بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.
سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا علماً نافعاً، وارزقنا عملاً صالحاً، ووفقنا برحمتك لما تحب وترضى، أما بعد:
فقد بين ربنا جل جلاله في الآيات السابقات حال أصحاب النار، وأنهم في هم وغم وضيق ونكد، يكابدون طعاماً وشراباً وأحوالاً لا تطاق، نسأل الله السلامة والعافية، فقال جل من قائل: وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ * فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ [الواقعة:41-42]، وتقدم معنا الكلام في أن السموم هي: الريح الحارة التي تختنق معها أنفاسهم، وسميت السموم سموماً؛ لأنها تخترق المسام، وتجمع السموم على سمائم، فهم في سموم، وهذه الريح التي تهب عليهم ريح حارة، لا يجدون فيها برداً ولا راحة ولا اطمئناناً ولا استقراراً، بل تزيدهم غماً على غم، فهم يقاسون حر النار، ويقاسون حر تلك الريح التي تهب عليهم.
فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ [الواقعة:42]، والحميم هو: الماء الذي تناهى حره، فإذا شربوه فإنه يتلف ظواهرهم وبواطنهم، كما قال ربنا جل جلاله: يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ [الحج:20]، وكما قال جل جلاله: وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ[الكهف:29]، والمهل: هو الزيت الذي تناهى حره.
وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ [الواقعة:43]، أهل النار عندهم ظل، لكن هذا الظل من لهب مصحوب بدخان أسود، شديد السواد، كما قال جل من قائل: انطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ * لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنْ اللَّهَبِ [المرسلات:30-31].
فالريح التي تهب عليهم لا تريحهم، والظل الذي يجدونه لا يظلهم، ثم بعد ذلك: لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنْ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ [الزمر:16]، فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ * وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ * لا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ [الواقعة:42-44].
وبين ربنا جل جلاله ثلاثة من أجناس الجرائم الكبار التي وقعوا فيها:
الجرم الأول: إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ [الواقعة:45]، أي: كانوا في الدنيا أهل ترف، وأهل إعراض عن الله عز وجل، لا يخافون من عذابه، ولا يشفقون من الوقوف بين يديه، ولا يفكرون في العرض عليه، بل كما قال ربنا جل جلاله عن من أوتي كتابه وراء ظهره، قال سبحانه: إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً [الانشقاق:13]، كان في سرور وضحك ولعب، وكانوا يسخرون من المؤمنين؛ إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ انقَلَبُوا فَكِهِينَ [المطففين:29-31]، على عكس المؤمنين الطيبين فإنهم في الجنة يقول بعضهم لبعض: قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ [الطور:26]، وقال الله عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ [المؤمنون:57-61]، وهناك قال الله عز وجل: إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً * إِلاَّ الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ * وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ * وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ * وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ [المعارج:19-28]، فأهل الجنة في الدنيا كانوا أهل وجل وخوف وشفقة وإخبات وحزن؛ ولذلك إذا دخلوا الجنة يقولون: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ [فاطر:34].
وأهل النار كانوا في الدنيا أهل فرح وسرور وإعراض عن الله عز وجل، وسخرية من عباده المؤمنين؛ ولذلك ذكر ربنا جل جلاله هذه الجريمة الأولى من جرائمهم: إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ [الواقعة:45].
الجرم الثاني: وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنثِ الْعَظِيمِ [الواقعة:46]، الجرم الكبير، ومن جرائمهم أنهم: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ[النحل:38]، كانوا يحلفون بأنه لا بعث بعد الموت، وإنما يعيشون ثم يموتون ويهلكون ويبيدون، وأنه لا حياة بعد الموت، ولا بعث ولا لقاء بين يدي الله عز وجل؛ ولذلك فإن أحد الكفار، وهو: العاص بن وائل السهمي لما صنع له خباب بن الأرت رضي الله عنه أسيافاً، ثم جاءه يتقاضاه الثمن، فقال له العاص : لا أعطيك حتى تكفر بمحمد وإله محمد، فقال له خباب رضي الله عنه: والله لا أفعل حتى تموت ثم تبعث، فقال له الكافر متهكماً مستهزئاً: أو إني لمبعوث؟! قال له: بلى، قال له: فاصبر إلى ذلك اليوم حتى أقضيك الثمن، فوالله ما أنت وصاحبك بخير مقاماً عند الله مني، قال الله عز وجل: أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً * أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمْ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْداً * كَلاَّ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنْ الْعَذَابِ مَدّاً * وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْداً [مريم:77-80]، لن يأتي معه أولاده ولن يأتي معه أمواله، بل كما قال ربنا: وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ[الأنعام:94]، قال الله عز وجل: وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنثِ الْعَظِيمِ [الواقعة:46].
الجرم الثالث: وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * أَوْ آبَاؤُنَا الأَوَّلُونَ [الواقعة:47-48]، كانوا يطرحون هذا السؤال الساذج، الذي يدل على خفة العقول وسفه الأحلام، أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ [الواقعة:47]، والله عز وجل في موضع آخر من القرآن قال لهم: كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً [الإسراء:50]، يعني: لا تكونون تراباً وعظاماً فقط، بل كونوا حجارة أو كونوا حديداً، أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ[الإسراء:51]، أي: مما ترونه عظيماً، فسيقولون: من الذي يعيدنا؟ قُلْ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ[الإسراء:51]، أي: فكروا في الخلق الأول، من أجل أن توقنوا أن الذي قدر على أن يخلقكم أولاً، قادر على أن يعيدكم ثانياً، وهذا الدليل قد تكرر في القرآن مراراً.
قال الله عز وجل: قُلْ إِنَّ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ * لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ [الواقعة:49-50]، يخبرهم الله عز وجل بأن الجميع، الأول والآخر، المتقدم والمتأخر، آدم وآخر رجل من بنيه، أو آخر أنثى من بناته، الكل مجموع موقوف بين يدي الله عز وجل؛ ولذلك نقرأ في القرآن: رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ[آل عمران:9]، ونقرأ في القرآن القسم: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ[النساء:87]، ونقرأ في القرآن: يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ[التغابن:9]، ونقرأ في القرآن: هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالأَوَّلِينَ [المرسلات:38]، ونقرأ في القرآن: ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ [هود:103]، فالكل سيقفون بين يدي الله عز وجل، ونقرأ في القرآن: وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً [الكهف:47]، لن يفلت أحد ذلك اليوم، الكل سيقف بين يدي الله عز وجل، والكل سيكلمه ربه، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما منكم من أحد إلا وسيكلمه ربه، ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أمامه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة ).
قال الله عز وجل: ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ [الواقعة:51]، يا من ضللتم عن سواء الصراط! يا من كذبتم بالبعث والنشور! ما أسوأ حالكم! وما أقبح شأنكم! وما أسوأ مصيركم في ذلك اليوم، يا أيها الضالون! يا أيها المكذبون! إنكم لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ [الواقعة:52]، وهو أخبث الشجر وأبشعه وأنتنه وأقبحه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لو أن قطرة من الزقوم قطرت في دار الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم )، فكيف بمن تكون طعامه!
ولكن أهل النار يتزقمون ذلك الشجر الخبيث؛ لأنهم يعانون جوعاً يقطع أكبادهم ويمزق أمعاءهم، فتارة يأكلون من الزقوم، وتارة يأكلون من الضريع، وتارة يأكلون من الغسلين، ثم بعد ذلك هذا الشجر سيغلي في بطونهم، كما قال ربنا جل جلاله: إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الأَثِيمِ * كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ * كَغَلْيِ الْحَمِيمِ [الدخان:43-46]، يغلي في بطونهم فيبحثون عن شراب يطفئ الحر الذي يجدونه، والمغص الذي يعانونه، فينادون أهل الجنة: أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنْ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ[الأعراف:50]، يستغيثون من أجل أن يجدوا شيئاً من ماء يطفئون به الحر واللهيب الذي يجدونه في أمعائهم وفي بطونهم.
قال الله عز وجل: فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ[الواقعة:53].
قال الله عز وجل: فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنْ الْحَمِيمِ [الواقعة:54]، يشربون ماءً حاراً قد بلغ الغاية والمنتهى في حرارته.
فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ [الواقعة:55]، أي: شرب الإبل العطاش، أو شرب الإبل التي أصابها مرض فلا ترتوي، لا تزال تشرب وتشرب وتشرب حتى تموت.
هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ [الواقعة:56]، النزل: ما يكرم به الضيف؛ ولذلك قال ربنا جل جلاله: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً [الكهف:107]، لكن هاهنا مستخدم للسخرية، والتبكيت، والتقريع، هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ [الواقعة:56]، أي: هذا هو الإكرام الذي يقابلون به في النار، وفي آخر السورة سنقرأ قول الله عز وجل: فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ * وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ [الواقعة:93-94]، مثل ما قال الله عز وجل: بَشِّرْ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً [النساء:138]، وقال: فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [آل عمران:21]، والعذاب ليس بشارة، وإنما العذاب خبر يسوء المرء ويحمله على أن يدعو ثبوراً، وأن يصرخ ويولول ويستغيث، لكن الله عز وجل يهزأ منهم ويسخر بهم.
يذكر الله جل جلاله لهؤلاء الضالين المكذبين أربعة من الأدلة على أن البعث حق:
الدليل الأول: الاستدلال بالخلق الأول، بالنشأة الأولى، والدليل الثاني: الاستدلال بالزرع الذي ينبته جل جلاله ويخرجه من هذه الأرض، والدليل الثالث: الاستدلال بالماء الذي ينزله الله من السماء، والدليل الرابع: الاستدلال بالنار التي يخرجها الله عز وجل من الشجر، وهذا الشجر قد سقي بالماء، فهذه أربعة أدلة يرونها بأبصارهم، ويلمسونها بأيديهم، فلو أنهم تدبروا وتفكروا لوصلوا إلى قناعة راسخة بأن البعث حق لا ريب فيه.
يقول الله عز وجل: نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ[الواقعة:57]، يعظم الله جل جلاله نفسه، مثل ما قال: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:9]، ومثل ما قال: وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِ وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ [الحجر:23]، وهاهنا يقول: نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ[الواقعة:57]، فلا خالق إلا الله جل جلاله؛ ولذلك في سورة الطور طرح عليهم هذا السؤال، قال لهم: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمْ الْخَالِقُونَ [الطور:35]، يعني أنتم يا من تعبدون غير الله! إما أن يقول قائلكم: أنا وجدت هكذا، ما خلقني أحد! خلقت من غير شيء، وهذا دليل على ذهاب العقل، وإما أن يقول: أنا خلقت نفسي! وكلا القولين دليل على السفه! فالله عز وجل يقول: نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ[الواقعة:57]، كما قال سبحانه: اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ[الزمر:62]، وكما قال سبحانه: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ[الروم:40]، وغير ذلك من المواضع، فالله هو الخالق لا إله غيره ولا رب سواه.
فَلَوْلا تُصَدِّقُونَ [الواقعة:57]، لولا حرف حث وتحضيض، أي: فهلا تصدقون؟! فإذا كنتم تصدقون بأن الله هو الخالق، فصدقوا بأن الله هو الذي يحييكم ويبعثكم، ويحاسبكم على ما قدمتم من خير أو شر.
