إسلام ويب

لماذا هزمت الأمةللشيخ : محمد حسان

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن لله سنناً ربانية في الكون لا تتبدل ولا تتغير، ولا تحابي تلك السنن أحداً من الخلق، ومن هذه السنن سنة التغيير وسنة الابتلاء وسنة التداول وسنة النصر، وبمعرفة هذه السنن تعرف أسباب هزيمة الأمة، وتعرف أسباب تمكينها وعزها.

    1.   

    واقع الأمة المرير

    بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين محمد صلى الله عليه وعلى من اتبعه بإحسان إلى يوم الدين، وبعد: حياكم الله جميعاً أيها الإخوة الأخيار! وأيتها الأخوات الفاضلات! واسمحوا لي أن أخص بالتحية شيخنا المبارك أبا عبد الرحمن الذي أتقرب إلى الله عز وجل بحبه، وأسأل الله سبحانه أن يمتعه بالإيمان والعافية، وأن يبارك له في أهله وولده، وأن يجعله إماماً من أئمة الهدى، وأن يبارك فيه وفي جميع علماء هذه الأمة المخلصين الصادقين، وأن يحفظهم بحفظه، إنه ولي ذلك والقادر عليه. ووالله ما ظننت أن أتحدث الليلة بين يديه، فما أتيت إلا تلميذاً له، لا أقول ذلك على سبيل التواضع، فأنا ممن يعرف قدر الشيخ، فأسأل الله عز وجل أن يرفع قدره في الدنيا والآخرة، وأن يسترنا وإياه في الدنيا والآخرة. أبى الشيخ بعظيم تواضعه إلا أن أتقدم بين يديه، فأسأل الله أن يتقبل منا ومنه ومنكم جميعاً صالح الأعمال. أحبتي في الله! لماذا هزمت الأمة؟! لماذا صارت الأمة الآن ذليلة لأذل أهل الأرض من إخوان القردة والخنازير؟! لماذا تحولت الأمة الآن إلى قصعة مستباحة لكل أمم الأرض؟! هل لأن الأمة فقيرة؟! أم لأن الأمة ضعيفة؟! أم لأن الأمة قليلة؟! أم لأنها تفتقر إلى العقول والأدمغة التي تفكر وتبدع؟! أم لأنها تفتقر إلى المناخ أو الثروات أو الموقع الاستراتيجي الهام؟! لا، الأمة ليست فقيرة، وليست قليلة العدد والعُدد والعتاد، وليست فقيرة في العقول والأدمغة التي تبدع وتفكر. إذاً: لماذا هزمت الأمة، وصار الدم الإسلامي أرخص دم على وجه الأرض، وصار اللحم الإسلامي أرخص اللحم على وجه الأرض، يتناثر كل ساعة على مرأى ومسمع من الشرق والغرب؟! ما هذا الذل والهوان؟! أي مصيبة هذه التي حلت بأمة الإسلام ليتحكم فيها سفاح مجرم كـشارون وبوش؟! يطالعنا هذا بوجهه الذي يشبه وجه الخنزير، والآخر بوجه يشبه وجه القرد! بتصريحات تفجر الدم من العروق، والأمة الآن تقتل بسكين بارد، وتذبح بسكين بارد، ومازالت الأمة إلى هذه اللحظة لا تسمع من الزعماء والمسئولين إلا ما يجيدون من لغة الشجب والاستنكار! وقد مضى بالفعل زمن لغة الشجب ولغة الاستنكار، مضى زمن الشجب ولغة الاستنكار، انتهى زمن التنظير، ومضى زمن الكلام! كيف والدبابات اليهودية بالصنع الأمريكي المتقن تحاصر أهلنا ونساءنا وأولادنا وبناتنا وأطفالنا، وتدك البيوت على رءوس هؤلاء المستضعفين؟! فلا وقت للتنظير، ولا وقت للكلام. وأرجع إلى السؤال: لماذا وصلت الأمة إلى هذه الحالة من حالات الذل والهوان؟! متنا قروناً والمحاق الأعمى يليه محاق، أي شيء في عالم الغاب نحن آدميون أم نعاج نساق نحن لحم للوحش والطير منا الجثث الحمر والدم الدفاق وعلى المحصنات تنوح البواكي يا لعرض الإسلام كيف يراق قد هوينا لما هوت وأعدوا وأعدوا من الردى ترياق واقتلعنا الإيمان فاسودت الدن يا علينا واسودت الأعماق وإذا الجذر مات في باطن الأر ض تموت الأغصان والأوراق

    1.   

    سنن الله الكونية

    لماذا هزمت الأمة وانتبهوا إليّ جيداً؟! إن لله سنناً ربانية في الكون لا تتبدل ولا تتغير ولا تحابي تلك السنن أحداً من الخلق بحال مهما ادعى لنفسه من مقومات المحاباة، وسنطرح هذا التسلسل للسنن: فهناك سنة التغيير، وسنة التداول، وسنة الابتلاء بالتمحيص، وسنة النصر والتمكين. لقد كانت الأمة العربية قبل البعثة المحمدية مبعثرة لا قيمة لها ولا كرامة، فجاء الإسلام فجعلها خير أمة أخرجت للناس، يوم كسا رسول الله صلى الله عليه وسلم أمة الإسلام ثوب التوحيد، وراحت لترفل في هذا الثوب فأذلت الأكاسرة، وأهانت القياصرة، وغيرت مجرى التاريخ في فترة لا تساوي في حساب الزمن شيئاً على الإطلاق، وأقامت للإسلام دولة من فتات متناثر وسط صحراء تموج بالكفر موجاً، فإذا هي بناء شامخ لا يطاوله بناء!

    سنة التغيير

    ثم تدبروا معي! بدأت الأمة تنحدر وتغير، فوقعت سنة التغيير فغير الله عليهم إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ [الرعد:11]، ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ [الأنفال:53]. وسنتطرق إلى هذا التفصيل المهم حتى لا نصطدم بالواقع إذا تدبرنا آيات القرآن: ففي جانب العقيدة غيرت الأمة وبدلت، فذبحت العقيدة في الأمة شر ذبحة، وهجرت الأمة عقيدة التوحيد بشمولها وكمالها وصفائها، ففي الأمس القريب كانت العقيدة إذا مس جانبها سمعت الصديق يتوعد، والفاروق يزمجر! ورأيت المؤمنين الصادقين يبذلون من أجلها الغالي والنفيس. لكن العقيدة الآن تذبح في الأمة شر ذبحة، فمن هذه الأمة نرى الملايين المملينة التي لا تعرف الله جل وعلا، ولا تعرف قدره، ولا تعرف جلاله، بل ومازال كثير من أفراد هذه الأمة إلى هذه اللحظة يثق في بعض دول الغرب أكثر من ثقته برب السماء والأرض، وسمعنا زعيماً لدولة خرجت من بين الدماء والأشلاء، ومازالت في هذا الوحل إلى هذه اللحظات، سمعناه يقول: إنه ممن يعتقد أن للكون أقطاباً وأوتاداً وأبدالاً تدبر نظام الكون وتسير شئونه! وسمعنا هنا من يقول -على مرأى ومسمع وممن يشار إليهم بالبنان أنهم من أهل العلم- إننا نحتفل الليلة بمولد السيد البدوي المهاب، الذي إن دعي في البر والبحر أجاب. وسمعنا من أفراد هذه الأمة ومن رموزها من يقول: لقد عزمنا على أن نأخذ كل ما عند الغربيين حتى الالتهابات التي في رئاتهم، والنجاسات التي في أمعائهم! وسمعنا من رموز هذه الأمة من يقول: إن تطبيق الشريعة الإسلامية ردة حضارية بكل المقاييس! إلى آخر هذه الكلمات الخطيرة. نحت الأمة عقيدة التوحيد والإسلام، عقيدة تنبثق منها شريعة تنظم كل شئون الحياة، ولا يقبل الله من قوم شريعتهم إلا إذا صحت عقيدتهم. غيرت الأمة في مجال العقيدة، وغيرت الأمة في مجال العبادة، صرفت العبادة في كثير من صورها إلى غير الله تبارك وتعالى، بركنيها: من كمال حب وكمال تعظيم، وبشرطيها: من إخلاص واتباع، صرفت لغير الله، والله تبارك وتعالى يقول: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام:162-163]. وغيرت الأمة في جانب التشريع، فنحت الأمة شرع الله جل وعلا بالجملة، واستبدلت بالعبير بعراً، وبالثريا ثرى، وبالرحيق المختوم حريقاً محرقاً مدمراً، وركبت الأمة قوارب الشرق الملحد تارة فغرقت وأغرقت، وركبت قوارب الغرب الكافر تارة فغرقت وأغرقت، وركبت قوارب الوسط الأوروبي فغرقت وأغرقت، والله تبارك وتعالى يقول: إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ [يوسف:40]، أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا [الأنعام:114]، والله جل وعلا يقول: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [النساء:65] وفي جانب الأخلاق والمعاملات والسلوك غيرت الأمة وبدلت، انظر إلى أخلاقيات المسلمين -إلا من رحم ربك- ترى انحرافاً مزرياً عن أخلاق الإسلام، وعن أخلاق النبي محمد عليه الصلاة والسلام. غيرت الأمة في كل المجالات، فكانت السنة الحتمية لهذا التغيير كما قال ربنا جل وعلا: إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ [الرعد:11]، ماذا حدث؟! ذلت الأمة بعد عزة، وجهلت الأمة بعد علم، وضعفت الأمة بعد قوة، وأصبحت الأمة في ذيل القافلة البشرية، بل وأصبحت الأمة تتأرجح في سيرها، ولا تعرف طريقها، لا تعرف من توالي، ولا تعرف من تعادي، لا تعرف شيئاً عن عقيدة الولاء والبراء، لا تعرف شيئاً عن حقيقة الإرهاب. الأمة في اجتماعها الأخير في ماليزيا، وهو اجتماع يتكون من خمسين دولة، لم تستطع الأمة بهذا العدد الضخم أن تعرف الإرهاب، واختلفت الأمة في حقيقة الإرهاب، واعترض وزير خارجية أكبر دولة إسلامية في ماليزيا على ما يحدث الآن في أرض فلسطين وقال: إن قتل المدنيين من اليهود هذا هو الإرهاب! قالوا تطرف جيلنا لما سما قدراً وأعطى للطهارة موثقا ورموه بالإرهاب حين أبى الخنا ومضى على درب الكرامة وارتقى أوكان إرهاباً جهاد نبينا بل كان حقاً في الكتاب مصدقا أتطرف إيماننا بالله في عصر تطرف في الهوى وتزندقا إن التطرف أن نذم محمداً والمقتدين به ونمدح عفلقا إن التطرف أن نرى من قومنا من صانع الكفر اللئيم وأطرقا فالأمة مازالت مختلفة في تعريف الإرهاب على أيدي أكابر مسئوليها! الأمة تحولت من حالة العلم إلى الجهل، ومن العز إلى الذل، ومن القوة إلى الضعف؛ لأنها سنة ربانية أودعها الله كونه، لا تتبدل ولا تتغير ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ [الأنفال:53].

    سنة التداول

    ثم وقعت سنة التداول وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ [آل عمران:140]، فالدولة الآن للكفر وأهله، الدولة الآن لليهود، الدولة الآن للهندوس، الدولة الآن للملعونين الملحدين من الروس، الدولة الآن للكفر وأهله. وتدبر معي! والله ما انتصر الكفر وأهله إلا يوم أن تخلى عن الحق أهله! سنن لا تتبدل! فالله لا يعجل لعجلة أحد، واعلم بأن الله يسمع ويرى ما يجري الآن على أرض فلسطين وعلى أرض الشيشان وعلى أرض أفغانستان، وليس أحد أغير على الحق وأهله من الله، وليس أحد أرحم بالمستضعفين من الله، لكنها السنن، لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم قائد المعركة في أحد، فتخلى بعض الصحابة عن بعض أسباب النصر فكانت الهزيمة، هزمت الأمة في أحد مع أن قائد المعركة هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، والهزيمة سنة ربانية لا تتغير ولا تتبدل، عصى بعض الصحابة أمراً من أوامر رسول الله فكانت الهزيمة، فكيف تنصر الأمة الآن وقد ضيعت شريعة الله بالجملة، ونحت شريعة النبي صلى الله عليه وسلم، ونحن أمام شرط الإسلام وحد الإيمان بلفظ القرآن فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [النساء:65].

    سنة الابتلاء والتمحيص

    الدولة الآن للكفر وأهله، وتأتي بعد سنة التداول سنة الابتلاء، فما تحياه الأمة الآن إنها سنة أخرى من سنن الله في الكون إنها سنة الابتلاء، لماذا أيها الإخوة؟ للتمحيص، واحفظوا عني هذه العبارة جيداً، أقول: إن ما يجري الآن على أرض فلسطين، وما يجري الآن على أرض أفغانستان، وما يجري الآن على أرض الشيشان، وما يجري الآن على أرض الفلبين، وما يجري الآن في الأمة، إنما هو تربية من الله للأمة بالأحداث، إنها مرحلة التربية السماوية، الأمة لا تجد من يربي أفرادها، لا من الزعماء، ولا من العلماء إلا من رحم ربك من أفراد، فنشهد الآن مرحلة شديدة من مراحل التربية لأفراد الأمة، إنها التربية بالأحداث. فما يجري الآن على أرض فلسطين تربية، ولابد من الابتلاء للتمحيص وللتمييز، أما حالة الخلط والغبش التي تحياها الأمة فلن تنصر لله ديناً، ولن تنصر للتوحيد عقيدة، ولن ترفع للإسلام راية، فلابد من المفاصلة، لابد من إقامة الفرقان الإسلامي، لابد أن تستبين سبيل المؤمنين من سبيل المجرمين، لابد من هذه المرحلة: الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ [العنكبوت:1-3]. وانتبه! فالله جل وعلا يعلم ما كان وما هو كائن وما سيكون، فالله سبحانه لا يعلم الصادق من الكاذب بعد الأحداث، بل الله يعلم ما كان وما هو كائن وما سيكون، وإنما هو علم للأفراد السائرين على الدرب؛ ليثبت على الصف من يستحق شرف السير على طريق النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن هناك صنفاً يسير على طريق الدعوة إلى الله، يتاجر بالدعوة ويتاجر بالاستقامة .. يتاجر بالإسلام، يظن أن الدعوة صفقة تجارية! إن حقق الربح فهو سائر على الدرب مع السائرين، وإن تعرض لمحنة أو فتنة نكص على عقبيه وتقهقر: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ [الحج:11]. لابد من التمايز، لابد من التمحيص، ولن يكون هذا التمحيص إلا بعد الابتلاء والمحن والفتن. فما يحدث الآن إنما هو نوع من أنواع التربية، لقد علمت الأمة كلها الآن أن الكفر لا ينصر للأمة قضية، ومن الحكم العظيمة في تأخير الله للنصر -وتدبروا هذه الحكمة البالغة- ألا يبقى في صف العدو سمة من سمات الخير، حتى لا يغتر بهذه السمة ضعاف الفهم وضعاف الإيمان، فلقد شاء الله لنا الآن أن نرى العدو على حقيقته. من سنوات قليلة مضت كنا نسمع على ألسنة كثيرٍ من الكتاب والمفكرين والأدباء، العدالة الأوروبية والعدالة الأمريكية! وأن أوراق القضية على مائدة الأمريكان، وأنه لابد من التدخل الأوروبي، إلى آخر هذه الكلمات. فشاء الله أن نرى في هذه الأيام القليلة الماضية أن الكفر لا ينصر إيماناً، وأن الشرك لا ينصر توحيداً. فحال أمتنا حال عجيب! وهي لعمر الله بائسة كئيبة يجتاحها طوفان المؤامرة الرهيبة! ويخطط المتآمرون كي يغرقوها في المصيبة! وسيحفرون لها قبوراً ضد خطتهم رهيبة! قالوا: السلام السلام قلت يعود الأهل للأرض السليبة! وسيلبس الأقصى غداً بعد السلام أثواباً قشيبة! فإذا سلامهم هو التنازل عن القدس الحبيبة! فبئس سلامهم إذاً وبئست هذه الخطط المريبة! شاء الله أن يرى كل عاقل وكل منصف حقيقة الغرب وحقيقة الكفر، لقد سمعت امرأة علمانية تقول بالحرف: ( هذا ليس سلام شجعان، وإنما هو سلام فئران ) شاء الله بهذه الأحداث أن يظهر العدو على حقيقته، بدا من العدو السافر للإسلام الحقد والبغض، وصدق ربي إذ يقول: وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ [البقرة:120]، وصدق ربي إذ يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [المائدة:51]، وصدق ربي إذ يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ [آل عمران:118]، وصدق ربي إذ يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ [الممتحنة:1]. أتحب أعداء الحبيب وتدعي حباً له ما ذاك في الإمكان وكذا تعادي جاهداً أحبابه أين المحبة يا أخا الشيطان إن المحبة أن توافق من تحب على محبته بلا نقصان فإن ادعيت له المحبة مع خلا فك ما يحب فأنت ذو بطلان وقال آخر: لو صدقت الله فيما زعمته لعاديت من بالله ويحك يكفر وواليت أهل الحق سراً وجهرة وكيف تواليهم وللكفر تنصر فما كل من قد قال ما قلت مسلم ولكن بأشراط هنالك تذكر مباينة الكفار في كل موطن إذا جاءك النص الصحيح المقرر وتصدع بالتوحيد بين ظهورهم وتدعوهم سراً لذاك وتجهر هذا هو الدين الحنيفي والهدى وملة إبراهيم لو كنت تشعر فما يحدث الآن إنما هو تربية للأمة بالأحداث، فلقد شاء الله أن يربي الأمة بالأحداث في غزوة بدر، وبالأحداث في غزوة أحد، وبالأحداث في غزوة الأحزاب، وبالأحداث في صلح الحديبية وغيرها من الأحداث، نزل في أحد قول الله تعالى: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِينْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ [آل عمران:144]، وكأن الله جل وعلا أراد أن يعلم الأمة أن الدعاة إلى الله يجيئون ويذهبون ويخطئون ويموتون وتبقى الدعوة وستبقى خالدة على مر الأجيال والقرون، لو قتل النبي صلى الله عليه وسلم فواجب عليكم يا أتباع النبي أن ترفعوا الراية، وأن تواصلوا السير على الطريق؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما جاء ليخلد في الأرض، وما جاء ليبقى بين الناس، بل جاء مبلغاً دين الله، وليبلغ دعوة الله ثم يمضي إلى ربه، والناس بدعوة الله وبالعروة الوثقى متمسكون، فالأمة الآن تربى بالأحداث، رأينا الآن على أرض فلسطين تسطير البطولة فوق القدس. رأينا أمثلة ونماذج تحاكي السلف، لا أقول ذلك من باب العاطفة، والله لقد خرج طفل في العاشرة من عمره فسأله رجل كبير من الشيوخ حينما رآه يلبس زياً عسكرياً يشبه زي الجنود، فقال له: إلى أين يا بني؟! وهو طفل في العاشرة، فقال: إلى الجهاد، وهذا على أرض فلسطين. قال: إلى الجهاد؟ قال: نعم، قال: ما اسمك؟ قال: محمد، قال: كم عمرك يا محمد؟ قال: عشر سنوات، قال: أين أبوك؟ قال: استشهد قبل أربعين يوماً! قال: ألك إخوة؟ قال: رزقني الله بست أخوات وأنا الابن الوحيد! قال: هل استأذنت أمك يا محمد للخروج إلى الجهاد؟ قال: نعم استأذنت أمي! قال: وماذا قالت لك؟ فقال محمد ابن العاشرة: قالت لي أمي وأنا خارج: انطلق يا محمد للجهاد، وأسأل الله أن يلحقك بأبيك!! رأيت بعيني أماً فلسطينية تحمل رضيعها على ذراعها الأيسر وتنحني على الأرض لتأتي بحجر إلى ولدها الذي لم يبلغ الثانية عشرة من عمره وتأمر الأم ولدها أن يقذف دبابة لا تبتعد إلا عشرة أمتار، تأمر الأم ولدها أن يقذف الدبابة بالحجر!! إنها التربية بالأحداث، لقد علم هؤلاء أن الغرب لن ينصر لهم قضية، بل وأن العالم الإسلامي الهزيل المهزوم لن ينصر لهم قضية، فلجئوا إلى الله جل وعلا، واعتصموا بالله تبارك وتعالى، وقدموا أرواحهم في سبيل الله جل جلاله فرأينا العجب العجاب، حتى صرح أكابر جنرالات اليهود الآن أنهم صاروا يخشون كل شيء على أرض فلسطين! يقول الجنرال الكبير: صرت أخشى صندوق القمامة، صرت أخشى الحقيبة حين أفتحها، صرت أخشى الباص حين يمر بجواري، أصبحوا ينتظرون القتل والموت في كل لحظة! وأبشروا! فلقد تحولت انتفاضة إخواننا هنالك إلى انتفاضة مسلحة، صنع إخواننا الصواريخ بأيد مسلمة على أرض فلسطين، صنع إخواننا القنابل، ومع هذه الأسلحة أعظم الأسلحة وهو سلاح الإيمان واليقين، دب الرعب في قلوب إخوان القردة والخنازير، وصدق ربي إذ يقول: إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ [آل عمران:140].

    سنة النصر والتمكين

    بعد مرحلة التمحيص وتمايز الصفوف تأتي مرحلة النصر والتمكين، ونحن على أبوابها إن شاء الله تعالى، لا أقول ذلك من باب الأحلام الوردية، ولا من باب الرجم بالغيب، وإنما أقول ذلك من باب فهمي لآيات الله الكونية والقرآنية، وفهم أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم. بعد مرحلة التمحيص والابتلاء يثبت من يثبت على الصف ليرفع الراية في سبيل الله، لا من أجل أي أمر من أمور الدنيا أو الهوى، وإنما من أجل أن تكون كلمة الله هي العليا، فتأتي سنة الله تبارك وتعالى التي وعد بها . واعتصموا بحبل الله، أي: بجماعة المسلمين، واعتصموا بحبل الله، أي: امتثلوا أمره، واجتنبوا نهيه، وقفوا عند حدوده، كل هذا ثابت عن السلف، يقول ربنا: وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ [الحج:78] من اعتصم بالله فقد اعتصم بنعم المولى ونعم النصير، لا مجال الآن أمام الأمة إلا أن تعتصم بالله، إلا أن توظف ما عندها من أسباب ومن طاقات وإمكانيات، ولترجع إلى الله لتردد مع السابقين الأولين قولتهم الخالدة: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ [البقرة:285]، وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ [الحج:78]، روى البخاري وغيره أنه لما انتهت معركة أحد نادى أبو سفيان بأعلى صوته وقال: أفي القوم محمد؟ صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تجيبوه) فكررها أبو سفيان ثلاثاً: أفي القوم محمد؟ أفي القوم محمد؟ فلما لم يجبه أحد اطمأن إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قتل، فنادى ثانية: أفي القوم ابن أبي قحافة ؟ فقال النبي: (لا تجيبوه) فكررها ثلاثاً، فلما لم يجبه أحد اطمأن إلى أن الصديق هو الآخر قد قتل، فنادى في المرة الثالثة: أفي القوم ابن الخطاب ؟ فقال النبي: (لا تجيبوه) فكررها ثلاثاً، فاطمأن إلى أن هؤلاء جميعاً قد قتلوا، فالتفت أبو سفيان إلى قومه من المشركين وقال: أما هؤلاء فقد قتلوا. فلم يتمالك عمر بن الخطاب نفسه فرد على أبي سفيان وقال: كذبت والله يا عدو الله! إن هؤلاء الذين عددت لأحياء كلهم، وقد بقي لك ما يحزنك. وفي لفظ: ما يخزيك، وفي لفظ: ما يسوءك، فقال أبو سفيان : يوم بيوم بدر، والحرب سجال، وستجدون في القوم مثلة لم آمر بها، ولم تسؤني ثم أخذ يقول: اعل هبل، اعل هبل! اعل هبل، وهنا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا تجيبونه؟!) مع أنه قبل لحظات كان يقول: (لا تجيبوه)؛ لأن القضية في المرة الأولى متعلقة بالأشخاص، حتى ولو كانت بشخص النبي صلى الله عليه وسلم، أما القضية في هذه المرة فهي متعلقة بالعقيدة، متعلقة بذات الله جل وعلا يقول: (اعل هبل! فقال النبي: ألا تجيبونه؟! قالوا: فما نقول يا رسول الله؟! قال: قولوا له: الله أعلى وأجل، الله أعلى وأجل. فقال أبو سفيان: لنا العزى ولا عزى لكم! فقال النبي: ألا تجيبونه؟! قالوا: فما نقول يا رسول الله؟! قال: قولوا له: الله مولانا ولا مولى لكم!). قال تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ [محمد:11]، فمتى ستعرف الأمة هذه المعاني؟! متى ستعرف الأمة نعم المولى ونعم النصير؟!

    1.   

    ماذا تنتظر الأمة؟!

    الأمة تضع الخطط السنوية والخمسية، وإلى الآن ما وضعت ضمن خطة واحدة قدرة وعظمة رب البرية! إلى متى؟! متى ستفيق الأمة بحكامها وعلمائها؟! متى ستفيق؟! ماذا تنتظر هذه الأمة؟! هذه الخطة الأولى: اعتصام بالله، يقين في الله، ثقة في الله، توكل عليه، رجاء فيه، تفويض إليه، تجديد للإيمان، تجديد للتعبد، تحكيم للشريعة، كل هذا يندرج في إطار العقيدة. أنا قد أصلت أن الإسلام عقيدة، تنبثق من هذه العقيدة شريعة، تنظم هذه الشريعة بعد ذلك كل شئون الحياة. ولا يقبل الله من أمة شريعتهم إلا إذا صحت عقيدتهم، فلترجع الأمة إلى الله، ولتمتثل أمره، ولتجتنب نهيه، ولتقف عند حدوده، ثم بعد ذلك فلترفع الأمة راية الجهاد في سبيل الله، هذا ما ندين الله به في هذه المرحلة، تجديد للإيمان، تصحيح للعقيدة، تصحيح للاعتصام به، تجديد لليقين فيه، تجديد للثقة فيه، تجديد للتوكل عليه، تجديد للرجاء فيه، تجديد للعقيدة بشمولها وكمالها، وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، ووقوف عند حدوده، هذا هو تحكيم الشرع. أنا لا أفهم من آية قرآنية ولا من سنة إلهية أن الله ينصر أمة نحت دينه، وخذلت شريعة رسوله صلى الله عليه وسلم، فليبدأ حاكم من حكام المسلمين بمعنى هذا التأصيل الذي ذكرت، معنى تأصيل العقيدة وتحكيم الشريعة والعودة إلى دين الله، وليرفع بعدها راية الجهاد في سبيل الله، وليقل: حي على الجهاد! وليدع الفرصة للعلماء ليجيشوا ملايين الشباب، أستغفر الله! بل ملايين الشيوخ! بل ملايين النساء والأطفال! بل والله إن الأمة الآن تحترق منها القلوب، والواحد منها يتمنى أن يبذل روحه ودمه لدين الله تبارك وتعالى، بل ورب الكعبة يتمنى أن يسد بصدره فوهات مدافع أعداء الله! ليعلم كلاب الأرض من اليهود أن محمداً ما مات وما خلف بنات، بل خلف رجالاً تحترق قلوبهم شوقاً للشهادة في سبيل الله! أنا لا أفهم أبداً أن ترفع الأمة راية للجهاد قبل أن ترفع الأمة راية العقيدة، وقبل أن تحكم الأمة الشريعة، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا) تدبروا هذا النداء، فالله يثبت لهم في صدر الآية الإيمان يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ [الصف:10] (تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ) ويأمرهم بالإيمان بعد أن أثبت لهم عقد الإيمان في صدر الآية في قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا)، ومع ذلك يقول: (تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ) تدبر القرآن!: تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [الصف:11]. ماذا تنتظر الأمة بعد هذا؟! إلى هذه اللحظة لم تتخذ الأمة حتى قرارات سياسية، فلتطرد الأمة سفراء اليهود من بلادها، ولتسحب الأمة سفراءها من بلاد اليهود وبلاد الغرب، ولتوقف الأمة بترولها عن الشرق والغرب، ولنقاطع المنتجات الأمريكية التي وضعت رءوسنا في الوحل والتراب، والله سنأكل التراب ونعيش بعزة وكرامة واعتصام بالله تبارك وتعالى، ويقين فيه وثقة فيه وتوكل عليه ورجاء فيه، ثم نرفع راية الجهاد في سبيل الله، الشباب يريدون الشهادة، لماذا لا تفتح الحدود لهم؟! لماذا لا نمد إخواننا على أرض فلسطين بالسلاح إن كنا لا نريد أن نفتح الحدود بيننا وبينهم؟! لماذا لا نمد هؤلاء بالسلاح؟! فإن اليهود الآن يستعملون كل أنواع الأسلحة ذات الصنع الأمريكي ضد هؤلاء العزل! لا حل إلا بالعقيدة ثم رفع راية الجهاد في سبيل الله، هذا هو الحل ورب الكعبة! وكل أهل الشرق والغرب لا يريدون أبداً أن تظلل الساحة بمظلة الجهاد. لا يريدون لهذه اللفظة أن تتردد؛ لأنهم يعلمون أنه إذا تحولت الحرب إلى حرب عقدية؛ فستنقلب كل الموازين، فالصراع بيننا وبين اليهود ليس صراع أرض وحدود، ولكنه صراع عقيدة ووجود!

    1.   

    دور المسلم والمسلمة في هذا الواقع المرير

    دورك أيها المسلم! وأيتها المسلمة! أن تحمل في صدرك قلباً يحترق، فوالله لو بكى كل مسلم ومسلمة على الأرض دمعاً مدراراً في آن واحد لأغرقت دموع الأمة اليهود! ولو بصق وتفل كل مسلمة ومسلمة على وجه الأرض على قلب رجل واحد لأغرق بصاقهم اليهود! لكنها الهزيمة النفسية، صرنا نرى الدم يسفك واللحم يتناثر، وينظر أحدنا إلى هذه المأساة، ويهز كتفيه ويمضي، وكأن الأمر لا يعنيه، فتراه يحمل قلباً بارداً لا يتأثر. فأول خطوة على الطريق أن تحمل هذا القلب التأثر الذي يحترق لهذا الواقع المرير، أن تحمل في صدرك دماء تغلي حنقاً على أعداء الله تبارك وتعالى، إن لم تجد الآن في صدرك قلباً يحترق على هذا الواقع فعد الليلة إلى بيتك، وتضرع إلى الله عز وجل أن يمن عليك بقلب حي فإنه لا قلب لك! ثم متى ستربي نفسك وأولادك وبناتك ونساءك على عقيدة الولاء والبراء إن لم تفعل الآن؟! من منا جمع أولاده الآن، وغرس في قلوبهم بغض اليهود، والولاء لله ولرسوله وللمؤمنين، والبراء من الكفر والكافرين والشرك والمشركين؟ من منا جلس بين أولاده وهو يأكل الطعام وقال: يا أولادي! تدبر يا بني! تدبري يا بنيتي! لو أن صاروخاً يهودياً من صنع أمريكي سقط الآن على شقتنا، أو على بيتنا فمات أبوك وماتت أمك وتمزقت أشلاء أبيك وتناثرت دماء أمك أمام عينيك وبين يديك ماذا تصنع؟! ماذا تفعل؟! هل تعلم أن اليهود الآن يفعلون ذلك بأخيك وأبيك وأمك وأختك على أرض فلسطين؟! ربه على عقيدة الولاء والبراء من خلال الأحداث، رب امرأتك على عقيدة الولاء والبراء من خلال الأحداث، متى ستجلس مع امرأتك وأولادك على جزء من كتاب الله إن لم تفعل الآن؟! متى ستجلس مع امرأتك وأولادك على حديث من أحاديث رسول الله إن لم تفعل الآن؟! متى ستقيم الليل أنت وأسرتك إن لم تفعل الآن؟!

    وجوب الدعاء للمسلمين

    من منا يتضرع إلى الله في الليل؟! من منا قام الليل ليتضرع إليه سبحانه بالدعاء بالتذلل بالخضوع؟! فالدعاء سهام الليل، والله ربما لا يدعو كثير من المسلمين الآن إلا إذا دعا إمامهم فأمنوا عليه! أمة بخلت بالدعاء هل تجود بالأموال والدماء؟! إذا كان يحال بينك وبين الجهاد بالنفس فجاهد بمالك إن استطعت .. بالدعاء .. بالكلمة في الأماكن العامة .. في الأماكن الخاصة، فكل هذا جهاد، كل ما تستطيع أن تقدمه ستصبح بين يدي الله نادماً إن قصرت فيه، أما إن كنت مكلفاً بواجب وعجزت عن أدائه فقد سقط هذا الواجب عنك، فالواجب يسقط بالعذر كما قال شيخ الإسلام وغيره، فالواجب يسقط بالعذر، أما إن كنت قادراً على فعل شيء، وقصرت في فعله فستندم إن لم تفعله. الأمة أيها الإخوة لن تحرر الأقصى، ولن تعود إلى مكانتها وعزتها بالمظاهرات الساخنة! ولا بالمؤتمرات الصاخبة -ولست بصدد الحكم الشرعي على المظاهرات الآن- ولا بحرق الأعلام ولا بالشجب! وإنما برجوع الأمة إلى الله، لتصحح العقيدة، لتصحح العبادة، لتحكم الشريعة، لتصحح ما فقدت من الأخلاق، لتربي الجيل جيل النصر على الكتاب والسنة، على عقيدة الولاء والبراء، ثم لنثق جميعاً بوعد الله تبارك وتعالى وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ [الحج:40]. كل يجب عليه أن يؤدي واجبه الآن في حدود قدراته وإمكانياته وألا يتخلف، الأمة الآن في حاجة إلى كل جهد، إلى كل كلمة، بحاجة إلى تجييش كل الطاقات لتعمل لدين الله، نريد أن تتحول كل بيوتنا إلى بيت يحاكي بيت أبي بكر الصديق، الزوج يعمل فيه لدين الله، الزوجة تعمل فيه لدين الله، الولد يعمل فيه لدين الله، البنت تعمل فيه لدين الله، حتى الراعي في هذا البيت يعمل لدين الله تبارك وتعالى.

    إصلاح النية

    أيها الأفاضل! عقد الإمام البخاري في صحيحه في كتاب الجهاد باباً بعنوان (باب: من حبسه العذر عن الغزو ) فمن رحمة الله بنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)هل تعلم أنك تستطيع أن تحصل أجر الشهادة كاملاً وأنت في مسجدك، ولم تشرف بأن تكون على ساحة الجهاد؟ نعم، إن صحت نيتك وصدقت (من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء) (إن في المدينة أقواماً ما سرتم مسيراً ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم شركوكم الأجر، قالوا: وهم بالمدينة يا رسول الله؟! قال: وهم بالمدينة حبسهم العذر) يا راحلين إلى البيت العتيق لقد سرتم جسوماً وسرنا نحن أرواحاً إنا أقمنا على عذر نكابده ومن أقام على عذر كمن راحا أسأل الله جل وعلا أن يعجل بالنصر، اللهم اشف صدور قوم مؤمنين بنصرة الإسلام وعز الموحدين، اللهم اشف صدور قوم مؤمنين بنصرة الإسلام وعز الموحدين، اللهم اشف صدور قوم مؤمنين بنصرة الإسلام وعز الموحدين، اللهم انصر إخواننا في فلسطين، اللهم انصر إخواننا في فلسطين، اللهم احقن دماءهم، اللهم احقن دماءهم، اللهم احقن دماءهم، اللهم اربط على قلوبهم، اللهم احفظهم بحفظك واكلأهم بعنايتك ورعايتك، اللهم إنهم حفاة فاحملهم، عراة فاكسهم، جياع فأطعمهم، اللهم إنهم مغلوبون فانتصر لهم، اللهم إنهم مغلبون فانتصر لهم، لا إله لنا سواك فندعوه، ولا رب لنا غيرك فنرجوه، لا إله لنا سواك فندعوه، ولا رب لنا غيرك فنرجوه. يا منقذ الغرقى، ويا منجي الهلكى، ويا سامعاً لكل نجوى، يا عظيم الإحسان، ويا دائم المعروف. اللهم ارحم ضعفنا، واجبر كسرنا، واغفر ذنبنا، واستر عيبنا، وتول أمرنا، وفك أسرنا، واختم بالصالحات أعمالنا. اللهم اختم بالصالحات أعمالنا. اللهم إنا نشكو إليك خيانة الخائنين، اللهم إنا نشكو إليك خيانة الخائنين، اللهم إنا نشكو إليك خيانة الخائنين، وضعف المسلمين، وضعف المسلمين، وضعف المسلمين، اللهم ارزقنا الشهادة في سبيلك، اللهم ارزقنا الشهادة في سبيلك، اللهم ارزقنا الشهادة في سبيلك. اللهم ارفع علم الجهاد، اللهم ارفع علم الجهاد، اللهم ارفع علم الجهاد. اللهم اقمع أهل الزيغ والفساد، اللهم اقمع أهل الزيغ والفساد، اللهم ارزقنا الصبر واليقين، اللهم ارزقنا الصبر واليقين، اللهم ارزقنا الصبر واليقين، اللهم اقبلنا وتقبلنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756239335