كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وظل هكذا مع صاحبيه الجليلين الكريمين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، حتى أرسله عمر بن الخطاب إلى أهل الكوفة وقال لهم: لقد أرسلت إليكم عمار بن ياسر أميراً، وعبد الله بن مسعود وزيراً، فاسمعوا لهما وأطيعوا، واقتدوا بهما، ثم قال: فوالله الذي لا إله إلا هو لقد آثرتكم بـعبد الله على نفسي. وانطلق ابن مسعود وزيراً لبيت مال الكوفة، وأخرج ما في جعبته المترعة من علوم القرآن والسنة، فعلم أهل الكوفة، حتى إن الإمام السرخسي رحمه الله تعالى قال: لقد بلغ عدد من تعلم على يد ابن مسعود وعلى يد أصحابه ما يقرب من أربعة آلاف عالم! إنها مدرسة ابن مسعود رضي الله عنه، فقد حول كثيراً من أهل الكوفة إلى علماء، علمهم القرآن والحديث، وكان وزيراً أميناً لبيت مال المسلمين، ألم أقل لكم: إنه كان أميناً في جاهليته قبل إسلامه؟! ألم يقل للنبي صلى الله عليه وسلم: إني مؤتمن، فما ظنكم به بعد الإسلام!

    1.   

    لا حقيقة لما افتراه المغرضون من خلاف بين ابن مسعود وعثمان

    وبالرغم من ذلك -حتى لا أطيل عليكم- فإن الموتورين والمجرمين والمغرضين لم يتركوا ابن مسعود إلا وقد شوهوا صورته وأساءوا إلى سمعته، ونسجوا مسرحية هزلية خلافية حقيرة بين ابن مسعود وبين ذي النورين عثمان بن عفان فقالوا وخاضوا في بحار هائجة في تاريخ هؤلاء الصحب الكرام، فغرقوا وأغرقوا وضلوا وأضلوا، وأساءوا ولم يحسنوا، وإنه ينبغي لمن اقتحم هذا المجال ليتحدث عن هؤلاء الصحب الكرام أن يكون سليم العقيدة، أميناً في النقل، مخلصاً في القصد، وأن ينظر بدقة فاحصة إلى أغراض الموتورين والكذابين والوضاعين الذين يريدون بكل الأساليب أن يشوهوا صورة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. قال اليعقوبي المؤرخ الشيعي المحترق قال: لقد استدعى عثمان عبد الله بن مسعود من الكوفة، فلما دخل عليه ابن مسعود -وكان عثمان يخطب على المنبر- قطع عثمان خطبته وقال: لقد دخلت عليكم دابة سوء! فتكلم ابن مسعود كلاماً شديداً! فأمر عثمان بإخراجه من المسجد! فجروه من رجله، فكسر له ضلعان! أعوذ بالله! ما هذا الكذب؟! وما هذا الهراء في حق الصحب الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم؟! وابن مسعود هو الذي خطب في الكوفة يوم أن أُمِّرَ عثمان وخلف عمر رضي الله عنهم جميعاً، فقال: لقد اجتمعنا نحن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فلم نأل عن خيرنا -أي: فلم ننصرف عن خيرنا- وأعطينا الإمارة والخلافة لخيرنا بعد عمر ، وهو عثمان رضي الله عنه وأرضاه. بل وقال هذا الشيعي المحترق: إن ابن مسعود رفع يديه ودعا وقال: اللهم إنك عظيم العفو عظيم التجاوز، فلا تتجاوز عن عثمان! والله إن هذا لا يحدث من آحاد المسلمين الشرفاء الأتقياء، فهل نتوقع أن يحدث ذلك من رجل أقرب الناس سمتاً وهدياً ودلاً بالنبي صلى الله عليه وسلم؟! وهل نتوقع ذلك من ذي النورين الذي ضحى بحياته حتى لا تهرق قطرة دم واحدة في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!

    1.   

    ابن مسعود يترك رأيه لرأي عثمان

    لقد ربط الله بين هذه القلوب وملأها بالحب والمودة والرحمة، وإن أعظم الأدلة على ذلك في عجالة: أن ابن مسعود لما علم أن عثمان قد أتم الصلاة بمنى صلى بأصحابه أربع ركعات، فقال تلاميذه: ألم تحدثنا أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين وأبو بكر وعمر ؟! قال: وأنا أحدثكموه الآن، ولكن عثمان كان إماماً للمسلمين، فخشيت أن أخالفه، فإن الخلاف شر كله، بل وخرج ابن مسعود ليهدئ من ثورة الأصحاب الذين غضبوا لما أتم عثمان الصلاة في منى، فقابله عبد الرحمن بن عوف وقال: هل سمعت يا أبا عبد الرحمن ؟! لقد أتم عثمان الصلاة فصليت بأصحابي ركعتين، فقال ابن مسعود لـعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم جميعاً، ولكني صليت بأصحابي أربع ركعات، وخشيت أن أخالف عثمان فإن الخلاف شر كله، فقال عبد الرحمن : أما الآن فسوف أفعل ما قلته يا أبا عبد الرحمن . إنها قلوب طاهرة مطهرة تميل مع الشرع حيث مال، وتنطلق مع الحق حيث راح وحيث انطلق لا تشوبها شائبة من شوائب الأحقاد والضغائن ألبتة، إنهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل ويقابل عثمان ابن مسعود في منى، والحديث رواه البخاري ومسلم فيقول عثمان : يا أبا عبد الرحمن! ينادي على ابن مسعود، يا أبا عبد الرحمن! إن لي إليك حاجة، فيقول: ما هي يا أمير المؤمنين؟ فيقول عثمان رضي الله عنه لـابن مسعود : هلا نزوجك بكراً تذكرك ما كان قد مضى؟! انظروا إلى هذه الدعابة بين عثمان وبين ابن مسعود ، فقال ابن مسعود : أما وقد قلت ذلك، فلقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، فمن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء). وذهب عثمان إلى ابن مسعود على فراش الموت، فقال له: يا ابن مسعود ! من أي شيء تشكو؟ قال: أشكو ذنوبي، ابن مسعود يقول: أشكو ذنوبي! قال: أي شيء ترجو؟ قال: رحمة ربي، قال: أي شيء تخاف؟ قال: أخاف عذاب الله، قال: هل أدعو لك الطبيب؟ قال: الطبيب أمرضني، قال: هل آمر لك بعطاء؟ قال: لا حاجة لي فيه يا أمير المؤمنين!

    1.   

    وصية ابن مسعود عند موته

    وأختم هذا اللقاء أيها الأحبة! بوصية خالدة من وصايا ابن مسعود رضي الله عنه، حيث كان يذكر بها أصحابه ويذكرنا بها من بعدهم فيقول: (إنكم في ممر الليل والنهار في آجال منقوصة، وأعمال محفوظة، والموت يأتي بغتة، فمن عمل خيراً يوشك أن يحصد خيراً، ومن عمل شراً يوشك أن يحصد شراً، فمن وقي فالله تعالى وقاه، ومن أعطاه الله فالله تعالى أعطاه، المتقون سادة، والفقهاء قادة، ومجالستهم زيادة). رضي الله عن عبد الله بن مسعود ، وصلى الله على أستاذه ومعلمه، وجمعنا بهم في دار كرامته ومستقر رحمته، إنه ولي ذلك ومولاه. اللهم اجزه عنا خير ما جازيت مصلحاً أو صالحاً، اللهم اجمعنا بهم مع نبيك صلى الله عليه وسلم. اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين، وأعل بفضلك كلمتي الحق والدين، اللهم قيض لأمة التوحيد أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر، أنت ولي ذلك ومولاه. اللهم أصلح ولاة أمور المسلمين، ووفقهم جميعاً للعمل بكتابك، والاقتداء بنبيك صلى الله عليه وسلم، وارزقهم اللهم البطانة الصالحة الناصحة، أنت ولي ذلك والقادر عليه، برحمتك يا أرحم الراحمين! أحبتي في الله! أكثروا من الصلاة والسلام على نبينا محمد فإن الله جل وعلا قد أمركم بذلك في محكم كتابه فقال: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56]، اللهم صل وسلم وزد وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. هذا وما كان من توفيق فمن الله وحده، وما كان من خطأ أو سهو أو زلل أو نسيان فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء، وأعوذ بالله أن أذكركم به وأنساه. والحمد لله رب العالمين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756613882