ثم يفصل في الخلق جل جلاله، فيقول لهم: أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ [الواقعة:58]، (أَفَرَأَيْتُمْ) الاستفهام هنا للتقرير، (مَا تُمْنُونَ) أي: قد رأيتم ما تمنون، وهذا الحرف في قراءة نافع برواية ورش بإشباع الألف؛ لأن ما بعد الهمزة ساكن: أفرآيتم ما تمنون، وفي قراءة الكسائي : أفريتم ما تمنون، و(تُمْنُونَ) أي: تريقون، كما قال ربنا جل جلاله: أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى [القيامة:37]، أو تمنى، أي: تراق، ومنه سميت منى: منى؛ لأنها تراق فيها الدماء.
أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ [الواقعة:59]، الاستفهام هنا أيضاً استفهام تقريري، لا يملك السامع إلا أن يقول: يا الله! أنت الذي خلقته، هذا المني، هذه النطفة، هذا الماء المهين، من الذي يستطيع أن يزعم بأنه هو الذي خلقه؟! وقد رأينا جميعاً من أحوال الناس أن المني يريقه الكل، ولكن من بعضه يخلق الله ولداً ومن بعضه لا يخلق؛ ولذلك تجدون إنساناً يريق منيه فيرزقه الله عز وجل بالبنين والبنات، وآخر قد يمكث سنين عدداً يريق منيه، ولا يخلق الله منه شيئاً، ويذهب في المشارق والمغارب؛ يلتمس الطب ويطلب العلاج ولا علاج، يشتهي ولداً ولا ولد؛ قال تعالى: لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ [الشورى:49-50] سبحانه وتعالى.
قال الله عز وجل: نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمْ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ * عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لا تَعْلَمُونَ[الواقعة:60-61]، نَحْنُ قَدَّرْنَا[الواقعة:60]، قرئت: نحن قَدَرْنَاْ، وهناك أيضاً في سورة المرسلات: أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ * فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ * فَقَدَرْنَا[المرسلات:20-23]، وفي قراءة: فقَدَّرْنا فنعم القادرون، وقول الله عز وجل: عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ[الواقعة:61]، قرئت: (على أن نبدِل أمثالكم).
وقوله جل جلاله: نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمْ الْمَوْتَ[الواقعة:60]، فيها وجهان للمفسرين رحمهم الله:
الوجه الأول واختاره شيخهم أبو جعفر الطبري رحمه الله تعالى: نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمْ الْمَوْتَ[الواقعة:60]، أي: جعلنا لكم أعماراً متفاوتة، وآجالاً مختلفة، فمنكم من يقبض طفلاً صغيراً، ومنكم من يقبض شاباً سوياً، ومنكم من يقبض شيخاً فانياً، وهذا أمر نراه، فلربما يكون الطفل صغيراً، لا يزال في المهد رضيعاً فيتوفاه الله، وربما يدب على رجليه، ويأكل الطعام ويتكلم مع الناس، ثم يتوفاه الله، ولربما يكون شاباً في العشرين أو دونها أو فوقها فيتوفاه الله، وبعض الناس يبلغ من الكبر عتياً، ويشتعل الرأس شيباً، ويطول عمره، وهذا المعنى في قول ربنا جل جلاله: وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً[الحج:5]، وقال سبحانه: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ[غافر:67]، أي: من قبل أن يصير شيخاً، هو لا يزال شاباً، وفي قوله تعالى: وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ[فاطر:11]، فالله عز وجل يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد، نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمْ الْمَوْتَ[الواقعة:60]، أي: جعلنا لكل منكم أجلاً، وكتبنا له عمراً، وكما قال سبحانه: إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ[يونس:49]، وكما قال: إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ[نوح:4].
ولذلك جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( بأن ملك الموت إذا قبض روح ابن آدم، فصرخ صارخ من أهله فإن ملك الموت يقوم ومعه روح هذا العبد، فيقول: ما هذا الصارخ، والله ما سبقنا أجله، ولا استعجلنا قدره، وما لنا في قبضه من ذنب، فإن ترضوا لما صنع الله تؤجروا، وأن تسخطوا تأثموا وتؤزروا، وإن لنا عودة بعد عودة، فالحذر الحذر! ) فملك الموت ليس إلا منفذاً لأمر الله عز وجل.
الوجه الثاني: نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمْ الْمَوْتَ[الواقعة:60]، أي: خلقنا، فالتقدير هنا بمعنى: الخلق، فالله جل جلاله هو: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً[الملك:2]، فالحياة من خلقه وإيجاده، وكذلك الموت من خلقه وإيجاده، وقد جعل لكل منهما سبباً، سبحانه وتعالى.
قال: وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ[الواقعة:60]، فإن الله جل جلاله لا يغلب، إذا أراد أن يحيي أحيا، وإذا أراد أن يميت أمات.
عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ[الواقعة:61]، أي: نميت أناساً ونحيي آخرين، أناس في كل يوم يخرجون من هذه الدنيا وآخرون يدخلون، أرض تبلع وأرحام تدفع، يموت من يموت ويولد من يولد.
قال الله عز وجل: وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ * عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ[الواقعة:60-61]، خلقاً من بعد خلق، كما قال جل جلاله، قالوا: وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لا تَعْلَمُونَ[الواقعة:61]، أي: كما فعل بالأولين المكذبين من بني إسرائيل وغيرهم، ممن عتوا عن أمر ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمر كل جبار عنيد، فإن الله عز وجل مسخهم قردة وخنازير، فإنهم لما مسخوا شريعة الله كان الجزاء من جنس العمل، لما تحايلوا على معصية الله، وظنوا أنهم يخدعون الله جل في علاه، مسخهم الله عز وجل قردة وخنازير.
ثم يعود سبحانه إلى تقرير الدليل، فيقول: وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ النَّشْأَةَ الأُولَى[الواقعة:62]، مثل ما قال: يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ[يس:79]، ومثل ما قال: الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ[الإسراء:51]، فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلْ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ[الإسراء:51]، ومثل ما قال سبحانه: أَوَلا يَذْكُرُ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً[مريم:67]، ومثل ما قال سبحانه: وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ[الروم:27]، اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ[الروم:11]، هذا كله دليل واحد من أدلة البعث، وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ النَّشْأَةَ الأُولَى فَلَوْلا تَذكَّرُونَ[الواقعة:62].
ثم يقول سبحانه: أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ * أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ[الواقعة:63-64]، وهذا الدليل يلفت الله عز وجل الأذهان إليه مراراً، كما قال سبحانه: فَلْيَنْظُرْ الإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبّاً * ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقّاً * فَأَنْبَتْنَا فِيهَا[عبس:24-27]، ثم ذكر تلك الأنواع السبعة التي فيها رزق الإنسان، فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبّاً * وَعِنَباً وَقَضْباً * وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً * وَحَدَائِقَ غُلْباً * وَفَاكِهَةً[عبس:27-31]، هذه كلها للإنسان، حباً وعنباً وقضباً، والقضب قيل: هو التمر؛ لأنه يقضب، أي: يقطع، وقال بعض أهل التفسير: بل القضب طعام الدواب، من الحشائش والبرسيم وغير ذلك أيضاً مما يقضب، أي: يقطع.
ثم قال الله عز وجل: وَأَبّاً[عبس:31]، والأب: طعام الدواب.
فكل إنسان يطرح هذا السؤال على نفسه: إن الله جل جلاله هو الذي أنبت لنا هذا النبات، فكيف نبت؟ إن الله عز وجل هو الذي أنزل من السماء ماء، لو أنه جل جلاله أمسكه من الذي يملك أن ينزله؟ وأنزله جل جلاله بقدر معلوم بحيث لا يحصل به هدم ولا غرق إلا أن يشاء الله، ثم بعد ذلك لما أنزله فإنه سلكه ينابيع في الأرض، بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ[الحجر:21]، يسير في شقوق هذه الأرض وتخومها.
ثم يأتي هذا الإنسان فيضع البذرة في الأرض حتى تتعفن، ثم يخرج الله منها الزرع، يخرج السنبلة، ثم هذه السنبلة من الذي يخرج فيها الحب؟ الحب: القمح الذي نأكله ونطعمه، ولا غنى لنا عنه، الله جل جلاله هو الذي يفعل ذلك كله بقدرته، ثم لو تمادى الإنسان في هذا التفكير: كيف أن الله عز وجل سوغ هذا الطعام، أي: جعله مستساغاً، يبلع بسهولة ويسر، فالواحد منا لا يحتاج إلى أن يذهب إلى الطبيب من أجل أن يفتح له مجرى، ولا من أجل أن يحقنه حقناً، وإنما سوغه الله عز وجل حتى يستقر في جوفه، وينتفع منه جسده، وتدوم به قوته، ثم لما تحول إلى فضلة خبيثة سهل الله عز وجل مخرجه والخلاص منه؛ ولذلك قال سبحانه: فَلْيَنْظُرْ الإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبّاً * ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقّاً * فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبّاً * وَعِنَباً وَقَضْباً * وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً * وَحَدَائِقَ غُلْباً * وَفَاكِهَةً وَأَبّاً[عبس:24-31]، مَتَاعاً لَكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ[النازعات:33]، أي: نستمتع به ما دمنا أحياء، يطرح هذا السؤال على منكر البعث: أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ * أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ[الواقعة:63-64]، والاستفهام هنا للتقرير، ولا يملك العاقل إلا أن يقول: يا ربنا! أنت الذي زرعته، أنت الذي أوجدته.
قال الله عز وجل: لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً[الواقعة:65]، وقد رأى العقلاء هذا مراراً، بأن زرعاً يخرج، وهذا الزرع يورق ويخضر، حتى إذا حان قطافه أرسل الله عز وجل عليه آفة أرضية، أو آفة سماوية، أو حشرة من الحشرات، أو دابة من الدواب، فيعود قاعاً صفصفاً، ليس منه شيء.
لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ[الواقعة:65]، (تَفَكَّهُونَ) قال المفسرون: المعنى: تندمون، والندم فيه وجهان:
إما أنه ندم على النفقة التي كانت في هذا الزرع، كما قال ربنا جل جلاله عن ذلك المسكين: فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً[الكهف:42].
الوجه الثاني: الندم على معصية الله، (فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ)، أي: تندمون على ما كان منكم من معصية الله، مثل ما فعل أصحاب الجنة، لما طاف عليها طائف من ربك وهم نائمون، فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ[القلم:20]، بعد ذلك بدءوا يقولون: يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ * عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْراً مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ[القلم:31-32]، فإما أن يكون الندم على ما بذل في ذلك الزرع من النفقة، وإما أن يكون الندم على ما فرط في جنب الله عز وجل! إِنَّا لَمُغْرَمُونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ[الواقعة:66-67].
الدليل الثالث: قال سبحانه: أَفَرَأَيْتُمْ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ[الواقعة:68]، هذا الماء الذي لا غنى لكم عنه، أَأَنْتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنْ الْمُزْنِ[الواقعة:69]، والاستفهام هنا أيضاً للتقرير، أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ[الواقعة:69]، الجواب: يا ربنا أنت الذي أنزلته! كما قال سبحانه: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ[الملك:30]، لو أن الله عز وجل أمسك هذا الماء وحبسه عنكم، هل تستطيعون أن تنزلوه؟ أَأَنْتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنْ الْمُزْنِ[الواقعة:69]، والمزن: جمع مزنة، وهي: السحابة.
لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً[الواقعة:70]، والأجاج هو: الماء الجامع بين وصفين منفرين: الملوحة والمرارة، مالح ملوحة شديدة، ثم بعد ذلك مر كالعلقم، قال الله عز وجل: وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً مَحْجُوراً[الفرقان:53].
أسأل الله أن ينفعنا! وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر