أخبرنا محمد بن المثنى حدثنا عثمان بن عمر حدثنا شعبة عن إبراهيم بن محمد عن أبيه عن مسروق عن عائشة رضي الله تعالى عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يدع أربع ركعات قبل الظهر، وركعتين قبل الفجر).
خالفه عامة أصحاب شعبة ممن روى هذا الحديث فلم يذكروا مسروقاً].
يقول النسائي رحمه الله: المحافظة على ركعتين قبل الفجر.
والركعتان قبل الفجر هما من آكد السنن الراتبة؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام كان يحافظ عليهما في الحضر والسفر، وكان لا يترك ركعتي الفجر والوتر لا في حضر، ولا في سفر، فهاتان الركعتان هما آكد الصلوات الرواتب المتصلة بالصلاة، أو التي تكون قبل الصلاة أو بعدها، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يحافظ على شيء من الرواتب مثل ما كان يحافظ على ركعتي الفجر وكذلك الوتر، فكان يحافظ على هاتين الركعتين، وهذا يدلنا على عظم هاتين الركعتين وأهميتهما، فقد أورد النسائي حديث عائشة رضي الله تعالى عنها؛ (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يدع أربع ركعات قبل الظهر وركعتين قبل الفجر)، وهذا بالإضافة إلى ركعتي الفجر للتنبيه على أهمية الأربع الركعات قبل الظهر، وقد جاء في الحديث ذكر الركعات التي هي الصلوات الرواتب، وأنها اثنتا عشرة ركعة: أربع قبل الظهر، وثنتين بعدها، وثنتين بعد المغرب، وثنتين بعد العشاء، وثنتين قبل الفجر، فهذه اثنتا عشرة ركعة هي من الرواتب التي جاءت السنة فيها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن آكد هذه الاثني عشرة ركعة هاتان الركعتان اللتان هما ركعتا الفجر.
هو الملقب الزمن العنزي أبو موسى البصري، ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة وبدون واسطة، ومثله في كونه شيخاً لأصحاب الكتب الستة، وكونه مات في سنة اثنتين وخمسين ومائتين، وكونه من صغار شيوخ البخاري يوافقه في ذلك شخصان آخران هما: محمد بن بشار الملقب بندار، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي، وكل واحد من هؤلاء الثلاثة شيخ لأصحاب الكتب الستة، وهم جميعاً ماتوا في سنة واحدة؛ وهي سنة اثنتين وخمسين ومائتين.
[حدثنا عثمان بن عمر].
هو عثمان بن عمر البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي، ثم البصري، وهو ثقة، ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر].
هو إبراهيم بن محمد بن المنتشر الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
هو محمد بن المنتشر الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أيضاً أصحاب الكتب الستة.
[عن مسروق].
هو ابن الأجدع، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة].
هي أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق، التي حفظت الكثير من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا سيما ما يتعلق في أمور البيت، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ وهم ستة رجال وامرأة واحدة؛ فالستة هم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأنس بن مالك، والسابع امرأة؛ وهي أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها، فهؤلاء سبعة أشخاص من أصحاب النبي الكرام رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم عرفوا بكثرة الحديث عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.
قال أبو عبد الرحمن: هذا الصواب عندنا، وحديث عثمان بن عمر خطأ. والله تعالى أعلم].
أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها من طريق أخرى؛ من طريق إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه عن عائشة، وليس فيه مسروق بين أبيه وبين عائشة، والمتن هو مثل الذي قبله تماماً، والإسناد قال فيه النسائي: هذا هو الصواب؛ أي: رواية محمد بن جعفر عن شعبة عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه عن عائشة يعني: بدون ذكر مسروق، قال: هذا هو الصواب، ورواية عثمان بن عمر خطأ، يعني: معنى هذا أنها تكون من قبيل المزيد في متصل الأسانيد، والمزيد في متصل الأسانيد مما يعل، أو مما تضعف به الرواية، أو تعل به الرواية، وقالوا: شرط ذلك أن يكون الذي لم يزد أتقن ممن زاد، وأن يصرح في موضع الزيادة، وهنا كذلك من لم يزد أتقن ممن زاد؛ لأن كل أصحاب شعبة رووه عن إبراهيم عن أبيه عن عائشة، وعثمان بن عمر هو الذي رواه من طريق شعبة، وفيه زيادة مسروق بين محمد بن المنتشر، وبين عائشة، وقد صرح محمد بن المنتشر في السماع من عائشة، وهذا في موضع الزيادة، لكن بعض العلماء يقول: إن مثل هذا يمكن أن يكون من قبيل ما رواه الشخص من طريقين: من طريق نازلة، ومن طريق عالية، فيكون رواه بواسطة، ثم إنه أدرك المروي عنه فرواه عنه مباشرة وبدون واسطة، فيكون محمد بن المنتشر رواه من طريق نازلة عن مسروق عن عائشة، ثم ظفر به عالياً حيث لقي عائشة وسمع منها هذا الحديث، وكثيراً ما يأتي في الروايات وجود الإسناد النازل ثم يكون جاء بإسناد عالي ويكون الراوي ظفر به أولاً نازلاً فرواه كما ظفر به، ثم بعد ذلك ظفر به عالياً فرواه كما ظفر به عالياً، فيكون ليس هناك لبس وليس هناك إشكال فيما يتعلق بين تلك الزيادة -زيادة الراوي- وبين عدم زيادتها، يكون من هذا القبيل، وكثير من الأحاديث التي انتقدت على البخاري هي من هذا القبيل؛ كونه يروى بواسطة ثم يحصل عالياً بدون تلك الواسطة، ومثل هذا لا يعتبر قدحاً، ولا يعتبر عيباً، بل يمكن أن يكون محمد بن المنتشر ظفر به من طريق مسروق عن عائشة فكانت الطريق نازلة، ثم لقي عائشة فسمع منها الحديث فكان يحدث به على هذه الحال ويحدث به على هذه الحال.
وعلى كل فالحديث صحيح وثابت، وهو سواء كان الزيادة فيها من قبيل المزيد في متصل الأسانيد، أو كانت من قبيل ما رواه التلميذ بطريق نازلة، ثم حصله بطريق عالية، فيكون صحيحاً على الوجهين.
ثقة، أخرج له مسلم، والترمذي، والنسائي.
[حدثنا محمد بن جعفر].
هو الملقب غندر، يأتي ذكره بالاسم، ويأتي ذكره باللقب غندر، وهنا جاء ذكره باسمه واسم أبيه، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة].
قد مر ذكره.
[عن إبراهيم بن محمد عن أبيه عن عائشة].
قد مر ذكرهم أيضاً.
هنا أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها في بيان عظم شأن ركعتي الفجر، والمشهور عند الإطلاق عندما يقال: ركعتي الفجر المراد بها النافلة، ويحتمل أن يكون المراد بها الفريضة، والنسائي رحمه الله أورد الحديث فيما يتعلق بالنافلة، وهي الركعتان اللتان تسبقان صلاة الفجر، وهي من النوافل، وهي آكد النوافل كما أشرت إلى ذلك آنفاً، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: [ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها]، أي: هاتان الركعتان اللتان يركعهما الإنسان أجرهما وثوابهما خير من الدنيا وما فيها، فكل ما يحصل في الدنيا من نعيم ومن لذة، فإن ذلك لا يساوي الإتيان بهاتين الركعتين اللتين أجرهما عظيم عند الله عز وجل؛ [ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها]، وهذا يدلنا على أهمية هاتين الركعتين وعظم شأنهما، وعظيم ثوابهما عند الله عز وجل، ومما يوضح عظم شأنهما ما أشرت إليه من قبل؛ (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يتركهما لا في حضر ولا في سفر)، مع أنه كان لا يصلي النوافل الرواتب التي مع الصلوات ولكنه كان لا يترك ركعتي الفجر، وهذا يدلنا على عظم شأنها وأهميتها.
صدوق، أخرج له البخاري في جزء القراءة، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثنا عبدة].
هو عبدة بن سليمان الكوفي، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد].
هو سعيد بن أبي عروبة، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن قتادة].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن زرارة بن أوفى].
هو زرارة بن أوفى وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة أيضاً.
[عن سعد بن هشام].
هو سعد بن هشام بن عامر، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة].
قد مر ذكرها.
أخبرنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن نافع عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما عن حفصة رضي الله تعالى عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (أنه كان إذا نودي لصلاة الصبح ركع ركعتين خفيفتين قبل أن يقوم إلى الصلاة).
هنا ذكر النسائي وقت ركعتي الفجر؛ وأنه بين الأذان والإقامة، يعني: عندما يسمع الإنسان النداء فإن هذا هو وقتها، يصلي ركعتين سواء في البيت أو في المسجد، أي: إن صلى في البيت فذلك أفضل، وإن جاء إلى المسجد وصلى الركعتين فتكون هاتان الركعتان هما تحية المسجد، فيجمع فيهما بين الأمرين؛ بين ركعتي الفجر وبين تحية المسجد؛ أي: ركعتان للاثنين، وليس تحية المسجد لها ركعتان، وسنة الفجر لها ركعتان، وإنما هما ركعتان ينوي فيهما الاثنين؛ كونه يؤدي ركعتي الفجر، وكونه يؤدي تحية المسجد، فوقت هاتين الركعتين بين الأذان والإقامة، وأورد النسائي حديث حفصة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم (إذا نودي للصلاة صلى ركعتين خفيفتين قبل أن يقوم إلى الصلاة)، ففيه بيان وقت صلاة ركعتي الفجر وأنهما تكونان خفيفتين، وقد مر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ فيهما أحياناً بـقُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1] وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] وأحياناً بالآيتين من سورة البقرة وآل عمران قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا [البقرة:136] وقوله: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ [آل عمران:64] فقد سبق أن مرت الأحاديث في أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بهاتين السورتين أحياناً، وأحياناً بهاتين الآيتين؛ آية من سورة البقرة وآية من سورة آل عمران، ففيه أنهما خفيفتان.
هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا الليث].
هو ابن سعد المصري، وهو ثقة، ثبت، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وكانت وفاته سنة مائة وتسع وسبعين، في السنة التي مات فيها الإمام مالك، وقتيبة يروي عنه وعن الإمام مالك وعن المتقدمين؛ لأنه قد عُمّر؛ لأن ولادته كانت سنة مائة وخمسين، وهي السنة التي مات فيها أبو حنيفة وولد فيها الشافعي، وكانت وفاته سنة مائتين وأربعين، فعمره تسعون سنة، ولهذا أدرك المتقدمين، فـالليث في الطبقة السابعة، وقتيبة في الطبقة العاشرة، ومع ذلك يروي من في العاشرة عمن في السابعة؛ وذلك لطول عمره وكونه أدرك المتقدمين، والليث بن سعد فقيه مصر ومحدثها، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن نافع].
هو نافع مولى ابن عمر، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن عمر].
هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، وهو من العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وهم: عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو بن العاص، هؤلاء أربعة من صغار الصحابة، أطلق عليهم لقب العبادلة الأربعة، مع أن الذين يسمون بعبد الله كثيرون منهم: عبد الله بن قيس أبو موسى الأشعري، وعبد الله بن زيد بن عبد ربه، وعبد الله بن زيد بن عاصم، وعبد الله أبو بكر الصديق، وعبد الله بن عثمان، وابنه عبد الله بن أبي بكر، وخلق كثير من الصحابة يسمون بعبد الله.
وأيضاً هو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، والذين ذكرتهم آنفاً عند ذكر أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها.
[عن حفصة].
هي أم المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنها، وعن أبيها، وعن الصحابة أجمعين، وحديثها عند أصحاب الكتب الستة.
هنا أورد النسائي حديث حفصة رضي الله عنها من طريق أخرى؛ (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أضاء له الفجر صلى ركعتين) ومعناه: بعد طلوع الفجر الذي تحل معه الصلاة، ويحرم معه الأكل بالنسبة للصائم؛ الفجر الثاني إذا طلع ونودي للصلاة فإنه الذي تحل معه صلاة الفجر، ويحرم معه الأكل والشرب في حق من يريد أن يصوم؛ لأن بدء الصيام بطلوع الفجر، ودخول الصلاة بطلوع الفجر، فهذا فيه: أن الإنسان لو صلى قبل الأذان وبعد دخول الصبح وبعد تحقق ذلك فإن الركعتين وقعت موقعها، لكن كون الإنسان يصلي بعد الأذان -لأنه فيه التحقق من طلوع الفجر- هذا هو الذي ينبغي؛ أي: عندما يسمع الإنسان النداء، ويسمع الأذان كما جاء في الحديث السابق: (إذا نودي لصلاة الصبح صلى ركعتين خفيفتين). فلو أنه صلاهما بعد طلوع الفجر وبعد تحقق طلوع الفجر، وكون الأذان تأخر فإنهما وقعتا موقعهما.
هو الجواز المكي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي.
[حدثنا سفيان].
هو ابن عيينة المكي، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عمرو]
هو ابن دينار المكي، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
وسفيان بن عيينة يروي عنه مباشرة وبواسطة، وكثيراً ما يروي عنه مباشرة وبدون واسطة، وأحياناً يروي عنه بواسطة كما في هذا الحديث الذي معنا، فإنه يرويه عن الزهري بواسطة عمرو بن دينار، مع أنه معروف بكثرة الرواية عنه، وهذا كما هو معلوم يكون الشخص يروي عن شيخه مباشرة ويروي عنه بواسطة؛ بمعنى: أنه يكون حصل الحديث عنه بواسطة وقد يحصله بطريق عالية فيرويه على الوجهين، وقد لا يحصله إلا بطريق نازلة.
والزهري كما قلت: ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن سالم].
هو سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عن ابن عمر وعن الصحابة أجمعين، ورحم الله سالماً، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، على أحد الأقوال في السابع؛ لأن فقهاء المدينة السبعة ستة متفق على عدهم في الفقهاء السبعة؛ وهم: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وعروة بن الزبير بن العوام، وخارجة بن زيد بن ثابت، وسعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، فهؤلاء الستة متفق على عدهم في الفقهاء السبعة، أما السابع فيه ثلاثة أقوال: قيل: السابع سالم بن عبد الله بن عمر الذي معنا في الإسناد، وقيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وقيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام.
قد مر ذكرهما.
أخبرنا عمرو بن منصور حدثنا علي بن عياش حدثنا شعيب عن الزهري أخبرني عروة عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سكت المؤذن بالأولى من صلاة الفجر قام فركع ركعتين خفيفتين قبل صلاة الفجر بعد أن يتبين الفجر، ثم يضطجع على شقه الأيمن)].
هنا أورد النسائي الاضطجاع بعد ركعتي الفجر على الشق الأيمن، وأورد فيه حديث عائشة رضي الله تعالى عنها [أن النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا سكت المؤذن بالأولى من صلاة الفجر ركع ركعتين خفيفتين، ثم اضطجع على شقة الأيمن]، وهذا هو محل الشاهد، أنه يضطجع على شقه الأيمن.
وقوله: (بالأولى) أي: بالأذان الأول وهو أول بالنسبة للإقامة؛ لأن ركعتي الفجر إنما تكون بعد الأذان الثاني وبعد تحقق طلوع الفجر، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (بين كل أذانين صلاة) فالمقصود بالأذانين: الأذان الثاني والإقامة، هذا هو المقصود بقوله: (بين كل أذانين صلاة) والإقامة يقال لها: أذان، وقد جاء ذلك في حديث زيد بن ثابت أو زيد بن أرقم الذي قال: (تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قام إلى الصلاة، قيل: كم كان بين الأذان والسحور؟ قال: قدر خمسين آية) أي: بين الأذان والإقامة قدر خمسين آية، يعني: بين الإقامة وبين الأذان الثاني الذي يكون عنده الامتناع عن السحور، ويكون عنده انتهاء السحور، قدر خمسين آية، فقوله: (بالأولى) أي: بالأذان الأول الذي هو الأذان الثاني بالنسبة للإقامة، وهذا فيه أن الأذان الثاني يطلق عليه أنه أذان أول، والأذان الثاني هو الذي لابد منه، وأما الأذان الأول فإنه ليس بلازم؛ أي: لا يلزم الناس أن يؤذنون الأذان الأول، وأن كل مسجد يؤذن أذان أول، لكن الأذان الثاني لا بد منه، فكل مسجد لا بد أن يؤذن.
وفي الحديث مشروعية الاضطجاع بعد ركعتي الفجر، لكن الاضطجاع الخفيف الذي لا يكون معه نوم، فإن وجد معه نوم فإنه ينتقص الوضوء؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (العين وكاء السه، فإذا نامت العينان استطلق الوكاء)، هذا إذا وجد النوم، أما إذا كان الاضطجاع لا نوم معه فالوضوء على ما هو عليه، والمقصود بالاضطجاع الذي يكون خفيفاً ليس معه نوم، وأما الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه قد جاء عنه: (تنام عيناي ولا ينام قلبي) صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
هو عمرو بن منصور النسائي، ثقة، ثبت، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا علي بن عياش].
ثقة، ثبت، أخرج حديثه البخاري، وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا شعيب].
هو شعيب بن أبي حمزة الحمصي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري].
قد مر ذكره.
[عن عروة].
هو عروة بن الزبير بن العوام، أحد الفقهاء السبعة في المدينة في عصر التابعين، الذين مر ذكرهم قريباً، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة].
قد مر ذكرها.
الجواب: الرسول صلى الله عليه وسلم كان يفعل هذا في البيت؛ لأنه كان يصلي النافلة في البيت، فكان يضطجع على شقه الأيمن في البيت.
الجواب: الصلاة خير من النوم قال بعض العلماء: إن المقصود بالأذان الأول هو الأذان الثاني كما جاء في بعض الأحاديث ومنها هذا الحديث، يعني: أن هذا الأذان الأول بالنسبة للإقامة الذي لا بد منه في كل مسجد، ولا بد منه في كل أذان، هو هذا الذي هو الأذان الأول، الذي هو بالنسبة للإقامة، وأما الأذان فإنه لا يلزم أن يؤتى به، ولو ترك ما يؤثر، لكن الأذان الذي يكون عند طلوع الفجر لا يجوز تركه أبداً، وأما الأذان الأول يجوز تركه، وبعض العلماء يقول: إن المقصود بالأذان الأول هو الأذان الأول الذي يكون قبل طلوع الفجر، لكن هذا الحديث يدل على أن الأذان الثاني يقال له: أذان أول.
الجواب: ما أعلم، ولكنه يصلي ركعتين، ويصلي صلاة الليل، وأما راتبة خاصة بصلاة العشاء ما أعلم، الذي جاء ركعتان، لكن صلاة الليل الأمر فيها واسع، يصلي الإنسان ما شاء، من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر يصلي الإنسان ما شاء وهي صلاة الليل.
الجواب: كما هو معلوم الصباح يبدأ بطلوع الفجر، فإذا فعل ذلك في هذا الوقت فإنه فعله في الصباح؛ لأن الليل ينتهي بطلوع الفجر ويبدأ النهار بطلوع الفجر.
الجواب: الإحرام هو النية وليس لبس الإحرام، فلبس الإحرام ليس إحراماً، وإنما الإحرام هو النية، أي: إذا قيل: الإحرام فالمقصود به النية.
الجواب: لا ينبغي للإنسان أن يضع المسجل قريباً الحمام من أجل يسمع، وإنما في هذه الحال يمسك، والوقت عنده واسع، ليس أنه ما بقي معه إلا دقائق يقضيها في بيت الماء، فيحرص على ذلك في غير هذه الحال.
الجواب: إذا كان من ذوات الأرواح فهي صور، وأما إذا كانت من غير ذوات الأرواح فذلك سائغ الفوتوغرافية وغير الفوتوغرافية، يعني: رسمها سواء كان بالرسم باليد أو عن طريق التصوير كل ذلك سائغ في غير ذات الأرواح، وأما ذوات الأرواح فسواء كان باليد أو بالتصوير الفوتوغرافي كله يقال له صور.
فإن قال قائل: بالنسبة لأشرطة الفيديو والتليفزيون أنها ليست صورة ترسم على الأشرطة نفسها، وإنما عبارة عن ذبذبات ترسل.
نقول له: هي موجودة تطلق في الوقت الذي يريدون إطلاقها، وفي غير الوقت الذي لا يراد إطلاقها موجودة في الشريط الذي سجلت عليه الصور.
الجواب: النية كما هو معلوم لا بد من العمل في النية، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إنما الأعمال بالنيات) وما فيه بأس أن الإنسان ينوي أنه يعمل الشيء غداً ثم إذا جاء الغد فعله، وعندما يبدأ به ينويه، ويمكن أن الإنسان في أثناء رمضان يكون عنده نية لصيام رمضان كله، ولو أنه نام بعد العصر، واستيقظ في الضحى فإن صومه صحيح، ولا يقال أن ما كان صاحي عند طلوع الفجر حتى ينوي صيام ذلك اليوم، لكن أول يوم من رمضان لا يعتبر صومه إلا إذا علم عند طلوع الفجر فأمسك، وإلا فإنه لو نوى إن كان غداً من رمضان فأنا صائم ثم نام واستيقظ وقد تبين أنه من رمضان فإن ذلك لا ينفعه.
الجواب: الصورة معناها الصفة، وصفة الله عز وجل منها كونه سميعاً بصيراً، متكلماً، وإن كان ما يضاف إلى الله عز وجل يليق بكماله وجلاله، وما يضاف إلى المخلوقين من تلك الصفات يليق بضعفهم وافتقارهم، فالصورة معناها الصفة، فصورة الرحمن يعني: صفة الرحمن، صورته على صفته. هذا هو معناها، وليس ذلك تأويل، بل هذا هو الذي يدل عليه المعنى أو يقتضيه المعنى، لكن ما يضاف إلى الله عز وجل من الصفات كونه سميعاً، بصيراً، متكلماً يليق به، وما يضاف إلى العباد يليق بهم، ولا يقال أن كونه متكلماً، وسميعاً، وبصيراً أنه يلزم المشابهة، لا، بل المعنى معلوم، والكيف مجهول بالنسبة لله عز وجل، وأما بالنسبة لنا فإنه معلوم المعنى والكيف، فالصفات بالنسبة لنا معلوم معناها وكيفيتها، وبالنسبة لله معلوم معناها لكن مجهول لنا كيفيتها.
الجواب: إذا كان الإنسان لن يدرك الجماعة فإن عليه أن يصلي في المسجد الذي يدرك فيه الجماعة، وأما إذا كان الإنسان من عادته أنه ما يترك الصلاة في المسجد النبوي وأنه قام متأخراً وأراد أن يذهب إلى المسجد النبوي ويصلي فيه على عادته المستمرة التي هو مداوم عليها فهذا له شأن، وأما إنسان ما هو محافظ على الصلاة وإنما يعلم بأن الصلاة ستفوته والمسجد الذي بجواره يمكنه أن يصلي فيه، وليس من عادته المداومة على الصلاة في المسجد النبوي، فإن الذي ينبغي له أن يدرك الجماعة.
الجواب: نعم يصلي تحية المسجد، لا يجلس إلا وقد صلى ركعتين تحية المسجد.
الجواب: كتب أصول الفقه كثيرة، وفيها المطول وفيها المختصر، وأذكر أن من أحسنها، وأجمعها، وأوسعها، الكتاب الذي طبع في جامعة أم القرى، وهو شرح الكوكب المنير، هذا من أحسن ما كتب في أصول الفقه وأوسعه.
الجواب: يبدو أنها لما كان يأتي كما مر في الحديث الذي قبل ذكر ركعتي الفجر أنه كان يصلي ثلاث عشرة ركعة حديث عائشة ثم عدتها ومنها: ركعتي الفجر من الثلاث عشرة ركعة يعني: كأنه لهذا، وكونها لها علاقة، وبعض العلماء يقول: إن الثلاث عشرة يدخل فيها ركعتا الفجر وقد جاء ذلك في حديث عائشة نفسها، ومن أجل هذا جاء ذكر ما يتعلق بركعتي الفجر.
الجواب: بين الأذان والإقامة من الأوقات التي يستجاب فيها الدعاء، سواء المغرب أو غير المغرب، إذا كان المقصود من ذلك قبل صلاة المغرب فكل الأوقات بين الأذان والإقامة هو من الأوقات التي يستجاب فيها الدعاء، وقد جاء في ذلك الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأما قبل المغرب فيوم الجمعة فيها ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله شيئاً إلا أعطاه إياه.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر