إسلام ويب

شرح زاد المستقنع باب جزاء الصيدللشيخ : محمد مختار الشنقيطي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من قتل صيداً وهو محرمٌ وجب عليه مثله من النعم، يحكم به اثنان ذوا عدلٍ، وهناك أقضية في جزاء الصيد قضى بها الصحابة رضوان الله عليهم، واختلف العلماء في كون بعضها ماضية إلى قيام الساعة أم أنها خاصة بذلك الزمان.

    1.   

    قضاء الصحابة في جزاء الصيد

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    أما بعد:

    قال المصنف رحمه الله: [باب جزاء الصيد].

    أي: في هذا الموضع سأذكر لك جملة من الأحكام والمسائل المتعلقة بالتحكيم في قتل الصيد، وقد ذكرنا أن الصيد حرام على المحرم، وأنه يجب عليه الجزاء إذا قتل الصيد، وبينا طريقة هذا الجزاء، وذكرنا ما بينه العلماء رحمهم الله من المسائل المتعلقة بجزاء الصيد من حيث الجملة، وهنا سيذكر المصنف رحمه الله جملة من المسائل التي تتعلق بالأحكام المنصوص عليها إما مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أو موقوفة على الصحابة، وتوضيح ذلك: أن جزاء الصيد يفتقر إلى حكم عدلين كما ذكرنا، فلو أن المحرم قتل غزالاً أو قتل ظبياً أو قتل حمار وحش أو قتل بقرة وحش فيجب عليه أن يحتكم إلى عدلين ينظران في الشيء الذي قتله المحرم وعدله من بهيمة الأنعام، فمثلاً:

    إن كان الذي قتله نعامة فعدلها بدنة، وإن كان الذي قتله حمار وحش فعدله بقرة، وإن كان الذي قتله تيس جبل فعدله الشاة، لكن هذا العدل يفتقر إلى حكمين عدلين ينظران في الشيء الذي قتله والشيء الذي يماثله ويشابهه، فلما كان الحكم الشرعي المجمع عليه في الأصل ينص على هذا فإنه من المعلوم أن الصحابة رضوان الله عليهم وقعت لهم حوادث في قتل الصيد من المحرم فاحتكموا إلى غيرهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فهناك أقضية عن عمر وعثمان وعلي وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت وعبد الرحمن بن عوف وهذه الأقضية وردت عن الصحابة، وقول الصحابي حجة عند طائفة من العلماء، فكأنهم رأوا أن ما قضى فيه الصحابة وما ورد فيه الخبر والأثر عنهم أنهم حكموا فيه فإن ذلك الحكم باق إلى قيام الساعة فلا يتغير، وهذه مسألة لها نظائر، فالمسائل:

    التي ورد فيها الحكم من الصحابة أو من النبي صلى الله عليه وسلم في الأقضية التي في أصلها تقبل الاجتهاد هل يبقى حكمها إلى قيام الساعة أم يتجدد؟

    فمذهب طائفة من العلماء: أن ما قضى فيه الصحابة لا يتجدد، ولا يحتاج إلى عدلين، فمن قتل حمامة فإن الصحابة قضوا فيها شاة، فنقول له: عليك شاة، ولا نبحث عن مسألة الحكمين العدلين، كأنهم رأوا أن حكم الصحابة بعدل الشاة يعتبر حكماً باقياً إلى قيام الساعة، وهذا بالنسبة لقضاء الصحابة رضوان الله عليهم.

    أما بالنسبة للذي لم يقض فيه الصحابة، أي: الذي لم يرد عن الصحابة رضوان الله عليهم فيه حكم، فهذا يرجع إلى العدلين إعمالاً للأصل.

    وهناك أمثلة كما ذكرنا منها: الحِمى، فالنبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه أنه حمى ما يسمى اليوم بالعطن في المدينة وهو بجوار مسجد السبق، هذا الموضع حماه، وحمى وادي الفرع، وحمى كذلك صلوات الله وسلامه عليه بالربذة، فهل هذا الحِمى يبقى إلى قيام الساعة حمىً، أم أنه حماه لأنه كان محتاجاً إليه في ذلك الزمان؟

    فمن أهل العلم من يقول: تبقى مسبّلة إلى قيام الساعة حِمىً.

    ومنهم من يقول: إنها تتغير بتغير الأزمنة والعصور.

    فإذا كان في عصر النبي صلى الله عليه وسلم محتاجاً إليها فإنه يتغير الحكم بالنسبة لما جدّ وطرأ من العصور بعدها.

    هذا بالنسبة لمسألة قضاء الصحابة في صيد المحرم: هل يبقى إلى قيام الساعة، أم أنه قضاء اجتهادي يمكن أن يتغير بتغير الأزمنة والأمكنة والأشخاص؟

    والذي عليه جمهور العلماء: أنهم كانوا يعتدون بقضاء الصحابة، ويرون أن الصحابة رضوان الله عليهم حجة في هذا القضاء؛ والسبب في هذا واضح فإن الصحابي حينما نظر إلى بقر الوحش ونزله منزلة البقرة وقضى فيه بالبقرة، فلا شك أنه أعلم وأعرف بالنص الوارد وبدلالته، فكونه يأتي إلى هذا الشيء وينزله منزلة نظيره من بهيمة الأنعام فإن حكمه واضح في إصابة الحق وقربه من الصواب، ولذلك يقوى القول بأن ما قضت به الصحابة يرجح أن يترك إلى قيام الساعة حكماً باقياً.

    وعلى هذا: فإن المصنف رحمه الله قرر لك الأصل في جزاء الصيد أنك تحتكم إلى عدلين، وأنهما يحكمان بالمثل إن وجد المثل ثم ينتقل إلى قيمته وعدله من الطعام بتلك القيمة ثم ينتقل إلى عدله من الصيام كما تقدم معنا شرحه في المجلس الماضي، بعد أن بيّن لك هذه القاعدة شرع الآن في بيان ما ورد فيه الأثر عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في قضائهم به.

    قضاؤهم في النعامة وحمار الوحش وبقرته

    وقوله: [في النعامة بدنة].

    يقول رحمه الله: (في النعامة بدنة) أي: يجب على المحرم إذا قتل صيد النعامة بدنة؛ وذلك لأنه قضاء عمر وعثمان وعلي وزيد بن ثابت وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر قضوا: بأن النعامة إذا قتلها المحرم أنه يجب عليه أن ينظر إلى عدلها وهو البدنة، وعلى هذا يبقى القضاء إلى قيام الساعة كما ذكرنا.

    وقوله: [وحمار الوحش وبقرته].

    (وحمار الوحش) وهو المعروف الذي له خطوط، بخلاف الحمار الأهلي سواء كان أبيض أو أسود فإنه لا يعتبر حلالاً ولا يعتبر صيداً، فلو أنه دهس حماراً من الحمر الأهلية فلا يعتبر صيداً، وهذا إن كان ملكاً لأحد وجبت قيمته، وإذا لم يكن ملكاً لأحد فإن دمه هدر لا يجب ضمانه؛ لكن لو أنه صار حمار وحش -وهو الحمار الذي يكون فيه الخطوط في الغالب- فعدله بقرة، وهذا قضاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه، وبهذا القضاء قال مجاهد بن جبر تلميذ عبد الله بن عباس ، وقال به عروة بن الزبير من التابعين رحمهم الله، وقال به من الفقهاء الشافعية، وهو مذهب الحنابلة والشافعية: أن حمار الوحش إذا قتله المحرم يجب عليه ضمانه بالبقرة، فعدل حمار الوحش إذا نظرت من حيث الهيئة والجلد تعادله البقرة، فهو لا يرتقي إلى البدنة؛ لضعف حجمه عن ذلك، وكذلك أيضاً لا ينزل إلى الشاة، وإنما هو وسط بينهما، فكان عدله الوسط من بهيمة الأنعام، فتجب عليه بقرة مثلية لهذا الصيد إن قتله.

    وقوله: [وحمار الوحش وبقرته].

    بقرة الوحش كذلك أيضاً يكون جزاؤها البقرة، فيجب فيها بقرة، وهو قضاء عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه، وبهذا القضاء قال عطاء بن أبي رباح تلميذ ابن عباس رضي الله عنه وأرضاه ورحم الله عطاء ؛ وهو فقيه مكة المشهور الذي كان يقال: لا يفتي الناس في الحج إلا عطاء . وحسبك به علماً وفضلاً رحمه الله برحمته الواسعة، وقال بهذا القضاء عروة بن الزبير قال: إن بقر الوحش فيه بقرة فيكون عدلها أو مثلها البقرة. وكذلك عمل به فقهاء الشافعية، فمذهب الحنفية والشافعية على أن بقرة الوحش عدلها البقرة من بهيمة الأنعام.

    قضاؤهم في الأيّل والثيتل والوعل

    وقوله: [والأيّل].

    (والأيّل) وهو نوع من الوعل.

    وقوله: [والأيّل والثيتل والوعل بقرة].

    قيل: بالنسبة للوعل هو تيس الجبل، فيقال: يسمى بالأيّل، وقيل: إن الأيّل نوع من بقر الوحش، والوعل هو مما أحل الله من صيد البر، وله قرنان معكوفان، والوعول معروفة، فهذا الوعل عدله بقرة، وبهذا قضى الصحابة: عبد الله بن عباس وقضى به أيضاً عبد الله بن عمر ، ولذلك جعل في أنثى الوعول البقرة.

    وأما قوله: (الثيتل) فهو الوعل المسنّ، نوع خاص من الوعول، والسبب في ذكره للثيتل بعد ذكره للأيّل ومع ذكره للوعل أن الثيتل يكبر حجمه، وقد يكون مسناً من الحطمة، ولذلك قالوا: فيه بقرة، وكأنه يقول: الوعول ما كان منها شديداً قوياً فإن فيه البقرة، وما كان منها في آخر سنه وقد طعن في السن ففيه البقرة، وما كان من إناثه فإن فيه البقرة كما هو قضاء عبد الله بن عمر .

    قضاؤهم في الضبع

    وقوله: [والضبع كبش].

    من العلماء من يقول: الضبح نوع واحد، وهو أشبه ما يكون بالذئب، وإن كان يختلف في الوجه، فوجه الذئب أقرب إلى أن يكون مثلثاً من وجهه المستطيل، وهو يعدو على القبور وينبشها، وكذلك أيضاً يأكل الجيف والنتن، حتى ربما عدى على الحمار ونحوه، فهو من السباع العادية، وبعض العلماء يقول: هو نوعان:

    نوع منه عاد، ونوع منه أكثر ما يكون اغتذاؤه بالنباتات، وهو الموجود بالحجاز، ويقولون: هو الذي عناه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (الضبع صيد وفيه كبش)، وهذا الحديث رواه أبو داود وابن ماجة بسند صحيح.

    واختلف العلماء رحمة الله عليهم في قوله: (الضبع صيد):

    فقال بعض العلماء: لا يحل أكله، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم جعل له حكم الصيد، يعني: في الأصل ليس بصيد ولكن نُزّل منزلة الصيد.

    ومنهم من قال: يحل أكل لحمه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الضبع صيد)، وهذا أقوى من جهة لفظ الحديث لما قال: (الضبع صيد) وأوجب فيه جزاء الصيد فدلّ على أنه يجوز أكل لحمه.

    ومن ناحية القياس كما يقول العلماء: من جهة النظر لا يقوى حلّه، ولذلك هو من السباع العادية، وإذا خلى بالإنسان فتك به وأهلكه، والأشبه من ناحية الأصول عدم حلّ أكل لحمه، وكأن الذين يقولون بتحريم أكل لحمه يقولون: إنه من السباع العادية، ويكون قوله عليه الصلاة والسلام عندهم: (الضبع صيد) يخرجونه على أنه مع كونه من السباع العادية أخذ حكم الصيد باستثناء من السنة، لا أنه صيد يؤكل، أي: أنه صيد يجب ضمانه، وقالوا: كونه ينص على الضبع ويوجب الفدية فيه على هذا الوجه يدل على أنه ليس بمأكول في الأصل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينص على جزاء الصيد في غير الضبع، وإنما نص في جزاء الصيد في الضبع، وكأنه في هذه الحالة ينبه على أنه وإن كان الأصل عدم حل أكله لكن يجب الضمان فيه إن قتل.

    ولكن من المذهب الأول قلنا: إن له وجهاً من السنة.

    وعلى هذا لو قتله ففيه كبش، والكبش يكون من الضأن، فإن كان الضبع كبيراً ففيه كبش كبير، وإن كان وسطاً فوسط، وإن كان صغيراً فصغير، على حسب حالة الضبع، وهذا وجه التمثيل: فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ المائدة:95] ، فينظر الحكمان في الشيء المقتول من الضباع، أو من الضبع المقتول من ناحية جِرمِه وحجمه ويوجبون فيه مثلياً في الحجم، مع كونه كبشاً لكن ينظرون إلى مثليته في الحجم، فإن كان الضبع كبير الحجم أوجبوا فيه كبشاً كبير الحجم والعكس بالعكس.

    قضاؤهم في الغزال والضب والوبر واليربوع

    وقوله: [والغزال عنز].

    وفي الغزال عنز؛ قالوا: لأنه أجرد لا شعر له وهو أشبه بالماعز، ولذلك هو مقطوع الذنب بخلاف الضبع ولذلك قالوا: ينزل الغزال منزلة الماعز فيجب فيه ما ذكر، وقضى به بعض الصحابة رضوان الله عليهم.

    وقوله: [والوبر والضب جدي].

    والوبر وهو ضرب من بنات عرس، وكذلك أيضاً الضب فيه جدي، والجدي له ستة أشهر قالوا: يقضى فيه بالجدي، والضب معروف ولكنهم شبهوه ونزلوه منزله الجدي قضاء لبعض الصحابة رضوان الله عليهم وقالوا: إنه يأخذ حكمه فيجب فيه الجدي، وإلا فالأصل من ناحية الحجم والجلد لا يستطيع أن يصل إلى درجة الجدي إلا إذا كان كبيراً، ولذلك بعض العلماء يقولون: ينظر في الضب نفسه، فلا يكون الجدي فيه محدداً مؤقتاً، فإن كان ضباً كبيراً فإنه حينئذٍ يصل للجدي وإن كان دون ذلك فإنه لا يقوى أن يأخذ حكم الجدي.

    قضاؤهم في الأرنب اليربوع والحمامة

    وقوله: [واليربوع جفرة].

    (واليربوع) ويقال له: الجربوع، وهي الجرابيع المعروفة، فيبدلون الياء جيماً وهي لغة معروفة في العرب، يقولون للرجل: ريل بإبدال الجيم ياءً، ومنه قوله الشاعر:

    إذا لم يكن منكن ظل ولا جني فأبعدكن الله من شيراتي

    أي: أبعدكن الله من شجراتي، فالعرب تبدل الجيم ياء، ويقولون: (ريّال) يعني: (رجال) ونحو ذلك، ويبدلون الياء جيماً، ومنه قوله:

    إن كنت قد قبلت حجتج لا زال بابل يأتيك بج

    وأصلها: إن كنت قد قبلت حجتي لا زال بابل يأتيك بي

    تقول: بج يعني: بي، هذا من إبدال الجيم ياء وإبدال الياء جيماً.

    يقال: يربوع وجربوع، هذا معروف عند العامة أنهم يقولون: جربوع، لكن يقال له: اليربوع.

    وفي اليربوع جفرة ويكون لها أربعة أشهر وهي من صغار الماعز.

    وقوله: [والأرنب عناق].

    قيل: إنها تقارب الستة الأشهر، وقيل: يسمى بها صغار الماعز منذ أن يولد إلى أن يبلغ الستة الأشهر، وهذا هو مراد المصنف، أنه ما كان دون الأربعة الأشهر، أي: دون ثلث السنة، هذا بالنسبة للعناق، وهي التي ورد فيها حديث البراء بن عازب رضي الله عنهما في الصحيحين: أن النبي صلى الله عليه وسلم في قصته مع أبي بردة رضي الله عنه وأرضاه: (حينما ذبح شاة قبل صلاة النبي صلى الله عليه وسلم يوم عيد النحر فقال: ليس عندي إلا عناق، قال: تجزيك ولا تجزي غيرك) .

    وقوله: [والحمامة شاة].

    وفي الحمامة شاة، قضى به جمع من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وشبهوا الحمامة بالشاة، وهذا القضاء كما قلنا يعتبرونه قضاء باقياً إلى قيام الساعة، فإذا قتل حمامة فإنه يجب عليه أن يضمنها بالشاة لوجه الشبهية.

    1.   

    الأسئلة

    حكم الاستغناء بقضاء الصحابة دون البحث عن عدلين

    السؤال: بعد أن تقرر معنا العمل بأقضية الصحابة رضوان الله عليهم في جزاء الصيد، فهل من قتل نعامة -مثلاً- يخرج بدنة مباشرة، أم يأتي بعدلين ثم يخرجها؟

    الجواب: باسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

    أما بعد:

    في الحقيقة هذا سؤال جيد! وفق السائل فيه، وأما الجواب: فأقول: نعم، يحتاج إلى وجود العدلين من ناحية تقدير جرم النعامة، فإن النعامة قد يكون جرمها عظيماً، فيطالبون ببدنة عظيمة الجرم، وقد يكون جرمها وسطاً فيطالبون ببدنة من أوساط البدن، وقد تكون دون ذلك فيطالبون بأصغر؛ لأنه لابد من المماثلة، وهذا لا شك أنه سؤال دقيق جداً؛ لأن ظاهر كلام العلماء أن قضاء الصحابة معمول به ويقتضي ألا يبحث عن العدلين، والواقع أنه يبحث عن العدلين من ناحية نوعية المثلية: هل هي من الخيار، أم من الأدنى، أم من الوسط؟

    فأنت إذا قلت: عليك بدنة، هل تكون من خيار البدن، أو تكون من أوسطه، أو تكون من أدناه؟

    فهذا يفتقر إلى وجود العدلين، ولذلك لابد من وجود العدلين لتحديد البدنة المطلوبة، ويعتبر قضاء الصحابة سارياً من وجه، وحكم الآية نافذاً من الوجه الآخر. والله تعالى أعلم.

    حكم الفدية بالزيادة على الواجب

    السؤال: هل يجوز أن يفدي في الصيد بأعلى من مثله كأن يفدي عن الغزالة بدنة، أو عن الضب كبشاً؟

    الجواب: أما هذه المسألة فقد ختلف العلماء رحمة الله عليهم في الزيادة على القدر الواجب، وإذا قلنا بمشروعيتها: هل يوصف الكل بالوجوب، أو قدر الواجب؟

    وقد أشار إلى هذه القاعدة الإمام ابن رجب الحنبلي في كتابه النفيس: القواعد الفقهية، ذكر لهذه المسألة فروعاً، فإذا أدى فوق الواجب هل يوصف الكل بالوجوب، أو قدر الواجب؟

    لهذه المسألة أمثلة، قال: لو أخرج بدنة عن شاة، فهل كل البدنة يوصف بالوجوب، أو فقط سبع البدنة؟ وإذا أخرج عن زكاة الفطر مثلاً ثلاثة آصع، فهل الثلاثة كلها توصف بالوجوب، أو الصاع فقط؟ وهكذا، هنا فائدة الخلاف: أنك إذا قلت: الكل يوصف بالوجوب، فحينئذٍ إذا أخرج بدل الشاة بدنة فيصبح تقدير الصيام بقيمة البدنة كلها، أي: الآن إذا جاء يخرج البدنة عن شاة واجبة عليه، فقيمة البدنة فرضنا ألف ريال، لكن قيمة الشاة فرضنا ثلاثمائة ريال، فهو أخرج بدنة بألف ريال، فإذا قلت: يوصف الكل بالوجوب، حينئذٍ يكون العدل من الطعام بقيمة البدنة كاملة، ويكون عليه في الصيام إذا أراد أن يخرج العدل، قال: أنا أرضى أن تحكموا عليَّ ببدنة عدلاً، فحينئذٍ يكون تقدير الحكمين برضاه أن يخرج عدلها مما هو فوقها، فيكون التقدير بما هو معتبر للواجب كله، يعني: البدنة بكاملها، وصحح جمع من العلماء: أن الواجب فقط قدر الإجزاء.

    ولها أمثلة أيضاً، منها: لو قلنا: إن المفترض لا يأتم بالمتنفل، كما هو قول بعض العلماء، فلو جاء في الركوع وسبّح الإمام فوق ثلاث فإن الواجب الثلاث وما فوق الثلاث نافلة، فإن قلت: الكل يوصف بالوجوب، حينئذٍ اقتدى مفترض بمفترض، وإن قلت: يوصف قدر الإجزاء فيكون اقتدى مفترض بمتنفل، وحينئذٍ يقولون: يسري عليه ما يسري على اقتداء المفترض بالمتنفل.

    الشاهد: أن هذه المسألة للعلماء فيها وجهان مشهوران، لكن بعض العلماء يقول: إذا حدد الشرع قدراً واجباً يجوز إخراج الزيادة، لكن ليس من باب اعتقاد الفضل أو التعبد، وإنما يكون منه تنفلاً، أما لو اعتقد وقال: لا، أنا ما تبرأ ذمتي إلا بالبدنة بدل الشاة، فحينئذٍ لا يجوز له ذلك، ويعتبر من البدعة والحدث؛ لأنه اعتقد وجوب ما لم يوجبه الشرع، واعتقد لزوم ما لم يلزم به الشرع، وحينئذٍ يكون بدعة وحدثاً.

    أما لو أنه أخرج الزائد على الواجب لجاز له ذلك، فكما كما لو تنفل بمطلق النافلة. والله تعالى أعلم.

    الحكم في قتل الصيد خطأ

    السؤال: وردت أسئلة كثيرة عن الحكم فيما لو ارتطمت بعض الحيوانات أو الطيور بالسيارة، سواء كان السائق محرماً أو كان بمكة؟

    الجواب: هذه المسألة ترجع إلى قضية قتل الخطأ؛ لأنه لو كان في سفر وهو محرم بالعمرة أو محرم بالحج فارتطمت الطيور أو ارتطم الحمام أو نحوها بالسيارة فقتلت فعند ذلك يجب فيها جزاء الصيد، على القول بأن الخطأ والعمد سواء، وقد بيّنا هذا وذكرنا دليله في المجلس الماضي، وحينئذٍ يكون فيه ما يكون في جزاء الصيد العمد على أصح قولي العلماء، وهو مذهب الجمهور. والله تعالى أعلم.

    مفهوم القياس عند السلف الصالح

    السؤال: هل مفهوم القياس عند السلف رحمهم الله هو مفهوم الموافقة وعدم الفارق، أو هو بالعلة المستنبطة؟

    الجواب: القياس يعتبر بالعلة المستنبطة، أما مفهوم الموافقة والمخالفة فهذا له حكمه المستقل، ويسمى مفهوم الموافقة: دلالة اللفظ على ما وافقه، ويدعونها دلالة المطابقة، وهذه لها حكم خاص، أما القياس فلا يكون إلا بالعلة، وللعلة مسلك يفتقر إلى السبر والتقسيم، فتسبر الأوصاف التي يمكن أن تكون صالحة لتعليل الحكم، ثم بعد ذلك تبقي الصالح منها وتلغي غير الصالح.

    وقد تكلم العلماء في ذلك ومن أنفس مباحث علم الأصول وأدقها والذي يعين على فهم النصوص وفهم خلافات العلماء في الأدلة وردوده ومناقشاته مبحث التعليل، وهو من أدق المباحث وأصعبها وأعقدها، وقد ألف فيه بعض العلماء تأليفاً مستقلاً، حتى كتب فيه الغزالي كتابه المشهور: شفاء الغليل، بيّن فيه أوجه ومسالك التعليل من النصوص الواردة في التنزيل، كيف تستنبط العلة، وكيف تستخرجها، وما هي الأوصاف المعتبرة للتعليل، فهذا مبحث مهم جداً من مباحث القياس، ولا يمكن للإنسان أن يقيس حتى يعرف كيفية استنباط العلة، والعلة المعتبرة والعلة غير المعتبرة، هذا أمر لابد منه، فمسألة القياس شيء ومسألة المفاهيم شيء آخر. والمفهوم إما أن يكون مفهوم موافقة أو مفهوم مخالفة، على ما هو معروف في المفاهيم، وأما بالنسبة للقياس فإنه يفتقر للتعليل، فلابد من العلة، وتكون العلة منصوصاً عليها وتكون مستنبطة، فأقوى العلل ما كان منصوصاً عليها.

    قال عليه الصلاة والسلام: (أينقص الرطب إذا يبس؟ قالوا: نعم، قال: فلا إذاً) ، فلما قال: (أينقص الرطب إذا يبس؟) دل على أن سبب التحريم هو عدم وجود المماثلة التي هي معتبرة لبيع الرطب بالتمر، فما دام الرطب والتمر من أصل الأصناف الربوية فلابد فيه من التماثل والتقارب اللذان هما الشرطان المعتبران، فلما قال: (أينقص الرطب إذا يبس؟ قالوا: نعم، قال: فلا إذاً) ، أي: لا يجوز بيع الرطب بالتمر التي هي المزابنة، ورخص في العرايا صلوات الله وسلامه عليه، لكن الأصل عدم جوازها، فلما قال عليه الصلاة والسلام: (أينقص) ثم قال: (فلا) نبه وأشار إلى العلة.

    وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام : (إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يديه ثلاثاً قبل أن يدخلهما في الإناء؛ فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده) إن قوله: (فإن أحدكم) بمثابة التعليل، ولذلك من يرى أن العلة هي خوف النجاسة، قال: لو أنه حفظ يده ونام لم يجب عليه غسلها؛ لأن الحكم يدور مع العلة وجوداً وعدماً، وهذه علة مستنبطة من النص.

    كذلك أيضاً قوله عليه الصلاة والسلام: (اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه بثوبين، فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً) فلما قال: (فإنه يبعث ملبياً)، كأنه يقول: أمرتكم بهذا الأمر لعلة وهي كونه يبعث يوم القيامة ملبياً، ففهم منه: أن المحرم لا يمس بطيب، وأن المحرم يجوز له أن يغتسل.. إلى غير ذلك من الأحكام التي استنبطت بناء على هذا التعليل.

    والمقصود: أن طالب العلم إذا أراد أن يرى مسألة القياس أو طريقة القياس فلا بد له من أن يضبط العلة.

    وللعلة ضوابط، ثم أيضاً العلة هذه لها مناقشات، فليست كل علة مسلمة، وهناك للعلماء رحمة الله عليهم ضوابط وأقيسة وهي الأركان المعروفة، ثم إن لهذه الأركان شروطاً، فهناك شروط للأصل، وشروط للفرع، وشروط للعلة.

    فلابد أن يعلم طالب العلم هذه الشروط حتى يكون قياسه صحيحاً، وأي قياس يقع فإنه يرد عليه أربعة عشر استفساراً، يسميها العلماء: قوادح القياس، وهذه الأربعة عشر استفساراً كل استفسار يوجه على جزئية معينة في القياس، فإذا صحت وثبتت وسلّم بها المناظر بطل قياسه، وهذه يسمونها قوادح القياس، فليس كل إنسان يقيس تأتي وتعترض عليه وتقول: هذا قياس غير صحيح، لا. هناك قياس من مسلك معين؛ لأنه دليل شرعي ومنضبط بضوابط، فلا يظن البعض أننا لما نقول: قياس. أن هذا فقط مجرد رأي وهوى، لا. بل هو أمر منضبط ومحدود بضوابط معينة؛ لأن هؤلاء العلماء وضعوا هذه الضوابط وهي ثمرة جهود قرون عديدة وأئمة على أزمنة مديدة وهم يدرسون هذا الأمر ويتفقهون في الشرع ويفهمون متى يصح هذا النوع من الأدلة ومتى لا يصح. والله تعالى أعلم.

    نوع الإطعام في كفارة اليمين

    السؤال: هل الإطعام الوارد في كفارة اليمين هو محدد بأنواع معينة من الطعام، خصوصاً وأن الآية قد عممت ذلك في قوله تعالى: مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ [المائدة:89]؟

    الجواب: لقد نص العلماء رحمة الله عليهم على أن هذا الإطعام يصرف إلى ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأطعمة الواجبة، فلو أطعم تمراً أو شعيراً، وكان التمر أوسط ما يطعم به أهله، أو أطعم الشعير وكان الشعير أوسط ما يطعم به، أو أطعم البر وكان البر أوسط ما يطعم أهله أجزأه، وحينئذٍ ينظر إلى حال الإنسان الذي يكفِّر، وهذا على أصح قولي العلماء.

    وقال بعض العلماء: بل أوسط البيئة التي يعيش فيها، فيعتد فيها بالأوسط.

    والصحيح: أن العبرة بالمكفِّر، أنه ينظر إلى أوسط ما يكون من طعامه. والله تعالى أعلم.

    حكم التتابع في صيام من عدم الهدي

    السؤال: هل يجب التتابع في صيام الثلاثة أيام إذا صامها في الحج وكذلك السبعة إذا رجع إلى أهله؟

    الجواب: لا يجب التتابع في صيام الحج، ولكن الغالب لضيق الوقت أن يحصل التتابع، ويضطر الإنسان له، ولكن من حيث الوجوب فلا يجب، فلو فرقها فإنه يجزيه. والله تعالى أعلم.

    حكم شراء فدية مذبوحة

    السؤال: في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أنسك نسيكة) ، هل يجب على المفدي أن يتولى ذبحها بنفسه، أم لا حرج لو اشترى شاة مذبوحة؟

    الجواب: لابد لهذه الشاة من أن تذبح، ويكون ذبحها فدية لهذا الشيء الذي كان منه في حجه أو عمرته، لكن لو اشترى مذبوحة لم تجزئ؛ لأنه عند ذبحها لم تقصد لجبر هذا المحظور الذي أخلّ به، ولذلك يذبحها على نية أنها فدية عما أتاه والنية وهي المعتبرة في ذلك، وعليه فإنه لا يجزئ أن يشتري شاة مذبوحة، وإنما يجب عليه أن يذبح، وتكون النية في الذبح عن هذا الدم الواجب، سواء كان في تمتع أو قران أو جبران لنقص أو كان فدية أذى. والله تعالى أعلم.

    حكم القارن والمتمتع إذا لم يملكا الهدي

    السؤال: على القول: بأن العبرة في عدم الهدي في دم المتعة والقران بصبيحة يوم النحر، وذلك إذا لم يملك الثمن، فكيف يصوم الثلاثة الأيام في الحج على هذا القول؟

    الجواب: على هذا القول يقول العلماء: إنه إذا غلب على ظنه، مثلاً: كالشخص الذي عنده مال ويعلم أن ماله لا يكفيه لشراء الشاة وهو من بداية إهلاله للحج يعلم أن عنده مائة وخمسين ريالاً -مثلاً- وهذه لا تفي لشراء الشاة، فمثل هذا من بداية إهلاله للحج يعلم أن القيمة ليست عنده، فحينئذٍ يجوز له أن يصوم؛ لأن الغالب كالمحقق، وينزّل منزلة المحقق، وقالوا أيضاً: يجوز له أن يؤخر إذا أخر إحرامه ووقع إحرامه قبل يوم عرفة فأحرم يوم التروية ولم يتيسر له صيام يوم التروية ويوم عرفة صام أيام النحر؛ لما ذكرناه: من أنه يرخص فيها لمن لم يجد الهدي؛ لأن الصحابة رضوان الله عليهم صاموها. والله تعالى أعلم.

    حكم جمع المساكين وإطعامهم من الآصع مجتمعة

    السؤال: هل يجوز في الإطعام جمع المساكين وإطعامهم من الآصع وهي مجتمعة، أم لابد من نصف الصاع والتوزيع؟

    الجواب: لابد لكل مسكين أن تعطيه حقه، ولا تبرأ ذمتك حتى تعطيه حقه في يده، إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد نص: (أطعم فرقاً بين ستة مساكين)، وهذا يقتضي أنك تعطي المسكين حقه طعمة من الله عز وجل أطعمه إياها من فوق سبع سماوات، لا تتصرف في كيفيتها ولا طريقتها، وإنما تعطيه الطعام إن شاء أن يأكل اليوم أكل، وإن شاء أن يأكل الغد أكل، وإن شاء أن يعطيه لغيره فيؤثر به على نفسه فعل، أما أن تلزمه بأن يأكل عندك وتجعل طعامه عندك وتحاسبه على ما يطعم، وتكلفه مشقة الحضور إليك، والتعني بانتظار طعامك؛ فهذا ليس له أصل، وحينئذٍ عليك أن تعطيه الطعام بيدك؛ لأن الله ملك المسكين حقه فقال سبحانه: وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ [الذاريات:19] ، فنصه سبحانه على أن المال الواجب ملك للفقير: واللام هنا للتمليك، لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ [الذاريات:19] أي: ملك للسائل وملك للمحروم، فدل على أن الأموال التي هي زكاة أو أموال واجبة أنها ملك للفقراء والضعفاء.

    وقد توسع البعض باجتهاداته في هذه الأزمنة حتى بلغ ببعضهم أنه يشتري للفقير من الزكاة أكسية وأغذية ويذهب بها إلى المسكين، وهو قول ضعيف.

    والصحيح: أن المال يعطى للمسكين بيده؛ حتى يشعر بطعمة الله التي أعطاه إياها، إن شاء أن يبذله في طعامه بذل، وإن شاء أن يبذله في كسائه بذل، وإن شاء أن يعطيه لغيره من أقاربه فهذا أمره إليه، أما أن يتدخل الإنسان ويصرف المال، ويتصرف فيه، أو يصرف الطعام ويتصرف فيه، أو يجعله على صفة أو على هيئة فيلزمه بوقت أو زمان أو هيئة من طعام، فهذا خلاف الأصل الشرعي، ولذلك عليك أن تعطي للمسكين ما أوجب الله عليك. والله تعالى أعلم.

    حكم إلحاق الحمار الأهلي بالوحشي

    السؤال: إذا استوحش الحمار الأهلي فهل يأخذ حكم الحمار الوحشي؟

    الجواب: لا يحلّ أكل الحمار الأهلي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنها رجس) ، فهي رجس إلى يوم القيامة، استوحشت أو لم تستوحش وهذا السؤال يتركب على مسألة خلافية أخرى، تعرفون أن الإبل والبقر والغنم في الأصل تكون مستأنسة؛ لكن ربما شردت الشاة منك، وربما شرد البعير منك، وربما شردت البقرة، فحينئذٍ يقول العلماء: خرج المستأنس إلى المتوحش، فيجوز لك أن ترميه بالسلاح في أي موضع، فلو شردت الشاة فأخذت -مثلاً- السلاح ورميتها به في أي موضع -وأنت لا تستطيع إدراكها- فقتلتها، فيجوز لك أكلها، مع أن الأصل أنه لا يجوز؛ لأن الواجب أن تذكى ذكاة المستأنس؛ لكنها لما خرجت من صورة الاستئناس إلى الاستيحاش عوملت معاملة المستوحش؛ والدليل حديث رافع رضي الله عنه عندما كان مع النبي صلى الله عليه وسلم فند بعير -يعني: فر- فأهوى رجل بسهم فعقره، فقال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح: (إن لهذه الحيوانات -يعني: المستأنسة من الإبل والبقر والغنم والبهائم- أوابد كأوابد الوحش، فما ندّ منها فاصنعوا به هكذا) ، فدل على أنه يجوز عقره.

    ومن أمثلة ذلك: لو سقطت الشاة في البئر، فأنت لا تستطيع أن تمسكها، فحينئذٍ ترمي بالسلاح الذي يجرحها في أي موضع من جسدها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلْ) ، فترميها بالسلاح في أي موضع، فإذا رميتها في أي موضع وماتت قبل أن تصل الماء أو قبل أن تصل إلى قعر البئر إذا كان أرضاً فحينئذٍ يحل لك أكلها؛ لأنها ذكيت ذكاة الصيد.

    فقياساً على هذه المسألة ظن أن الحمار -أكرمكم الله- إذا استوحش يجوز أن يعامل معاملة الصيد، وأنه يجوز رميه في أي مكان ويؤكل، ولكن نقول: إن المستأنس حلال اللحم في الأصل، ولكن الحمار -أكرمكم الله- في الأصل محرم لحمه؛ ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (إنها رجس) يعني: في لحوم الحمر الأهلية، وعلى هذا لو استوحش ما يؤثر، فالاستيحاش صفة عارضة لا توجب زوال الأصل بالحرمة.

    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    الأكثر استماعا لهذا الشهر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756015972