أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
ثم أما بعد: أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا ما زلنا مع نداءات الرحمن لأهل الإيمان. اللهم اجعلنا منهم، واحشرنا في زمرتهم، وارض عنا كما رضيت عنهم. آمين.
النداء الذي سمعناه أمس وعرفنا ما فيه وتهيأنا للعمل لما دعانا إليه له خلاصة في الأرقام الخمسة التالية:
[ أولاً: حرمة التشاغل بالمال والولد إذا كان يحملك ذلك على إضاعة بعض الفرائض أو ترك الحقوق والواجبات، كذكر الله تعالى وفعل الخيرات ] لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ [المنافقون:9]. فإذا كان هذا التشاغل يحمل العبد على إضاعة بعض الفرائض أو ترك الحقوق والواجبات يصبح هذا التشاغل حراماً، بل نعطي للمال وقته، وللولد وقته، ولا يحملنا ذلك على ترك شرائع الله وفرائضه وواجباته.
[ ثانياً: حرمة تأخير الحج مع القدرة عليه، والتشاغل عنه بالمال والولد، أو تسويفاً أو مماطلة ] وهذا يفهم من قوله تعالى: وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ [المنافقون:10]. فمن هذا اللفظ الإلهي استنبطنا وفهمنا حرمة تأخير الحج مع القدرة عليه وتسويفه، أو المماطلة فيه والتشاغل عنه بالمال والولد؛ لأن الإنسان لا يدري هل يعيش سنة أخرى أو لا، والله يقول وقوله الحق: مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ [المنافقون:10]. ونحن لا ندري متى يأتينا الموت. ومن هنا إذا وجب حق من الحقوق فيجب ألا نماطل فيه، وألا نسوفه أو نؤخره، وإنما ننجزه على الفور؛ خشية أن يدركنا الموت ونحن مضيعون أو مفرطون.
[ ثالثاً: وجوب الزكاة وحرمة تأخيرها عن وقتها ] لأن الله قال: وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ [المنافقون:10]. وأول ما يدخل في هذا الزكاة، فيحرم تأخيرها عن وقتها، فإذا وجبت في محرم فلا ينبغي أن يؤخرها إلى رمضان أو إلى شعبان مثلاً؛ لأنه قد يموت قبل أن يخرجها، فيتأسف ويتحسر ويقول: رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي [المنافقون:10].
[ رابعاً: الندب إلى فعل الخيرات كالصدقات ونوافل العبادات من صيام وصلاة وغيرهما ] وهذا يدل عليه قوله تعالى: مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ [المنافقون:10]. فإذا كنت قادراً على أن تتنفل بالصدقة أو بالصيام أو بالصلاة فعجل، فسيأتي ساعة تشاهد فيها ملك الموت فتقول: يا ليتني فعلت كذا!
[ خامساً: لا تنس ذكر الدار الآخرة فإن الموت اللازم طريقها ] ومن نسي الدار الآخرة ونسي الموت انغمس في الأهواء والشهوات، فلا بد وأن تكون الدار الآخرة دائماً نصب أعيننا، وفي الحديث: ( اذكروا هاذم اللذات ). وهو الموت. فلا تنسه، ومن نسي الموت أقبل على الدنيا، وانغمس في أوحالها، وتمزق فيها. وقد قال تعالى في القرآن الكريم في ذكر صالحي عباده: إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ [ص:46]، أي: ذكر الدار الآخرة، فقد ميز الله بها صالح عباده، وفي قراءة سبعية: ( إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار الآخرة) [ فاذكر هذا، والله يتولى الصالحين.
وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين ].
[ الآيات (14 - 16) من سورة التغابن ] وهيا بنا نتغنى بالنداء أولاً؛ رجاء أن نحفظه، أو نقارب حفظه.
[ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [التغابن:14-16] ].
والولاية ليست محصورة في الموتى، بل المؤمنين والمؤمنات الأحياء هم أولياء الله، فكل مؤمن تقي هو لله ولي حياً كان أو ميتاً .. في الأولين أو الآخرين .. عربياً أو عجمياً، ولا قيمة للنسب في هذا، بل العبرة أن تكون مؤمناً متقياً لله، ولم تغضبه بالتمرد عليه والفسق عن أمره والخروج عن طاعته. فإن فعلت ذلك فأنت ولي الله.
وهو هنا سبحانه وتعالى ينادي عباده المؤمنين ليخبرهم [ محذراً منذراً، فيقول: إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ [التغابن:14] ] والعدو مشتق ومأخوذ من عدوة الوادي، ويقال: العَدوَة والعِدوة والعُدوة، كالعَشوة والعِشوة والعُشوة، وهي: طرف الوادي، ومنه قوله تعالى: إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى [الأنفال:42]. وعدوك هو الذي لا يتصل بك ولا يلتصق بك، وإنما يقف هناك وأنت هنا، ولا يكون بينكما لقاء؛ لأنه يبغضك ويكرهك، وأنت تبغضه وتكرهه، ولذلك لا تلتقيان، بل هو في طرف الحياة وأنت في الطرف الآخر.
ومعنى قوله تعالى هنا: إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ [التغابن:14] أن منهم من يقف في طرف وأنت في طرف آخر بعيداً عنه؛ لأنه يريد شقاءك وخسرانك، ولذلك فهو بعيد عنك، وعدو لك. وكل من يريد أذاك وشرك وخسرانك فهو عدوك، فلا ترتبط به، ولا تدعه يرتبط بك، حتى ولو كان ولدك أو امرأتك.
قال: [ ومن فضل الله تعالى أنه قد توجد زوجة صديقة للزوج، ويوجد ولد صديق للوالد، دل على هذا قوله عز وجل: إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ [التغابن:14] ] ولم يقل: يا أيها الذين آمنوا! إن أزواجكم وأولادكم عدو لكم، وإلا لما سعدنا، ولكنه قال: مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ [التغابن:14]، أي: بعض أزواجكم وأولادكم [ لأن من للتبعيض مثل ] النداء السابق [ أَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ [المنافقون:10]. لا كل ما رزقناكم ] ولم يقل: أنفقوا ما رزقناكم، واخرجوا من أموالكم، وإنما قال: من بعضها. وكذلك قد يوجد من الأولاد من هو مثلك، ولا فرق بينك وبينه، وقد توجد زوجة أبر منك ومن أمك وأبيك، وقد يكون أيضاً بعضهم أعداء، ولهذا قال تعالى: إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ [التغابن:14]، أي: من بعض أزواجكم وأولادكم عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ [التغابن:14]. فعش على حذر منهم؛ حتى لا تقع في الهلاك. وهذه نصيحة الله وتوجيهاته لأوليائه المؤمنين المتقين؛ حتى ينجو من المعاطب والمهالك في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وهكذا يفعل الولي مع وليه.
قال: [ واعلم أن الفرق بين العدو والصديق أن العدو يحملك على ما يضرك ويخسرك، والصديق يحملك على ما ينفعك ويريحك ] ويسعدك ويربحك وينجيك، وعلى ما لا يخسرك.
وآخر آية نزلت هي قوله تعالى من سورة البقرة: وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ [البقرة:281].
وآخر سورة نزلت بكاملها هي سورة النصر، وهي قوله تعالى: إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا [النصر:1-3]. ولما نزلت هذه السورة بكى أبو بكر ؛ لأنه عرف أنها إعلان عن وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهنا فائدة، فخذوها واعملوا بها: لما نزلت هذه السورة ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعة يركع فيها إلا قال: ( سبحانك اللهم وبحمدك! اللهم اغفر لي )؛ لأن الله قال له: إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ [النصر:1-3]. فكان يقول في كل ركعة: ( سبحانك اللهم وبحمدك! اللهم اغفر لي ). حتى مات. ونحن لم نتركها في أي ركعة منذ أن بلغتنا، فقولها، فأنتم لستم أغنى من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو المغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. وقالت عائشة الصديقة: ( ما تركها الرسول حتى توفاه الله ). فإذا ركعت فقل: سبحان ربي العظيم! سبحان ربي العظيم! سبحان ربي العظيم! ثم قل: سبحانك اللهم وبحمدك! اللهم اغفر لي، مرة أو مرتين أو ثلاثاً. فقلها حتى يتوفاك الله. وأقسم بالله إنها خير من ألف ريال. والذي يقولها ويواظب عليها هي خير له مما طلعت عليه الشمس وغربت. فأنت إذا أعطيت الدنيا كاملة فإنك لا تأخذها معك إلى دار السلام، بل تتركها وراءك كالجيفة، وأما هذه فإنك ترقى بها إلى الملكوت الأعلى.
وقوله: أَفْوَاجًا [النصر:2] أي: جماعات جماعات، ووفوداً وفوداً من شرق الجزيرة ومن غربها، ومن شمالها وجنوبها بعد أن يعرفوا أن راية لا إله إلا الله قد ارتفعت. فإذا رأيت هذا فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ [النصر:3]، أي: قل: سبحانك اللهم وبحمدك! اللهم اغفر لي.
قال: [ إنه روي أن أناساً ] ومن الآداب الرفيعة أنهم لم يسموا هؤلاء الناس، ولم يكونوا يسمون من أذنب ذنباً بين الناس وهو من أولياء الله والصالحين، وكان الرسول يقول: ( ما بال أقوام يقولون كذا وكذا ). ولا يذكر المذنب بذنبه أبداً. وأما نحن إذا اجتمعنا فإننا نذكر ما هب ودب، ونقول: هذا يفعل، وهذا يعمل، وهذا كذا، وكأننا خلقنا لنشر الرذائل، والعياذ بالله. وهذا لأن الشيطان استولى على أكثرنا، فانقادوا له، فهو يسوقهم حيث شاء. فاستعيذوا بالله من الشيطان الرجيم.
وهؤلاء الناس [ كان لهم أزواج وأولاد عاقوهم عن الهجرة ] أي: حالوا بينهم وبين الهجرة [ من مكة إلى المدينة فترة من الزمن ] وقد كانت الهجرة من مكة إلى المدينة فريضة من فرائض الإسلام، ولما فتح الله مكة أعلن أبو القاسم: ( لا هجرة بعد الفتح ). وقد كانت الهجرة واجبة؛ لأن من كان في مكة لم يكن يستطيع أن يقول: لا إله إلا الله، محمد رسول الله بين المشركين، وإذا قالها مزقوه. ومعنى هذا: أنه سيبقى لا يذكر الله ولا يصلي، ولا يعبد الله، وأنه باقٍ هناك من أجل امرأته وأولاده، وهذا لا يجوز. ثم لما أصبحت مكة دار إسلام، والذي يحكمها حاكم مسلم لم يبق حاجة إلى الهجرة؛ لأنه يمكنك أن تعبد الله كما شئت.
قال: [ فلما تغلبوا عليهم ] أي: انتصروا، يعني: على أولادهم وأزواجهم [ وهاجروا ] بعد أن منعوهم، فقد قالوا لهم: لا تتركونا، أو انتظروا قليلاً، وغير ذلك، فمنعوهم وأعاقوهم شهرين .. ثلاثة .. سنة .. سنتين، ثم هاجروا [ وجدوا الذين سبقوهم إلى الهجرة قد تعلموا وتفقهوا في الدين ] وقطعاً أن الذي سبق بيوم قد تعلم ما لم يتعلم الآخر، والذي سبق بسنة أو سنتين تعلم أكثر، وتفقه أكثر، وكانوا يعرفون أن العلم والفقه خير من الدينار والدرهم [ فتأسفوا عن تخلفهم ] لما دخلوا المدينة ووجدوا الذين سبقوهم في الهجرة قد تعلموا تفقهوا، وأصبحوا ربانيين علماء فقهاء، وقالوا: يا ليتنا هاجرنا معهم! [ فهموا بأزواجهم وأولادهم الذين عاقوهم عن الهجرة فترة طويلة، فهموا أن يعاقبوهم بنوع من العقاب، كتجويعهم أو ضربهم، أو تثريب وعتاب شديدين ] عليهم، أو بالتهديد، أو ما إلى ذلك، وأرادوا أن يشفوا صدورهم منهم؛ لأنهم حرموهم من العلم والتعلم زمناً [ فأنزل الله تعالى هذه الآيات: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ [التغابن:14]، أي: من بعضهم، لا كلهم؛ إذ منهم من يساعد على طاعة الله ورسوله، ويكون عوناً عليها. والمرأة في هذا كالرجل ] فالمرأة أيضاً قد تتحمل المحنة [ فمن النساء الصالحات من يكون زوجها وولدها عدواً لها ] وذلك إذا لم يكونا صالحين، فـ[ يحاولون صرفها عن طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ] ويمنعانها من الصلاح والطهر [ وهو في النساء كثير. والواقع شاهد. كم من امرأة يأمرها زوجها بكشف وجهها ] والسلام على الناس [ ويمنعها من التصدق بمالها، ويصرفها عن بر والديها ] ويأمرها بالخروج والشراء، وقد يمنعها من الصيام [ إلى غير ذلك ] والعياذ بالله.
وقوله تعالى: فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [التغابن:14] ] أي: [ فاغفروا يغفر لكم، وارحموا يرحمكم ] وتكون هذه بتلك، وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [التغابن:14]. فيصفح عنكم ويغفر ويرحم، فأعطوا تعطوا.
وكذلك إذا عرفت أنك مفتون بمالك وولدك كما قال تعالى: إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ [التغابن:15]، فاحذر هذه الفتنة، وكن ذا بصيرة ووعي، وأد حقوق الله كاملة، وأعط لولدك أو مالك الوقت الذي يتطلبه. ولكن مع الأسف المفلسون أعطوا كل شيء لأموالهم، فهم في التجارة أربعة وعشرين ساعة، ولا يعرفون المسجد، ولا يدخلونه للصلاة، بل هم طول الليل والنهار مع المال، ولا يقول أحدهم: سبحان الله، ولا الحمد لله، ولا إله إلا الله أبداً.
وإليكم صورة واضحة من هذا: الذي ينفق ماله كل يوم لا يعقل أبداً أن يسرق، وكذلك الذي كلما حصل على مال أنفقه لله؛ طلباً لحبه ورضاه والله لا يأخذ المال من الربا، ولا يطلبه مما حرم الله. وهذه مسلمة. ولهذا العلاج الوحيد لشح النفس هو الإنفاق، فالذي ينفق في سبيل الله يتغلب على شح نفسه، وينتصر على نفسه، ويذهب شحه، مع دعاء الله وسؤاله والضراعة إليه؛ لأن الله هو الواقي، وهو الذي جعل هذه الغريزة في العبد، وهو الذي يدفعها عنه.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وسلم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر