إسلام ويب

تفسير سورة التكوير (2)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لما كذب أهل مكة الرسول، وأعرضوا عما جاء به من الذكر الحكيم، واتهموه تارة بأنه ساحر، وتارة بأنه مجنون، لما فعلوا ذلك أنزل الله آيات عظيمة، أقسم فيها ببعض خلقه على صدق نبوة هذا النبي، وأن ما جاء به إنما هو منزل من عند رب العالمين، نزل به الروح الأمين جبريل، الذي هو موكل من ربه سبحانه بتبليغ الرسالات إلى الأنبياء والرسل.

    1.   

    مراجعة لما سبق تفسيره من آيات سورة التكوير

    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    أيها الأبناء والإخوة المستمعون ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إن السورة ما زالت كعهدنا بها يوم أمس، سورة التكوير، وإن الآيات المباركات التي نستعين الله تعالى على تفسيرها وفهم معانيها، سائلين الله عز وجل أن يرزقنا الاهتداء بهديها والعمل بها؛ إنه قريب مجيب سميع الدعاء.

    قراءة تلك الآيات بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِ الْكُنَّسِ * وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ * وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ * إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ * وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ * وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ * وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ * فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ * إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ * لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [التكوير:15-29].

    معاشر المستمعين والمستمعات! أعيد إلى أذهانكم قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده ).

    فهذا الخير الموعود به على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم الحمد لله أن جعلنا الله من أهله!

    ألسنا في بيت من بيوت الله؟ ألسنا تلونا آيات الله؟ ألسنا نتدارسها؟ بلى. انظر إلى السكينة هل هناك ضوضاء.. صخب.. صياح.. قيام.. قعود؟ لا. سكينة كاملة، الرحمة غشيتنا وغطتنا.

    هل يحدث الآن ذنب.. ظلم.. أذى؟ لا. الرحمة قائمة، الملائكة تحفنا بالحلقة من أولها إلى آخرها، كل هذا عظيم وأعظم منه أن يذكرنا الله بأسمائنا في الملكوت الأعلى. ماذا نبغي بعد هذا؟

    معاشر المستمعين والمستمعات! بالأمس ذكر تعالى اثني عشر حدثاً جللاً، أحداث عظام، ستة منها في هذه الحياة، والستة الأخرى في الحياة الثانية نعيد تلاوتها تذكيراً لمن نسي، قال تعالى بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ [التكوير:1] هذا الحدث الأول وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ * وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ * وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ * وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ [التكوير:2-6]، هذه والله لتتم واحدة بعد أخرى في هذه الدنيا قبل نهايتها.

    والستة الأخرى بعد نهاية هذه وبداية الأخرى هي قوله تعالى: وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ * وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ * وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ * وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ * وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ * وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ [التكوير:7-13] هذه هي الستة الأحداث الجسام العظام التي تتم بعد نهاية هذه الحياة.

    ثم هذا الخبر العظيم الذي ذكر له اثني عشر شرطاً، قوله تعالى: عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ [التكوير:14] إذا حصل كذا.. إذا حصل كذا، اثنا عشر حدثاً، إذا تمت هذه الأحداث كلها تعلم كل نفس ما أحضرت، ومن ثم تتلقى الجزاء الأوفى، الخير بمثله، والشر بمثله.

    ولما قرأ عمر هذه السورة وانتهى إلى قوله: عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ [التكوير:14] قال: هذه القصة كلها من أجل كلمة عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ [التكوير:14].

    أحداث كونية جسام، والمقصود هذا عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ [التكوير:14] ما أحضرته لتتفضل بالجزاء الأوفى وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [فصلت:46].

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (فلا أقسم بالخنس)

    والآن مع هذا القسم العظيم قال تعالى: فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِ الْكُنَّسِ * وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ * وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ [التكوير:15-18]. أقسم الله بأربعة أشياء. ومعنى أقسم: أي: حلف، ولا فرق بين الحلف والإقسام، حلف يحلف، وأقسم يقسم، قال: والله لا يقع كذا.. أو والله سيقع كذا.

    من الذي أقسم؟ من الذي حلف؟ الله.

    وهل الله تعالى يحلف؟ نعم يحلف.

    لماذا يحلف؟ من أجلكم، هو أرحم بكم من أنفسكم، لما يلقي الخبر تضطرب نفوسكم، هل صحيح؟ هل يقع؟ هل لا يقع؟ فتحتاجون إلى يمين تؤكد صحة الخبر؛ لأن الله طبعنا على هذا.

    أيما إنسان صقلبي أبيض أسود أخضر إذا ألقي إليه خبر يرتاب ولا يدري، فيحتاج إلى توكيد هذا الخبر، وما هناك مؤكد حقيقي يعم كل السامعين أكثر من الحلف.

    يقسم الجبار جل جلاله وعظم سلطانه من أجلنا، لتطمئن نفوسنا إلى صدق الخبر، وإلى صحته؛ لأنه طبعنا بحسب بشريتنا أننا إذا سمعنا خبراً من الأخبار نتوقف ونضطرب، فالمخبر عليه أن يؤكد، وليس هناك أحسن من الحلف، وهذه طبائعنا، تقول لأخيك: أبوك في البيت. يقول لك: لا. فتقول له: والله لفي البيت. حتى تقنعه.

    إذاً: عرفتم أن الله يحلف؟ عرفتم لماذا يحلف؟ قولوا: نعم. من أجلنا حتى نصدق الخبر وتطمئن نفوسنا وتسكن إليه.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (الجوار الكنس)

    ثالثاً: بم حلف الله هنا؟ بأربعة أشياء: الخنس، الْجَوَارِ الْكُنَّسِ * وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ * وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ [التكوير:16-18]، أربعة أشياء.

    أهل العلم موجودون فلا بأس أن نقول: قوله فَلا [التكوير:15] هذه اللام نافية، وهي رد لما ادعاه الملاحدة والبلاشفة والمنكرون للبعث والجزاء.

    قوله: فَلا [التكوير:15] أي: ليس الأمر كما تدعون وتزعمون وتقولون، بل لا بد من البعث الآخر والجزاء على الكسب وعلى العمل في هذه الدنيا، ويجوز أن تكون لا [التكوير:15] مزيدة لتقوية الكلام، والعرب في لغتهم يقولون: زيادة المبنى تزيد في المعنى، زيادة حرف في كلمة تقوي الكلام وتعطيه قوة زائدة، فأقسم أحلف، أولاً: بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِ الْكُنَّسِ [التكوير:15-16]، هذا اللفظ يدل على شيئين والدلالة فيه صالحة:

    الشيء الأول: بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِ الْكُنَّسِ [التكوير:15-16] النجوم.. عطارد.. الزهرى.. زحل.. المريخ.. المشتري، هذه تخنس في النهار فلا تشاهدونها، وفي الليل في مكانها ومنازلها.

    والشيء الثاني: أن هذا يطلق على الأسود.. على الظباء والغزلان وحمر الوحش. هذه أيضاً تخنس في النهار وتستتر، وفي الليل تظهر في أماكنها، والقضية ليست قضية أنه لابد وأن نعرف هل هي الكواكب أو هي الظباء ليس هناك حاجة، المهم أن نعرف أن الله حلف بهذه.

    لم يحلف بها؟ لأنها مظاهر قدرته وربوبيته، فهذه الكواكب من علقها في السماء؟ من أجراها في أفلاكها؟ من أظهرها بالليل وأخفاها بالنهار؟ تدبير العليم الحكيم، فخالقها وهو خالق كل شيء أعظم وأقدر من كائن كان، انظر إلى عظمته في خلق هذه الكواكب، حمر الوحش والظباء أيضاً في البراري والصحاري والجبال هذه المخلوقات من خلقها؟ أمي؟ سيدي فلان؟ الله الخالق المدبر، يحلف لنا بمخلوقاته لنشاهد آثار عظمته.. آثار علمه.. آثار قدرته؛ ليستقر في نفوسنا أنه لا معبود إلا هو، اضرب بالحائط كل معبود سواه لا يستحق العبادة كائن أبداً إلا هو. لم؟ هذه مظاهر علمه وقدرته وربوبيته.

    إذاً: الحمد لله عرفتم من أقسم.. ولمن أقسم.. وبمن أقسم.. ولماذا أقسم. أربع معارف تجدها في كتب اليهود والنصارى؟ تجدها في كليات الفلسفة الكاذبة.. في كليات علم النفس والاجتماع؟ هراء يعيشون عليه، هذه المعارف الإلهية. من هذه الكلمات.

    أولاً: عرفنا من أقسم وآمنا به رباً وإلهاً، عرفنا بما أقسم هذه المخلوقات، لم أقسم بها؟ لتلفت أنظارنا إلى جلاله وكماله، إلى رحمته وإحسانه وإفضاله؛ ليزداد حبنا له وشوقنا إليه وإلى اللقاء معه، أن نحصل على هذه المعارف في كتاب آخر في فلسفة كاذبة؟

    ستقولون: يا شيخ! نحن لم نكن نعرف هذا في القرآن؛ لأننا كنا نقرؤه على الموتى. فأقول لكم: لم تقرءون القرآن على الموتى؟ وجدنا الناس يفعلون، القرآن نزل ليقرأ على الموتى؟

    والآن أذكركم والقلب يحترق بفعلة الثالوث الأسود: المجوس واليهود والنصارى. ماذا فعلوا بهذه الأمة، صرفوها عن مصدر هدايتها، أبعدوها عن مصدر قوتها الروحية وحياتها وتركوها كالبهائم، ومن ثم ساسونا.. سادونا.. تحكموا بنا.. استعمرونا.. جهلونا، ولما تحركنا قالوا: لن تجتمع كلمتكم، ولن يعود لكم مجداً ولا سؤدداً من جديد.

    اسمعوا! عيشوا كالبهائم هكذا، نحن نعطيكم الخبز، هذا لسان الحال، ولن نستطيع إلا هذا؛ لأننا ضلال بعدنا عن القرآن، أموات؛ لأن القرآن هو الروح، واقرءوا انقلوا هذا الخبر، يقول تعالى من سورة الشورى: وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا [الشورى:52] وكذلك أوحينا إليك يا رسولنا روحاً من أمرنا.

    ما هذا الروح؟ قولوا! إنه القرآن. إذاً تحيا القلوب به؟ نعم. تحيا بغيره؟ والله ما تحيا. لم؟ لأن الأجسام الميتة تحيا بالأرواح، فإذا فارقت الروح الحيوان يحيا؟ ولو قطة أو فأرة، القرآن سماه الله روحاً؛ لأن الحياة به، وقد رأت الدنيا هذه الأمة وسكان هذه الديار بعد موتها حيت سادت العالم وهدت البشرية.

    وهذا أمر مفروغ منه، لا يحتاج إلى دليل أبداً، لا حياة بدون روح، والقرآن روح، لا حياة لفرد، ولا لجماعة، ولا لأمة بدون القرآن، عرف هذا المجوس واليهود والنصارى، وما عرفناه نحن: وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا [الشورى:52].

    القرآن نور أو ظلم؟ نور.

    هل تتم هداية بدون نور؟

    يا من يمشي في الظلام هل تهتدي إلى أغراضك وحاجاتك بدون نور؟ الجواب: لا.

    عرف العدو أن القرآن نور فأبعدوه عنهم، أبعدوه عن هذه الأمة، فقالوا: اسمعوا! تفسير القرآن العظيم صوابه خطأ وخطأه كفر. فلم يبق بين المسلمين من يقول: قال الله. وإذا قال أحدهم: قال الله. قالوا: اسكت. لا تعرف قال الله، لا يجوز تفسر القرآن، فأبعدونا نهائياً فهبطنا.

    إذا سئلتم عن الدليل عن هذه الحقائق فالدليل عندنا: هل استعمرتنا أوروبا من إندونيسيا إلى المغرب؟

    ألم يحصل هذا؟!

    أما حكموا فحولنا؟ أما سادوا رجالنا؟ أما فعلوا.. أما فعلوا؟

    لو كنا أحياء مهتدين والله ما حكمونا ولا سادونا.

    أولاً: قتلونا، أبعدوا الروح للمقبرة، اقرءوا القرآن على الموتى.

    ثانياً: لا تقل: قال الله، اسكت، حتى الرسول صلى الله عليه وسلم كتب الفقه كافية، ليس هناك من يقرأ الموطأ ولا البخاري ولا السنن ولا.. ولا، قالوا: المصنفات موجودة.. الحديث فيه الضعيف والصحيح.. الحديث فيه الخاص والعام، لا.. لا، تمسك بمذهبك، حنفي لا يتزعزع كأن الله بعث أبا حنيفة، ومالكي كأن الله أرسل مالكاً، حنبلي حنبلي، شافعي شافعي، زيدي، أباضي.. لا إله إلا الله، عجب هذا!

    عرفتم كيف وصلنا؟ من فعل بنا هذا؟ العدو.. الثالوث!

    ستقولون: يا شيخ! إلى الآن ما عرفنا من هم الأعداء بعد؟ كيف نتزيا بزيهم.. ونغنى بأغانيهم.. ونرقص بمراقصهم.. ونتفلسف بفلسفاتهم.. ونحكم قوانينهم.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (والليل إذا عسعس)

    ثم قال تعالى: وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ [التكوير:17].

    عسعس: يعسعس عسعساً أو عسعس إذا أقبل أو أدبر، وهو من ألفاظ الأضداد، فلك أن تقول: والليل إذا أقبل، الآن سيقبل، وتقول: والليل إذا أدبر، إذ إتيان الليل آية من آيات الله لا يقوى على إظهارها إلا الله.

    إدباره وذهابه من يقوى على إذهاب الليل؟ لو تجتمع البشرية كلها هل تستطيع أن تزحزح الظلام؟!

    هذا هو الله الذي خلق الليل والنهار.

    انظر كيف يعلمنا! كيف يربينا بما نشاهد ونشاهد ونرى!

    وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ [التكوير:17]، هل هناك من يقول: أي شيء هذا يحلف به: وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ [التكوير:17]، من عسعس الليل أمك وإلا أبوك؟ من أتى به ومن يذهب به؟ الله.

    فاحمد الله يا عبد الله، قل: الحمد لله، والله أكبر. لولا الليل والنهار ما كانت حياة ولا حيينا ولا كنا، ونحن لا نملك أن نأتي بليل ولا بنهار، وحياتنا متوقفة عليهما!

    انظر الإشراق وهذا الضوء وهذا النور بعد ساعتين يغشي الظلام!

    لو يبقى ألف سنة من يزحزحه؟ سيدي عبد القادر؟! لما يأذن الله في آخر الوقت يطلع النهار، وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ [فصلت:37].. وَمِنْ آيَاتِهِ [فصلت:37]: علامات وجوده وربوبيته وألوهيته، وعظمته، وجلاله وكماله يا عقلاء!

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (والصبح إذا تنفس)

    قال تعالى: وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ [التكوير:18] أيضاً، الصبح يتنفس، كان ظلاماً وإذا الضوء ينتشر من الشرق والغرب، فلا إله إلا الله.

    ومع هذا لا يعرفون الله.. لا يسألون أبداً، كل واشرب وانكح يا بغل!

    هكذا يريد الشيطان، لا ذكر.. ولا تفكر ولا.. أبداً.

    إذاً وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ * وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ [التكوير:17-18] بكم أقسم؟ بـ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ * وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ * وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ [التكوير:16-18] بثلاث آيات كونية، هو مكونها.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (إنه لقول رسول كريم...)

    والآن تصدقونه إذا أخبركم! أليس كذلك؟ بلى. هو يحلف الآن على خبر عظيم، ما هو هذا الخبر؟ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ [التكوير:19] وصفه كذا وكذا وكذا، الأحداث الكونية الماضية الاثنا عشر حدثاً، هذه أخبار.

    وقد يقول القائل: يمكن هذه ليست صحيحة فكيف بلغت الرسول؟ من أين جاءته؟ كيف عرف هذا؟ فاحتاج الأمر إلى أيمان مغلظة من أجل أن هذا الذي سمعتموه قول رسول كريم ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ [التكوير:20-21]، ألا وهو جبريل هو الذي نزل به على قلب سيد المرسلين؛ فاتضحت الحال.

    إنه هذا الذي سمعتم، هذا القول العظيم قول رسول كريم، هذا الرسول هنا هو جبريل عليه السلام.

    ماذا تعرفون عن جبريل؟ جبريل عليه السلام كان يتردد على تلك الحجرات، وكان يغشى تلك الروضة ويدخلها، ويأتي متنكراً في صورة دحية بن خليفة الكلبي كأجمل وأحسن رجل!

    هذا الذي قاد موسى وبني إسرائيل إلى شاطئ السلام!

    هذا جبريل الذي نزل بغار حراء وضم رسول الله إلى صدره!

    هذا هو جبريل الذي قلب المؤتفكات رأساً على عقب مدن سدوم وعمورة وغيرها فحولها إلى بحر منتن إلى الآن!

    هذا الذي تجلى لأول مرة في الأفق لرسول الله فسد الأفق كله!

    هذا ذو ستمائة جناح!

    هذا السفير الكريم بين الله ورسله عليهم السلام!

    ألا تحبونه؟ أحبوه؛ لأنه جاءكم بهذا القرآن.

    إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ [التكوير:19] والكرم معروف، كَرِيمٍ [التكوير:19] الكريم لا يخون.. لا يغش.. لا يبخس.. لا يكذب.. لا يسرق.. لا يدجل.

    إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ [التكوير:19] لو كان قول شيطان رجيم خمسة وتسعين كذبة يضع معها كلمة سليمة صحيحة، انزع هذا من ذهنك، هذا الملك كريم، لا يصدر عنه أذى أبداً.

    إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ [التكوير:19-20] صاحب قوة، تعرفون القوة؟ هتلر قوة، وقد علمتم رفع المؤتفكات مدن قلبها بجناحيه.

    إذاً: ذِي قُوَّةٍ [التكوير:20] إياك أن تفهم يمكن يضعف أمام شيطان من الشياطين، ويسرق منه كلمة أو يزيد أخرى، يصبح الوحي ليس مأمون لا ندري لعل فيه خلط أو زيادة ونقص، لا هذا ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ [التكوير:20] جل جلاله وعظم سلطانه ماذا؟ مَكِينٍ [التكوير:20] مكانته.. درجته.. مستواه عند الله أعظم مستوى وأرقاه وأعلاه، هذا الذي جاءنا بالقرآن الكريم من الملكوت الأعلى، نعرف صفاته، عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ [التكوير:20] من ذو العرش؟ من صاحب العرش؟ الله، وهل لله عرش؟ ماذا تعرفون هل لله عرش؟ الذي يشك يجدد إسلامه ما أسلم بعد، لله عرش عظيم الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5].. ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ [الفرقان:59].

    كيف نقدر مساحة العرش في العرض والطول في مساحة الجسم؟ اسمعوا تعرفون آية الكرسي؟ في البقرة، أعظم آية في كتاب الله آية الكرسي إذا قرأتها في بيتك لن يبيت الشياطين فيها، آية الكرسي جاء فيها قول الله تعالى: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ [البقرة:255].

    قال الحبر ابن عباس: لو أخذن السبع الأرضين ونلصق واحدة بالأخرى، والسماوات ونلصق سماء بسماء نجعلها رقع العرش أعظم، الكرسي أعظم، ليس العرش، ونسبة العرش إلى الكرسي كحلقة ملقاة في فلاة، نسبة الكرسي إلى العرش كالحلقة التي توضع.. حديدة ألقيها في الصحراء، لا تظهر؟ أين قيمتها؟ هذه نسبة الكرسي إلى العرش، واسمع الثالوث فعل فينا العجب أيضاً، هو الذي أفسد قلوبنا.. أفسد عقائدنا، حرمنا من هداية الله، لو كان واحد من الحاضرين يقول: اسمع يا شيخ لا كرسي ولا عرش، هذه مجازات كناية عن القوة والعظمة، حتى لا يبقي في قلوب الناس مهابة لله ولا تعظيماً.

    أولاً: أماتونا بإفساد العقيدة، الرسول صلى الله عليه وسلم يتكلم عن ربه.. ويذكر عرشه.. ويذكر يده.. ويذكر كذا؛ ليزداد حب الله والخوف منه والإيمان به، ويجيء الجهمية عملاء اليهود والماسونية يقولون: هذه كلها مجازات، لا تعتقد شيئاً؛ شبهت الله بالمخلوق، والرسول لم ما يعلم هذا؟ حتى تركوا المسلم لا يعرف الله أبداً، لو ترفع يديك حددت له مكان أنت كفرت، ومسخونا لهذه، فالضعف الذي حصل بدأ من أين؟ بدأ من إفساد القلوب والعقيدة، لا إله إلا الله.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (مطاع ثم أمين)

    قال تعالى: مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ [التكوير:21].

    مُطَاعٍ [التكوير:21] الملائكة تطيع جبريل سيدهم.

    ثَمَّ أَمِينٍ [التكوير:21] أي: في الملكوت الأعلى عند ذي الجلال والإكرام.

    ثَمَّ [التكوير:21] هذا اسم مكان بمعنى هناك.

    أَمِينٍ [التكوير:21] لم يعرف بخيانة.

    إذاً: فاطمئنوا إلى أن كل ما نزل به هو حق وصدق من رب العالمين.

    هكذا يعلمنا الله: أن هذا الوحي سليم تمام السلامة ليس فيه زيادة ولا نقص ولا تبديل ولا تغيير بحال؛ لأن المسئول عنه المبلغ له هو صاحب هذه الكمالات: القوة التي لا تقدر.. الأمانة.. الرفعة عند الله.. المكان العالي.

    اسمع الآية! فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِ الْكُنَّسِ * وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ * وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ * إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ [التكوير:15-21] انتهى الخبر.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (وما صاحبكم بمجنون)

    والآن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن الكفار مكذبون بالبعث ومكذبون بالوحي، ومكذبون بالرسول صلى الله عليه وسلم، فقال تعالى: وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ [التكوير:22] وهذا تابع لجواب القسم، وَمَا صَاحِبُكُمْ [التكوير:22] من صاحبنا؟ محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، والآية نزلت في قريش، في مكة، نزلت قبل سورة الإسراء وقبل سورة النجم.

    كيف عرفنا أنها نزلت قبل سورة النجم؟ لأن سورة النجم ذكر فيها أشياء ما ذكرت في هذه السورة، فهذه نزلت قبل سورة النجم.

    والشاهد عندنا في قوله: وَمَا صَاحِبُكُمْ [التكوير:22] أيها العرب.. أيها الناس! الذي صاحبتموه أربعين سنة في دياركم والآن لما نبأناه.. لما أرسلناه تنكرتم له، وقلتم: مجنون.. وقلتم كذا.

    لم هذا الكلام ما سمعناه قبل أربعين سنة؟ كان محمد الأمين لا يعرف إلا بالأمين، ولم يقل رجل في قريش ولا امرأة في النبي صلى الله عليه وسلم كلمة سوء قط حتى أرسل فتنكروا له.

    ويشهد لهذه الحقيقة لما اختلفوا في شأن رفع الحجر الأسود ووضعه في مكانه بعدما جددوا البيت بالسيول التي اجتاحته أرادوا أن يضع الحجر الأسود في مكانه، فأرادت كل قبيلة أن تفخر بهذا وتعتز به، واختلفوا فقالوا: ننتظر، أول من يدخل علينا صباح الغد نحكمه، فجلست رجال القبائل تنتظر، وإذا برسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم هو الذي دخل، فقالوا: رضينا به، هذا الأمين، تعال احكم بيننا، قال: ائتوني بشمال وإلا رداء، فجيء برداء فوضعوا الحجر فيه ثم قال: كل قبيلة تأخذ من طرف، حتى تسهموا كلكم وتشاركوا، ورفعوا في ذلك الرداء، ثم تناوله هو ووضعه في يديه، فحقن بذلك الدماء، وانتهت حرب كانت ستحرق الأخضر واليابس، قالوا: رضينا بهذا هذا الأمين حكماً، فلما أوحي إليه قالوا: مجنون، حتى لا يؤخذ منه شيء، ولا يقبل منه كلام، وحفاظاً على المجتمع حتى لا يتفرق بزعمهم.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (ولقد رآه بالأفق المبين)

    قال تعالى: وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ [التكوير:23].

    وَلَقَدْ رَآهُ [التكوير:23] أي: رأى جبريل.

    بِالأُفُقِ [التكوير:23] الأفق معروف العالي السماء

    الْمُبِينِ [التكوير:23] الواضح، هذه أول مرة شاهد فيها الرسول صلى الله عليه وسلم جبريل في صورته التي خلقه الله عليها، وذلك في الأبطح أو في أجياد، كان أمس معه في الغار في صورة إنسان، ثم تجلى له في الأفق فسد الأفق كله بستمائة جناح، وناداه: ( يا محمد! أنا جبريل وأنت رسول الله ).

    وَلَقَدْ رَآهُ [التكوير:23] أي: رأى النبي جبريل.

    بِالأُفُقِ الْمُبِينِ [التكوير:23] هذه المرة الأولى، والمرة الثانية أيضاً جاءت في سورة والنجم: وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى [النجم:13] مرة أخرى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى [النجم:14-15] ليلة الإسراء والمعراج جبريل كان معه.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (وما هو على الغيب بضنين)

    قال تعالى: وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ [التكوير:24].

    وقراءة سبعية: بالظاء أخت الطاء (بظنين)، والأشهر بالضاد أخت الصاد، ولكلٍ معنى، فإذا قرأنا (بظنين). أي: بمتهم، الظن الاتهام، وما هو على الغيب بمتهم أبداً.

    وإن قرأنا (بضنين) بالضاد أي: ببخيل، والله ما يبخل على البشرية بكلمة، كل ما يوحي الله إليه بلغ يبلغ، انزعوا من أذهانكم أن تتهموه بالنقص أو بالخطأ أو بالجحود أو بكذا، أو تتهموه بالبخل، يرى الكلمة فيها هدايتكم وإشراق قلوبكم فيجحدها بخلاً بها، والله ما كان، أقسم الله على هذا.

    إذاًً: فاطمئنوا إلى أن كل ما أوحاه الله إلى رسوله هو بين أيديكم، لا زيادة فيه ولا نقص أبداً، جبريل أمين ورسول الله أمين، الأمينان على وحي الله وأسراره، كيف تتهموهما؟!

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (وما هو بقول شيطان رجيم ...)

    قال تعالى: وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ [التكوير:25].

    هل الشيطان يتكلم بالهدى؟ هل الشيطان يدعو إلى الكمالات البشرية؟

    لا. الشيطان يدعو إلى العهر.. يدعو إلى الربا والزنا.. إلى الفتن والحروب.. هذه عادته؟ كيف الشيطان يأمر بالسلام والطهر والصفاء؟

    قال تعالى: فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ [التكوير:26] يا رجالات قريش، هذا تأديب إلهي، أين تذهبون بعقولكم؟ هذا النور الإلهي، هذا الكتاب الذي يحمل كل الخير يتهم صاحبه بالجنون؟

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (إن هو إلا ذكر للعالمين ...)

    قال تعالى: إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ [التكوير:27] أنزلناه وحياً على رسول اجتبيناه واصطفيناه وجعلناه نوراً.

    قال تعالى: لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ [التكوير:28] يا معوجين! استقيموا، ما نلزمكم بالعصا والهراوة، لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ [التكوير:28] هذا هو الطريق.. هذا هو المنهج.

    لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ [التكوير:28] الاستقامة معروفة، المستقيم ينهض بالواجبات؛ لأنها مقومات كماله وسعادته، ويتخلى عن المنهيات لأنها مدمرات تدمر الحياة وعقله، استقام عليها ومشى ينتهي إلى دار السلام، إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأحقاف:13-14].

    المستقيم عندنا بلغة المعاصرين: الملتزم. ونحن قلنا لهم: اتركوا كلمة ملتزم، هذه جاءت من الغرب، ملتزم حتى بالمذهب الشيعي أو الشيوعي، ما عندنا ملتزم، عندنا مستقيم. مستقيم أو ملتزم؟ مستقيم؛ لأن الالتزام بمبادئ الحزب، قد يكون فيها الباطل والشر والفساد.

    لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ [التكوير:28] في مشيته إلى ربه، لا خيانة.. لا دعارة.. لا حسد.. لا بغضاء.. لا كبر، لا.. لا، ونهوض بالواجبات والتكاليف هذا المستقيم، هذا عندنا له بشرى، اللهم عجل بها، إذا كان على سرير الموت يبتسم وتصفر وجهه وتشرق، والمواكب من الملائكة تهنئه: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ [فصلت:30]، وما زالت روحه فيه، وإن حشرجت وغرغرت.

    المستقيم أو الملتزم؟ المستقيم؛ لأن الملتزم الشيوعي يقول ملتزمين بالمبدأ بالمذهب الشيوعي.

    إذاً: هنا تبجح أبو جهل وقال: الأمر إلينا إذاً، إن شئنا استقمنا، وإن شئنا لا.

    من هذا الرجل؟ هذا زعيم الكفار، هذا أبو جهل، هذا عمرو بن هشام المخزومي، كان يقول: أنا سيد هذا الوادي، لما سمع هذه الآية قال: إذاً الأمر إلينا، إن شئنا استقمنا، وإن شئنا لا. فأبطل الله دعواه، واجتثها من أصولها.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين)

    وقرر الحق واليقين فقال: وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [التكوير:29] وخذوا هذه من عقائدكم!

    اعلم أنك لا تشاء الزيارة إلى المدينة حتى يكون الله قد شاءها قبلك، فلا تفهم أنك شئت أنت أولاً، وعندما تشاء أن تتزوج فلانة فلا تفهم أنك شئت قبل أن يشاء الله، الله شاءها أولاً فشئت أنت ثانياً، فليس هناك من يستقل بمشيئة دون الله، إذ لو كان لكلٍ المشيئة لخرب العالم وانتهى الكون، فكل مشيئة من مشيئات الخلق خاضعة لمشيئة الله، أولاً فإذا شاء الله الشيء كان.

    والآية واضحة: وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ [التكوير:29] أولاً.

    الله! من هو الله؟ رَبُّ الْعَالَمِينَ [التكوير:29] خالق العالمين.. رازق العالمين.. مكون العالمين، هذا هو الله، ( ولله تسعة وتسعون اسماً أعظمها: الله ) هذا الله. وإذا قلت: بسم الله.. فلفظ الجلالة الله، أحياناً يفخم وأحياناً يرقق بحسب اللغة، إذا تقدمه حرف جر تقول: بسم الله. إذا كان قبله فتح وإلا رفع قال: الله، وصلى الله، آمنت بالله والاسم هو الله، هذا الاسم العلم على الله عز وجل، وله تسعة وتسعون اسماً مائة إلا اسماً واحداً، وهذه الأسماء قال الله: ادعوني بها.

    يا رحمن! يا لطيف! يا غفور! يا ذا الجلال والإكرام! يا بديع السموات! يا حي! يا قيوم! يا ألله! يا مالك الملك! تسعة وتسعين اسم، ناده اطلب.

    وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    الأكثر استماعا لهذا الشهر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756011728