بسم الله الرحمن الرحيم * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:1-4].
اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آله إبراهيم إنك حميد مجيد، أما بعد:
إخوتي وأخواتي! سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، ومرحباً بكم في حلقة جديدة من ديوان الإفتاء، أسأل الله أن يوفقنا ويسددنا ويعيننا ويؤيدنا، وأن يحفظنا وإياكم والمسلمين.
السؤال: خطبت امرأة ولم أستطع الزواج بها، فهل أذنبت في حقها إذ أخرتها، وحصل لها شيء من الإضرار بها؟
الجواب: يا أخي الكريم! الأعمال بالنيات، وأنت حين خطبتها لم تكن تنوي الإضرار بها، لكن قدر الله ألا يتم الزواج بسبب عجزك إما مادياً أو لظرف ما، وقد قال ربنا جل جلاله: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا[البقرة:286]، فلا ذنب عليك إن شاء الله.
السؤال: رجل صلى صلاة العصر فقرأ في الركعة الأولى سورة الإخلاص، وفي الركعة الثانية قرأ أيضاً سورة الإخلاص فما حكم ذلك؟
الجواب: لا حرج إن شاء الله في أن يكرر الإنسان السورة في الركعتين، فقد ثبت ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ: إِذَا زُلْزِلَتْ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا [الزلزلة:1] في ركعتين )، يعني: قرأها في الركعة الأولى ثم قرأها في الركعة الثانية، وهذا داخل في عموم قول ربنا: فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ[المزمل:20]، وقول نبينا عليه الصلاة والسلام للمسيء صلاته: ( إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ).
السؤال: هل المديح بالموسيقى حرام؟
الجواب: استعمال المعازف نهى عنه النبي عليه الصلاة والسلام في قوله: ( ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف )، وهذا الذي عليه جميع جماهير أهل العلم، فلا يجوز استعمال المعازف لا في المديح ولا في غيره، لكن أذن النبي صلى الله عليه وسلم باستعمال الدف في يوم عيد وفي يوم عرس وعند قدوم غائب.
السؤال: اشتريت قطعة أرض منذ سنوات كنت أريدها مسكناً، ثم بدا لي أن أبيعها، فهل عليها زكاة وكيف ذلك؟
الجواب: تجب فيها الزكاة إذا حال الحول على المبلغ الذي بعتها به، وإلا فإن الأرض ما دامت نيتك حين شرائها السكن عليها، ولم يكن في نيتك استثمارها فليس عليها زكاة، وإنما الزكاة في ثمنها إذا حال عليه الحول وكان بالغاً نصاباً.
السؤال: أنا أقرأ القرآن في حال الحيض، فهل يجوز لي ذلك؟
الجواب: نعم يجوز، فالحائض لا مانع من أن تقرأ القرآن؛ لأنه لم يثبت عن نبينا عليه الصلاة والسلام منع الحائض من التلاوة، وإنما منعها صلى الله عليه وسلم من دخول المسجد، ومنعها من الصلاة والصيام، ومنعها من الطواف بالبيت، لكنه لم يمنعها من قراءة القرآن.
السؤال: ما الحكمة من تكرار بعض الأذكار الواردة مثلاً: اللهم عافني في بدني؟
الجواب: نعم، هذا هدي نبينا صلى الله عليه وسلم، علمنا أن يقول أحدنا إذا أصبح ثلاث مرات: ( اللهم إني أصبحت منك في نعمة وعافية وستر، فأدم علي نعمتك وعافيتك وسترك في الدنيا والآخرة )، وعلمنا صلى الله عليه وسلم أن يقول أحدنا ثلاثاً: ( رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً )، وأخبرنا أن ( من قالها ثلاثاً إذا أصبح وثلاثاً إذا أمسى كان حقاً على الله أن يرضيه )، وعلمنا أن يقول قائلنا: ( بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم )، ثلاثاً إذا أصبح وإذا أمسى، وأن من قالهن لم يضره في يومه ذاك شيء، وعلمنا كذلك أن يقول قائلنا إذا أمسى: ( أعوذ بكلمات الله التامة من شر ما خلق )، ثلاث مرات، وعلمنا صلى الله عليه وسلم أن يقول قائلنا: ( اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر، وأعوذ بك من عذاب القبر، لا إله إلا أنت ) ثلاثاً، وأن يقول: ( اللهم عافني في بدني، اللهم عافني في سمعي، اللهم عافني في بصري ) ثلاثاً، وأن يقول: ( سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته ) ثلاثاً.
ونبينا عليه الصلاة والسلام كان إذا دعا كرر الدعاء ثلاثاً؛ لأن الله عز وجل يحب عبده الملحاح، أما نحن معشر بني الإنسان لا نحب الإلحاح، فلو أن الإنسان قال كلاماً ثم كرره وكرره فإننا نقول له: كفى، فقد سمعنا، لا تكثر من الكلام، لكن ربنا جل جلاله وهو الصبور الشكور الرءوف الرحيم، يحب عبده الملحاح.
لا تسألن بني آدم حاجة وسل الذي أبوابه لا تحجب
الله يغضب إن تركت سؤاله وبني آدم حين يسأل يغضب
فهذه الحكمة -والعلم عند الله تعالى- من تكرار هذه الأدعية والأذكار ثلاثاً.
السؤال: عرفت أن قراءة سورة الناس قبل الفلق فيه كراهة، فما الحكم في مقرر الدراسة الذي يبدأ بآخر سورة في المصحف؟
الجواب: مقررات الدراسة ليست كالصلاة؛ لأنهم دائماً يبدءون للتلاميذ بقصار السور من آخر المفصل، فيبدءون من الناس ثم الفلق ثم الإخلاص ثم المسد ثم النصر ثم الكافرون ثم الكوثر ثم الماعون ثم قريش ثم الفيل ثم الهمزة.. وهكذا يكون الترتيب تصاعدياً؛ من أجل أن الصغير كلما حفظ سورة من القصار فإنه يسر، ويكون ذلك سبباً في تحفيزه لحفظ ما بعدها، أما لو بدأنا له بترتيب المصحف من البقرة -مثلاً- أو بترتيب جزء عم من السور الطوال، أو من متوسط المفصل: النبأ ثم النازعات ثم عبس.. وهكذا، فهذه يطول أمرها ويعسر عليه حفظها، ولربما أفضى به ذلك إلى اليأس.
السؤال: ما رأي الدين في شخص يبيع الرصيد ويأخذ الثمن مؤجلاً مع الفائدة، هل هذه المعاملة ربا؟
الجواب: لا، ليست ربا؛ لأن الرصيد إنما هو وحدات، فهو سلعة دخلت في جهاز الهاتف الجوال، وبعد ذلك يجوز بيعه نقداً ويجوز بيعه نسيئة، ويجوز بيعه بمثل ثمنه أو أقل أو أكثر، فهذه سلعة من السلع ليس إلا، وعلماؤنا رحمهم الله مجمعون على جواز بيع المرابحة، بمعنى أن يبيع الإنسان السلعة بأكثر من ثمن شرائها، ومجمعون كذلك على جواز بيع التولية، وهو: أن يبيع السلعة بمثل الثمن الذي اشتراه بها، وكذلك مجمعون على جواز بيع الوضيعة، أو بيع الحطيطة، وهو: أن يبيع الإنسان السلعة بأقل من الثمن الذي اشتراها به.
السؤال: ما رأي الدين في الصبية المميزين الذين يصلون في الصف الأول؟
الجواب: يا عباد الله! يا أهل المساجد! إن الصف الأول لمن سبق إليه، شاباً أو شيخاً، صبياً أو كهلاً، فمن سبق إلى الصف الأول فهو أحق به، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا )، وقال عليه الصلاة والسلام: ( إن الله وملائكته يصلون على أهل الصفوف الأولى ).
ومن هنا نقول: الصبي إذا سبق إلى الصف الأول فلا ينبغي أن يجر وأن يرجع إلى الصف الذي يليه، اللهم إلا المكان الذي يكون خلف الإمام فإنه لا يقوم فيه إلا أولو النهى والأحلام، أي أنه يقف وراء الإمام أناس عندهم من العقل والعلم والإحاطة بأحكام الصلاة ما يستطيعون معه لو طرأ للإمام عذر أن ينوبوا عنه وأن يصلوا بالناس.
السؤال: أنا أصلي بالجماعة، وعقب الصلاة يطالبوني بالدعاء الجماعي؟
الجواب: الدعاء الجماعي ليس من السنة المواظبة عليه، لكن أنت أيها الإمام أحسن الله إليك! لو كنت في قوم قد اعتادوا هذا الأمر عقيب الصلاة فمن الحكمة أن تستجيب لطلبهم حتى إذا ألفتهم وألفوك، واعتدت عليهم واعتادوا عليك، وصار بينكم من المودة ما يقبلون معه النصح، فيمكن بعد ذلك أن تبين لهم أن السنة أن يدعو كل امرئ لنفسه، وأن الله قال: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً[الأعراف:55]، وأن الله أثنى على عبده زكريا فقال: إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا [مريم:3] وأن هذا الأمر -أعني الدعاء الجماعي- لو كان خيراً لسبقنا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم، لكن لم يرد في السنة أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يدعو والصحابة من بعده يؤمنون.
لكن أقول لك: لا تبادرهم بالرفض والإنكار، فإن هذا مما يورث في القلوب وحشة، ويمنع الناس من قبول الحق، لا لأنهم متعمدون لرده، وإنما لأنهم اعتادوا هذا الدعاء وظنوه من تمام الصلاة وكمالها.
إخوتي وأخواتي! ينبغي أن أختم الجواب على هذه الأسئلة بأن أقول: إن إمام المسجد ينبغي له أن يسعى ما استطاع إلى تأليف القلوب وجمعها، وأن يتحمل ما يكون من بعض الناس من نزق أو إساءة أو تدخل فيما لا يعنيه، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم -وهو سيد الأئمة وقدوتهم- كان يصبر على أذى الناس، فيعلم الجاهل ويرشد الغافل ويهدي الضال، وفي مسجده المبارك صلوات ربي وسلامه عليه لما جاء الأعرابي يبول، فترفق به النبي صلى الله عليه وسلم وقال للصحابة: ( لا تزرموه )، ثم قال له: ( يا أخا العرب! إن هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من القذر، إنما هي لذكر الله وتلاوة القرآن )، ( ولما تكلم معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه في الصلاة دعاه النبي عليه الصلاة والسلام فما نهره ولا كهره ولا ضربه.. وإنما قال له: يا أخا العرب! إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هي لذكر الله وتلاوة القرآن )، وهكذا صلوات ربي وسلامه عليه كان خير الناس تعليماً، كما قال معاوية : ( ما رأيت معلماً أحسن منه صلوات الله وسلامه عليه )، ( اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين ).
المتصل: لدي مركز اتصالات، وفيه كروت شحن، وأتعاون مع أشخاص كثر، فجاءني رجل فاشترى مني رصيداً بقيمة ثمانمائة جنيه، ثم أرسل إلي بمبلغ مليون ومائتي جنيه وقال لي: أنا اشتريت الرصيد بنسبة(10%) فاخصم منه قيمة ما أخذته منك من رصيد، واترك بقية المال عندك، فأنا أسأل عن هذا العمل هل فيه ربا أم لا؟
الشيخ: طيب، شكراً، بارك الله فيك.
المتصل: لدي حساب بنكي، وأنا أتعامل مع البنك مباشرة، أذهب إليهم لأسحب وأورد، ثم إني سحبت جميع ما لدي من المال، وبقي لي منها خمسة وثمانون جنيهاً، ثم مرت علي ثلاثة أشهر أو أربعة ولم أورد شيئاً إلى حسابي، وذهبت بعد ثلاثة أشهر أو أربعة ووردت إلى الحساب، فقال لي موظف البنك: إن لك فائدة بمقدار مائتين وأربعة وستين جنيهاً، فهل هي حلال أم حرام؟
الشيخ: شكراً لك.
المتصل: معك حمد علي حمد من شرق الجزيرة، لدي سؤالان:
السؤال الأول: ما شرح حديث: ( بدأ الإسلام غريباً، وسوف يعود غريباً، فطوبى للغرباء )؟
السؤال الثاني: ما شرح حديث: ( كنا نعد الجلوس وصناعة الطعام عند أهل الميت من بعد الدفن من النياحة).
الشيخ: طيب، سأجيبك إن شاء الله.
المتصل: لدي ثلاثة أسئلة:
السؤال الأول: بعض الناس الذين يمتلكون عندهم حيوانات، كالحمير مثلاً أو الأغنام لا يتعاملون معها معاملة طيبة، بل يعذبونها ويربطونها، فأريد منك أن توجه نصيحة إلى هؤلاء الذين يعذبون الحيوانات؟
السؤال الثاني: سمعنا أن الإنسان لا يمس القرآن إلا طاهراً، فأريد أن أعرف ما المقصود بالطهارة، هل المقصود بها الوضوء أم الغسل؟
السؤال الثالث: هناك من يصلي الجمعة في المسجد، فإذا عاد إلى البيت صلى، لكن بعض الناس يقولون: لا صلاة بعد الجمعة، فما هو الصحيح؟
الشيخ: جداً، شكراً لك، سأجيبك إن شاء الله.
المتصل: نحن في مدينة الأبيض نعمل في المواصلات، وثمن التذكرة خمسة وسبعون قرشاً، فنأخذ من الراكب ثمانين قرشاً ولا نعيد له الخمسة الباقية، وأحياناً نأخذ سبعين قرشاً فقط؛ لأن الخمسة لا تتوفر غالباً، فما حكم هذا الفعل؟
المتصل: لدي سؤال يا شيخ وهو أني كنت أقدم نصائح للناس في المساجد وأنا لا زلت طالباً، لكن أخبرني شيخ فقال: إن تعلم القرآن أولى من إلقاء المواعظ والنصائح، فهل يمكن الجمع بينهما؟
الشيخ: طيب، أبشر إن شاء الله.
المتصل: أنا لدي محل في السوق، ويوم الجمعة يشكل عليّ قضية البيع بعد الأذان الثاني؛ لأن المساجد عندنا تؤذن في أوقات مختلفة، أحدهم يؤذن الساعة الواحدة والنصف، والثاني يؤذن الساعة الثانية إلا ربعاً، والثالث يؤذن في الساعة الثانية والربع، فماذا أفعل ومن أعتمد أذانه في إيقاف البيع؟
السؤال: أخونا مجتبى من سنار يذكر بأن لديه مركزاً يبيع فيه كروت الشحن، وأن إنساناً حول إليه رصيداً بثمانمائة جنيه، وهذا الرجل دفع إليه ألفاً ومائتي جنيه وقال له: خذ ما يقابل الكروت أو الرصيد الذي بعثت به إلي، واحتفظ بالباقي عندك إلى أن أطلبه منك، يقول: هل في هذا ربا؟
الجواب: ليس في هذه الصورة ربا، فإن كروت الشحن سلعة، وكذلك الرصيد إذا دخل في الهاتف الجوال فإنه يحول إلى وحدات، وهي ليست إلا سلعة من السلع فلا حرج في أن يبيعها الإنسان نقداً أو نسيئة، بمثل ثمنها أو أكثر أو أقل.
السؤال: أخونا بلة من الحاج يوسف، ذكر أن لديه حساباً في البنك، وأنه كان له رصيد بمقدار خمسة وثمانين جنيهاً، ثم بعد ذلك لما ذهب ليودع مبلغاً من المال بعد شهور، قيل له: بأن رصيدك مائتان وأربعة وستون جنيهاً، وأن هذه فائدة، فما حكمها؟
الجواب: طالما أن البنك لم يشترط عليك نسبة معينة من رأس المال، وأنت لم تشترط عليه نسبة معينة من رأس المال فهذه أرباح، يعني: أن موظف البنك يقول لك: إنها فائدة تأثراً بدراسته، أو تأثراً بعمله في بنك ربوي فيما مضى، لكن ليس في هذه البلاد بنك يشترط فائدة بنسبة معلومة من رأس المال، يعني: لا يوجد بنك يقول لك: أنا أعطيك (8%) أو (10%) أو (12%) أو (15%) أو (20%) أو (1%)، وإنما البنوك كلها تتعامل بهذه الأموال وتضارب بها، ثم بعد ذلك تكون الفائدة (1%) أو أكثر من ذلك إلى (20%) أو (15%) ولربما لا توجد الفائدة أصلاً، وهذه معاملة لا حرج فيها إن شاء الله.
الشيخ: أخونا حمد علي حمد من شرق الجزيرة تمبول، يسأل عن شرح حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه: ( بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء، الذين يصلحون إذا فسد الناس )، وفي لفظ: ( الذين يصلحون ما أفسد الناس )، وفي لفظ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( هم النزاع من القبائل ).
هذا الحديث يصف النبي صلى الله عليه وسلم فيه واقعاً، هذا الواقع هو أن دين الإسلام بدأ غريباً، وذلك عندما قال الرسول عليه الصلاة والسلام للناس: ( قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا )، فاستغربوا هذا الكلام وقالوا: أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ [ص:5]، ولما قال لهم: ( الميتة حرام، قالوا له: ما ذبحته بيدك حلال، وما قتله الله حرام؟ )، واستغربوا هذا الحكم.. وهكذا لما حدثهم صلوات ربي وسلامه عليه عن مكارم الأخلاق التي لم يألفوها، وأمرهم بالصلاة والصدق والعفاف والصلة.. وما إلى ذلك استغربوا هذا كله، فالإسلام بدأ غريباً في تلك البيئة، وكان أهله يتخفون بدينهم، ثم هاجروا متسللين لواذاً يخافون على أنفسهم، وهكذا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان المسلمون كالغنم الشاتية في الليلة المطيرة، وقد رمتهم العرب عن قوس واحدة، فارتد المرتدون، ومنع الزكاة المانعون، وتنبأ الكذابون.. فالإسلام بدأ غريباً، ثم بعد ذلك ما زال يقوى عوده وتثبت أركانه ويمتد سلطانه، حتى لم يبق شعر ولا ومدر إلا أدخل الله فيه هذا الدين.
قال عليه الصلاة والسلام: ( وسيعود غريباً كما بدأ )، ولعل السائل يلحظ غربة الإسلام في هذا الزمان، وخفاء كثير من الأحكام على كثير من الأنام، فتجد كثيراً من الناس لو حدث مثلاً عن شريعة الإسلام في النكاح والطلاق، أو لو حدث عن شريعة الإسلام في الربا والصرف، أو حدث عن شريعة الإسلام في البيوع، فإنه يستغرب هذه الأحكام ويقول: لأول مرة أسمع بها، فغربة الإسلام قد رجعت، وإلى عهد قريب كان كثير من الناس يستنكرون إذا سمعوا من يقول: بأن الإسلام دين ودولة، وأن الإسلام حاكم على سائر التصرفات وعلى جميع الأفعال، وأن الإسلام يصحب الإنسان بأحكامه من المولد إلى الممات، من المنشأ إلى المصير، كان كثير من الناس يستغربون هذا الكلام، لكن -والحمد لله- الآن صارت أكثر الأحكام مألوفة.
لكن في آخر الزمان لن يعرف الناس من الإسلام إلا كلمة: لا إله إلا الله، فإذا قيل لهم: ما هذه الكلمة؟ يقولون: أدركنا عليها آباءنا، ولا يعرفون من الإسلام شيئاً.
الشيخ: أما شرح حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه: ( كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصناعة الطعام من النياحة ). فإنه يخبر أنه على أيام رسول الله عليه الصلاة والسلام ما كان المسلمون إذا مات ميت يجتمعون في مجلس العزاء عند أهل الميت ويجلسون، وأهل الميت يصنعون لهم طعاماً ويهيئون لهم شراباً.. وما إلى ذلك، يقول جرير: كان هذا الأمر مستنكراً، وكانوا يعدونه من النياحة التي هي من كبائر الذنوب، كما قال عليه الصلاة والسلام: ( ثنتان في أمتي هما بهم كفر: الطعن في الأنساب، والنياحة على الميت )؛ ولذلك قضية صناعة الطعام هذه ليست مسنونة ولا مطلوبة ولا مستحبة، بل المطلوب أن يصنع الجيران والأرحام لأهل الميت طعاماً، كما أمر بذلك خير الناس صلى الله عليه وسلم لما مات جعفر فقال لأصحابه: ( اصنعوا لآل جعفر طعاماً، فإنهم قد أتاهم أمر يشغلهم ).
السؤال: أخونا عبد القادر إبراهيم شلعي من الشلعاب يسأل عن قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا يمس القرآن إلا طاهر ) فما هي الطهارة المقصودة في الحديث؟
الجواب: هذا الحديث ثابت عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم رحمة الله عليهم أجمعين أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ( لا يمس القرآن إلا طاهر )، ومصداق ذلك من القرآن قول ربنا الرحمن: لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ [الواقعة:79]، بعدما قال: فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ * إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ [الواقعة:75-79]، ومن هنا قال الأئمة الأربعة -أبو حنيفة و مالك و الشافعي و أحمد- بأنه لا ينبغي أن يمس المصحف إلا على طهارة كاملة، بمعنى أن يكون الإنسان طاهراً من الحدث الأكبر فلا جنابة، وطاهراً من الحدث الأصغر فلا ريح ولا بول ولا غائط ولا نوم ولا مذي ولا ودي ولا دم استحاضة.. وإنما يكون الإنسان متوضئاً وضوءاً كاملاً، ثم بعد ذلك يمس القرآن.
الشيخ: أما الصلاة بعد الجمعة يا عبد القادر! فهي سنة، خلافاً لعلمائنا المالكية رحمة الله عليهم، الذين كرهوا التنفل بعد الجمعة؛ أخذاً بقول الله عز وجل: فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ[الجمعة:10]، لكن قد ثبت عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه: ( كان يصلي بعد الجمعة أربعاً أو اثنتين )، يعني: أحياناً كان يصلي أربع ركعات وأحياناً كان يصلي اثنتين، وبعض العلماء قال: كان إذا صلى في المسجد صلى أربعاً، وكان إذا صلى في البيت صلى اثنتين.
الشيخ: أما التعامل مع الحيوانات العجماوات كالحمير الأهلية أو الإبل أو البقر أو الغنم.. أو غير ذلك من الحيوانات فتحكمها جملة أمور:
أولها: الإحسان، إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ[النحل:90]، و( إن الله كتب الإحسان على كل شيء )، فلا بد من أن نحسن إلى هذه الحيوانات، وأخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن ( في كل كبد رطبة أجراً )؛ ولذلك نحسن إليها في طعامها وشرابها.
ثانيها: نترفق بها، فلا نحملها ما لا تطيق؛ لأن لها طاقة وقدرة، ( والله عز وجل يحب الرفق في الأمر كله ).
ثالثها: نهانا صلى الله عليه وسلم عن تعذيبها: ( لما رأى دابة قد وسمت في وجهها، قال: لعن الله من فعل هذا )، فتعذيبها ممنوع، وكذلك ( لما رأى إنساناً قد أضجع شاة وبدأ يحد الشفرة فقال له صلى الله عليه وسلم: هلا كان قبل ذلك؟ )، يعني: لا تحد السكين أمامها؛ لما في ذلك من تعذيب لها، وإنما جهز شفرتك بعيداً، ثم بعد ذلك إذا أضجعتها فأمّر عليها السكين بما يزهق الروح سريعاً من غير تعذيب.
وأيضاً أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بألا نتخذها غرضاً: ( لعن الله من اتخذ شيئاً فيه روح غرضاً )، فلو أن إنساناً يريد أن يتسابق مع صاحبه في الرماية فيقول له: نوقف البهيمة هذه، ثم بعد ذلك نرى من الذي يصيبها في مقتل، فهذا لا يجوز، وهو حرام نهى عنه رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهذا كله من مبادئ ديننا ومن سنة نبينا عليه الصلاة والسلام.
الشيخ: أما أنت يا إسماعيل! يا من تعمل في المواصلات وقد اتصلت من الأبيض، وذكرت أن ثمن التذكرة خمسة وسبعين قرشاً، فأحياناً لا يكون عندكم فكة فتأخذون ثمانين أقول لك يا إسماعيل : إن ذمتك تبرأ من الإثم وتسلم من المؤاخذة فيما لو أنك أخذت من البعض ثمانين ومن البعض سبعين؛ من أجل أن تحصل المعادلة والموازنة، وحتى لا تكون من المطففين، الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ [المطففين:2-3]،بل اجعل هذا يسند ذلك وهذا يكمل ذاك وهذا يجبر ذاك؛ من أجل أن تكون عادلاً ولا تلقى الله ظالماً، وعلى كل حال طالما أنك لم تتعمد فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
الشيخ: أخونا محمد من الأبيض يقول بأنه كان في رمضان يبذل النصيحة للناس في المسجد فقال له أحد الأشياخ: القرآن أولى.
أقول: لا، بل الإنسان يجمع بين الحسنيين، فمعلوم يقيناً أن الناس لا يقرءون القرآن أربعاً وعشرين ساعة في رمضان، فلو أنهم قرءوا قرآناً واستمعوا لنصيحة فحسن؛ لأن من سنة الإسلام التنويع في العبادات لئلا يمل الناس؛ ولذلك تجد في الإسلام صلاة وصياماً وصدقة وحجاً وعمرة وإفشاء للسلام وإطعاماً للطعام وصلة للأرحام وأداء للأمانة وقياماً بالحقوق وبذلاً للمعروف، وإغاثة للملهوف وإعانة للمحتاج ونصرة للمظلوم وبراً للوالدين.. وهذه كلها عبادات، وإماطة الأذى من الطريق عبادة، وهذا التنويع يحصل به طرد السآمة والملل عن النفس الإنسانية.
ولذلك يا محمد! أحسن الله إليك، لا مانع بأن تنصح الناس في رمضان، لكن اجتهد بارك الله فيك أن تكون النصائح وجيزة، ( فإن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى )، واجتهد بارك الله فيك أن توصل المعلومة إلى الناس من أقرب طريق، من غير تعقيد ولا سفسطة، واجتهد بارك الله فيك أن تكون نصيحتك فيما يهم الناس، فلا تحلق بالناس في آفاق بعيدة وإنما انظر إلى حاجة الناس، فاجتهد في أن تنصحهم في ذلك.
الشيخ: أخونا ياسين من القضارف، سأل عن البيع بعد الأذان الثاني يوم الجمعة مع اختلاف المساجد في وقت الأذان.
فنقول: إن البيع بعد النداء الثاني حرام، وهذا هو الصحيح، قال الله عز وجل: إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [الجمعة:9].
ثم إن هناك مساجد يصعد فيها الإمام المنبر في الواحدة والنصف، ومساجد في الثانية إلا ربع ومساجد في الثانية.. وهكذا. فأقول: هذا ينظمه أمر صادر من محلية القضارف أو غيرها، مثلاً يقولون: ينبغي أن تغلق الحوانيت وأن يمنع البيع من الساعة الواحدة إلى الثانية، أو من الواحدة والنصف إلى الثانية والنصف، حيث يستوعبون المدة الزمنية التي تصلي فيها المساجد كلها، وتكون الأسواق جميعاً مغلقة، وبذلك يكون الجواب عن سؤالك بأن هذا يرجع إلى اللائحة التي تصدرها المحلية في المكان المقصود؛ من أجل أن يعرف الناس متى يغلقون حوانيتهم. وأسأل الله أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.
المتصل: كانت والدتي مريضة وأعطتني ذهباً ومالاً، وأوصتني على أموال أخرى عند جارتنا، فذهبت معها إلى المستشفى أيام مرضها حتى توفيت، فأخذت الذهب وأعطيته للوالد بعد انتهاء العزاء، فذهب أخي وأخذ المال الذي عند جارتنا والذهب وتصرف فيها، وهي كانت قد أوصتني أن يكون عندي وقالت لي: إذا أراد أخوك الزواج فأعطه من الذهب، لكنهم لم يتركوني أتصرف بالوصية كما هي، بل تصرفوا بطريقتهم، فأنا أريد أن أعرف هل علي إثم في عدم تنفيذ وصية أمي، علماً أنه ليس لدي شهود على الوصية؟
المتصل: زوجي توفي في حادث، وأعطونا ديته فذهبت واشتريت بها قطعة أرض، وقد مرت عليها سنة فهل عليها زكاة؟
الشيخ: طيب، شكراً.
المتصل: لدي سؤالان:
السؤال الأول: أريد أن تبين لنا فضل تطبيق شرع الله سبحانه وتعالى.
الشيخ: طيب، شكراً لك.
السؤال الثاني: في حديث: ( لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه )
وحديث النبي صلى الله عليه وسلم الآخر يقول حذيفة: ( فهل بعد ذلك الخير من شر؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم )، فكيف يكون التوفيق بين الحديثين؟
السؤال الثالث: قبل قليل كان معي رجل توفي أبوه ودفن في الجهة الخلفية من المسجد، وقال بأن بعض المشايخ قال له: إذا كان في الجهة الخلفية من المسجد فلا يؤثر، فما صحة هذا القول؟
الشيخ: طيب، شكراً.
المتصل: أنا متزوج -والحمد لله- ولدي أطفال، وأرغب في الزواج بالثانية، والحمد لله الأمور كلها تمت بخير، وإلى الآن لم أتزوج؛ لأن زوجتي الأولى اشترطت علي أن أكتب المنزل باسمها، فما حكم هذا الفعل من الناحية الشرعية؟
الشيخ: طيب، أبشر إن شاء الله، شكراً.
المتصل: لدي سؤال وهو في سورة الأعراف وهي قوله تعالى: الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ[الأعراف:40]، فما شرح هذه الآية؟
الشيخ: طيب، شكراً.
المتصل: لدي ثلاثة أسئلة:
السؤال الأول: أريد أن أعرف ما هي الصلاة الوسطى، هل هي الصبح أم العصر؟
السؤال الثاني: لحقت مع الإمام ركعة في صلاة المغرب، فقمت وصليت ثلاثاً، أي أني زدت ركعة بعد الركعة الثالثة، فقمت مباشرة وقرأت الفاتحة ثم تذكرت، فهل أجلس مباشرة أو أتم ركعة، والصلاة صحيحة في هذه الحالة؟
الشيخ: طيب، أبشر.
السؤال الثالث: ما حكم الوضوء داخل الحمام؟ فلو أني اغتسلت مثلاً، وبعدما أكملت الحمام أردت أن أتوضأ وأنا لا زلت في الحمام فهل هذا صحيح؟
الشيخ: طيب.
المتصل: أنا علي كفارة يمين، وأنا متعودة على صيام الإثنين والخميس، فهل أصوم الإثنين والخميس ثم الإثنين الآخر بنية الكفارة؟
الشيخ: طيب، أبشري.
المتصل: لدي سؤالان:
السؤال الأول: ما حكم شرب الشيشة، وخاصة لمن كان إمام مسجد من المساجد؟
السؤال الثاني: أنا حلفت مرة ألا أتصل على قناة طيبة خاصة ببرنامج أنفاس الصباح ثم اتصلت، فهل علي كفارة أم تسقط عني؟
الشيخ: طيب، شكراً.
السؤال: أخونا صلاح الكريل يقول: إمام المسجد في صلاة العشاء عند الرفع من الركوع بدلاً من أن يقول: (سمع الله لمن حمده) قال: الله أكبر، والمأموم قال: ربنا ولك الحمد، وفي نهاية الصلاة سجد الإمام بعد السلام للسهو، فهل نسيانه (سمع الله لمن حمده) توجب سجود السهو؟
الجواب: لا توجبه، بل إن المالكية يسمونها: سنة خفيفة، كتكبيرة وتسميعة، يعني لو أن إنساناً نسي تكبيرة كتكبيرة الركوع، مثل أن يركع دون أن يكبر، أو يسجد دون أن يكبر، أو لو أنه نسي أن يقول: سمع الله لمن حمده، فلم يقل شيئاً، أو قال بدلها: الله أكبر، فهذه يسمونها: سنة خفيفة، لكن على كل حال الصلاة صحيحة إن شاء الله.
السؤال: أختنا شادية من الصحافة ذكرت أن والدتها رحمة الله عليها كان عندها ذهب وقد استأمنتها على ذلك الذهب، وحرصاً منها على إنفاذ وصية أمها وضعت الذهب عند جارة لها، وذهبت مع الوالدة إلى المستشفى، ثم لما توفاها الله دفعت بالذهب إلى الوالد - الذي هو زوج المتوفاة - فجاء أخوها وتصرف في ذلك الذهب؟
الجواب: ليس عليك شيء إن شاء الله؛ لأن الوصية لا تنفذ إلا إذا كان عليها شهود، يعني: إلا إذا كانت مكتوبة بخط المتوفى وجزم بأن هذا خطه، أو لو كان هناك شهود، ومن ناحية أخرى فبالنسبة للأخ فهو من ضمن الورثة، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( إن الله تعالى قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث ).
السؤال: رندا من بور سودان ذكرت بأن زوجها توفي في حادث، وقد فرضت لهم دية، واشتروا بها قطعة من الأرض، فهل عليها زكاة؟
الجواب: إذا كانت تلك الأرض قد اشتريت على نية السكن فيها فلا زكاة، أما إذا كانت اشتريت استثماراً ففيها الزكاة كلما حال عليها الحول، وكذلك الأثاث الذي خلفه المتوفى فإنه تركة يقسم على ما شرع الله، وإذا تنازل بعض الورثة فلا حرج إن شاء الله.
الشيخ: أخونا إبراهيم رحمة من الحاج يوسف، ذكر أن إنساناً توفي أبوه ودفن في الجهة الخلفية من المسجد، وأن بعض الناس قالوا له بأنه لا بأس بأن يدفن الميت في الجهة الخلفية، يعني: غرب المسجد.
فنقول: اللهم لا، فالميت يدفن في مقابر المسلمين، ذكراً كان أو أنثى، صغيراً أو كبيراً، والدفن في المساجد من الكبائر، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لعن اليهود والنصارى الذين اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد )، ونبينا عليه الصلاة والسلام قال: ( لعن الله زوارات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسرج )، ولما ذكرت له أم حبيبة و أم سلمة رضي الله عنهما كنيسة رأتاها في أرض الحبشة وما فيها من التصاوير، قال: ( أولئك كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً واتخذوا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله )، فما كان داخلاً في حيز المسجد وقد ضمه سوره فلا يجوز أن يدفن فيه أحد.
الشيخ: أما قول النبي عليه الصلاة والسلام: ( لا يأتي على الناس زمان إلا والذي بعده شر منه )، فهذا الحديث رواه أنس لما شكا إليه الناس الحجاج بن يوسف سفاح ثقيف، الذي كان يسفك الدماء بغير حق ولا يبالي بأن يقتل من يقتل وأن يسجن من يسجن، فلما شكا الناس لـأنس قال: اصبروا فإنه ( لا يأتي على الناس زمان إلا والذي بعده شر منه )، سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم.
أخونا رحمة يقول: حذيفة رضي الله عنه لما قال: ( يا رسول الله! إنا كنا في جاهلية وشر، فـأتانا الله بهذا الخير -وهو بعثته عليه الصلاة والسلام- فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم، قال: وهل بعد هذا الشر من خير؟ قال: نعم، وفيه دخن، قلت: يا رسول الله! وما دخنه؟ قال: قوم يهدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر، قال: هل بعد هذا الخير من شر؟ قال: دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها ).
فأقول: يا أخي الكريم! قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا يأتي على الناس زمان إلا والذي بعده شر منه )، قال الحافظ ابن حجر وغيره من أهل العلم: هذا يحمل على الأعم الأغلب وليس على الإطلاق؛ لأن الحديث الآخر قال فيه عليه الصلاة والسلام: ( أمتي كالغيث، لا يدرى أوله خير أم آخره )، ثم إن التاريخ يصدق هذا، فإن عمر بن عبد العزيز جاء بعد الحجاج وقال: لو أتت كل أمة بخبيثها وجئنا بـالحجاج لرجح عليهم، يعني: لو أن بني أمية جاءوا بـالحجاج لرجحوا به كل خبيث، و عمر بن عبد العزيز يتكلم عن زمانه رضي الله عنه، وإلا فإنه لم ير الآن ما يصنع من قبل بعض حكام المسلمين المتمسكين بالكراسي، والذين لا يبالون بأن يقتلوا عشرات الألوف قصفاً بالطائرات ورمياً بالدبابات وإطلاقاً للقناصة وفكاً للمجرمين من السجون من أجل أن يعيثوا في الأرض فساداً، كأن الحكام يقولون للناس: إما أن نبقى على رءوسكم متحكمين في رقابكم، وإما أن نشيعها فوضى لا تبقي ولا تذر، فهذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا يأتي على الناس زمان إلا والذي بعده شر منه )، يحمل على الأغلب وليس على الإطلاق.
الشيخ: أما فضل تطبيق الشريعة، فيا أخي الكريم! يكفينا قول ربنا الرحمن الرحيم: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ[الطلاق:2-3]، وقوله: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً [الطلاق:4]، وقوله: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً [الطلاق:5]، وقوله: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [الأعراف:96].
وتطبيق الشريعة يا إخوتي ويا أخواتي! ليس معناه فقط العقوبات والحدود، وليس معناه جلد الزاني أو رجمه، وجلد القاذف، وقطع يد السارق، والتنكيل بالمحارب، وقتل المرتد، وجلد الشارب.. وما إلى ذلك، وإنما تطبيق الشريعة معناه: إنفاذ الأحكام التي جاء بها خير الأنام محمد عليه الصلاة والسلام في القرآن أو في السنة، ويشمل ذلك العبادات والمعاملات والأحوال الشخصية والسياسة الشرعية والجنايات والعلاقات الدولية.. وقبل ذلك يشمل تعليم الناس العلم، ويشمل أيضاً أن تصبغ الحياة بأخلاق الإسلام وسلوكه من الحاكم والمحكوم في أداء الأمانات والوفاء بالحقوق ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وأن يكون الناس أمام القانون سواء، لا تقطع يد الضعيف ويترك الشريف، وألا تكون حصانة لأحد، بل الكل يقف أمام القضاء ويحاسب ويؤاخذ.
وتطبيق الشريعة معناه: إصلاح العقائد بأن تكون العبادة لله لا لأحد سواه، وأن يمنع الدجل والشعوذة وأكل أموال الناس بالباطل، ويمنع الناس من أن يخوضوا في دين الله بما لا يعلمون، وأن تمنع أسباب الفساد.. هذا هو تطبيق الشريعة، ليست الشريعة فقط هي العقوبات والقوانين الزاجرة، وإنما الشريعة أن تصبغ الحياة كلها بما أراد الله من تحليل الحلال وتحريم الحرام.
الشيخ: أخونا أبو محمد من حلفا، يقول بأنه يرغب في الزواج بثانية، وقد اشترطت الأولى أن يسجل لها المنزل، فنقول: سجل لها المنزل باسمها وليس عليك حرج إن شاء الله، ولعل الله يرزقك ببيت آخر يكون للثانية.
الشيخ: أما أمين من أم درمان فقد سأل عن قول ربنا الرحمن: إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ[الأعراف:40].
وهذه الآية بمعنى أن الكافر لن يدخل الجنة إلا إذا دخل الجمل في ثقب الإبرة، وهذا مستحيل! والمعنى أن دخول الكافر الجنة مستحيل، كما قال ربنا: إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ [المائدة:72].
الشيخ: يا هشام! الصلاة الوسطى هي صلاة العصر، كما ثبت ذلك في الصحيحين من حديث عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( شغلونا عن الصلاة الوسطى، ملأ الله بيوتهم وقبورهم ناراً )، وصلى العصر بعدما غربت الشمس عليه الصلاة والسلام.
الشيخ: من قام إلى رابعة في صلاة المغرب، فبدأ بقراءة الفاتحة وتذكر فإنه يجلس مباشرة، فإن تمادى وأتمها فقد بطلت صلاته؛ لأنه تعمد الزيادة، ومن زاد ركناً فعلياً فقد بطلت صلاته.
الشيخ: أما السؤال عن الوضوء داخل الحمام فأقول: إن الوضوء داخل الحمام لا بأس به.
الشيخ: أم هشام ، أقول لك: إن كنت مستطيعة للإطعام فلا يجزئك الصيام، أما إذا كنت عاجزة عن الإطعام فلا بأس أن تصومي إثنيناً وخميساً وإثنيناً آخر وتبرأ ذمتك إن شاء الله.
الشيخ: يا عبد المنعم! الشيشة حرام، سواء كان إماماً للناس أو غيره.
الشيخ: أما يمينك التي قلتها في الصباح ثم اتصلت على أنفاس الصباح فتلزمك كفارة، ولا بأس أن يتحملها عنك أهل طيبة؛ لأنهم السبب في تأخير إجابة اتصالك.
أسأل الله أن يبصرنا بعيوبنا، وأن يهدينا لصالح الأخلاق.
والحمد لله أولاً وآخراً.
وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر