إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (479)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    حكم الاستغاثة بأهل القبور

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.

    هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز.

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: حياكم الله.

    ====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من الجمهورية اليمنية حضرموت، وباعثها المستمع عبد الحافظ عبد الرحمن باعباد ، أخونا باعباد له سؤال يقول فيه: يوجد عندنا قبور يقال: إنها قبور بعض الصالحين، ويقوم بعض الناس بزيارتها لكي تبعد عنهم الشر وتجلب لهم الخير وتشفي مرضهم بزعمهم، وهذا يقولون: إن هذا الصالح له شأن في هذا الشيء وعند نهاية زيارتهم يضعون بعض النقود على هذا القبر ما حكم عملهم هذا؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فإن الله عز وجل شرع لعباده زيارة القبور للذكرى والاستغفار للميتين والدعاء لهم، كما قال صلى الله عليه وسلم: (زوروا القبور، فإنها تذكركم الآخرة) ويقول لأصحابه عليه الصلاة والسلام ويعلمهم إذا زاروا القبور أن يقولوا: (السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين)، ويقول عليه الصلاة والسلام إذا زار البقيع: (اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد) ويقول: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون) ثم يقول: (اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد) هذه هي السنة أن يدعى لهم عند الزيارة ويترحم عليهم لأنهم في حاجة إلى الدعاء.

    أما زيارتهم لطلب الشفاء للمرضى أو لطلب المدد والنصر على الأعداء أو ما أشبه ذلك، فهذا من الشرك الأكبر وهذا كفر بالله ولا يجوز، هذه حال عباد الأوثان يرجون الموتى والأصنام والأشجار والأحجار والكواكب ويسألونهم قضاء الحاجات وتفريج الكروب وشفاء المرضى ويسألونهم المدد لكل ما يعينهم، هذا كله من الشرك الأكبر، فالواجب الحذر من هذا العمل السيئ، قبور الصالحين تزار للدعاء لهم والترحم عليهم لا لدعائهم من دون الله، ولا فرق بين العيدروس أو ابن علوان أو غيرهما، جميع القبور حتى قبور الأنبياء حتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر الصديق وعمر وأهل البقيع كلهم لا يدعون مع الله ولا يستغاث بهم ولا ينذر لهم، حتى النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، جزاك الله عن أمتك أفضل الجزاء وأحسنه)، ولا يدعى من دون الله، ولا يقال له: المدد ولا اشف مرضانا ولا انصرنا، هذا شرك أكبر.

    وهكذا عند الصديق وهكذا عند عمر وهكذا عند عثمان وهكذا عند علي وهكذا عند قبور أهل البيت جميعاً، لا يدعون مع الله، لا يقال: انصرونا أو اشفوا مرضانا أو أنتم تعلمون حاجاتنا، هذا كله من الكفر الأكبر، والغيب لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، قال الله عز وجل: قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [النمل:65] فهو الذي يعلم الغيب جل وعلا.

    ولما سقط عقد لـعائشة في بعض الأسفار أناخ النبي عليه الصلاة والسلام الناس وطلب العقد وأرسل من يطلبه ويلتمسه ولم يعرف أين مكانه عليه الصلاة والسلام وهو سيد الخلق وأفضلهم. طلب أن يلتمسوه فلم يجدوه، فلما أقاموا البعير الذي عليه عائشة وجدوه تحته.

    فلو كان يعلم الغيب لقال: انظروه تحت البعير ولم يحتج إلى أن يرسل من يطلبه.

    ولما قذف المنافقون عائشة وبعض الناس قلدهم وقذفها ولم يعلم الحقيقة وتوقف حتى جاءه الوحي بسلامتها وبراءتها رضي الله عنها وأرضاها.

    فالغيب لا يعلمه إلا الله، لا يعلمه نبي ولا ملك ولا غيرهما إلا ما علم الله عباده، إلا ما أوحى الله به إلى أنبيائه وعلمهم إياه.

    هكذا لا يدعوا مع الله ولا يستغاث بهم وهم أنبياء، قال الله تعالى: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن:18] (أحداً) هذا عام، نكرة في سياق النهي يعم الأنبياء وغيرهم، قال سبحانه: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ [المؤمنون:117].

    فسمى دعاة غير الله كفره، يعني: دعاة الأموات والأنبياء ودعاء الأشجار والأصنام ونحو ذلك، وقال الله لنبيه: وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ [يونس:106] يعني: المشركين.

    والمقصود: تحذيره صلى الله عليه وسلم وتحذير الأمة، فهو صلى الله عليه وسلم لا يشرك، قد عصمه الله من هذا، لكن المقصود تحذير الأمة وبيان أن هذا الأمر خطير وأنه لا يجوز لأحد أن يفعله، وهكذا قوله سبحانه: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الزمر:65] أوحى الله إليه هذا الأمر ليعلم الناس أن الشرك محرم وأنه أعظم الذنوب وأنه محرم على الأنبياء وعلى غيرهم.

    وقال سبحانه: ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ [فاطر:13-14] سبحانه وتعالى، فجعل دعاء غير الله كائناً من كان من الشرك، وقد أخبر أن المدعوين لا يسمعون دعاء الداعين، وأنهم لو سمعوا ما استجابوا.

    فالواجب الحذر من هذا الشرك الوخيم، وتحذير الناس من ذلك، والواجب على العلماء في كل مكان أن يبينوا للناس هذا الأمر العظيم، وأن يحذروهم من التعلق على القبور والتعلق على الأموات والاستغاثة بهم والنذر لهم وطلب منهم المدد والعون، كل هذا من المحرمات الشنيعة بل من الشرك الأكبر، وإذا كان هذا لا يجوز مع النبي صلى الله عليه وسلم ولا مع الخلفاء الراشدين فكيف يجوز مع العيدروس أو مع ابن علوان أو مع الشيخ عبد القادر أو مع علي أو مع الحسن أو فاطمة أو غيرهم، لا يجوز أبداً مع أحد، العبادة حق الله وحده، قال سبحانه: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56] وقال: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60]، وقال: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ [البقرة:21]، وقال سبحانه: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5] فهو المعبود بالحق، وهو المستعان جل وعلا، فلا يدعى معه أحد، لا ملك ولا نبي ولا صنم ولا شجر ولا حجر ولا ميت، العبادة حق الله وحده سبحانه وتعالى، قال تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ [البينة:5]، وقال سبحانه: فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ [الزمر:2]، وقال جل وعلا: فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [غافر:14].

    أما الحي فلا بأس يقال له: يا عبد الله! أعني على كذا، أعني على إصلاح سيارتي، أقرضني كذا وكذا، وهو حي يسمعك ويقدر، تقول له: أعني على كذا، أعني على تعمير بيتي، على إمساك دابتي، على إصلاح سيارتي، هذا لا بأس، كما قال الله في قصة موسى عليه السلام: فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ [القصص:15] لأنه حي قادر، أما الأموات فلا يدعوا مع الله، وهكذا الأصنام والأشجار والأحجار والنجوم، كل ذلك من الشرك الأكبر نسأل الله العافية.

    فنصيحتي لكل مسلم أن يحذر هذا، وعلى العلماء أن يحذروا الناس من هذا الشرك الوخيم، على العلماء في كل مكان أن يتقوا الله وأن يعنوا بهذا الأمر، بالكتابة وفي خطب الجمعة وفي غير ذلك، وهكذا زيارة القبور حتى ينبه الناس القبر الذي يدعى من دون الله، يزوره العالم ويقول: يا ناس هذا لا يجوز، سلموا وادعوا له بالمغفرة والرحمة، أما أن تدعوه من دون الله المدد المدد يا سيدي فلان اشفع لنا انصرنا هذا الشرك الأكبر نعوذ بالله، فيجب الحذر.

    1.   

    حكم التسبيح الجماعي بصوت مرتفع دبر الصلوات المكتوبات

    السؤال: من الجمهورية اليمنية لواء الحديدة مركز الزهرة، هذه رسالة بعث بها المستمع محمد علي حسين مكي ، أخونا محمد يقول في أحد أسئلته: هناك من يقول: إن استغفار الجماعة مع الإمام بعد الصلاة بصوت مرتفع مشروع وجائز، بدليل ما كان في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام إذا دخل الداخل للصلاة يعرف أنها قد قضيت برفع التسبيح من الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، علماً أنني لم أرتض هذا القول فما هو توجيهكم جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: الصواب شرعية الذكر عقب الصلاة، أما الدعاء والاستغفار يكون بين العبد وبين ربه، لكن بعد الصلاة يذكر الله يقول ابن عباس رضي الله عنهما: (كان رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم) وقال ابن عباس : (كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته) فالسنة رفع الصوت بالذكر بعد الصلوات الخمس، كما رفعه النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة، حتى يتعلم الجاهل ويتذكر الناسي، ويعلم الناس الذين حول المسجد أنها انتهت الصلاة.

    أما الدعوات الخاصة بين العبد وبين ربه يدعو الله بينه وبين ربه ولو سمع من حوله لا بأس، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم استغفر ثلاثاً قال: (أستغفر الله أستغفر الله أستغفر الله - ثم قال: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام) هكذا أخبر ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يفعل هذا، فلولا أنه كان يسمعه ما أخبر به، فدل على أن ثوبان سمع هذا من النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا استغفر بقدر ما يسمع ويسمع من حوله فلا بأس، ولكن الذكر يرفع به أكثر (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد)، أخبر ابن الزبير وأخبر المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل هذا، يرفع صوته بهذا عليه الصلاة والسلام، وهكذا سبحان الله والحمد لله والله أكبر بعد الصلاة، كله ذكر، أما الدعاء فإذا أسر به بينه وبين ربه لا يسمعه إلا من حوله فلا بأس، هذا هو الأفضل.

    1.   

    حكم إقامة الموالد وقراءة القرآن وإهداء ثوابه للميت

    السؤال: يقول: ما هو قولكم فيمن يقول: إن إقامة الموالد وقراءة القرآن للأموات وإهداء ثوابه إليهم جائز؟

    الجواب: الصواب: أنه بدعة، إقامة الموالد والاحتفال بها بدعة ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه ولا أمر به ولا دعا إليه ولا أقره عليه الصلاة والسلام، ولا فعله السلف الصالح والقرون المفضلة، فهو بدعة ومن وسائل الشرك، الاحتفال بالموالد بدعة منكرة ولا فرق بين مولد النبي صلى الله عليه وسلم ولا غيره، وهو من وسائل الشرك، فإن بعض الناس إذا احتفل بالمولد يدعو صاحب المولد ويستغيث به كما يفعل بعض الجهال بالنبي عليه الصلاة والسلام، وبعضهم يقول: إنه يحضرهم النبي صلى الله عليه وسلم يخرج من قبره يحضرهم، هذا من المنكر، النبي عليه الصلاة والسلام لا يخرج من قبره إلا يوم القيامة، لكن روحه في الجنة في أعلى عليين عليه الصلاة والسلام، وترد إلى جسده إذا شاء الله ذلك عند السلام عليه كما في الحديث يقول صلى الله عليه وسلم: (ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام).

    فالمقصود: أن الاحتفال بالموالد سواءً كانت للأنبياء أو لبعض الصالحين أو غيرهم أو للملوك، كله بدعة، لا يجوز الاحتفال بالموالد؛ لأنه محدث، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) يعني: فهو مردود، وقال عليه الصلاة والسلام في خطبة الجمعة: (أما بعد! فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة) وقال عليه الصلاة والسلام: (إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة).

    وهي أحاديث صحيحة بعضها في مسلم وبعضها في الصحيحين، وبعضها في السنن.

    فالواجب على علماء الإسلام بأن يذاكروا الناس وتعليمهم، والواجب على العامة سؤال أهل العلم عما أشكل عليهم والتفقه في الدين، والسؤال يكون لأهل العلم علماء السنة ما هو بعلماء البدعة وعلماء الخرافة، السؤال يكون لعلماء السنة الذين يعرفون سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، ويحكمون القرآن والسنة ويعملون بهما.

    أما علماء السوء وعلماء البدع فليسوا محل السؤال، وليسوا أهلاً للسؤال، إنما السؤال يكون لأهل العلم الذين يحكمون كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ويعملون بهما ويتأسون بالسلف الصالح في اتباع السنة والحذر من البدعة، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.

    1.   

    بيان القول في سماع عذاب بعض أهل القبور

    السؤال: يقول في سؤال آخر: يوجد رجل منزله قريب من المقبرة، وهذا الرجل يقول: إنه في آخر الليل يسمع أنيناً يأتي من المقابر، هل ثبت مثل هذا في التاريخ؟

    الجواب: نعم نقل جمع من العلماء أنه يقع هذا، يسمع عذاب بعض المعذبين نسأل الله العافية، والنبي صلى الله عليه وسلم مر على قبرين فسمع عذابهما وأخبر الناس بذلك عليه الصلاة والسلام، وقال: (أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستتر من البول) لا يتنزه من البول نسأل الله العافية.

    وحدثني بعض الناس من نحو أربعين سنة أنه زار عمةً له في المقبرة، فسمع صياحاً في قبرها وقد مضى عليها مدة طويلة من الموت، وقد أخبره الناس بذلك فذهب ليتحقق الحقيقة فسمع ما سمع الناس نسأل الله العافية، وقد ذكر ابن رجب رحمه الله في أهوال القبور جملة من هذه الأشياء ووقائع نسأل الله العافية ولا حول ولا قوة إلا بالله.

    يري الله عباده العبر حين يطلع سبحانه بعض الناس على هذه الأشياء من باب التذكير ومن باب التحذير ليعتبروا ويتذكروا نسأل الله السلامة.

    1.   

    السنة بعد دفن الميت

    السؤال: يقول أخونا: قرأت كتاب رياض الصالحين في باب الدعاء للميت بعد الدفن والقعود عند قبره ساعة، قال الشافعي رحمه الله في هذا الباب: يستحب أن يقرأ عنده شيء من القرآن، وإن ختموا القرآن كله كان حسناً، أرجو من سماحتكم التوجيه النافع لمثل هذا القول؟

    الجواب: هذا ليس عليه دليل، ولو صح عن الشافعي فليس عليه دليل، والصواب أنه لا يستحب، والشافعي رحمه الله من العلماء المعروفين بالسنة ولكن كل يخطئ ويصيب، كل عالم له أخطاء، مثلما قال مالك رحمه الله: ما منا إلا راد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر، يعني: النبي صلى الله عليه وسلم، والنبي عليه السلام يقول: (كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون) فليس على القراءة عند القبر دليل، والسنة أن لا يقرأ عند القبور ولكن يدعى للميت بعد الدفن، كان عليه الصلاة والسلام إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال: (استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل) ولما زار قبر أمه استأذن ربه أن يستغفر لها فلم يؤذن له، فجلس عندها وبكى وأبكى عليه الصلاة والسلام لما حصل من المصيبة في عدم إذنه له سبحانه في الاستغفار لها وكانت ماتت في الجاهلية.

    ولما حضرت الوفاة عمرو بن العاص رضي الله عنه أوصى بنيه ومن يحضر قبره أن يجلسوا عنده قدر ما تنحر الجزور ويقسم لحمها كي يستأنس بهم حتى ينظر ماذا يراجع به رسل ربه. وهذا قاله من اجتهاده، وليس في هذا قراءة، إنما قصده الدعاء له والترحم عليه.

    وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم بينة في هذا وهي أنه يدعى له بالمغفرة والثبات، أما كونهم يجلسون قدر ما تنحر جزور ويقسم لحمها فهذا من اجتهاد عمرو وليس عليه دليل، إنما المشروع أن يدعى له ويستغفر له الميت المسلم بعد الدفن، هذا هو المشروع.

    أما قراءة القرآن عنده سورة أو سور أو ختم القرآن فهذا ليس عليه دليل والذي ينبغي تركه.

    1.   

    حكم الدعاء والتأمين الجماعي عند زيارة المقابر

    السؤال: يقول أخونا في سؤاله الأخير: نحن إذا خرجنا من المسجد بعد صلاة العشاء أو صلاة الفجر، يوجد على طريقنا مقبرة فيقف عندها إمام المسجد ونقف حوله ويقرأ الدعاء على أرواح أهل المقبرة، ونحن نؤمن على دعائه، ما رأيكم في هذا العمل؟

    الجواب: لا حرج في ذلك، الدعاء لهم هذه زيارة، إذا مررتم عليهم ودعوتم لهم جزاكم الله خيراً.

    1.   

    حكم تعليق الطلاق على شرط ونية

    السؤال: رسالة وصلت إلينا من أحد الإخوة المستمعين، رمز في نهاية الرسالة بقوله: السائل من مكة المكرمة، يقول في أحد أسئلته: إذا قال الرجل لزوجته: أنت طالق إذا دخلت بيت فلان بغير إذني، وقد كان في نية الزوج ساعة التلفظ أنها إذا دخلت ذلك البيت لغرض في نفسه فإنه يقع الطلاق، أما إذا دخلت لحاجة أخرى كزيارة مريض وغيرها فلا يقصد الطلاق.

    أولاً: هل يقع الطلاق إذا دخلت المرأة ذلك البيت مطلقاً، أم يقع فقط عندما تدخل البيت للغرض الذي كان في نفس الزوج ساعة التلفظ.

    ثانياً: إذا اطمأن الزوج من زوجته ثم أراد أن يعطيها الإذن بالدخول متى أرادت لأنه يشق عليها أن تستأذن منه دائماً، نظراً لظروف عمل الزوج فما الحكم جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: العمل على النية، إذا قال: إذا دخلت بيت فلان فأنت طالق وقصده إذا دخلت لغرض معين إما لزيارتهم المطلقة أو لطلب شيء منهم للاستعارة أو ما أشبه ذلك، فهو على نيته، وإذا كان قصده أنه إذا زارتهم لأجل عيادة المريض أنه لا يقع فهو على نيته.

    المقصود: أنه على نيته، لقوله صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) وإذا نوى زجرها أو منعها ولم يقصد الطلاق فعليه كفارة يمين ولا يقع الطلاق.

    أما إن رأى قصد إيقاع الطلاق لكن بشرط أن تكون الزيارة لمجرد الأنس أو مجرد الشحاذة أو ما أشبه هذا مما ينويه فله نيته، وإذا دخلت على وجه لم ينوه لم يقع الطلاق والأعمال بالنيات، وإذا كان نوى إلا بإذنه ثم أذن لها لم تحتج إلى استئذان بعد ذلك، إذا نوى أنها إذا خرجت بإذنه فلا شيء، فإنه متى أذن لها انتهت اليمين وانتهى التعليق ولا حرج عليها بعد ذلك، إذا قال: متى شئت فاذهبي لهم لا بأس.

    1.   

    أسباب الخشوع في الصلاة

    السؤال: المستمع سرحان سالم محمد طالب من المعهد العلمي في نجران بعث يسأل ويقول:

    ما هي أسباب الخشوع في الصلاة؟

    الجواب: أسباب الخشوع في الصلاة الإقبال على الله وتذكر أنك بين يديه، وأنك في حضرته سبحانه وتعالى وأنك تناجيه جل وعلا، وأن هذه الصلاة أعظم العبادات وأهمها بعد التوحيد، فإذا تذكرت هذه الأمور خشع قلبك كما قال الله سبحانه: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ [المؤمنون:1-2] ويقول صلى الله عليه وسلم: (إذا قام أحدكم يصلي فإنه يناجي ربه، فلا يمس الحصى فإن الرحمة تواجهه).

    فالمقصود: أن الإنسان بين يدي ربه في الصلاة، فليستحضر هذا الأمر العظيم حتى يخشع قلبه وتخشع جوارحه، وفي الحديث الآخر: (إذا قام أحدكم يصلي فإنه يناجي ربه فلا يبصقن قبل وجهه ولا عن يمينه، ولكن عن يساره تحت قدمه) فأنت يا عبد الله بين يدي الله واقف تناجيه وتقرأ كتابه وتركع وتسجد بين يديه، فاخشع له سبحانه، واستحضر هذه العظمة وأنك بين يدي الملك العظيم الذي لا أعظم منه سبحانه وتعالى، وهذا كله مما يسبب خشوعك وانكسارك بين يدي الله سبحانه وتعالى.

    1.   

    كيفية التعامل مع تارك الصلاة

    السؤال: رسالة وصلت إلى البرنامج من أحد الإخوة المستمعين، وقع في نهايتها توقيعاً غير مقروء. كل الرسالة وفيها ستة أسئلة تدور حول تارك الصلاة، ولا سيما إذا كان أباً أو عماً، وتارك الصلاة هذا قد يصلي الجمعة فقط وقد يصلي بعض الفروض ويترك الفروض الأخرى.

    ويسأل سماحة الشيخ! هل يجوز تقبيل رءوسهم وهل يجوز بدؤهم بالسلام، ويرجو التوجيه حول هذا الموضوع الخطير لأنه يلاحظ انتشاره في الكثير من المحلات جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: ترك الصلاة جريمة عظيمة ومنكر شنيع، وقد اختلف العلماء رحمة الله عليهم في كفر صاحبه إذا لم يجحد وجوبها وإنما فعله تكاسلاً وتهاوناً، فقال بعضهم: يكون كفراً أصغر، وقال بعضهم: بل يكفر كفراً أكبر. وهذا هو الصواب، ولو صلى الجمعة بعض الأحيان ولو صلى بعض الأوقات، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)وقوله صلى الله عليه وسلم: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة).

    فالصواب: أنه يكون كفراً أكبر.

    لكن إذا كان التارك الوالدين أو أحدهما فإنك ترفق بهما وتنصحهما، كما قال الله عز وجل في الكافرين: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا [لقمان:15] لأن الوالد له حق عظيم ولو كان كافراً، عليك أن ترفق به وأن تصحبه بالمعروف لعل الله يهديه بأسبابك، ولو قبلت رأسه ترجو أن الله يهديه بسبب ذلك فلا بأس بذلك، هذا من المعروف وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا [لقمان:15] والدعاء له أن الله يوفقه ويهديه ويشرح صدره إلى الحق، والإنفاق عليه إذا كان محتاجاً، كل ذلك من أسباب هدايته.

    أما غير الوالدين إذا لم يقبل الحق فإنه يستحق الهجر ولا تجاب دعوته إلى عرس ولا غيره ولا يدعى إلى وليمة ولا يصافح ولا يسلم عليه بل يهجر حتى يتوب، وينبغي أن يرفع أمره إلى ولي الأمر إذا كان في بلاد إسلامية حتى يستتاب، فإن تاب وإلا وجب قتله عند جمهور أهل العلم.

    المقدم: سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.

    مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    شكراً لسماحته، وأنتم يا مستمعي الكرام شكراً لمتابعتكم، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755976965